منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مذكرات مادة الفلسفة مجانا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-27, 12:35   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

مـــذكرة درس: الإشكالية الأولــى: إدراك العالم الخارجي
المشكلة الخامسة: العادة و الإرادة
المستـــــــوى : 3 آداب و فلسفة
الحجم الساعي: 5 ساعات

المضاميــــــــــــــن:
*مقدمة:طرح المشكلة:
إن الإنسان في حياته اليومية يريد التكيف مع الواقع ولهذا فإنه يقوم بتحريك إرادتة من أجل تحصيل خبرة للتكيف وهنا يجد أن الإنسان قد تعود على مجموعة من السلوكات الآلية و القصدية والإرادية وهذا ما يعرف بالعادة ،وهذا الأمر يؤدي بنا إلى طرح عدة تساؤلات : ما طبيعة العادة ؟ و ما أثرها على السلوك؟ وهل تحقق العادة ما نريد ؟وهل الإختلاف الذي يفرق بين العادة والإرادة (المشحونة بالأهواء والإنفعالات ) في تكيفهما مع الواقع عائق لإيجاد سبل التقارب و الإتفاق بينهما؟
** إلى أي حد تعتبر العادة أداة للتكيف مع الواقع ؟:
أولا:العادة و الطبيعة الحيوية:
إن الإجابة عن المشكلة المطروحة تتطلب منا معرفة أوجه التشابه و الإختلاف بين العادة و الغريزة
إن الفعل الغريزي فعل ثابت لا يتغير و دافعه بيولوجي (من أجل الحفاظ البقاء)،ومن هنا الغريزة تتميز بالثبات والآلية،وهذا الأمر من خصائص العادة أيضا.
أما العادة فهي تلك القدرة المكتسبة على أداء فعل بطريقة آلية مع السرعة و الدقة و الإقتصاد في المجهود و الوقت.
ومن خصائص العادة التعلم لإعتبارها مكتسبة،وذلك عن طريق التكرار والوعي و الإرادة ،كما تتميز العادة بما بعرف بالإدراك الشعوري،بحيث إن في عملية التعلم من أجل تشكيل عادة يتدخل إدراك الإنسان من أجل التشكل الصحيح للعادة و معرفة الغاية من ذلك.
ثانيا: العادة نتاج التعلم و الإكتساب:
مــــــــا هي العوامل التي تؤدي إلى تشكل العادة؟
1-التكرار:
إن التجربة اليومية تكشف لنا بأن إكتساب العادة يقتضي منا التعلم و أساسه هنا التكرار،بحيث إذا كررنا فعل ما عدة مرات فإن هذا الفعل سنصبح نقوم به بطريقة سهلة بدون أي جهد و بطريقة متقنة وآلية، أي أصبح في دائرة العادة ولهذا أكد أرسطو سابقا: «إن العادة وليدة التكرار».
بحيث أن الواقع يؤكد بأن أي فعل إذا قمنا بتكراره عدة مرات،فإن هذا الفعل سيصبح تعودي.
وقد إستند زعماء هذا الموقف في العصر الحديث على بعض التجارب العلمية من خلال فعل المنعكس الشرطي، و لعل أهم تجربة في ذلك للعالم الفيزيولوجي- بافلوف- الذي لاحظ أثناء تجاربه بأن لعاب الكلب يسيل بمجرد سماع الجرس لأننا قمنا بتكرار هذا الموقف مع إعطاء الطعام للكلب، وبالتالي تشكلت عادة عند الكلب.كما قام ثورندايك بوضع قط في قفص بداخله مزلاج وتكرار العملية عدة مرات،أصبح القط يضغط على المزلاج للخروج من القفص.
ومثل هذا الموقف أيضا وليام جيمس بحيث فسر العادة تفسيرا آليا فيزيولوجي،و رأى بأن العادة أساسها التكرار .
ومن هنا إن الحصول أو تشكيل العادات مرتبط فقط بتكرارها،فإذا قمنا بدق الجرس و وخس الشخص بإبرة و تكرار هذه العملية عدة مرات فإننا حين ندق الجرس، فإن هذا الشخص يقوم بإبعاد يده مثلا.
ويرى زعماء هذا الموقف من جهة أخرى بأن التعود على الفعل ما لا يكون راسخا إلا إذا إنقطع عنه صاحبه مدة من الزمن ،فالشخص كثيرا ما يتمرن على أفعال ولكن بدون فائدة و ينقطع عنها مدة من الزمن ،وعندما يعيد الفعل يجد نفسه يتقنه و كأنه كان يمارسه يوميا،ثم فإن إكتساب العادة بنجاح يتم بأن يقسم المتعلم الفعل إلا أجزاء وأن يتعلم كل جزء على حدا ثم يقوم بتركيبها بعد ذلك،يقول برغسون:« إذا أردت حفظ قطعة من الشعر قسمتها بيت بيتا ثم كررتها عدة مرات ،وكلما أعدتها مرة ....حفضي لها و إرتبطت الألفاظ ببعضها البعض».
