منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الاثار البيئية للصناعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-25, 17:11   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل 2

الفصل الثاني

أخلاقيات الأعمال والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسة









تمهيد:
لا ينحصر تطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية في مجال الأعمال على مجرد صلاح إدارة المؤسسات، بل مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات هو إستراتيجية شاملة تتبناها المؤسسة. وتدرك مؤسسات اليوم التي تعمل في ظل اقتصاد عالمي حاجتها لوضع استراتيجيات أكثر فعالية لإدارة المخاطر التي تواجه سمعتها، والعناية بأخلاقيات العمل. فالمزايا الناتجة عن الممارسات التجارية الأخلاقية وعدم قابلية المؤسسات للانقسام وتزايد تعقيد البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي تعمل فيها تشير جميعها إلى بدء عهد جديد في مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة.
ومفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة يعنى كثيرا بمساعدة الدول على خلق بيئة اقتصادية أفضل، فالمؤسسات التي تتنافس على المستوى العالمي لا تستطيع العمل في دول تعاني من الفشل وعدم الاستقرار والفساد وانعدام الديمقراطية. والمؤسسات التي تعمل في بيئة تنافسية لا يمكنها العمل في أسواق يشوبها غياب لحماية حقوق الملكية، وعدم كفاية الأنظمة القانونية.
وحتى تكون المؤسسة مسؤولة وتعتبر مواطنا صالحا، فإن الأمر لا يتوقف عند المشاركة في الأعمال الخيرية. والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات يمكن أن تحقق الرخاء والازدهار للمؤسسة، لكنها في الوقت نفسه تسهم في خلق مجتمعات أفضل تتسم بحماية حقوق الإنسان وتيسير جهود التنمية في الدول. وهذا ما سنتطرق له في فصلنا الثاني عن طريق النقاط التالية:
- المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة وأصحاب المصلحة ( القيم الأخلاقية لمنظمات الأعمال، المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة وأصحاب المصالح)
- واقع المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة ( اتجاهات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة، مسؤولية المؤسسات الاجتماعية في التجربة العالمية، محفزات تطبيقها وآليات تنظيمها).





II-1 المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة وأصحاب المصلحة
سنتطرق في هذا المبحث إلى دراسة القيم الأخلاقية لمنظمات الأعمال، المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة وأصحاب المصالح في محاولة للتوضيح:

II-1-1 القيم الأخلاقية لمنظمات الأعمال
II-1-1-1 الأخلاقيات وأخلاقيات الأعمال
تمثل الأخلاقيات مجموعة القيم والمعايير التي يعتمدها أفراد المجتمع في التمييز بين ما هو جيد أو ما هو سيئ، بين ما هو صواب وما هو خاطئ،فهي إذن مفهوم الصواب والخطأ في السلوك، والأخلاقيات تقدم دليلا من خلال معاييرها وقيمها على الأنشطة الأخلاقية وغير الأخلاقية، على ما هو مقبول أو غير مقبول اجتماعيا . ويجدر بنا أن نرجع خطوة إلى الخلف ونلقى نظرة على التطور التاريخي لهذا المفهوم، فالمصطلح بالإنجليزية " ETHICS" له أصل يوناني إذ إنه مشتق من كلمة "ETHIKOS" التي تحمل معاني عديدة:
- يمكن التفكير في مفهوم الأخلاق بأنه ذلك الذي يتعامل مع الصالح والطالح، مع الواجبات والالتزامات الأخلاقية.
- يمكن تصوره كمجموعة محددة من المبادئ أو القيم الأخلاقية، التي في بعض الأحوال قد تنفرد بها ثقافة بعينها، وفي أحوال أخرى قد تكون جزءًا من التراث الثقافي المشترك لكافة الأمم كما هو الحال في ميثاق الأمم المتحدة.
- يمكن رؤية الأخلاق كمبادئ السلوكيات التي تحكم الفرد أو الجماعة، أي معيار للأخلاقيات اللائقة بالمهنة مثل أخلاقيات قطاع الأعمال، أخلاقيات مجال الصرافة وكذلك أخلاقيات مجال المحاسبة أو الإعلان كما يظهر مؤخرًا.
- جرت العادة اعتبار الأخلاق فرعًا من فروع الفلسفة وهى ترتبط بنشأة الأفكار الخاصة باقتصاد السوق.
حيث تصب اتجاهات الباحثين والكتاب في موضوع الأخلاق في اتجاه واحد وهي معايير الحكم على السلوك أو التصرف وقد ورد عدد من التعاريف للأخلاق في هذا المجال منها:
- حالة نسبية معبر عنها بسلوك إنساني.
- المفاهيم الخلقية التي تحدد السلوك وفيما إذا كان صحيحا أو غير صحيح.
- هي إيمانا بما هو صواب أو خطأ لتصرف الفرد.
- هي المقاييس التي تحكم تصرفات الأشخاص.
- هو السلوك الشخصي من خلال مجموعة من الاعتبارات لتقييم الجيد من السيئ للفرد.
فالخلق صفة مستقرة لا عارضة؛ لأن الإنسان قد يتلبس ببعض الصفات غير الثابتة لموقف معيَّن، كالكرم، أو الخوف، أو الغضب، أو غير ذلك ، في حين أنه إذا رؤي في الأحوال العادية تظهر منه الصفات الحقيقية التي قد تخالف هذه الصفات. وهذه الصفة المستقرة لها آثار سلوكية، فالسلوك ليس هو الخلق، بل هو أثره وشكله الظاهر. ويمكن تحديد مصادر الأخلاقيات في كل مجتمع بالآتي: المعتقدات الدينية، تاريخ المجتمع وخبراته وتقاليده، الثقافة الوطنية، القبيلة والعشيرة والعائلة، النظراء والجماعات المرجعية، قادة الرأي والأدوار النموذجية، وخبرة العملية التعليمية.
لقد أشار الباحث ( Kohlberg’s) إلى أن الفرد يمر بثلاث مستويات في إطار تطوره المعنوي ونظرته الأخلاقية كالآتي:
- المستوى البدائي: حيث النظر إلى المصلحة الشخصية وتقييم السلوك وفق اعتبارات هذه المصلحة.
- المستوى القانوني: حيث الأخذ بنظر الاعتبار للقوانين والأعراف السائدة في المجتمع، وهنا فإن الأفعال تكون مبررة في إطار مدونة أخلاقية خارجية.
- المستوى المبدئي: حيث الاهتمام بالمعايير والمبادئ العالمية التي تتجاوز حدود القانون والأعراف المفروضة على الفرد.

في خضم ما يستجد من قيود تفرض على الأعمال تجد الشركات نفسها مضطرة إلى وضع مواثيق سلوكية صارمة لتوجيه سلوك أعضاء مجالس إدارتها ومديرها وموظفيها، بل ونجد الشركات الكبرى متعددة الجنسيات مطالبة بوضع معايير أخلاقية لكل هؤلاء المتعاملين معها، والتي في بعض الأحيان تكون أكثر صرامة من قوانين البلاد التي تعمل بها. وثمة عوامل عديدة مختلفة يتعين على الشركات، خاصة الشركات المالية، وضعها في الاعتبار عند تحديدها للمواثيق الأخلاقية الخاصة بها، وذلك كجزء من الإرشادات العمومية لحوكمة الشركات .
وكما سبق الإشارة فأخلاق العمل إنما هي محاولة لتحديد معيار يمكن من خلاله لجميع العاملين بالشركة معرفة المتوقع منهم، بل وهى محاولة أيضًا لحث الموظفين والمديرين وأعضاء مجالس الإدارات على التفكير واتخاذ القرارات من خلال منظومة موحدة لبعض القيم المشتركة المنتقاة من مصادر مختلفة، حيث تشكل قوانين ولوائح البلاد التي تعمل فيها هذه الشركات إحدى تلك المصادر، إلا إنه من المهم أن ندرك أن الشركات لم تعد مقيدة بالقوانين المحلية فقط بل يجب أن تأخذ في الاعتبار مجموعة الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مكافحة الرشوة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إذ تسعى القوانين المحلية في بلدان عديدة الآن أن تتمشى مع تلك المعايير العالمية.

II-1-1-2 عمليات اتخاذ القرار الأخلاقي ووسائل ترسيخه في المنظمة
أن الموضوع الأخلاقي يعد مشكلة غير قابلة للتحديد بشكل واضح فهو قد يكون مشكلة أو موقف أو فرصة تتطلب من الفرد أو المنظمة اختيار فعل معين من بين الأفعال أو الأنشطة البديلة التي يجب أن تقيم على أنها صحيحة أو خاطئة أخلاقيا ( غير أخلاقية ).
أ- عمليات اتخاذ القرار الأخلاقي
لتحديد أهمية الأخلاق في عملية اتخاذ القرار فأنه من المفيد التعرف على العوامل المؤثرة في هذه العملية وكما يظهر من الشكل رقم (I-14) العوامل الفردية والعلاقات التنظيمية والفرص واستغلالها تشترك في تحديد كيفية اتخاذ القرار الأخلاقي.
1-العوامل الفردية: عندما يحتاج الأفراد إلى حل الصراع الأخلاقي في حياتهم اليومية فأنهم عادة يتخذون قراراتهم على أساس قيمهم الخاصة ومبادئهم المتعلقة بما هو خاطئ أو صحيح. والأفراد يتعلمون القيم من خلال انتمائهم العائلي والجماعات الاجتماعية، الدين، التعليم. فضلا عن قيم المنظمة التي تمتلك تأثيرًا على قرارات المدراء والأفراد أكثر من تأثير القيم الفردية.

شكل رقم(II-1): يوضح العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار الأخلاقي

المصدر: ثامر البكري،أخلاقيات الإدارة في منظمات الأعمال وانعكاساتها على التجارة الإلكترونية،جامعة العلوم التطبيقية،الأردن 2005،ص 13
2-العوامل التنظيمية: على الرغم من أن الأفراد يمكن أن يتخذوا موقفا أخلاقيا يؤثر على عمليات المنظمة إلا انه لا احد يعمل في الفراغ، فالخيار الأخلاقي عادة ما يتحدد بصورة مشتركة من خلال جماعات العمل والمناقشة مع العاملين بصورة عامة فالمدراء أو الأفراد لا يقومون بحل المشكلة الأخلاقية من خلال ما تعلموه سابقًا فقط وإنما من خلال ما تعلموه من بعضهم البعض داخل المنظمة أيضا. وأن مخرجات هذه العملية تعتمد على قوة القيم الشخصية لكل فرد داخل المنظمة. وفرصة السلوك غير الأخلاقي إذ أن الأفراد داخل المنظمة يؤثرون بصورة كبيرة على عملية اتخاذ القرار الأخلاقي وكذلك الأفراد خارج المنظمة مثل أعضاء العائلة والأصدقاء وهؤلاء يؤثرون أيضا في عملية اتخذ القرار وتتفاعل الثقافة التنظيمية والهيكل داخل المنظمة على التأثير في اتخاذ القرار الأخلاقي.
إذ أن الثقافة التنظيمية تعطي أعضائها أساليبًا محددة وقواعد مقترحة في كيفية القيام بالسلوك المطلوب للتعامل مع المشاكل داخل المنظمة.
وتلعب الضغوط التنظيمية دورًا مهمًا في خلق المواضيع الأخلاقية فقد تكون أهداف الربح واحدة من هذه الضغوط التي تؤدي إلى الإخلال بالنوعية أو خلق منافسة غير عادلة أو تؤدي إلى قضايا أخرى مثل ضغوط الالتزام بالجدولة أو قد تكون هناك ضغوط من المشرفين على رجال البيع من خلال الطلب منهم أن يكذبوا على المستهلك عن تأخير شحن البضاعة المشتراة الخ من الأمور التي تجعل الالتزام بالأخلاقيات صعب جدًا .
3- الفرص: هي عامل آخر يؤثر في القرار الأخلاقي والفرص هي الظروف التي تؤدي إلى توفير المنافع أو تقلل من القيود فإذا كانت هناك فرصة للقيام بعمل غير أخلاقي بحيث يؤدي إلى مكافئتها أو عدم تحملها للعقوبة فأنه من الممكن تكرار نفس العمل إذا سنحت الفرصة لذلك مرة أخرى مثل مكافئة رجل البيع الذي يستخدم الغش في زيادة مبيعاته وهو بذلك يمكن أن يستمر في نفس السلوك.
ولعل أهم الجوانب التي يجب أن تلتزم المنظمة فيها بالأخلاقيات هي قضايا التسويق كونها النشاط الذي يتعامل ويتفاعل مع البيئة الخارجية وعليه يبنى نشاط المنظمة ككل .
ففي الوقت الذي يؤدي فيه نشاط معين إلى خلق حالة من الشعور بالغش أو بالخداع من قبل المستهلك تظهر مشكلة أخلاقيات التسويق إلى الوجود، فالمسوقون يعملون في بيئة تؤثر فيها المواضيع الأخلاقية والقانونية بصورة كبيرة وبغض النظر عن مدى شرعية النشاط من عدم شرعيته فمثلا عندما تضع الشركة هدف تحقيق الربح في المقدمة أو زيادة الحصة السوقية فأنها قد تضغط على التسويق من اجل بيع منتجات غير صالحة للمستهلكين ومثل هذه الضغوط تمثل موضوعا غير أخلاقيا وبغض النظر عن الأسباب من وراء المواضيع الأخلاقية فأن المسوقين يجب أن يكونوا قادرين على تحديد هذه المواضيع وتقرير كيفية حلها.

