منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - هنا تجد المقالات المتوقعة لـ باكالوريا 2013
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-03-27, 20:51   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
amine 2012
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم النظام الاشتراكي ؟
الطريــقة : جدلية
طرح المشكلة:
الاقتصادهو العلم الذي يدرس كل ما يتعلق بالنشاط الإنساني المؤدي إلى خلق المنافعوزيادتها أو هو علم تنظيم الثروة الطبيعية و البشرية إنتاجا و توزيعا واستهلاكا.لكن النظم الاقتصادية اختلفت ماضيا باختلاف موقعها من الملكيةوما يصل بها من حيث النوع والحقوق و الواجبات فهناك من حيث النوع قسمان ،ملكية فردية : وهي التي يكون فيها المالك معنيا ، وملكية جماعية وهي التي يكون فيها المالك معنويا أي معين في شخص بعينه كالدولة و العشيرة و القبيلة ومن هنا : فقد اختلف جمهور الفلاسفة في تحديد النظام الاقتصادي الذي يحقق ازدهاراً اقتصادياً و بالتالي نتساءل : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم أن هناك نظاما آخر كفيل بذلك ؟ .

محاولة حل المشكلة:
الموقف الأول :
يرىأنصار النظام الليبراليـ الرأسماليـ وهم العالم الاقتصاديآدم سميثفي كتابهبحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمموبعده عدد من المفكرين الفرنسيين في القرن التاسع عشر أمثالساي Jean Babtiste Sayودونوايي Dunoyerوباستيا Bastiat، وهم في الجملة يزعمون أن قوانين الاقتصاد السياسي تجري على أصول عامة وبصورة طبيعية كفيلة بسعادة المجتمع و حفظ التوازن الاقتصادي فيه و أن هذا الأخير كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة .
و يستندون في ذلكإلى حجج و براهين أهمها : أن الاقتصاد الليبرالي مؤسس على تصوررومانيللحقوق يجعل من الملكية حقا مطلقا لا تحده حدود . فهو يقوم على الإيمان بالفرد إيمانا لا حد له و بأن مصالحه الخاصة تكفل – بصورة طبيعية – مصلحة المجتمع في مختلف الميادين ، وأن الدولة ترمي في وظيفتها إلى حماية الأشخاص والدفاع عن مصالحهم الخاصة ولا يحق لها أن تتعدى حدود هذه الغاية في نشاطها ، كما أنه لا بد أن تقر بالحرية الاقتصادية وما يتبعها من حريات سياسية وفكرية و شخصية ، فتفتح الأبواب وتهيأ الميادين بحيث يجوز للفرد التملك والاستهلاك والإنتاج بكل حرية ، وانتهاج أي طريق لكسب المال و مضاعفته على ضوء مصالحه الشخصية . و ذلك ما تلخصهالملكية الفردية لوسائل الإنتاجفللفردالحرية التامة في امتلاك الأراضي و المباني و الآلات و المصانع ووظيفةالقانون في المجتمع الرأسمالي هي حماية الملكية الخاصة و تمكين الفرد منالاحتفاظ بها. و كذا المنافسة الحرة التي تضمن النوعية و الكمية و الجودة بالإضافة إلىعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية من جهة تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج حتى لا تعيق النشاط الاقتصادي،فمتى تدخلت الدولة في تحديد الأسعار مثلا والأجور والمعاملات التجارية خلقت معظم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فلا بد من أن تترك القوانين الاقتصادية تسير على مجراها الطبيعي و بذلك ينظم الاقتصاد نفسه ويهدف إلى خير المجتمع ،إن المصلحة الخاصة هي أحسن ضمان للمصلحة الاجتماعية العامة وأن التنافس