منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أركان وشروط عقد الزواج في الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-01, 13:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










B18 أركان وشروط عقد الزواج في الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري

مقــدمــة

الأسرة هي الخلية الاساسية للمجتمع يصلح بصلاحها ويفسد بفسادها، وقد أولاها الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أهمية كبرى.

ولهذا فقد خاض فيها الفقهاء المسلمين بمختلف مذاهبهم واضعين لعقد الزواج الذي تنشأ به الأسرة أركان وشروط خاصة به منها ما اتفقوا عليها وأخرى إختلفوا فيها، وهذا الذي أثر بدوره على مختلف التشريعات العربية باعتبار أن كل تشريع أخذ بمذهب ما، ونجد بعض التشريعات لم تنحوا هذا النحو وإنما أدمجت بين المذاهب ومن بينها قانون الأسرة الجزائري الذي لم يكتف فقط بالدمج بين المذاهب في المسائل المنصوص عليها فيه وإنما ألزم القاضي في نص المادة 222 منه بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية من دون أن يبين له ما هو المذهب الذي يعود إليه في حالة عدم وجود نص فيه على مسألة من المسائل التى ينظمها.
وهذا ما جعل الموقف الذي اتخده المشرع الجزائري يطرح مشاكل عملية بالنسبة للقضاة اثناء رجوعهم إلى الشريعة الإسلامية خصوص فيما يتعلق بموضوع الأركان والشروط التى يقوم عليها عقد الزواج وكذا في الآثار المترتبة على مخالفتها أو تخلفها، ولهذا فقد إرتأيت أن أقوم ببحث يتعلق بهذا الموضوع محاولا بذلك الإجابة على الإشكاليتين التاليتين: ماهي أركان وشروط عقد الزواج وأثر تخلفها في الشريعة الإسلامية والقانون؟ وإلى أي حد وفق المشرع الجزائري لما ألزم القضاة بالرجوع إلى قواعد الشريعة الإسلامية في حالة عدم وجود نص في قانون الأسرة من دون أن يحدد لهم المذهب الذي يأخدون به ؟ .

الفصــل التمهيـــدي

إن التطرق إلى أركان وشروط عقد الزواج يستلزم التعرض أولا إلى تعريف هذا العقد وأهميته ثم حكمه الشرعي وطبيعته.

المبحــث الأول: تعريـف وأهميــة الـزواج

نظرا لما للزواج من أهمية في حياة الأفراد والمجتمعات إهتم فقهاء الشريعة الإسلامية بتعريفه وكذا بأهميته، ولهذا سنتناول هاتين النقطتين كمايلي:
المطلب الأول: تعريف الزواج

الزواج يمكن أن نعرفه لغة وإصطلاحا.

الفــرع الأول: التعريف اللغوي

يعرف الزواج لغة بأنه إقتران لأحد الشيئين بالآخر وإزدواجهما بعد أن كان كل منهما منفردا عن الآخر (1) ومنها أخذ إقتران الرجل بالمرأة بعد أن كانا منفصلين صارا يكونان أسرة واحدة.


الفـرع الثانـي: تعريف الزواج إصطلاحا

تعددت تعاريف الزواج عند الفقهاء المسلمين إلا أننا نجدها تقريبا متفقة على الغرض المبدئي له و ذلك رغم إختلافهم في التعابير فإنها تدور حول نفس المعنى، فهناك من عرّفه بأنه عقد يفيد حل إستمتاع كل من العاقدين بالآخر على الوجه المشروع (2)، ويعرّفه آخرون بأنه عقد وضع لتملك المتعة بالأنثى قصدا (3)، وما يلاحظ على هذه التعاريف أنها ينطبق عليها ما قاله فيها الإمام أبو زهرة بأنها تدور حول إمتلاك المتعة وأنه من أغراض الزواج جعل المتعة حلال ومن أهدافه أيضا في الشرع الإسلامي التناسل وحفظ النوع الإنساني وأن يجد كل من العاقدين في صاحبه الإنس الروحي الذي يؤلف الله تعالى به بينهما ولهذا فقد عرّف الزواج " بأنه عقد يفيد حل العشرة بين الرجل و المرأة وتعاونهما ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات '' (4)، ومن التعريفات التى تشتمل على معنى الزواج نجد ما ذهب إليه الأستاد عبد العزيز سعد '' بأنه عقد معاهدة ذات أبعاد دينية ودنيوية يتعهد فيها الزوج بإسعاد زوجته وإحترام كرامتها، وتتعهد الزوجة بموجبها بإسعاد زوجها ومساعدته، وأن يتعاهدا معا على التضامن والتعاون من أجل إقامة شرع الله وإنشاء أسرة منسجمة ومتحابة تكون نواة لإقامة مجتمع المودة والرحمة والإستقرار (5) وفقا للآية الكريمة رقم 21 من سورة الروم '' ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ''.

