السؤال :
عُرض عليَّ أن أكون إمام أوقات ، وخطيب جمعة في البلد الذي أعيش فيه ، واشترطوا عليَّ أن أدعو بالناس جهراً بعد كل صلاة ، وأن لا أقبض يدي في الصلاة ، مع العلم أنني الوحيد الذي أدرس العلوم الشرعية في البلد ، فهل أوافق أو أرفض ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نشكر لك أخي السائل حرصك على الخير ، وتطبيق السنَّة ، واجتناب ما يخالفها ، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه .
ثانياً :
ينبغي أن نفرق بين ما أجمع أهل العلم على أنه بدعة منكرة ، وما اختلف فيه أهل العلم ، كوضع اليدين في حال القيام في الصلاة ، أو الدعاء بعد الصلاة ، أو القنوت في صلاة الفجر كل يوم ... إلخ .
فيشدد في الإنكار في النوع الأول (ما أجمع العلماء على بدعيته)
ويكون الإنكار في النوع الثاني (ما اختلف العلماء على بدعيته)
بدرجة أقل ، وقد لا يُنكر من الأصل
ويسكت الإنسان عنه ، لقوة الخلاف فيه .
هذه القاعدة التي يقولها بعض الناس :
( لا إنكار في مسائل الخلاف ) غير صحيحة
والصواب أن يقال :
( لا إنكار في مسائل الاجتهاد )
وبيان ذلك :
أن المسائل التي اختلف العلماء فيها نوعان :
الأول : مسائل ورد في بيان حكمها نص صريح من القرآن الكريم أو السنة الصحيحة ، ولا معارض له ، أو نقل فيها إجماع ، ثم شذ بعض المتأخرين وخالف الإجماع ، أو دل على حكمها القياس الجلي الواضح .
فهذه المسائل ينكر فيها على من خالف الدليل .
ولهذا النوع من المسائل أمثلة كثيرة ، منها :
1- إنكار صفات الله تعالى التي مدح بها نفسه ، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم تحت مسمى : "التأويل" وهو في الحقيقة تحريف لنصوص الكتاب والسنة .
2- إنكار بعض الحقائق التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم مما سيحدث يوم القيامة كالميزان والصراط .
3- ما قاله بعض المعاصرين من جواز أخذ الفائدة على الأموال المودعة في البنوك ، مع أن هذا هو عين الربا الذي حرم الله ورسوله .
4- القول بجواز نكاح التحليل ، فإنه قول باطل مخالف للعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له .
5- القول بإباحة سماع آلات الموسيقى والمعازف ، فإنه قول منكر ، دل على بطلانه كثير من الأدلة من القرآن والسنة وأقوال السلف ولذلك اتفقت كلمة الأئمة الأربعة على تحريمها .
6- القول بأن الداخل إلى المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب يجلس ليستمع الخطبة ولا يصلي تحية المسجد .
7- القول بعدم استحباب رفع الأيدي في الصلاة مع تكبيرة الركوع والرفع منه والقيام إلى الركعة الثالثة .
8- القول بعدم استحباب صلاة الاستسقاء . وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها جماعة مع أصحابه .
9- القول بعدم استحباب صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان .
فهذه المسائل وأمثالها مما وردت نصوص ببيان حكمها ينكر فيها على المخالف ، ولم يزل الصحابة ومن بعدهم من الأئمة ينكرون على من خالف دليلاً صحيحا، ولو كان مجتهداً .