منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - طريق الوصول إلى العلم النافع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-10-20, 19:18   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم وجزاكم خيرا على الموضوع المهمّ جدّا الذي يحتاج المسلم البسيط أن يغذي منه عقيدته وعمله لله ، والرجوع إلى الله خاوي القلب من إيمانٍ صحيح ينتج أعمالاً تعود على صاحبها كالهباء المنثور ، مصداقا لقوله سبحانه :" وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا (23)"الفرقان.

أسأل الله القبول في القول والإعتقاد والعمل

وعليه ،أزيد موضوعكم بإذن الله ،نورًا يضيء سبيل الّذين يسعون إلى طلب العلم بفقرة موجزة ومختصرة تعرفهم بمعنى العلم النافع من شرح الشيخ العلاّمة المفسّر للقرآن عبدالرحمن السعدي رحمه الله حيث يقول:

(( العلمُ النّافع، هو العلم المزكِّي للقلوبِ و الأرواحِ، المُثمرُ لسعادة الدّارين، و هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديثٍ و تفسيرٍ و فقهٍ، و ما يُعينُ على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت و المَوْضع الذي فيه الإنسان، و تعيينُ ذلك يختلف باختلاف الأحوال)).
[شرح جوامع الأخبار 71]



وأزيدكم موضوع حول: العلم النّافع وعلامات أهله للإمام ابن رجب رحمه الله

للاخ الفاضل (المعلم) من منتدى الجلفة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1983698



والعمل الصّالح هو ثمرة العلم النافع ، ويعرّفه الشيخ السعدي رحمه الله كما يلي:


يقول الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله:

(( العملُ الصّالحُ، هو الذي جمع الإخلاصَ لله، و المُتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، و هو التقرُّب إلى الله: باعتقاد ما يجبُ لله من صفات الكمال، و ما يستحقُّه على عباده من العبودية، و تنزيهه عمّا لا يليقُ بجلاله، و تصديقه و تصديق رسوله في كل خبرٍ أخبرا به عمّا مضى، و عمّا يُسْتَقْبَلُ عن الرُّسُل، و الكتُب و الملائكة، و أحوال الآخرة، و الجنّة و النار، و الثواب و العقاب و غير ذلك )).
[شرح جوامع الأخبار 75]






ثَمَرَةُ العِلْمِ النَّافِعِ

أيُّها المسلمون!... إِنَّ ثمرةَ العِلم النَّافِع هُو العملُ الصّالح، وإِنَّ العالِمَ حقًّا مَنْ كان للهِ أَخْشَى ولَهُ أَعْبَد، وقد كان سلفُنا الصّالح (رضوان الله عليهم): أئمَّةً في التّقوى والمُراقبة، كما كانوا أئمّةً في العِلم، وهذا نمُوذجٌ فريدٌ يَشهدُ على ما ذكرنا:

قال ابنُ وهبٍ رحمه الله: «نَذَرْتُ أَنِّي كُلَّمَا اغْتَبْتُ إنسانًا أَنْ أَصُوم يومًا فأَجْهَدَنِي، فكنتُ أَغْتَابُ وأَصُومُ..» [1]، يعني: أنّه لم يستطِع التّخلّص مِن هذا المرض وهذه الشّهوة ، شهوةِ الغيبة، مع أنّه قد أَجْهَدَهُ الصّوم، وشقَّ عليه كثيرًا، فرأى أن يتطلَّبَ حلاًّ آخر، يُعِينُهُ على التّخلُّص منها، قال: «فَنَوَيْتُ أَنِّي كُلَّمَا اغْتَبْتُ إنسانًا أَنْ أَتَصَدَّقَ بدِرْهَمٍ، فَمِنْ حُبِّ الدَّرَاهِمِ تَرَكْتُ الغِيبَةَ».

قال الحافظ الذّهبيُّ مُعلِّقًا: «قلتُ: هكذا- واللهِ- كان العلماءُ، وهذا هُو ثَمَرَةُ العِلم النّافع»[2].

