والسن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو
سن الإطاقة للصيام
وهو يختلف باختلاف بنية الولد
وقد حدَّه بعض العلماء بسن العاشرة .
قال الخرقي :
" وإذا كان الغلام عشر سنين ، وأطاق الصيام أُخِذَ به " .
قال ابن قدامة :
" يعني : أنه يُلزم الصيام ، يؤمر به ، ويضرب على تركه ، ليتمرن عليه ويتعوده ، كما يُلزم بالصلاة ويؤمر بها ، وممن ذهب إلى أنه يؤمر بالصيام إذا أطاقه : عطاء والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي .
وقال الأوزاعي :
إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يخور فيهن ولا يضعف حُمِّلَ صومَ شهر رمضان
وقال إسحاق :
إذا بلغ ثنتي عشرة أحب أن يكلف الصوم للعادة .
واعتباره بالعشر أولى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالضرب على الصلاة عندها ، واعتبار الصوم بالصلاة أحسن لقرب إحداهما من الأخرى
واجتماعهما في أنهما عبادتان بدنيتان من أركان الإسلام
إلا أن الصوم أشق فاعتبرت له الطاقة
لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيقه "
انتهى . " المغني " (4/412) .
وقد كان هذا هو هدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع أولادهم ، يأمرون من يطيق منهم بالصيام فإذا بكى أحدهم من الجوع دُفع إليه اللعب يتلهى بها ، ولا يجوز الإصرار عليهم بالصيام إذا كان يضرهم بسبب ضعف بنيتهم أو مرضهم .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" والصغير لا يلزمه الصوم حتى يبلغ ، ولكن يؤمر به متى أطاقه ليتمرن عليه ويعتاده ، فيسهل عليه بعد البلوغ ، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم - وهم خير هذه الأمة - يصوِّمون أولادهم وهم صغار " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين "
( 19 / 28 ، 29 )
وسئل الشيخ رحمه الله تعالى :
طفلي الصغير يصر على صيام رمضان رغم أن الصيام يضره لصغر سنه واعتلال صحته ، فهل أستخدم معه القسوة ليفطر ؟
فأجاب :
" إذا كان صغيراً لم يبلغ فإنه لا يلزمه الصوم ، ولكن إذا كان يستطيعه دون مشقة فإنه يؤمر به ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يُصوِّمون أولادهم ، حتى إن الصغير منهم ليبكي فيعطونه اللعب يتلهى بها ، ولكن إذا ثبت أن هذا يضره فإنه يمنع منه
وإذا كان الله سبحانه وتعالى منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفاً من الإفساد بها ، فإن خوف إضرار الأبدان من باب أولى أن نمنعهم منه ، ولكن المنع يكون عن غير طريق القسوة
فإنها لا تنبغي في معاملة الأولاد عند تربيتهم " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين "
(19/83) .