2- العامل العقلي :
إن المتعلم إذ لم يكن له إدراك لما يتعلم فلن يتعلم أبدا، و التلميذ إذا لم يكن لديه إحاطة بما يدرس فلن ينجح أبدا،فالعادة لا تكون إلا إذا كان العقل حاضرا و وظائفه العليا خاصة الذكاء و التذكر ناضجة.
وقد أثبت فون ديررفيلت قيمة العقل في ترسيخ العادات من خلال ترسخ المحاولات الصحيحة ونبذ الخاطئة وذلك في قوله: «إن الحركة الجديدة ليست مجرد تجميع حركات قديمة...إنما تحدث الحركات الغير مجدية والزائفة »
وقد مثل هذا الرأي بيرلو الذي يعتبر إن العادة تشكل على أساس تدخل العقل وذلك من خلال تصحيح الأخطاء
و ترسيخ المحاولات الناجحة أي أن هناك عملية تغير في الحركات بعد دراسته.
3-العامل النفسي:
إن أقوى عامل يساعدنا على التعلم واكتساب العادة الانتباه والاهتمام , فالاهتمام بالعمل يقوى الانتباه كما أن الجهد المبذول برغبة وشوق يسهل اكتساب العادات وكلما كان ذلك أقوى كان الإكتساب راسخ وبدون العاطفة و الميل النفسي يتعذر التعلم .
4-العامل الاجتماعي:
إن الكثير من عاداتنا تكتسب بواسطة المجتمع فنحن نكتسب منه اللغة وكذلك الأعراف والتقاليد وبعض القيم فتصبح عادة راسخة في حياتنا
**أنواع العادات :
-عادات حركية:كركوب الدراجة
-عادات نفسية: كالصبر
-عادات اجتماعية:كالتكلم بلغة معينة
ثالثا:العادة كأداة لخدمة التكيف:
إن العادة أداة لخدمة التكيف أي أن العادة لها آثار ايجابية على سلوك وحياة الإنسان وذلك من خلال :
- يصبح الإنسان يؤدي أعماله بطريقة سهلة بعد أن يجد صعوبة في ذلك.
- يصبح الإنسان يؤدي أعماله بطريقة متقنة لان الإنسان أصبح يعرف حقيقة أعماله.
- الاقتصاد في الوقت بحيث إن الأفعال التعودية يتم انجازها في وقت قصير مما يوفر للإنسان جزء كبير من الوقت لأفعال أخرى .
- إن العادة تؤدي إلى التكافؤ الاجتماعي ذلك من خلال انتشار بعض العادات الايجابية مثل التعاون و التسامح واحترام الغير وقد مثل هذا الموقف آلان الذي اقر إن العادة تسهل لنا الأعمال وتجعلنا نتقنها حيث يقول :«إن العادة تمنح الجميع الرشاقة والسيولة».
- أن اكتساب العادات يؤدي بنا إلى اكتساب عادات جديدة فمن تعلم سياقة السيارة يسهل عليه سياقة شاحنة.
-إن العادة أداة نجاح في حياة الإنسان من خلال أعماله فالإنسان الذي تعود إتقان العمل فأنه سيكون ناجحا في أعماله.
لكن من جهة أخرى فأن للعادة قيمة سلبية على سلوك الإنسان وحياته وذلك لأنها :
- تقتل روح المبادر والإبداع في الإنسان وبالتالي فهي تسبب الركود الفكري.
- العادة تؤدي إلى شعور الإنسان بالملل النفسي نتيجة الروتين الموجود لديه وهنا تغيب الفعالية الإبداعية للإنسان بحيث يصبح هذا الأخير مثل الآلة.
يقول سولي برودوم:«جميع الذين تستول عليهم العادة يصبحون لوجوههم بشر وبحركاتهم آلات».
العادة قيمة سلبية من خلال انتشار بعض العادات السلبية وصعوبة التخلص منها مثلا عدم احترام الغير و السرقة.
- العادة تخلف تشوهات جسمية فالنجار مثلا نجد أن كتفه الأيمن أعلى من الأيسر أو العكس.

**ثم كيف نعتبر الإرادة المشحونة بأهواء و إنفعالات لا تحقق ذلك التكيف إلا جزئيا:
أولا: الفعل الإرادي و الخصوصية الإنسانية:
1 – مفهوم الإرادة: هي تلك التصرفات و ماهياتها ،بأن يتخذ العقل قرارا مدبرا مع سبق الإصرار قبل الإقدام على التنفيذ.
