منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الموظف العام
الموضوع: الموظف العام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-10, 21:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










B18 الموظف العام

مفهوم الموظف العام
تعريف الموظف العام
و من العسير وجود تعريف محدد للموظف العام، لأن المشرع و هو يضع قوانين الوظيفة العامة لا يعني في معظم الأحيان بوضع هذا التعريف و إنما يكتفي عادة بتحديد الموظفين الخاضعين لأحكامه.
و نظرا لعدم تحديد تعريف محدد للموظف العام فقد استقر القضاء الإداري المقارن كما استقر قضاء المحاكم العليا على وضع تعريف محدد للموظف العام.
عرفت المحكمة العليا في ليبيا بأحد قراراتها الموظف العام على أنه " الشخص الذي يعهد إليه تعمل دائم في خدمة مرفق عام تدير الدولة أو تشرف عليه، و من ثم تسري عليه جميع قوانين و لوائح الخدمة المدنية بما فيها من حقوق و واجبات "[1].
وعرفت المحكمة الإدارية العليا في مصر بقولها "إن المقومات الأساسية التي تقوم عليها فكرة المظف العام تخلص في أن يكون تعيين الموظف بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام"[2].
و حددت أيضا محكمة العدل العليا الأردنية تعريف الموظف العام في بعض أحكامها التي قضت فيها بقولها "... يعتبر موظفا عاما كل شخص يعمل بعمل دائم في مرفق تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام"[3] .
و نستخلص من هذه التعاريف أنه يتعين توافر شروط أساسية لكي نضفي صفة الموظف العام بالشخص و هي كالآتي:









المطلت الثاني: الشروط الأساسية للموظف العام
الشرط الأول: قيام الشخص بعمل دئم
يقصد بالعمل الدائم أن يكون عمل الشخص منتظما بصفة مستمرة، بحيث يتفرغ للعمل الوظيفي دون انقطاع، فإذا كان عمل الشخص عارضا أو موسميا أو لا يحاز مهمة محددة فلا ينطبق عليه هذا الشرط، و لا يعتبر بالتالي موظفا عاما.
و دوام الوظيفة لا ينصرف إلى كيفية أداء الموظف لعمله، لأن ذلك مسألة تنظمها القوانين و الأنظمة، فقد يكون العمل يوميا أو أسبوعيا أو شهريا، و المعيار الأساسي هو دوام العمل باعتبار أن المرفق يحتاج إليها بانتظام و اطراد لإشباع الحاجات المخصصة لها.
و من ثم لا يعد من قبيل الموظفين العموميين، و لايختص القضاء الإداري بطلباته الشخص الذي يعهد إليه بعمل موسمي كالعمال الموسميين لأن الوظيفة التي يشغلونها ليست وظيفة دائمة و إنما هي وظيفة مؤقتة.
الشرط الثاني : الخدمة في مرفق عام تديره الدولة أو سلطة إدارية بإرادة مباشرة
يجب أن يكون المرفق الذي يعمل فيه الشخص بصفة دائمة خاضعا لإدارة الدولة أو سلطة عامة إدارية بشكل مباشر.
فقد يعمل الشخص في خدمة إحدى السلطات الثلاث في الدولة، التشريعية أو التنفيذية أو القضائية. و بالنسبة للسلطة التنفيذية فقد يعمل الشخص تحت إدارة السلطة المركزية المتمثلة في الوزارات و المصالح و الإدارت التي تتبعها، و قد يعمل في خدمة سلطة لامركزية سواء كانت لامركزية محلية بما تتضمنه من محافظات و مراكز و مدن و أحياء وقرى، أو لامركزية مصلحية كالهيئات العامة أو المؤسسات العامة.
فالعبرة إذن بقيام الشخص بالعمل الدائم في خدمة شخص من أشخاص القانون العام بشكل مباشر حتى يعتبر موظفا عاما فيخضع بالتالي لأحكام القانون الإداري، و يختص الفضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة به.
و بذلك يعتبر موظفا عاما كل من يعمل تحت إدارة شخص معنوي عام، و بربطه به علاقة تنظيمية ينظمها قانون أو لائحة، أي أن تكون علاقته بالإدارة علاقة لائحية تنظيمية، فإذا كانت علاقته بالإدارة علاقة تعاقدية صرفة، فإنه لايعد موظفا عاما، و بالتالي لا يختص القضاء الإداري بالفعل في طلباته بل يختص بها القضاء المدني.
