منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الصلح
الموضوع: الصلح
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-05, 15:33   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

المبحث الثالث : الصلح في المواد المدنية والمصالحة الجزائية.
إذا كان الأصل أن الصلح كأسلوب متميز جائز في المنازعات غير الجزائية , أي في المواد المدنية , بإعتبار أنه يقوم على تنازل طرفي النزاع كل منهما على وجه التبادل عن جزء من حقوقه , ويجد دون منازع أسسه القانونية وتكييفه وطبيعته ومصدره على حد سواء ضمن أحكام القانون المدني كما بينا سابقا , إلا أن هذا المبدأ أو الأصل لم يظل على إطلاقه خاصة في المواد الجزائية , إذنصت بعض التشريعات صراحة وبصفة إستثنائية على إجازة الصلح في بعض الجرائم الخاصة , وهذا ما قضت به المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت صراحة على ما يلي : " ...كما يجوز أن تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة " , وقد صدرت عدة قوانين خاصة تجيز المصالحة في فئة معينة من الجرائم وهي ذات الطابع المالي و الإقتصادي مثل الجرائم الجمركية وجرائم المنافسة والأسعار وجرائم الصرف...إلا أنه يثور الإشكال حول الطبيعة القانونية للصلح في المواد الجزائية أو بما يسمى المصالحة الجزائية , ويحتدم النقاش أكثر حول أسسها القانونية وتكييفها ومصدرها وعلاقتها بالصلح في المواد المدنية , وقبل التطرق لدراسة المصالحة الجزائية بالتفصيل في الفصل الثالث , نقوم في هذا الموضع بتبيين التكييف القانوني للصلح وأسسه في المواد الجزائية ومقارنته بالصلح في المواد المدنية ضمن الفروع التالية :

المطلب الأول : الأسس القانونية للمصالحة في المواد الجزائية .
تنتسب المصالحة من حيث المرجعية إلى القانون المدني كنظام قانوني لتسوية الجرائم بطريقة ودية, والتي تحكمها أحكام الفصل الخامس من الباب السابع من القانون المدني في المواد من 459 إلى 466 ومن الناحية القانونية البحتة تستمد المصالحة في المواد الجزائية مشروعيتها من المادة 06 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية التي تجيز إنقضاء الدعوى العمومية بالمصالحة , وإن كانت القاعدة تقضي بتحريم الصلح في المسائل الجزائية وعدم جواز الدخول في أية مساومة مع الجاني بغرض إعفائه من المسؤولية الجنائية و إفلاته من العقاب , لأن هذا الأمر يهم المجتمع ولا يهم فردا بعينه .
إلا أن هذه القاعدة لم تظل على إطلاقها ومرت المصالحة الجزائية في التشرع الجزائري بثلاث مراحل , تراوحت بين التحريم والرخيص ليستقرالأمر بموجب القانون رقم : 86/05 الذي عدل المادة06 من قانون الإجراءات الجزائية على إقراره المصالحة في المسائل الجزائية متأثرا بذلك بالتشريع الفرنسي الذي يعد من التشريعات الاوائل التي أقرت المصالحة في المواد الجزائية ,كما أن الشريعة الإسلامية تشكل أحد المصادر الهامة للتشريع الجزائري حيث تأثر بها المشرع الجزائري إذ أنها تبيح الصلح في جرائم التعزير التي يمكن إدراج الجرائم المالية والإقتصادية وكذا المخالفات التنظيمية ضمنها لتكون بذلك سندا شرعيا للمصالحة في هذه المجالات وإن كان القانون الوضعي أساسها الحقيقي , ولاتجد المصالحة الجزائية مبرراتها وأساسها في الجانب القانوني فحسب بل إن هناك مبررات عملية فرضت اللجوء إلى المصالحة بالنسبة لبعض الجرائم قليلة الخطورة على النظام العام مثل الجرائم ذات الطابع الإقتصادي والضريبي ,ومن هذه المبررات :
 التخفيف من أعباء القضاء الذي يشهد تزايدا مطردا في القضايا المعروضة عليه وما يترتب على ذلك من إرهاق للقضاة ومساعديهم .
 تفادي طول الإجراءات وتعقيدها وما يترتب على ذلك من التراخي في صدور الأحكام والتأخير في تنفيذ العقوبات .
ضف إلى ذلك وجود مبررات إقتصادية من حيث أن تنمية الموارد المالية للدولة هي الوظيفة الأساسية للإدارات المالية ومن ثمة فلا غرابة أن تكون المصالحة من الوسائل التي تضمن بلوغ هذا الهدف لما تحققه من تخفيف العبء المالي على الدولة ومن نجاعة في تحصيل هذه الموارد .
وبعد أن تناولنا الأسس القانونية والعملية للمصالحة الجزائية بوجه عام يبقى أن نقف على مقارنة بينها وبين الصلح في المواد المدنية .

المطلب الثانى : المقارنة بين الصلح المدني و المصالحة الجزائية.
بعد أن إنتهينا في العنصر السابق إلى تبيان مشروعية المصالحة الجزائية بوجه عام نتطرق في هذا الفرع إلى إشكالية مهمة ترتكز في البحث عن الطبيعة القانونية للمصالحة في المواد الجزائية ذلك أن المصالحة تنتسب من حيث المرجعية إلى القانون المدني و بالضبط في المادة 459 منه , و من هنا نأخد بالإقرار بالطابع التعاقدي للمصالحة الجزائية رغم أن هذا لايعني بالضرورة أنها عقد فإذا كان من المؤكد أن ما يجمع
المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام والعقد المدني أكبر بكثير مما يفرقهما فإنه مع ذلك تبقى المصالحة الجزائية لها خصوصيتها التي تستمدها من طابعها الجزائي و هذا ما نوضحه في العنصرين التاليين من خلال المقارنة بينها و بين العقد المدني و هذا بإعتبار أن هذا الأخير هو المرجعية الاساسية للصلح بصفة عامة جاءت به أحكام القانون المدني لتطبق على الصلح سواء في المواد المدنية أو في المواد الجزائية.
أولا = أوجه الشبه بين الصلح المدني و المصالحة الجزائية :
3- من حيث شروط الإنعقاد : فأحد طرفي المصالحة في المواد الجزائية دائما إما شخصا طبيعيا و إما شخصا معنويا من القانون الخاص , و في كلتا الحالتين يجب أن تتوفر فيه كل الشروط الواجب توافرها في عقد الصلح المدني , و هي الشروط التي تناولناها فيما سبق.
4- من حيث الأثار : تترتب عن الصلح المدني والمصالحة الجزائية أثار بالغة الأهمية يشتركان في إثنين منها :
• حسم النزاع و هذا بإنقضاء الحقوق و الإدعاءات التي تنازل عنها كل من المتصالحين و تثبيت كل ما إعترف به كل من المتصالحين للآخر من حقوق و هذا مانجده في المصالحة الجزائية حيث تنقضي الدعوى العمومية بالنسبة للجريمة المتصالح فيها ويترتب عن ذلك محو أثار الإتهام .
• الأثر النسبي للصلح مدنيا كان أو جزائيا فهو يقتصرعلى المتصالحين و بالتالي لاينتفع به و لا يضار الغير منه.
ومن أوجه الشبه هذه جعل بعض الفقهاء و على رأسهم " قاسين Gassin " و "أليكس Allix" و "روكس Roux" يعتبرون المصالحة الجمركية صلحا مدنيا .
ثانيا = أوجه الإختلاف بين المصالحة الجزائية والصلح المدني .
04- من حيث النزاع : حسب المادة 459 من القانون المدني فإن النزاع في الصلح المدني يكون قائما أو محتملا , وبالمقابل يكون النزاع في القانون الجزائي قائما بالضرورة لأنه النتيجة المباشرة والمؤكدة للمخالفة , إضافة إلى الإختلاف في محل النزاع ذاته فأي نزاع يمكن أن يكون محل الصلح في القانون المدني مهما كان الحق المتنازع فيه وأيا كانت ترتيباته وصحته ومداه , رغم وجود بعض القيود على مبدأ حرية التصالح ترجع أساسا إلى فكرة النظام العام , وبالمقابل فإن المصالحة الجزائية لها طابع إستثنائى وهي مقيدة إذلا يسمح بها إلا في حالات محصورة جدا ينص عليها القانون صراحة .
05- من حيث نية الأطراف : فيكون أطراف الصلح المدني مبدئيا على قدم المساواة وهدفهم واحد إما لتجنب المحاكمة وهذا لتفادي الإجراءات الطويلة والمعقدة وتكاليفها إذا كان النزاع قائما , وإما لتجنب النزاع أساسا إذا كان غير قائم , وعلى عكس ذلك لا يكون أطراف المصالحة الجزائية على قدم المساواة إذ من الصعب تمثيل مركز مرتكب المخالفة بمن يملك سلطة ملاحقته , كما أن قصد الإدارة من إجراء المصالحة هو حفظ ملف الدعوى نهائيا أما قصد المخالف هو تفادي المحاكمة وهذا لوضع حد لنتائج المخالفة .
06- من حيث التنازلات المتبادلة : يتعين على كل طرف من أطراف الصلح المدني أن يتنازل على وجه التبادل عن حقه , ذلك أن الصلح يقتضى التضحية من الجانبين , وغالبا ما تكون التنازلات متوازية وذات طابع رضائي , وعلى عكس ذلك يكون طرفا المصالحة الجزائية في موقعين غير متكافئين تكون الكفة فيهما لصالح الإدارة التي لها كل السلطات لفرض إرادتها على المخالف الذي لا يملك إلا أن يخضع لشروط الإدارة فيسلم من المتابعة أو يرفضها فيساق به أمام القضاء , وفي مثل هذه الظروف فمن غير اللا ئق أن نتكلم عن التنازلات المتبادلة , فالحقيقة أننا أمام " تنازل " صادر من طرف واحد هو الإدارة .
ومن أوجه الإختلاف هذه يرى الأستاذ " دوبريه " أن " بين الصلح في القانون المدني والصلح في القانون الجزائي فرقا شاسعا " , كما أن " الصلح الجزائي مصدره إجرامي وطبيعته قمعية في حين أن الصلح المدني يغلب عليه الطابع التعاقدي " .
وهكذا نلاحظ أن أوجه الخلاف بين المصالحة في المسائل الجزائية والصلح المدني أقوى من اوجه الشبه بينهما ولذلك وجب التمييز بين الإجرائين .
وبقي أن نشير في آخر هذا المبحث أنه وإن كانت المصالحة في المسائل الجزائية تنتسب من حيث المرجعية إلى القانون المدني و كما رأينا في السابق فإنها تندرج من حيث المفعول في مسار جزائي بدءا من مصدرها الإجرامي وإنتهاءا بأثرها المسقط للدعوى العمومية مما يسبغ عليها صفة ردعية متميزة وهي بهذا تضفي عليها طابعا جزائيا وإن كانت ليست بالضرورة جزاءا , أو حتى ربما تعتبر جزاءا إداريا ,فمصدر المصالحة إدارة عمومية وهدفها ردعي بالضرورة ومضمونها ذو طابع مالي بحت .












الفصل الثالث : الصلح في المواد الجزائية .

