منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - من فتاوى الشيخ أبي عبد السلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-23, 13:05   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
"جُوهَرْ"
عضو متألق
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 المرتبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



س: شخص يتصف بالشدة في دعوته إلى دين الله عزوجل،فتراه مع أهله قاسيا عليهم شديدا معهم إن وقعوا في مخالفة شرعية؟
ج:قال عزوجل:" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"سورة آل عمران:110،وقال سبحانه:" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"سورة التوبة:71.
وقال صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(1).
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب عظيم تترتب عليه مصالح مهمة، بتحقيقه تصلح الأمة ويكثر فيها الخير،وتظهر فيها الفضائل،ويتعاون أفرادها على الخير وعلى محاربة الرذائل والمعاصي والمنكرات،إلا أن هذا الواجب الكفائي له مراتب وله شروط ينبغي أن تعلم حتى يكون فعلا وسيلة للإصلاح لا للإفساد.
المرتبة الأولى:الإنكار باليد، وذلك لمن كان قادرا عليه كالحاكم أو من يوكل إليه ذلك، وهكذا المؤمن مع أهله وولده.
أما أن يتصدى العبد لهذا النوع من الإنكار مع عامة الناس، وهو ممن ليست لهم القدرة عليه فمخالف للشرع.
المرتبة الثانية: باللسان، ويشترط فيه المعاملة باللين والرفق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب الرفق في الأمر كله"(2)، وقال:"إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه"(3).
وجاء جماعة من اليهود فدخلوا عليه فصلى الله عليه وسلم فقالوا:"السام عليكم يا محمد"-يعنون الموت-فسمعتهم عائشة رضي الله عنها قالت: عليكم السام واللعنة، وفي لفظ آخر"ولعنكم الله وغضب عليكم"،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مهلا يا عائشة،إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كلّه،قالت:ألم تسمع ما قالوا؟قال:ألم تسمعي ما قلت لهم؟قلت لهم:وعليكم، فإنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا"(4).وقال عزوجل:" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"سورة النحل:125.
المرتبة الثالثة:الإنكار بالقلب، وذلك لكل مؤمن، وينبغي الإخلاص في هذا كلّه، والحذر الرياء وطلب السمعة، فعن أسامة بن زيد رضي الله عن النبي رضي الله عنه قال:"يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنه عن المنكر ؟ فيقول:بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه"(5)،فهذا حال من خالف قوله فعله،تسعّر له النار ويفضح على رؤوس الأشهاد.
فعلى جميع أفراد المجتمع من رئيس ومرؤوس أن لا يغفلوا عن هذا الواجب،وإلا ساد الظلم وعمّ الفساد البلاد والعباد،وقد قال عزوجل في حق بني إسرائيل لما فرّطوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأضاعوه :" لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ"سورة المائدة:78/79.




(1):أخرجه مسلم(49).
(2):أخرجه البخاري(6024) ومسلم(2165).
(3):أخرجه مسلم(2594)
(4):أخرجه البخاري ومسلم.
(5):أخرجه البخاري(3267)ومسلم(2989).









رد مع اقتباس