المطلـب الثـانـي: أهميــة الـزواج

للزواج أهمية كبرى نظرا لما يحققه من مصلحة للبشرية جمعاء وتتمثل هذه الأهمية في عدة أمور نجد منها:

الفرع الأول: حفظ النوع الإنساني بطريقة شريفة:

كل كائن حي لكي يحتفظ ببقاء نوعه لا بد أن يتكاثر وهو ما ينطبق على الإنسان لكن نظرا لما يتميز به الإنسان من تكريم في خلقه إقتضى الأمر أن يشرع له طريقة شريفة لكي يتكاثر بها ألا وهي الزواج، فلو ترك تكاثر الإنسان عن طريق الإختلاط دون أي ضابط لإختلطت الأنساب وكثرت النزاعات وأنهارت القيم بذلك، أما إذا تم التكاثر عن طريق الزواج إختص كل شخص بزوجته أو زوجاته في حدود الشرع وهذه الأهمية تؤكدها الآية الكريمة رقم 223 من سورة البقرة بحيث يقول تعالى '' نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم ''، والحرث المقصود به في هذه الآية هو للإنبات أي النسل، ونجد كذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم '' تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم '' (1).

الفـرع الثاني: تحقيق الإنس والراحة والمودّة بين الزوجين

إن من بين الغايات التي يهدف إلى تحقيقها الزواج هي إستقرار وسكون كل من الزوجين إلى الآخر نظرا للكيان الذي يجمع شملهما بعد الزواج، بحيث يصبح كل واحد منهما لباسا للآخر و نجد في الآية الكريمة رقم 21 من سورة الروم ما يثبت هذا بحيث يقول تعالى: '' ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ''، واذا ينيت الأسرة على الإنس والراحة والأمان بين الزوجين صلح المجتمع، ولقد ذهب الفيلسوف الإنجليزى '' بنتام '' إلى القول '' أنه شريف فيه ترابط الهيئة الإجتماعية وعليه يبنى التمدن والعمران، فقد أنقذ النساء من الإستعباد وأخرجهن من درك الإنخطاط و قسم التاس عائلات مستقلة و كانوا أخلاط ووسع آمال الناس في المستقبل بما أوجده من الرغبة في البنين والحفدة و أوجد المحاكم المنزلية، وأوجد زيادة ميل الأفراد لبعضهم البعض ومن تصور حالة الأمم بلا زواج عرق مزاياه ووقف على منافعة '' (2) .

الفـرع الثالث: تحصين النفس بقضاء الحاجة الجنسية للزوجين:

إن من بين الأهداف والغايات التى يرمي إليها الزواج هي أن يقضي الإنسان حاجته الجنسية عن طريق شريف سليم أي أنه لولا الزواج لأتجه كل من المرأة والرجل إلى التعدي على الحرمات وفتحوا باب الفساد والفسق وهذا ما نجد مضمونه في الحديت الشريف التالي بحيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: '' يامعشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجــاء '' (1).

المبحـث الثـانـي: حكـم الـزواج وطبيعتـه

و تئتاول في هذا المبحث حكم الزواج شرعا و طبيعته القانونية والفقهية في مطلبين هما كالتالي:

المطلب الأول: حكم الزواج شرعـا

ويقصد بحكم الزواج شرعا الوصف الشرعي الذي يتصف به وهو في الإصطلاح لا يخرج عن الحالات التالية: الوجوب، الإباحة أو الندبة، الفرض، الكراهية، الحرمة ونتعرض لها كمايلي:

الفـرع الأول: الزواج الفرض أو الواجب

يكون الزواج فرضا على من كان متأكد بأنه يقع في الزنى وهو قادر على الزواج والعدل مع أهله ويكون واجب إذ كان يغلب على ضن الشخص الوقوع في الزنى إن لم يتزوج مع مقدرته على الزواج والعدل مع أهله (2).