المصالحة في المواد الجزائية ليست غريبة في القانون الجزائري , حيث كان العمل يجري بها منذ الإستقلال إلى غاية سنة 1975 أين تم تحريمها إثر تعديل نص المادة السادسة الفقرة الأخيرة من الأمر 66/165 المؤرخ في : 08/06/1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية التي كانت تجيزها , وذلك بموجب الأمر 75/46 المؤرخ في:17/06/1975 وإثر هذا التعديل أصبح قانون الإجراءات الجزائية ينص صراحة على تحريم المصالحة , غير أن المشرع تراجع عن موقفه حيث عدل ثانية نص المادة السادسة المذكورة بموجب القانون 86/05 الصادر في : 04/03/1986 , فأجاز إنقضاء الدعوى العمومية بالمصالحة .
و المشرع في بعض الجرائم قيد المتابعة الجزائية بضرورة تقديم شكوى من الطرف المضرور , كما هو الأمر في جريمة الزنا والسرقات و النصب وخيانة الأمانة التي تقع بين الأقارب والحواشي والأصهار لغاية الدرجة الرابعة حسب المواد : 339 , 369 , 373 و377 من قانون العقوبات , وأن التنازل عن الشكوى في هذه الجرائم يضع حد للمتابعة .
ولا يمكن إعتبار هذه الحالات المحددة على سبيل الحصر والتي يؤدي التنازل فيها عن الشكوى إلى وضع حد للمتابعة الجزائية بأنها مصالحة لأن المشرع هنا أخذ بعين الإعتبار بالروابط العائلية فجعل تحريك الدعوى العمومية مقيد بتقديم شكوى من الطرف المضرور , إضافة إلى أنه و إن كان سحب الشكوى يؤدي إلى إنقضاء الدعوى العمومية إلا أن المشرع نص في المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه تنقضي الدعوى العمومية بسحب الشكوى إذا كانت هذه شرط لازم للمتابعة من جهة , وبالمصالحة إذا كان
القانون يجيزها صراحة من جهة أخرى , وبالتالي لايمكن الخلط بين الأمرين , رغم مايثيره هذا الموضوع من جدال فقهي وقضائي لايسعنا في هذا المقام الخوض فيه .
كما نص المشرع الجزائري في قانون العقوبات على بعض الإعفاءات من العقاب في بعض الجرائم الخاصة والتي تتعلق بالسرقات والنصب وخيانة الأمانة التي تقع من الأصول إضرارا بأولادهم أو غيرهم من الفروع , والفروع إضرارا بأصولهم , وأحد الزوجين إضرارا بالزوج الآخر حسب المواد 368 , 373 ,377 من قانون العقوبات , وفي مثل هذه الحالات لايمكن كذلك إعتبار ها من قبيل المصالحة وذلك لكون
أن الدعوى العمومية تبقى قائمة , والقاضي يثبت الإدانة على مرتكب الجريمة إلا أن هذا الأخير يعفى من العقاب حفاظا على الروابط العائلية .
وقد نصت المادة 02 من القانون رقم 99/08 المؤرخ في 13/07/1999 والمتعلق باستعادة الوئام المدني على أن يستفيد الأشخاص المذكورين أعلاه وحسب الحالات من الإعفاء من المتابعة , ونفهم من نص المادة 03 من نفس القانون أنه لا يتابع قضائيا من سبق أن إنتمى إلى إحدى المنظمات المذكورة في المادة 87 مكرر3 من قانون العقوبات داخل الوطن أو خارجه ولم يرتكب أو يشارك في أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات , أدت إلى قتل شخص أو سببت له عجزا دائما أو إغتصابا أو لم يستعمل متفجرات في أماكن عمومية أو أماكن يتردد عليها الجمهور , والذي يكون قد أشعر في أجل ستة أشهر إبتداءا من تاريخ صدور هذا القانون , السلطات المختصة بتوقفه عن كل نشاط إرهابي أو تخريبي وحضر تلقائيا أمام هذه السلطات المختصة .
فنلاحظ من خلال قانون الوئام المدني أنه يوجد تنازل بين طرفين , إذ يتنازل الأول ويصرح بعدم القيام في المستقبل بهذه الأفعال التي يحرمها القانون ويسلم الأسلحة والذخيرة , وتلتزم السلطة بالمقابل بعدم المتابعة والإعفاء التام من ذلك , ولكن لا يمكن اعتبار ذلك مصالحة لأن المشرع كان يهدف من قانون الوئام المدني الذهاب تدريجيا إلى المصالحة الوطنية , وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد .
وعليه وكما أشرنا في الفصل الأول فإن الأساس القانوني للمصالحة في المواد الجزائية يتمثل في نص المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية و التي أجازت صراحة وبصفة إستثنائية إنقضاء الدعوى العمومية
بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة , وقد صدرت عدة قوانين خاصة تجيز المصالحة في فئة معينة من الجرائم وهي الجرائم ذات الطابع المالي والإقتصادي المتمثلة في : الجرائم الجمركية , جرائم الصرف , جرائم المنافسة والأسعار , و في بعض المخالفات التنظيمية وذلك لعدم خطورتها .
وهذه المواضيع هي التي سيتم تناولها في هذا الفصل ضمن المباحث التالية :
 المبحث الأول : المصالحة في قانون الجمارك .
 المبحث الثاني : المصالحة في قانون الصـرف .
 المبحث الثالث : المصالحة في قانون المنافسة والأسعار .
 المبحث الرابع : المصالحة في المخالفــات التنظيــميــــة .

المبحث الأول : المصالحة في قانون الجمارك.
صدر قانون الجمارك في ظل التحريم الذي أقره المشرع بشأن المصالحة بشكل عام في المواد الجزائية , إثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب الأمر 75/46 المؤرخ في :17/06/1975 إذ جاء في المادة 06 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية أنه : " لا يجوز بأي وجه من الوجوه ان تنقضي الدعوى بالمصالحة ".
فكان لزاما على المشرع أن لا ينص على المصالحة في قانون الجمارك لذلك إلتجأ إلى استبدالها بالتسوية الإدارية التي تطورت شيئا فشيئا إلى أن وصلت إلى المصالحة, إذ كانت في بادئ الأمر لا تخص إلا المخالف و أثرها ينصب في الدعوى الجبائية فقط حتى بعد صدور حكم نهائي و من ثم تطورت لتشمل أي شخص متابع بشأن جريمة جمركية , وفي أي مرحلة كانت عليها الدعوى , إلى غاية مطلع سنة 1992 أين حلت المصالحة محل التسوية الإدارية بموجب قانون المالية لسنة 1992 , ولعل من الأسباب التى أدت بالمشرع إلى الرجوع إلى العمل بالمصالحة كونها ليست غريبة عن قانون الجمارك الجزائري , وبالتالي مادام تم تعديل نص المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية التي أصبحت تجيز المصالحة فكان من الضروري التراجع والنص على المصالحة في قانون الجمارك , زيادة كون التحريم كان في ظل النظام الإشتراكي الذي لا يتسامح في الجرائم الماسة بالإقتصاد الوطني .

وسنعمل في دراستنا هذه على إبراز أهم الشروط الموضوعية والإجرائية للمصالحة , وكذا الشروط الواجب توافرها في المتصالحين , وآثارها ضمن المطالب التالية .
المطلب الأول : شروط المصالحة الجمركية .
المصالحة ليست حق لمرتكب الجريمة الجمركية , وإنما هي امتياز تمنحها إدارة الجمارك , لذلك وضع لها المشرع شروط إجرائية وموضوعية لصحتها .
الفرع الأول : الشروط الموضوعية و الإجرائية .

أولا : الشروط الموضوعية :
تتمثل في شرطين أساسيين هما : أن تكون الجريمة قابلة للمصالحة و أن يتم الإتفاق مع من له الحق في المصالحة .
01 - أن تكون الجريمة قابلة للمصالحة :
المبدأ = الأصل أن المصالحة جائزة في جميع الجرائم الجمركية مهما كان وصفها جنحا كانت أو مخالفات وكذلك سواء كانت متعلقة بأعمال التهريب أو بالإستيراد و التصدير بدون تصريح أو بتصريح مزور ولكن هناك إستثناءات لهذا المبدأ نتناولها فيما يأتي .
الإستثناءات = هناك إستثناءات عامة وردت في قانون الجمارك وإستثناءات خاصة متعلقة بالجرائم التي تكون ذات طبيعة مزدوجة , فهي جرائم جمركية من جهة , وجرائم من قانون عام أو خاص من جهة أخرى .
 الإستثناءات العامة : لا يمكن المصالحة في أي حال من الأحوال في الجرائم الجمركية التي تكون فيها البضاعة محل الجريمة من البضائع المحظورة عند الاستيراد أو التصدير , وهذا ما نصت عليه المادة 265 فقرة 03 من قانون الجمارك بقولها : " لا تجوز المصالحة في المخالفات المتعلقة بالبضائع المحظورة عند الإستراد أو التصدير حسب مفهوم الفقرة
الأولى من المادة 21 من هذا القانون " .
غير أن البضائع الخاضعة لقيود عند الجمركة , لا تدخل ضمن ما نصت عليه هذه المادة , لأن المادة 21 تنص على أن البضائع المحظورة هي البضائع التي يمنع استيرادها أو تصديرها بأية صفة كانت , والبضائع المحظورة نوعين , المحظورة حظرا مطلقا و المحظورة حظرا نسبيا .
والمادة 21 السالفة الذكر لم تحدد قائمة هذه البضائع و إنما قبل تعديلها كانت تحيل إلى المرسوم التنفيذي الصادر بتاريخ 28/03/1992 .
1 - البضائع المحضورة حضرا مطلقا :
وهي البضائع التي يمنع استيرادها أو تصديرها بصفة مطلقة , وهي المنتوجات المادية والفكرية , فالمنتجات المادية تشمل على سبيل المثال البضائع ذات علامات منشأ مزور , العملة الوطنية و البضائع التي منشؤها بلد محل مقاطعة تجارية كإسرائيل مثلا .
والمنتجات الفكرية تشمل النشريات الأجنبية التي من شأنها المساس بالآداب العامة وكذا الإشادة بالعنصرية والانحراف وغيرها .
2 - البضائع المحظورة حظرا جزئيا :
وهي البضائع التي تخضع إلى ترخيص من السلطات المختصة من أجل استيرادها أو تصديرها , كالعتاد الحربي والأسلحة والذخيرة والمواد المتفجرة فهي تخضع لترخيص من وزارة الدفاع الوطني , كذلك المخدرات يخضع استيرادها إلى رخصة من وزارة الصحة كون قانون الصحة قد حضر استيراد هذه المواد إلا لأسباب علاجية , كذلك تجهيزات الإتصال إستيرادها موقوف على رخصة من وزارة البريد , و أدوات القياس يخضع استيرادها إلى تأشيرة مصالح القياس .
 الإستثناءات الخاصة :هناك إستثناءات خاصة منها ما جاء في الإجتهاد القضائي , ومنها ما جاء في النصوص التنظيمية الجمركية .
أ - من إجتهاد القضاء :
أبرز القضاء نوع آخر من الجرائم التي لا تجوز فيها المصالحة وهي الجرائم المزدوجة والتي هي من القانون العام والخاص وتقبل وصفا جمركيا فلقد استقر الإجتهاد القضائي على أن المصالحة في هذا النوع لا ينصرف أثرها إلى جريمة القانون العام أو الخاص المرتبطة بها , ومنها على وجه المثال :
 إستيراد وتصدير مخدرات بطريقة غير شرعية .
 إستعمال صفيحة أو قيد تسجيل على مركبة ذات محرك أو مقطورة تحمل رقم مزورا .
 إستراد أو تصدير النقود أو المعادن الثمينة والأحجار الكريمة بطرقة غير شرعية .
فمثل هذه الجرائم تقبل وصفين , جريمة جمركية من جهة وجريمة من جرائم القانون العام أو الخاص من جهة أخرى , وبالتالي فالمصالحة في الجريمة الجمركية لا يستند على الوصف الثاني .
ب- ومن النصوص التنظيمية الجمركية :
صدرت مذكرة عن المدير العام للجمارك رقم 303 مؤرخة في 31/01/1999 تتضمن توجيهات عامة موجهة إلى مسئولي إدارة الجمارك المؤهلين لإجراء المصالحة نصت على أنه : " لا يجوز المصالحة في حالات معينة وهي :
 أعمال التهريب المرتكبة باستعمال أسلحة نارية ,
 الجرائم المتعلقة بتهريب البضائع ذات الإستهلاك الواسع كالسميد , الفرينة , العجائن الغذائية , الخضر الجافة , الزيت , السكر , القهوة , الشاي , الحليب , الطماطم المصبرة , اللحوم الحمراء , الأدوية, القمح , غذاء الأنعام ,الوقود ...
 الجرائم الجمركية المرتكبة من قبل أعوان الجمارك أو أي عون من الأعوان المؤهلين لمعاينة المخالفات الجمركية , أو المتورطين فيها " .

