وسئل الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله :
هل الحج عن الآخرين مشروع على الإطلاق أم خاص بالقرابة ؟
ثم هل يجوز أخذ الأجرة على ذلك ؟
ثم إذا أخذ الأجرة على حجة عن غيره فهل
له أجر في عمله هذا ؟ .
فأجاب :
الحج عن الآخرين ليس خاصّاً بالقرابة ، بل يجوز للقرابة ، وغير القرابة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شبَّهه بالدَّيْن ، فدل ذلك على أنه يجوز للقرابة ، وغير القرابة .
وإذا أخذ المال وهو يقصد بذلك المشاهدة للمشاعر العظيمة ، ومشاركة إخوانه الحجاج ، والمشاركة في الخير :
فهو على خير إن شاء الله ، وله أجر .
أما إذا كان لم يقصد إلا الدنيا :
فليس له إلا الدنيا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى )
متفق على صحته" انتهى .
" مجموع فتاوى ابن باز " ( 16 / 423 ) .
ثالثاً :
إذا حج الإنسان عن غيره فإنَّ أجر المناسك من طواف وسعي والوقوف بعرفة ومزدلفة وغيرها هو لمن جُعل الحج له ، وأما الصلاة والدعاء :
فهما لمن قام بالحج إلا ركعتي الطواف فهما تابعتان للحج لأنهما من المناسك ، والأفضل أن يشرك معه في الدعاء من يحج عنه ، ويُرجى أن يكون للمحجوج عنه أجر تلك الصلاة والدعاء ؛ لأنه السبب في طاعة من قام بالحج .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الذي يحج عن غيره :
إنما يجعل الحج وما يتعلق به للغير
أما الدعاء :
فهو لنفسه ، ولكن من الأحسن أن يشرك غيرَه
أي : يشرك الذي حج عنه ، أو اعتمر ، بالدعاء
فيقول : اللهم اغفر لمن كانت له هذه الحجة ، أو كانت له هذه العمرة ؛ اغفر له ولي ، وارحمنا ، ويدعو بما يشمل نفسه ، ومن أعطاه المال ليحج به
أما بقية الأفعال كالطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمرات ، والمبيت بمنى ، وطواف الوداع :
فكل هذا للذي حج عنه ، وليس له منه شيء" انتهى .
" اللقاء الشهري " ( 16 / 15 ) .
وسئل الشيخ رحمه الله :
شخص حج عن غيره ولكنه ظل يدعو لنفسه
في الحج دون غيره ؟ .
فأجاب :
لا حرج في هذا
يعني : لو أن الإنسان حج عن غيره ، ولكنه عند الميقات قال : " لبيك عن فلان " ونوى أن هذا النسك لفلان ، وكان في طوافه وسعيه ووقوفه بعرفة يدعو لنفسه : فحجه صحيح
لأن الدعاء ليس شرطاً في صحة الحج
ولكننا نرى أن الأولى :
أن يدعو لنفسه ولأخيه ؛ لأن أخاه هو الذي تكفل بمؤونة الحج ، فلا يحرمه من الدعاء ، وأما النسك : فقد تم بدون دعاء" انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح "
( 88 / السؤال رقم 9 ) .
رابعاً :
اختلف العلماء فيمن حجَّ عن غيره ، هل يأخذ أجر الحج عن غيره وعن نفسه ، ويرجع كيوم ولدته أمه أم أن هذا فقط للمحجوج عنه ؟ ولا شك أن هذا الخلاف هو فيمن حج عن غيره ولم يكن قصده بذلك تحصيل المال ، والذي ذكرناه عن الشيخين ابن باز والعثيمين أن له أجراً ، لكن ليس كأجر الحج عن نفسه
فقد سئلوا عن الرجل الذي يحج بأجرة عن ميت ؛ سواء كان رجلا أو امرأة ، أو عن عاجز ، لكبر سنٍّ ، أو مرض لا يرجى برؤه ، هل هذا المؤجر له أجر من الله ؟ .
فأجابوا :
مَن حجَّ أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها :
فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه ، ويُرجى له أيضا أجر عظيم ، على حسب إخلاصه ورغبته للخير ، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات : فإنه يُرجى له خيرٌ كثيرٌ إذا أخلص عمله لله" انتهى .
الشيخ عبد العزيز باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي
الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 77 ، 78 ) .
وخالف بعض العلماء في ذلك ، فقالوا بأن له ولمن حج عنه الأجر كاملاً ؛ لعموم حديث ( مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) متفق عليه
وإذا كان ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) كما صحَّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
فأولى لمن قام بالفعل حقيقة أن يأخذ الأجر كاملاً .
وفضل الله تعالى واسع
يعطي من يشاء بغير حساب .
والله أعلم