ب- ووسائل ترسيخ أخلاقيات المهنة في المنظمة
ويتم ترسيخ أخلاقيات المهنة في المنظمة عن طريق العديد من الوسائل نذكر منها الآتي:
1- تنمية الرقابة الذاتية: فالموظف الناجح هو الذي يراقب الله تعالى قبل أن يراقبه المسئول، وهو الذي يراعي المصلحة الوطنية قبل المصلحة الشخصية، فإذا تكون هذا المفهوم الكبير في نفس الموظف فستنجح المؤسسة بلا شك، لأن الموظفين مخلصون لها. والرقابة الذاتية هي التي كانت تدفع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتفقد رعيته في مسيراته الليلية المشهورة في المدينة المنورة، هذه الرقابة تمنع من الخيانة، وتعين على الأمانة، لذا فهي من المقومات المتفق عليها في العالم......ويشتهر اليابانيون بجديتهم الذاتية في أداء العمل، ولذا كانت نسبة الغياب عن العمل عندهم 2%!
ولتنمية الرقابة الذاتية وسائل عديدة كتقوية الإيمان بالله والتقوى، تعزيز الحس الوطني، تحمل المسئولية، الإقناع بأهمية الوظيفة وأدائها بشكل صحيح.
2- وضع الأنظمة الدقيقة التي تمنع الاجتهادات الفردية الخاطئة:
لأن الممارسات الأخلاقية غير السوية تنتج أحيانا من ضعف النظام، أو عدم وضوحه، حيث بإمكان المؤسسة تخصيص مكتب للاهتمام بأخلاق المهنة، يقوم عليه مجموعة من الموظفين، ولهذا الجهاز رقم هاتف خاص ساخن للتبليغ عن أي خلل في الأخلاق، وسيكون مردود هذا المكتب على أداء العمل رائعا جدا.
ومن وسائل التوعية بهذه الأنظمة: وضع قائمة للأخلاق والأعمال المرغوب بها ولائحة للجزاءات تشتمل على الأفعال والمخالفات وعدم تنفيذ الأوامر والالتزامات المكلف بها العامل، في مكان ظاهر بالمؤسسة لتعريف صاحب العمل والعامل بأحكام نظام العمل بجميع محتوياته، ليكون كل منهما على بينة من أمره وعالما بما له وما عليه.
3- القدوة الحسنة:
فإذا نظر العاملون إلى المدير وهو لا يلتزم بأخلاق المهنة، فهم كذلك من باب أولى، وقد قال الخليفة الأول للمسلمين أبو بكر الصديق رضي الله عنه: وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني.
لذا لما مات قال فيه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: رحمك الله يا أبا بكر، لقد أتعبت من بعدك.
4- تصحيح الفهم الديني والوطني للوظيفة:
فإذا اقتنع العامل بأن العمل عبادة، وأن العمل وسيلة للتنمية الوطنية، وازدهار البلد، وتحسين مستوى الدخل زاد لديه الالتزام بأخلاق المهنة.
5- محاسبة المسئولين والموظفين:
فلا بد من المحاسبة للتأكد من تطبيق النظام، وهو ما يعرف بالأجهزة الرقابية التي تشرف على تطبيق النظام، وقد كان عمر رضي الله عنه يسأل الرعية: أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ما علي؟ قالوا: نعم. قال : لا، حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا.
6- التقييم المستمر للموظفين:
مما يحفزهم على التطوير إذا عملوا أن من يطور نفسه يقيم تقييما صحيحا، وينال مكافأته على ذلك، والتقييم يعين المسئول على معرفة مستويات موظفيه وكفاءاتهم ومواطن إبداعهم، عن طريق إعداد تقارير دورية عن كل موظف وفق لائحة تصدرها الإدارة تعرف بلائحة تقويم الأداء الوظيفي.
حيث كانت الدراسة العلمية للمشكلة الإدارية توصل إلى القرار الرشيد من حيث النتائج بأن يكون العائد أكبر من التكلفة مثلا، إلا أن مراعاة البعد الأخلاقي في هذه الدراسة يؤدي إلى ( القرار النموذجي) من حيث النتائج والاعتبارات الأخلاقية اللامادية، وبهذا يمكن تحقيق التفاعل والمزاوجة ما بين كلا النوعين من الاعتبارات كما يتضح في الشكل الموالي:
الشكل رقم(II-2): القرار النموذجي كتفاعل بين الاعتبارات المادية والأخلاقية

المصدر: نجم عبود نجم، أخلاقيات الإدارة ومسؤولية الأعمال في شركات الأعمال ص 19

نستنتج مما سبق أن القيم القوية تعزز احترام الشركة، والأخلاقيات يجب النظر إليها مثل الإستراتيجية أو الموازنة أو العمليات داخل الشركة، وذلك لأن:
- قيم الشركة لها تأثير كبير على الذين تريد جذبهم إليها وكذلك على التزام العاملين التنظيمي بالأهداف.
- قيم الشركة القوية تسهل عملية صنع القرار.
- القيم القوية تحقق احترام الزبائن والموردين والحكومة والشركات الأخرى.
- الانتهاك الأخلاقي لا يولد إلا انتهاكا أخلاقيا أكبر، فالشركة التي تدفع رشوة في الأسواق الخارجية تصبح هدفا مفتوحا لرشاوي أكثر ولن تتوقف بعدها.
- الشركة التي تنظر على أنها ذات قيم ومعايير ضعيفة أو مزدوجة لن تكون موضع تعامل إيجابي من قبل الزبائن، الحكومة، أو الشركات الأخرى.
- أخيرا إن القيم القوية تولد الثقة والفخر بين المتعاملين، ببساطة إنها تعني روح المكان في الشركة.

وفي حقيقة الأمر فإن الإدارة يفترض أن تشجع السلوك الأخلاقي وتكافئه، فإذا لم يكافئ السلوك الأخلاقي فإن هذا لا يؤدي إلى ثباته واستمرارية العمل فيها، وإنما يشجع على ذلك ما يلي:
- وجود مدونة أخلاقية تعطي تصورا عن كيفية التعامل مع مختلف المواقف وتساهم في تحسين السلوك الأخلاقي للأفراد والجماعات والإدارات والمنظمة، كما أنها تساعد على نشر ثقافة تنظيمية تعزز الاهتمام بالأبعاد الأخلاقية لمختلف القرارات والمواقف والأفعال.
- وجود مبادئ إرشادية للسلوك الأخلاقي، وهي ضرورية لمعرفة الأسس التي تقوم عليها كل من الأخلاق والجوانب المعنوية للأفراد والقوانين، ويمكن لهذه المبادئ الإرشادية في إطار الحكم من خلالها على سلوك أخلاقي أو غير أخلاقي النظر من جهة إلى المنفعة المتحققة من هذا القرار لأكبر عدد ممكن من الأفراد أو المجتمع بشكل عام ودون أن يؤدي إلى الإضرار بمصالح الآخرين، ومن جهة أخرى إلى مدى خرقه لحقوق الإنسان وما يرتبط بها من جوانب إنسانية.
ولقد أظهرت دراسة حديثة لمجتمع الأعمال العراقي قام بها مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE ومركز زغبي الدولي للدراسات Zogby International، أن الفساد يضيف أكتر من 20% لتكلفة الأعمال بالنسبة إلى 52 شركة خضعت للدراسة، وأن 13% من هذه الشركات تقدر النسبة التي يضيفها الفساد على التكلفة من 30 إلى 40%، وخمس العينة يعتقد أن حجم الزيادة أكثر من 40%.

II-1-1-3 المبادئ والمعايير الأخلاقية
إننا في عملنا هذا نريد التوصل إلى مجموعة محددة من المعايير والقيم المشتركة التي بقدر ما تستجيب لما يحترمه الناس فإنها ترتقي بالمستوى الأخلاقي للعمل الإداري والذي يمكن أن يصلح لكل أنواع الشركات انطلاقا من أن بعض القيم والمعايير ذات سمة عالمية،مع ملاحظة انه لا يمنع الشركات التي تعمل في بيئات مختلفة من أن تسعى لصياغة المعايير والقيم الأخلاقية الخاصة بها. ولقد حدد رو وزميله(Rue and Byars) خمسة من هذه المعايير هي: الامتثال للقانون، الأمانة، العدالة، الجرأة الوظيفية وأخيرا الاهتمام بالأنشطة المؤثرة بالآخرين لجعلها نافعة قدر الإمكان.
من الواضح أن مثل هذه المعايير والمبادئ يمكن وضعها للشركات والمديرين والعاملين والزبائن كما هو موضح في الجدول رقم (II-1) وإن كان ذلك بحاجة إلى المزيد من الجهد والتطوير للتوصل إلى الاتفاق.
كما نرى فإن هذا المدخل لا زال يتطور على أساس المزيد من التخصص حيث كل مهنة أخذت تصنع لها مجموعة من القواعد والقيم الأخلاقية التوجيهية لأعضائها وكل شركة تصنع لها مدونة أخلاقية خاصة بقيم الشركة.
وهكذا أصبحنا نجد أن هناك أخلاقيات العلاقات العامة وأخلاقيات المحاسبة وأخلاقيات السياحة وأخلاقيات التسويق، وإن التطور مفتوح ليشمل مجالات النشاط الإنساني الأخرى.
الجدول رقم (II-1) : مبادئ ومعايير أخلاقية للشركات والمديرين والعاملين والزبائن

مبادئ للشركات مبادئ للمديرين مبادئ للعاملين مبادئ للعملاء
1- أن تضع كل شركة مدونة أخلاقية والاطلاع الرسمي للعاملين عليها.
2- تسمية لجنة الأخلاق في الشركة لتقديم المشورة الأخلاقية والبت الأخلاقي في القضايا المحيرة.
3- تحديد المنطقة الرمادية والتصرفات التي تدخل فيها وتحديد موقف الشركة منها.
4- التقييم الدوري للمستوى الأخلاقي للشركة.
5- انتقاء المديرين وفق معايير أخلاقية إلى جانب معايير الكفاءة.
6- وضع الحوافز للتصرفات المدعمة للسمعة الأخلاقية للشركة.
7- حق المعرفة للعاملين والزبائن وغيرهم بالمخاطر والأضرار المحملة الناجمة عن عمل الشركة.
8- المبادرة الأخلاقية داخل الشركة وخارجها. 1- اعتبار المعايير الأخلاقية ذات قيمة موازية للمعايير المادية المتعلقة بتعظيم الربح.
2- الانفتاح على الحياة الاجتماعية وتنمية الوعي بقضايا المجتمع.
3- التطوير المستمر للمدونة الأخلاقية والعمل بموجبها.
4- التحديد للمنطقة الرمادية في مجال عمل كل مدير وتحديد الموقف الأخلاقي الملائم في كل حالة.
5- العمل وفق أوليات: مصلحة المجتمع أولا، مصلحة الشركة ثانيا، ومن ثمة المصلحة الشخصية.
6- التقييم الدوري للمستوى الأخلاقي لإدارته والعاملين معه.
7- قول الحقيقة في كل المواقف التي يواجهها المدير.
8-الالتزام بالمعايير الأخلاقية في التعامل مع المديرين الآخرين.
9- المنافسة الشريفة مع المنافسين في السوق.
1- مع مراعاة عدم العمل من أجل مصلحة شخصية غير مشروعة، يجب العمل وفق أوليات: مصلحة المجتمع أولا، مصلحة الشركة ثانيا، ومن ثم المصلحة الشخصية.
2- عدم إطاعة الأوامر عند التعارض مع القانون أو المدونة الأخلاقية للشركة.
3- الالتزام بالمعايير الأخلاقية عند التعامل مع الأعلى والزملاء والمرؤوسين.
4- إفشاء الحقيقة في المواقف التي تهم وتضر الجمهور وذات العلاقة بعمله. 1- مبدأ الحد من النزعة الاستهلاكية.
2- مطالبة الشركات بوضع مدونات أخلاقية والالتزام بها.
3- مطالبة الشركات بمبدأ الشفافية وإطلاع الزبائن على المخاطر والأضرار الناجمة عن سلعها وخدماتها.
4- توخي المنفعة المشتركة وعدم الضرر أو الإيذاء بالزبائن الآخرين أو المجتمع.
5- مبدأ المواطنة الأخلاقية.

المصدر: نجم عبود نجم، أخلاقيات الإدارة ومسؤولية الأعمال في شركات الأعمال ص 61

مع ما تطرقنا إليه من معايير ومبادئ لأخلاقيات الأعمال فإن هناك العديد من العقبات التي تقف في وجه تطبيق هذه المعايير والمبادئ نذكر منها :
- عدم تطبيق العقوبات: فمن أمن العقوبة أساء الأدب، والعقوبة لا تراد لذاتها، بل لتقويم سلوك الأفراد والمسئولين المنحرفين، وإعطاء الآخرين صورة عن الجدية في تطبيق النظام.
- غياب القدوة الحسنة.
- ضعف الحس الديني والوطني وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.
- عدم وجود، أو وضوح، أو تفعيل النظام.
- فقدان روح التفاهم بين المسئول والموظفين.
- الإحباط الوظيفي الذي يصيب موظفي كل القطاعات، وتختلف أسباب الإصابة باختلاف المزاج الإداري لدى كل من المدراء أو الموظفين وفي بعض الأحيان مجلس إدارة الشركات والمؤسسات.