02 - يجب أن يتم الاتفاق مع من له الحق في المصالحة :
يشترط لقيام المصالحة قيام رضاء متبادل بين المتهم و إدارة الجمارك إذ يتعين أن يتفق عليه الطرفان , فالمصالحة كما سبق وأن ذكرنا ليست حقا لأي من الطرفين فلا تملك الإدارة أن تفرضه على المتهم بقرار منها كما أنها غير ملزمة بقبوله إذا طلبه المتهم , و لهذا الأخير قبوله أو رفضه وفقا لما تقتضيه مصلحته وهذا ما جاءت به المادة 265 من قانون الجمارك التي أكدت بصفة واضحة على الطابع الرضائي للمصالحة .
ثانيا : الشروط الإجرائية .
لقيام المصالحة الجمركية لابد أن يقوم الشخص المتابع بتقديم طلب إلى الجهة المؤهلة لذلك وأن توافق على ذلك ما إذا كانت المخالفة المرتكبة من المخالفات التي تستوجب فيها المصالحة أخذ رأي اللجنة الوطنية أو اللجان المحلية للمصالحة , ولا تكون المصالحة نهائية محدثة لأثارها إلا بعد صدور قرار المصالحة .
1/ طلب الشخص المتابع من أجل جريمة جمركية :
- يجب أن يقدم الطلب من الشخص المتابع بجريمة جمركية بالمعنى الواسع , أي بالإضافة إلى مرتكب الجريمة , الشريك و المستفيد من الغش والمصرح لدى الجمارك والموكل والكفيل .
فالطلب في الأصل لا يخضع لأي شكل , لكن من المرسوم التنفيذي رقم 99/195 المؤرخ في : 16/08/1999, المتضمن تحديد و إنشاء لجان المصالحة وتشكيلها وسيرها, يتضح أن الكتابة ضرورية إذا كانت المصالحة تخضع إلى رأي اللجنة الوطنية أو المحلية للمصالحة , إما مصالحة مؤقتة في حالة عرض نقدي مضمون بتقديم كفالة بنسبة 25 % من مبالغ الغرامات , وإما إذعان للمنازعة مكفولا , وهذا الشرط تم تعميمه على كافة طلبات المصالحة ويترتب على عدم تقديم المبلغ عدم قبول الطلب شكلا .
وقد كان قانون الجمارك قبل تعديله بموجب القانون رقم 98/10 يحصر ميعاد المصالحة قبل صدور حكم نهائي , وإثر تعديل القانون صارت المادة 265/8 تجيز المصالحة بعد صدور حكم قضائي نهائي على أن ينحصر أثرها في العقوبات ذات الطابع الجبائي وهما الغرامات والمصادرة الجمركية دون العقوبات ذات الطابع الجزائي كعقوبة الحبس والغرامة البديلة لها في حالة تطبيق الظروف المخففة .
والطلب يوجه حسب طبيعة الجريمة الجمركية ومبلغ الحقوق والرسوم وفق الترتيب الآتي : رؤساء المراكز , فرؤساء المفتشيات , ثم رؤساء مفتشيات الأقسام , فالمديرون الجهويون , وأخيرا المدير العام للجمارك .
2/ موافقة إدارة الجمارك :
المصالحة هي مكنة أجازها المشرع لإدارة الجمارك تمنحها متى رأت إلى الأشخاص الملاحقين الذين يطلبونها ضمن الشروط المحددة عن طريق التنظيم .
وحتى تتجسد المصالحة لا يكفي تقديم الطلب من طرف المخالف فقط وإنما يتعين أن توافق إدارة الجمارك على ذلك وموافقتها هذه تأخذ شكل قرار مصالحة .
ويميز التنظيم الجمركي بين الحالات التي لا تحتاج فيها المصالحة إلى رأي اللجنة الوطنية أو اللجان المحلية والحالات الأخرى التي تخضع إلى رأي اللجان المذكورة .
ويصدر قرار المصالحة من طرف المسؤول المختص ويبلغ إلى مقدم الطلب في ظرف خمسة عشر يوم من تاريخ صدوره , ويمنح أجلا محدد للدفع , وفي حالة عدم امتثاله فإن الملف يحال إلى القضاء من أجل المتابعة.
ويتضمن قرار المصالحة على وجه الخصوص البيانات التالية : أسماء وصفات الأطراف المتصالحة , تاريخ إنعقاد المصالحة , وإمضاء الأطراف والإتفاق المتوصل إليه وشروط المصالحة, وقبولها من طرف
صاحب الطلب وكذا رقم إيصال دفع المبلغ المتصالح عليه و وصف المخالفة والنصوص المطبقة عليها والعقوبات المقررة لها .
الفرع الثاني : الشروط المتعلقة بأطراف المصالحة .
لكي تكون المصالحة صحيحة منتجة لأثارها بين الإدارة والشخص محل المتابعة ينبغي أن تكون الإدارة المعنية ممثلة بشخص مختص قانونا لإجراء المصالحة ومؤهل لهذا الغرض وأن يتمتع الشخص المتصالح مع الإدارة بالأهلية اللازمة لعقد الصلح , وهذا ما سنتطرق إليه .
I. الإدارة :
يجب أن يكون ممثل الإدارة الذي يجري المصالحة مختصا , وإلا كانت باطلة , ولقد رخصت المادة 265/02 لإدارة الجمارك إجراء المصالحة ولم يحدد قانون الجمارك قائمة مسئولي إدارة الجمارك المؤهلين لإجرائها ولا مستويات اختصاصهم , بل أحال إلى التنظيم .
وبالرجوع إلى القرار الصادر عن وزير المالية بتاريخ 22/06/1999 , وكذا إلى المرسوم التنفيذي رقم 99/195 المؤرخ في 16/08/1999 نجدهما يحددان قائمة مسئولي إدارة الجمارك المؤهلين لإجراء المصالحة ونطاق اختصاص كل منهم .
أ/ ممثلو إدارة الجمارك المؤهلون لإجراء المصالحة :
كان قانون الجمارك قبل تعديله بموجب القانون 98/10 يمنح حق التصالح للوزير المكلف بالمالية الذي يحدد بدوره بقرار منه قائمة مسئولي إدارة الجمارك المؤهلين لإجراء المصالحة , ولكن وعلى إثر تعديل نص المادة 265/02 أصبحت المصالحة حق أصلي لإدارة الجمارك تمارسه مباشرة وبحكم القانون وليس على سبيل التفويض من وزير المالية أو عن طريق الانتداب , غير أن وزير المالية إحتفظ بحق تحديد قائمة
مسؤلي إدارة الجمارك المؤهلين لإجراء المصالحة حيث أحالت المادة 265/02 إلى قرار وزير المالية بشأن هذه المسألة .
وقد حدد قرار وزير المالية المؤرخ في 22/06/1999 السالف الذكر قائمة مسئولي إدارة الجمارك المؤهلين لإجراء المصالحة مع الأشخاص المتابعين بسبب مخالفات جمركية وكذا اختصاصهم على النحو التالي :
01 - المدير العام للجمارك :بمكن للمدير العام للجمارك التصالح قبل أو بعد حكم نهائي في فئة من المخالفات تارة دون الحاجة إلى استشارة اللجنة الوطنية للمصالحة وتارة أخرى بعد أخذ رأيها وذلك حسب صفة مرتكب المخالفة الجمركية ومبلغ الحقوق والرسوم المتملص منها أو المتغاضي عنها .
واللجنة الوطنية للمصالحة تتواجد في مقر المديرية العامة للجمارك وتتشكل من :
• المدير العام للجمارك أو ممثله رئيسا .
• مديرو المنازعات و التشريع والتنظيم والتقنيات الجمركية, القيمة والجباية , مكافحة الغش ,أعضاء .
• المدير الفرعي للمنازعات , مقررا .
02 – المد راء الجهويين : يمكنهم التصالح قيل أو بعد حكم نهائي في فئة من المخالفات , تارة دون حاجة إلى استشارة اللجنة المحلية للمصالحة , وتارة أخرى بعد أخذ رأيها وهذا حسب صفة مرتكب المخالفة ومبلغ الحقوق والرسوم المتملص أو المهرب من دفعها.
توجد لجنة محلية للمصالحة في مقر كل مديرية جهوية وتتشكل من :
• المدير الجهوي للجمارك رئيسا .
• المدير الجهوي للمساعد للشؤون التقنية , رئيس مفتشية الأقسام المختص إقليميا , رئيس المكتب الجهوي لمكافحة الغش , أعضاء .
• رئيس المكتب الجهوي للمنازعات , مقررا .
03 – رؤساء مفتشيات الأقسام للجمارك :يمكنهم التصالح قبل حكم نهائي فقط في فئة معينة من المخالفات .
04 - رؤساء المفتشيات الرئيسية : يمكنهم التصالح قبل حكم نهائي فقط في فئة من المخالفات
05 – رؤساء المراكز : يمكنهم كذلك التصالح قبل حكم نهائي فقط في فئة معينة من المخالفات .
ب/ الأشخاص المرخص لهم بالتصالح مع الإدارة :
نصت المادة 265 الفقرة 02 من قانون الجمارك على أنه يمكن إجراء مصالحة مع الأشخاص المتابعين بسبب المخالفات الجمركية بناءا على طلبهم .
و الأشخاص المتابعين بسبب المخالفات لها مفهوم واسع فهو يشمل كل من إرتكب المخالفة والشريك والمستفيد من الغش وكذلك المسؤول المدني , وكذلك مرتكب المخالفة في حد ذاتها يشمل كل من الحائز والناقل والوكيل لدى الجمارك والمتعهد , والمسؤول المدني يشمل المالك والكفيل أوالضامن .
II. الأهلية اللازمة لإجراء المصالحة :
أولا = الشخص الطبيعي :
للبالغ الذي يتمتع بقواه العقلية غير المحجور عليه أن يجري المصالحة مع الإدارة , و لكن يثار التساؤل حول مفهوم البالغ نظرا لإختلاف سن الرشد في القانونين الجزائي والمدني , حيث يكون سن الرشد في الأول ببلوغ الثامنة عشرة , وببلوغ سن التاسعة عشرة في القانون المدني ؟
و للإجابة عن هذا التساؤل نرجع إلى طبيعة المصالحة , فإذا اعتبرناها ذات طابع مدني فنطبق أحكام القانون المدني, فإذا أخذنا بالطابع الجزائي طبقنا القانون الجزائي , لكن منطقيا ما دام الشخص يسأل جزائيا فنأخذ بسن الرشد الجزائي وهو الثامنة عشرة .
أما إذا كان الشخص قاصرا بالغا سن الثالثة عشرة ( 13 )ولم يبلغ الثامنة عشرة ( 18 ) فالمصالحة تكون عن طريق مسؤوله المدني , أما إذا لم يكن يبلغ من العمر سن الثالثة عشرة فلا مجال للحديث عن المصالحة فيما يخصه لأنه لا يسأل جزائيا .
ثانيا = الشخص المعنوي :
إن قانون الجمارك يستبعد ضمنيا المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عندما يتصرف بصفته وكيلا لدى الجمارك ومن ثمة فإن المسير هو الذي يتحمل المسؤولية الجزائية .
أما إذا كان الشخص المعنوي مؤسسة إقتصادية عامة أو خاصة ويمارس نشاطا تجاريا , فإن المسير يحق له إجراء المصالحة بإسم المؤسسة بصفته وكيلا قانونيا عنها, على أن يعرض الأمر على مجلس الإدارة أوباقي الشركاء .

