منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حصريا 10 عشر مقالات فلسفية هامة خاص شعبة اداب وفلسفة من رفعي وتنسيقي للتثبيت
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-07, 11:49   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
لكحل بلال
عضو متألق
 
الصورة الرمزية لكحل بلال
 

 

 
الأوسمة
وسام العطاء في منتدى التعليم الثانوي 
إحصائية العضو










افتراضي

اليك المقلات الثلاث التي طلبتها

هل يمكن إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية ؟ جدلية

إن الدولة وجدت لأجل غايات ذات طابع أخلاقي ، مما يفرض أن تكون الممارسة السياسية أيضا أخلاقية ، إلا أن الواقع يكشف خلاف ذلك تماماً ، سواء تعلق الأمر بالممارسة السياسية على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى العلاقات بين الدول ، حيث يسود منطق القوة والخداع وهضم الحقوق .. وكأن العمل السياسي لا ينجح إلا إذا أُبعدت القيم الأخلاقية ؛ فهل فعلا يمكن إبعاد الاعتبارات الأخلاقية من العمل السياسي ؟

: يرى بعض المفكرين ، أن لا علاقة بين الأخلاق والسياسة ، لذلك يجب إبعاد الاعتبارات الأخلاقية تماماً من العمل السياسي ، وهو ما يذهب إليه صراحة المفكر الايطالي " ميكيافليي 1469 –1527 " في كتابه " الأمير " ، حيث يرى أن مبدأ العمل السياسي هو : « الغاية تبرر الوسيلة » ، فنجاح العمل السياسي هو ما يحققه من نتائج ناجحة كاستقرار الدولة وحفظ النظام وضمان المصالح الحيوية .. بغض النظر عن الوسائل المتبعة في ذلك حتى وإن كانت لا أخلاقية ، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك ، فيزعم أن الأخلاق تضر بالسياسة وتعرقل نجاحها ، وان الدول التي تبني سياستها على الأخلاق تنهار بسرعة.
ويوافقه في ذلك أيضاً فيلسوف القوة " نيتشه 1844 –1900 " ، الذي يرى أن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء ، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع ، وهو لذلك غير راسخ على عرشه ، فيجب على طالب الحكم من الالتجاء إلى المكر والخداع والرياء ، فالفضائل الإنسانية العظيمة من الإخلاص والأمانة والرحمة والمحبة تصير رذائل في السياسة . وعلى الحاكم أن يكون قوياً ، لأن الأخلاق هي سلاح الضعفاء ومن صنعهم

وما يبرر ذلك أن المحكوم إنسان ، والإنسان شرير بطبعه ، يميل إلى السيطرة والاستغلال والتمرد وعدم الخضوع إلى السلطة المنظمة ، ولو ترك على حاله لعاد المجتمع إلى حالته الطبيعية ، فتسود الفوضى والظلم واستغلال القوي للضعيف ، ويلزم عن ذلك استعمال القوة وجميع الوسائل لردع ذلك الشر حفاظا على استقرار الدولة وبقائها .
ومن جهة ثانية ، فالعلاقات السياسية بين الدول تحكمها المصالح الحيوية الإستراتيجية ، فتجد الدولة نفسها بين خيارين : إما تعمل على تحقيق مصالحها بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية ، وإما تراعي الأخلاق التي قد لا تتفق مع مصالحها ، فتفقدها ويكون مصيرها الضعف والانهيار

ولكن القول أن الإنسان شرير بطبعه مجرد زعم وافتراض وهمي ليس له أي أساس من الصحة ؛ فالإنسان مثلما يحمل الاستعداد للشر يحمل أيضا الاستعداد للخير ، ووظيفة الدولة تنمية جوانب الخير فيه ، أما لجوئها إلى القوة فدليل على عجزها عن القيام بوظيفتها ، وإلا فلا فرق بين الدولة كمجتمع سياسي منظم والمجتمع الطبيعي حيث يسود منطق الظلم والقوة .
هذا ، واستقراء ميكيافليي للتاريخ استقراء ناقص ، مما لا يسمح بتعميم أحكامه ، فهو يؤكد – من التاريخ – زوال الدول التي بنيت على أسس أخلاقية ، غير أن التاريخ نفسه يكشف ان الممارسة السياسية في عهد الخلفاء الراشدين كانت قائمة على أساس من الأخلاق ، والعلاقة بين الخليفة والرعية كانت تسودها المحبة والأخوة والنصيحة ، مما أدى إلى ازدهار الدولة لا انهيارها .
وأخيراً ، فالقوة أمر نسبي ، فالقوي اليوم ضعيف غداً ، والواقع أثبت أن الدول والسياسات التي قامت على القوة كان مصيرها الزوال ، كما هو الحال بالنسبة للأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية

وخلافا لما سلف ، يعتقد البعض الأخر أنه من الضروري مراعاة القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية ، سواء تعلق الأمر بالعلاقة التي تربط الحاكم والمحكومين على مستوى الدولة الواحدة ، أو على مستوى العلاقات بين الدول . ومعنى ذلك ، أن على السياسي أن يستبعد كل الوسائل اللااخلاقية من العمل السياسي ، وأن يسعى إلى تحقيق العدالة والأمن وضمان حقوق الإنسان الطبيعية والاجتماعية . وهذا ما دعا إليه أغلب الفلاسفة منذ القديم ، فهذا " أرسطو " يعتبر السياسة فرعاً من الأخلاق ، ويرى أن وظيفة الدولة الأساسية هي نشر الفضيلة وتعليم المواطن الأخلاق . ثم حديثا الفيلسوف الألماني " كانط 1724 –1804 " ، الذي يدعو إلى معاملة الإنسان كغاية في ذاته وليس كمجرد وسيلة ، كما دعا في كتابه " مشروع السلام الدائم " إلى إنشاء هيئة دولية تعمل على نشر السلام وفك النزاعات بطرق سلمية وتغليب الأخلاق في السياسة ، وهو ما تجسد – لاحقا – في عصبة الأمم ثم هيئة الأمم المتحدة ، كما دعا إلى ضرورة قيام نظام دولي يقوم على الديمقراطية والتسامح والعدل والمساواة بين الشعوب والأمم . ومن بعده ألـحّ فلاسفة معاصرون على أخلاقية الممارسة السياسية ، أبرزهم الفرنسي " هنري برغسون 1856 – 1941 " و الانجليزي " برتراند رسل 1871 –1969










رد مع اقتباس