II-1-2 المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة
وجدت منظمات الأعمال لتساهم في تطوير المجتمع والاهتمام بمتطلباته، ولا يفترض أن يقتصر دورها على خدمة مصالحها الذاتية ومصالح مجموعات ترتبط مباشرة بها كالمالكين والمساهمين، لذلك فقد توسع الدور الاجتماعي لمنظمات الأعمال وفق اعتبارات تطور قدرات منظمات الأعمال من جانب وازدياد الضغوط عليها من قبل فئات متعددة في المجتمع ، و لعل من أكثر المدلولات المستخدمة في الآونة الأخيرة في عالم رجال الأعمال والمال وعالم العمل بوجه عام، على الصعيدين الدولي والعربي، مدلول "المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات". وهذا يطرح التساؤل حول المقصود بهذا المدلول؟ وما هي خلفياته وأهدافه وغاياته؟ فهو يعني أشياء مختلفة، لأشخاص عديدين سواء من رجال الأعمال، الإدارة، المال أو مؤسسات المجتمع المدني، الجامعات أو الجمهور، الأمر الذي يخضع هذا المدلول لتفسيرات متباينة وأحيانا متعارضة، فالبعض يرى إن هذه المسؤولية الاجتماعية لا تعدو أن تكون بمثابة تذكير المؤسسات بمسؤولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه، والبعض الآخر يرى أن مقتضى هذه المسؤولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية/طوعية دون إلزام، تقوم بها المؤسسات صاحبة الشأن بإدارتها المنفردة تجاه المجتمع، والبعض الآخر يرى أنها صورة من صور الملائمة الاجتماعية الواجبة على المؤسسات. ولكن في جميع الأحوال فان جوهر هذه المسؤولية وحدودها لا يتجاوز في وقتنا الراهن إطار المبادرات الايجابية الطوعية/الاختيارية التي تقوم بها المؤسسات سواء من تلقاء نفسها أو بالتعاون والتشاور والتنسيق مع غيرها من المؤسسات وبالتجاوز الايجابي وبحسن النية لكل متطلبات ومقتضيات الالتزامات القانونية المفروضة في حقول متسعة من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والايكولوجية، بما في ذلك مراعاة كافة الحقوق الأساسية للإنسان .

II-1-2-1 مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة
نشير إلى أن مسألة المسئولية الاجتماعية للمؤسسات قد فرضت نفسها عنوة مؤخراً في محيط العلاقات الاقتصادية الوطنية أو الدولية. فمن ناحية، لقد أثارت ردود أفعال المناهضين للعولمة منذ منتصف التسعينات، وخاصة بعد قيام منظمة التجارة العالمية، الصدى العميق لدى الشركات المتعددة الجنسيات العملاقة حول دورها ومسئولياتها الجديدة في مواجهة تنامي ظاهرة الفقر والإفقار في العالم، نتيجة التطبيقات الصارمة لتحرير التجارة الدولية. ومن ناحية ثانية، لقد أعادت منظمات دولية غير حكومية لأصحاب الأعمال مثل المنظمة الدولية لأصحاب الأعمال التي تضم 137 اتحاد فيدرالي وطني لأصحاب الأعمال في 133 دولة تقيم أنشطتها والتدقيق في مواثيق إنشاءها لتذكير أعضاءها بمسؤولياتهم الأساسية كممثلين للقطاع الخاص وكرموز لاقتصاديات السوق في عصر العولمة .
وحتى وقتنا الراهن لم يتم تعريف هذا المفهوم بشكل محدد وقاطع يكتسب بموجبه قوة إلزام قانونية وطنية أو دولية، لأنها لا تعني بالضرورة شريحة معينة من المؤسسات الوطنية والدولية، ولا تزال هذه المسؤولية في جوهرها أدبية ومعنوية، أي إنها تستمد قوتها وقبولها وانتشارها من طبيعتها الطوعية/الاختيارية، ومن هنا لقد تعددت صور المبادرات والفعاليات بحسب طبيعة السوق ونطاق نشاط المؤسسة وأشكاله، وما تتمتع به كل مؤسسة من قدرة مالية وبشرية، وهذه المسؤولية بطبيعتها ليست جامدة، بل لها الصفة الديناميكية والواقعية والتطور المستمر كي تتواءم بسرعة وفق مصالحها وبحسب المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والايكولوجية. ومن أهم التعريفات وأكثرها شيوعا تعريف البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومجلس الأعمال الدولي للتنمية المستدامة :
أ‌- تعريف البنك الدولي
"يقصد بالمسئولية الاجتماعية للمؤسسة الالتزام بالمساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة، وذلك من خلال
التعاون مع العاملين وأسرهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشتهم على نحو مفيد لنشاط الشركات وللتنمية الاقتصادية" (2005 World Bank )

ب- تعريف الاتحاد الأوروبي
"المسئولية الاجتماعية للمؤسسة هو مفهوم تقوم الشركات بمقتضاه بتضمين اعتبارات اجتماعية وبيئية في
أعمالها وفي تفاعلها مع أصحاب المصالح على نحو تطوعي"( Union Européenne 2001 )
ويركز الاتحاد الأوروبي على فكرة أن المسئولية الاجتماعية مفهوم تطوعي لا يستلزم سن القوانين أو وضع قواعد محددة تلتزم بها الشركات للقيام بمسئوليتها تجاه المجتمع.

ج- تعريف مجلس الأعمال الدولي للتنمية المستدامة
" تُعرَّف المسئولية الاجتماعية للمؤسسة بالالتزام المستمر للشركات بالتصرف على نحو أخلاقي وبالمساهمة في التنمية الاقتصادية وتحسين نوعية الحياة للعاملين وأسرهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل" . World Business Council for Sustainable Development ( 1999 WBSCD)

من التعريفات السابقة نرى أن كلها تدور حول ذات المعنى، وهي تحمل المؤسسات لمسئوليتها تجاه أصحاب المصالح من حملة الأسهم والمستهلكين والعملاء والموردين والعاملين والبيئة والمجتمع. ويقصد بهذا المفهوم التزام المؤسسات ليس فقط بتحقيق أرباح لمساهميها، ولا تقتصر المسئولية تجاه الاقتصاد القومي فقط، ولكن تمتد لتشمل البيئة والعاملين وأسرهم وفئات أخرى من المجتمع.
وبالإضافة إلى ما سبق يقترح بعض الباحثين والمتخصصين تحويل مصطلح المسئولية الاجتماعية للمؤسسة إلى مصطلح الاستجابة الاجتماعية للمؤسسة، حيث إن المصطلح الأول يتضمن نوعا من الإلزام، بينما يتضمن الثاني وجود دافع أو حافز أمام المؤسسة لتحمل المسئولية الاجتماعية. وقد تعددت المصطلحات المتعلقة بمفهوم المسئولية الاجتماعية لمؤسسة ومنها مواطنة الشركات والشركات الأخلاقية والحوكمة الجيدة للشركات. وعلى الرغم من تعدد هذه المصطلحات إلا أنها في النهاية تنصب على مساهمة الشركات في تحمل مسئوليتها تجاه أصحاب المصالح المختلفين. وتعد المسئولية الاجتماعية للمؤسسة أداة رئيسية للوصول إلى هذا الهدف من خلال تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي لمجتمع الأعمال. ويرى عدد من الباحثين أن المسئولية الاجتماعية لرأس المال هي الوسيلة التي تستخدمها الشركات لإدارة وتنظيم علاقاتها بالمتعاملين معها، ومن ثم تصبح برامج المسئولية الاجتماعية نوعا من الاستثمار الاجتماعي الذي يهدف إلى بناء رأس المال الاجتماعي الذي يؤدي بدوره إلى تحسين كفاءة الأداء الاقتصادي للشركات .

II-1-2-2 التطور التاريخي لمفهوم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة
لا يعد مفهوم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة مفهوما جديدا، حيث بدأ الحديث عن هذا المفهوم في الخمسينات من القرن الماضي وذلك بظهوره في كتاب للمؤلف Howard Bowen بعنوان ( Social Responsibilities of the Businessman) سنة 1953م، شرح فيه لماذا على المؤسسة أن تسير بطريقة مسؤولة وأشكال تلك المسؤوليات، وبرزت كإجراءات معيارية وفلسفية حيث نتكلم هنا عن مفهوم مسؤولية المؤسسة(Responsabilité d’entreprise). وكرد على النموذج الأول وعلى نظرية فريدمان Friedman (1970) التي تقول ان الهدف الأساسي من إنشاء المؤسسة هو الربح، ظهر ما بين سنوات 70/80 تيار جديد عملي أكثر يركز على تيسير الأعمال للمسؤولية ما عرف بمفهوم الإجابة الاجتماعية (Réponse Sociale)، والذي يبين كيفية العمل بطرق ونماذج تعطي للمؤسسة القدرة على العمل والرد على الضغوطات الاجتماعية.وبعدها تطور تيار جديد خلال سنوات 80/90 ما عرف بالنجاعة الاجتماعية (Performance sociale)، حيث ركز على ثلاث نقاط: ما هي القيم الأخلاقية للمؤسسة؟ كيف تقوم المؤسسة بتجسيد مبادئها؟ ما هي النتائج المرجوة من هذه النظرية؟
كما ظهرت في نفس الفترة نظرية أصحاب المصالح كما عرفها فريمان Freeman سنة 1987. وتوالت المفاهيم حيث رأتها المنظمة العالمية للعمل l’Organisation Internationale du Travail (OIT) سنة 1998م على أنها المبادئ والقوانين الأساسية للعمل، وبعدها صدر الميثاق العالمي Global Compact سنة 1999م لكوفي عنان، وفي سنة 2001 صدر رؤية جديدة من الكتاب الأخضر le Livre vert الفرنسي، وبعدها عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية L’Organisation de Coopération et de Développement Economiques سنة 2002 حيث رأى بأنها وسيلة عالمية .......الخ.

المسئولية الاجتماعية للمؤسسات تطورت من خلال الضغوط المتزايدة للزبائن والموردين والموظفين والمجتمع المحلي والمستثمرين وأصحاب المصالح، وتشير الأدبيات المختلفة إلى أن المسئولية الاجتماعية للمؤسسات أصبحت جزءا لا يتجزأ من نظام إدارة الجودة الشاملة لتحسين نوعية المنتج أو الخدمة المقدمة للعملاء بطريقة مرضية من الناحية الصحية والنظافة وبأقل التكاليف. وهي عملية تعلم مستمرة، حيث تختار كل مؤسسة الأدوات التي تلاؤمها وتفي باحتياجات أصحاب المصالح، وتساعدها على الالتزام بمسئولياتها الاجتماعية، كما تراجع كل شركة هذه الأدوات والبرامج بصفة مستمرة وتتأكد من ملاءمتها للبيئة والمجتمع الذي تعمل به، وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أهمية الدور الذي تلعبه المسئولية الاجتماعية للمؤسسة في هذا المجال من خلال القطاع الخاص، إلا أن هذا لا يعني تخلي الحكومات عن دورها في تحمل مسئولياتها تجاه المجتمع.

II-1-2-3 أبعاد المسئولية الاجتماعية للمؤسسة
تتكون المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة من ثلاث أبعاد أساسية نلخصها فيما يلي:
أ- الاجتماعي:
- مراعاة مبدأ تكافئ الفرص في التوظيف.
- مراعاة حقوق الإنسان.
- احترام العادات و التقاليد و مراعاة الجوانب الأخلاقية في الاستهلاك.
- تحسين ظروف العمل و منع عمل المسنين و صغار السن.
- منع التمييز على أساس الجنس أو الدين.
- توظيف المعوقين.
- حماية المستهلك من المواد الضارة.
- احترام الأنظمة والقوانين والثقافات المختلفة.
- تعزيز القيم الأخلاقية والتكافل الاجتماعي.
- مواجهة الكوارث والأزمات.
- دعم الأنشطة الرياضية والصحية.
- تقديم منح دراسية لأبناء المجتمع.
- تنفيذ أعمال تقدم بموجبها منفعة مجانية لأبناء المجتمع، كإنشاء المستشفيات، المدارس، الجامعات...
ب- البيئي:
- احترام القوانين والتشريعات الحكومية المتعلقة بحماية البيئة.
- منع التلوث بشتى أنواعه.
- صيانة الموارد و تنميتها.
- التخلص من المنتجات بعد استهلاكها.
- استخدام التكنولوجيا في معالجة الأضرار التي تلحق بالبيئة.
- الممارسات البيئية الصحيحة في العملية الإنتاجية.
- تطوير بيئة العمل.
- الالتزام البيئي على المستوى المحلي والعالمي.....
- عدم الإضرار بالبيئة من حيث تلويث الهواء، الماء، قطع الأشجار.....

ج- الاقتصادي:
- الالتزام بالقوانين المحلية والوطنية ومراعاة القوانين الدولية والعالمية أثناء ممارسة النشاط الاقتصادي.
- إنتاج سلع وخدمات تلبي حاجات أبناء المجتمع بأعلى جودة واقل تكلفة.
- منع الاحتكار وعدم الإضرار بالمستهلكين.
- احترام قواعد المنافسة وعدم الإلحاق الأذى بالمنافسين.
- استفادة المجتمع من التقدم التكنولوجي.
- استخدام التكنولوجيا في معالجة الأضرار التي تلحق بالمجتمع والبيئة.
- دعم الأنشطة الاقتصادية الاجتماعية.
- الالتزام بالأنظمة والقوانين في ممارسة العملية الاقتصادية "الجانب الأخلاقي".
- الاهتمام بالموظفين من خلال تدريبهم وتطويرهم والتعامل معهم من خلال مبدأ تكافئ الفرص والمساواة.
- تقديم حوافز مادية ومعنوية للعاملين داخل المنظمة، تِثر إيجابيا في تحقيق مستوى معيشي جيد لهم، واحترامهم وتقدير جهودهم باعتبارهم بشرا وليسوا آلات.....

يمكن توضيح تكامل أبعاد المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة في الشكل التالي:

الشكل رقم (II-3): تكامل أبعاد المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة

Source : Robert Trocmé,La RSE une contribution au développement durable,Assessment Development Training (ADT),Paris France, 2006,P11.

