منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أحكام الصلاة
الموضوع: أحكام الصلاة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-04-14, 05:05   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


النوع الثاني : مسائل لم يرد ببيان حكمها دليل صريح من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس الجلي .

أو ورد بحكمها دليل من السنة ، ولكنه مختلف في تصحيحه ، أو ليس صريحاً في بيان الحكم ، بل يكون محتملاً .

أو ورد فيها نصوص متعارضة في الظاهر .

فهذه المسائل تحتاج إلى نوع اجتهاد ونظر
وتأمل لمعرفة حكمها ، ومن أمثلة هذا النوع :

1- الخلاف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا .

2- الخلاف في سماع الموتى لكلام الأحياء .

3- نقض الوضوء بمس الذكر ، أو مس المرأة ، أو أكل لحم الإبل .

4- القنوت في صلاة الفجر كل يوم .

5- القنوت في صلاة الوتر ، هل يكون قبل الركوع أم بعده ؟
فهذه المسائل وأمثالها مما لم ترد نصوص صريحة ببيان حكمها هي التي لا ينكر فيها على المخالف ، ما دام متبعاً لإمام من الأئمة وهو يظن أن قوله هو الصواب ، ولكن لا يجوز لأحد أن يأخذ من أقوال الأئمة ما يتوافق مع هواه ، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله .

وعدم الإنكار على المخالف في هذه المسائل ونحوها ، لا يعني عدم التباحث فيها ، أو عدم التناظر وبيان القول الراجح بدليله ، بل لم يزل العلماء قديماً وحديثاً تعقد بينهم اللقاءات والمناظرات للتباحث في مثل هذه المسائل ، ومن ظهر له الحق وجب عليه الرجوع إليه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"... إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين: تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه " انتهى

من "مجموع الفتاوى" (30/80) .

وهذه أقوال لبعض العلماء تؤيد ما سبق من التقسيم :

1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح ، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل.

أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً. وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء .

وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار.

أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.

وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس.

والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً ، مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه ، فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها" انتهى باختصار .

"بيان الدليل على بطلان التحليل" (ص 210-211) .


وينبغي أن نعلم أيضاً أن الشرع جاء بتحصيل المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها .

فعند حصول تعارض بين تحصيل مصلحة ودفع مفسدة ، فينظر إلى الأهم منهما ، وتراعى بالتقديم .

وعلى هذا ؛ فقد جاءت السنة بوضع اليدين على الصدر في حال القيام في الصلاة ، وجاءت السنة بالجهر بالذكر عقب الصلاة المفروضة ، يجهر كل مصلٍّ بمفرده ، ثم إن دعا بعد هذه الأذكار فإنما يدعو سراً بمفرده .

فما يدعونك إليه مفسدة ، ومخالف للسنة .

فهل ترفض إمامتهم في الصلاة حتى لا تقع في مخالفة السنة ، وترتكب هذه المفسدة ؟ أو تقبل؟

الجواب على هذا أن يقال :

إن كان رفضك للإمامة سيترتب عليه أن يأتي إمام هو أقدر منك على إلزام هؤلاء بالسنة وتعليمها لهم ، ولا يقع في مخالفة السنة ، فإنك ترفض ذلك .

أما إن كان رفضك سيعني أن يأتي إمام جاهل يرتكب هذه المخالفات ويزيد عليها أضعافها ، ولا يُعَلِّم الناس السنة ، ولا يلتزم بها ، بل قد يحارب السنة وأهلها ، جهلاً منه أو اتباعاً لهواه ، فلا ينبغي لك أن تتردد في قبول إمامة هؤلاء ولو ألزموك بهذه المخالفات ، لأن هذا سيكون أقل مفسدة مما لو رفضت .

وقد سبق أن الشرع جاء بدفع المفاسد وتقليلها ، ثم إذا حصل تآلف بينك وبينهم فيما بعد ، فإنك تسعى في تعليمهم السنة ، والأخذ بأيديهم إليها شيئاً فشيئاً .

ولتنقل لهم أقوال بعض العلماء الذين يعظمونهم في إنكار ما تريد إنكاره من البدع ، على أن يكون ذلك بالتدريج حتى لا ينفر الناس منك .

وهذه أقوال لبعض أهل العلم في ترك الإمام ما يرى أنه سنة مستحبة تأليفاً لقلوب المأمومين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

"ولو كان الإمام يرى استحباب شيء والمأمومون لا يستحبونه فتركه لأجل الاتفاق والائتلاف : كان قد أحسن .

مثال ذلك الوتر فإن للعلماء فيه ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه لا يكون إلا بثلاث متصلة .

كالمغرب : كقول من قاله من أهل العراق .

والثاني : أنه لا يكون إلا ركعة مفصولة عما قبلها كقول من قال ذلك من أهل الحجاز .

والثالث : أن الأمرين جائزان كما هو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما وهو الصحيح .

وإن كان هؤلاء يختارون فصله عما قبله فلو كان الإمام يرى الفصل فاختار المأمومون أن يصلي الوتر كالمغرب فوافقهم على ذلك تأليفا لقلوبهم كان قد أحسن ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : (لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه) فترك الأفضل عنده : لئلا ينفر الناس .
وكذلك لو كان رجل يرى الجهر بالبسملة فأم بقوم لا يستحبونه أو بالعكس ووافقهم كان قد أحسن" انتهى .

"مجموع الفتاوى" (22/268) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

هل يجوز ترك الجهر بالتأمين في الصلاة ، وعدم رفع اليدين ؟ .

فأجاب :

"نعم ، إذا كان بين أناس لا يرفعون ، ولا يجهرون بالتأمين : فالأولى أن لا يفعل ؛ تأليفاً لقلوبهم ، حتى يدعوهم إلى الخير ، وحتى يعلمهم ، ويرشدهم ، وحتى يتمكن من الإصلاح بينهم ، فإنه متى خالفهم استنكروا هذا ؛ لأنهم يرون أن هذا هو الدين

يرون أن عدم رفع اليدين فيما عدا تكبيرة الإحرام يرون أنه هو الدين ، وعاشوا عليه مع علمائهم ، وهكذا عدم الجهر بالتأمين ، وهو خلاف مشهور بين أهل العلم ، منهم من قال يجهر

ومنهم من قال : لا يجهر بالتأمين ، وقد جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم رفع صوته ، وفي بعضها أنه خفض صوته ، وإن كان الصواب أنه يستحب الجهر بالتأمين ، وهو شيء مستحب ، ويكون ترك أمراً مستحبّاً

فلا يفعل مؤمن مستحبّاً يفضي إلى انشقاق ، وخلاف ، وفتنة ، بل يترك المؤمن المستحب ، والداعي إلى الله عز وجل ، إذا كان يترتب على تركه مصالح أعظم ، من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم ، قال : ( لأن قريشا حديثو عهد بكفر) ، ولهذا تركها على حالها ، ولم يغير عليه الصلاة والسلام للمصلحة العامة" انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 29 / 274 ، 275 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس