منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأفعال المبررة كموانع للعقاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-16, 16:12   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع

إذا كان التشريع الجزائري -1- و التشريع الفرنسي قد أطلق الدفاع ضد خطر الجريمة أيا كان,إلا أن التشريع المصري قد أورد الجريمة التي تجيز الدفاع عن المال حيث قصره على جرائم معينة وردت على سبيل الحصر وهي :
" جرائم الحرق العمدي والسرقة والتخريب والإتلاف وانتهاك حرمة منزل "
4- شروط الدفاع المشروع:يتطلب الدفاع المشروع سلوكا من جانب المعتدي المتمثل في الاعتداء وسلوكا من جانب المدافع المتمثل في رد الاعتداء,ويكون الفاعل في حدود الدفاع إذا توفرت شروط معينة في الاعتداء وشروط أخرى في الدفاع.
-و يرجع لقضاة الموضوع تقدير هذه الشروط,وذلك تحت رقابة المحكمة العليا و من ثم ينبغي إثارة الدفع بتوفير شروط الدفاع المشروع أمام قضاة الموضوع ولا يجوز إثارة لأول مرة أمام المحكمة العليا-2-
أ- شروط الاعتداء:يشترط في الاعتداء العناصر والشروط التالية :
* يجب أن يكون الاعتداء حالا:وقد عبرت عن ذلك المادة 39/2 ق ع ج الضرورة الحالة و يتمثل في وجود خطر حال لم يكن ممكنا أبعاده إلا بارتكاب الجريمة,و بمعنى أن يكون هذا الخطر الحال حقيقة ملموسة و ليس من صنع خيال الفاعل,غير أن في قضاة فرنسا أنه ليس من الضروري أن يكون مرتكب القتل أو الضرب ردا للاعتداء في خطر الموت و القاضي هو من يقدر الطابع الحال للدفاع, فإذا لم يكن الخطر حالا و إنما كان مستقلا أو كان إدراكه فلا يعد في مثل هاتين الحالتين من يوجه إليه الخطر في حالة دفاع شرعي,وإنما يكون الدفاع في الحالة الأولى وقائيا و في الحالة الثانية انتقاما-3-














_____________________
-1- د. لحسن بوسقيعة, المرجع السابق ص 125
-2- د. لحسن بوسقيعة, المرجع السابق ص 121
-3- د. لحسن بوسقيعة, المرجع السابق ص 125
المعتدي قد بدا في إيقاع الضرر بالمجني عليه-1- بل يكفي مجرد القيام بالفعل,يحتمل معه وقوع الجريمة مستقبلا سواء كان هذا الفاعل بدأ في تنفيذ الجريمة أو أعمال تحضيرية و تقدير حلول الخطر يجب أن يستند إلى اعتبارات موضوعية وواقعية و يقاس وفقا لتوقيع الشخص العادي في مثل الظروف التي كان عليها المدافع وقت الاعتداء
والمشرع الجزائري اكتفى أيضا بحلول الخطر ولا يشترط أن يكون المعتدي قد بدا في إيقاع الضرر أي أصاب الحق المحمي بالفعل,وإلا ضاعت الفائدة من تقرير الدفاع الشرعي و يكفي لقيامها أن يكون الضرر وشيك الحلول.
و إذا بدا المعتدي في إحداث الضرر فالمعتدي عليه من باب الأول أن يمنع المعتدي من الاستمرار في الاعتداء.
" و بعض التشريعات جعلت الخطر الحال في إحدى الصورتين-2- خطر وشيك,خطر مستمر"
• أما الخطر الوشيك يفترض فيه أن الاعتداء لم يبدأ بعد,ولكنه في مرحلة التنفيذ على الأقل في مرحلة الشروع و المشرع لا يلزم المهدد بالخطر أن ينتظر ابتداء الاعتداء عليه حتى يبرر له الدفاع,وإنما يجيز له الدفاع بمجرد أن يهدده الخطر الداهم فمن يخرج مسدسه وأخذ بتجهيزه بالرصاص يكون الخطر الصادر عنه وشيكا ويجيز الدفاع,ولم يبدأ بإطلاق النار.
• أما إذا كان الخطر في المستقبل فلا يوصف الفعل بان تعرض ولا يباح الدفاع, ويلاحظ أن لمراعاة الظروف التي كان يمر بها المدافع عند تقرير وجود الخطر ولا يجوز أن تختلط بالخطر الوهمي الذي يقوم الخطأ في اعتقاد المدافع و تصور للاشعور مثاله أن يتوهم صاحب المنزل وجود شخص يرغب بالسرقة ليلا فيطلق عليه الرصاص عندما يهرب و إذا به صديق للخادمة,وأن يهدد شخص أخر بمسدس أو يضع يده على وسط الجسم حيث يكون المسدس عادة,فيتبين بعد الدفاع عدم وجود سلاح.