و للتعرف على طبيعة علاقة الموظف بالإدارة التابع لها، أهي علاقة تنظيمية لائحية أم أنها علاقة تعاقدية؟ يجب النظر إلى طبيعة علاقة العاملين بالدولة من واقع قرارات تعيينهم أو عقود العمل التي تبرم معهم، و ذلك لبيان ما إذا كانت هذه العلاقة علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قانون العمل، أم أنها علاقة لائحية تخضع لأخكام الخدمة المدنية.
و قد تغني عقود العمل بذاتها في الكشف عن طبيعة هذه العلاقة، فإذا نص على سريان قانون العمل فإن العلاقة تكون علاقة تعاقدية و يكون المتعاقد بذلك عاملا، و إذا نص فيها على سريان قانون الخدمة المدنية فإن العلاقة تكون علاقة لائحية و يكون المتعاقد موظفا.
أما إذا لم يكن ثمة عقد قد أبرم بين الإدارة و صاحب الشأن و اختلط الأمر و تشابه عليها، فإن العلاقة تتحدد من أوضاعه القانونية التي يكشف عنها ملف خدمته بوجه عام[4].
الشرط الثالث: التعيين من السلطة المختصة
لا يكفي أن يعمل الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو إحدى السلطات الإدارية العامة بطريق مباشركي يكتسب صفة الموظف العام، بل يجب أن يكون تعيينه في الوظيفة قد تم بطريقة مشروعة وفقا للقانون، و بقرار من السلطة المختصة بالتعيين كريئس الوزراء، الوزراء، المجالس البلدية، المدراء العامين للمؤسسات العامة.
و قد استقر الفقه و القضاء الإداريان على أن المركز الوظيفي للموظف لا ينشأ في الأصل إلا بالأداة القانونية المقررة قانونا لإجراء هذا التعيين.
و يستثنى من الشرط ما يسمى بالموظف الفعلي أو الواقعي، و هو الشخص الذي يقحم نفسه على الوظيفة العامة فيباشر الإختصاصات المقررة لهذه الوظيفة من تلقاء نفسه أو بأسلوب غير قانوني ... فالموظف الفعلي إذن هو الشخص الذي صدر بتعيينه قرار خاطئ أو معيب أو لم يصدر بتعيينه قرار إطلاقا، فقد يعين شخص في و ظيفة معينة - دون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة في تعيينه – فيقع عندئذ قرار التعيين باطلا.. و المفروض أن تعتبر الأعمال و التصرفات الصادرة عنه باطلة، و لا يعتد بها لصدورها من غير مختص، و تزول عنه صفة الموظف العام.
إلا أن الفقه و القضاء الإداريان قررا سلامة التصرفات غير المشروعة التي قام بها الموظف الفعلي، و ذلك حماية لمصالح من تعاملوا مع هذا الشخص بحسن نية اعتمادا على حالته الظاهرة لهم، و إعمالا لمبدأ استمرار سير المرافق العامة بانتظام و اطراد[5].

فإذا قام شخص باقحام نفسه في عمل خاص بوظيفة عامة، أو بمباشرة الإختصاصات المقررة لهذه الوظيفة من تلقاء نفسه، أو الدخول في خدمة مرفق عام بأسلوب غير مشروع، فإن جميع التصرفات التي تصدرمنه تعتبر معدومة لصدورها من شخص عادي لا يتمتع بصفة الموظف العام، و إنما يعتبر موظفا فعليا أو مغتصبا للسلطة.
و حتى في الحالات القليلة التي تعتبر فيها تصرفات الموظف الفعلي سليمة لضمان انتظام سير المرافق العامة، كما هو الشأن بالنسبة للظروف الاستثنائة، فإنه لا يكتسب صفة الموظف العام.
و هذا ماقضت به المحكمة الإدارية العليا في مصر من أن " نظرية الموظف الفعلي ... لا تقوم إلا في الأحوال الاستثنائية البحتة، تحت إلحاح الحاجة إلى الاستعانة بمن ينهضون بتسيير دولاب العمل في بعض الوظائف ضمانا لانتظام المرافق العامة، و حرصا على تأدية خدماتها للمنتفعين بها باطراد دون توقف. و تحتم الظروف الغير العادية أن تعهد جهة الإدرة إلى هؤلاء الموظفين بالخدمة العامة إذ لا يتسع أمامها الوقت لإتباع إجراءات التعيين في الوظيفة في شأنها، و نتيجة لذلك لا يحق لهم طلب تطبيق أحكام الوظيفة العامة، كما لا يحق لهم الإفادة من مزاياها لأنهم لم يخضعوا لأحكامها و يعينوا وفقا لأصول التعيين"[6].














