منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-04, 21:50   رقم المشاركة : 373
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث آخر

بحث حول الأزمة الإقتصادية



-1بدايات الازمة


شهد الجزء الثاني الأخير من القرن التاسع عشر السفينة البخارية والسكك الحديدية والتلغراف كطفرات كبرى نحو الانضمام لحافة اقتصاديات العالم المركزية. وكان العولمة القاعدة في التجارة ، وفي الهجرة وفي السريان الحر لرؤوس الأموال. ولم يكن معيار الذهب سوى مما كان يجعل اقتصاد العالم المنفتح يعمل ، وكانت الدول الغنية تفرض القواعد. وكان يمتلكون السفن المسلحة لتحصيل الديون ، وكان لهم مصلحة في الحفاظ على الاقتصاد العالمي المنفتح حتى عند تجميعهم المستعمرات ونشر مزايا التجارة الحرة.
وكانت هذه هي الفترة التي صعدت فيها الولايات المتحدة سريعاً إلى الازدهار والتي أبانها تبوأت استراليا والأرجنتين المرتبة العليا في الاقتصاد العالمي. وقد أدت الهجرة إلى العالم الجديد وكذا هجرة رؤوس الأموال إلى سرعة تنمية المحيط العالمي ، ولو كانت هناك دواعي لقلق حول العولمة آنذاك ، فهي كانت من التفاهة بحيث لا تستدعي التذكر.
-2نتائج الأزمة الاقتصادية1929


خلال القرن العشرين ، تسببت النكسة الكبرى إلى الانهيار الكامل للتدفقات التجارية والإيمان في التجارة المفتوحة والإيمان في اقتصاديات السوق الحرة. وفي بضعة سنوات تم الشكيك في دروس قرن بأكمله. وخلال مجرد ثلاث سنوات من عام 1929 حتى عام 1932 تهاوت التجارة العالمية بمقدار 70% من منطلق القيمة وبمقدار 25% من المنطلق الواقعي.
وانهارت الأسعار في التجارة العالمية ، وتصاعدت القيود التجارية في أرجاء العالم ، حيث أصبحت سياسات "تسول من جارك" هي القاعدة. وتصاعدت التعريفات وسادت القيود الكمية والأفضليات المختارة وسرعان ما تبع ذلك القيود على العمليات التبادلية وكان الاقتصاد المفتوح قد فتح المجال أمام حماية الأسواق المحلية وافتراض عامر بأن الاقتصاد يتوقف عند الحدود.
وأصبح الخلل الديني سمة مشتركة وأصبح التصنيع خلف حواجز وقائية القاعدة في تلك البلد حيث لم تعد توفر الانهيارات السلعية سبلاً للمعيشة، وأمريكا اللاتينية تعتبر نقطة في محط هذه الحالة.
وثالثهما ..اتسام الاقتصاد العالمي بأسم سيئ هو أن الضغط التنافسي أرغم الحكومات على التراجع عن سياساتها الجامدة ، وهذا مما ترك العمال بشعور ورابعاً .. مع الثقل والأسواق المتكاملة لرؤوس الأموال العالمية، يمكن أن ينقلب اضطراب في أي مكان فوراً إلى مشكلة في كل مكان ومع القدر الأكبر من الاقتصاديات والأسواق المتطايرة ، فلا ينقضي يوم بدون تذكرات عن التحكمات المشكوك فيها التي يستشعرها الناس على حياتهم الاقتصادية.