_____________________________________
-1- د. أحمد ابو الروس المرجع السابق ص 128-129
-2- د. سمير عالية المرجع السابق ص 360
و على الرغم من عدم صلاحية النظر الوهمي لقيام حق الدفاع لان أسباب التبرير موضوعية في مصدرها ولا تتوقف على عنصر شخصي فهناك من يعيد بالخطر الوهمي للقول بتوفر الدفاع حتى كان الاعتقاد بالخطر مبينا على أسباب معقولة.
* أما الخطر المستمر تفترض هذه الصورة الخطر الحال أنه لا يزال قائما يحدق بالغير
و أنه لم ينته بعد،كما لو أطلق المعتدي رصاصة على المجني عليه,وكان يستعد لإطلاق الرصاصات الأخرى أو طعنه بالسكين طعنة ويتهيأ للطعنات الأخرى فهذا الدفاع جاهز لتفادي الخطر الداهم.
- أما إذا كان الخطر قد تم وانتهى فان اية رد فعل ضد المعتدي عليه تعتبر نوعا من الانتقام ولا تشكل حال الدفاع,فالدفاع المشروع لم يشرع للانتقام وإنما شرع لمنع المعتدي من إيقاع فعل المعتدي أو الاستمرار فيه بحيث إذا كان الاعتداء قد انتهى فلا يكون الدفاع الشرعي موجود.
و قد ينتهي الخطر قبل حصول الضرر كما لو تمكن المعتدي عليه من انزاع السلاح من يد المعتدي وهنا لا يجوز للمعتدي عليه أن يستعمل السلاح ضد المعتدي لانه يتم عقب انتهاء الخطر فيصبح مجرد انتقام يعاقب عليه القانون و قد ينتهي الخطر بعد حصول الضرر أي بعد تمام الجريمة التي كان المعتدي ينوي ارتكابها,وهنا لا يجوز للمجني عليه أن يلجا لاستعمال العنف ضد الجاني لأنه بعد زوال الخطر محدق به و لا يكون في مركز الدفاع.
- و يتخذ أنه هنا يليق الأمر عند تحديد وقت تمام الجريمة حتى يتحدد الزمن الفاصل بين وجود الحق في الدفاع وزواله وهنا يختلف الأمر باختلاف الركن المادي للجرائم-1- ففي الجريمة الوقتية تقع الجريمة و تنتهي بالنشاط الذي أتاه الجاني سواء بفعل أو عدة أفعال فجريمة الضرب قد تتم بفعل واحد و قد تتم بعدة ضربات و جريمة السرقة لا تتم ألا باستيلاء الجاني على الحيازة الهادئة للشيء المسروق فلا تتم السرقة بمجرد فرار الجاني بالشيء المسروق بل أنها تكون في مرحلة التنفيذ حتى يتمكن الجاني من جعل الشيء في حيازته الهادئة ونحن نعرفه و لذا يجوز للمجني عليه أن يستعمل العنف ضد الجاني أثناء فراره بالشيء المسروق لمنعه من الاستيلاء عليه,كما يجوز تفتيشه في هذه الفترة لضبط الشيء المسروق










______________
-1- د. أحمد ابو الروس ص 130
و في الجرائم المستمرة يعتبر الاعتداء مستمرا مما يبيح الدفاع حتى تنتهي حالة الاستمرار مثل جريمة الخطف, فيجوز للمخطوف لما كان مسلوب الحرية أن يدافع عن نفسه ضد خاطفيه.
و يتعين عند تقدير وقت زوال الخطر الاعتداء بمقاييس موضوعية واقعية أي وفقا لتوقع الشخص العادي في مثل الظروف التي كان يمر بها الجاني.
* أن يكون الاعتداء غير مشروع:يجب أن لا يستند الاعتداء إلى حق أو أمر من القانون, أما إذا وقع الاعتداء بأمر من القانون أو بإذن منه طبقا للقانون,ففي مثل هذه الحالات يكون الاعتداء عادلا و يفتقد الدفاع مشروعيته.
فالشخص الذي أصدرت في حقه السلطة القضائية أمر بقبضه ويقاوم تنفيذ هذا الأمر لا يكون في حالة دفاع شرعي,كذلك الحال بالنسبة لمن يقاوم الضبط الذي يقوم به مواطن طبقا لنص المادة 61 ق اج التي تخول كل شخص في حالات تلبس بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس ضبط الفاعل واقتياده إلى أقرب ضابط للشرطة القضائية فهنا الشخص الذي يقاوم الضبط لا يمكن أن يستند إلى أنه في حالة دفاع مشروع-1- و لهذا أن يتوفر فعل يهدد بخطر أو إحدى المصالح المحمية بقانون العقوبات و يكفي مجرد السكوت أو الامتناع عن البحت,ولا يشترط في العقد المهدد بالخطر أن يكون عملا ايجابيا بل يكفي مجرد الامتناع الذي يعتبره القانون جريمة,ويقتضي إباحة الدفاع الشرعي,
و وروده على أمر غير مشروع,وهو حالا يتوافر عندما يكون الاعتداء قائما على فعل يهدد بخطر مشروع,والضابط في عدم مشروعيته الخطر هو تهديده بارتكاب جريمة ما ينص عليها قانون العقوبات.

















____________________
-1- د.لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 126
ففعل الاعتداء إنما يتجه إلى الخطر لصده قبل وقوع الاعتداء,وهنا يكمن الهدف الاجتماعي للدفاع-2- وهو منع الخطر من أن يتحول إلى ضرر أي اعتداء فعلي ويستوي في الجريمة أن تكون عمديه أو غير عمديه ونجد أن امتناع مسؤولية المعتدي إذا كان فاقد الشعور أو الاختيار وقت ارتكاب الفعل لصغر سنه أو لجنون الم به أو لعاهة عقلية أو لغيبوبة ناشاه عن تناول مادة مسكرة أو مخدرة لا يحول دون الدفاع الشرعي-3-
و هو ما أثار التساؤل أيضا حول ما إذا كان الاعتداء الصادر عن عديمي المسؤولية كالمجنون مثلا والطفل الغير المميز مشروعا.
أجاب الفقهاء( ستيفاني ولوفاسور و يورك) -4- على هذا السؤال ليقولهم "إذا كان هذا الاعتداء مشروعا من الناحية الذاتية بسبب عدم المسؤولية فان غير مشروعية من الناحية الموضوعية,ذلك أن أسباب انعدام المسؤولية الذاتية لا تمحوا الطابع الإجرامي عن الفعل المرتكب من طرف المعتدي,وخلصوا إلى القول:بان الاعتداء الذي يقوم به المجنون أو الطفل يمكن أن يكون محل رد مشروع"
و هو القانون الذي وافق عليه الشرع الجزائري
- كما لا يفقد المدافع حقه في الدفاع المشروع إذا كان قد تسبب باستفزازه في صدور الاعتداء من المعتدي,ومتى كان الخطر مهددا بجريمة فلا يحول دون توفر حق الدفاع المشروع أن يكون المتهم قد توفرت لديه أحد موانع العقاب لان هذا المانع لا يؤثر في بقاء وصف التجريم بالفعل.
و لا يحول دون توفر الدفاع الشرعي أن يكون المعتدي متمتع بالحصانة الدبلوماسية لان هذه الحصانة يقتصر إعفائه من الخضوع لسلطات القضاء الوطني,ولكنه لا تحول دون خضوعه لقانوني العقوبات وإخفاء صفة التجريم على أفعاله المخالفة للقانون-5-.