ونقول: إنّ هذا العالم الصّالح لماَّ أدرك أنَّ النّفسَ البشريّة مُتعلّقَةٌ أشدَّ التَّعَلُّقِ بالدّرهم والدّينار، لماَّ نوى- مُجرَّدَ نِيَّةٍ فقط- أن يُلزِم نفسه بإخراج درهمٍ كُلّما اغتاب إنسانًا، نجح معه هذا التّدبير، واستطاع أن يَقهر هذه النّفس، ويُرغِمها على ترك شهوة الغِيبة، لأنّه قد أتاها مِن جهة شهوةٍ هي أقوى وألصقُ بالنّفس: حُبِّ المال والشُّحِّ به...لعلّك لو ذكَّرت إنسانًا بأنّه لوِ اغتاب، يكون قد فقد شيئًا مِن حسناته، لما التفت إلى تذكيرك، ولوَجَدتَهُ لا يبالي! وقد كان سلفُنا الصّالح أعقلَ مِنْ أنْ تضِيع حسناتُهُمْ عليهم، فقد جاء رجلٌ إلى أحدهم، يقول له: إنَّكَ اغْتَبْتَنِي! فقال له: «لَسْتُ سَفِيهًا، حتّى أُضَيِّعَ حسناتي!!».. لكن لو عرف أحدُنا أنّه كلّما اغتاب أحدًا، أُخِذَ مِنْ ماله وأُخْرِجَتْ دراهمه مِن جَيْبِه، لوجدته بعد ذلك حَذِرًا مُحترِسًا إذا تكلّم أو أراد أن يتكلّم، قام بين عينيه ما يتهدّدُهُ مِن نقصان ماله، هذه نفسُ البشر وطبيعتهم! فسُبْحان الله!

وقد صدقَ اللهُ حين قال: كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ...[الفجر: ]:

«يُخْبِرُ تعالى عن طبيعة الإنسان من حيثُ هُو، وأنّه جاهلٌ ظالمٌ لا عِلم له بالعواقب... كلا بل لا تكرمون اليتيم..وهذا يدلُّ على عدم الرّحمة في قلوبكم، وعدم الرّغبة في الخير،ولا تحاضون على طعام المسكين، أي: لا يَحُضُّ بعضُكم بعضًا على إِطعام المحاوِيج مِن المساكين والفقراء، وذلك لأجل الشّحّ على الدّنيا، ومحبّتها الشّديدة المتمكّنة مِن القلوب، ولهذا قال تعالى: وتأكلون التراث، أي: المال المُخَلَّف [وهُو المِيرَاث]» [3].

«أكلا لما أي: ذَرِيعًا لا تُبْقُون على شيءٍ منهُ، وتحبون المال حبّا جما، أي: كثيرًا شديدًا [فاحِشًا] [4]، وهذا كقوله تعالى: ï´؟بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة´.

ثمّ قال تعالى: كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24).

كلاَّ أي: ليس كلُّ ما أحبَبْتُم مِن الأموال وتنافستُم فيه مِن اللَّذَّات بِبَاقٍ لكُم، بل أمامَكُم يومٌ عظيم، وهَوْلٌ جَسِيم، تُدَكُّ فيه الأرض والجبال وما عليها..[ ويقومُ الخلائِقُ مِن قُبورهم لربِّهم][5]):وجاء ربك والملك صفا صفا، [يجيءُ الرّبُّ تبارك وتعالى لفَصْلِ القضاء كما يشاء، والملائكةُ يَجِيئُون بين يديه صُفُوفًا صُفُوفًا] [6] وهذه الصُّفُوف صفوفُ خُضُوعٍ وذُلٍّ للمَلِك الجبَّار[7]، وجيء يومئذ بجهنم: تَقُودُها الملائكةُ بالسَّلاسِل،

[روى مسلمٌ عن عبد الله بن مسعودٍ (رضي الله عنه) قال: قال رسولُ اللهِ (صلى الله عليه و سلم): «يُؤْتَى بجَهَنَّم يومئذٍ لها سبعُون ألف زِمَامٍ مع كُلِّ زِمَامٍ سبعون ألف مَلَكٍ يجرُّونها»[8]]، يومئذ يتذكر الإنسان´: ما قَدَّمَهُ مِن خيرٍ وشَرٍّ، وأنّى له الذكرى، فقد فَاتَ أَوَانُها وذهبَ زَمَانُها،( يقول يا ليتني قدمت لحياتي ) [يَنْدَمُ على ما كان سَلَفَ منهُ مِن المعاصي إن كان عاصِيًا ويَوَدُّ لو كان ازدادَ مِن الطَّاعات إن كان طائِعًا] [9]،

يقول يا ليتني قدمت لحياتي الدَّائِمة الباقية عمَلاً صالحًا، كما قال تعالى:يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ليتني لم أتخذ فلانا خليلاً[ الفرقان:]» [10].

