منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ماجستيرتاريخ المجتمع المغربي في العصر الوسيط
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-10-10, 15:57   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
kamel55
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جديدي التبسي مشاهدة المشاركة
دراسة اجتماعية لسكان بلاد المغرب

سكان منطقة إفريقيه، منذ عصر مبكر، هم عنصر الامازيغ والأفارقة فضلا عمن طرأ بعد ذلك من الروم، وبهمنا بنوع خاص التعرض للأفارقة والامازيغ الذين لهم صلة بالمنطقة، فالأفارقة خليط جنسي، فيهم من تجري عروق الدماء السامية القرطاجية ومنهم من انتسب إلى السلالة الآرية-الروم الايطاليين-وعن هؤلاء اخذ الامازيغ المسيحية وبعض مظاهر الحضارة الرومانية، كما أطلق الرومان على سكان شمال إفريقيا كلمة بربر وتعني الشعوب الغريبة عن حضارتهم،أما عن طباع الامازيغ فهم أهل بداوة يعتمدون على المرعى الخصيب والماء وهم أهل العزة والغلبة يكرمون الضيف ويحمون الضعيف، ومن أشهر قبائلهم مصمودة وأربه وأزداجة وكتامة وصنهاجة، أما بالنسبة للدين فمنهم من عبد المظاهر الطبيعية كالإله آمون ومنهم من عبد الكبش ومنهم من كان على اليهودية ومنهم ن تأثر بالنصرانية، وهذا على حد قول ابن خلدون " المغلوب مولع بتقليد الغالب"، كل هذه الأوضاع نتناولها بالشرح والتفصيل في النقاط الثلاث الآتية:
التسمية والسكان
المغرب تعبير يدل على الجهة التي تغرب فيها الشمس، ثم أصبح يدل على المنطقة الواقعة غرب العاصمة لجهة مغرب الشمس ، وأول من استعمل هذا المعنى الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه، إذ خاطب الخوارج قبل معركة النهروان بعد أن قتلوا رسوله إليهم الحارث بن مرة " أن ابعثوا إلى بقتلة إخواني فأقتلهم ثم أتارككم إلى أن أفرع من قتال أهل المغرب ..... " ثم تحدد بالمنطقة الواقعة غرب مصر من طرابلس شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا ومن البحر المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى جنوبا.
يشتمل المغرب ثلاث مناطق طبيعية وهذا التقسيم يرجع إلى قرب وبعد المنطقة عن بلاد العرب الحجاز المنطقة الأولى عرفت بالمغرب الأدنى أو افريقية، وهذه الأخيرة اختلف المؤرخون حول أصل تسميتها لكن الذي غلب لدى المؤرخين المسلمين أنها مستمدة من افريقش بن قيس بن صيف اليمني الحميري الذي جاء واستقر على هذه الأرض تمتد هذه المنطقة من برقة إلى نفوسه.
ويلي افريقية المغرب الأوسط ويمتد من بجاية شرقا إلى وهران غربا، وأطلق ابن عذارى اسم الزاب على هذه المنطقة وذكر أنها تمتد من طرابلس شرقا إلى مدينة تيهرت غربا2 .
أما المنطقة الثالثة فهي المغرب الأقصى أبعد أجزاء المغرب عن الحجاز، يمتد المغرب الأقصى من البحر المتوسط شمالا إلى جبال درن جنوبا، ومن وادي ملوية وممر تازا شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا حتى مدينة آسفى3.
وحسب الحقائق المتوفرة عن سكان شمال إفريقيا، فقد أطلق عليهم اسم "بربر " وهو يعني حسب المفهوم اليوناني والمفهوم الروماني إنسان أجنبي لا يتكلم اللغة اليونانية ونفس الكلمة استعملها الرومان عندما تغلبوا على اليونانيين حيث أطلقوا اسم البربر على جميع السكان الذين لا يتكلمون لغتهم ولا ينتمون إلى سلالتهم أوعرقهم، وهو نفس التعبير الذي استخدمه ابن خلدون في كتابه " العبر" حين تعرض لفرق البربر وأنسابهم ومواطنهم ويذكر ابن خلدون أن سبب تسميتهم بربر بسبب إلى افريقش بن قيس بن صيفي "من ملوك التابعة الذي غزا المغرب وافريقية وبني بها المدن والأمصار، وأن إفريقيه سميت باسمه، وأنه سمع السكان الأصليين يتكلمون بأصوات مختلفة فقال لهم افريقش :" ما أكثر بربرتكم ؛ أي كلامكم غير المفهوم فسموا البربر " .