المبحث الثاني: مضمون طعون الموظفين العموميين
المطلب الأول: المسائل المتعلقة بالوظيفة العامة و التي تدخل في ولاية دوائر القضاء الإداري
أوردت المادة الثانية من القانون رقم 88 لسنة 71 الليبي على سبيل الحصر الطعون التي يجوز للموظفين العامين رفعها إلى دوائر القضاء الإداري دون غيرها من الدوائر و المحاكم الأخرى، و هذه الطعون هي الآتي:
-المنازعات الخاصة بالمرتبات و المعاشات التقاعدية و المكافآت المستحقة للموظفين العامين أو المستحقين عنهم.
-الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو بالترقية أو بمنح العلاوات.
-الطلبات التي يقدمها الموظفون العامون بإلغاء القرارات النهائة للسلطة التأديبية.
-الطلبات التي يقدمها الموظفون العامون بإلغاء القرارات النهائية بإحالتهم إلى التقاعد أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
أولا: المنازعات الخاصة بالمرتبات و المعاشات و المكافآت
تختص دوائر القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها الموظفون العامون بشأن المرتبات و المعاشات التقاعدية و المكافآت المستحقة.
1.المرتبات:
اتجه القضاء الإدري إلى التوسع في تحديد معنى المرتب، فلم يقتصر على المبلغ الأساسي المحدد للموظف بصفة أصلية بموجب القانون أو اللوائح من المزايا كالمرتب الإضافي و بدل السفر و الإقامة و علاوة السكن و كافة العلاوات المقررة...[7].
و لقد أوضحت محكمة القضاء الإداري المصري هذا التفسير الواسع لمعنى المرتب بقولها: " أن مرتب الموظف تحدده القوانين و اللوائح بصفة عامة و موضوعية، و هذا التحديد لا يقوم فقط على الموازنة بين العمل و ما يقابله من جزاء فحسب بل يراعي في تحديده ما ينبغي أن يتوافر للموظف من مزايا مادية و أدبية تتناسب مع المركز الاجتماعي اللائق بالوظيفة بما يجنب الموظف اشغال البال بمطالب الحياة و ضروراتها، و من ثم يكفل حسن سير المرفق العام الذي يقوم عليه. ولهذا فإن المرتب في عموم معناه لا يقتصر على المبلغ المحدد أساسا و بصفة أصلية للموظف بحسب درجة وظيفته بل يشمل كذلك جميع المزايا المتعلقة بالوظيفة مادية كانت أو أدبية، عينية كانت أو نقدية، إذ تعتبر من ملحقات المرتب مرتبا و تأخذ حكمه كالمرتبات و بدل الغذاء و بدل السكن و الملابس و بدل الإغتراب و بدل الإقامة في الجهات النائية و بدل العيادة و بدل العدوى للأطباء....."[8].

2.المعاشات التعاقدية:
يستحق الموظف المعاش عقب انتهاء خدمته الوظيفية بإحالته إلى المعاش إذا توافرت الشروط القانونية لهذا الاستحقاق، و هو مبلغ يحصل عليه الموظف أو ورثته شهريا.
و قد توسع القضاء في تحديد المنازعات الخاصة بالحقوق التقاعدية إذ جعل اختصاصه يشمل أصل المنازعات و ما يتفرع عنها من قرارات و اجراءات تتعلق باستحقاق كل أو بعض الراتب التقاعدي، فاعتبر المنازعة المتعلقة بتحديد سن الموظف الذي ينتهي عندها مدة خدمته داخلة في عموم المنازعات الخاصة بالحقوق التعاقدية ... و تطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا الأردنية في حكم لها بأنها تختص ببحث عمر الموظف لتحديد مدة خدمته المقبولة للتقاعد إذا لم يثبت أن للموظف المحال على التقاعد شهادة ميلاد فيعتمد على تقدير عمره من قبل اللجنة المختصة ... و إذا لم يكن يوم الولادة معروفا اعتبر الموظف مولودا في اليوم الأول من شهر كانون الثاني من سنة ولادته....[9].
