منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحقيق الدقيق في شرف بني نائل الوثيق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-05-13, 14:57   رقم المشاركة : 181
معلومات العضو
ناصر الحسني
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ناصر الحسني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بـــادئ ذي بـــدء:
لعبت الرباطات الجهادية والزوايا الدينية أدوارا طلائعية عبر التاريخ، تفاوتت بين ماهو ديني/اجتماعي، وبين ماهو سياسي/عسكري، وبين ماهو ثقافي/تربوي، وكانت تحظى بمكانة خاصة لدى القبائل عبر التاريخ، فهي التي نهضت بعبء الدفاع عن وحدة البلاد وضمان أمن العباد، عندما تراخت قبضة المخزن "العتيد" في بعض فتراته، وهي التي سهرت- بشيوخها وصلحائها ومريديها- على انتشار تعاليم الدين الحنيف عبر حلقات حفظ القرآن الكريم ب"المْسيدْ" ودروس الوعظ والإرشاد، بل وكانت مأوى آمنا لعابري السبيل والمحتاجين والفقراء، في وقت سادت فيه المجاعات والفوضى/ السيبة وانتشر فيه قطاع الطرق، كما عملت بشكل محكم عبر شرفائها الذين نالوا الحظوة والمكانة العلية بين الناس، على استتباب الأمن وفض النزاعات

المختلفة بالطرق السلمية بين القبائل المتناحرة فيما بينها، موظفين في ذلك نسبهم الشريف وعلمهم وقوة نفوذهم الديني، مما خلق نوعا من التوازن الذي كان مفقودا بين تلك الجماعات السكانية، ناهيك عن ضمانها للولاء الروحي للسلطان" ظل الله في أرضه" بعد تعاظم النعرات القبلية والنزعات الفردية، ومن هنا يمكن القول إن الزوايا بمثابة مؤسسات قائمة الذات، حظي شرفاؤها باحترام خاص من قبل السلاطين الذين خصوهم بظهائر التوقير والاحترام، كما حظوا كذلك بتبجيل مميز من قبل عامة الشعب وخاصتهم، الذين انجذبوا إليهم والتفوا حولهم وسلموهم زمام أمورهم، إلى حد إنه (كان في الفئات الشعبية من يهدي بناته إلى الأشراف تبركا، وليتزوجوهن من غير تكاليف نلزمهم)، كما ورد في الجزء الثالث ص.544، من كتاب الأستاذ إبراهيم حركات (المغرب عبر التاريخ)؛ وقد اختصرالإمام الشافعي هذا الحب الكبير لآل البيت في بيتين شعريين دالين، مُضَمّنين في الصفحة 101 من ديوانه:

يا أهلَ بيت رسول الله حُبّكم / فرض من الله في القرآن أنزلهُ
كفاكم من عظيم القَدْر أنكم / من لم يُصلّ عليكم لاصلاة لهُ

لقد تعددت الرباطات و الزوايا بالريف منذ ظهورها أواخرعصرالموحدين وبدايات دولة بني مرين، وذلك تماشيا مع عصر"الانحطاط" الذي كان يعيشه المسلمون، وتراجع دور الدولة المركزية في ضبط شؤون رعيتها، سيما في الولايات البعيدة عن مركزها، وسنحاول في مقالتنا هاته تسليط بعض الأضواء الكاشفة، على شخصية الولي الصالح والمرابط "أمرابظ" الشريف سيذي امْحْنْدْ أُومُوسى، ترى إلى أين ينتسب هذا الولي الصالح؟ وماهي الأدوار التي قام بها طيلة حياته الحافلة؟ وما طبيعة الكرامات التي عرف بها لدى العامة والخاصة؟ وأين يقع ضريحه؟ وما أخبار زاويته الدينية التي كانت تشرئب إليها الأعناق، إلى أن أصبحت نَسْيا منسيا كأن لم تغن بالأمس؟.

