أحببت أن يكون مع أحبتي لقاء أنس نتناول فيه موضوعا ذا بعد تربوي نتلمس أثار الصالحين في التربية و التوجيه و نقتفي سنن الناجحين علنا نرتقي معهم من خلال الوقوف عند إشارات تربوية عملية مستقاة من أصول فهمنا لتعاليم ديننا الحنيف كي يتأصل الفهم الصحيح للأهداف الموصلة للغاية المنشودة .
إن اهتمام الإسلام بالبيت و أي بيت إننا نعني بالبيت الراحلة التي تتحمل مشاق و تكاليف الغاية و أن من الرصيد القبلي الذي عانه رسولنا محمدا صلى الله عليه و سلم في قوله : ((الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )) . فهي معادن نقية الأصل يزيدها الفقه رسوخا و غطاء و ثباتا لتكون (بيوتا في خدمة الإسلام) .
و إننا اليوم في أمس الحاجة لهذا النموذج الناجح عسى أن نستفيد من هذه البيوت وتقتفي أثرها و تتأثر بأخلاقها و نتخذها قدوة لنسير معها نحو الغاية .و لا يكون ذلك إلا بعد أن نتحكم في إدارة أنفسنا بقول الإمام البنا رحمه الله في بيان مراتب العمل : " صلاح نفسه حتى يكون : قوي الجسم ، متين الخلق ، مثقف الفكر ، قادرا على الكسب ، سليم العقيدة ، صحيح العبادة ، مجاهدا لنفسه ، حريصا على وقته ، منظما في شؤونه ، نافعا لغيره ، وذلك واجب كل أخ على حدته "
و بعدها تأتي مرتبة تكوين البيت الذي يكون نصيرا للفكرة في ميدان العمل و تحمل الأعباء يقول الإمام الشهيد : " وتكوين بيت مسلم ، بان يحمل أهله على احترام فكرته ، والمحافظة على آداب الإسلام في مظاهر الحياة المنزلية ، وحسن اختيار الزوجة ، و توقيفها على حقها و واجبها ، وحسن تربية الأولاد ، والخدم وتنشئتهم على مبادئ الإسلام ، وذلك واجب كل أخ على حدته كذلك ." .و هذا ما قام به أتباع الدعوات جميعهم و هي لنا أيضا و لا يحصل التغيير المنشود إلا من خلالها .
إن أعظم بيوت العالمين خيرا بيوت الأنبياء عليهم من الله أفضل صلاة و تسليم ثم بيوت الصحابة الكرام و بيوت الدعاة العاملين حاملين مشعل التغيير حجة لنا . و قد خلد القرآن مآثرهم حيث جاء في بيت إبراهيم الخليل عليه السلام : ( وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)و جاء في بيت عمران ( وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) و في ذكر بيت لقمان العبر و الدروس و لفضل بيت النبوة بيت الرسول محمدا صلى الله عليه و سلم رأس الأمر كله يقول الله تعالى : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ".
و إن تسخير أصحاب التجارب و كل الموارد من الجهود و البرامج لتكوين البيت المسلم بصبغته فهو واجب الجميع فردا و مؤسسة على سوى و أن كل جهد يضاف يسهم في لبنة البناء و المشروع فلا نحرم أنفسنا الأجر و التواب و ختاما حبا لرسولنا الكريم و تفعيلا لحملة " هل صليت على النبي اليوم " نعطر المقال بهذه الأبيات المختارة :
كل القلوب إلي الحبيب تميل ومعى بهـذا شـــاهد ودليــــل
اما الــدليل إذا ذكرت محمدا ً صارت دموع العارفين تسيل
هذا رسول الله نبراس الهدى هذا لكل العــــالمين رســـول
https://elbinaa.com/index.php/opinions/binaa?start=1
و الله أكبر و لله الحمد [] الجزائر 18 / 06 / 2014