وأخيراً .. قودت الخطوة المطلقة للتغيير التكنولوجي والتمويل والابتكار والمنتجات وفي الكاسبين والخاسرين مقدرة الناس على التعاون : وكان رد الفعل عادة العزوف لمجرد أن الأشياء كانت تنقضي أسرع مما يجب. وهم يرون بصورة غالبة التهديد والقلة المقالة من المزايا المستفيضة ، وهم بالتأكيد لا يوفقون في التعرف على انه حينما تكون الوظائف مهددة فإن الأمر غالباً ما ينطوي على تكنولوجيا افضل وهي أمر في حد ذاته خير بدلاً من المنافسة عبر الحدود التي تطرد الناس من وظائفهم.
- 3لورد كينز (1946-1883)
صاحب النظرية التي عرفت باسمه والتي تدور حول البطالة والتشغيل والتي تجاوزت غيرها من النظريات إذ يرجع إليه الفضل في تحقيق التشغيل الكامل للقوة العاملة في المجتمع الرأسمالي، وقد ذكر نظريته هذه ضمن كتابه (النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود) الذي نشره سنة 1936م.
يعتبر الركود من الأمراض الاقتصادية الحديثة، لكن ذلك لا يعني أن الاقتصاديات القديمة لم تعرف الركود، بل تعرضت أكثر الأنظمة الاقتصادية السابقة للدورات الاقتصادية وبالتالي للركود الاقتصادي الذي كثيراً ما كان يستمر لعدة سنوات. لكن ظهوره في الوقت الحاضر يختلف في الآثار والنتائج عن المراحل السابقة نظراً للعلاقات الترابطية بين الاقتصاديات العالمية.
إن تطور وسائل الإنتاج وظهور الثورة المعلوماتية والتقانات الحديثة قد دفع بعض الاقتصاديين للاعتقاد بأن الأمراض الاقتصادية كالتضخم والركود أصبحت في ذمة التاريخ، فالركود والتضخم لا يرجع للإنتاج وتقنيات الإنتاج، بل يرجع في جوهره للتوزيع وإعادة الدخل والاستثمار الحكومي والخاص في الاقتصاد الوطني، أي كلما ازداد مستوى التطور الاقتصادي كلما ازدادت إمكانية حدوث الأزمات الاقتصادية.
والسؤال المطروح ما هي أسباب الركود الاقتصادي والنتائج التي يؤدي إليها؟ وما هي وسائل علاج الركود؟

أولاً: سمات وخصائص الركود:


يمكن تعريف الركود من خلال آثاره فيكون: «انخفاض في معدلات نمو الناتج وتراجع حجم الاستثمار وزيادة الاكتناز والإدخار الأمر الذي يؤدي لزيادة حجم البطالة»([2]).
أما إذا أردنا تعريف الركود من خلال أسبابه فيكون:
«انخفاض حجم الإنفاق الحكومي يدفع المستثمرين لتخفيض استثماراتهم الخاصة مما يؤدي لتراجع حجم الإنتاج وظهور البطالة».
يركز تعريف الركود على أساس الأسباب على جانب محدد ويركز التعريف الأول على جانب الآثار فقط ولا يدخل كل منهما إلى جوهر الركود.
ويركز هذا التعريف على دور النقد فيقول:
«حركة وفعل من شأنهما تعقيم دور النقد في الاقتصاد وامتصاص الزيادة في الرصيد النقدي وتقييد الإنفاق بكافة أنواعه العام والخاص وحصر النشاط الحكومي ونشاط المشروعات وتخفيض حجم الإئتمان الأمر الذي يؤدي لانخفاض حجم النشاط الإنتاجي»([3]).
يلامس هذا التعريف الأسباب والنتائج معاً لكنه لا يدخل لشرح جوهر الركود ومن خلال هذه التعاريف يمكن اشتقاق تعريف يجمع بين الأسباب والنتائج ويتضمن جوهر عملية الركود كما يلي:
«حركة تراجعية تتصف بالاستمرار الذاتي الناتج عن نقص الطلب في مواجهة العرض مما يؤدي لانخفاض المستوى العام للأسعار وزيادة معدلات البطالة وتراجع معدلات النمو الاقتصادي».
يتضمن هذا التعريف الجوهر والأسباب والنتائج بآن واحد وبناءً على ذلك فإن الركود يتميز بالخصائص التالية:


2 ـ تراجع الطلب الكلي في مواجهة العرض الكلي: ينجم نقص الطلب الكلي عن العوامل التالية:
1 ـ حركة تراجعية تتصف بالاستمرار الذاتي: أي لا يؤدي نقص الطلب لمرة واحدة لإحداث الركود، بل لابد من وجود نقص مستمر ليشكل حركة ذاتية مستمرة تؤدي في نهاية المطاف لتراجع الطلب الكلي في مواجهة العرض الكلي.أ ـ تخفيض حجم الإنفاق الحكومي (الجاري والاستثماري).
ب ـ تخفيض حجم الاستثمار الخاص.
جـ ـ تقييد حركة الائتمان عن طريق رفع أسعار الفائدة.
إن هذه الإجراءات تساهم بشكل مباشر في تخفيض حجم الطلب الكلي مقابل العرض الكلي ويؤدي ذلك لتراجع حجم التوظيف وانخفاض المستوى العام للأسعار وظهور البطالة([4]).
3 ـ انخفاض المستوى العام للأسعار: إن تراجع حجم الاستهلاك نظراً لانخفاض دخول الأفراد يؤدي لتراجع طلبهم على السلع الاستهلاكية، وبما أن حجم العرض لم ينقص بعد لذلك نلاحظ بداية واضحة في تراجع المستوى العام للأسعار لا تلبث أن تتزايد مع انخفاض حجم الاستثمار وتراجع مستويات الدخول، وهكذا تتراجع الأسعار بشكل تدريجي([5]).
فالاقتصاد الأمريكي في عام 1929 بدأ بتراجع حجم الطلب الاستهلاكي وبدأ الانخفاض الإنتاجي في قطاع السلع الاستهلاكية وانخفضت الاستثمارات في قطاع السلع الاستهلاكية وتبعتها القطاعات الإنتاجية وقد سجل تراجع حجم الاستهلاك من 100% عام 1928 إلى 75% عام 1932 وتراجع حجم الإنتاج من السلع الاستثمارية من 100% عام 1928 إلى 41% عام 1933([6]).
إن هذا التراجع يعكس تراجعاً واضحاً في المستوى العام للأسعار.

4 ـ تراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة: إن انخفاض معدلات نمو الاستثمار الناتجة عن تخفيض حجم الإنفاق الحكومي أو الاستثمار الخاص سوف تؤدي لتراجع حجم الطلب الكلي من جهة وسوف ينتج عن تخفيض الاستثمار تراجع في حجم الإنتاج وبالتالي تراجع معدلات نمو الناتج الوطني وسوف يعقب ذلك زيادة معدلات البطالة، فكلما انخفض معدل النمو في الاقتصاد الوطني كلما ازدادت معدلات نمو البطالة الوطنية.لقد تراجع حجم الاستثمار حتى أصبح في عام 1931 سالباً في الولايات المتحدة الأمريكية. أما البطالة فقد بلغت حوالي 32% في فترة الكساد وهبط الإنتاج حوالي 50% وتراجع حجم الأجور إلى النصف تقريباً أما أسعار الأسهم والسندات فقد تراجعت كثيراً لتصل إلى 20% من قيمتها، إن هذا الهبوط والتراجع في الإنتاج والاستثمار قد أدى لانخفاض المستوى العام للأسعار وزيادة معدلات البطالة وتراجع الأجور والاستهلاك الحكومي والخاص بآن واحد([7]).
إن هذه الخصائص والسماح التي تميز الركود توضح جوهر الركود وآلية حدوثه.
ثانياً: الركود في الفكر الاقتصادي:


إن الإجراءات الانكماشية لم تحقق أي نجاح يذكر في التاريخ الاقتصادي، فالمحاولات التي قامت بها الحكومات لمعالجة أزمة التضخم كانت تؤدي وبشكل سريع للانكماش الذي يؤدي للبطالة، ومما يدعم هذه الأفكار أزمة عام 1929 وما رافقها من (بطالة ـ إفلاس ـ تراجع معدلات النمو ـ انخفاض الأجور والأرباح) والفوضى الاجتماعية التي تؤثر على عوامل نمو وتطور المجتمع.
لقد مهد كساد عام 1929 لظهور أفكار اللورد كينز في كتابه الشهير «الفائدة والنقود والاستخدام» الذي نشره عام 1936 وكان رداً واضحاً على أزمة الكساد وعلى الحرية الاقتصادية وغيرها من المفاهيم والقيم في الاقتصاد الرأسمالي.

