منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مناقشة علمية حول الحاكمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-05-18, 22:47   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على الإجابة.
أقول:

أولا:
كلامك غير صحيح ولا يستقيم ألبتة فدعوى أن كل من نازع الله تعالى في خصائص ربوبيته كفر (هكذا دون تفصيل) مخالف للأدلة الشرعية
فإن منازعة الله سبحانه فيما اختص به وانفرد به عن عباده ليس كله كفرًا بإطلاق، بل هو على قسمين:
الأول: ما يكون كفرًا وشركًا مخرجًا من الملة بإطلاق ودون تفصيل: كادعاء استحقاق العبادة، أو القدرة على الإحياء والإماتة، أو ادعاء علم الغيب، ونحو ذلك.
الثاني: ما يكون فيه التفصيل، أو التفريق بين المستحل وغير المستحل، فالخلق والتصوير من خصائص ربوبية الله سبحانه، ومنازعته في هذه الصفة من غير استحلال ليس بكفر باتفاق أهل السنة، وقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي؟ فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة)).
قال القرطبي في "المفهم" (5/432): "وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علق من حيث تشبهوا بالله تعالى في خلقه، وتعاطوا مشاركته فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع".
ومما يؤكد أن المصورين ينازعون الله ما انفرد به من صفات وحقوق، حديث عائشة -المتفق على صحته- قالت: ((دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه هتكه، وتلون وجهه وقال: يا عائشة، أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)).
ومع أن المصورين ينازعون الله ما انفرد به، فإن أهل السنة لَمْ يكفروا منهم إلا من استحل أو قصد العبادة والمضاهاة، أما من لَمْ يستحل ولَمْ يقصد العبادة والمضاهاة فهو فاسق مرتكب لكبيرة، وليس بكافر.
يقول النووي -رحمه الله- في شرحه لمسلم (13/81): "تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه بِهَذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى".
وكذلك العز والعظمة والكبرياء من أوصاف الله تعالى الخاصة به التي لا تنبغي لغيره، فيما يقول القرطبي في "المفهم" (6/607). كما في حديث أبي سعيد وأبي هريرة في صحيح مسلم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته)).
قال شيخ الإسلام ابن تيميةالعظمة والكبرياء من خصائص الربوبية والكبرياء أعلى من العظمة ولهذا جعلها بمنزلة الرداء كما جعل العظمة بمنزلة الازار»[مجموع الفتاوى(10/196)].
وأهل السنة كافة لا يكفرون من يستعظم نفسه، ويحتقر غيره ويزدريه تكفيرًا مطلقًا بغير تفصيل...
والخلاصة: إن ثمة أوصافًا إلهية انفرد الله بِهَا دون خلقه، كالكبرياء والعظمة والخلق والتصوير، وأهل السنة لَمْ يكفروا المنازع له فيها بإطلاق، وإنما سلكوا منهج التفصيل كما مر آنفًا، فكذلك التشريع والحكم لا يكفر من نازع الله فيهما إلا من استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو استحل تشريع ما لَمْ يأذن به الله.

السؤال : هل توافق على هذا التقسيم؟

ثانيا:يلزمك إذن تكفير صاحب المعصية لأنه شرع لنفسه المعصية وعمل بها فلا فرق بين هذا وذاك فالأول شرعها وكتبها في دستور والثاني شرعها في ذهنه وعمل بها.
ويلزمك تكفير رفيق السوء الذي يقنن الذنب لصحابه ويزينه له فهذا شرع لصديقه الذنب بالقول دون الكتابة والآخر شرعه بالكتابة فلا فرق.
ويلزمك تكفير من يحكم بغير ما أنزل الله في الواقعة (المسألة الواحدة)) لأنه نازع الله-كما تقول أنت- في خاصية من خصوصياته وهي الحكم.ولأ أظنك تقول بهذا لأنه مخالف للإجماع كما لا يخفى مثلك.
ويلزمك تكفير المبتدع كذلك فإن المبتدع -كما يقول الشاطبي-: "قد نزل نفسه مَنْزلة المضاهي للشارع؛ لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سننها، وصار هو المنفرد بذلك؛ لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون، وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لَمْ تَنْزل الشرائع، ولَمْ يبق الخلاف بين الناس، ولا احتيج لبعث الرسل -عليهم السلام- فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرًا ومضاهيًا حيث شرع مع الشارع))الاعتصام (1/50-51).











رد مع اقتباس