_________________________________
-2- د. محمد صبحي نجم المرجع السابق ص145
-3- د.أحمد أبو الروس المرجع السابق ص 127
-4- د. لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 126
-5- د. أحمد أبو الروس المرجع السابق ص 127
تتعدى المسالة عندما يتم القبض بصفة غير شرعية,كان يقبض على شخص بدون أمر قضائي, أو أن يتعرض المقبوض عليه بأمر قضائي إلى ضرب مبرح من طرف أعوان السلطة أثناء القبض يثور التساؤل حينئذ حول ما إذا كانت مقاومة المقبوض عليه دفاعا مشروعا أم لا؟
اختلف الفقه والقضاة في بداية الأمر,انتهى القضاء الفرنسي إلى المقاومة غير شرعية
ومن ثم خلص إلى انعدام الدفاع المشروع بدون وجود الانصياع دائما لإعمال السلطة غير أن هذا لا يمنع المعتدي عليه من متابعة السلطة من أجل الاعتداء عليه.
• المحل الذي يرد عليه التعرض أو الخطر أو الاعتداء:نص المشرع الجزائري في المادة 39 ق.ع.ج على أن الدفاع المشروع يكون خلال المداهمة أو التعرض أو الاعتداء على حق يحميه القانون,وهذا الحق هو الدفاع عن النفس أو الغير أو عن مال مملوك للشخص أو الغير ومن هنا فالتعرض أو الاعتداء يقع على النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه ومن هنا فتم تحديد الجرائم التي يرد عليها الخطر تحديدا على سبيل الحصر فأجاز الالتجاء إلى الدفاع الشرعي ضد جميع الجرائم,الاعتداء على النفس ثم اقتصر على الإباحة إلى بعض جرائم الاعتداء على المال,يشترط أن تقع هذه الجرائم على نفس أو مال المدافع لأنه يستوي في نظر القانون أن يقع الاعتداء على المدافع أو غيره,فيجوز للغير الذي لم تقع عليه الجريمة أن يدافع عن المجني عليه ضد المعتدي.

وأباح ضد أي اعتداء يهدد المجني عليه بجريمة من جرائم الاعتداء على النفس
ويشمل ذلك جرائم الاعتداء على حياة الإنسان وسلامة جسمه,حيث يجوز الدفاع لدرء جرائم القتل والضرب والجرح وما إليها,والجرائم الماسة بالشرف والاعتبار كالقذف
و السب وجرائم الاعتداء على الحرية.
-غير أن القانون لم يطلق الدفاع ضد جميع جرائم الاعتداء على المال بل حصرها في جرائم السرقة,و بالهدم والتخريب والإتلاف والحريق العمدي وانتهاك حرمة ملك الغير,التعدي على الملكية ........
ب- شروط فعل الدفاع:إذا توفرت شروط الاعتداء السابقة في استخدام القوة لدرء هذا الاعتداء,ويستوي بعد ذلك ممارسة هذا الحق ممن وقع ضده الاعتداء أو من شخص آخر غيره.
-و لا يشترط القانون أن يكون لهذا الغير علاقة بمن وقع ضده الاعتداء كما يشترط أن يكون الفعل بعلم أو برضاء هذا الأخير,فالمدافع يستخدم حقه في الدفاع ضد الاعتداء الذي يهدده شخصيا في نفسه أو في ماله,أو ضد الاعتداء الذي يهدد الغير في نفسه أو في ماله.
وبما إن رد الاعتداء أو الدفاع هو رد الخطر فالأصل فيه أن يتم بسلوك ايجابي,
ولكنه قد يتم بطريقة الامتناع,كما لو امتنع الميكانيكي عن إصلاح السيارة عندما علم بان سائقها سيتوجه حالا للقتل أخر فتظاهر بإصلاحها وهو لم يصلحها,وشروط الدفاع لا بد أن يكون لازما لدفع الاعتداء متناسبا مع الاعتداء.
*- شرط لزوم الدفاع:لم يقيد القانون الدفاع بعدم القدرة على تفادي الخطر بطريقة أخرى غير أن ارتكاب الجريمة بينها قيدت التشريعات التي تأخذ بحالة الضرورة بذلك إذ لا يمكن أن يطالب الإنسان بالهروب عند تخوف الاعتداء عليه بما في ذلك من الجبن الذي لا تقرره الكرامة الإنسانية.

و بذالك يكون الدفاع لازما إذا كان هو الوسيلة الوحيدة لصد فعل الاعتداء,أي إذ لم يكن أمام المدافع وسائل أخرى-غير الهروب- يستطيع تحقيق بها هذه الغاية-1-
و تبعا لذلك لا يكون الدفاع لازما عندما يشكل العمل الذي قام به "المدافع" الوسيلة الوحيدة لرد الاعتداء فحسب, بل ويكون الدفاع لازما أيضا حتى وان كان لمرتكب الجريمة وسيلة أخرى غير ارتكاب الجريمة لصد الاعتداء ذلك أن الدفاع المشروع يرتكز على حق بل وعلى القيام بواجب-2- ويجعل البعض وسيلة احتياطية -3- لا يجوز اللجوء إليها إلا إذا تعذر رد الاعتداء بوسائل أخرى غيرها,فلا يجوز للشخص أو الغير أن يأخذ حقه من المعتدي بيده,بل يجب أن يلجا إلى هذا الشخص أو الغير إلى الجهات المختصة لتعيد له حقه من المعتدي إلا إذا تعذر ذلك هنا اجاز القانون الدفاع الشرعي وأصبح الدفاع لازما لمواجهة التعدي.