1 ـ الركود في الفكر الكلاسيكي:


اهتم الفكر الكلاسيكي بالعوامل الحقيقية التي تحدد ثروة الأمم وأكد الاقتصاديون الكلاسيك على حرية السوق وإبعاد الدولة عن التدخل وإدارة الاقتصاد الوطني وبذلك يقوم التحليل الاقتصادي برأيهم على عوامل زيادة الإنتاج والتقنية، أما النقود فإنها تسهل المعاملات، ولم ينظر الكلاسيك كثيراً لدور النقود إضافة إلى ذلك فأن الكلاسيك قد ركزوا على المواءمة الذاتية للاقتصاد القومي في حال حدوث الأزمات والاضطرابات بعيداً عن التدخل الحكومي.
يتحدد الإنتاج حسب العوامل التالية:
أ ـ حدوث تغيرات تكنولوجية من شأنها أن تزيد الإنتاج.
ب ـ وجود أرصدة من السلع الرأسمالية يمكن استخدامها وبالتالي تساهم في زيادة الإنتاج.
جـ ـ تغير عرض القوى العاملة حيث كلما ازداد عرض العمل تنخفض الأجور وبالعكس عند نقص عرض العمل تزداد الأجور([8]).
أما عنصر الطلب عند الكلاسيك فهو يتأثر بما يلي:
أ ـ مستوى الأجور والأرباح في الاقتصاد الوطني.
ب ـ حجم الإنفاق الحكومي وقد طالب الكلاسيك بحصر الإنفاق الحكومي في أضيق الحدود لأنه إنفاق عقيم.
ج ـ الطلب على الاستثمار وهو يساوي دائماً الادخار.
إن حدوث الركود أو الرواج في الاقتصاد الكلاسيكي يعتبر ظاهرة موضوعية ويستطيع الاقتصاد بشكل تلقائي العودة لحالة التوازن لذلك لم يخصص الكلاسيك أبحاثاً خاصة بالركود أو التضخم كأمراض اقتصادية.
وبخصوص الركود يرى الكلاسيك بأن تراجع حجم الطلب الناتج عن خروج الرساميل الوطنية للخارج سوف يؤدي لنقص واضح في عرض المدخرات وبالتالي لنقص الاستثمار وهذا ما يقود حسب وجهة نظر الكلاسيك لتخفيض حجم الإنتاج وتخفيض أعداد العاملين أي زيادة معدلات البطالة وبالتالي فإن انخفاض المستوى العام للأسعار سوف يدفع الدول الأخرى لزيادة حجم الاستيراد من هذه الدولة ونظراً لأن الدفع سيكون بالذهب في فترة المدرسة الكلاسيكية سوف يزداد عرض النقد (السيولة) وسوف يزداد الطلب على الاستثمار من جديد ويكون الاقتصاد قد مر بمرحلة ركود أو ما يسميها الكلاسيك تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي ومن ثم العودة للرواج من جديد.
إن اعتماد قاعدة الذهب في الفترة من عام 1950 ـ 1914 قد ساهم إلى حد ما في تخفيض حدة الأزمات الاقتصادية (الركود والتضخم) وبالتالي اهتم الكلاسيك بالتشغيل الكامل وسبل زيادة حجم التشغيل الكامل والآلية التي تحقق التوازن للاقتصاد دون تدخل الدولة.
2 ـ الركود في الفكر الكينزي:


