منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - محاربة الآفات الإجتماعية ..ليوم الجمعة22 ذوالقعدة 1430ه/13 نوفمبر 2009م
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-25, 17:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المصلح
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الآفات الاجتماعية وتأثيرها على الشباب

إنّ مجتمعاتنا العربية والإسلامية بما تمثل من خصوصية ثقافية واجتماعية تتعرض اليوم لتحديات كثيرة تهدد خصوصيتها الثقافية والاجتماعية . ونرى الكثير من الظواهر المنتشرة التي تفتك بشبابنا وتشكل مصدر تهديد لكل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والوطنية .
ترى ما هي تلك التحديات؟ أهي تحديات ذاتية نابعة من ذات المجتمع، أم أنها تحديات خارجية آتية من الخارج، أم أنها تأتى من هذا وذاك؟ وما هي يا ترى سبل التغلب على تلك التحديات كي تحقق مجتمعاتنا تنشئة سليمة لأجيالها؟
بداية إذا نحن أقررنا من حيث المبدأ أن لكل مجتمع خصوصيته الثقافية التي تشكل هويته الذاتية، ويسعى جاهدا إلى المحافظة عليها وصيانتها من الاندثار والاندحار تحت وطأة وهيمنة الخصوصيات الثقافية للمجتمعات الأخرى، جاز لنا القول بأن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تتعرض اليوم لتحديات كثيرة تهدد خصوصيتها الثقافية.
وعندما نشير إلى خطورة هيمنة الخصوصيات الثقافية للمجتمعات الأخرى على خصوصيتنا الثقافية العربية والإسلامية فلسنا بذلك ندعو إلى الانغلاق أمام بقية الثقافات والتحصن ضدها، ذلك لأن مثل هذا الانغلاق لم يعد ممكنا اليوم، بالإضافة إلى أن مجرد محاولة الانغلاق والانعزال عن بقية الثقافات يعد مخالفة صريحة لحقيقة الاستخلاف الإنساني على الأرض وما يتطلبه هذا الاستخلاف من تفاعل وتعارف وتبادل منافع بين البشر كما في قول المولى عز وجل: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم". ما نود الإشارة إليه هنا هو أننا في خضم ما يحدث اليوم في العالم من عولمة ثقافية واقتصادية وسياسية واجتماعية ذات مرجعية غربية لا يمكن الفكاك من تأثيراتها، وأخذت تهدد الهويات الثقافية المميزة لمعظم المجتمعات المعاصرة، يجب علينا البحث في كيفية المحافظة على هويتنا العربية والإسلامية التي تميزنا عن غيرنا، والتي نقصد بها القيم الدينية والأخلاقية والإجتماعية الموجهة لسلوكنا ونظرتنا للكون والحياة.
هذه المبادئ والقيم تتعرض اليوم إلى جملة من التحديات تهدد وجودها وبقاءها، حيث أصبحت التنشئة الاجتماعية عاجزة عن تكريس تلك المبادئ والقيم في النفوس بفعل تلك التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها مجتمعاتنا المعاصرة.
ومن أهم المبادئ والقيم التي تشكل بعضا من ملامح الخصوصية الثقافية الأصيلة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية ما يلي:
1ـ العقيدة الدينية الصحيحة والفهم الصحيح لها وممارسة شعائرها.
2ـ الإيثار والمحبة والتآزر والاحترام بين أفراد المجتمع .
3ـ الابتعاد عن مظاهر الكبر والتكبر والخيلاء والعجب والغضب والحقد والحسد وسوء الظن وتضييع حقوق الآخرين.
4ـ الاتصاف بالتواضع والتراحم والحب ولين الجانب والتسامح وحب الخير للناس أجمعين، وحفظ حقوقهم وحسن الظن بهم والتعاون معهم على البر والتقوى والعمل الصالح.
5ـ البعد عن الظلم والغش والرشوة و"المحسوبية" وإيذاء الناس والغيبة والنميمة والكذب والسخرية والسب واللعن وغيرها من آفات اللسان.
6 ـ الأخذ بالأخلاق الحسنة مثل: العدل والصدق ونصرة الضعيف المظلوم والجرأة في الحق، والشجاعة فيه، وعدم إيذاء الناس في شرفهم وأعراضهم.
7 ـ حب الخير للجميع ونصرة المظلوم والسلام على أفراد المجتمع وتهنئتهم في أفراحهم ومواساتهم في أتراحهم وإجابة دعوتهم وعيادتهم إذا مرضوا إضافة إلى آداب الطعام وآداب السير في الطرقات وأدب المجلس وأدب العالم والمتعلم ..
من المؤكد بطبيعة الحال أن خصوصيتنا الثقافية الأصيلة أوسع من أن نحصرها في تلك النقاط السبعة لكنها تمتد إلى جوانب شتى أبعد من ذلك، وقد حاولنا فقط تحديد بعض ملامح خصوصيتنا الثقافية في تلك النقاط حتى لا يظل هذا المفهوم مفهوما مجردا .

والتحديات التي تواجهها مجتمعاتنا نوعان : أحدهما داخلي (أي نابع من ذات المجتمع) والآخر خارجي (أي من خارج حدود المجتمع).