و على هذا أن لا ينشا حق الدفاع الشرعي إذا وجدت وسائل أخرى_ غير فعل الدفاع_ لرد الاعتداء كإمساك يد المعتدي أو إلقاء شيء في طريقه يمنع وصوله إليه أو انتزاع الأداة التي يستخدمها أو عرقلة اعتدائه بأية وسيلة من الوسائل أو الاستنجاد برجال السلطة العامة.
و لقد ثار التساؤل -4- بشان الهرب إذا كان هو الوسيلة المحتاجة لتفادي الاعتداء غير استخدام القوة,فهل يتعين على المعتدي عليه الفرار من وجه المعتدي,لان فعل الدفاع في هذا الغرض لا يكون لازما؟
- الرأي السائد في الفقه والقضاء يرفض اعتبار الهرب وسيلة يمكن بها صد الاعتداء لان الهرب اغلب الحالات يعرض صاحبه للسخرية والاستهزاء نظرا لما ينطوي عليه من مظاهر الضعف والجبن ولا يليق بالقانون أن يجبر إنسانا على أن يكون جبانا يغير أمام المخاطر ولا يدافع على نفسه ضد العدوان,يضاف إلى ذلك أن الدفاع حق والهرب مشين,ولا يجبر صاحب حق على النزول عنده








______________________________________
-1- د.علي عبد القادر القهوجي المرجع السابق ص 215
-2- د. لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 127
-3-د. محمد صبحي نجم المرجع السابق ص 163
-4- د. علي عبد الله القوجيو نفس المرجع ص 216
و مع التسليم بضرورة الجريمة للدفاع فإنها لا تبيح إلا بالقدر اللازم للمحافظة على الحق, ولكن الصعوبة تحديد القدر المناسب
- و هكذا فمن الصعب- على سبيل المثال – قبول ضرورة الدفاع المشروع عندما يتعلق الأمر بجروح خطيرة تسبب فيها شخص بالغ على طفل اعتدى عليه أو عندما يصاب المعتدي في ظهره و تصبح المسالة أكثر تعقيد عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الأملاك,وفي هذا الصدد يشدد القضاء الفرنسي على أن يكون الدفاع ضروري جدا لبلوغ الهدف المراد.
* شرط دفاع متناسب مع الاعتداء:يجب أن يكون الدفاع متناسب مع جسامة الاعتداء حيث يتعين أن لا يكون الأذى الذي أصيب المعتدي يتناسب مع الأذى الذي كان المدافع عرضة له وإرادة تجنبه.
و جسامة الاعتداء مسالة وقائع يفصل فيها القضاء بالنظر الذي يتلقى لطمه فيقابلها بقتل المعتدي.
و لكن لا يشترط أن يكون الأذى الذي أصاب – المدافع- أخطر مما قد ينجز عن دفعه, فالمرأة التي تقتل من يحاول هتك عرضها تكون في حالة دفاع مشروع وفي كل الأحوال يرجع القضاء تقرير بكل سيادة مدى الالتزام بالتناسب الضروري .
و هو مطالب بتقدير هذا التناسب بصرامة أكبر عندما يتعلق الأمر بالاعتداء على الأملاك و ذلك أن الدفاع على ملكيته مهما كانت مشروعية ألا يبرر بأي حال من الأحوال التضحية بحياة إنسان أو إصابته بجروح خطيرة,لا يرجى شفاؤها,وهذا ما كرسه المشرع الفرنسي في قانون العقوبات حيث قضى على أن الدفاع عن الأملاك لا يبرر القتل العمدي.
و في حالة إذا ما كان الدفاع غير متناسب مع الاعتداء فهذه الوضعية هي تجاوز الدفاع المشروع ومن ثم يستبعد الدفاع المشروع,غير أن هذا لا يمنع مرتكب الأعمال الإجرامية من التحجج بالإكراه المعنوي للإفلات من العقاب أو التمسك بعذر الاستفزاز للاستفادة من تحقيق العقوبة-1-












____________________
-1- د. لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 128
إثبات الدفاع المشروع
5- أ) مسالة الإثبات بوجه عام: يثور التساؤل حول من يقع عليه عبأ الإثبات أن الإثبات كان حالا وغير مشروع من جهة,وأن الدفاع كان ضروريا من جهة أخرى,فهل يقع ذلك على سلطة المتابعة- النيابة العامة- أم على المدافع- المتهم.؟
- الأصل وانطلاقا من قرينة البراءة-1- أن على النيابة العامة إثبات أن الشروط المطلوبة قانونا متوفرة غير أن القضاء الفرنسي ذهب مذهبا مغايرا حيث قضى في عدة مناسبات أن على المتهم إثبات توفر الشروط القانونية للدفاع المشروع و سواء فيما يتعلق بعمل الاعتداء أو بعمل الدفاع.
- و يستند القضاء في حكمه إلى الطابع الاستثنائي الذي يجبه تبرير الجريمة بالدفاع المشروع والى حكم القانون الذي تضمن حالات خاصة يكون فيها الدفاع المشروع بقرينة حيث يعفى فيها المتهم من تقديم دليل توافر شروط الدفاع المشروع
3- قرينة الدفاع المشروع: طبقا للمادة 40 ق ع ج التي تنص بما يلي:
" يدخل ضمن حالات الضرورة حالة للدفاع المشروع بما يلي:
1- القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب للدفاع على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو لمنع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل
2- الفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس أو عن الغير ضد مرتكبي السرقات أو النهب بالقوة"-2- و تبعا لذلك يستفيد المدافع من قرينة الدفاع المشروع في ثلاثة حالات و هي:
- دفع اعتداء واقع على حياة شخص أو سلامة جسمه
- منع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل.

