يكفي وحده لتحقيق روح العدالة الاجتماعية ، فالقوانين الطبيعية للاقتصاد كفيلة بحفظ المستوى الطبيعي للثمن بصورة تكاد تكون ميكانيكية يلخصهاقانون العرض و الطلبوهو القانون الطبيعي الذي ينظم الاقتصاد و يضبط حركة الأسعار و الأجوروالذي من شأنه أن يقضي على الكسل و الاتكالية و التشجيع على العمل والمنافسة ففي مجال الإنتاج إذا زاد العرض قل الطلب فصاحب المصنع مثلا يخفضفي الإنتاج لإعادة التوازن و ذلك ما يؤدي الى زيادة الطلب، و في مجالالأسعار إذا تعدى الثمن حدوده الطبيعية انخفض الطلب مما يؤدي الى كسادالسلع بالتالي انخفاض الأسعار مرة أخرى.كذلك أجور العمال فإنها تخضع لنظام طبيعي مماثل ، لو كانت منخفضة في مهنة فإن الترشيح فيها ينقص وإذا هي ارتفعت ارتفع ، ولكنها إذا ارتفعت بصورة غيرعادية قام تنافس بين عدد كبير من العمال طلبا للعمل ، وهذا التنافس يخفض الأجور ، إن القضاء على التنافس كما يقولباستيا Bastiatمعناه إلغاء العقل و الفكر والإنسان،- ومن نتائج هذا النظام المصلحة الشخصية تفترض البحث عن كيفية تنمية الإنتاج وتحسينه مع التقليل من المصاريف والنفقات ، وهذا يحقق في رأيهم الخير العام. ومن كل هذا نستنتج أن فلسفة النظام الرأسمالي تقوم على مسلمة واحدة و أساسية هي أن سبب كل المشاكل الاقتصادية يرجع إلى تدخل الدولة في تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج ، فلا يزدهر الاقتصاد إلاّ إذا تحرر من كل القيود والقوى التي تعيق تطوره وفي هذا يقولآدم سميثأحد منظري الليبرالية ::دعه يعمل أتركه يمر:: و إذا كان تدخل الدولة يعمل على تجميد وشل حركة الاقتصاد فإن التنافس الحر بين المنتجين يعتبر الوقود المحرك للآلة الاقتصادية فالحرية الاقتصادية تفتح آفاقا واسعة للمبادرات الفردية الخلاقة بحيث أن كل المتعاملين يبذلون قصارى جهدهم لإنتاج ما هو أحسن وأفضل وبكمية أكبر و بتكلفة أقل ولا خوف في خضم هذا النشاط على حركة الأجور و الأسعار لأن قانون العرض و الطلب يقوم بتنظيم هاتين الحركتين و في هذا يرى آدم سميث أن سعر البضاعة يساوي ثمن التكلفة زائد ربح معقول ، لكن إذا حدث بسبب ندرة بضاعة معينة أن ارتفع سعر بضاعة ما فوق سعرها الطبيعي فإن هذه البضاعة تصبح مربحة في السوق الأمر الذي يؤدي بمنتجيها إلى المزيد من إنتاجها فيرتفع العرض و هذا يؤدي بدوره إلى انخفاض ثمنها و إذا زاد العرض عن الطلب بالنسبة لسلعة ما فإن منتجيها يتوقفون عن إنتاجها أو يقللون منه لأنها غير مربحة و هذا يؤدي آليا إلى انخفاض العرض ومن ثمة ارتفاع الأسعار من جديد يقولآدم سميث:: إن كل بضاعة معروضة في السوق تتناسب من تلقاءنفسها بصفة طبيعية مع الطلب الفعلي::وما يميز هذا النظامأنه لا يتسامح مع الضعفاء و المتهاونين والمتكاسلين ، و الملكية الخاصة و حب الناس للثروة هو الحافز الأول و الأساسي للإنتاج ، لذلك فإن أكثر الناس حرصا على السير الحسن للعمل لأية وحدة إنتاجية هو مالكها ، بالإضافة إلى أن هذا النظام يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية على أساس أنه ليس من المعقول ومن العدل أن يحرم الفرد حيازته على شيء شقا وتعب كثيراً من أجله ، فبأي حق نمنع فردا من امتلاك ثمرة عمله وجهده ؟
ما دام الاقتصاد ظاهرة طبيعية فلا بد أن يخضع لقوانين الطبيعة و هذا يتطلب احترام الميراث الذي يضمن انتقال الثروة طبيعيا .
