منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-30, 16:51   رقم المشاركة : 190
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


التحليل التداولي

(الحجاج)








الحجــــاج(L'argumentation
-الحجاج لغة:
الحِجَاجُ لغة من حَاجَّ . قال ابن منظور: حَاجَجْتُه ، أَحَاجُّه ، حِجَاجًا ومَحَاجَّة حتى حَجَجْتُه أي غلبته بالحجج التي أدليت بها . وحَاجَّه مَحَاجَّة وحِجَاجًا ، نازعه الحُجَّة. والحُجَّة البرهان . قال الأزهري : الحُجَّة ، الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة .
ويقال أيضا رجل مِحْجَاجٌ أي جَدِلٌ . والتَّحَاجُ بمعنى التَّخَاصُمُ . وحَاجَّه أي نازعه الحُجَّة.[1] فعلى هذا يكون الحِجَاج النزاع والخصومة بواسطة الأدلة والبراهين الكلامية والحجج العقلية ، فيكون بهذا مرادفا للجدل ، إذ حدّ الجدل حسب ابن منظور أيضا: مقابلة الحُجَّة بالحُجَّة . الجَدَلُ : اللَدَدُ في الخصومة والقدرة عليها. وقد جَادَلَه مُجَادَلَة وجِدَالا . ورجل جَدِِلٌ : شديد الجَدَلِ . جَادَلْت الرجل فجَدَلْتُه : أي غلبته . والجَدَلُ : شِدَّة الخصومة . وفي الحديث : " ما أُوتِيَ الجدَلَ قومٌ إلا ضَلُّوا " . والجَدَلُ : مقابلة الحُجَّة بالحُجَّة. والمُجَادَلَة : المُخَاصَمَة والمناظرة.
الحجاج في اللغة:
-مفهوم الحجاج :
كان ميدان الحجاج يعتمد أساسا قبل "ديكرو" على البلاغة الكلاسيكية(أرسطو) أو البلاغة الحديثة (بيرلمان)، أو يعتمد على المنطق الطبيعي (كرايز) ، أما نظرية الحجاج في اللغة فقد وضع أسسها اللغوي الفرنسي "ديكرو" O.Ducrot منذ سنة 1973 ، وهي نظرية لسانية تهتم بالوسائل اللغوية وبإمكانات اللغات الطبيعية التي يتوفر عليها المتكلم ، وذلك بقصد توجيه خطابه وجهة ما ، تمكنه من تحقيق بعض الأهداف الحجاجية، ثم إنها تنطلق من الفكرة الشائعة التي مؤداها "أننا نتكلم عامة بقصد التأثير".وقد تنبّه القدامى إلى هذا التأثير الذي يُحْدِثُه الخطاب اللغوي في المتلقي ، فقد أورد "الجاحظ" في "البيان والتبيين" خبرا مفاده أنّ شيخا من الأعراب تزوّج جارية من رهطه وطمع أن تلد له غلاما فولدت له جارية ، فهجرها وهجر منزلها وصار يأوي إلى غير بيتها ، ومرّ بخبائها بعد حَوْلٍ وإذا هي تُرْقِص بنيّتها وهي تنشد :
ما لأبي حمزة لا يأتينا يَظَلُّ في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا تالله ما ذاك في أيدينا
وإنما نأخذ ما أُعْطينا
فلما سمع الأبيات مرّ الشيخ نحوهما حتى ولج عليهما الخباء وقبّل ابنته وقال : ظلمتكما وربّ الكعبة[2].
والشعر في هذا الخبر باعتباره خطابا ،كان الباث فيه امرأة تزوّجت شيخا من الأعراب لم يلبث أن هجرها حين رُزِقَت بنْتًا ، أما المتلقي فإنه لم يحضر ساعة الخطاب، أو على الأقل، لم يوجِّهْ إليه الباثُّ الخطابَ مباشرة وإنْ كان يستحضره ساعة إنشاء الشعر ، فكانت عملية التلقي صدفة واتفاقا ، وإذا بالخطاب يقوم بوظيفته الإقناعية فيغيِّر المواقف ، وتنجلي بذلك قدرة الخطاب على النهوض بوظيفة براغماتية (نفعية) صرفة. إنّ المرأة وقد أنشدت هذه الأبيات تكون قد أنجزت فعل التلفظ ، هذا الفعل أنتج ملفوظا شعريا ، كانت له وظيفة حجاجية إقناعية.
وبعبارة أخرى فإن دراسة الحجاج أخذت تهتم باستراتيجية الخطاب الهادف إلى الاستمالة استنادا إلى أنماط الاستدلالات غير الصورية ، وذلك بغاية إحداث تأثير في المخاطب بالوسائل اللسانية والمقومات السياقية التي تجتمع لدى المتكلم أثناء القول من أجل توجيه خطابه والوصول إلى بعض الأهداف الحجاجية.[3]
هذه النظرية تريد أن تبين أن اللغة تحمل بصفة ذاتية وجوهرية وظيفة حجاجية ، وبعبارة أخرى هناك مؤشرات عديدة لهذه الوظيفة في بنية الأقوال نفسها. ومن هذه الزاوية يصبح الحجاج بعدا جوهريا في اللغة ذاتها مما ينتج عن ذلك أنه حيثما وُجِدَ خطاب العقل واللغة فإنّ ثمة استراتيجية معينة نعمد إليها لغويا وعقليا إما لإقناع أنفسنا أو لإقناع غيرنا ، وهذه الاستراتيجية هي الحجاج ذاته .[4]
ولأخذ فكرة واضحة عن مفهوم الحجاج (Argumentation) ينبغي مقارنته بمفهوم البرهنة(Démonstration) أو الاستدلال المنطقي . فالخطاب الطبيعي ليس خطابا برهانيا بالمعنى الدقيق للكلمة ، فهو لا يقدم براهين وأدلة منطقية ، ولا يقوم على مبادئ الاستنتاج المنطقي . ولفظة الحجاج لا تعني البرهنة على صدق إثبات ما ، أو إظهار الطابع الصحيح لاستدلال ما من وجهة نظر منطقية ، ويمكن التمثيل لكل من البرهنة والحجاج بالمثالين التاليين :
- كل اللغويين علماء.
-زيد لغوي.
- إذن زيد عالم.[5]
يتعلق الأمر هنا ببرهنة أو بقياس منطقي ، فاستنتاج أن زيدا عالم حتمي وضروري لأسباب منطقية . أما قولنا :
-انخفض ميزان الحرارة .
- إذن سينزل المطر.
فإنه لا يعدو أن يكون حجاجا أو استدلالا طبيعيا غير برهاني ، فاحتمال نزول المطر يقوم على معرفة العالم ، وعلى معنى الشطر الأول من الجملة ، وهو استنتاج احتمالي.[6]
لتطويق بعض الشيء معنى "حاجّ(Argumenter) يجب أن نضعه في مقابل )"برهن" (أثبت،أقام الدليل) (prouver واستنتج(Déduire)فالخطاب الحجاجيليس خطابا حاملا لأدلة وبراهين، كما أنه ليس خطابا لقيم استنتاجية منطقية ، و"حاجّ" لا تعني مطلقا برهن على صحة قضية ، ولا إبراز الطابع المنطقي للبرهان .[7]العلاقة المنطقية تخضع دائما لشروط الصدق(Valeurs de vérité) وهذا ما لا نجده في العلاقة الحجاجية. ويمكن ملاحظة ملفوظات غير مقبولة منطقيا ومع ذلك فهي مقبولة وموجودة في الخطاب . فقولنا :