________________________________
-1- د. لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 128
-2- قانون العقوبات الجزائري طبعة 2002
- الدفاع عن النفس أو الغير ضد مرتكبي السرقات أو النهب بالقوة
- و يثور التساؤل حول ماذا كانت هذه القرينة مطلقة لا تقبل إتيان العكس أو أنها نسبية بحيث يكون للنيابة العامة والطرف المدني إبعاد الفعل المبرر بتقديم البينة على أن مرتكب القتل أو الجرح لمنع التسلق للحواجز أو كسرها يعلم بان حياته
و أملاكه لم تكن مهددة .
- أخذ القضاء الفرنسي يؤدي الأمر بالطابع المطلق لقرينة الدفاع المشروع و كما يستشف ذلك من أحكام البراءة التي أصدرتها المحاكم الجنائية في عدة مناسبات لصالح مرتكبي القتل أو الجرح الخطير ضد من دخلوا ليلا بواسطة تسلق الحيطان إلى ملكهم _ و أشهر هذه القصة قضية جوفوس jeufosse و قضية بوشو pochou و تتلخص وقائعها في كون المجني عليهما دخلا ليلا على ملك المتهمين بواسطة تسلق الحيطان لإيداع كلمة غزل على نافذة ابنتهما-1-
- و من هنا أصبح الميل بالأخذ بالطابع البسيط لقرينة الدفاع المشروع لا يكتسي طابعا مطلقا وإنما تقبل الدليل العكسي.
6- آثار الدفاع المشروع:
- إذا ثبت الدفاع المشروع يزول عن عمل الفاعل أي طابع إجرامي,ومن ثمة لا تسلط عليه أي عقوبة,فإذا كان الملف على مستوى النيابة العامة يتعين عليها حفظه,أما إذا كان على مستوى التحقيق يتعين على قاضي التحقيق إصدار أمر بانتفاء وجه الدعوى,وإذا كان على مستوى جهة حكم تعين عليها إصدار حكم البراءة -2- أي أنه من توفر الدفاع المشروع و التزم المدافع حد التناسب كان الفعل الذي ارتكبه مباحا,
وبناءا على الطبيعة الموضوعية لأسباب الإباحة يستفيد من هذا الأمر جميع المساهمين في الجريمة سواء علموا أو لم يعلموا بتوفر الدفاع الشرعي.
















________________________________
-1- د. لحسن بوسقيعة ص 129
-2- د. لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 130
و يتعين على النيابة العامة أذا اثبت لديها توفر الدفاع الشرعي بعد التحقيق أن تصدر أمرا بعدم توجيه لإقامة الدعوى الجزائية -1-
- و هذا كما أنه لا يسأل المدافع مدنيا,ولا يجوز للمجني عليه أن يقيم ضده دعوة مدنية للمطالبة بالتعويض.
و إذا كان التشريع الجزائري لا يعرف من أسباب الإباحة إلا الأفعال التي يأمر بها أو يأذن بها القانون,والدفاع المشروع فان القانون المقارن يعرف سببين آخرين للإباحة هما حالة الضرورة و رضا المجني عليه
و مع ذلك فقد اختلفت التشريعات في جعل رضا المجني عليه سببا من أسباب الإباحة كالمصري والايطالي,فالأمر على خلاف ذلك بالنسبة لحالة الضرورة حيث أن القضاء المصري يعتبر حالة الضرورة مانع من موانع المسؤولية الجزائية أما القضاء الفرنسي فبقى محتفظا بها كسبب من أسباب الإباحة إلى غاية صدور قانون العقوبات الجديد حيث أعتبرها سببا موضوعيا لانعدام المسؤولية شأنها شأن الدفاع المشروع والفعل الذي يأمر أو يأذن به القانون وأمر السلطة الشرعية.























_____________________
-1- د. أحمد ابو الروس المرجع السابق ص 141

المطلب الثاني: حالة الضرورة:
اختلف الفقه بشأن حالة الضرورة،فمنهم من اعتبرها مانع من موانع المسؤولية الجزائية(1) ومنهم من اعتبرها كسبب من أسباب الإباحة(2) ومنهم من اعتبرها غير ذلك فجعلها مانع من موانع العقاب(3).
فرع1:مفهوم حالة الضرورة يعرفها الفقيه{بوزات} بأنها حالة من لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أو عن غيره شرا محدقا به أو بغيره إلا بارتكابه جريمة بحق شخص أو أشخاص أبرياء.
كما رأى بعض الفقه(4)أنه يراد بحالة الضرورة وضع مادي للأمور ينشأ بفعل الطبيعة أو بفعل إنساني موجه إلى الغير.
وينذر بضرر جسيم على النفس يتطلب دفعه بارتكاب جريمة على إنسان بريء، فحالة الضرورة تفترض التضحية بحق أو مال للغير لإنقاذ الحق الشخصي،أو حق الآخرين، ومعنى هذا أن الإنسان عندما يجد نفسه أو ماله أو نفس الغير أو ماله مهدد لضرر جسيم على وشك الوقوع فيضطر إلى ارتكاب الجريمة للوقاية من هذا الخطر،ومثالها أن يشب حريق في مبنى فيندفع صاحبه للنجاة وهو بالثياب الداخلية
والضرر الجسيم على النفس أن ترتكب الجريمة على إنسان بريء في سبيل درئه،يستوي فيه أن يكون مهدد إذ أن الشخص الذي ارتكب هذه الجريمة أو أن يكون مهددا شخصا آخر غيره.
علـى أنه حين يكون المهدد بالضرر الجسيم على النفس هو ذات الشخص الذي ارتكب جريمة الضرورة دفعا لهذا الضرر،يتعين أن يكون مصدر إنذاره بالضرر فعل الطبيعة لأفعال الإنسان،وإلاّ توافر إكراه معنوي مصدره هذا الإنسان
أمـا حين يكون المهدد بالضرر الجسيم على النفس شخصا آخر غير مرتكب الجريمة المدفوع بها هذا الضرر فإنه يستوي في هذه الحالة أن يكون مصدر إنذار الغير بذلك الضرر هو فعل الطبيعة أو فعل إنسان لأنه في حالة كون هذا المصدر فعلا إنسانيا لا يعتبر إكراها معنويا مادام موجها إلى الغير لا إلى مرتكب الجريمة نفسه(5).