وقال الفيروزبادي صاحب " القاموس المحيط ط أن البربرة كثرة الكلام والجلبة والصياح والفعل هو بربر نفهم من هذا أن مصطلح بربر ليس مفهوما اثنيا ولكنه مفهوم لغوي.
رغم الخلاف حول أصل البربر ونسبهم والمكان الذي قدموا منه في الأصل، فإن معظم الباحثين بأنهم ينتمون إلى الجنس السامي ومن أبناء " مازيغ " ابن كنعان، وقد أكد هذه الحقيقة العلامة ابن خلدون الذي قال حول هذا الموضوع:" والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنها أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح ...وأن اسم أبيهم مازيغ ...." ونفسا الحقيقة أكدها وفد من سكان شمال إفريقيا حين صرح أعضاؤه أمام الخليفة عمر بن الخطاب بعد فتح مصر إذ اعتبروا أنفسهم أمازيغ ولم يقولوا أنهم بربر وكلمة مازيغ " الرجل الحر " كما أن البربر تربطهم صلة قرابة عرب وليسوا غرباء عنهم، ويؤكد معظم المؤرخين وعلى رأسهم ابن خلدون أن البربر ينتمون إلى قيس بن عيلان بن مضر من جزيرة العرب وهناك أمثلة عديدة فقبيلة لواته المغربية من حمير اليمن وهوارة من كنده في قبل الجزيرة العربية وزناته من التابعة أو من العمالقة وكلهم قبائل عربية.
أخلاق البربر وطباعهم
في هذا السياق يجذبنا وصف ابن خلدون لهم وقد كان وصفا رائعا حيث جاء في كتابه " العبر" قوله : " ...وأما تخلقهم بالفضائل الإنسانية وتنافسهم في الخلال الحميدة وما جبلوا عليه من الخلق الكريم، من عز الجوار وحماية النزيل ورعى الأدمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد والصبر على المكاره والثبات في الشدائد وحسن الملكة والإغضاء عن العيوب والتجافي عن الانتقام والرحمة بالمسكين وبر الكبير وتوقير أهل العلم وحمل الكل وتهيئة الكسب للمعدوم وقرى الضيف والإعانة على النوائب وعلوا الهمة وآباء الضيم ومقارعة الخطوب وغلاب الملك .
بالإضافة إلى البربر كان هناك أقليات تعيش على أرض المغرب أهمها على الإطلاق اليهود والرومان، فبالنسبة لليهود، فتاريخ وجودهم بمنطقة الشمال الإفريقي يعود إلى عهد نختصر ملك الآشوريين أي إلى سنة 586 ق.م وكانوا يعتبرون جالية مستقلة لأنهم تجنبوا دوما الاختلاط مع السكان واهتموا فقط بخدمة مصالحهم الاقتصادية.
أما الرومان فقد سيطروا على معظم الشريط الساحلي لشمال إفريقيا وذلك ابتداء من سنة 576م وعملوا على نشر عقيدة المسيحية بين السكان وإيصال الحضارة لهم وأثارهم التي مازالت قابعة في معظم مناطق الشمال الإفريقي برهان على ذلك، لكن تأثيرهم لم ينفذ الى قلب الشمال الافريقي ونقصد به منطقة الصحراء الكبرى ، فلما دخل الفاتحون العرب الى هذه المناطق وجدوا سكان تلك المناطق متمسكين بثقافتهم وعاداتهم القبلية .
الديــــــــن
كان سكان الشمال الإفريقي من قديم الزمان يدينون بالمجوسية وكانوا أحيانا يدينون بدين من غلب عليهم من الأمم ، أمثال البيزنطيتين الذين نجحوا في تمسيح أعداد هائلة من السكان ، ومن أشهر الديانات للبربر دين وثنى جاءوا به من المشرق وكانوا يعتقدون بوجود اله يدير هذا الكون ، ولكن لا ذات له ترى وإنما تجلى لهم في المظاهر التي تروعهم بقوتها وبجمالها أو بغرابتها فلذلك يعبدون تلك المظاهر وهذا الإله الذي يعتقدون أنه مصدر حياة الكون اسمه " أمون" ومظاهره هي الكبش الاقرن القوي وبعض الحيوانات الأخرى مثل الطاووس ، وكانوا يعتقدون أن قتل هذا الحيوانات أو ضربها يلحق بهم عاهات كبيرة كالجنون والشلل ..الخ .