II-1-3 أصحاب المصالح (Stakeholders):
تستند المسئولية الاجتماعية للمؤسسة إلى نظرية أصحاب المصالح، والتي تنص على أن الهدف الأساسي لرأس المال يتمثل في توليد وتعظيم القيمة لكل أصحاب المصالح. وفي ما يلي سنتطرق إلى أصحاب هذه النظرية.

II-1-3-1 فئات أصحاب المصالح ودورهم في المؤسسات
تتعدد وتتنوع فئات أصحاب المصالح Stakeholders التي تضغط باتجاه أن تتبنى منظمات الأعمال أهدافها، ويساهم البعض من هذه الفئات في تطوير معايير أداء اجتماعي خاصة بها لتعرضها على منظمات الأعمال، وتجد الإدارة نفسها في مقابل فئات متزايدة باستمرار بسبب التطور الحاصل على الصعيد الاجتماعي والسياسي والتكنولوجي وتطور منظمات المجتمع المدني.
إن أخذ مصالح هذه الفئات بشكل متوازن ويرضي الجميع ليست بالعملية السهلة وإنما محفوفة بالعديد من المخاطر، والشكل رقم (II-4) يوضح أصحاب المصالح المختلفة.
ولقد أعطى فريمان مفهوم لأصحاب المصلحة والذي ربطه بمسؤولية المؤسسات كما يلي: "أي جماعة أو فرد الذي يمكن أن يؤثر أو يتأثر بما تحقق من أهداف لمنظمة أو مؤسسة ما". كما إن أصحاب المصالح يجب أن تنظر لهم إدارة منظمة الأعمال في الإطار الآتي:
- تزايد أعداد هذه الفئات باستمرار بسبب تطور الحياة.
- تزايد نفوذ البعض من هذه الفئات بسبب قبول المجتمع لها وخاصة مؤسسات المجتمع المدني.
- تطور مفاهيم حماية المستهلك وانتقال المستهلك إلى صاحب رأي بطبيعة السلع ونوعيتها.
- تعارض مصالح هذه الفئات لذلك يفترض إيجاد صيغة لموازنة هذه المصالح.
- كثرة الحاجات والطلبات الاجتماعية لهذه الفئات بحيث تجد المنظمة نفسها غير قادرة على تلبية جميع تلك الحاجات والطلبات.
- يفترض أن تضع الإدارة تحليل لفئة أصحاب المصالح بشكل أصحاب مصالح أساسيين وأصحاب مصالح ثانويين، وأن تأخذ بنظر الاعتبار أن هذا التحليل يتصف بالديناميكية، ومن الضروري هنا أيضا تجميعهم في مجموعات يمكن التعامل معها بطرق موحدة ومتشابهة.

شكل رقم (II-4) : منظمة الأعمال وفئات أصحاب المصالح

المصدر: طاهر محسن منصور الغالبي، الإدارة الإستراتيجية، منظور منهجي متكامل،ص 529

يجب على المؤسسات الاعتراف بحقوق أصحاب المصلحة كما يرسيها القانون وأن يعمل أيضا على تشجيع التعاون بينهما في مجال خلق الثروة وفرص العمل وتحقيق الاستدامة للمشروعات القائمة على أسس مالية سليمة وذلك عن طريق النقاط التالية:
1- ينبغي أن يعمل على تأكيد احترام حقوق أصحاب المصالح التي ينشئها ويحميها القانون أو تكون نتيجة لاتفاقات متبادلة.
2- حينما يحمي القانون حقوق أصحاب المصالح فإن أولئك ينبغي أن تتاح لهم فرصة الحصول على تعويضات في حالة انتهاك حقوقهم.
3- يجب أن يسمح إطار الشركات بوجود آليات لمشاركة أصحاب المصالح، وأن تكفل تلك الآليات بدورها تحسين مستويات الأداء.
4- حينما يشارك أصحاب المصالح في عملية المسئولية الاجتماعية للمؤسسة، يجب أن تكفل لهم فرصة الحصول على المعلومات المتصلة بذلك، وبالقدر الكافي، والتي يمكن الاعتماد عليها في الوقت المناسب وعلى أساس منتظم.
5- ينبغي لأصحاب المصالح بما في ذلك أفراد العاملين وهيئات تمثيلهم، أن يتمكنوا من الاتصال بمجلس الإدارة للإعراب عن اهتمامهم بشأن الممارسات غير القانونية أو غير الأخلاقية، وينبغي عدم الانتقاص أو الغض من حقوقهم إذا ما فعلوا ذلك.
6- ينبغي أن يستكمل إطار المسئولية الاجتماعية للمؤسسة بإطار فعال وكفء للإعسار، وإطار آخر لتنفيذ حقوق الدائنين.

II-1-3-2 نظرية أصحاب المصلحة
ما تؤكده نظرية أصحاب المصلحة أن الشركة ليست وحدة آلية ولا هي آلة اقتصادية لصنع النقود من أجل حملة الأسهم وإنما هي وحدة اقتصادية واجتماعية تؤثر وتتأثر بأطراف متعددة هم أصحاب المصلحة، والجدول التالي يوضح المصالح المتوقعة لأصحاب المصالح من الشركة:
الجدول رقم (II-2 ): المصالح المتوقعة لأصحاب المصالح من الشركة

أصحاب المصلحة المصالح المتوقعة من الشركة
الجمهور العام سلامة وعدم تلوث البيئة، سياسات الجار الطيب
الحكومة عوائد الضرائب، إنشاء الأعمال الجديدة، إدخال ونشر التكنولوجيا الجديدة
القانون المنافسة العادلة، ممارسات الأعمال بدون فساد حرمة العقد، تطبيق تشريع الصحة والسلامة والأمن
دعاة حماية المستهلك سلامة المنتج، قيمة النقود، معلمات حول المنتجات، خيار واسع من المنتجات، الإصلاح والتعويض
المقرضون الدفع العاجل، الإيفائية طويل الأمد للشركة
الزبائن أسعار منخفضة، سلع ذات جودة عالية، ضمانات، خدمات ما بعد البيع
حملة الأسهم أرباح عالية، موزع أرباح عالي، نمو رأس المال
العاملين أجور عالية، ظروف عمل جيدة، الترقيات المتوقعة، ضمان الاستخدام، المنافع الإضافية

المصدر: نجم عبود نجم، أخلاقيات الإدارة ومسئولية الأعمال في شركات الأعمال،ص 198
والواقع أن نظرية المصلحة ترى أن للمديرين دورا كبيرا في الإقناع والتأثير بأصحاب المصلحة من أجل دعم استراتيجياتها وسياساتها المختلفة، فالمديرين في هذه النظرية هم سياسيون أو دبلوماسيون في علاقتهم مع كل مجموعة من مجموعات أصحاب المصلحة للحصول على دعمهم والحد من معارضتهم لسياستها وخططها، ولتحقيق ذلك فإن عليها القيام بما يلي:
- أن تحدد أصحاب المصالح بالنسبة للشركة.
- أن تحدد العائد الأدنى لكل صاحب مصلحة والذي يكون مقبولا منه.
- البحث على كيفية التأثير في تصورات أصحاب المصلحة ( مثلا إقناع حملة الأسهم أن موزع الأرباح العالي ليس هو المصلحة طويلة الأمد الأفضل للشركة أو إقناع العاملين أن الأجور العالية لا يمكن الأخذ بها خلال السنة الحالية)
- تحديد الأفراد الرئيسيين في مجموعات أصحاب المصلحة وإقامة علاقات جيدة معهم لهذه الأغراض.
- تقييم قوة تأثير كل واحد من أصحاب المصلحة على سلوك الشركة.
- تقييم الاتجاهات المختلفة لأصحاب المصلحة نحو رسالة الأعمال، إستراتيجيتها، وأنشطتها وحيثما يكون ملائما الحاجة لتنفيذ التغيير.
- تحديد أصحاب المصلحة الذين يدعمون السياسات الحالية للإدارة وأغراضها ومن هم ضدها والظروف والعوامل المؤثرة في جماعات المصلحة المتعارضة.
- تقييم ما سيكون ضروريا للتغلب على المعارضين من أصحاب المصلحة، والعمل على زيادة تأثير أصحاب المصلحة الذين هم بجانب الإدارة وخفض تأثير الآخرين.

II-1-3-3 تقييم الأداء لأصحاب المصالح
على الإدارة العليا لمنظمات الأعمال أن تضع واحدا أو أكثر من مقاييس الأداء لكل مجموعة من أصحاب المصالح في المنظمة والتي يجب أن تقابل أهدافهم فيها، فالطبيعة المتشابكة لأهداف منظمات الأعمال وحاجات الأطراف المرتبطة بها تنسحب على طبيعة مجالات الأداء التي تغطي تلك الأهداف المتشابكة، وتفرض على منظمات الأعمال تحقيق الحد الأدنى من التنسيق والتلاؤم بين تلك الأهداف، بحيث تكون نتائج قياس الأداء في مختلف المجالات متناغمة بالشكل الذي يدعم الأداء الكلي لمنظمة الأعمال. ويؤكد على أهداف أصحاب المصالح والحقوق بوصفها مجالات أداء رئيسة ينبغي على منظمة الأعمال قياس الأداء المنظمي من خلالها وفق مقاييس ومعايير تلائم كل مجال بما يمثله من أطراف مرتبطة به، والجدول التالي يبين أهم مجاميع أصحاب المصالح والحقوق، ومقاييس الأداء التي تؤشر أهدافهم ومصالحهم.
جدول رقم (II-3): مجاميع أصحاب المصالح وتأثيرهم على أداء المنظمة
فئة أصحاب المصالح والحقوق قياسات الأداء على المدى القريب قياسات الأداء على المدى البعيد
المستهلكون - مبيعات (القيمة والحجم)
- المستهلكين الجدد
- عدد احتياجات المستهلكين الجدد التي تم توفيرها - النمو في المبيعات
- معدل دوران المستهلكين
- المقدرة على السيطرة على الأسعار
المجهزون (الموردون) - كلفة المواد الأولية
- زمن التسليم
- المخزون
- توفير المواد الأولية معدلات النمو في كل من:
- كلفة المواد الأولية
- زمن التسليم
- المخزون
- أفكار المجهزين الجديدة
المجتمع المالي (المساهمون) - العائد على السهم
- القيمة السوقية للسهم
- عدد القوائم التي توصي بشراء أسهم المنظمة
- العائد على حق الملكية - القدرة على إقناع سوق الأوراق المالية بالإستراتيجية المتبعة
- النمو في العائد على حق الملكية
الأفراد - عدد الاقتراحات
- الإنتاجية
- عدد الشكاوي - عدد الترقيات من الداخل
- معدل الدوران
الجهات التشريعية - عدد التشريعات الجديدة التي تؤثر في المنظمة
- العلاقات مع الأعضاء والطاقم - عدد القوانين الجديدة التي تؤثر على الصناعة
- مستوى التعاون في المواجهات التنافسية
جمعيات حماية المستهلك - عدد الاجتماعات
- عدد المواجهات غير الودية
- عدد مرات تكوين الائتلافات
- عدد القضايا المرفوعة - عدد مرات التغير في السياسات نتيجة ضغوط الجمعيات
- عدد مرات المطالبة بالمساعدة من قبل الجمعيات
المدافعون عن البيئة - عدد اللقاءات
- عدد المواجهات غير الودية
- عدد مرات تكوين الائتلافات
- عدد الشكاوي لدى الجهات المتخصصة
- عدد القضايا المرفوعة - عدد المطالبات بالمساعدة من قبل المدافعين عن البيئة
المصدر: طاهر محسن منصور الغالبي، الإدارة الإستراتيجية،ص 493
وحتى يتم الحوار مع أصحاب المصلحة بنجاح على المؤسسة أن تحترم وتعطي قيمة إلى :
• الحالة النفسية وطريقة الحوار ، من أهم ما يجلب الاحترام، الشفافية والتعليم.
• توفير الوقت والوسائل اللازمين.
• استعداده لدعم الجهود (خارج الزمن) والمشاركة في الوقت المناسب حتى خارج أوقات الأزمات.
• القدرة على وضع الشركة في موضع السؤال.

II-2 واقع المسئولية الاجتماعية للمؤسسة
سنحاول معرفة واقع المسئولية الاجتماعية للمؤسسة من خلال التطرق إلى اتجاهاتها، التجربة العالمية لها وعن طريق المزايا المترتبة على الالتزام بها داخل المؤسسات وتقييمها.

II-2-1 اتجاهات المسئولية الاجتماعية للمؤسسة
هناك اتجاهات مختلفة للمسئولية الاجتماعية للمؤسسة وذلك باختلافها حسب ثقافة المنطقة أو ثقافة المنظمة العاملة بها، الآراء المؤيدة والمضادة لها.

II-2-1-1 نحو مسئولية اجتماعية للمؤسسة نابعة من ثقافة المنطقة
من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في تطبيق وفهم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة وذلك بحسب ثقافة المنطقة وكذا ثقافة المنظمة التي تعمل عليها.

أ- نحو مسئولية اجتماعية نابعة من ثقافة المنطقة وواقعها الراهن:
لا يخفى على أحد أن المساهمات العربية القليلة حول المسئولية الاجتماعية للشركات، لا زالت تعيد إنتاج المفهوم كما ظهر في الأدبيات الغربية، بل وتنقله حرفيا دون بذل محاولات جادة لتأصيله والبحث عن مرجعيات جديدة له في ثقافة المنطقة، هذا مثل الحاجة لحسم أمور منهجية أخرى مثل تحديد المصطلحات وتعريفها، والاتفاق على تعريف إجرائي مشترك، وعلى منهجية توجه جهود الباحثين والحوارات اللاحقة.
ومن جهة أخرى وضع خطة عمل لإقرار الإطار المرجعي لدراسات حالات وموضوعات ورش العمل الإقليمية ومحاورها الرئيسية، وكيفية ضمان تمثيل مختلف الفاعلين وكذلك أصحاب المصالح (Stakeholders) في هذه الورش، سواء من خلال عرض أوراق العمل أو المناقشات. وهذا يتطلب بحث أدوار مختلف الشركاء من حكومات ومشرعين وقادة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الإقليمية لقطاع الأعمال...الخ.