النـــقـد :
أن قيمة النظام الرأسمالي إذا نظرنا إليها من زاويةالنجاح الاقتصادي لا يمكن أن توضع موضع الشك و التقدم الصناعي و التكنولوجيو العلمي الذي حققته الدول الرأسمالية دليل على ذلك ، ولكن هذا الرأي لميصمد للنقد وذلك من خلال الانتقادات التي وجهها الاشتراكيون بقيادةكارل ماكسالتي يمكن تلخيصها فيما يلي : أولاها أن التاريخ يثبت أن القوى التي تسيرعلى مجراها الطبيعي بدلا من أن تحقق روح العدل تعمل عكسا لذلك على خلقالأزمات والمحن والمآسي ، فما يزال العالم محتفظا بآثار أزمتي 1920-1929وما تزال السجلات التاريخية تشهد أن المجتمع الصناعي الإنجليزي كانت نسبةالوفيات عالية وأن العامل كان يعمل خمس عشرة ساعة يوميا ويتقاضى أجرا بخساوحياة بائسة يضطر إلى قبولها ، لأن البؤس لا ينتظر ، فسياسية الاقتصادالحركما يقولجوريس Jaures معناه* الثعلب الحر في الخم الحر *أي القوي الحر يباشر نفوذه على الفقراء الذين هم أيضا أحرار. بالإضافةإلىهذا نجد أن الاقتصاد الحر ينادي بأن المصلحة الفردية تحقق المصلحةالجماعية، إلا أن هذه العملية لا تتم عن طريق الأخلاق بل عن طريق المنافعالخاصة وتنميتها عن طريق وسائل الفاحشة والخداع والمكر ، و الأخلاق لا تبنىعلى أساس المنفعة لأن هذه الأخيرة مرتبطة بالذات ، وبالتالي فغرضالرأسمالي هو تحقيق منفعته الخاصة حتى وإن كان ذلك بالطرق اللاأخلاقية ،كما أن العدل مرتبط بإعطاء كل ذي حق حقه، لكن المالكين يستغلون العمال فيعملية الإنتاج دون إعطائهم أجرهم الحقيقي على ذلك ، فساعات العمل لم تكنمحدد وربح هذه الفئة القليلة كان يتم من خلال ساعات العمل الإضافية التيينتج فيها العامل المنتوج ويبذلون فيها طاقة دون مقابل ، هذه العملية يطلقعليهاكارلماركس * فائض القيمة المطلقة * والعكسبالنسبة للقيمة النسبية ، ثم إننا نجد هذه الصفوة القليلة من المالكينلوسائل الانتاج يستغلون المنصب الاجتماعي الممتاز وقدرته على امتلاك جميعالوسائل وشراء حتى الأعوان والأنصار تؤثر على السلطة الحاكمة في البلادوتحملها بالصهر على المصالح الرأسمالية ، وبالتالي إيجاد مناطق نفوذ جديدةتكسبهم أكثر هيمنة وقوة وخدمة مصلحتها الخاصة على حساب العامة من الناس،رغم أن الأخلاق والعدل ينبذان هذه الصفة ، لهذا فإننا نجد أن هذا النظامالاقتصادي عاجز عن تحقيق العدالة الاجتماعية ، لأن هذه الأخيرة لا تتحققإلا في حدود الأخلاق وهذا ما عبر عنهإيمانويل كانطبقوله* عامل الشخص الإنساني كغاية وليس كوسيلة*وبالتالي لابد من الإقرار بالتساوي الذي تمليه الأخلاق بين الأفرادوالمجتمع وعدم إهمال طرف لفائدة طرف آخر ، أي التعامل مع الفقير و الغني ، وبين المالك والعامل .
