منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - قضيّةٌ آمازيغيّة ثقافيّة.. نزعةٌ قوميّة.. صراعٌ يعصِفُ بالهويّة!
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-01-18, 10:31   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي


قال الله تعالى :
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
(يوسف :2)

أيها الإخوة ...
من مُنطلق فهم هذه الآية الكريمة نُدرك أن الحَّق سبحانه وتعالى, قد اختار لآخر رسالاته أمة العرب لبعث خاتم أنبيائه, وهو العربي الأصيل, أبا عن جد, وقد اختار اللسان العربي, ليكون لغة للقرآن الكريم, ولو تعمقنا دراسة في التاريخ لفَهِمْنا هذا الاصطِفَاء جليًا واضحًا دُون رَيب ولا زَيف, ولوجدنَا أَنَّ الحقَّ سبحانه وتعالى قد اختار من خِيْرَةِ الخَلق الخِيْرَةَ الصافية, قال الله تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام : 124), وقِصةُ سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام, شاهدةٌ ومفسرةٌ ومعروفة, عندما أنزل زوجه هاجر وابنه إسماعيل بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ, وهو ذاك المكان الخالي من الوحوش, فما بالك بالبشر, أليس هذا اصطفاء واختيار لأمر عظيم, لأمة عظيمة, لرجال عظماء, بقيادة رجل عظيم صلى الله عليه وسلم, وقد اصطفى واختار من هذه الخِيرَة, الخِيَرَةَ الخَيِّرَة, ثُم إن الحقّ سبحانه وتعالى قد تعهد بحفظ القرآن الكريم مِصْدَقًا لقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر : 9), وهذا الحفظ هو حِفظ لكل ما من شَأنه أن يقوم به تَفْسير وفَهم القرآن الكريم وأحكامه, وهذا لا يَتَأَتَى إلا بحفظ وفهم وإدراك لغة العرب, ومن هنا كان لزمًا على كل مُسلم أن يُلِمَ بأبجديات اللغة العربية, ويدركها ويحفظها لأنه بواسطتها سيكون فهمه وعبادته وصلاته وكذا إدراكه للقرآن الكريم وبالتالي انتسابه إليه لا لشيء آخر غيره, ومن هذا المنطلق يكون حفظ القرآن الكريم حفظًا للغة العربية وأهلها, وكذلك كان حفظها قائما عندما تعهدها الله تعالى, وكان لها قُبُولٌ عام بعدما حَمَلَهَا القرآن العظيم إلى باقي شعوب العالم بصورته وفهمه وأحكامه, وهذا ما حدث خلال الفتوحات الإسلامية للأقطار شرقًا وغربًا, وقد استمر هذا الحفظ لهوية اللغة العربية وأهلها على مدار أكثر 1400 سنة رغم العديد من محاولات الأعداء الكيد للقرآن بشتى الطُرق والصُنوف, ولو كانت موجهة لغير اللغة العربية لانتهى أمرها خلال فترة من الزمن, ولعل بعض المحاولات لضرب اللغة العربية, هي في حقيقتها ضرب للقران الكريم, وهي بعض محاولاتهم الحديثة لطمس اللغة العربية تحديدا من الوجود, وذلك بإدخال اللهجات والعفويات والعامية فيها, وبمقاييس اللغة ومظاهر اللغة الكاملة والتامة, ثم يكون بعدها الأخذ باللغة العربية في اتجاهات عدّة وتفسيرات متعددة, وهُنا تَبْرزُ الخُطورة الدهماء في ذلك الطمس, وذهاب لُبِهَا وتَلاشِي فَهْمِهَا, وبالتالي ذهاب الدين وصعوبة فهم وتفسير القرآن الكريم .
قال الله عَزَّ وجَلَّ : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) (سورة فصلت : 44)
ثم دعنا نتساءل عن هذه التفريقات العصبية والهدف منها, وهي التي سَحَقَهَا الإسلام سَحَقًا غير مُبقي, وقد أَمَاتَ سَرِيْرَتَهَا وسِيرتها, فلا عصبية قبلية, ولا عصبية قومية, ولا عصبية عرقية, ولا عصبية لغوية, ولا عصبية نسب, ولا حسب, فكُلُكُمْ لأَدَم, وآدم من تراب, وليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى, وإن كان لها وجود فهو وجود رمزي سطحي غير مُؤثر, للتمييز لا للفَخْرِ والتَرْكِيز, وهذا التأثير لا يكون كتأثير لُغةٍ بكل مُميزات اللغة, ويجب أن يبقى الأساس متين رصين لا يأتيه الباطل من بين يده, ثم إنّ هذه العصبيات على اختلافها, قد صُهرت في بوتَقةٍ واحدة هي الإسلام العظيم والقرآن الكريم والذي حذر منها, قال الله عَزَّ وجَلَّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات : 11), وقد جعل الأفضلية والأحقية به وله, في أهله, وأهله أصحاب فضيلة واحدة, هي التقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) فلا كرامة لا لعربي ولا لغير العربي إلا بالتقوى, أليست هذه دعوة صريحة و واضحة للتساوي والمساواة حتى وإن اختلفت الأعراق والقوميات والألسن, فلا فضل للعربي بقوميته العربية أو لغته العربية, ولا للأمازيغي بقوميته الأمازيغية أو لغته الأمازيغية, وأن ليس هذا هو المعيار الذي يُوَزَنُ به الإنسان, يوم يُوضع الميزان, ولا لغير ذلك من العصبيات الضيقة والمحدودة, والغير محمودة لا معاشا ولا معيشة فما بالك بأثرها وتأثيرها بين أخوين .
إذن دَعُونا لا نَعيب على الأمازيغي أن يُفاخر بأمازيغيته, ولا العربي أن يُفاخر بعربيته, ولكن يجب التوقف والوقوف عندما تتخطي هذه الـمُفاخرة الحَدَّ الفَارِق, والخَط الأحمر المُفَارِق, ألا وهُو الدين والإسلام, وكُل ما هو به قَائم من مِيراث, وهذا الميراث ليس للعرب وحدهم, مَجْدٌ فيه, وإنهُ الجَامِعُ لنَا كأفراد نَعِيشُ في هذه المناطق, نَعْبُد ربًا واحدًا, وقِبْلتنا واحدة, و ربما كانت تقاليدنا وعادتنا وتاريخنا واحدة, و إنما الذَّنْبُ على من أَعْمَتهُ عَصبيته فَرَاحَ يَتَعَفَسُ كُلَّ شيء قِبَلَهُ فلا مَرَدَ لَنَا, ولِكُل غَيُورٍ على دِينه وإسلامه وقُرآنه, وحتى قَومِيته أمازيغية كانت أو عربية, في أن يتصدى له بكل ما يجب التصدي له به ... فلا يَخْرِمْ فِيمَا لا يَعْلَمْ ... والله المستعان .










رد مع اقتباس