المطلب الثاني :الأوضاع الاقتصادية والسياسية قبيل الفتح الإسلامي : (602-647م )
يميز النسابة العرب بين جذمين كبيرين للامازيغ يختلفان في نوع الحياة الاجتماعية والاقتصادية، الجذم الأول وتسمى قبائله البرانس والجذم الثاني وتسمى قبائله البتر، ويفترض هؤلاء النسابة أن البرانس من نسل برنس بن بربر بن مازيغ، وان البتر من ولد مادغيس الابتربن بر بن مازيغ على حد رأي السلاوي، وتميزت شعوب البرانس عموما بالاستقرار في القرى الساحلية والتلية والجبلية للزراعة وتربية المواشي فهم فريق من المستضعفين على حد تعبير ابن خلدون، أما البتر فغلب عليهم طابع البداوة والرعي فهم أهل العز والغلبة، وقد استولى البيزنطيون على الأراضي الخصبة في الساحل وطردوا منها سكانها الأصليين وفرضوا عليهم الضرائب الثقيلة، وأما هذه السياسة البيزنطية تأسست في المناطق الداخلية لافريقية ممالك مغربية ظلت تقاوم الوجود البيزنطي إلى غاية مجيء الفتح الإسلامي، ومما يلفت النظر أن الامازيغ الذين طالما استبسلوا في الدفاع عن الوطن وقارعوا الرومان والوندال و البيزنطيين سرعان ما ارتاحوا للعرب المسلمين، فتبادلا الاحترام والإعجاب، ثم انضم الامازيغ إلى الحركة الإنسانية الجديدة بترحيب منهم ورضا، نتناول بالشرح والتفصيل هذا المطلب في النقطتين التاليتين:
الدراسة الاقتصادية
كان النشاط الاقتصادي لسكان شمال افريقيا هي الزراعة في المقام الأول ، نظرا لوفرة الزرع وتنوعه فكان معظم البربر فلاحين وكانت أرضهم هي مورد رزقهم الأساسي ، لكن أوضاعهم تغيرت مع مجيء الرومان ، حيث قام بالاستيلاء على الأراضي الخصبة التي يملكها ملوك البربر أو الشعب وقد كانت سياسة الرومان واضحة في هذا الشأن إذ وما تبقى يحتفظ به السكان الأصلين ولكن مع دفع الضرائب (ضريبة على الفرد ، ضريبة على المبادلات التجارية، ضريبة لتغطية تكاليف رجال الأمن ) وهناك موظفون مكلفون بجمع هذه الضرائب وهم من البربر ويعرفون بـالعشارين .
وننوه هنا إلى حقيقة لابد من إبرازها ، وهي أن منطقة الشمال الإفريقي عرفت انتعاشا اقتصاديا في أواخر الحكم البيزنطي بالمنطقة ، وهذا بفضل الإمبراطور جريجوريس الذي حكم سنة 641 م وقد نجح في جلب تأييد سكان شمال إفريقيا ومنهم سكان برقة وطرابلس.
" أما بخصوص اليهود ، فنشاطهم لهم يختلف منذ ظهورهم على سطح هذه الأرض ، فقد اعتمدوا على التجارة والمعاملات الاقتصادية من قروض و رهون إلى جانب بعض الصناعات كالخياطة والصياغة وهذه الأخيرة كان لها الحظ الأوفر نظرا لتوفر معدن الذهب بشمال أفريقيا بالخصوص في منطقة المغرب الأدنى (قرطاجنة ) والمغرب الأقصى ."
الأوضاع السياسية قبيل الفتح الإسلامي : (602-647م)
كانت منطقية ساحل افريقية الشمالي خاضعة للنفوذ الروم ، وعاصمتهم آنذاك قرطاجنة وكانت تحكمهما حاميات رومانية يرأسها حاكم عام يعينه الإمبراطور وفي السنوات القليلة التي سبقت الفتح الإسلامي عين الإمبراطور موريس ، البطريق هرقل القائد الأعلى على المغرب سنة 600م ، هذا الأخير الذي أعلن معارضته للإمبراطور الجديد فوكاس لذي أعتلى العرش سنة 602م خلفا للمغرور به موريس ، وبرز ذلك بوضوح عندما أراد أن يفصل منطقة افريقية من الإمبراطورية ، وقد نجح في جمع وكسب تأييد سكان القسطنطينية وكل روما ضد ذلك الإمبراطور الغاشم إلى جانب ذلك ساعده موقف سكان شمال إفريقيا من البربر الذين أيدوه نظرا لحكمة العادل مقارنة مع باقي الحكام السابقين إلا أن هرقل كان طاعنا في السن فاقترح ابنه هرقل الشاب ورفعه إلى مرتبة الإمبراطور ، فأعد جيشا من البربر بقيادة ميسيتاس ابن أخيه الذي تمكن من الاستيلاء عل الإسكندرية فيما بين سنتي (608-609م) ، في الوقت الذي كان فيه هرقل الصغير يقود أحد الأساطيل الحربية بقصد الاستيلاء على القسطنطينية والإطاحة بحكم الإمبراطور فوكاس .