و على هذا الأساس أيضا قضت المحكمة الإدارية العليا المصرية بأن استبدال الموظف لجزء من معاشه في مقابل قطعة أرض تعتبر منازعة في " استحقاق كل أو بعض المعاش، لاشك في اندراجها تحت ولاية القضاء الإداري ... بوصفها منازعة متصلة أيما اتصال"[10].


3.المكافآت:
و المقصود بالمكافآت لا ينصرف إلى مكافآت نهاية الخدمة فقط، و إنما يشمل جميع أنواع المكافآت التي يستحقها الموظف خلال حياته الوظيفية.
و لقد أوضحت المحكمة الإدارية العليا في مصر هذا المفهوم الواسع لمعنى المكافآت بقولها أنه :" إذا كان الثالث أن مثار المنازعة هو ما إذا كان المطعون عليه يستحق أم لا يستحق مكافأة عن الأعمال الإضافية التي أداها في غير أوقات العمل الرسمية فإن الدعوى تكون – طبقا للتكييف القانوني السليمي- منازعة في مكافأة"[11].
ثانيا: الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو بالترقية أو بمنح العلاوات
1)التعيين:
يقصد بالتعيين كل اجراء تتخذه الجهات المختصة بتكليف أحد الأشخاص بشغل وظيفة معينة وفقا لأحكام قانون الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية[12].
و قد تكون تعيين الموظفين عن طريق قرار إداري أحادي الجانب صادرا عن الإدارة بإرادتها المنفردة أو عن طريق عقد تبرمه جهة الإدارة مع الموظف. و الموظف بعقد يستوي مع الموظف المعين بقرار إداري في كونه موظفا عاما تربطه بالإدارة علاقة لائحية تنظيمية و يسري عليه ما يسري على جميع الموظفين العامين من قوانين و لوائح إلا إذا نص عقد استخدامه على خلاف ذلك.
و بهذا تقول المحكمة العليا الليبية في قرارها الصادر في 2/5/70 : "المستخدمون بعقود المعينون بالحكومة (الأمانات) أو الهيئات أو المؤسسات العامة موظفون عامون من جميع الوجوه، و الطعن في القرارات الإدارية النهائية التي تصدر في شأنهم يختص بها القضاء الإداري"[13].
و تشمل رقابة القضاء الإداري قرارات التعيين في حد ذاتها، و كذلك على كافة الاجراءات السابقة لها كاجراءات الامتحان التعيين المنصوص عليها في المواد 19،20، من قانون الخدمة المدنية الليبية.
فالمادة 20 تنص على أن " يرتب الناجحون في الامتحان حسب الأسبقية في درجات النجاح و عند التساوي يقدم الأعلى مؤهلا، فالأقدم تخرجا، فالأكبر سنا، و يتم التعيين بحسب ترتيب النجاح"
و على هذا يجب على الإدارة احترام هذه المعايير و إلا أصبح قرارها قابلا بالإلغاء.
2)الترقية:
الترقية هي رفع درجة الموظف إلى الدرجة التالية لدرجته مباشرة في الوحدة الإدارية التي يتبعها و في ذات المجموعة التي تتدرج فيها وظيفته كما ذكرت المادة 36 من قانون الخدمة المدنية رقم 55 لسنة 76م.
و اختصاص القضاء الإداري لا يكون مقتصرا على النظر في القرارات الصادرة بالترقية و إنما يتسع مجاله ليشمل القرارات الإدارية السابقة للترقية و التي من شأنها التأثير على المركز الوظيفي عند اجراء ترقيته، مثل امتحانات الترقية و التقارير السنوية الخاصة بدرجة كفاءة الموظف و عدم احترام قواعد الأقدمية.
و على هذا الأساس قضت المحكمة العليا الليبية في أحد قراراتها بأن " للموظف الأقدم الحق في الطعن في ترقية الموظف الأحدث لأن مصلحته محققة في إلغاء القرار في مااشتمل عليه من ترقية زملائه، إذ سيترتب على ذلك زوال أسبقيتهم في ترتيب الأقدمية من طريقه، كما سيتيح له فرسة أوسع للترقي".
يلاحظ من هذا أن اختصاص القضاء الإداري في مجال المنازعات الخاصة بالتعيين و الترقية يقتصر على التحقق من مشروعية أو عدم مشروعية القرار الإداري المطعون فيه، و بالتالي الحكم برفض الدعوى أو القرار في حالة عدم مشروعيته.