الـفـرع الثانـي: الزواج المباح أو المندوب

يكون الزواج مندوبا إذا كان الشخص معتدلا لا يقع في الزنا إن لم يتزوج ولا يخشاه ولا يقع في الظلم ولا يخشاه إذا تزوج هذا عند الجمهور، أما عند الظاهرية فترى بأنه في هذه الحال هو فرض (3).
الفـرع الثالـث: الزواج المكروه أو المحرم

الزواج المكروه هو أن يغلب على ضن الزوج بأنه سيظلم زوجته إن تزوج أما إذا كان الزوج غير قادر على النفقة ومتأكد بأنه يقع في ظلم أهله قطعا فإن زواجه هنا محرما (4).

المطلـب الثاني: طبيعة الـزواج

إختلف الفقه حول الطبيعة القانونية للزواج فمنهم من إعتبره عقد ومنهم من قال بأنه مجرد إتفاق هذا من جهـة ومن جهة أخرى أنفسم الذين إعتبروا الزواج بأنه عقد بين من يقول بأنه عقد مدني وبين من يقول بأنـه

عقد ديني وكذا إنقسموا أيضا حول طبيعة هذا العقد هل هو رضائي أم شكلي؟، و هذه النقاط سنتعرض لها كمايلي:

الفـرع الأول: الـزواج عقـد أم مجرد إتفاق


effets juridique, apparait comme un contrat par ce qu
il comprte des structures contractuel , il requiert l’échange de concentements et impose aux parties des obligations réciproques" )2.(

قبل التطرق إلى ما ذهب إليه المشرع الجزائري نعرج قليلا على ما ذهب إليه الفقه، فيذهب البعض منه إلى إعتبار الزواج مجرد إتفاق ولا يرقى لأن يكون عقدا ومن بين الذين يقولون بهذا الرأي الأستاد السنهوري الذي يقول: '' بأنه يجدر أن لا تدعى هذه الإتفاقات عقود، وإن وقعت في نطاق القانون الخاص لأنها تخرج عن دائرة المعاملات المالية (1)، فـي حين يرد أصحاب الإتجاه الذين يعتبرون الزواج بأنه عقد لما له من مواصفات العقد فهو تصرف إرادي ويرتب إلتزامات فكما يقول الأستاد الغوثي بن ملحة ":
Le mariage considéré au plan de ses effets juridique, apparait comme un contrat par ce quil comprte des structures contractue , il requiert l’échange de concentements et impose aux parties des obligations réciproques

ولقد فصل المشرع الجزائري في الطبيعة القانونية للزواج وذهب إلى إعتباره عقد وهو ما جسّد في المادة الرابعة من قانون الأسرة بحيث تنص '' الزواج هو عقد يتم بين رجل وإمرأة على الوجه الشرعي " وهو في رأيي الموقف المرجح لأنه بالزواج تنشأ الأسر و المجتمعات فكيف لا يرقى إلى عقد.

الفـرع الثاني: الـزواج عقـد مدني أم ديني أم هو ذو طبيعة أخري

ذهب بعض من الفقه إلى إعتبار عقد الزواج عقد مدني وإستندوا فيما ذهبوا إليه إلى أن القانون المنظم للأحوال الشخصية هو فرع من القوانين الوضعية ومن بينهم نجد عمر فروخ يقول" بأن الزواج أو النكاح كما يسمى في الشرع عقد مدني لفظي أو خطي بين رجل وإمرأة بالغين راشدين يحفظان به عفافهما وصلاحهما ثم تنشأ منه الأسرة (3) ويذهب البعض إلى إعتبار عقد الزواج عقد ديني يخضع للأحكام الدينية مستدلين على أن القانون المدني ينظم المعاملات المالية فقط أما عقد الزواج فيخضع للأحكام الدينية و هناك من ذهب إلى إعتباره عقد مدني ذو طبيعة خاصة لإحتوائه على قدسية معينة في حين نجد من إعتبره بأنه ذو طابع شرعي لورود النصوص الشرعية الواصفة والمحددة له ولكيفية إبرامه ولكن لم تشترط طقوس معينة مثلا كحضور رجل الدين وبالرجوع إلى نص المادة الرابعة من قانون الأسرة التى عرفت عقد الزواج حددت طبيعته بأنه عقد شرعي.