منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز ملتقى رمضان للمواضيع العامة
الموضوع: موضوع مميز ملتقى رمضان للمواضيع العامة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-06-01, 11:45   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
السجنجل
مشرف خيمة الجلفة و منتديات الثّقافة والأدب
 
الصورة الرمزية السجنجل
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي المسارعة إلى الخير شعار الصالحين



أيها المؤمن الصادق مع ربه ثم مع نفسه فلتعلم هذاك الله أن الدنيا مزدرع الأعمال، ومضمار تنافس الخيرات، ينال فوزها المسارعون؛ فأين موقعك في تلك المسارعة والمسابقة الماراطونية التي مدتها حياتك كلها ؟

إن المسارعة في الخير مبادرة للبر، وعجلة محمودة إليه، يقودها حب لله - جل وعلا -، وخوف منه، ورجاء فيه، من حين يسنح ذلك الخير؛ لتبيِّنه، وحسن عاقبته،؛ وهذا ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة " رواه أبو داود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. فإقامة الصلاة أول وقتها، والتبكير إلى الجمعة، ومبادرة الزكاة بإلإيتاء حين دوران حولها، وتعجيل الفطر بغروب الشمس، والتعجل للحج والعمرة، والهرع في التوبة من الخطايا واستحلال المظالم، والسبق في قضاء الدين عند الوجد، والحضور بداية وقت الوظيفة - كلها صور للمسارعة في الخيرات وفق حقيقة العبودية الشاملة لكافةَ جوانب الحياة، كما قال الله - تعالى -: ï´؟ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ï´¾ [الأنعام: 162، 163].

أيها الأصدقاء أيها الأصفياء أيها الأخلاء
إن للمسارعة في الخير حظوةً عند المولى - جل وعلا -؛ تجعل المؤمن يقف إزاءها متدبراً لحاله، ساعياً في كماله. فهي سبب لرضا ربه عنه، كما قال موسى - عليه السلام -: ï´؟ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ï´¾ [طه: 84]، وظَفِرَ بذلك الرضا السابقون من المهاجرين والأنصار والتابعون لهم بإحسان. وتلك المسارعة سبيل لغفران الذنوب، كما قال تعالى: ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ï´¾ [آل عمران: 133]، وكان ذا مطمعَ سحرة فرعون حين آمنوا: ï´؟ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِين ï´¾. والجنة جزاء من سارع في الخير: ï´؟ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين ï´¾. وليس دخول الجنة جزاء المسارعة فحسب، بل هو دخول صفوٍ وهناءٍ؛ من غير حساب، ولا عذاب؛ فقد قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الله - تعالى -: ï´؟ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ï´¾، وقال: " الذين سبقوا؛ فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب " رواه أحمد بأسانيد أحد رجالها رجال الصحيح - كما قال الهيثمي -. والمسارعة في الخيرات سبب لإجابة الدعاء؛ فقد ذكر الله - سبحانه - إجابته دعاءَ نبيّه إبراهيم ولوط ونوح وأيوب ويونس وزكريا - عليهم الصلاة والسلام -؛ وأن مسارعتَهم في الخير أولُ أسباب تلك الإجابة: ï´؟ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين ï´¾. والمسارعة من أسباب تفاوت ثواب العمل الصالح، كما قال الله - تعالى -: ï´؟ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ï´¾، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: « مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ » رواه البخاري. والمسارعة سبيل لنيل السعادة؛ فقد فسر ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله تعالى: ï´؟ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ï´¾ [المؤمنون: 61] بسبق السعادة لهم. والمسارعة شعار الصالحين على مَرِّ الزمان، يقول الله - تعالى - عن مؤمني أهل الكتاب: ï´؟ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ï´¾. فلا غرو أن أَمَرَ الله - سبحانه - بها في غير ما آية وقد بوّأها هذا القدر العلي. وذاك مشعر بنفاسة التحصيل وفدح الخسار، وتنبيه لما يعرض لها من المشاغل والصوارف، يقول خالد بن معدان: " إذا فُتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه لا يدري متى يُغلق عنه ".

ولئن كان الإغراء بالمسارعة في الخير عاماً في الأحوال؛ فإن ذلك يتأكد حال اشتداد داعي الحاجة، ومواتاة الفرص التي تمتاز بالقلة وسرعة الانقضاء؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: " اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما، وأوصى الشافعيُّ أحمدَ بن صالح فقال: " تعبّد من قبل أن ترأس؛ فإنك إن ترأس لم تقدر أن تتعبد ".
بَادِرْ شَبَابَكَ أَنْ تَهْرَمَا
وَصِحَّةَ جِسْمِكَ أَنْ تَسْقَمَا
وَأَيَّامَ عَيْشِكَ قَبْلَ الْمَمَات
فَمَا قَصْرُ مَنْ عَاشَ أَنْ يَسْلَمَا
وَوَقْتُ فَرَاغِكَ بَادِرْ بِه
لَيَالِي شُغْلِكَ فِي بَعْضِ مَا
فقدِّر فكل امرئ قادم
على علم ما كان قد قدّما

وتتأكد المسارعةُ في مواسم الخير كرمضان والجمعة وعشر ذي الحجة والسَّحر، وهكذا عند إقبال الفتن، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم. وتتأكد المسارعة حال تقدم السن وبلوغ الكبر، يقول ابن الجوزي: " من علم قرب الرحيل عن مكة، استكثر من الطواف، خصوصًا إن كان لا يؤمل العود؛ لكبر سنه، وضعف قوته. فكذلك ينبغي لمن قاربه ساحل الأجل بعلو سنه أن يبادر اللحظات، وينتظر الهاجم بما يصلح له ".

أيها المسلمون!
وثمة أمور أربعة تنشأ عنها المسارعة في الخير: الإشفاق من خشية الله، والإيمان بآياته الشرعية والحسية، وترك الإشراك به شركاً أكبر أو رياءً يخالج العمل الصالح، ودوام ذكر الرجوع إلى الله - جل وعلا -، ومتى ما حلّت هذه المعاني في قلب المؤمن؛ فلا تسل عن مسارعته في الخير؛ إذ الغاية سامقة، والحادي سائق، والصارف مدفوع، يقول الله - تعالى -: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ï´¾ [المؤمنون: 57 ، 61].