فلا يجوز للقضاء الإداري أوامر إلى الإدرة بجراء التعيين أو الترقية و لا أن يحل محلها في اصدار قرار بتعيين أو ترقية أحد الموظفين، و قد استقر القضاء الإداري على أنه " لا ولاية لدوائر القضاء الإداري في اصدار قرارات بالترقية، فليس لها أن تقوم مقام الإدارة العاملة"[14].
كذلك بسطت المحكمة العليا رقابة القضاء الإداري ليسمل المنازعات المتعلقة بالآثار المترتبة على قرارات الترقية بعد صدورها، و هذا ماقضت به المحكمة العليا بتاريخ 6/6/1971 طعن إداري 9/17 "المفروض في القرارات الإدارية أنها تصدر لأسباب مشروعية رعاية للصالح العام و إذا كان ملف خدمة الطاعن و هو الوعاء الطبيعي لتاريخه حياته الوظيفية خاليا من جميع الشوائب بل على العكس من ذلك فيه ما يدل على أداء عمله على خير حال و فيه ما يدل على أن الترقية إلى الدرجة الرابعة بذاتها وقعت سليمة في اجراءاتها بعد امتحان اجتازه الطاعن بتفوق و مضى على الترقية قرابة سنة و نصف و الطاعن يقوم بعمله الجيد المرقي إليه كمدرس فصل خير قيام فيكون قد اكتسب بذلك مركزا قانونيا تحصن و استعصى الإلغاء"[15]
3)العلاوات:
ينطبق لفظ علاوة على جميع ما يستحقه الموظف من مبالغ تؤدي إلى زيادة، و تتضمن العلاوات الدورية أو الاعتيادية، و علاوات الترقية، و العلاوات الإضافية مثل علاوة غلاء المعيشة أو العلاوة الاجتماعية[16].
و من الجدير بالذكر أن ولاية دوائر القضاء الإداري تقتصر على البحث في مشروعية أو عدم مشروعية قرار الترقية و ليس للقضاء أن يحل نفسه محل الإدارة في اصدار قرار الترقية.
ثالثا: الطلبات التي يقدمها الموظفون العامون بإلغاء القرارات النهائة للسلطة التأديبية.
يختص دوائر القضاء الإداري بالأستثناء إلى المادة الثانية الفقرة الثالثة من القانون رقم 88 لسنة 1971 بالفصل في الطلبات التي يقدمها الموظون العامون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبة، مختلف القرارات ذات الطبيعة التأديب للسلطات التأديبية.
و يقصد بالقرار النهائية للسلطات، مختلف القرارات ذات الطبيعة التأديبة سواء أكانت صادرة عن لجنة أم مجلس تأديبي أم عن سلطة رئاسية[17].
و تمد رقابة دوائر القضاء الإداري بشأن هذا القرارات لتشمل الأمور التالية:
1.تختص دوائر القضاء الإداري بمراقبة صحة و مشروعية الاجراءات التمهيدية الواجب اتباعها قبل اصدار القرار التأديبي، مثل صدور قرار الإحالة إلى اللجنة التأديبة من جهة مختصة، و تبليغ الموظف التهم المنسوبة إليه و التحقق معه وتمكينه من الدفاع عن نفسه و ضرورة ذكر أسباب التأديبي في صلب القرار.
فهذه الاجراءات التمهيدية هي اجراءات جوهرية يترتب على إغفال أي منها بطلان القرار التأديبي.
عندما ينص المشرع على ضرورة اتخاذ بعض الاجراءات التحضيرية التمهيدية لإصدار قرارات إدارية معينة، حينئذ تصبح هذه الاجراءات جوهرية يترتب على إغفالها بطلان القرار الإداري، كما أن القضاء الإداري قد استقر من جهته على اعتبار الاجراءات التمهيدية للقرارات التأديبية كإعلان المتهم بالوقائع المنسوبة إليه، و بيان وصف التهمة و زمان و مكان المحاكمة، و كذلك تمكينه من الدفاع عن نفسه، بمثابة اجراءات جوهرية يترتب على إغفالها بطلان القرار التأديبي حتى في حالة عدم النص عليها صرحة في القانون.