- ليس لدي وقت ، ومع ذلك أتناول فنجان قهوة .
منطقيا هذا القول ليس له معنى ، من حيث أن المتكلم ليس لديه الوقت الكافي وبالتالي لا يمكنه شرب القهوة ، مما يدل على أن العبارة الثانية خاطئة ، ومع ذلك لا يتبادر إلى ذهن أحد بأن الملفوظ السابق فيه تناقض ، والعلامة التي جعلت التناقض ينتفي من القول هي " ومع ذلك" . وبالتالي يصبح الملفوظ السابق مقبولا حجاجيا مرفوظا منطقيا . وهكذا يتضح الفرق بين الحجاج والبرهان ، ومن هنا وجب التمييز بين الاستدلال(Raisonnement) والحجاج(Argumentation)
لأنهما ينتميان إلى نظ

[1]- ابن منظور : "لسان العرب " .المجلد الرابع. دار صادر . بيروت. مادة ( ح ج ج ) .ص38.

[2]-- الجاحظ : "البيان والتبيين". دار الجيل .ص 43.

[3]- عبد السلام عشير : "عندما نتواصل نغير " . ص67.

[4]- حبيب أعراب : " الحجاج والاستدلال الحجاجي " . مجلة عالم الفكر . العدد1 . المجلد 30. ص67.

Jacques Moeschler : " Argumentation et conversation" . p 46 - [5]

Ibid : p 46 -[6]

Ibid : p48 - [7]










رد مع اقتباس