المطلب الثاني : آثار المصالحة الجمركية .
تختلف آثار المصالحة في المجال الجمركي بإختلاف المرحلة التي تتم فيها , سواء قبل صدور حكم نهائي أو بعده وهذا ما سنتناوله في الفرعين التاليين .

الفرع الأول : آثار المصالحة فبل صدور حكم قضائي نهائي .
أجاز قانون الإجراءات الجزائية في المادة السادسة إنقضاء الدعوى العمومية بالمصالحة , فنصت على أن الدعوى العمومية تنقضي بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة .

ومما لا شك فيه ان الأثر الأساسي المترتب على المصالحة الجمركية بالنسبة لمرتكب المخالفة هو انقضاء الدعويين الجبائية والعمومية ومحو آثار الجريمة , ولقد صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 06/11/1994 قضى بأن المصالحة الجمركية تؤدي إلى إنقضاء الدعوى العمومية .
كما ورد في تعديل نص المادة 265 من قانون الجمارك بموجب القانون 98/ 10 و حيث صارت الفقرة الثامنة تنص صراحة على إنقضاء الدعويين العمومية والجبائية بالمصالحة عندما تجري قبل صدور حكم نهائي.
فإذا تمت المصالحة قبل إرسال الملف إلى القضاء فإن الملف يحفظ على مستوى الإدارة , وإذا كان الملف على مستوى النيابة وتمت الصالحة فإن النيابة تحفظ الملف , و أما إذا كان على مستوى قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام فإنه يتم إصدار أمرا أو قرارا بأن لا وجه للمتابعة , في حين إذا كانت القضية أمام جهة الحكم فإنه يتعين التصريح بإنقضاء الدعوى العمومية وليس البراءة , وإذا كانت القضية أمام المحكمة العليا , فتصرح برفض الطعن بسبب المصالحة .
الفرع الثاني : آثار المصالحة بعد صدور حكم نهائي .
المصالحة التي تجري بعد صدور حكم نهائي لا يترتب عليها أي أثر فيما يخص العقوبات السالبة للحرية أو الغرامات الجزائية أو المصاريف الأخرى , ومن ثم ينحصر أثرها في الجزاءات الجبائية ولا ينصرف إلى العقوبات الجزائية , فقد كانت المادة 265-05 من قانون الجمارك قبل تعديلها بموجب القانون 98/ 10 , تشترط أن تكون المصالحة الجمركية قبل صدور حكم قضائي نهائي , ولكن إثر تعديل نص هذه المادة حيث أصبحت فقرتها الثامنة تجيز المصالحة بعد صدور حكم نهائي .

وبالتالي فإن آثار المصالحة تختلف بإختلاف المرحلة التي تمت خلالها فإذا كانت قبل صدور حكم نهائي فإن المصالحة تمحوا آثار الجريمة ولا يبقى منها شيئ , فلا تقيد الجريمة في صحيفة السوابق القضائية ولايعتد بها لإحتساب العود , وأن المصالحة التي تتم بعد صدور حكم قضائي نهائي فإن أثرها لا يمتد إلا للجزاءات الجبائية دون العقوبات الجزائية التي تبقى قائمة.
المبحث الثاني : المصالحة في قانون الصرف .
لقد مرت المصالحة في جرائم الصرف بثلاثة مراحل نوردها فيما يلي :
o مرحلة الإجازة : وإمتدت من سنة 1963 إلى غاية 1969 وكانت هذه المرحلة على فترتين :
 الأولى : خلال هذه الفترة كانت جرائم الصرف تخضع للأمر رقم 45/1088 المؤرخ في : 30/05/1945 وهو تشريع فرنسي , حيث كان يجيز المصالحة في جرائم الصرف .
 الثانية : حيث أجازت المادة 53 من قانون المالية لسنة 1970 للوزير المكلف بالمالية والتخطيط أو أحد ممثليه المؤهلي إجراء مصالحة مع مرتكبي جرائم الصرف ضمن الشروط التي حددها الوزير.
o مرحلة التحريم : وإمتدت من 1975 إلى سنة 1986 حيث تم تكريس هذا التحريم بإلغاء قانون المالية لسنة 1970 وصدور الأمر رقم 75/46 المؤرخ في 17/06/1975 المعدل والمتمم للأمر رقم 66 /165 المؤرخ في :08/06/1966 المتضمن قانون اللإجراءات الجزائية وبموجبه تم تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية التي كانت تجيز المصالحة في المواد الجزائية بالنص صراحة على تحريم المصالحة في المسائل الجزائية .
o مرحلة إعادة الإجازة : و امتدت من 1987 إلى غاية سنة 1996 , وكانت هذه المرحلة على ثلاثة فترات :
 الاولى : حيث أجازت المادة 103 من قانون المالية لسنة 1987 لوزير المالية إجراء مصالحة مع مرتكبي جرائم الصرف عندما تتعلق بالنقود بالعملة الأجنبية القابلة للتحويل , فخلال هذه الفترة عرفت المصالحة إجازة مشروطة .
 الثانية : عرفة هذه الفترة إتساعا في مجال تطبيق المصالحة في جرائم الصرف وذلك من خلال تعديل المادة 265 من قانون الجمارك بموجب قانون المالية لسنة 1992 التي أصبحت تجيز المصالحة في المواد الجمركية , وكذلك تعديل المادة 340 من نفس القانون بموجب القانون 90/16 المؤرخ في 08/07/1990, وذلك بإزالة أي لبس عن إستقلال مخالفة التنظيم النقدي المنصوص عليه في قانون العقوبات عن المخالفة الجمركية من حيث العقوبات .
 الثالثة : حيث أصبحت المصالحة جائزة في كل جرائم الصرف في مختلف صورها , وذلك بصدور الأمر رقم 96/22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال .
بعد التطرق إلى المراحل التي مرت بها المصالحة في مجال الصرف سوف نبين شروطها والأشخاص المرخص لهم بالتصالحة مع الإدارة ثم آثارها في المطالب التالية .

المطلب الأول : شروط المصالحة في مجال الصرف .
تخضع المصالحة في مجال الصرف إلى شروط موضوعية وإجرائية , وكذا إلى شروط أخرى تتعلق بأطراف المصالحة نوردها فيما يلى :

الفرع الأول : الشروط الموضوعية والإجرائية .
أ – الشروط الموضوعية : حسب نص المادة التاسعة من الأمر رقم 96/22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال فإن المصالحة جائزة في مختلف صور جرائم الصرف .
غير أنه استثناء على ذلك فقد نصت المادة العاشرة من نفس الأمر على عدم جواز إجراء المصالحة مع المتهم الذي يكون في حالة عود , ففي هذه الحالة تحال مباشرة محاضر معاينة الجريمة إلى نيابة الجمهورية من أجل المتابعة القضائية .
ولكن ما يقصد بحالة العود ؟
يأخذ مفهوم العود مدلولين إثنين هما , سبق الإدانة من أجل جنحة من جنح الصرف , أو سبق التصالح من أجل إرتكاب جنحة من جنح الصرف , ويستشف ذلك من أحكام المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي 97/285 المؤرخ في : 14/07/1997 المتضمن تحديد شروط إجراء المصالحة في مجال مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج .
ولكن إثر تعديل نص المادة العاشرة المذكورة أصبحت المصالحة جائزة حتى مع متهم في حالة عود .
ب – الشروط الإجرائية : تتمثل هذه الشروط فيما يلي :
01 – طلب مرتكب المخالفة : يمكن لمرتكب جريمة الصرف أن يطلب إجراء مصالحة وذلك حسب نص المادة 02 من المرسوم رقم 03/111 المؤرخ في 05/03/2003 المحدد لشروط إجراء المصالحة في مجال جرائم الصرف وتنظيم اللجنة الوطنية واللجنة المحلية للمصالحة وسيرها , فما هي هذه الشروط ؟
1.  شكل الطلب : الأصل أن يكون الطلب كتابيا , وإن كان المرسوم السالف الذكر لم يفر الكتاية صراحة ولا يشترط في الطلب صيغة أو عبارة معينة , كما يجب أن يقدم الطلب من مرتكب المخالفة شخصيا إذا كان شخصا طبيعيا ومن المسؤول المدني إذا كان مرتكب المخالفة قاصرا , ومن ممثله الشرعي إذا كان الفاعل شخصا معنويا .
2.
3.  ميعاد تقديم الطلب : يستنتج من المادة التاسعة مكرر من الأمر 96/22 المعدل والمتمم بالأمر 03/111 أن طلب إجراء المصالحة يقدم في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ معاينة المخالفة , لكن ما مصير الطلب المقدم بعد إنقضاء مهلة الثلاثة أشهر من تاريخ معاينة المخالفة ؟ , يتبين من الفقرة الأخيرة من المادة 09مكرر السالفة الذكر أنه يجوز إجراء المصالحة حتى بعد مباشرة المتابعات و إلى غاية صدور حكم قضائي نهائي .
4.  ضرورة إيداع كفالة : حسب نص المادة 03 من المرسوم 03/111 فإنه يجب على مقدم الطلب أن يقوم بإيداع كفالة تمثل 30% من قيمة محل الجنحة لدي المحاسب العمومي المكلف بالتحصيل قبل النظر في طلب المصالحة .