___________________________________
1) د. عبد الله سليمان المرجع السابق ص324
2) د. لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 131.
3) د. عوض محمد عوض المرجع السابق ص 511.
4) د. عبد الله سليمان المرجع السابق ص 324.
5) د. رمسيس بهنام المرجع السابق ص 971.
إذن فحالة الضرورة تتفق مع الإكراه المعنوي في أنّ الجريمة الناشئة من كل منهما تصيب إنسانا بريئا وفي أنّ ركنها المعنوي قائم بجانب ركنها المادي.
وإنما تختلف حالة الضرورة عن الإكراه المعنوي من نواح ثلاثة،فمن ناحية قد تتمثل حالة الضرورة في فعل الطبيعة بينما الإكراه المعنوي لا يمكن إلا أن يكون فعلا لإنسان ومن ناحية ثانية فإن جريمة المكره تهدف إلى رديء ضرر يهدد المكره شخصيا،وأما جريمة الضرورة فقد يسعى بها فاعلها إلى فعل رديء يشكل ضرر لا يهدده شخصيا وإنما يهدد الغير،ومن ناحية ثالثة فإنه حين يكون مصدر الضرر المدفوع بجريمة الضرورة فعلا لإنسان يتعين أن يكون هذا الفعل موجها إلى الغير الذي ارتكب الجريمة دفعا للضرر عنه،لأنه إذا كان موجها إلى فاعل الجريمة نفسه تكون به إكراه معنوي(1).
خلاصـة ما تقدم،أن جريمة الضرورة تتميز بكونها جريمة تصيب شخصا بريئا دفعا لضرر جسيم على النفس تهدد به الطبيعة فاعل الجريمة نفسه أو شخصا آخر غيره، أو يهدد به إنسان ما،شخصا آخر غير فاعل الجريمة.
وبنـاءا على ذلك لا تتعدى حالة الضرورة فروضا ثلاثة:
*الفـرض الأول:أن يرتكب إنسان جريمة على شخص بريء وذلك ليدفع بها عن نفسه ضررا جسيما تهدد به الطبيعة.
*الفـرض الثـاني:أن يرتكب إنسان جريمة على شخص بريء وذلك ليدفع بها ضررا جسيما تهدد به الطبيعة نفس إنسان آخر غيره
*الفـرض الثـالث:أن يرتكب إنسان جريمة على شخص بريء وذلك ليدفع بها ضررا جسيما يهدد به أحد الأشخاص إنسانا آخر غيره.

القاسم المشترك في كافة فروض جريمة الضرورة وذلك في الإكراه المعنوي أنّ الجريمة تصيب شخصا بريئا ذلك لأنه حين تصيب الجريمة شخصا أثيما هو مصدر الضرر المدفوع بها، تعتبر دفاعا شرعيا سواء من نفس المدافع أم عن نفس غيره والجريمة المباحة للدفاع شيء و الجريمة الناشئة من ضرورة أو إكراه شيء آخر،وفيما يلـي أمثلة لفروض جريمة الضرورة(2).











_________________________________________
1) د.فتوح عبد الله الشاذلي المرجع السابق168.169
2) د.حسن بوسقيعة المرجع السابق ص132
فالفـرض الأول،وهو ارتكاب الجريمة على بريء دفعا للضرر تهدد به الطبيعة نفس مرتكب الجريمة فيتوافر له مثال إذا وجدنا صائدان في قارب يمخر عباب البحر وهبت عاصفة أثارت أمواج البحر فصارت تلتطم صاخبة ولم يكن بد في سبيل أن ينقذ كل الصائدين نفسه أن يلقي بآخر في اليمن تخفيفا لحمل القارب و إنقاذا له من الغوص و الغرق فألقى الأقوى منهما بالأضعف في اليم إنقاذا لحياته الشخصية أو مرتكبا بذلك جريمة قتل.
والفـرض الثاني،هو ارتكاب الجريمة على بريء دفعا لضرر تهدد به الطبيعة إنسانا آخر غير مرتكب الجريمة ،شأنه أن تنزل صاعقة من الجو على مسكن مصنوع من مادة قابلة للحرق فينشب الحريق في هذا المسكن أثناء نوم سكانه فيه ويأتي صاحبه من الخارج فيفطن إلى ذلك فيهجم إلى المساكن المجاورة ويختطف منها أشياء ومواد يستعين بها على إطفاء النار في مسكنه إنقاذا لحياة من هم بداخله فهنا ارتكب على الجيران الأبرياء جرائم سرقة أو إتلاف،وصيانة بهذه الجرائم نفوس غيره لا نفسه ضدّ أخطار الحريق.
أمـا الفـرض الثالث،وهو ارتكاب الجريمة على بريء دفعا لضرر يهدد إنسان آخر غير مرتكب الجريمة و مصدره فعل الغير فمثاله أن يشعل زيد النار عمدا أو إهمالا في مسكن بكر فيسارع خالد بإطفائها منتزعا بعض الأشياء و المواد من مساكن جيران بكر الأبرياء وذلك لإنقاذ حياة بكر ومن معه في المسكن(1)
قـد ورد النص على جريمة الضرورة في المادة 61 من قانون العقوبات المصري فهي تنص على أنه (عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرة منعه بطريقة أخرى)
يخضع الفقه و القضاء الذي أخذ بحالة الضرورة سببا للإباحة أو مانعا من موانع المسؤولية لشروط مقيدة و هذه الشروط نجدها مكرسة في التشريعات التي أقرت حالة الضرورة كالقانون المصري و القانون الفرنسي.
هذه الشروط كما نبنيها فيما يأتي مستلهمة في مجملها من أحكام القانون المتعلقة بالدفاع المشروع.
1- الشـروط المتعلقة بالخطر: مثلها هو الحال في الدفاع المشروع يشترط لعدم العقاب على الجريمة في حالة الضرورة أن يجد الشخص نفسه أمام خطر حال أو على وشك الوقوع يهدده في شخصيته أو في ماله أو يهدد شخصا غيره.