فاتَّقُوا اللهَ تعالى أيُّها المسلمون! وراقِبُوا ربَّكُمْ! وخافُوا منه، واخْشَوْهُ ولا تَعْصُوهُ: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ´ [البقرة:].

* عباد الله!..قَدِّمُوا لأنفسكم، وتَزَوَّدُوا لآخِرتكم، واعملوا صالحًا، وازدادوا مِن الطّاعات، وتَقرَّبُوا إلى ربِّكم جلّ وعلا....

أكثِرُوا مِن الصّلاة والسُّجود لربِّ الأرض والسّموات، فإنّ نبيَّكم (صلى الله عليه وسلم) يقولُ: «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ»[11]، ويقولُ (صلى الله عليه وسلم): «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، واعلمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُم الصَّلَاة..» [12]...

أكثِرُوا مِن قراءة القُرآن وتلاوتِه آنَاءَ اللَّيلِ وأَطْرَافَ النَّهَار، فإنّ نبيَّكم (صلى الله عليه وسلم) يقولُ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِن كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، والحَسَنَةُ بعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أقُولُ: ألم حَرْفٌ، ولكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، ولَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»[13]، وعن أبي ذرٍّ (رضي الله عنه) قال: قلتُ: يا رسول الله! أوصِنِي. قال (صلى الله عليه وسلم): «عَلَيْكَ بتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ». قلتُ: يا رسولَ الله! زِدْنِي. قال(صلى الله عليه وسلم): «عَلَيْكَ بتِلَاوَةِ القُرْآن، فإِنَّهُ نُورٌ لَكَ في الأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ في السَّمَاء»[14]....

اسْعَوْا في قضاء حوائِج إخوانكم المسلمين، وتَصَدَّقوا على الفُقراء والمساكين، واكْفُلُوا اليَتَامَى والمعَادِيم، فإنّ نبيَّكم (صلى الله عليه وسلم) يقولُ: «أَفْضَلُ الأَعْمَالِ إِدْخَالُ السُّرُورِ على المُؤْمِنِ: كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، وأَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً»[15]، ويقولُ (صلى الله عليه وسلم): «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ والمسكِين، كالمُجَاهِدِ في سبيلِ الله، وكالَّذِي يَقُومُ اللَّيلَ ويَصُومُ النَّهَارَ»[16]....

أيُّها الصَّائِمُون! احْفَظُوا صَوْمَكُم مِن الغِيبة والنَّمِيمة والوَقِيعَةِ في أَعْرَاضِ المسلمين...لا تُضَيّعُوا حَسَنَاتِكُم، فإنّ النّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) يقولُ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بِهِ، فلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ»[17]...

أيُّها الصَّائِمون!..حسِّنُوا أخلاقكم، وأَحْسِنُوا إلى النَّاسِ ما استطعتُم، فإنْ لم تُحْسِنُوا إليهم، فلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَكُفُّوا عنهم شرَّكُمْ وإذايتَكم، يقولُ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم): «المؤمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ، والمسلِمُ مَن سَلِمَ المسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَبْدٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»[18]، أي: الشَّرَّ مِن جهته.


... «اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ فِعْلَ الخَيْرَات وتَرْكَ المُنْكَرَات وحُبَّ المساكِين»[19].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


([1]) «سير أعلام النّبلاء» للذّهبيّ (9/228).

([2]) «سير أعلام النّبلاء» للذّهبيّ (9/228).

([3]) «تفسير السّعديّ».

([4]) «تفسير ابن كثير»(14/348).

([5]) «تفسير ابن كثير»(14/348).

([6]) «تفسير ابن كثير»(14/348).

([7]) «تفسير السّعديّ».

([8]) مسلمٌ (2842).

([9]) «تفسير ابن كثير»(14/349).

([10]) انظر: «تفسير السّعديّ».

([11]) انظر: «صحيح التّرغيب» (390).

([12]) انظر: «صحيح التّرغيب» (197).

([13]) انظر: «صحيح التّرغيب» (1416).

([14]) انظر: «صحيح التّرغيب» (1422).

([15]) انظر: «صحيح التّرغيب» (954).

([16]) البخاري (5353) ومسلمٌ (2982).

([17]) البخاري (1903).

([18]) انظر: «صحيح التّرغيب» (2555).

([19]) مِن أدعيةِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم·؛. انظر: «صحيح التّرغيب» (408).

كتب المقال :

سمير سمراد وفّقه الله











رد مع اقتباس