النظام الرأسمالي لا إنساني لأنه يعتبر الإنسان مجرد سلعة كباقي السلعوثانيها أن النظام الرأسمالي يكثر من التوترات والحروب من أجل بيع أسلحتهالتي تعتبر سلعة مربحة و الدليل على هذا دول العالم الثالث وفي هذا يقولجوريس:: إن الرأسماليةتحملالحروب كما يحمل السحاب المطر::، كذلك يقولتشومبيتر::الرأسمالية مذهب وجد ليدمر:: وثالثها أن النظام الرأسمالي أدى إلى ظهورالطبقية ـ برجوازية غنية وفقيرة كادحة ـ كما أنه نظام لا يعرف فيهالإنسانالاستقرار النفسي بسبب طغيان الجانب المادي على الجانب الروحي كماأن هذاالنظام أدى إلى ظهور الإمبريالية العالمية بالإضافة إلى أنه يوجدظاهرةالبطالة وكذا التمييز العنصري في شكل لا يعرف حداً وهذا النظامبدوره يقضيعلى الرأسماليين الصغار ، وأخيرا فإنه لا يوجد تناسب فيما يخصالأجوروساعات العمل يقولماركس::إن الرأسمالية تحمل في طياتهابذور فنائها::

الموقف الثاني :
وعلى عكس الرأي السابقنجدأنصار النظام الاشتراكيالذي ظهر على أنقاض الرأسمالية وأهم روادهكارل ماكسوزميلهانجلزفي كتابهـ رأس المالـ أن الاشتراكية هي التي تحقق الرخاء الاقتصادي و العدالة الاجتماعية و المساواة.
و يستدلون على دلك بحجج هي أنماركسيرى أنه أكتشفتناقضات رأس المال أي كيف أن الرأسمالية تقضي على نفسها بنفسها لهذا يقول، إن صاحب رأس المال يعامل نشاط العمال معاملته لسلعة إذ يفرض عليهم العمل في مصانعهفي مدة لا يمكن الزيادة عليها بأثمان لا تفي إلا بالحياة الضرورية لهم ،إن قيمة كل سلعة إنما هي قيمة العمل الإنساني فيها ،ولكن العامل لا يأخذ هذه القيمة كلها بل يأخذ منها مقدار ما يكفيه للمعيشة الضرورية ويذهب الباقي أي القيمة الفائضة على حد تعبير ماركس إلى صاحب رأس المال بغير عمل ، وهو يتغافل أن العمال يختلفون في بنياتهم البيولوجية و إنتاجهم ،فهذا تكفيه صفحة من الحمص لتوليد طاقة العمل وهذا لا تكفيه الصفحة أو لا يستطيع هضمها ولا غنى له عن طعام غيرها في النوع والثمن ، ويستطيع شخص أن يباشر أعماله في الشتاء بلباس خفيف ولا يستطيع زميله ذلك إلا بلباس الصوف ومضاعفة الدّثار، ثم إن الإنتاج الواحد قد يصنعه عامل في ظرف عشر ساعات مثلا ويصنعه عامل آخر في مدة أكثر مع العلم بأن تكاليف الساعة الاجتماعية في جوار القطب غير تكاليفها في جوار خط الاستواء ، هذه كلها حقائق لم تدخل في حساب رأس المال ويرىماركسبأن الرأسمالية تحمل في طياتها آيات بطلانها منها :
-
إن ابرز فائدة لدى المنتج الرأسمالي هي أن يبيعإنتاجه بأعلى ثمن ممكن ويمنح أقل أجر ممكن حتى يرفع القيمة الفائضة ، ولكنالعامل بأجره الزهيد لا يستطيع شراء المنتجات ، ومع انعدام الشراء تتضخم السلعوتقل طلبات البائع لصاحب المعمل ، ويضطر المنتج إلى طرد قسم من العمال ،والطرد لا يزيد الأزمة إلا حدة .