1- نـــســـبــه:

حسب ما يتداول شفويا عبر أجيال عدة وانطلاقا من بعض الوثائق المخطوطة، فإن امحمد بن موسى الصغير الدردوشي الغِلَبْزوري المعروف محليا بسيذي امحند أُومُوسى، هو ابن أحمد بن موسى ابن امحمد (الكبير) بن عبد الرزاق، ابن بوكر بن عمر بن عيسى ابن عبد الكريم، بن عبد العزيز بن العباس بن الفضيل بن إسحاق بن يحيى، بن مطهر بن إبراهيم الأعرج بن أحمد بن عبد الله السكناوي، بن ياسين بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الكريم، بن محمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر، بن علي بن حرمة بن عيسى بن سلام بن السيد مزوار، بن أحمد (حِدار) بن محمد بن إدريس العاهل بن إدريس، بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن سبط الرسول (صلعم)؛ ونسبه (ص) أشهر من أن يُعَرّف به كاتب أو باحث.

2- الـتعـريـف ببعض الأسماء الـواردة فـي الشجـرة:

- سيذي موسى: والد سيذي امحند، لم نعثر له على ترجمة في المراجع و الوثائق التي اطلعنا عليها، غير إن الرواية الشفوية تقول بأنه تزوج من امرأة صلعاء تنتمي إلى زاوية سيذي يوسف، اشترطوا عليه بقرة صداقا لها، وظل الحاضرون يصفقون بأيديهم و يسخرون من الرجل، قائلين بأن سيذي موسى سينجب مع هذه المرأة أفعى، الأمرالذي تحقق لاحقا في إحدى كرامات ابنه سيذي امحند، حين تحول إلى أفعى طاردت سكان أجديرانطلاقا من دوار أيث عبد العزيز. وقد دفن سيذي موسى بموضع معروف عند الساكنة المحلية يقال له "إزْمْران"، يقع بمحاذاة الموقع الحالي لمسجد أيث هشام.

2- سيذي امحمذ أمقران (الكبير): تمييزا له عن امحمذ الصغير أي سيذي امحند أوموسى، لم نقف على ترجمة له في المراجع التي اطلعنا عليها، سوى ما ورد في كتاب الحاج أحمد عبد السلام البوعياشي:" أما امحمد فهو سيدي امحمد الكبيرالمدفون بقبيلة بقيوة، وهو جد ادردوشا، وهو معروف باستجابة الدعاء عند قبره، وكان رجلا صالحا تقيا حافظا للعهد والسنة" 1 له زاوية مشهورة بقبيلة بقيوة؛ ويقال بأن النساء عندما يزرن ضريح هذا الولي، يتوسلن ببركته لمداواة أطفالهن من حالة اختناق تنفسي تصيبهم، تُدعى محليا "ذْمَغّيثْ"، كما يقال بأن سيذي امْحمد (امحند) أمزيان المدفون في ضريح آخر بالقرب من المكان هو ابنه. وحسب ما ورد في منظومة2 بقلم صاحبها الحاج محمد الريسولي بن عبد السلام (مازال حيا)، فإن هذا الولي هو جد " الزقيوة"، حيث يقول:

يناجي ربّه بالتهليل والتكبيرْ / وهو نَجْلُ السيد امحمد الكبيرْ
المشهور بقبيلة بقيوةْ / بن عبد الرزّاق جَدّ الزّقيوةْ

3- عبد الرزاق: حسب الأستاذ البوعياشي فإن عبد الرزاق هذا " سكن بقرية تاوْرَى بالموضع المدعو "تاغانِينْت" من بني عبد الله، وهناك توفي وخلف من الأولاد اثنين:امحمد وعبد الله".3 وعبد الله هو والد سيذي يوسف صاحب الزاوية المشهورة بتماسينت السفلى، الذي كان حيا في القرن الحادي عشرالهجري/ السابع عشر الميلادي (توفي سنة 1050هـ موافق1641م).

4- ابن بوبكر بن عمر: ورد عند الأستاذ البوعياشي ب"بوبكر" غير إنه في الأرجوزة المذكورة يرد باسم "بوكَر" بدون الباء،"وقد كان وليا صالحا، في زمنه تسمت زاوية سيذي عيسى الذي هو جده بقرية، ودفن هناك بنفس الضريح، مخلفا ولدين اثنين: عمر وعبد الرزاق".4

5- عمر: حسب البوعياشي" فهو من مواليد سنة 1012 هـ/ 1603م* بزاوية سيذي يوسف، إلا إنه انتقل تحت إلحاح ساكنة بني عبد الله إلى إقنيين فتوفي عن سن 68 سنة، ودفن هناك في ضريح لايزال يزار إلى الآن، وله ذرية هناك يعرفون بالشرفاء القنيين وبأولاد بوزمبو".5