ظهرت الأفكار الكينزية في مرحلة الكساد الكبير عام 1929 ـ 1933 لأن المدرسة الكلاسيكية أصبحت غير قادرة على إيجاد وسائل جديدة لمعالجة الركود وكانت عاجزة أيضاً عن تغيير توجهاتها الأساسية في تحييد دور الدولة وترك الاقتصاد يعمل بشكل تلقائي لذلك وجدت أفكار اللورد كينز أرضاً خصبة لها.
لقد ركزت الكينزية على النقاط التالية:
أ ـ لا يتحقق التوازن التلقائي في الاقتصاد الوطني ولابد من وجود الدولة التي تستطيع التدخل عبر الإنفاق العام لإعادة التوازن.
ب ـ يتوقف التوازن في الاقتصاد على مستوى الإنفاق الكلي على الناتج، فكلما ازداد الإنفاق الكلي يزداد التوظف والإنتاج حتى يصل الاقتصاد لمرحلة التشغيل الكامل وبالمقابل فإن نقص الإنفاق الكلي سوف يؤدي للركود.
جـ ـ زيادة حجم الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية وذلك لتحسين ظروف العمال وزيادة حجم الاستهلاك الكلي.
د ـ المضاعف: إن زيادة أولية في حجم الإنفاق الكلي سوف تؤدي لزيادات متكررة في الدخل القومي تعادل حجم المضاعف الذي يشكل مقلوب الميل الحدي للادخار.
إن هذه الأفكار قد شكلت ثورة حقيقية في عالم الاقتصاد في فترة ما بعد الكساد 1933 ـ 1936.

أسباب الركود لدى كينز:

1 ـ انخفاض حجم الإنفاق الحكومي (الجاري والاستثماري) إما لعدم توفر مصادر التمويل (ضرائب أو قروض) وإما لاستخدام سياسة انكماشية.
2 ـ انخفاض حجم الاستثمار الخاص بسبب ارتفاع سعر الفائدة مقارنة بالأرباح.
3 ـ تقييد حجم التسليف إلى الناتج الوطني الأمر الذي يؤدي لتراجع حجم التمويل للقطاع الخاص.
4وبعد انتهاء الحرب تداعت الدول إلى عقد مؤتمر جنوة 1922 وقررت العودة إلى نظام القاعدة الذهبية مع بعض التعديل الخفيف، حيث ربطت النقد بالذهب لكنها لم تجعل تبديل الأوراق النائبة بالذهب ميسوراً للأفراد إلا بقيمة معينة من الذهب حددت لها وزناً كحد أدنى، فمن أراد من الأفراد الحصول على الذهب من المصرف المركزي، عليه أن يبدل قيمة الحد الأدنى ـ وهو سبيكة ذهبية بوزن معين ـ حيث يحتفظ المصرف بأرصدته الذهبية بشكل سبائك من وزن معين كحد أدنى، ولقد كان الحد الأدنى في فرنسا مثلاً يساوي وزن (12) كيلو غراماً وسعرها كان
(215) ألف فرنك، وهذه كمية كبيرة لذلك لم يعد بمقدور الأفراد الحصول على الذهب الذي حصر استعماله في التجارة الخارجية أو بمن يملكون أوراقاً نقدية بقدر عالٍ مناسب.

إلا أن محاولة العودة إلى قاعدة الذهب لم تعش طويلاً بسبب اندلاع الأزمة العالمية الكبرى سنة 1929 حيث انهارت أسعار الأسهم وطفق المتعاملون يتخلصون منها فحدث إقبال شديد على الأوراق النقدية، وسبب ذلك ضغطاً على تبديل الأوراق بالذهب، فعلقت دول العالم أجمع عملية تبديل الذهب بنقودها الورقية وأقرت التداول الإلزامي بدون تبديل بالذهب، وأول من نفذت ذلك بريطانيا سنة 1931، أميركا سنة 1933، فرنسا سنة 1936 وتبعتها الدول الأخرى واستمر التعامل النقدي مضطرباً حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
بعد انتهاء الحرب وفي 22 تموز 1944 تداعى عدد من الدول إلى عقد مؤتمر بريتون وودز بالولايات المتحدة الأميركية وقرروا إعادة ربط نقدها بالذهب لكن على نحو مختلف عن السابق وكان أبرز قراراته:
1ـ اشترط على الدول الأعضاء إعادة ربط نقدها بالذهب، أي يجب أن تحدد كل دولة وزناً معيناً من الذهب الصافي لوحدتها النقدية ولكن بدون حرية تبديل الذهب للأفراد أو لأية هيئة كانت تطلب الذهب مقابل الأوراق النقدية من المصرف المركزي، إلا أن الدولار وحده أعيد تبديله بالذهب بالنسبة للأرصدة الخارجية وكان ذلك لسببين:
الأول
: أن أميركا خرجت بعد الحرب العالمية الثانية وهي تحتوي معظم الأرصدة الذهبية في العالم التي كانت تقدر آنذاك (38) مليار دولار، كان يوجد منها في أميركا (25) ملياراً أي حوالي ثلثي ذهب العالم.
والثاني: كان بسبب رغبة أميركا بالهيمنة السياسية والاقتصادية على العالم لأن الدول أصبحت غير ملزمة بالاحتفاظ بكامل أرصدتها النقدية بالذهب، بل وبأوراق نقدية صادرة من أميركا ـ دولارات ـ تلتزم أميركا بتبديلها ذهباً عند الطلب، ما جعل الدول الأخرى التي تحتفظ بأرصدة ورقية أميركية في مصارفها بدلاً من الذهب، مضطرة للمحافظة على علاقات سياسية واقتصادية معينة مع أميركا لضمان ثبات سعر تحويل الورق الأميركي إلى الذهب. وقد حددت أميركا سعر الدولار الرسمي بالذهب بواقع (35) دولاراً للأونصة.