نفهم من ذلك ، أن منطقة شمال افريقية كانت قاعدة ومنطلق لحركات المعارضة للحكم الروماني في القسطنطينية في أواخر حكمها قبل الفتح الإسلامي ، وأنه كان للبربر دور بارز في تلك الحركات ، وبالفعل فقد نجح هرقل الإمبراطور الجديد من القضاء عل فوكاس سنة 610م وأصبح إمبراطورا على الدولة البيزنطية وأصبحت افريقية مركزا لاهتمامه ومحط أمال الإمبراطورية في أشد فترات حياتها ، فعندما احتل الفرس أرمينيا وحاصروا الإسكندرية بقصد منع تزويد القسطنطينية بالرجال والمؤمن تولت افريقية أمر المؤمن وكانت تزود القسطنطينية بالجنود والأساطيل .
وعلى عكس الفترات السابقة من الحكم الروماني في شمال إفريقيه الذي كان يتميز بالشدة والعنف ، من تمييز عنصري وسفك للدماء وفرض للضرائب الباهظة على السكان والاستحواذ على الأراضي الشاسعة الخصبة. إلا أن افريقية شهدت في أيام الإمبراطور هرقل عصرا من السلام لم تشهده من قبل وتمتع البربر وهم الأكثرية في المنطقة بالكثير من الحرية والاطمئنان، وفي خلال هذه الفترة انتشرت حركة التبشير المسيحي ودخل العديد من السكان البربر في المسيحية وصار ممثلوها من القساوسة والرهبان هم الحكام الفعليين في المنطقة وأصبح البابا القطب الذي يتوجه اله السكان يطلبون حمايته من مظالم الإدارة البيزنطية وقد ازداد نفوذه في البلاد وصاد يتدخل في الشؤون الإدارية .
وقد صار البطريك جريجوريويس (جرجير) حاكما عاما على افريقية وأعلن عن رغبته عن فصل إقليمي برقة وطرابلس عن الإمبراطورية البيزنطية وقد أيد سكانها من البربر خاصة بعد ظهور مذهب المونوثيلية (monothelisme) الذي أو وجده بطريك القسطنطينية سيرجيوس ويقر هذا المذهب أن المسيح جاء بصفة اله وليس كما يقر معظم الكاثوليك أنه أظهر كل من طبيعته بإرادة واحدة إلهيه وبشرية في أن واحد. فسرجيوس ينكر صفة البشرية في المسيح عيسى عليه السلام ، ومما زاد في تأزم الأوضاع أن الإمبراطور هرقل أيد هذا المذهب ، هذا ما أثار غضب واستنكار قساوسة افريقية وعلى رأسهم جريجوريوس الذي أعلن سنة 646م استقلاله عن الإمبراطورية البيزنطية وتلقب بموافقة الشعب المغربي –إمبراطورا – ولقد ضرب جريجوريوس العملات باسمه وجعل قرطاجنة عاصمة حكمة ،غير انه عندما بدأت حملات المسلمين تصل إلى افريقية وخصوصا بعد سقوط حكم الرومان بمصر ، قرر جريجوريوس نقل عاصمته إلى سبيطلة في وسط افريقية.
هذا فيما يخص منطلقة ساحل افريقية ، أما فيما عاداها من الصحاري والمزارع والى غاية الجنوب في منطقة السوس الأدنى (السودان) والسوس الأقصى (مراكش )، فالحكم كان بيد البربر .
ويصفهم ابن خلدون بأنهم كانوا في دور البداوة عند الفتح العربي الإسلامي ، وكانوا لا تجمعهم أمه بل يعيشون في حياة قبلية.