2 – شروط الإرادة: لكي تكون الإرادة قوية ،وبالتالي تصبح أداة تكيف،يجب أن تتمثل فيها شروط :
أ- تصور المثل الأعلى:إن تصور المثل الأعلى ضروري لكل إنسان،وهذا المثل يختلف بإختلاف الأشخاص،فالتلميذ مثله الأعلى هو النجاح في الإمتحان ،و المجاهد مثله الأعلى الذي يحركه هو محبة الوطن و الفوز بالجنة.
ب- الإيمان بالنفس:بحيث أن كل الحياة مبنية على الإيمان بالنفس،فالإنسان إذا لم يؤمن بنفسه و قدراته يخسر معركة الحياة أي يفشل في تحقيق الأهداف.
ج- تنظيم الأفكار:بحيث أن الإرادة الصحيحة و القوية تعتمد على قوة الأفكار و دقة تنظيمها.
ثانيا- الإرادة كفعل إيجابي للتكيف :
1 – تركيب الفعل الإرادي :
أ- بنية الفعل الإرادي:ونقصد بذلك تصور سابق للنتيجة الفعل :الإجتهاد نتيجة النجاح.
ب- إرادة الفعل الإرادي:وهنا تتولد رغبة نفسية بفعل ما و بالتالي عدم القيام بالفعل المقابل له.
2 – صفات الفعل الإرادي:
إن الفعل الإرادي يتصف بالجدة ،بحيث أن الإرادة تحرك الإنسان بقيام بفعل من أجل تحقيق هدف معين ،كما أن الفعل الإرادي هو فعل إرادي من خلال تدخل العقل ،بحيث أن الشخص الذي يريد شيئا ما يدرك ما يفعل و كيف يفعل وما الغاية من الفعل،كما أن الفعل الإرادي يتصف بأنه فعل ذاتي بحيث أن الفعل الإرادي يتغير بتغير الأفراد.
3- مراحل الفعل الإرادي:
يقسم الفعل الإرادي إلى أربعة مراحل :
أ- تصور الفعل الإرادي:بحيث أن الشخص لابد من تصور الهدف من فعل ما.
ب- المداولة(المناقشة):وهنا يقوم الشخص بالحوار الذاتي مع نفسه،من أجل معرفة قيمة الفعل و كيفية التحقيق الهدف .
ج- القرار:وهنا يتخذ الشخص قرارا بتنفيذ فعل ما .
د- التنفيذ: ونقصد به القيام بالفعل الذي قرر سابقا.
ثالثا:الإرادة كإنفعال يعيق التكيف:
الإرادة تصبح ببعض الأحيان انفعال يعيق التكيف ،فالتمني الغير محدود ليس من الإرادة التي تجعل الإنسان يتكيف مع الواقع بل هنا إعاقة للتكيف ،فالشخص الذي يتمنى أمرا مستحيلا وخياليا يؤدي به إلى عدم التكيف مع الواقع مثل :عودة من نحب من الأموات إلى الحياة من جديد.هذا التمني عبارة عن هوى إعتباطي،كما أن الإرادة الغير مصحوبة برغبة هي إرادة فاشلة. أو أن أرغب في أفعال و لا أنفذها .
**ولكن هذا التمايز يعني إنتفاء قيام علاقة وظيفية بينهما:
أولا:موقع الإرادة في تكوين العادات:
إن الإرادة هي المنبع الأصيل لوجود الفعل الإعتيادي وبداية أي فعل إعتيادي لا تتم غلا بالإرادة وعلى ذلك فإن كل عمل ليس فيه إرادة يكون غير قابل للإكتساب ولا التكيف السليم مع الواقع.
ثانيا:بعض العادات تعزز الفعل الإرادي :
إن الإنسان الذي تعود على العادات الإيجابية تكون إرادته مستعدة للتحرك من أجل الحفاظ على هذه العادات فالإنسان الذي تعود على إحترام الوقت فإن إرادته لن تسمح له بتعاطي القمار.لكن في بعض الأحيان الفرد ومن خلال عادات سلبية يقوي إرادته وتكون أحاكمها إيجابية وذلك حينما يخرج الفرد عن عادات مجتمعه السلبية،وهنا الفرد تحدى إرادة الجماعة و تجاوزها،فقد تحدى غاليلي قواعد مجتمعه وثار عليها و برر فكرة دوران الأرض و كرويتها التي كانت محرمة وممنوعة،وقد واجه قبله سقراط إرادة المدينة- المجتمع الأثيني-
وقبل الموت عوض الخضوع لها .
***حــــل المشكلة:
إن السلوك الفطري أو المكتسب لدى الإنسان يهدف إلا التكيف مع مشكلات الحياة خاصة العادة المرتبطة بالإرادة،وهما في علاقة تكامل وتعاون.










رد مع اقتباس