2- موافقة الإدارة : إن تحديد الجهة المخول لها سلطة الموافقة على المصالحة يخضع إلى قيمة محل الجنحة وذلك كما يلي :
أ – إذا كانت قيمة محل الجنحة لا تتجاوز 500 ألف دينار جزائري , أو إذا أرتكبت المخالفة دون علاقة بعملية للتجارة الخارجية :
هنا يوجه طلب المصالحة إلى اللجنة المحلية للمصالحة التي تتكون من مسؤول الخزينة في الولاية رئيسا , ومسؤول الجمارك في الولاية عضوا , ومدير البنك المركزي بمقر الولاية عضوا هو الآخر .
يتم إستدعاء أعضاء اللجنة المحلية للمصالحة من رئيسها , ويتم إعلامهم بالملفات الواجب دراستها قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ الإجتماع , وتتخذ قرارات اللجنة المحلية للمصالحة بأغلبية أصوات أعضائها .
وترسل نسخة من مقرر المصالحة الممنوحة إلى وزير المالية ويبلغ مقرر منح المصالحة أو رفضها في خلال
15 يوم التي تلي إمضاءه بموجب محضر تبليغ أو رسالة موصى عليها لا مع وصل استلام أو أية وسيلة قانونية أخرى .
وحسب المادة 09 من المرسوم التنفيذي 03/111 يتحدد مبلغ المصالحة بتطبيق نسبة متغيرة تتراوح ما بين 200% و 250% من قيمة محل الجنحة , والمشرع هنا لم يميز بين الشخص الطبيعي والمعنوي .
ويمنح لمرتكب المخالفة أجل 20 يوم إبتداءا من تاريخ إستلام مقرر المصالحة لدفع مبلغها وإلا تودع ضده شكوى لدى الجهة القضائية المختصة , وعندما يرفض طلب المصالحة ترد الكفالة إلى المخالف .
ب – إذا كانت قيمة محل الجنحة تتجاوز 500 ألف دينار جزائري :
هنا يوجه طلب المصالحة إلى اللجنة الوطنية للمصالحة والتي تتكون من : ممثل رئاسة الجمهورية رئيسا , وممثل عن رئاسة الحكومة , و وزير المالية وكذا محافظ بنك الجزائر أعضاءا , ونميز هنا بين حالتين :
5.  الحالة الأولى : إذا كانت قيمة محل الجنحة تتجاوز 500 ألف دينار وتقل عن 50 مليون دينار , فهنا اللجنة تتخذقراراتها بأغلبية الأصوات , وفي حالة التساوي يرجح صوت الرئيس طبقا للمادة 07 من المرسوم 03/111 , وحسب نص المادة الرابعة منه فإنه لتحديد مبلغ المصالحة لا بد من التميز بين ما إذا كان مرتكب المخالفة شخصا طبيعيا أو معنويا , فإذا كان طبيعيا فمبلغ المصالحة يتحدد بتطبيق نسبة متغيرة تتراوح مابين 200% و 400% من قيمة محل الجنحة , وإن كان المخالف شخصا معنويا فمبلغ المصالحة يتحدد بتطبيق نسبة تتراوح مابين 400% و700% من قيمة محل الجنحة دائما .
6.  الحالة الثانية : إذا كانت قيمة محل الجنحة تساوي 50 مليون دينار أو تفوقها , في هذه الحالة وحسب نص المادة 05 من المرسوم 03/111 تبدي اللجنة الوطنية للمصالحة رأيا مسببا وترسل الملف إلى الحكومة لإتخاذ القرار في مجلس الوزراء , ويجب أن لا يقل مبلغ المصالحة الذي تقترحه اللجنة الوطنية للمصالحة في رأيها عن ضعف قيمة محل الجنحة بالنسبة للشخص الطبيعي وعن أربعة أضعاف عن هذه القيمة بالنسبة للشخص المعنوي .



الفرع الثاني : الشروط المتعلقة بأطراف المصالحة .
يتمثل أطراف المصالحة في الإدارة من جهة وطالب المصالحة من جهة أخرى , فمن هم الأشخاص المؤهلين قانونا بإجراء المصالحة , ومن هم الأشخاص المرخص لهم بالتصالح مع الإدارة ؟
I. الإدارة :
حددت أحكام الأمر 96/22 المعدل والمتمم , وكذا احكام المرسوم 03/111 المؤهلين قانونا لاجراء المصالحة وذلك كما يلي :
1. اللجنة المحلية للمصالحة : وتتكون من مسؤول الخزينة في الولاية رئيسا , مسؤول الجمارك في الولاية ومدير البنك المركزي في مقر الولاية اعضاءا , وحتى تكون هذه الجنة مؤهلة لاجراء المصالحة يجب ان تكون قيمة محل الجنحة لاتتجاوز 500 ألف دينار إذا ارتكبت المخالفة دون علاقة بعملية للتجارة الخارجية , وتتخذ هذه الجنة قراراتها بأغلبية الأصوات وترسل نسخة من مقرر المصالحة الى وزير المالية .
2. اللجنة الوطنية للمصالحة : وتتكون من ممثل رئاسة الجمهورية رئيسا , وممثل رئاسة الحكومة ,ووزير المالية ومحافظ بنك الجزائر أعضاءا , وحتى تكون هذه اللجنة مختصة بإجراء المصالحة يجب أن تكون قيمة محل الجنحة تتجاوز 500 ألف دينار وتقل عن 50مليون دينار ,وتتخذ هذه اللجنة قراراتها بأغلبية أصوات أعضائها , وفي حالة التساوي يرجح صوت الرئيس .
3. الحكـــومة : إذا كانت قيمة محل الجنحة تساوي 50 مليون دينار أو تفوقها , تبدي اللجنة الوطنية للمصالحة رأيا مسببا فقط , وترسل الملف إلى الحكومة لاتخاذ القرار في مجلس الوزراء وهذا ما نصت عليه المادة 05 من المرسوم 03/111 .
II. الاشخاص المرخص لهم بالتصالح مع الإدارة :
حسب أحكام الأمر 96/22 فإنه يمكن لمرتكب المخالفة الذي قد يكون شخص طبيعي او معنوي طلب التصالح مع الإدارة .
1. الشخص الطبيعي : يجب أن يكون متمتع بالأهلية المطلوبة لمباشرة حقوقه المدنية وأن يكون بالغ سن الرشد الجزائي , وحسب المادة 02 /02 من المرسوم 03/111 إذا كان مرتكب المخالفة قاصر وبلغ سن الثالثة عشر من عمره , فإنه يمكنه التصالح عن طريق مسؤوله المدني , وإذا لم يبلغ هذه السن بعد فلا يسأل جزائيا وبالتالي لا مجال للحديث عن المصالحة فيما يخصه
2. الشخص المعنوي : حسب نص المادة الأخيرة فإنه إذا كان مرتكب المخالفة شخصا معنويا يجوز له التصالح مع الإدارة بواسطة ممثله الشرعي والقانوني .
المطلب الثاني : آثار المصالحة في جرائم الصرف .
يترتب عن على المصالحة آثار تخص المتهم والغير نتناولها في الفرعين التاليين :
الفرع الأول : آثار المصالحة بالنسبة للمتهم .
تتمثل آثار المصالحة بالنسبة للمتهم فيما يلي :
1. - إنقضاء الدعوى العمومية :
2. يترتب على المصالحة إنقضاء الدعوى العمومية حسب المادة 09 مكرر من الأمر 96/22 المعدل و المتمم بالأمر 03/01 , وذلك سواء تمت المصالحة قبل المتابعة القضائية أو بعدها أو حتى بعد صدور حكم قضائي ما لم يحز على قوة الشيئ المقضي , فإذا حصلت المصالحة قبل المتابعة فيحفظ الملف على مستوى الإدارة المعنية ,أما إذاحصلت المصالحة بعد المتابعة القضائية فيمكن تصور مايلي :
3.
1. - إذا كانت القضية على مستوى النيابة ولم يتخذ بشأنها أي إجراء يحفظ الملف على مستوى النيابة .- إذا كانت القضية أمام قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام تصدر الجهة المختصة أمرا أو قرارا بأن لا وجه للمتابعة بسبب حصول المصالحة .
2. - إذا كانت القضية أمام جهات الحكم فإنه يحكم بانقضاء الدعوى العمومية بفعل المصالحة , ولا يحكم بالبراءة .
3. - إذا كانت القضية أمام المحكمة العليا يتعين عليها التصريح برفض الطعن بسبب المصالحة بعد التأكدمن وقوعها .
- أثر التثبيت : ونقصد بذلك تثبيت الحقوق التي إعترف بها المخالف للإدارة أو التي اعترفت بها الإدارة للمخالف , ولكن غالبا ما يكون أثر تثبيت الحقوق محصورا على الإدارة .
ولم يحدد المشرع مقابل المصالحة وأحال بهذا الخصوص على التنظيم وترك للإدارة الحرية في تحديده , إذ اكتفى بوضع الحدين الأدنى والأقصى حسب ما سبق بيانه وفقا للمادتين 04 , 09 من المرسوم التنفيذي رقم 03/111.
ويبين في مقرر المصالحة تخلي مرتكب المخالفة على محل الجنحة وعلى وسائل النقل , فتنتقل ملكيتها إلى الخزينة العامة والأملاك العامة .
الفرع الثاني : آثار المصالحة بالنسبة للغير .
يقصد بالغير هنا الفاعلون الآخرون والشركاء , فهل ينتفع الغير بالمصالحة ولا يضار منها ؟
أ – لا ينتفع الغير بالمصالحة :
تنحصر آثار المصالحة على من يتصالح مع الإدارة وحده ولا تمتد للفاعلين الآخرين الذين إرتكبوا معه نفس المخالفة , ولا إلى شركائه , و إذا تمت المصالحة مع أحد المخالفين فإنه تتم متابعة الاشخاص الآخرين الذين ساهموا معه في إرتكاب المخالفة , ولكن هل القضاء ملزم بالحكم على المتهمين غير المتصالحين بكامل الجزاءات المالية المقررة قانونا للمخالفة المرتكبة أم أنه عليه بخصم المبلغ الذي دفعه المتهم المتصالح ؟
تعاقب المادة 01 مكرر من الأمر 96/22 على جنح الصرف بمصادرة البضاعة محل الجنحة ووسيلة النقل المستعملة في الغش , و إذا لم تحجز الأشياء المراد مصادرتها أو لم يقدمها المتهم لسبب ما يتعين على الجهة القضائية المختصة أن تقضى على المدان بغرامة تقوم مقام المصادرة وتساوي قيمة هذه الأشياء , فإذا ضبط شخصان بمكتب جمركي عند الحدود وهما يحوزان على مبالغ مالية بالعملة الصعبة مخبأة داخل سيارة , ويقوم أحدهما وهو صاحب السيارة بإجراء مصالحة مع إدارة الجمارك فيتخلى على إثرها على سيارته وعلى كامل المبلغ المالي , فهل يحكم على الفاعل الثاني في حالة متابعته قضائيا بغرامة تساوي قيمة العملة الصعبة و وسيلة النقل تقوم مقام مصادرتهما , أم أنه يحكم عليه بالحبس والغرامة الجزائية دون الجزائين المذكورين ؟
يرى الأستاذ أحسن بوسقيعة أنه يجوز هنا الحكم على المتهم بالحبس والغرامة الجزائية فقط على أساس أنه لا يجوز مصادرة الشيئ مرتين , وهذا ما إستقرت عليه المحكمة العليا قبل صدور الأمر رقم 96/22 .
4.
5.
6. ب- لا يضار الغير من المصالحة :
7. إذا ما أبرم أحدالمتهمين مصالحة مع الإدارة فإن شركائه والمسؤولين مدنيا لا يلزمون بما يترتب على تلك المصالحة من آثار في ذمة المتهم الذي عقدها .
وإذا أخل أحد المتهمين بالتزاماته لا يجوز للإدارة الرجوع على أي منهما , ما لم يكن من يرجع إليه ضامنا له او متضامنا معه , أو أن المتهم كان قد باشر المصالحة و بصفته وكيلا عنه , كما أنه لا تلزم المصالحة المضرور ولا تسقط حقه في التعويض لإزالة الضرر الذي أصابه بسبب المخالفة .
و اعتراف المتهم الذي تصالحت معه الإدارة بارتكاب المخالفة لا يشكل دليلا لإثبات إذناب باقي شركائه .
المبحث الثالث : المصالحة في قانون المنافسة والأسعار .
نظم القانون رقم 04/02 المؤرخ في 23/06/2004 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية المصالحة في الجرائم المنصوص عليها فيى هذا القانون.
وتجدر الاشارة الى أنه كانت المصالحة المتعلقة بالمنافسة نص عليها الامر 95 / 06 المؤرخ في 25 /01 /1995 المتعلق بالمنافسة ، وإثر صدور قانون المنافسة الجديد رقم 03/03 المؤرخ في 19 /07/2003 - لم يتناول في نصوصه المصالحة – و ألغى الأمر 95/06 ، ولقد كان هذا الاخير يضم في أحكامه القواعد المتعلقة بالممارسة التجارية , إلا أنه صدر قانون مستقل رقم 04/02 والذي تناول المصالحة في الجرائم المتعلقة بمخالفة القواعد المطبقة على الممارسات التجارية و عالج أحكام المصالحة في الجرائم التي ترتكب مخالفة لقواعد هذا القانون , و حدد شروطها وآثارها ونتناولهما بالتفصيل في المطلبين التاليين .
المطلب الأول : شروط المصالحة .
تتضمن شروطا موضوعية , وأخرى إجرائية نتطرق إليها في الفرعين المواليين :
الفرع الأول : الشروط الموضوعية .
حصر القانون رقم 04/02 المؤرخ في 23/06/2004 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية في المادة 60 منه مجال المصالحة في جرائم مخالفة القواعد المتعلقة بالممارسات التجارية , والمادة من القانون المذكور أعلاه تشترط لإجراء المصالحة في هذه الجرائم توفر شروط منها ما يتعلق بطبيعة الجريمة وأخرى تتعلق بمرتكب الجريمة .
أولا = الشروط المتعلقة بطبيعة الجريمة :
يستشف من تلاوة نص المادة 60 من ا القانون رقم 04/02 المؤرخ في 23/06/2004 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ان المصالحة جائزة في جرائم ممارسة التجارة , وبالرجوع إلى نص القانون نجد أن المشرع قد صنف الجرائم المخالفة لقواعد الممارسات التجارية الى الفئات التالية :
01 – عدم الاعلام بشروط البيع , ونصت عليها المادة 32 من القانون السالف الذكر وعقوبتها هي من 10 ألاف دينار الى 100 الف دينار .
02 – عدم الفوترة : نصت عليها المادة 33 وعقوبتها هي 80 بالمئة من المبلغ الذي كان يجب فوترته .03 – عدم مطابقة الفوترة : المادة 34 وعقوبتها غرامة من 10 ألاف الى 50 ألف دج .
04 – ممارسات تجارية غير شرعية :ومنصوص عليها في المادة 35 وهي تتعلق بالمخالفات المنصوص عليها في المواد من 15 الى 20 والعقوبة المقررة لهذه المخالفات هي الغرامة من 100 ألف الى 3 ملايين دج.
05 – ممارسات أسعار غير شرعية : ومنصوص عليها في المادة 36 وهي تتعلق بالمخالفات المنصوص عليها في المادتين : 22 , 23 وعقوبتها الغرامة من 20 ألف الى 200 ألف دج .
06 – الممارسات التجارية التدليسية : ومنصوص عليها في المادة 37 وهي تتعلق بمخالفة أحكام المادتين :
24 ,25 وعقوبتها الغرامة من 300 ألف الى 10 ملايين دينار .
07 – الممارسات التجارية غير النزيهة والممارسات التعاقدية التعسفية ومنصوص عليها في المادة 38 وهي تتعلق بالمخالفات المنصوص عليها في المواد 26, 27 ,28 ,29 وعقوبتها الغرامة من 50 ألف الى 5 ملايين دج .
وبالرجوع إلى مجمل هذه المخالفات نجدها كلها تخضع للمصالحة , ما عدا الجرائم النصوص عليها في المواد : 37 , 38 والمتعلقة بالممارسات التجارية التدليسية وكذا الممارسات التجارية غير النزيهة والممارسات التعاقدية التعسفية كون عقوبتها تتجاوز المبلغ المحدد في المادة 60 لإجراء المصالحة ,
حيث تنص الفقرة الاخيرة من هذه المادة : " عندما تكون المخالفة المسجلة في حدود غرامة تفوق ثلاثة ملايين – 3.000.000 دج - , فإن المحضر المعد منطرف الموظفين المؤهلين يرسل مباشرة من طلرف المدير الولائي المكلف بالتجارة الى وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية " .
وتجدر الملاحظة أن المادة 33 تحدد مبلغ الغرامة بنسبة 80 بالمئة من المبلغ الذي يجب فوترته ومن ثمة تخضع للمصالحة بحسب ما إذا كانت هذه النسبة من المبلغ تشملها حكم المادة 60 .