يقول الوزان في وصف إفريقيا : "إن الأفارقة الذين يسكنون مدن بلاد الأمازيغ، ولاسيما مدن ساحل البحر المتوسط، يهتمون كثيرا بالتعلم ويتعاطون الدراسة بكامل العناية، وفي طليعة ما يدرسون الآداب والكلام والفقه. وكان من عاداتهم في القديم أن يدرسوا الرياضيات والفلسفة وحتى علم الفلك، غير أنه منذ أربعمائة سنة خلت منعهم فقهاؤهم وملوكهم من تعاطي معظم هذه العلوم" .


الخصائص الاجتماعية والدينية للشمال الإفريقي

أهم ما يميز منطقة الشمال الأفريقي من الناحية الاجتماعية –وذلك بحسب الدراسات الاجتماعية القديمة والحديثة - ، هو أن العزلة الطبيعية التي أشرت إليها أسهمت في حدوث العزلة الاجتماعية وافتقاد التواصل بين التجمعات السكانية المختلفة، بل إن الظروف الطبيعية الصعبة التي يعيشها سكان الشمال الأفريقي أسهمت في نشوب صراعات اجتماعية كثيرة ومن الغريب أن آثار هذا الصراع ما زالت قائمة إلى اليوم رغم ضعف حدتها في العصر الحديث بفضل مشاريع الإنماء المخنلفة التي انطلقت في الشمال الأفريقي، إذ مسته في ذلك بعض آثار الثورة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت العالم ولو بنسبة قليلة غير كافية مقارنة بالعالم المتمدن.
الخصائص الدينية.
إنّ التنافر الطبيعي والتنافر الاجتماعي في الشمال الأفريقي أوجدا تنافرا من قبيل آخر وهو التناف الديني ، ولقد عمل الإسلام على امتداد وجوده في الشمال الأفريقي على توحيد شعوب هذه المنطقة ، وهي حقيقة تاريخية لا مناص من الاعتراف بها ، يقول ألفرد بل :"...والإسلام نفسه – الذي ربما كان على طول التطور التاريخي لهذه البلاد- أهم عامل في توحيد شعوب الشمال الأفريقي وذلك بتقديمه لهم عقيدة دينية مشتركة وتشريعا مدنيا واحدا لم يستطع رغم ذلك أن يصب كل جماعاتهم في كتلة متجانسة ، ولا يزال يحدث حتى اليوم أن تنبذ بعض الجماعات البربرية المسلمة الشريعة الإسلامية المدنية وتحتفظ بقانونها العرفي القديم وغالبية هؤلاء البربر أضافوا
في ميدان الدين شيئا من الإسلام متفاوت المقدار إلى المعتقدات القديمة والأعراف السحرية الدينية التي ورثوها عن أجدادهم البعيدين([5]).
إن كلام( ألفرد بل) عن الإسلام من حيث هو عامل توحيد لشعوب الشمال الأفريقي ،قد تخلله كثير من الدس والغلو الفكري والديني ، الناتج عن قلة اطلاع بطبيعة الشريعة الإسلامية فالإسلام لا يريد إيجاد كتلة بشرية متجانسة وإنما كنلة بشرية متنوعة تتنوع في مذاهبها وميولاتها الفكرية مع الإبقاء على الرباط الجامع والحبل الواصل بينها جميعا، وهي بلا شك عرى الإسلام المتمثلة في أحكامه التشريعية والعقيدية ، ويفهم في هذا السياق من كلام (ألفرد بل) أنه ربما يحمل(بتشديد الميم )الإسلام مسؤولية بغض الارتدادات الدينية التي حدثت في الشمال الأفريقي والتي ترجع حسبه إلى عدم قدرة شريعة الإسلام على احتواء المظاهر الد ينية المتنافرة ،وهذا التصور يعتريه قصور ظاهر ،ذلك أن نبذ بعض الجماعات البربرية كما سماها (ألفرد بل) للشريعة الإسلامية لم يكن بسبب قصور هذه الشريعة ولكن بسبب بعض الإملاءات والوصايات الدينية التي تفرض على سكان الشمال الأفريقي وأفريقيا عموما والتي يتولى كبرها لفيف من المبشرين الذين يبذلون قصارى جهودهم لإبعاد شعوب الشمال الأفريقي عن الإسلام ، وإدخالهم في المسيحية أو إرجاعهم إلى الديانة الوثنية التي كانوا عليها ، وهذا الأمر لم يعد سرا بعد أن أفصح عنه كثير من عتاة ودعاة التبشير في الشمال الأفريقي والذي مثل قطبا فكريا ودينيا أساسيا في قرارات مؤتمر كولورادو عام1978للميلاد.
شكرا أخي محمد، ولكن أريد مصدر هذا المقال ...و شكرا