ب- ثقافة المنظمة:
تعتبر ثقافة المنظمة من الدعامات (أو المعوقات) الهامة لنجاح (أو فشل) المنظمة، ومن الطبيعي أن تتميز كل منظمة عن غيرها بثقافة مميزة لها وذلك بحسب نوع نشاطها أو حجمها (المؤسسات الصناعية، مؤسسات الخدمات، المؤسسات الحكومية، المنظمات الغير ربحية ، الجمعيات الأهلية والخيرية والمهنية ، مراكز البحث والتطوير، المؤسسات الكبيرة التي لها آثار كبيرة، أو الصغيرة والمتوسطة) ، والتي هي حصيلة من المعتقدات المشتركة المعلنة والضمنية، القيم، العادات والتقاليد، المآثر، الرموز، اللغة الخاصة...هذه الحصيلة لها أربعة وظائف هامة بالنسبة للمنظمة وهي:
- تشعر أعضاء المنظمة بأنهم ينتمون لمجتمع واحد مختلف ومتميز عن غيره.
- تشجيع الأعضاء على الالتزام بالمهمة التي من أجلها أنشأت المنظمة.
- تساعد على تحقيق الاستقرار التنظيمي.
- تؤثر في سلوك أفراد المنظمة من خلال مساعدة الأفراد على التأقلم مع البيئة المحيطة.
فغالبا ما تكون رؤية وقيادة الأفراد والمنظمات الوسيطة ضرورية لإدخال المسئولية الاجتماعية للمؤسسات، وتستطيع أي مؤسسة من خلال التفاعل النشط مع موظفيها تحسين الظروف والأوضاع وتعظيم فرص التنمية المهنية، ومن ذلك تطبيق إجراءات لتقليل استهلاك الطاقة والمخلفات، وتستطيع المؤسسات أن تكفل صدق وسهولة الاتصالات مع عملائها، ومن ناحية تأثيراتها غير المباشرة عبر سلسلة القيمة ومواثيق الشرف في تدبير الاحتياجات وبرامج بناء القدرات، وتستطيع المؤسسات مساعدة مورديها وموزعيها على تحسين أداء قوة العمل والحد من الضرر البيئي.





II-2-1-2 الآراء المؤيدة والمضادة للمسئولية الاجتماعية
طبيعي أن يكون لهذه المسئولية الاجتماعية تكلفة وأعباء تتحملها المنظمة، الأمر الذي استدعى وجود مؤيدين ومعارضين لهذه المسئولية.

أ- الآراء المؤيد للمسئولية الاجتماعية
- تحسين الانطباع العام عن المنظمة.
- إعطاء الفرصة لمشروعات الأعمال لحل المشاكل الاجتماعية التي فشلت الحكومة في حلها.
- التصرفات الاجتماعية يمكن أن تكون مفيدة ومربحة لمشروع الأعمال، أمثال ذلك انعكاس الوضع الصحي الجيد للمجتمع على الاختيار الجيد للعاملين وعلى ارتفاع إنتاجيتهم.
- إن منع وقوع المشاكل أفضل من انتظار حدوثها ثم التفكير في إيجاد حل لها.
- تجنب الوقوع تحت طائلة التشريعات والقوانين الحكومية.
- إن قواعد السلوك الاجتماعي تتطلب ذلك (مسئولية أخلاقية).
- اتفاق المسئولية الاجتماعية مع القواعد الأخلاقية (في حالة أضرار التدخين مثلا).
- أن لدى مشروعات الأعمال موارد مالية وبشرية تمكنها من حال المشاكل الاجتماعية.

ب- الآراء المعارضة للمسئولية الاجتماعية
- تتعارض المسئولية الاجتماعية مع مبدأ تعظيم الأرباح.
- إن تكلفة المسئولية الاجتماعية كبيرة جدا وربما تؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
- افتقاد مشروعات الأعمال للمهارات الاجتماعية.
- عدم إمكانية قياس التصرفات الاجتماعية.
- تزايد نفوذ مشروعات الأعمال في حالة اهتمامها بالمشاكل المجتمعية.
- افتقاد مشروعات الأعمال لمبدأ المحاسبة والمسئولية إزاء المجتمع.
- تحقيق المسئولية الاجتماعية على حساب الأغراض الأساسية لمشروع الأعمال.
- تحقيق المسئولية الاجتماعية بطرق غير مشروعة أو قانونية.






II-2-1-3 الدور التنموي للمؤسسات
يمكن دراسة الدور التنموي للمؤسسات على ثلاث مستويات
أ- التنمية المستدامة الذاتية للمجتمع
وفقا لتعريف مجلس الأعمال العالمي لمسئولية الاجتماعية، يمكن أن نجمل عناصر التنمية المستدامة للمجتمع في النقاط التالية:
• التأكيد على بعد تمكين المجتمع المحلي كطرف محوري وأساسي في المشاركة في مشروعات التنمية الحضرية والاقتصادية والإنسانية بمستوياتها المختلفة، وذلك من خلال التركيز على رفع درجة الوعي العام بهذه المشاركة.
• توسيع دور الأطراف الثانوية في عملية المشاركة كوسيلة لدعم دور الأطراف ذات القوة النسبية المحدودة (المجتمع المحلي على سبيل المثال)، ومن هذه الأطراف الثانوية الجامعات ومراكز البحوث التي يمكن أن تسهم في عملية التنمية.
• الدفع المستمر في اتجاه التحول من المركزية إلى اللامركزية وتفويض الصلاحيات من المستوى المركزي إلى المستوى المحلي حتى في ظل القانونية القائمة.
• التركيز على تنمية ثقافة الحوار كأهم الآليات لتحقيق المشاركة المجتمعية، ودعمها كعنصر أساسي في كل برامج بناء القدرات المحلية.

ب- المسئولية الاجتماعية والدور التنموي
يتزايد الأمل والترقب لدى المستهلكين ولدى الموظفين والمديرين العاملين بالمؤسسات، ولاسيما الكبيرة منها والمتعددة الجنسيات، في أن تتجاوز هذه المؤسسات دورها التقليدي المتمثل في الابتكار، والإنتاج والتعبئة والبيع من أجل تحقيق الربح. ويرى الجمهور أن مجرد خلق الوظائف وسداد الضرائب، لم يعد كافياً كإسهام وحيد يقدمه القطاع الخاص للمجتمع، فازدهار منتجات المشروعات الاستثمارية ذات المسئولية الاجتماعية يشهد على صحة هذا الاتجاه، حيث يبدي المستثمرون قلقهم ويعلنون عن مواقفهم الأخلاقية والاجتماعية للمؤسسات التي يستثمرون فيها ويقومون برعايتها. وتضم الجهات الاستثمارية ذات المسئولية الاجتماعية الأفراد، الهيئات، الجامعات، المستشفيات، المؤسسات، شركات التأمين، صناديق المعاشات التقاعدية، المنظمات غير الهادفة إلى الربح ودور العبادة. وقد تستبعد استثمارات الصناديق منتجات أو ممارسات بعينها مثل الكحول أو الأسلحة أو المنتجات المسببة للتلوث، أو إجراء التجارب على الحيوانات، أو القمار، أو قد تلجأ إلى التعرف النشط على الجوانب الإيجابية لدى المؤسسات التي تعتمد سياسات تتسم بالفاعلية من أجل حماية البيئة، وتتبع إجراءات توظيف عادلة وتبحث في العلاقة بين الأعمال والمجتمع. ويعد استبعاد مؤسسات التبغ القاسم المشترك بين الغالبية العظمى من السياسات الاستثمارية ذات المسئولية الأخلاقية أو الاجتماعية ومن المنتجات المرتبطة بها، حيث أصبحت الأعمال الخيرية التي تتميز بالتخطيط والإدارة الجيدة، بدءاً من رعاية المهرجانات الثقافية حتى إعداد البرامج التعليمية للفئات المحرومة وحماية البيئة، عنصرا ضروريا ضمن جميع خطط الأعمال الخاصة بالمؤسسات الكبيرة بشكل واقعي وعملي.
حيث أنه بدون عمل الأنظمة القانونية وآليات التنفيذ القوية لا يمكن طرح برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسات، أو ضمان الممارسات العادلة من جانب العاملين، أو إبرام عقود تجارية سليمة وواضحة، أو توفير الحماية للبيئة أو تحقيق أمان وجودة المنتج، وغالبًا ما ينظر إلى البيئة التي تطبق فيها الممارسات التجارية المسئولة على أنها قضية مسلم بها، والمشكلة في الدول المتقدمة لا تتعدى وضع الإجراءات التي تمارسها الشركات المسئولة موضع التنفيذ، أما في العالم النامي فإن وضع ميثاق الشرف الملائم أو أي برنامج خاص بالمسئولية الاجتماعية يعد معضلة، بل أن ضمان التنفيذ السليم لهذا البرنامج يمثل معضلة أكبر.
كما أن انتشار الفساد في المؤسسات يمكن أن يجعل الجهود التي تبذلها الشركة لكي تضطلع بمسئولياتها محفوفة بالمخاطر أيضًا، وهو يمثل أحد المعوقات الرئيسية للقيام بنشاط تجارى فعال على أسس أخلاقية، وقد يبدو للبعض أن الفساد هو إستراتيجية جيدة لإنجاز الأعمال، لكنه في الواقع يؤدى إلى ارتفاع التكاليف وازدياد الشكوك بشأن النظم الاقتصادية، ضعف الحماية لحقوق الملكية، وغياب العدالة والمنافسة في الأسواق وفقدان الأرباح.
والمزايا الناتجة عن تطبيق برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسات لن يستفيد منها جانب واحد فقط، ففي الأسواق الناشئة تدرك الشركات – وخاصة المصانع والقطاعات المسئولة عن توريد البضائع للأسواق الأوربية – مزايا تطبيق تلك المبادرات ؛ حيث أمكن لهذه المبادرات إجراء تحسينات يمكن تقديرها في صورة كمية وذلك في مجالات البنية الأساسية وعمليات التصنيع ، وسهولة الدخول إلى الأسواق والإنتاجية، وإدارة المخاطر. ونظرًا لأن المسئولية الاجتماعية يمكن أن تمثل عائقًا للتنمية في المناطق التي تفتقر إلى رؤوس الأموال، أو القدرات الفنية، أو مستويات التنمية اللازمة للارتقاء بمستوياتها كي تتماشى مع القوانين والإرشادات الدولية المتعلقة بالبيئة والممارسات الخاصة بالعاملين، يجب بذل الجهود لمساعدة دول العالم النامي على أن ترتقي بمستوياتها، وتصبح أكثر قدرة على المنافسة من خلال تزويدها بالأموال والخبرات الفنية اللازمة لوضع البرامج التي تتناول قضايا "المسئولية الاجتماعية للمؤسسات" الخاصة بهذه الدول. وعلى سبيل المثال تقوم إحدى المبادرات التابعة للبنك الدولي ويطلق عليهاthe CSR Practice Work Program بتطبيق مشروع للمساعدة الفنية ممول من أحد صناديق الاستثمار.

II-2-2 مسئولية المؤسسات الاجتماعية في التجربة العالمية
II-2-2-1 انتقال المؤسسات من المواقع الدفاعية إلى المبادرات الطوعية
إذا كانت مسئولية المؤسسات الاجتماعية قد تطورت تاريخيا تحت تأثير الضغوط الاجتماعية والضوابط الحكومية والإصلاحات التشريعية، فإن المؤسسات تحولت في العقود الأخيرة من المواقع الدفاعية التي غالبا ما جاءت كاستجابة للضغوط الخارجية على المؤسسات، إلى مواقع إيجابية قائمة على إدراك الترابط الوثيق بين الممارسات المسئولة اجتماعيا والأداء المالي الجيد للمؤسسة.
وفي هذا السياق فقد ازداد خلال العقد الأخير عدد الشركات الكبرى التي أدركت فوائد إدارة أعمالها وفق الممارسات المسئولة اجتماعيا، وقد تعززت خبرات هذه المؤسسات بدور عشرات الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي التي أكدت أن للمسئولية الاجتماعية للمؤسسات تأثير إيجابي على الأداء الاقتصادي لمجتمع الأعمال، وأنها لا تؤذي المساهمين بل في الواقع تعزز قيمة الأسهم ومكانة المؤسسة.
وبينما كان وجود ارتباط حقيقي مابين ممارسة النشاطات المسئولة اجتماعيا وبين الأداء المالي الجيد للمؤسسات موقع تساؤل وحتى تشكك، فقد أظهرت الدراسات الأكاديمية في مختلف البلدان المتقدمة وجود مثل هذا الارتباط الايجابي، فقد لاحظت إحدى الدراسات التي أجريت عام 1999 أن المؤسسات التي قامت بالالتزام بصورة معلنة بقواعد أخلاقية محددة قد فاقت في أدائها المؤسسات المثيلة ممن لم تعلن مثل هذا الالتزام، بمقدار 2 إلى 3 مرات، وذلك بالقياس إلى قيمة أسهمها السوقية.
ولقد اتخذت دراسة أخرى مؤشرا آخر هو حجم المبيعات السنوية أو الأرباح، حيث تبين أن المؤسسات التي تبنت مبادئ الأخلاقية والتزمت بمسئوليتها الاجتماعية قد حققت إنجازا ماليا أفضل من تلك التي لم تتبنى مثل هذه السياسات. وكانت جامعة هارفرد قد قامت بصورة متكررة بإجراء دراسة مقارنة للشركات، حيث أظهرت أن تلك التي تولي اهتماما متوازنا بمختلف فئات المستفيدين Stakholders قد حققت معدلات نمو أكبر بأربع (4) مرات من تلك المؤسسات التي حصرت اهتمامها بالمساهمين، وبالمثل فقد حققت معدلات نمو في التوظيف بلغ ثمانية مرات أعلى من المؤسسات التي ركزت على المساهمين فقط، وذهبت دراسات أخرى لترصد العلاقة مابين سلوك المؤسسات وأسعار البورصة، حيث لاحظت التأثير السلبي للتقارير المنشورة عن السلوك اللاأخلاقي للمؤسسات على أسعارها في البورصة.
لقد أدت سياسات المؤسسات المسئولة اجتماعيا ومبادراتها الرفيقة بالبيئة واهتمامها بتحسين ظروف العاملين إلى خفض تكاليفها، فقد أدت إلى تحسين إنتاجية المستخدمين، وساهمت عمليات إعادة التدوير إلى خفض نفقات التخلص من النفايات وخلقت مصادر عمل جديدة وصناعات قائمة على إعادة تدوير النفايات، ولاحظت دراسات أخرى أن المؤسسات التي تبنت برامج موجهة لتحسين ظروف معيشة المستخدمين، كالتأمينات والتسهيلات المختلفة قد أسهم في خفض مدد الغياب عن العمل، وحسنت قدرة المؤسسات على الاحتفاظ بالموظفين الأكفاء، وساهمت في زيادة الإنتاجية المتوسطة للعاملين، وقلصت بالتالي كلف التوظيف الجديد والتدريب.
ولقد بينت نتائج مسح أجريت على 150 شركة سنة 2007، أهمية المبادرات البيئية في برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسات، حيث طلب إلى المشاركين فيه وصف المبادرات البيئية التي تنخرط فيها مؤسساتهم حاليا، وقد وجد المسح أن 70% من الشركات تشارك بنشاط في مبادرات مختلفة مع أكبر عدد من الشركات الساعية لتقليل إجمالي استهلاكها من الطاقة.