ففي قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 15/1/1974 قالت: " و حيث أنه من العامة التي لا تقبل جدلا أن التحقيق و التأديب له أصول و ضوابط تمليها قاعدة أساسية هي ضرورة تحقيق الضمان و توفيرالإطمئنان للموظف موضوع المسألة التأديبية، فلا يجوز مساءلته إلا بعد تحقيق تكون له كل مقدمات التحقيق القانوني الصحيح و كفالاته وضماناته من حيث وجود استدعاء الموظف و سؤاله و مواجهته بما هو مأخوذ عليه و تمكينه من الدفاع عن نفسه ... و هو أمر تقتضيه العدالة و الأصول العامة كمبدأ عام في كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون الحاجة للنص عليه" و انتهت المحكمة إلى إبطال القرار التأديبي المطعون فيه لمخالفته لهذه الاجراءات التأديبية الجوهرية[18].
و كذلك قضت محكمة العدل العليا الأردنية في قرارها المؤرخ 9/9/1997 بقولها: " إن المبادئ و القوعد المقررة التي تحكم اجراءات التأديب توجب سؤال الموظف و مواجهته بماهو مأخوذ عليه و تمكينه من الدفاع عن نفسه لأن ذلك من الضمانات الأساسية الواجب توافرها و أن إغفالها ذلك جزاؤه البطلان .... "[19].
و هذا أيضاأ ما أكدته المحكمة الإدارية العليا المصرية في أحكامها.
2.تختص دوائر القضاء الإداري بمراقبة الوجود المادي للوقائع المنسوبة للموظف، و التحقق فيما إذا كانت هذه الوقائع التي كانت سببا لإصدار القرار التأديبي قد حدثت على أرض الواقع فعلا بارتكابها أم أنها مجرد وقائع صورية وهمية.
و هذا هو ما جاء في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 10/6/1976 " إن رقابة القضاء الإداري في قضاء الإداري ليست رقابة لا تمتد إلى الوقائع كما هو الشأن في حالة الطعن في بالنقض، و إنما هي رقابة تمتد إلى فحص الوقائع بالقدر اللازم للحكم على سلامة تطبيق القاعدة القانونية، و حقه في ذلك لا يقف عند حد التحقق من صحة الوقائع التي بنى عليها القرار الإدراري، بل يمتد إلى تقدير هذه الوقائع باعتبارها من العناصر التي انبى عليها، و تأسيسا مع ذلك يكون من سلطة القاضي الإداري التحقق من حدوث الوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة في اصدار القرار، كما له تقديرالوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة اصدارالقرار، كما له تقدير الوقائع الثابت حدوثها للتأكد فيما إذا كانت تبرر اصدار القرار أم لا ...."[20].
3.يمتد اختصاص القضاء الإداري إلى مراقبة التكييف القانوني للوقائع المنسوبة للموظف على فرض حدوثها بالفعل، بمعنى التأكد فيما إذا كانت هذه الوقائع ترقي إلى مرتبة المعاقب عليها قانونا أم لا.
بمعنى أنه إذا تحقق القاضي من وجود الوقائع المادية التي استندت إليها الإدارة في اصدار قرارها أن الإدارة أخطأت في تكييفها القانوني لهذه الوقائع فإنه يحكم بإلغاء القرار الإداري لوجود عيب في سببه.
و من أشهر أحكام محلس الدولة الفرنسي في الرقابة على التكييف القانوني للوقائع حكمه في قضية "جوميل" عام 1914 فقد قضى بإلغاء قرار مدير أحد أقاليم الذي منع الترخيص للسيد " جوميل gomel" بالبناء في منطقة أثرية، على أساس أن هذا البناء سيشوه جمال المنظر الأثري، و لما بحث المجلس التكييف القانوني للوقائع التي استند إليها هذا القرار، اعتبرها غير صحيحة و ألغى قرار المدير[21].
وكذلك قضت المحكمة العليا في ليبيا بتاريخ 5/5/1989 " إن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب في الواقع و في القانون و أن للقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية أن يبحث صحة الوقائع التي استند عليها القرار الإداري و مدى سلامة تكييفها القانوني"[22].
و مع ذلك فقد استقر قضاء مجلس الدولة في فرنسا و مصر على أن رقابة القضاء الإداري على سبب القرار الإداري تقف عند حد الرقابة على الوقائع و لا تمتد للبحث في التكييف القانوني لها في القرارات المتعلقة بإبعاد الأجانب، و القرارات المتصلة بمسائل فنية ذات طابع تخصصي[23].