ثانيا = الشروط المتعلقة بمرتكب الجريمة :
تنص المادة 62 من القانون 04/02 السالف الذكر على أنه " في حالة العود حسب مفهوم المادة 47 الفقرة 02 من هذا القانون لا يستفيد مرتكب المخالفة من المصالحة , ويرسل المحضر مباشرة من طرف المدير الولائي المكلف بالتجارة الى وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية " .
يستشف من هذه المادة أن المصالحة في مجال مخالفة قواعد ممارسة التجارة غير جائزة إذا كان مرتكبها في حالة عود , ويعتبر في حالة عود في مفهوم هذا الأمر التاجر الذي يقوم بمخالفة جديدة رغم صدور عقوبة في حقه منذ أقل من سنة سواء من قبل السلطة الإدارية أو من قبل القضاء .
وهكذا وطبقا لنص المادة 47 الفقرة 02 يأخذ مفهوم العود مدلولين إثنين :
 من سبق الحكم عليه قضائيا بسبب جريمة من جرائم المنافسة منذ أقل من سنة , وإذا كان هذا المفهوم ينسجم عموما مع أحكام القانون العام فإنه خرج عليه من حيث عدم إشتراطه صدور حكم يقضي بعقوبة الحبس وعدم إشتراطه إنقضاء مدة 05 سنوات بين الحكم الأول وإرتكاب الجريمة الثانية .
 من سبق وأن صدرت ضده عقوبة من قبل السلطة الإدارية بسبب جريمة من جرائم المنافسة منذ أقل من سنة , وهنا نجد أن المشرع خرج كليا على أحكام قانون العقوبات بحيث ربط حالة العود بعقوبة إدارية , وهي الجزاءات التي لا يأخذ بها قانون العقوبات عند تقرير حالة العود .

الفرع الثاني : الشروط الإجرائية .
إن المصالحة في جرائم مخالفة قواعد ممارسة التجارة كما هو الحال بالنسبة لجرائم الصرف والجمارك , ليست حقا لمرتكب الجريمة ولا هي إجراء إلزامي بالنسبة للإدارة المكلفة بالتجارة و مخالفة قواعد ممارسة التجارة , وإنما هي مكنة جعلها المشرع في متناولهما , بحيث يجوز للمخالف أن يطلب الإستفادة منها , ويجوز للوزير المكلف بالتجارة وممثله على مستوى الولاية إجراؤها , ونتناول هذه الشروط فيمايلي :
01 – طلب مرتكب المخالفة :
تنص المادة 60 من القانون السابق في فقرتها الثانية والثالثة على أنه يجوز للوزير المكلف بالتجارة أو المدير الولائي المكلف بالتجارة أن يقبل بمصالحة إذا كانت الغرامة المقررة للمخالفة المعاينة في حدود المبالغ المحددة في نص هذه المادة .
وتضيف المادة 61 في فقرتها الأخيرة أنه : " في حالة عدم دفع الغرامة في أجل 45 يوم إبتداءا من تاريخ الموافقة على المصالحة يحال الملف على وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية " , يستشف من تلاوة الفقرتين ولاسيما عبارتي " يقبل" و " في حالة الموافقة " , أن المصالحة في مجال جرائم مخالفة قواعد ممارسة التجارة تتم بناءا على طلب مرتكب المخالفة الذي من الأفضل أن يكون كتابيا يعبر فيه صراحة عن إرادته في المصالحة .
ورغم عدم النص عليه صراحة يشترط أن يقدم الطلب من مرتكب المخالفة شخصيا إذا كان شخصا طبيعيا , ومن المسؤول المدني إذا كان مرتكب المخالفة قاصرا , ومن ممثله الشرعي إذا كان شخصا معنويا .
لم يحدد المشرع ميعادا معينا لتقديم الطلب , غير أنه يستشف من تلاوة الفقرة الأخيرة من المادة 61 من القانون 04/02 أنه على مرتكب المخالفة أن يقدم طلبه بإجراء المصالحة في أجل اقصاه 45 يوما من تاريخ معاينة المخالفة .
كما تنص الفقرة المذكورة على أنه في حالة عدم الموافقة على المصالحة يحال الملف في أجل أقصاه 45 يوما , إبتداءا من تاريخ تحرير محضر معاينة المخالفة على وكيل الجمهورية المختص إقليميا , وبالضرورة
ستكون هذه المهلة أقل في الحالات التي تكون فيها المصالحة من إختصاص الوزير المكلف بالتجارة أي عندما تكون عقوبة الغرامة المقررة للمخالفة تفوق مبلغ 01 مليون دينار أوتقل عن 03 ملايين دينار, حتى يتسنى للوزير الرد على الطلب ضمن الأجل القانوني أي في مهلة 45 يوم من تاريخ تحرير محضر معاينة المخالفة .
و قد يحدد القانون 04/02 الجهة التي يوجه إليها الطلب , غير أنه يستشف من حكم المادة 60 من هذا القانون أن الطلب يوجه حسب مبلغ الغرامة المقررة جزاء المخالفة إما إلى الوزير المكلف بالتجارة أوإلى المديرالولائي المكلف بالتجارة , فيوجه الطلب إلى الوزير المكلف بالتجارة اذا كانت عقوبة الغرامة المقررة للخالفة تفوق مبلغ 01 مليون دينار أوتقل عن 03 ملايين دينار , ويوجه الطلب إلى المدير الولائي المكلف بالتجارة إذا كانت عقوبة الغرامة المقررة للمخالفة أقل من مليو دينار .
ومهما يكن فان الخطأ في توجيه الطلب إلى أي منهما , لا يترتب عليه أي أثر قانوني .
02 - موافقة الإدارة :
سبق القول أن المصالحة في مجال مخالفات المنافسة على غرار المصالحة في المجالين الجمركي والمصرفي , ليست حقا لمرتكب المخالفة وإنما هي مكنة جعلها المشرع في متناول الوزير المكلف بالتجارة , أو المدير الولائي المكلف بالتجارة, فلهما حق اللجوء إليها أو تركها .