شكل رقم (II-5): نسب المبادرات البيئية للمؤسسات

المصدر: الكتاب السنوي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، نظرة شاملة لبيئتنا المتغيرة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، 2008، ص 28.
بينت دراسات أخرى كذلك ل 391 شركة ألمانية سنة 2008 اتجاهات التبرعات والمساعدات المقدمة لمختلف الميادين، بالنسب المئوية التالية بالترتيب (73.1%) (69.3%) (%47.6) (%26.3) (25.3%) (%13.8) على القطاعات التالية:
شكل رقم (II-6): ازدياد أهمية تبرع المؤسسات في المجالات الاجتماعية

المصدر: هايكة فرايمان، قيم أخلاقية جديدة في الاقتصاد، مجلة Deutschland، العدد 04، سبتمبر 2008، ألمانيا،ص 12.
ولقد برهنت دراسات أخرى على أن جهود المؤسسات في مجال تحسين ظروف العمل وإشراك العاملين في عملية صنع القرار تؤدي في الغالب إلى زيادة الإنتاجية وتقليل الأخطاء، ووجدت أن برامج الرعاية الصحية تزيد إنتاجية العاملين وتخفض كلفة التغيب عن العمل أو تركه، وتقلل دعاوي الإصابة بالإعاقة أو الدعاوي الخاصة بالرعاية الصحية بنسبة 30%.
وبينما يصعب في العادة على المؤسسات استقطاب الكفاءات في الأسواق التي تتسم بضعف العرض من جانب القوى العاملة الكفأة، فإن المؤسسات التي ترتبط سمعتها بممارسات ملتزمة اجتماعيا تكون في موقع أفضل لاجتذاب الكفاءات والعمالة الماهرة، كما أنها تكون أقدر على الاحتفاظ بالعمالة، مما يعفيها م التكاليف المرتبطة بسرعة دوران العمل مثل إعادة التوظيف والتدريب.
أكثر من ذلك فقد برهنت دراسة على طلبة الماجستير في إحدى كليات إدارة الأعمال أن 50% من المستطلعين أعلنوا أنهم يقبلون راتبا أقل للعمل في شركة مسئولة اجتماعيا.
ومع تعاظم تأثير الإعلام وازدياد تدفق المعلومات وسهولة الحصول عليها في الوقت الحاضر، فإن المستهلكين باتوا أقدر على تمييز المؤسسات ذات السمعة الجيدة في مجال المسئولية الاجتماعية، وهو ما يعني أن المؤسسات ذات الاسم التجاري الجذاب بفعل السياسات المستجيبة اجتماعيا تستفيد من سمعتها الحسنة من أجل تنمية مبيعاتها وخلق التزام أقوى لدى الزبائن بسلعها وخدماتها. وبينما كانت الحكمة التقليدية تقضي بأن تسعى المؤسسات إلى إرضاء الزبائن من خلال حوافز ومزايا مادية محسوسة في السلعة والخدمة (السعر، النوعية، التغليف، الذوق، الأمان وتوفر السلعة أو الخدمة دونما انقطاع، وأن تأخذ بالاعتبار الاحتياجات المختلفة للزبائن) فإن الدراسات أظهرت بالمقابل أن المواطنين باتوا يأخذون بعين الاعتبار قيم ومعايير أخرى غير متجسدة في السلعة أو الخدمة ذاتها، لكنها تقف ورائها، ويمكن التعرف عليها بفعل الوعي المتزايد للمستهلكين والعملاء، حيث توصلت دراسة شملت 25 ألف مواطن ينتمون إلى 23 دولة، أن 90% من المستطلعين يطالبون المؤسسات بأن يتعدى تركيزها على الربحية نحو مجالات أخرى، وقال 60% من المستطلعين أنهم يتخذون رأيا من هذه المؤسسات انطلاقا من مدى استجابتها لمسئوليتها الاجتماعية تجاه الناس والمجتمعات المحلية والبيئية، وصرح 40% من المتطلعين أنهم لا يخفون رأيهم السلبي في المؤسسات التي اشتهرت بعدم التزامها بمبادئ المسئولية الاجتماعية.

II-2-2-2 مبادرات لتطوير المراقبة والمحاسبة والمعايير الخاصة بالمسئولية الاجتماعية للمؤسسات
يوجد في العالم اليوم عدد لا حصر له من المؤسسات والمبادرات والتقارير التي تقوم بتطوير قواعد ومعايير لقياس مدى استجابة المؤسسات لمسؤوليتها الاجتماعية، ولعل أقدم مبادرة لصياغة قواعد سلوك وتصرفات المؤسسات قام بها رجل الدين ليون سوليفان 1977 لتحديد طريقة القيام بأعمال تجارية في ظل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وقد طور سوليفان في عام 1999 ما عرف باسم "مبادئ سوليفان العالمية" وأهم أهدافها هي" دعم العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من قبل الشركات التي تقوم بأعمال تجارية، ودعم حقوق الإنسان وتشجيع تكافؤ الفرص في كل مستويات التوظيف والتشغيل، بما في ذلك مراعاة التنوع العرقي والاختلافات الجنسية في تشكيل لجان التعيين بالوظائف"، كما تدعم هذه المبادئ " تدريب وتطوير العمال المحرومين للحصول على فرص أفضل بين الناس، وتحسين نوعية حياة المجتمعات والعمال والأطفال وضمان المساواة والكرامة لهم".
وفي عام 1997 طور" التجمع من أجل اقتصاديات مسئولة بيئيا" CERES مبادرة لإصدار سلسلة من التقارير العالمية GRI وتتضمن إرشادات ومعايير عالمية حول المؤشرات الاجتماعية والبيئية لقياس استجابة المؤسسات لمسئولياتها الاجتماعية، وفي عام 1999 أصدرت GRI مسودة عامة تتضمن الخطوط العريضة لهذا التقرير. وطور مجلس وكالة تصديق الأولويات Cepaa معيار للمحاسبة الاجتماعية SA8000، وهو يغطي معايير برامج الإشراف ومراقبة التميز، الأجور، منافع العمل، ساعات العمل، الصحة والسلامة وحرية التجمع والتفاوض الجماعي وإدارة الأنظمة، وذلك للتأكد من أن السياسات والإجراءات والممارسات التي تقوم بها المؤسسات مهما كان موقعها الجغرافي أو حجمها، تتم بانسجام مع متطلبات ومعايير المحاسبة الاجتماعية.
وظهر في السنوات الأخيرة ما يسمى بمائدة كوكس المستديرة (CRT) نسبة إلى مدينة كوكس السويسرية، وتضم كبار رجال الأعمال في أوروبا واليابان وأميركا الشمالية، وتهدف إلى الارتقاء بالمبادئ الموجهة لقطاع الأعمال وتعزيز الإيمان بأن مجتمع الأعمال يمكن أن يلعب دورا حاسما في تطوير حلول دائمة وعادلة للقضايا العالمية الأساسية، أو التي تؤثر في محيط الإنسان البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
وقد أصدرت مائدة كوكس المستديرة وثيقة حملت عنوان (مبادئ الأعمال التجارية)، وهي تصوغ معايير للسلوك الأخلاقي والمسئول للشركات على النطاق العالمي.
وتتضمن هذه الوثيقة مبادئ حول التأثير الاجتماعي لعمليات الشركات على صعيد المجتمعات المحلية، وتنص على احترام القواعد الأخلاقية ودعم اتفاقيات التجارة متعددة الأطراف التي تقوم بتحرير رشيد للتجارة واحترام البيئة ومكافحة العمليات غير المشروعة، كالرشوة وغسيل الأموال وغيرها من الممارسات الفاسدة.
كما طور تحالف أصحاب المصالح والمستفيدين ومركزه واشنطن العاصمة، وهو تجمع للأفراد والمنظمات العاملة في مجال حماية البيئة والمستهلكين والمنظمات الدينية، طور معايير تتضمن المعلومات التي ينبغي على الشركات والتجمعات التجارية الكبيرة تقوم بتزويدها للمستفيدين على نحو منتظم وسنوي، وقد أطلقوا عليها اسم صن شاين (Sun Shine) وتغطي هذه المعايير طيفا واسعا من المعلومات التي تحتاجها الزبائن والموظفين والعاملين والمجتمعات المحلية، وكذلك المعلومات التي يحتاجها المجتمع الأمريكي على النطاق الوطني.
في اليابان طور اتحاد المنظمات الاقتصادية نوعا من الميثاق أسماه "ميثاق كيدانراين (Kedanren) لسلوك الشركات الجيد". وقد نصت النقطة العاشرة من الميثاق على أن المؤسسات التجارية عدا عن كونها هيئات اقتصادية منشغلة في تحقيق الربح من خلال التنافس الشريف، فإن عليها واجب أن تكون أيضا مفيدة للمجتمع ككل. وقد اتفق أعضاء (Kedanren) التي تضم أكثر من ألف مؤسسة تجارية يابانية على إتباع روح الميثاق المذكور باعتباره معيارا لسلوكهم المشترك.
ولعبت الأمم المتحدة أدوارا جديدة على هذا الصعيد، فمنذ أواسط التسعينات طالبت هذه المنظمات الشركات متعددة الجنسيات بالدخول في تحالفات من أجل تحمل مسئوليات ذات طبيعة عالمية، ولاسيما في البلدان النامية، وذلك من أجل التعجيل بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر والأمراض المستعصية وتحسين أوضاع البيئة.

II-2-2-3 المبادرات الدولية في نشر المسئولية الاجتماعية للمؤسسات
هناك عدد من المبادرات الدولية الهامة التي تستهدف دعم وترويج وتطوير المسئولية الاجتماعية للمؤسسات، من أهم هذه المبادرات ما يلي:
أ- الميثاق العالمي للأمم المتحدة
في عام 1999 صدر"الميثاق العالمي" (The Global Compact)، وهو مبادرة دولية دعت بمقتضاها الأمم المتحدة المؤسسات للتحلي بروح المواطنة المؤسسية، وزيادة مساهمتها في التصدي لتحديات العولمة، والمشاركة الطوعية في التنمية المستدامة، وقد تضمن هذا الميثاق عشرة مبادئ في نطاق حقوق الإنسان ومعايير العمل وحماية البيئة ومكافحة الفساد، وبالتوقيع على هذا الميثاق تؤكد المؤسسات على التزامها بمسئوليتها الاجتماعية وفقا لمبادئ هذا الميثاق.
وتستند المبادئ العشرة للمبادرة إلى مرجعية رئيسية عالمية الطابع هي:
• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إعلان منظمة العمل الدولية حول المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، إعلان ريو حول البيئة والتنمية. أما المبادئ العشرة فهي:
• حقوق الإنسان
1- على مشاريع الأعمال أن تدعم وتحترم حماية حقوق الإنسان العالمية في الحيز الذي تتمتع به هذه الأعمال بالنفوذ.
2- التأكد من أن قطاع الأعمال غير منخرط في أعمال مسيئة إلى حقوق الإنسان.
• معايير العمل
3- على مشاريع الأعمال أن تؤيد حرية التجمع والاعتراف الفعال بحرية المساومة الجماعية.
4- إنهاء جميع أشكال التشغيل القسري القائم على الجبر والقوة.
5- الإلغاء الفعال لعمالة الأطفال.
6- إلغاء التمييز والتعصب في التوظيف والمهن.
• البيـئة
7- على قطاع الأعمال أن يدعم الإجراءات الوقائية في مواجهة التحديات البيئية.
8- التعهد بأخذ مبادرات لتعزيز المسئولية البيئية.
9- تشجيع تطوير ونشر التكنولوجيا الرفيقة بالبيئة.
• محاربة الفساد
10- يتعين على الشركات أن تعمل على محاربة كافة أشكال الفساد، بما في ذلك الابتزاز والرشوة.