6- بن عيسى: أو سيذي عيسى، وصفه أبو محمد عبد الله الأوربي في مخطوطه (مناقب أبي يعقوب الزهيلي البادسي) بأنه: " وهو رجل أمي، لكنه يحفظ من مسائل الفقه ما يحتاج إليه في دينه من العبادات والمعاملات شيئا كثيرا، ويتكلم في دقائق الأمور كلاما تعجبت منه تعجبا عظيما..."6 وحسب بعض الوثائق التي بين أيدينا، فإن سيذي عيسى من مواليد آخر القرن التاسع الهجري/ القرن الخامس عشر الميلادي بقيبلة بقيوة، فقد أمه في طفولته وهو ابن سنتين ونصف، فسلمه أباه إلى سيدة أرملة تدعى ميمونة من جْبْل حْمام بأغِيل بوزْدور، الواقع بين واد غيس وواد مَارّويْ قرب تشثيوين، فتربى هناك مع ابنتيها رحمة وفاطمة، حيث تزوج بالأولى وأنجبت له عمر وياسين، وبعد مدة انتقل إلى تماسينت العليا حيث أسس زاويته المشهورة ومسجدا تقام فيه صلاة الجمعة، توفي عن عمر يناهز ستة وستين 66 عاما ودفن بزاويته، التي يمكن اعتبارها حسب الأستاذ عبد الرحمان الطيبي في كتابه (الريف قبل الحماية)، الزاوية الأم لجميع الزوايا بالمنطقة، وإليها ينتسب المجاهد الكبير محمد بن أحمد العزوزي، المعروف بأدواره التعبوية والإعلامية لصالح المقاومة قبل حرب الريف التحريرية. وتسمية الغِلَبْزوريين7 (نسبة إلى المكان الذي تربى فيه سيذي عيسى) لم تطلق إلا على هذا الشيخ الصالح وذرياته وليس على أبيه وأجداده. ورد في المنظومة:

بمكانٍ يُسمّى أغيل البُزْدوري / لذلك كنيتُه الغِلَبْزوري
وذا المكان بين الواد الغيسِ / وبين وادي مارُّويْ بلا التباسِ
بالتقييد على شاطئ الهابطِ / من تشثوين إلى اصريحن بالضبطِ
وزاويتُه مشهورة حقاً / بتامسينتْ سابقا ولاحقاً
قد توفي عن عُمْر يناهزْ / ستّ وستّين عاما لم يجاوزْ
ودفن ثَمّ بزاويتهِ / المشهورة باسمه وكُنيتهِ

7- سيذي عبد الكريم: حسب نفس المخطوط فإنه قد أسس زاويته ببقيوة واستقر فيها إلى أن مات، ودفن بمكان يدعى ثِقِّيت، وكان شريفا محترما يقدره الجميع، تتهاطل عليه الهدايا من كل قبيلة، وهناك ولد ولده السيد عيسى.

8- عبد العزيز بن موسى بن إسحاق: خطيب القرويين وإمام الجامع بها، وصفه صاحب المعيار في فهرسته ب"صاعقة الأرض" لأن دعواته لاتخطئ أبدا، أما الشيخ زروق الذي كان معاصرا له فسماه بالغندور أي الشجاع الذي لايخشى أحدا، ولد حوالي 802هـ موافق1400م، وهو من خريجي زاوية سيذي يعقوب بن عبد الكريم المسماة حاليا بزاوية "إزكرين أساسنو"، في عهده خلع العامة بفاس آخر السلاطين المرينيين محمد عبد الحق بن السلطان أبي سعيد المريني، وبايعوا نقيب الشرفاء محمد بن علي بن عمران الجوطي"8بسبب تولية اليهود عليهم، توفي سنة 880هـ موافق1475م ودفن بداخل باب الفتوح من حومة الكغادين. جاء في المنظومة:

ابنِ عبد الكَريم بن عبد العزيزْ / إمام القرويّينَ مُظهِرالعزْ
توفي في السنة الثمانينْ / قرنَ التاسع من هجرةِ النّبي الأمينْ

(يــتـبـع)

بقلم: ذ. الغَلْبْزوري فؤاد









 


رد مع اقتباس