وعلى هذا الأساس فإذا كان القانون يشترط على مرتكب المخالفة تقديم طلب مصالحة إلى الوزير المكلف بالتجارة أو المدير الولائي المكلف بالتجارة , فإنه لا يلزمهما بقبول الطلب بل ولا حتى بالرد عليه , وإذا إلتزمت الإدارة الصمت فهذا تعبير عن الرفض وليس عن القبول .
 فإذا كان مبلغ الغرامة المقررة قانونا للمخالفة تفوق 01 مليون دينار أوتقل عن 03 ملايين دينار تكون الموافقة من الوزير المكلف بالتجارة حسب المادة 60 /03 من القانون .
 وإذا كان المبلغ أقل أو تساوي من مليون دينار تكون الموافقة من المدير الولائي المكلف بالتجارة , المادة 60 فقرة 02.
لم يضبط القانون المذكور كيفية تحديد غرامة الصلح مما يجعل الإدارة تتمتع بسلطة تحديد بدل المصالحة بكل حرية .
و يصدر الوزير المكلف بالتجارة أو المدير الولائي المكلف بالتجارة مقرربمنح المصالحة , يحدد فيه المبلغ الواجب الدفع وأجل الدفع والجهة المكلفة بالتحصيل وهي الخزينة العمومية .
ثم يقوم المدير الولائي المكلف بالتجارة بدون تمهل بتبليغ مقرر المصالحة أيا كان مصدره إلى مقدم الطلب برسالة موصى عليها مع وصل الإستلام حسب المادة 04 من المرسوم95/ 335 .
و يمنح لمقدم الطلب أجل 30 يوم إبتداءا من تاريخ إستلام مقرر المصالحة ,لتسديد مبلغ تسوية الصلح مرة واحدة للخزينة العمومية , وفي حالة عدم دفع هذا المبلغ في الأجل المحدد يحال الملف إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا من أجل مباشرة المتابعات القضائية .
وقد أعطت المادة 61 من القانون 04/02 الحق للمخالف إجراء معرضة في غرامة المصالحة وهذا بنصها على أنه " للأعوان الاقتصاديين المخالفين الحق في معارضة غرامة المصالحة أمام المدير الولائي الوكلف بالتجارة أو الوزير المكلف بالتجارة .
يحدد أجل معارضة الغرامة بثمانية أيام من تاريخ تسليم المحضر لصاحب المخالفة
وقد أشارت نفس المادة في فقرتها الثالثة والرابعة أنه يمكن للوزير المكلف بالتجارة والمدير الولائي المكلف بالتجارة أن يجري تعديل في مبلغ غرامة المصالحة .
7.
8.
المطلب الثاني : أثار المصالحة في مجال قواعد ممارسة التجارة .
إن آثار المصالحة يختلف بإختلاف أطرافها , فكما ورد سابقا بأن قيام المصالحة في المسائل الجزائية يقتضي قيام نزاع بين طرفين أحدهما إدارة والثاني شخص متابع من أجل مخالفة قانون جزائي . ومفاد المصالحة في جميع الحالات واحدة وهي تفادي عرض النزاع على القضاء , وبالتالي فإن أثارها تختلف حسب طبيعة كل نزاع .
الفرع الأول : أثر المصالحة تجاه طرفيها .
إن أهم أثر للمصالحة الجزائية هو حسم النزاع تماما كما هو الحال بالنسبة للصلح المدني , ويترتب عن ذلك إنقضاء ما إدعى به المتصالحين وتثبيت حقوقهما , ومن ثمة فللمصالحة في قواعد ممارسة التجارة أثران يتمثلان في إنقضاء الإدعاءات وتثبيت الحقوق المتفق عليها .

أولا : أثــــر الإنقضاء :
تتفق كل القوانين الجزائية التي تجيز المصالحة , على حصر آثارها في مرحلة ماقبل صدور حكم قضائي نهائي و قد نصت المادة 61 من القانون04/02 فقرة 05 على أن المصالحة تنهي المتابعة الجزائية , علما أن التشريع المتعلق بجرائم مخافة قواعد ممارسة التجارة يحصر المصالحة في فترة ماقبل صدور حكم قضائي نهائي , بل وقبل إرسال محضر إثبات المخالفة إلى النيابة العامة .
ثانيا : أثــــر التثبيت :
تؤدي المصالحة الجزائية إلى تثبيت الحقوق , سواء تلك التي إعترف بها المخالف للإدارة أو تلك التي إعترفت بها الإدارة له , والمشرع لم يحدد مقابل الصلح فيما يخص جرائم مخالفة قواعد ممارسة التجارة وأحال بهذا الخصوص إلى التنظيم تاركا الحرية للإدارة في تحديده .
غير أنه بالرجوع إلى 60 من القانون 04/02 فإنه تم تحديد إختصاص إجراء المصالحة بحسب مبلغ الغرامة المقررة قانونا جزاءا للمخالفة وهي كالتالي :
 إذا كان مبلغ الغرامة يفوق مبلغ مليون ويقل عن 03 ملايين دج يكون تحديد غرامة المصالحة من إختصاص الوزير المكلف بالتجارة .
 إذاكان مبلغ الغرامة أقل أو يساوي مليون دينار يكون تحديد غرامة المصالحة من إختصاص المدير الولائي المكلف بالتجارة .
و في حالة غياب تحديد دقيق لمبلغ غرامة الصلح , تكون للإدارة المختصة كامل السلطة في تحديد هذا المبلغ في حدود الحدين الأدنى والأقصى المقررين جزاءا للمخالفة المعنية , كما هو الحال بالنسبة للقاضي , وفي كل الأحوال تنتقل ملكية غرامة الصلح إلى الخزينة العمومية .

الفرع الثاني : آثار المصالحة تجاه الغير.
إن تطبيق قاعدة عدم إنصراف أثر العقد إلى غير متعاقديه طبقا للقواعد العامة تطبق في مجال المصالحة بالنسبة لمخالفات المنافسة ويترتب على ذلك عدم انتفاع الغير بالمصالحة وأن لايضار من جرائها . أولا : عدم إنتفاع الغير بالمصالحة .
يقصد بالغير في مجال القانون المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية 04/02 الفاعلون الآخرون والشركاء فما مدى تطبيق قاعدة عدم انتفاع الغير بالمصالحة بالنسبة لجرائم مخالفة قواعد الممارسة التجارية , على الفاعلين الآخرين والشركاء لأن اعتبار المسؤولين المدنيين والضامنين من الغير ؟
بالنسبة لمخالفات قواعد الممارسة التجارية فإنه تكون العقوبة الجزائية شخصية على كل واحد بغض النظر عن إجراء أحدهم مصالحة مع الإدارة , وبالتالي فالقضاء ملزم بالحكم على المتهمين غير المتصالحين بكامل الجزاءات المالية المقررة قانونا للمخالفة المرتكبة , فلكل متهم عقوبته دون الرجوع إلى أن مصالحة أحدهم تؤدي إلى عدم الحكم على باقي المتهمين .
ثانيا : لا يضار الغير من المصالحة :

رجوعا إلى مبدأ شخصية العقوبة فإنه أصلا لايترتب ضررا على المصالحة بالنسبة للغير , فأثرها محصورا على طرفيها وبالتالي لايجوز للإدارة الرجوع على المتهين عند إخلال طالب المصالحة بإلتزاماته , كما لايلزم الغير بالمصالحة التي أجراها أحدهم مع الإدارة .

فلا يمكن للإدارة أن تحتج بإعتراف المتهم الذي تصالحت معه , بإرتكاب المخالفة لإثبات إذناب شركائه , فمن حق كل أحد منهم نفي الجريمة ضده بكل طرق الإثبات , ولا يكون للضمانات التي قدها المتصالح كذلك أي أثر على باقي المخالفين .
المبحث الرابع : المصالحة في مجال المخالفات التنظيمية .
تأخذ المصالحة في مواد المخالفات التنظيمية صورتين : غرامة الصلح المنصوص عليها في المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية , والغرامة الجزافية المنصوص عليها في المادة 392 من نفس القانون , ويتفق الإجراءان من حيث الشروط الموضوعية في المحاور الكبرى ويختلفان في مسائل أخرى سوف نذكرها بالتفصيل لاحقا , وسنتناول الشروط الموضوعية والإجرائية والخاصة بالمصالحة في هذا المجال ضمن المطلب الأول وفي المطلب الثاني نتطرق إلى آثار ها بإختصار , وذلك لأنها تقترب إلى حد بعيد من آثار المصالحة في جرائم المنافسة واالأسعار التي تناولناها سابقا .
المطلب الأول : شروط المصالحة .
يشترط القانون لتمام المصالحة في المخالفات التنظيمية توافر مجموعة من الشروط , بعضها يتعلق بمحل المصالحة وبعضها بالإجراءات الشكلية الواجب إستفاؤها والبعض الأخر بأطراف المصالحة , نتناول هذه الشروط ضمن فروع ثلاثة .

الفرع الأول : الشروط الموضوعية :
تأخذ المصالحة في مواد المخالفات التنظيمية – كما قلنا سابقا - صورتين : غرامة الصلح المنصوص عليها في المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية والغرامة الجزافية المنصوص عليها في المادة 392 من نفس القانون , وعليه نتناول الشروط الموضوعية في مخالفات القانون العام البسيطة ثم في مخالفات قانون المرور.