___________________________
1) د.رمسيس بهنام المرجع السابق ص174.

وإذا كـان القانون الفرنسي لا يشترط أن يكون الخطر جسيما فإنّ المشرع المصري يشترط ذلك كما تشترط ذلك المادة 308 ق.ع الجزائري بالنسبة للإجهاض.
ويـبرر الفقهاء المصريون اشتراط جسامة الخطر في الضرورة على عكس الدفاع المشروع الذي لا يشترط فيه أن يكون الاعتداء جسيما لأن جريمة الضرورة تقع على بريء بينما الدفاع على معتدي ومن ثم فإذا كان الأذى الذي ينجم عن الخطر ضئيل فإنه لا يجيز الإعفاء من المسؤولية وجسامة الخطر تقدرها محكمة الموضوع،وفقا لمعيار مجرد هو معيار الشخص المتوسط الذي يوجد في ظروف المتهم فإذا كانت هذه الظروف تلجئه إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة صح تطبيق المادة 61 عليه،هذا ما استقر عليه القضاء المصري حيث حكم بأنه لا يعني من المسؤولية من كان صغير السن واشترك في جريمة إحراز مواد مخدرة مع متهم آخر من أهله هو مقيم معه و محتاج إليه،لأنه ليس في صغر سنه وإقامته مع المتهم الآخر وحاجته إليه ما يجعل حياته في خطر جسيم لو لم يشترك مع هذا المتهم في إحراز المواد المخدرة وحكم بأنه لا يجوز للمتهم القاصر أن يعتذر عن جريمة ارتكبها بأنه مكره عن ارتكابها بأمر والده،وبأن العلاقة الزوجية في ذاتها لا تصلح سندا للقول بقيام حالة الضرورة الملجئة إلى ارتكاب الجرائم أو حرق محارم القانون،ويستوي أن يكون الخطر يهدد الشخص في نفسه أو في ماله،أما إذا كان الأمر يتعلق بالغير فلا يأخذ إلا بالخطر الذي يهدده في شخصيته(1)
وتـستبعد بعض التشريعات حالة الضرورة إذا كان الخطر الذي يهدد الشخص ناتجا عن خطئه وهذا ما فعله قانون العقوبات السويسي الذي يشترط أن لا تكون الجريمة التي يرتكبها الشخص المهدد بخطر ناتجة عن خطأ سابق له (المادة 34 -1 ق.ع سويسري) وهو م انتهى إليه أيضا القضاء الفرنسي.
كـما اشترط التشريع المصري،أن لا يكون لإرادة الفاعل دخل في حلول الخطر المحدق به فلا يعني من المسائلة الجزائية من يضع النار عمدا في مكان إذا ما أحاطت النيران به واضطر إلى قتل شخص أو جرحه وهو يحاول النجاة ولا الفتاة التي تحمل سيفا ما إذا أجهضت نفسها أو قتلت طفلها خشية العار و الحكمة من ذلك واضحة فلا مفاجأة ولا عذر لمن تسبب بنفسه في إحداث الخطر.











____________________
1) د.لحسن بوسقيعة المرجع السابق ص133.
ويبغـي على ذلك أنه إذا كان الخطر قد نشأ عن إهمال الجاني وعدم احتياطه فلا يمنع ذلك من أن يدرأ المسؤولية عن الجريمة التي يرتكبها دفعا لهذا الخطر.
2-الشـروط المتعلقة بالعمل المرتكب:
يجب أن يكون العمل المنجز في مواجهة الخطر الحال ضروريا للحفاظ على سلامة الشخص أو المال (1)،ويرجع القضاء تقدير الضرورة وقد أبدى في ذلك القضاء الفرنسي تشددا ملحوظا حيث ذهب في مجمل أحكامه إلى اشتراط ألاّ تكون هناك وسيلة أخرى للحفاظ على الشخص أو المال إلاّ ارتكاب الجريمة.
كمـا يشترط أيضا تناسب الوسائل المستعملة مع جسامة الخطر وفي هذا الصدد يشترط البعض أن تكون المصلحة المضحى بها أقل من المصلحة المحمية في القيمة(حياة امرأة أو طفل أفضل من ملكية خبرة واحدة).
وفـي حالة ما إذا كانت المصالح المتنازع عليها متساوية في القيمة(قتل الغير للإبقاء على قيد الحياة) يرفع البعض اعتبار العمل المرتكب ضمن حالة الضرورة مفضلين تأسيس عدم العقاب على الإكراه المعنوي.
أمـا إذا كانت المصلحة المضحى بها أعلى من المصلحة المحمية في القيمة ففي هذا الفرد لا يمكن لحالة الضرورة تبرير الجريمة لما يترتب عنها من ضرر لمصلحة المجتمع،بل لا يمكن تبرير الجريمة حتى بحال الدفاع المشروع .
وهـكذا فإن الخطر الذي يهدد النفس يجوز دفعه بجريمة من جرائم المال، كما يجوز دفعه أيضا بجريمة من جرائم النفس،و لكن لا يجوز الالتجاء لواحدة من الأخيرة متى تيسر الإفلات من الخطر بواحدة من الأولى فإذا أوشكت سفينة على الغرق يلقى ما بها من البضائع أولا.
وإذا كـان يسهل تطبيق ذلك في جرائم الأموال فإن الأمر ليس بهذه السهولة في الاعتداء على النفس و لكن يمكن القول أنّه إذا دعت الضرورة إلى تضحية نفس لوقاية نفس أخرى،يرى البعض بأن الإعفاء واجب إذ إنّ للنفس قيمة واحدة في نظر القانون إذن فهذه هي شروط الضرورة لتأتي الآن لتبيان آثار حالة الضرورة.
أ- على مستوى المسؤولـية الجـزائية:
تتفق الأنظمة القانونية التي أخذت بحالة الضرورة على أن توافر حالة الضرورة يؤدي إلى عدم العقاب على عمل المرتكب سواء كان ذلك على أساس انعدام الجريمة








___________________
1) د.حسن بوسقيعة المرجع السابق ص135



(بالنسبة للأنظمة القانونية التي تعتبر حالة الضرورة مانعا للمسؤولية كما في قانت العقوبات الفرنسي لسنة 1992).

ب-عـلى مستوى المسـؤولية المدنية:
ما دام العمل المرتكب من قبل هو في حالة الضرورة لا يشكل الخطر فالأصل أن لا يسال مرتكبه مدنيا.
غير أن ضحية هذا العمل لم ترتكب أيّ خطأ فهي في وضع مغاير لوضع من وقع عليه الاعتداء في حالة الدفاع المشروع،الأمر الذي أدى ببعض التشريعات التي أخذت بحالة الضرورة إلى إقرار تعويض الضحية ويكون ذلك في الغالب على أساس الإثراء بلا سبب.
ويبـدو أن القضاء الفرنسي لم يستسغ ذلك حيث أصدرت محكمة النقض الفرنسية قرارين في :18\07\1986 في قضية تتعلق بأعوان الشرطة استعملوا أسلحتهم قضت فيهما بأنّ العمل الضروري ينفي الخطأ.
غـير أنّ القرارين المذكورين في الاجتهاد القضائي الذي كان يعتبر حالة الضرورة سببا للإباحة ومن المحتمل أن تتراجع محكمة النقض الفرنسية عن هذا الاجتهاد بعدما أقر المشرع حالة الضرورة في قانون العقوبات الجديد واعتبرها سببا مانعا للمسؤوليـة(1).



