وتجدر الإشارة إلى عدم وجود معايير محددة للتعرف على مدى التزام المؤسسات بتنفيذ المبادئ العشر للميثاق العالمي، فقد تدعي المؤسسات الالتزام بها دون وجود أي معايير أو شواهد تدل على ذلك أو التأكد من تحقق هذا الالتزام، كما يرى البعض أن هذه المبادئ تتعلق بحقوق الإنسان وحقوق العمال والبيئة ومكافحة الفساد، ومن ثم لا يمكن أن يكون الالتزام بها طواعية، بل لابد أن يكون هناك نوع من الالتزام القانوني بها.

ب- إرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للشركات متعددة الجنسيات
((The OECD Guidelines for Multilateral Corporations
تمثل هذه الإرشادات التي صدرت عام 2001 أكثر أدوات المسئولية الاجتماعية للمؤسسات شمولا وتتمثل في التعليمات التي توجهها الحكومات إلى المؤسسات عابرة القارات والتي تعمل في البلدان التي التزمت بهذه التوصيات، وتهدف هذه التوجيهات إلى التأكد من أن هذه الشركات تحترم السياسات والنظم الاجتماعية السائدة في البلدان التي تعمل بها؛ وذلك لتشجيع المساهمة الإيجابية للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أجل تحقيق التنمية المستدامة. وتُعد هذه التوجيهات النظم متعددة الأطراف الوحيدة المتكاملة التي تحكم تصرفات الشركات عابرة القارات، وعلى الرغم من أن هذه التوجيهات غير ملزمة إلا أنها تفيد بدرجة كبيرة في توفير الثقة بين الشركات عابرة القارات من ناحية والبلدان التي تعمل بها والعاملين فيها من ناحية أخرى. وتغطي هذه التوجيهات حقوق الإنسان والإفصاح عن المعلومات ومكافحة الفساد والضرائب وعلاقات العمل والبيئة وحماية المستهلك وحماية المنافسة .
ت- الإعلان ثلاثي الأطراف للمبادئ المتعلقة بالشركات عابرة القارات والسياسة الاجتماعية لمنظمة العمل الدولية
)The ILO Tripartite Declaration of Principles concerning Multinational Enterprises and Social Policy(
صدر هذا الإعلان عام 1977 بهدف تشجيع المساهمة الإيجابية للشركات عابرة القارات في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي تعمل بها وتقليل الصعوبات التي تواجهها هذه الشركات خلال تأدية عملها، وقد تضمن هذا الإعلان المبادئ المتعلقة بالجوانب الاجتماعية لنشاط هذه الشركات والتي يتعين عليها وعلى كل من الحكومات ومنظمات العمال احترامها، وتشمل هذه المبادئ رفع مستوى التشغيل في البلدان المضيفة ومراعاة المساواة في المعاملة وإتاحة فرص التشغيل وتوفير عنصر الاستقرار والآمان للمشتغلين وتشجيع التدريب وتوفير ظروف مواتية للمعيشة والعمل والاهتمام بالعلاقات الصناعية، وتتسم هذه المبادئ أيضا بأنها غير إلزامية وأن تطبيقها يكون على نحو تطوعي، وقد تم تعديل هذا الإعلان أكثر من مرة ليتواكب مع المبادئ التي تتبناها منظمة العمل الدولية ولتجديد الالتزام بمبادئ الإعلان الأساسية.
وقد أطلقت منظمة العمل الدولية خلال 2006 و 2007 مبادرة جديدة للتأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه المنظمة في تشجيع الشركات عابرة القارات على الالتزام بمبادئ الإعلان الثلاثي كأساس لسياستها الخاصة بالمسئولية الاجتماعية للمؤسسات وللبرامج التي تقوم بتنفيذها في هذا الإطار، كما تسعى المنظمة من خلال هذه المبادرة إلى توفير معلومات كافية عن تجارب البلدان والشركات المختلفة في مجال المسئولية الاجتماعية لرأس المال وتدريب الشركات في هذا المجال وتبادل الخبرات وتسهيل الحوار بين المنظمات الأخرى المعنية بهذا الموضوع .
ث- برنامج محاضرات البنك الدولي عن المسئولية الاجتماعية لرأس المال وتأثيرها على تنافسية الشركات
يقدم البنك الدولي من خلال شبكة المعلومات الدولية برنامجا للمحاضرات عن نماذج المسئولية الاجتماعية للمؤسسات والممارسة العملية للشركات في هذا المجال وتأثيرها على تنافسيتها، وقد استفاد من هذا البرنامج التدريبي 20 ألف مشارك من تسعين بلدا، ويرجع اهتمام البنك الدولي بتقديم برامج تدريبية عن المسئولية الاجتماعية للمؤسسات إلى عدم توافر المهارات والكفاءات لدى الشركات في البلدان النامية، خاصة الشركات المحلية، لتمكينها من الاضطلاع بمسئوليتها الاجتماعية.
وما شهدناه من ازدياد الاستثمار في الطاقة المستدامة على النطاق العالمي خلال السنوات السابقة، وهو مستمر في جذب رؤوس أموال كبيرة في كل مراحل دورة حياة التمويل، خير دليل على نجاح المبادرات الدولية كما هو مبين في الشكل التالي:
شكل رقم (II-7): الاستثمار العالمي في الطاقة المستدامة 2004-2007 (مليار دولار)

المصدر: الكتاب السنوي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، نظرة شاملة لبيئتنا المتغيرة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، 2008، ص 26.




II-2-3 محفزات تطبيق المسئولية الاجتماعية وآليات تنظيمها

II-2-3-1 المزايا المترتبة على التزام المؤسسات بمسئوليتها تجاه المجتمع
في ظل تزايد الاهتمام بمفهوم المسئولية الاجتماعية للمؤسسات، يثور التساؤل حول الأسباب التي تشجع المؤسسات على الالتزام بهذه المسئولية خاصة في ضوء ما تنطوي عليه من أعباء مالية ومادية، وتشير التجارب الدولية إلى أن المزايا التي تعود على المؤسسات تتمثل فيما يلي:
• تحسين سمعة المؤسسات وعلاقتها التجارية والتي تُبنى على أساس الكفاءة في الأداء، والنجاح في تقديم الخدمات، والثقة المتبادلة بين المؤسسات وأصحاب المصالح ومستوى الشفافية الذي تتعامل به هذه المؤسسات، ومدى مراعاتها للاعتبارات البيئية واهتمامها بالاستثمار البشري، ويسهم التزام المؤسسات بمسئوليتها الاجتماعية بدرجة كبيرة في تحسين سمعتها.
• تسهيل الحصول على الائتمان المصرفي خاصة في ضوء استحداث بعض المؤشرات التي تؤثر على القرار الائتماني للبنوك. وتتضمن هذه المؤشرات مؤشر داو جونز للاستدامة(Sustainability Index Dow Jones) والذي أُطلق عام 1999 ويُعنى بترتيب الشركات العالمية وفقا لدرجة مراعاتها للأبعاد الاجتماعية وللاعتبارات البيئية خلال ممارستها لنشاطه الاقتصادي.
• استقطاب أكفأ العناصر البشرية وزيادة القدرة على الاحتفاظ بهم، حيث يمثل التزام المؤسسات بمسئوليتها تجاه المجتمع الذي تعمل به عنصر جذب أمام العناصر البشرية المتميزة خاصة بالنسبة للشركات عابرة القارات أو كبرى الشركات المحلية التي تعمل في مجالات متخصصة وتستخدم تكنولوجيا حديثة.
• بناء علاقات قوية مع الحكومات مما يساعد في حل المشكلات أو النزاعات القانونية التي قد تتعرض لها المؤسسات أثناء ممارستها لنشاطها الاقتصادي، فالأخيرة تكون أكثر استعدادا لمنحها مزايا و أفضليات إضافية مثل الإعفاءات والتخفيضات على الرسوم والضرائب بدلا من إخضاعها للرقابة الصارمة.
• حسن إدارة المخاطر الاجتماعية التي تترتب على قيام المؤسسات بنشاطها الاقتصادي، خاصة في إطار العولمة. وتتمثل هذه المخاطر في الالتزام البيئي واحترام قوانين العمل وتطبيق المواصفات القياسية، والتي تمثل تحديا للمؤسسات خاصة الصغيرة والمتوسطة.
• رفع قدرة المؤسسات على التعلم والابتكار.
• تحسين الأداء المالي للمؤسسة.
• تقليل التكاليف التشغيلية.
• زيادة المبيعات وولاء المستهلكين بزيادة الإنتاجية وتحسين نوعية المنتوج.
• زيادة قدرة المؤسسة على جذب المستثمرين.
ولذلك نلاحظ زيادة النمو في الإبلاغ عن المسئولية الاجتماعية من قبل المؤسسات عبر السنوات كما هو مبين في الشكل التالي:
شكل رقم (II-8): النمو في الإبلاغ عن المسئولية الاجتماعية للمؤسسات ما بين 1993-2006

المصدر: الكتاب السنوي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، نظرة شاملة لبيئتنا المتغيرة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، 2008، ص 29.
حيث تشمل البيانات أعلاه 13621 تقريرا من 3694 مؤسسة مختلفة عبر 91 بلدا، وهي عبارة عن إحصاءات لسنة 2007 من قبل الأمم المتحدة لبرنامجها في المحافظة على البيئة.

II-2-3-2 تنظيم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة
يثير تنظيم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة جدلا واسعا، حيث إن هناك اتجاهين متعارضين في هذا الشأن. ينادي الاتجاه الأول بضرورة وضع إطار تنظيمي لبرامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسة وذلك للحد من سوء استخدام الموارد البشرية، من حيث عدم المساهمة في رفع إنتاجيتها أو منحها حقوقها أو سوء توظيفها، والقضاء على الفساد والمحافظة على حقوق الإنسان وعلى البيئة. وفي هذه الحالة سوف تلتزم المؤسسات بالقوانين المنظمة للمسئولية الاجتماعية للمؤسسة وتسعى لتبني البرامج الفعالة في هذا المجال مما يؤدي إلى زيادة أرباحها ويعزز نموها واستدامتها، ومن ثم يمثل الإطار التنظيمي للمسئولية الاجتماعية للمؤسسة إحدى الأدوات التي تستطيع الدولة أن تستخدمها لتشجيع المؤسسات على القيام بدورها في هذا المجال بالإضافة إلى رفع درجة الوعي لديها بأهمية هذه البرامج وتوفير الحوافز المادية والمعنوية، ويؤيد هذا الرأي اهتمام المنظمات الدولية بإصدار المواثيق والتعليمات والإعلانات التي تشجع المؤسسات على الالتزام بالمسئولية الاجتماعية للمؤسسة من خلال توقيعها على هذه المواثيق أو إتباع التعليمات المختلفة. ويجد هذا الاتجاه تأييدا في البلدان الأوروبية خاصة إنجلترا، حيث تبنى رئيس الوزراء الأسبق توني بلير مبادرة لتشجيع المؤسسات على تحمل مسئوليتها الاجتماعية، واستحدث وزارة للمسئولية الاجتماعية عام 2000. وقد تبع هذا الاتجاه كل من بلجيكا وهولندا وفرنسا وألمانيا، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد عرّف المسئولية الاجتماعية على أنها عمل تطوعي لا يجب أن تتدخل الحكومات في تنظيمه.
بينما يرى الاتجاه الآخر، والسائد في عدد من البلدان النامية، أن تنظيم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة من خلال وضع القواعد وسن القوانين سيجعل التزام المؤسسات لا يتعدى ما هو مطلوب منها وفقا للقانون دون أي زيادة في البرامج قد تكون المؤسسات على استعداد لتنفيذها. فضلا عن ذلك، فإن هذا التنظيم قد يؤدي إلى مزيد من البيروقراطية ويرفع تكلفة المسئولية الاجتماعية على النحو الذي يؤثر سلبا على الأرباح واستدامتها.
كما يرى البعض أن برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسة تختلف من مؤسسة لأخرى ولا يمكن وضع قواعد عامة أو قوانين موحدة لتنظيمها. وبصفة عامة فإن الغالبية العظمى من المؤسسات تنادي بضرورة المحافظة على الطبيعة التطوعية للمسئولية الاجتماعية للمؤسسة وعدد قليل منها يؤيد عملية التنظيم من خلال القوانين والإجراءات .
وقد يكون من الأفضل التعامل مع هذا الموضوع في إطار خصوصية كل بلد، فقد لا تحتاج البلدان المتقدمة والشركات عابرة القارات إلى سن قوانين خاصة بالمسئولية الاجتماعية لرأس المال في ضوء ارتفاع درجة الوعي بأهمية هذا المفهوم وقدرة الشركات على القيام بالدور الاجتماعي المنوط بها. أما البلدان النامية، حديثة العهد بمفهوم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة والتي تتسم بسيطرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على النشاط الاقتصادي وارتفاع حجم القطاع غير الرسمي، فقد يكون من الأجدى سن بعض القوانين أو وضع بعض القواعد لكي تستطيع مواجهة التحديات الإستراتيجية والمتمثلة في التطورات الاقتصادية والسياسات الدولية ولعل أبرزها هي ظاهرة العولمة وما ينتج عنها من إفرازات ومعطيات متعددة تؤثر على فاعليتها.