أولا : مخالفات القانون العام البسيطة ( غرامة الصلح ) :
يخضع الصلح في هذا المجال للشروط الآتي بيانها :
الأصل أن كل مخالفات القانون العام البسيطة يجوز تسويتها عن طريق غرامة الصلح غير أن المادة 391 من قانون الإجراءات الجزائية أوردت أربع إستثناءات على هذه القاعدة تفرغ المبدأ من محتواه , وتتمثل فيما يأتي :
9.
10. إذا كانت المخالفة تقع تحت طائلة جزاء آخر غير الجزاء المالي أو كانت تعرض مرتكبها لتعويض أضرار تلحق بالأشخاص أو بالأشياء أو لعقوبات تتعلق بالعود وبموجب هذا الشرط تستبعد كل مخالفات قانون العقوبات من مجال تطبيق غرامة الصلح لكونها تعرض كلها مرتكبها لعقوبة الحبس .
11. إذا كان ثمة تحقيق قضائي , علما أن المادة 66 تجيز التحقيق القضائي في مواد المخالفات .
12. إذا أثبت المحضر أكثر من مخالفتين ضد شخص واحد .
13. في الأحوال التي تنص فيها تشريع خاص على إستبعاد إجراء غرامة الصلح وهكذا نلاحظ أن المادة 390 المذكورة أعلاه ضيقت من مجال تطبيق غرامة الصلح إلى درجة أنها حولت المبدأ الذي جاءت به المادة 381 قانون إجراءات جزائية إلى إستثناء .
ثانيا : مخالفات قانون المرور ّ الغرامة الجزافية ّ .
يخضع الصلح في مجال مخالفات قانون المرور للشروط الأتي بيانها :
أجازت المادة 392 –1 قانون إجراءات جزائية كقاعدة عامة التسوية الودية للمخالفات بدفع غرامة جزافية , وعملا بأحكام بهذه المادة نص القانون رقم : 14/01 المؤرخ في 19 أوت 2001 المتعلق
بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها المعدل والمتمم بالقانون 04/16 المؤرخ في 10/11/2004 ، على إمكانية تسوية بعض مخالفات قانون المرور تسوية ودية عن طريق دفع غرامة جزافية قيمتها محددة نصا .
ولقد حددت المادة 120 من القانون المذكور مجال تطبيق نظام الغرامة الجزافية , في حين نصت المادة 119 من نفس القانون على الحالات التي لا تطبق فيها الغرامة الجزافية , وهما حالتين :
 إذا كانت المخالفة المثبتة تعرض مرتكبها إما لعقوبة أخرى غير العقوبة المالية , وإما لتعويض عن الضرر المسبب للأشخاص أو الممتلكات .
 في حالة المخالفات المتزامنة والتي لا يترتب على إحداها على الأقل تطبيق الإجراء المتعلق بالغرامة الجزافية .
الفرع الثاني : الشروط الإجرائية
تختلف المصالحة في مجال المخالفات التنظيمية بشأن الشروط الإجرائية عن المصالحة في المجالات الأخرى في النقاط الآتي بيانها :
14. يتعين على ممثل النيابة العامة عرض الصلح قبل أي متابعة جزائية , ومن ثم فإن عرض الصلح إجراء مسبق في المخالفات التنظيمية .
15. كما تتميز المصالحة في مجال المخالفات التنظيمية عن باقي المجالات بكون الصلح فيها يتم إما مع ممثل النيابة العامة وهذا في مخالفات القانون العام البسيطة , وإما على مستوى الشرطة القضائية وذلك فيما يخص مخالفات قانون المرور .
و نتناول الشروط الإجرائية فيما يلي :
أولا : مخالفات القانون العام البسيطة :
يخضع الصلح في هذا المجال للشروط الإجرائية المبينة في المواد 381 إلى 390 قانون الإجراءات الجزائية والتي نلخصها في مرحلتين :
1. عرض التسوية الودية :
ترجع المبادرة في طلب الصلح بالنسبة للمخالفات التي تخضع لإجراء غرامة الصلح إلى النيابة العامة , وقد نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي : " قبل كل تكليف بالحضور أمام المحكمة يقوم عضو النيابة العامة المحال عليه محضر مثبت لمخالفة بإخطار المخالف بأنه مصرح له بدفع مبلغ على سبيل غرامة صلح مسا للحد الأدنى المنصوص عليه قانونا لعقوبة المخالفة " فمن هذه المادة نستنتخ أن وكيل الجمهورية يقوم قبل أن يكلف المخالف بالحضور امام المحكمة بأنه مرخص له بالتسوية الودية للمخالفة وذلك بدفع مبلغ مالي يمثل غرامة الصلح تحدد بموجب قرار , وقد أضافت المادة 383 من قانون الإجراءات الجزائية ما يلي : " ترسل النيابة العامة إلى المخالف في خلال 15 يوما من القرار بموجب خطاب موصى عليه بعلم الوصول , إخطارا مذكورا فيه موطنه ومحل ,إرتكاب المخالفة وتاريخها وسببها , والنص القانوني المطبق بشأنها ومقدار غرامة الصلح والمهل وطرق الدفع المحددة في المادة 384 " .
2. موافقة مرتكب المخالفة :
إضافة إلى المرحلة الأولى المتمثلة في عرض التسوية الودية من طرف وكيل الجمهورية للمخالف , يجب كذلك أن يبدي هذا الأخير موافقته على ذلك في مهلة 30 يوما الموالية لإخطاره بذلك , و أن يدفع دفعة واحدة نقدا أو بحوالة بريدية مبلغ غرامة الصلح بين يدي محصل مكان سكناه أو المكان الذي ارتكبت فيه المخالفة وهذا حسب ما نصت المادة 386 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يبلغ القائم بالتحصيل النيابة لدى المحكمة بدفع غرامة الصلح إذا تم صحيحا وذلك في ظرف 10 أيام من تاريخ الدفع , وإذا لم
يقوم المخالف بدفع الغرامة في مهلة 45 يوما من تاريخ تسلمه الإخطار فإنه يحال على المحكمة طبقا لإجراء التكليف بالحضور .
ثانيا : مخالفات قانون المرور .
يتم الصلح في مخالفات قانون المرور بين الشرطة القضائية ومرتكب المخالفة وفق نظام الغرامة الجزافية , وقد نص المشرع الجزائري على الصلح في القانون رقم : 14/01 المؤرخ في 19 أوت 2001 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها المعدل والمتمم بالقانون رقم 04/16, في المواد : 118 , 119 , 120 , ومن استقراء النصوص السابقة نستنتج أن الصلح في مخالفات قانون المرور يتم على مرحلتين :
01 – عرض التسوية الودية : يقوم عضو الشرطة القضائية الذي أثبت المخالفة بعرض التسوية الودية على مرتكب المخالفة بمجرد معاينتها وذلك بتسليم إشعار بالمخالفة لسائق المركبة او في حالة غيابه يتركه له على المركبة , يتضمن هذا الإشعار طبيعة المخالفة المرتكبة ومبلغ الغرامة الجزافية واجبة الأداء .
02 – موافقة مرتكب المخالفة : بناءا على الإشعار المذكور يتجه المخالف , في حالة موافقته على العرض , نحو إحدى قباضات الضرائب أو أحد مكاتب البريد لشراء طابع بقيمة مبلغ الغرامة الجزافية المحددة له وهو طابع مميز تصدره وزارة المالية خصيصا لهذا الغرض , ويقوم المخالف بإلصاق الطابع المذكور في الإشعار المذكور بالمخالفة في المكان المخصص له ثم يكمل البيانات الناقصة في الإشعار ويرسله إلى المصلحة المعينة فيه خلال خمسة عشر – 15 - يوما من تاريخ معاينة المخالفة , وفي حالة عدم دفع الغرامة الجزافية في الآجال المذكورة أعلاه يرسل المحضر إلى الجهة القضائية المختصة . في هذه الحالة ترفع الغرامة إلى أقصى حد طبقا لأحكام المادة 120 المذكورة سابقا .
الفرع الثالث : الشروط المتعلقة بأطراف المصالحة .
الإدارة :
يجب أن يكون ممثل الإدارة الذي يجري المصالحة مع مرتكب المخالفة موظفا مختصا قانونا , ذلك أن صحة المصالحة مشروطة بمدى إختصاص ممثل الإدارة ومن ثمة تبطل المصالحة التي يجريها موظف غير مختص أو تجاوز حدود اختصاصه , ونظرا للطابع الإستثنائي الذي تكتسبه المصالحة ولقوتها غير المألوفة فإن الترخيص بها يكون صريحا وبمقتضى نص تشريعي , وتكون السلطات المختصة بها معينة تعيينا دقيقا وفق تدرج رتبهم وتبعا لذلك تكون سلطة التصالح مسندة بصورة ضيقة لموظفين معينين , ويكون اختصاصهم تدريجيا ومحددا بحسب أهمية القضية وجسامة المخالفة المرتكبة , ويتمثل ممثلو الإدارة الذين يجوز لهم إجراء المصالحة في :

 وكيل الجمهورية : أجازت المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية لوكيل الجمهورية المختص محليا بإخطار مرتكب المخالفة البسيطة غير المنصوص عليها في قانون العقوبات بأن له دفع مبلغ على سبيل غرامة الصلح وذلك قبل أي متابعة , ويشترط لصحة الإجراء أن يكون وكيل الجمهورية مختص محليا , وهذا يقتضي أن تكون المخالفة قد ارتكبت في دائرة اختصاصه أو أن يكون مرتكب المخالفة يقيم بدائرة اختصاصه .
 ضابط الشرطة القضائية : أجازت المادة 118 من القانون رقم : 14/01 المؤرخ في 19 أوت 2001 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها المعدل والمتمم, تسوية مخالفات قانون المرور بطريقة ودية عن طريق دفع غرامة جزافية , حيث يقوم عضو الشرطة القضائية الذي أثبت المخالفة بعرض التسوية الودية على مرتكب المخالفة بمجرد معاينتها , وهذا بدفع الغرامة الجزافية التي لا

يتجاوز حدها الأقصى 5000 دينار في غضون خمسة عشر – 15 - يوما التي تلي تاريخ معاينة المخالفة , وفي حالة عدم دفع الغرامة الجزافية ضمن هذا الأجل يرسل المحضر إلى الجهة القضائية المختصة , حتى يكون الإجراء صحيحا يتعين أن يصدر عن عضو الشرطة القضائية الذي أثبت المخالفة أو من أحد مسئوليه في دائرة إختصاص المحكمة التي ارتكبت فيها المخالفة .

I. المتصالح مع الإدارة :
يمكن التصالح مع مرتكبي المخالفات التنظيمية سواء المتعلقة بالمخالفات البسيطة أو مخالفات فانون المرور , ويستوجب أن يكون مرتكب المخالفة بالغا أو متمتعا بقواه العقلية , ولا يمكن تصور المصالحة مع الشريك لكون أن القانون لا يعاقب على الاشتراك في المخالفات التنظيمية وهذا حسب نص المادة 44-04 من قانون العقوبات .

المطلب الثاني : آثار المصالحة في المخالفات التنظيمية .
تختلف آثار المصالحة في المخالفات التنظيمية باختلاف أطرافها ,وهذا على غرار آثار المصالحة في المواد الأخرى , التي ترمي في النهاية إلى تفادي عرض النزاع على القضاء , غير أن الآثار المترتبة في هذا المجال تنحصر على طرفيها , وبالتالي لا تنصرف آثار المصالحة إلى الغير( الفاعلون الآخرون والشركاء ) بحيث لا ينتفع ولا يضار منها, فالقضاء ملزم بالحكم على المتهمين غير المتصالحين وذلك باعتبار أن الجزاءات المقررة للمخالفات التنظيمية هي جزاءات جزائية بحتة , فيكون لكل متهم عقوبته وفقا لمبدأ شخصية العقوبة , وبالنتيجة لا يترتب ضرر على المصالحة بالنسبة للغير , ولا يلزم باقي المتهمين بالمصالحة التي أبرمها أحدهم مع الإدارة .



وترتب على المصالحة تجاه طرفيها انقضاء ما نزل عنه كل من ةالمتصلحين عن ادعاءاتهم , وتثبيت ما اعترف به كل من المتصالحين للآخر من حقوق , فنتناول الأثرين باختصار- لسبق تناولهما ضمن المبحث السابق - فيما يلي :

الفرع الأول : أثر الإنقضاء .
يترتب على المصالحة بين طرفيها انقضاء الدعوى العمومية , وهذا بدفع غرامة الصلح , أو الغرامة الجزافية وذلك حسب المادتين : 381 و 392 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتيهما الأولى . فالمادة 392 مثلا نصت على أنه : " يمكن أن تنقضي الدعوى العمومية الناشئة عن مخالفة , في المواد المنصوص عليها بصفة خاصة في القانون , بدفع غرامة جزافية داخلة في قاعدة العود . ويمكن أن يتم تسديد الغرامة خلال الثلاثين يوما من تحقق المخالفة لدى المصلحة المذكورة في الإخطار بالمخالفة , بواسطة طابع غرامة يعادل مبلغ الغرامة الواجب الأداء . وإذا لم يجرى التسديد في المهلة المنصوص عليها في الفقرة الثانية أعلاه يحال محضر المخالفة على وكيل الجمهورية الذي يرفعه بدوره إلى القاضي مشفوعا بطلباته " .
وحتى ترتب المصالحة هذا الأثر يجب أن تجرى في فترة ما قبل صدور حكم قضائي , بل وقبل إرسال محضر إثبات المخالفة إلى نيابة الجمهورية .

الفرع الثاني : أثر التثبيت .
تؤدي المصالحة الجزائية إلى تثبيت الحقوق , وغالبا ما يكون أثر التثبيت محصورا على الإدارة وذلك بحصولها على بدل المصالحة الذي تم الاتفاق عليه , والمتمثل في مبلغ غرامة الصلح , و لقد حدد المشرع فيما يخص المخالفات التنظيمية مبلغ غرامة الصلح الذي يجب أن يكون مساويا للحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونا للمخالفة المرتكبة بالنسبة للمخالفات التي تقبل نظام غرامة الصلح ( المادة 381 من قانون

الإجراءات الجزائية ) , وتساوي مبلغ الغرامة المقررة قانونا لهذه المخالفة بالنسبة للمخالفات التي تقبل نظام الغرامة الجزافية ( المادة 392 من قانون الإجراءات الجزائية ).
وقد حددت المادة 120 من قانون تنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها رقم 14/01 قيمة الغرامة الجزافية على النحو الآتي :
 200 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى 300 دينار جزائري .
 300 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى 800 دينار جزائري .
 800 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى 1500 دينار جزائري .
 1500 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى5000 دينار جزائري.
وقد حددت المادة 119 المذكورة سابقا , الحالات التي لا يمكن فيها تطبيق الإجراء المتعلق بالغرامة الجزافية , وفي كل الأحوال بمجرد دفع غرامة الصلح أو الغرامة الجزافية تصبح ملكا للخزينة العمومية .