___________________
1) د.حسن بوسقيعة المرجع السابق ص136




الخـــــــــــــاتمة :
لقد حاولنا بدراستنا لمذكرتنا هذه كل ما يمكن أن يشمل هذا الموضوع من تعريف العقاب , أنواعه, خصائصه و كذا الأفعال المبررة من أمر و إذن للقانون و دفاع شرعي.
لقد كان من المفروض على المشرع بسن قوانين تعاقب المجرم عن فعلته و قد تعدد صفات و أنواع و كذا أشكال العقاب بهذا الفعل المجرم, مما يفترض تقسيم العقوبة على حسب درجة خطورتها و كذا ظروف و أسباب وقوعها, و نتيجة ذلك واحدة و هي ردع كل تجاوز على القانون و كذا مساس الفرد في حريته و شخصيته بصفة عامة و خاصة بسط قانون الدولة و تطبيقه على جميع أفراد المجتمع.
و إن كان هذا العقاب بأنواعه وخصائصه شامل لكل ما هو إجرامي إلى أنه هناك بعض الأفعال التي لم ترد فيها عقوبة مع العلم أن طابعها و كذا مضمونها إجرامي بحت, و هي أفعال استثناها المشرع الجزائري من حيث تطبيق نص مادة قانونية, يعني تعطيل نص التجريم فتمحوا الفعل المجرم و تجعله كان لم يكن و هذا حسب نص المادة 39 ق ع ج و التي استهلت ب " اللاجريمة " حال توافر أسباب الإباحة أي أن الجريمة تضمحل كليا بتوافر الأسباب .
إن الأفعال المبررة المذكورة في المادة 39 ق ع ج ما كانت أن تكون لولا أن المشرع الجزائري أخرجها من دائرة الإجرام إلى الأفعال المباحة, حيث أن الدفاع الشرعي مثلا قد نجده في العديد من الحالات و المواقف فلا يمكننا تجريم الفاعل عن فعله مع العلم انه كان مدافعا على حياته أو ماله, و حتى إذن و أمر القانون فقد كانت على شكل رخص أقرها القانون و هذا للحد من كل سبب قد يقع.
لقد كانت الأفعال المبررة المبرر الوحيد و السند القانوني للقاضي لتمييز الفعل الإجرامي و المجزي على الفعل الغير المجزي, أي أن للقاضي السلطة التقديرية في الحكم على الفعل أكان مباحا أو مجرم, و هنا قد تعترضنا بعض الحالات فيما يخص رضا المجني عليه و حالات الضرورة و كذا مبدأ الحق و قد تعرضنا لهذا في مذكرتنا.
لقد ذكرت الأفعال المبررة في الكتاب الثاني من الجزء الأول لقانون العقوبات و المتعلقة بالأفعال و الأشخاص الخاضعون للعقوبة. و هذا لأهميتها و كذا تأثيرها على تكييف الجرائم و قوة سندها القانوني الثابت.


الخـــــــــــــاتمة :
لقد حاولنا بدراستنا لمذكرتنا هذه كل ما يمكن أن يشمل هذا الموضوع من تعريف العقاب , أنواعه, خصائصه و كذا الأفعال المبررة من أمر و إذن للقانون و دفاع شرعي.
لقد كان من المفروض على المشرع بسن قوانين تعاقب المجرم عن فعلته و قد تعدد صفات و أنواع و كذا أشكال العقاب بهذا الفعل المجرم, مما يفترض تقسيم العقوبة على حسب درجة خطورتها و كذا ظروف و أسباب وقوعها, و نتيجة ذلك واحدة و هي ردع كل تجاوز على القانون و كذا مساس الفرد في حريته و شخصيته بصفة عامة و خاصة بسط قانون الدولة و تطبيقه على جميع أفراد المجتمع.
و إن كان هذا العقاب بأنواعه وخصائصه شامل لكل ما هو إجرامي إلى أنه هناك بعض الأفعال التي لم ترد فيها عقوبة مع العلم أن طابعها و كذا مضمونها إجرامي بحت, و هي أفعال استثناها المشرع الجزائري من حيث تطبيق نص مادة قانونية, يعني تعطيل نص التجريم فتمحوا الفعل المجرم و تجعله كان لم يكن و هذا حسب نص المادة 39 ق ع ج و التي استهلت ب " اللاجريمة " حال توافر أسباب الإباحة أي أن الجريمة تضمحل كليا بتوافر الأسباب .
إن الأفعال المبررة المذكورة في المادة 39 ق ع ج ما كانت أن تكون لولا أن المشرع الجزائري أخرجها من دائرة الإجرام إلى الأفعال المباحة, حيث أن الدفاع الشرعي مثلا قد نجده في العديد من الحالات و المواقف فلا يمكننا تجريم الفاعل عن فعله مع العلم انه كان مدافعا على حياته أو ماله, و حتى إذن و أمر القانون فقد كانت على شكل رخص أقرها القانون و هذا للحد من كل سبب قد يقع.
لقد كانت الأفعال المبررة المبرر الوحيد و السند القانوني للقاضي لتمييز الفعل الإجرامي و المجزي على الفعل الغير المجزي, أي أن للقاضي السلطة التقديرية في الحكم على الفعل أكان مباحا أو مجرم, و هنا قد تعترضنا بعض الحالات فيما يخص رضا المجني عليه و حالات الضرورة و كذا مبدأ الحق و قد تعرضنا لهذا في مذكرتنا.
لقد ذكرت الأفعال المبررة في الكتاب الثاني من الجزء الأول لقانون العقوبات و المتعلقة بالأفعال و الأشخاص الخاضعون للعقوبة. و هذا لأهميتها و كذا تأثيرها على تكييف الجرائم و قوة سندها القانوني الثابت.