وقد سمي نظام بريتون وودز بنظام الصرف بالذهب وذلك لأنه أقر احتفاظ الدول في أرصدتها بنقد ورقي قابل للتبديل بالذهب وهو الدولار يصرف ذهباً بسعر محدد من قبل أميركا عند الطلب ـ وقد اعتبر الإسترليني كذلك إلى حد ما قابلاً للتحويل لكنه لم يستمر طويلاً ـ .

2ـ اشترط على الدول الأعضاء أن تقوم بتثبيت سعر الصرف لنقدها، بسياسات معينة تضعها الدول متناسبة مع غطاء من الذهب والدولارات القابلة للتحويل إلى ذهب، وسمح المؤتمر بتقلبات لهذا السعر في حدود 1٪ وإلا تدخلت الدول لإعادته.

3ـ قرر المؤتمر إنشاء منظمتين دوليتين:

الأولى: منظمة صندوق النقد الدولي، وأبرز أغراضه العمل على تحقيق الاستقرار النقدي الدولي وعلى تحقيق ثبات أسعار الصرف وجعل موارد الصندوق في متناول الأعضاء بنسبة حصصها فيه لمساعدتها على تقصير أمد الاختلال في ميزان مدفوعاتها.

وقد كانت طريقة إنشائه مصاغة بشكل يجعل هيمنة أميركية على قراراته، فإنهم جعلوا الأصوات التي تتمتع بها الدول تتوقف على حصتها في الصندوق، ولأن حصة أميركا فيه هي الأكبر (27.2٪ من رأس المال) فإن قراراته كانت قرارات أميركية.

أما الثانية فهي منظمة البنك الدولي للإنشاء والتعمير والحق في عضويتها مقصور على أعضاء الصندوق، وأبرز أغراضه: إعادة ما دمرته الحرب ومساعدة الدول المتخلفة اقتصادياً وتقديم القروض والضمانات، وجعلوا التصويت فيه كما فعلوا بالنسبة للصندوق، أي الهيمنة الأميركية كذلك متحققة فيه.

هذه أبرز قرارات مؤتمر بريتون وودز الذي أقر نظام الصرف بالذهب، وقد استمر التعامل بموجبه حتى تم إلغاؤه نهائياً بقرار أميركا الشهير في 15 آب 1971 الذي ألغى قابلية الدولار للتحويل إلى الذهب.

بعد ذلك أصبح النقد يستعمل على أساس الزاوية الاسمية وصار تعريفه (أية مادة كانت، بصرف النظر عن شكلها ونوعها، تصبح بفضل القانون وسيطة عامة للتبادل المالي). وبالتالي أصبحت الأوراق النقدية الإلزامية هي المستعملة، وتأخذ قيمتها بقانون الدولة، وترتفع وتنخفض بحسب اقتصاديات الدولة وسياساتها وإجراءاتها المتبعة في ذلك كإدارة ميزانها التجاري وميزان مدفوعاتها وغير ذلك مما له علاقة.