و يرىماركسالمادية الجدلية هي المحرك الأساسي للتاريخ فالنظام الاشتراكي يسعى من خلال توطين الشروط المادية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وحياة اقتصادية مزدهرة وهذا من خلال مبادئ و أسس أهمها : الملكية الجماعية لوسائل الإنتاجأو ما اصطلح عليةبتأميم وسائل الإنتاجمثلما فعل الزعيم المصريجمال عبد الناصرمع قناة السويس و الزعيم الجزائريهواري بومدينعندما أمم المحروقات وكل ذلك من أجل الحفاض على الثروات الطبيعية الوطنيةمن النهب و الجشع و توجيهها نحو المصلحة الجماعية و إزالة الطبقية ـفالأرضلمن يزرعها والمصانع للعمال ـ وهذا ما عبر عنه أول رئيس للاتحادالسوفياتيفلاديمير لينين 1870-1924 Vladimir Leninفي قوله:يجب أن يكون كل طباخ قادرا على إدارة البلادو يقول منتقدا الحرية الرأسمالية المفرطة: صحيح أن الحرية قيمة، إنها قيمة لدرجة أنه يجب تخصيصها.وكذلك التخطيط المركزيو يعني التخطيط الاقتصادي الذي ترسمه الدولة وتحاول التوفيق بين حاجة المجتمع والإنتاج في كميته وتوزيعه وتحديده لئلا يبتلي المجتمع بنفس الأمراض التي أصيببها المجتمع الرأسمالي فتحدد الأسعار و الإنتاج و توفق بينه و بينالاستهلاك مثال ذلك تدخل الدولة الجزائرية في ضبط أسعار المواد الغذائيةواسعة الاستهلاك كالسكر و الزيت و الدقيق و الحليب وهذا حتى لا يحدث التضخمو تكديس السلع و من أجل تحقيقمبدأ تكافؤ الفرصو الذي يعنيضمان حصول و ممارسة الجميع على فرص متساوية مع ضمان القضاءعلى كل أنواع المعاملة غير العادلة في بعض نواحي الحياة العامة , كأماكن العمل والتعليم والانتفاع بخدمات المرافق العامةو تحطيم الفوارق الاجتماعية و لخلق مجتمع عادل يسوي بين جميع الناس يقولكارل ماركس : كل ما يأخذه الاقتصاد منك من أسلوب حياتك و إنسانيتك يرده إليك في شكل ثروة و نفوذ. ويقول أيضا : إذا أردت أن تكون تافهاً فما عليك الا أن تدير ظهرك لهموم الآخرين. وهناك مبدأتوزيع السلع على حسب الحاجة الاستهلاكية للأفراد، ويتلخص في قولماركس : من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته . ذلك لأن لكل فرد حاجات طبيعية لا غنى له عنها ، فهو يدفع للمجتمع كل طاقاته فيدفع له المجتمع متطلبات معيشته . بالإضافة إلى اعتماد نظام التعاونيات في الإطار الفلاحي و فتح المجال أمام النشاط النقابي لحماية حقوق العمال وحل مشكلة فائض الإنتاج والصراع الطبقي وكذا اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ، فالنظام الاشتراكي يعتمد كلية على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وذلك للقضاء على الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبث الروح الجماعية والمسؤولية الجماعية في العمل وتعتبر الدولة هي الرأس المدبر والمخطط الأول و الأخير وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئة الثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتحت الدولة المجال أمام نظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال وللاشتراكية صور متعددة ما هو شبيه بالرأسمالية ومنها من يقترب من النظام الشيوعي ومنها ما هو وسط بين الطرفين .

النـــقـــد :

لاشك أن النظام الاشتراكي استفاد من بعض عيوب الرأسمالية لكنه لم يستفد من نقاطه أو جوانبه الإيجابية بل رفضه جملة وتفصيلاً وهذا الخطأ الذي ارتكبه المنظرون الاشتراكيون ضف إلى ذلك أنه بالرغم من الغايات الإنسانية التي يسعى إليها النظام الاشتراكي فقد أوجد جملة من السلبيات أهمها أنه فشل في إيجاد حلول لظاهرة التسيب و الإهمال و اللامبالاة وروح الاتكال كذلك أنه أوجد نوعا من التسيير البيروقراطي الإداري الذي عرقل المشاريع الاقتصاديةبالإضافة إلى ظهور المحسوبية والرشوةوضعف الإنتاج ورداءته ، في ظل غياب المنافسة ومصادرة حرية الفرد التيتعتبر حقا من حقوقه الطبيعية لأن الفرد لا يمتلك و هذا ما يتنافى مع طبيعةالانسان المفطورة على حب التملك. هذا بالإضافة إلى الخيال النظريالشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائج الاقتصادية ، كما أنهيرتكز على نظرة مادية و يهمل القيم الأخلاقية بحجة أن التطور الاقتصاديمحكوم بقوانين ضرورية لا تحتاج مثل هذه القيم.