II-2-3-3 تقييم أثر برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسة
هناك قصور في مجال الدراسات التي تتناول تقييم أثر المسئولية الاجتماعية للمؤسسات سواء على المؤسسات التي تمارسها أو على مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويرجع ذلك لعدد من الأسباب من أهمها صعوبة تقييم أثر برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسات على بعض المتغيرات مثل أسعار الأسهم أو القيمة السوقية أو الاقتصادية للشركات أو العائد على الاستثمار، وغيرها من المتغيرات وصعوبة قياس المسئولية الاجتماعية، وامتداد تأثيرها لبعض العوامل التي لا يمكن قياسها. حيث يتوقف نجاح بعض الشركات وقدرتها على تحقيق أرباح مرتفعة على سمعتها، وتعتمد هذه السمعة بالإضافة إلى العوامل المادية مثل الاهتمام برأس المال البشري والمحافظة على البيئة، على بعض العوامل غير المادية مثل الثقة والجودة والاستمرارية والشفافية والمسئولية، التي يصعب قياسها أو تقديرها كميا، فضلا عن ضرورة اعتماد هذا النوع من التقييم على الدراسات الميدانية والاستقصاءات.
كما أوضحت دراسات أخرى وجود علاقة إيجابية بين الالتزام البيئي وإنتاجية المؤسسات وكفاءتها في استخدام الموارد. وقد توصلت هذه الدراسات إلى أن نجاح برامج المسئولية الاجتماعية للمؤسسات يتوقف على قدرة الحكومات على توفير بيئة أعمال مواتية وعلى ما تفرضه من ضرائب وعلى مرونة قوانين العمل كما تؤكد بعض الدراسات على أن الأداء المالي للمؤسسات يؤثر أيضا على قدرتها على تحمل مسئوليتها الاجتماعية .
وبصفة عامة فإن هذه الدراسات حاولت تقييم الأداء الاقتصادي للمؤسسات من خلال المقارنة بين أرباح المؤسسات التي تلتزم ببرامج المسئولية الاجتماعية وأرباح المؤسسات التي لا تلتزم بهذه البرامج. وتتبنى هذه الدراسات فكرة أن المؤسسات المحلية والعالمية تسعى لتبني برامج للمسئولية الاجتماعية إذا فاقت الأرباح المرتبطة بهذه البرامج التكلفة المترتبة عليها، وتتمثل هذه الأرباح في تحسين سمعتها، وقدرتها على رفع أسعارها في ضوء إقبال المستهلكين على شراء منتجاتها التي تتسم بتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية الأخرى مثل منع عمالة الأطفال أو احترام حقوق العاملين، وجذبها لأفضل عناصر رأس المال البشري.
بينما ترى دراسات أخرى أن هذه العلاقة سلبية، بسبب ارتفاع تكلفة تحمل المسئولية الاجتماعية نتيجة ارتفاع تكلفة التبرعات التي تدفعها المؤسسات سواء للأعمال الخيرية أو لدعم جهود التنمية المحلية والمجتمعية، أو تكلفة التخلي عن إنتاج منتجات معينة (كالمبيدات مثلا) بسبب اعتبارات بيئية. وهناك مجموعة أخرى من الدراسات التي لم تجد أية علاقة بين أرباح الشركات واضطلاعها بمسئوليتها الاجتماعية ويرجع البعض التضارب في نتائج الدراسات المختلفة إلى مشكلة سوء توصيف للمعادلات التي تم تقديرها، حيث إن بعض المتغيرات التي تؤثر على العلاقة بين المسئولية الاجتماعية للمؤسسات والمؤشرات المالية للمؤسسات لم تؤخذ في الاعتبار عند التقدير لصعوبة قياسها أو لعدم توافر بيانات عنها. وإذا أُخذت هذه المتغيرات في الاعتبار لتغير شكل العلاقة.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه تقييم أثر المسئولية الاجتماعية للمؤسسات إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تستخدمها الشركات لقياس درجة نجاح برامج المسئولية الاجتماعية التي تتبناها، ويمكن تقسيم هذه المؤشرات إلى أربع مجموعات رئيسية:
أ- مؤشرات ترتيب الشركات وفقا لمسئوليتها الاجتماعيةRating indices) تضم هذه المؤشرات مؤشر داو جونز للاستدامة المالية؛ ومؤشر الأسواق المالية التابع للفايننشيال تايمز FTSE4Good الذي تصدره سوق الفايننشيال تايمز المالية The Financial Times Stock Exchange ويقوم بقياس مدى التزام الشركات بالمعايير البيئية وبمبادئ حقوق الإنسان.
ب- مبادئ وقواعد الممارسة: وتمثل المبادئ التوجيهية التي تقوم المؤسسات التي تطبق برامج للمسئولية الاجتماعية بإتباعها لتقييم أدائها، وتشمل هذه المبادئ والقواعد قيام المؤسسات بتقييم داخلي أو خارجي رسمي أو غير رسمي لأدائها. وتستخدم مبادئ الميثاق العالمي أو قواعد مبادرة التجارة الأخلاقية أو مبادئ سوليفان العالمية للتقييم الداخلي، بينما تستخدم المؤسسات مبادئ منظمة الصحة العالمية أو صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتقييم الخارجي غير الرسمي ومبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للتقييم الخارجي الرسمي.
ت- مبادئ وقواعد نظم الإدارة وإصدار الشهادات: تُستخدم هذه المبادئ للقيام بفحص المؤسسات وإصدار الشهادات التي تفيد التزامها بمسئوليتها الاجتماعية، وتساعد هذه المبادئ على مساعدة المؤسسات على تقييم برامج المسئولية الاجتماعية التي تقوم بتنفيذها، خاصة تلك المتعلقة بالبيئة. كما أن الشهادات التي تحصل عليها المؤسسات تزيد من ثقة المتعاملين مع المؤسسة من عملاء وموردين وغيرهم، ومن أمثلة هذه المبادئ والشهادات نظم مراجعة الإدارة البيئية Eco-Management and Audit Schem(EMAS) ومعايير الاتحاد الأوروبي للعلامات البيئية (EU Eco-Label Criteria) ومبادئ مجلس إدارة الغابة Forest Stewardship Council’s (FSC) والذي يضم مبادئ ومعايير إدارة الغابات؛ ومبادئ المسئولية الاجتماعية (Social Accountability 8000 (SA8000)والذي يُعنى بالمبادئ المتعلقة بالعمالة.
ث- أطر المحاسبة وإعداد التقارير: على الرغم من أن هذه المبادئ لا تقدم تقييما للمسئولية الاجتماعية للمؤسسة إلا أنها تُستخدم كوسيلة لإعداد التقارير التي تُعرض على أصحاب المصالح فيما يتعلق بالأداء البيئي والاجتماعي للمؤسسة لكي يبين للمتعاملين بأن المؤسسة تتحمل مسئولياتها، وهو يلعب دور كبير في سياسة التنمية المستدامة بالنسبة للمؤسسة.
ويتكون النموذج من مصفوفة للمدخلات والمخرجات تُستخدم لتقييم إنجازات المؤسسات في مجال المسئولية الاجتماعية، حيث تقدم المؤسسات بيانات ومعلومات عن التكلفة التي تتحملها لتنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية وكذا العائد من هذه البرامج، وتتضمن المعلومات المقدمة من المؤسسات عن تكلفة برامج المسئولية الاجتماعية التكلفة المالية والوقت الذي يستغرقه تنفيذ هذه البرامج فضلا عن النفقات العينية الأخرى، وتسمح هذه المصفوفة للمؤسسات بالإفصاح عن الأسلوب المتبع في تنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية والأسباب التي تدفعهم إلى تبنيها.

وفي أفريل 2006 قامت الهيئة المالية الدولية (International Financial Corporation (IFC)) بإجراء مسابقة بين كبرى بيوت الخبرة والمراكز الاستشارية لبناء مؤشر لقياس الأثر المالي ودرجة المخاطرة المتعلقة بالقضايا البيئية والاجتماعية على الشركات المسجلة في إحدى البورصات الناشئة وهي البورصة الهندية، وقد فاز في هذه المسابقة التحالف المكون من مؤسسة ستاندرد آند بورز(Standard and Poor’s) والشركة المحدودة لخدمات المعلومات الخاصة بتقييم الأهلية الائتمانية للشركات بالهند (Credit Rating Information Services of India Limited (CRISIL))، وشركة الأبحاث التحليلية "كيه ال دي" (KLD Research and Analytics, Inc.). وقام هذا التحالف بتكوين مؤشر "معايير البيئة والمجتمع والحوكمة" Environmental, Social and Governance Index (ESG)) للشركات الهندية الذي صدر في يناير 2008.
واستند المؤشر إلى عدة افتراضات منها أن تقييم الشركات يتم وفقا للقواعد المالية المعتادة بالإضافة إلى بعض المعايير البيئية والاجتماعية الأخرى، كما افترض أن الشركات تسعى لتعظيم أرباحها في ضوء نسبة محددة من المخاطر، كما أن أخذ النواحي البيئية والاجتماعية في الاعتبار من شأنه أن يجعل هذه الشركات تستهدف تحقيق مصالح كل المتعاملين معها وليس فقط حملة الأسهم ولكن العاملين بالشركات وعملائها ومورديها فضلا عن المجتمع المحلي والمجتمع ككل، ويركز المؤشر على الأثر المتوقع لنشاط الشركات في كل من الأجل القصير والطويل .
وقد تم اختيار 50 شركة من أكبر 500 شركة مسجلة بالبورصة الهندية والتي تنطبق عليها المعايير التي تم على أساسها بناء المؤشر، الذي تم احتسابه لمدة 3 سنوات لكل شركة، بحيث لا يقل حجم تعاملات كل شركة عن 20 مليون روبية هندية في العام السابق على التقييم، ثم تم ترتيب الشركات تنازليا وفقا لهذا المؤشر، ويتم حساب المؤشر سنويا ويُراجع كل ثلاثة شهور، ولا يتم استبعاد الشركات عن التقييم إذا انخفضت قيمة المؤشر الخاص بها في حدود 10 % من ترتيبها في العام السابق، ويغطي المؤشر القطاعات التالية: المواد الخام 23,87 % وتكنولوجيا المعلومات 16,49 % والوساطة المالية 14,75 % والسلع الاستهلاكية 9,02 % والسلع الكمالية 8,8 % والصحة 8,6 % والصناعة 6,29 % والطاقة 5,91 % والمرافق 3,96 % والاتصالات 2,4 %.
تعتمد المنهجية المتبعة في تقدير المؤشر على ثلاثة محاور رئيسية: (1) استقصاء رأي الشركات، (2) تحليل نوعي لبيانات الشركات المنشورة في وسائل الإعلام والتي يتم الحصول عليها من المصادر الحكومية ومن المجتمع المدني، (3) فحص التقارير السنوية للشركات وتقارير الاستدامة المالية وغيرها التي تقوم الشركات بإعدادها ونشرها، ويتضمن المؤشر 127 مؤشر فرعي للحوكمة و 70 مؤشرا فرعيا بيئيا واجتماعيا. حيث تتضمن مؤشرات الحوكمة حقوق المساهمين والمراقبة المالية والعمليات التي تقوم بها الشركات والمؤشرات المالية والسير الذاتية لأعضاء مجلس الإدارة والإدارة العليا وهيكل الملكية وأخلاقيات العمل المتضمنة في لوائح الشركات، وتشتمل المؤشرات البيئية والاجتماعية على بيانات خاصة بالبيئة والعاملين بالشركات والمتعاملين معها والمنتجات التي ينتجونها وكذا المجتمع الذي يعملون به.
وتمر عملية تقدير المؤشر بثلاث مراحل: يتم خلال المرحلة الأولى، والتي يطلق عليها مرحلة الشفافية والكشف (Transparency and Disclosure)، إعطاء المؤشرات السابق ذكرها قيم واحد أو صفر، ويتم توزيع الأوزان النسبية لهذه المؤشرات على أساس 50% لمؤشرات الحوكمة و 50% للمؤشرات البيئية والاجتماعية، أما المرحلة الثانية فتتعلق بالتحليل النوعي لمؤشرات الحوكمة والمؤشرات البيئية والاجتماعية حيث يتم إعطاء ترتيب لمؤشرات الشركات على مقياس من 1 إلى 5 بحيث تحصل الشركة على الترتيب الخامس إذا لم تكن هناك معلومات سلبية عن المؤشر الذي يتم تقييمه، وخلال المرحلة الثالثة يُجرى استقصاء للشركات للتأكد من رغبتها في تبني سياسة لمزيد من الشفافية والإفصاح وللتعرف على حدود هذه الرغبة.
مما سبق يتضح أن معظم هذه المؤشرات تُعنى بأحد محاور التنمية المستدامة الثلاثة: المحور الاجتماعي والمحور البيئي والمحور الاقتصادي، حيث ترتبط مبادئ وقواعد ممارسة المسئولية الاجتماعية للمؤسسة بالمحور الاجتماعي، بينما تُعنى مبادئ وقواعد نظم الإدارة بالبعد البيئي أما النوعين الأخيرين من المؤشرات فيرتبطان بالأبعاد الثلاثة، أو ما يطلق عليه الحد الأدنى ثلاثي الأبعاد للتنمية المستدامة.











خلاصة الفصل
لا يعد مفهوم المسئولية الاجتماعية للمؤسسة مفهوما جديدا، بحيث تطورت من خلال الضغوط المتزايدة للزبائن والموردين والموظفين والمجتمع المحلي والمستثمرين وأصحاب المصالح المسئولية، وتقوم بمقتضاها المؤسسات بتضمين اعتبارات اجتماعية وبيئية في أعمالها وفي تفاعلها مع أصحاب المصالح على نحو تطوعي، على أساس المزايا المترتبة من وراء تجسيده، وهي تمثل الالتزام بالمساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة، وبذالك كان على المؤسسات معرفة كيفية تجسيدها داخلها، حساب وقياس العوائد المترتبة من جراء العمل والالتزام بتطبيقها، وهذا ما تطرقنا له بالتفصيل في الفصل الثالث.