5-الفكر المالي منذ عقد الثلاثينات وإلى غاية سنة 1979
عقب اندلاع الأزمة الإقتصادية العالمية لسنة 1929، وأمام التهديد الذي بدأت تشعر به القوى البرجوازية أمام امتداد الوعي السياسي للطبقات الكادحة والشعوب المستعمرة، ومخافة من ضياع مصالحها، بدأت تخضع نفسها لبعض الضوابط الاقتصادية والمالية لاستمالة القوى العمالية والطبقات الشعبية لمواجهة تهديد الفكر الاشتراكي والقوى الفاشستية، وقد كان المعبر الأمين عن هذه المرحلة هو المفكر الإنجليزي جون ماينارد كينز الذي دعى إلى ضرورة تدخل جهاز الدولة لتحقيق مطامح الطبقات العاملة في التشغيل والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. ونتيجة لتبني القوى الرأسمالية الغربية لأفكار كينز حدثت تسوية تاريخية بين رأس المال والعمل الشيء ساعد على ظهور ما يسمى بمشروع دولة الرفاه. وقد كانت أهم العوامل التي ساعدت على هذه التسوية التاريخية تمفصل القوى الإجتماعية على الصعيد الدولي حول ثلاث مشاريع متوازنة هي:
- مشروع دولة الرفاه في الدول الرأسمالية الغربية الذي تميز بسيادة الأداء الاقتصادي الكينيزي الذي ارتكز على عدالة توزيع الدخل عبر العديد من الميكانيزمات وقيام الدولة بتوفير الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية.. الخ بالمجان. ونتيجة لذلك أخذت ميزانية الدولة تتضخم سنة بعد أخرى نتيجة تزايد نفقاتها والتوسع في ايجاد الموارد اللازمة لتغطيتها. وكانت الحكومات تلجأ إلى استعمال منهجي لعجز الميزانية لتحريك الاقتصاد واستعادة التوازن الاقتصادي والاجتماعي.
- كما أدى انتصار الاتحاد السوفياتي في الحرب واندلاع الثورة الصينية الى قيام المشروع الاشتراكي الذي خلق إطارا آخر ملائم للنضال السياسي شجع بدوره على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من خلال التحدي الذي فرضه نمط الإنتاج الاشتراكي على رأس المال فألزمه بقبول التسوية التاريخية مع الطبقة الكادحة. وقد كانت المجتمعات الاشتراكية تلجأ إلى اقتطاع جزء من فوائض الوحدات الإنتاجية ذات التسيير الجماعي من أجل تغطية مصاريفها التي تفاقمت مع متطلبات الحرب الباردة وتحدي السباق نحو التسلح وغزو الفضاء الشيء الذي إلى رفع مستوى الاقتطاعات من فوائض الوحدات الانتاجية وبالتالي إلى ظهور عجز مالي مزمن وقصور اقتصادي واجتماعي عميقين أصبح يهدد نمط الانتاج الاشتراكي.
ورغم المؤاخذات التي أثيرت حول النظام السوفيتي الذي تم نعته برأسمالية الدولة وباستغلال البيروقراطية للمشروع الاشتراكي وغياب الديموقراطية وحرمان النظام من فرصة إعادة إنتاج نفسه مما أدى إلى انهياره، فإن كل ذلك لم يخفي المفعول المشجع للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على الصعيد العالمي والذي ترتب نتيجة المنافسة السياسية والإيديولوجية بين "الشرق" و "الغرب".
- كما استغلت حركات التحرر الوطني في العالم الثالث ظروف الحرب العالمية الثانية ومساهمة شعوبها فيها من أجل المطالبة بالاستقلال وظهور مشروع باندونغ للتنمية في بلدان الجنوب، وقد استغلت هذه الشعوب المستقلة حديثا ظروف المنافسة القائمة بين الشرق والغرب لتدعيم استقلالها وشروط تنميتها. وقد لعبت الأفكار الكينيزية دورا مهما في تنظيم ميزانيات هذه الشعوب ووضعها في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، غير أن النزعة الكومبرادورية لحكام هذه البلدان كانت تميل لخدمة مصالحها أكثر من خدمة مصالح شعوبها.
-









رد مع اقتباس