التركــيــب :
إنالنظامين الاقتصاديين السابقين وإن اختلفا في المبادئ و الغايات الاقتصادية إلاّ أنهما مع ذلك لهما أساس علمي واحد يجمع بينهما فكلاهما ينظر للحياة الاقتصادية نظرة مادية ويقيمها على شروط موضوعية وهذا لا يعني أنهما تجردا من القيم الإنسانية ، غير أن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظر إلى الحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولاً و تعتني بالنواحي الإنسانية عناية خاصة فالاقتصاد الإسلامي يستمدفلسفته من مبادئ الشريعة الإسلامية و قيمها كوحي الهي و لهذا نجده ينطلقمن قاعدة جوهرية و هي أن المال مال الله و الأرض أرضه و العباد عباده و هممستخلفون في أرضه على ماله و هويقوم على الملكية المزدوجةفهو يعترفبالملكية الفرديةو بحق الفرد في العمل و الإنتاج و الامتلاك لأنها فطرة في الانسان و هيالباعث على العمل لقوله تعالى في الآية 14 من سورة آل عمران : زينللناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضةو الخيل المسومة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الدنيا و الله عنده حسنالمآب.و قوله صلى الله عليه وسلم : لو كان لابن ادم واد من ذهب لتمنى أن يكون له ثان.. و لا يملأ جوف ابن ادم ﺇلا التراب ،كما حافظ الإسلامعلى الملكية الفردية فحرم السرقة و الغصب و منح الشهادة لمن يموت و هويدافع عنها و أقرها عندما شرع الميراث.لكن الإسلام قيد هذه الحريةبمصلحة الجماعةمن خلال الزكاة و هي واجب و حق معلوم لقوله تعالى}} و الذين في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم{{ﺇذ يعترف الإسلامبالقطاع العامو هو كل أمر فيه مصلحة ضرورية للجماعة فلا بد من جعله ملكية جماعية حيث يقول النبي صلى عليه وسلم : الناس شركاء في ثلاث الماء و الكلأ و النار.وفي روايةالملح. وحافظ الإسلام أيضا ملكية المعادن التي في باطن الأرض و المرافق الأساسية كالطريق و المساجد... و أقرمبدأ التكافل الاجتماعيفلكل فرد الحق في مستوى معيشي لائق فإذا عجز عن تحقيقها يتكفل به بيت مالالمسلمين تبعا لحاجته و ظروفه و عدد أولاده كما حاول القضاء على ظاهرةاستغلال الانسان لأخيه الانسان لقوله صلى الله عليه وسلم:أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.وحث أيضا على ترشيد الاستهلاك و الإنفاق و ذلك بتحريم التبذير و الإسراففلا يكون بخيلا مقترا و لا مسرفا مبذرا و إنما معتدلا و وسطا لقوله تعالى : و لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا.فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعد عامة لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفرد و المجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من الملكية قوله صلى الله عليه و سلم}}من أحي أرضا ميتة فهي له }}ولكن قيدها بالمصلحة العامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وجعلها ملكية نسبية{{حيث كل شيء لله}}، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش والاحتكار وكل ضروب الاستغلال .
حل الإشكاليـــة :
وفيالأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرة ولا العدالة الاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنها رغم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظام الذي يحقق الحياة المزدهرة إنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الأخلاق في آن واحد ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى}} المال والبنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا }} .









رد مع اقتباس