أولا: التحديات الداخلية:
ما أن تحررت معظم الدول العربية والإسلامية من ربقة الاستعمار وتأسس أو توحد بعضها الآخر حتى بدأت النخب السياسية والثقافية فيها رحلة البحث عن سبل تنمية مجتمعاتها. ولأن تجربة الدول المستعمرة كانت سابقة في هذا المضمار، ونتيجة للصورة المثلى التي رسمها الاستعمار عن تجاربه التحديثية، وانعكاسا لاتجاه النخبة المثقفة في الغرب إلى تقسيم العالم إلى دول متقدمة (إشارة إلى الدول الغربية) ودول متخلفة (إشارة إلى الدول الأفريقية والآسيوية) فقد سارعت النخب السياسية والثقافية في الدول المتحررة حديثا من الاستعمار (بما في ذلك الدول العربية والإسلامية) إلى تمثّل التجربة التنموية والتحديثية في الغرب لأن تكون نبراسا تهتدي بها للوصول إلى مرحلة التقدم كما هي بصورتها الغربية. وكان من الطبيعي أن ينتج عن مثل هذه الاستعارة للتجربة التنموية الغربية مشكلات كثيرة أثرت ولا زالت تؤثر سلبا على عمليات التنشئة الاجتماعية في مجتمعات تلك الدول. وإذا كان هذا يمثل مؤثرا خارجيا إلا أنه أدى إلى انعكاسات سلبية على الواقع الاجتماعي المحلي.
فالأسرة العربية والإسلامية التقليدية بعدما تخلت عن كثير من القيم والمبادئ تعرضت لآثار عكسية نتيجة عمليات التحديث والتغيير الاجتماعي المزعوم ، فكادت الأسرة أن تفقد هويتها ووظائفها الحيوية.
ومن مظاهر تدهور الأسرة العربية والإسلامية انتشار الكثير من الظواهر التي يجب تلافي حدوثها ومنها: ظاهرة المخدرات بين المراهقين والشباب، ظاهرة الإباحية المستمدة من الستلايت والإنترنت ، ظاهرة الانحلال الخلقي ، ظاهرة تقليد الغرب وغيرها من الظواهر .

ثانيا: التحديات الخارجية:
تواجه أمتنا العربية والإسلامية اليوم تحديات عقائدية وثقافية وإعلامية تهدد هويتنا الثقافية، خاصة وأننا نعيش اليوم في عالم متفاوت الاتجاهات والرغبات تتنازعه قوى السيطرة واستعماريات مختلفة الأيديولوجيات تسعى لطمس حضارات وثقافات الشعوب أملا في سيادة حضارة شعوبها وفرضها من واقع الغلبة وقوة التقنية. إذ سعت الدول الكبرى ذات السيادة ولا زالت تسعى إلى السيطرة على منابع الفكر والثقافة في عالمنا العربي والإسلامي، وزرعت في أرضه بذورا غريبة من ثقافات مستوردة لا تمت لأصالتنا بصلة، فاستفحلت هذه البذور وخلطت الحابل بالنابل في عقول أطفالنا وشبابنا .
نحن نعيش في عصر أصبحت فيه أجهزة الاتصال المنزلية وأقمار الفضاء لا تعرف الحدود، وأصبح العالم كله عند أطراف أصابع الملايين وأمام أعينهم على شاشات التلفزيون والكمبيوتر. والقرن القادم يحمل في طيا ته ما هو أخطر من التحديات للمجتمعات العربية والإسلامية على وجه الخصوص، حيث يشهد تاريخ البشرية تحولات جذرية من الحداثة والصناعة .
ومما لا شك فيه أن المجتمعات البشرية تواجه إرهاصات واضحة نحو الذوبان الثقافي والسياسي والمعرفي والانطلاق نحو القرية الكونية الموعودة التي تمثل وحدة العالم المعلوماتي الخاضع لوسائل الاتصال والمواصلات التي تشهد هي الأخرى تحولا جذريا في أساسياتها فضلا عن تشكيلاتها. وهذا يعني أن التميز الذاتي للشخصية الإقليمية أو المحلية يشهد تحديا يعصف بالمعايير وقواعد السلوك والضبط الاجتماعي التي هي جزء لا يتجزأ من عملية التنشئة الاجتماعية.
إن الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام ودور العبادة والجامعة والمؤسسات التربوية والأهلية تمثل أهم الأنساق الاجتماعية المنوط بها مسألة التنشئة الاجتماعية الصحيحة وتساعد على تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع المتميز، حيث يصبح المجتمع ذا هيكلية ثقافية تسيطر على سلوكنا من خلال تحديد أبعاد ثقافية موجهة تتحكم بتصرفاتنا وأفعالنا في مختلف الأزمنة والأمكنة.
إن ما نراه اليوم من بث كوني متلفز وشبكات المعلومات والكتب الإلكترونية أصبحت في متناول معظم أجيال الناشئة في العالم الثالث، ماسحة أمامها جذور الأصالة والتميز والتفرد التي كانت دولنا العربية والإسلامية تمتاز بها كما تمتاز بنكهة أطعمتها المتميزة عن أطباق الغرب والشرق الغذائية. ولعل هذا الاندفاع الثقافي العالمي من جهة المرسل إلى جهة المتلقي يجعل من عملية التنشئة الاجتماعية أمرا بالغ الصعوبة في مجتمعات لا تستمد جذورها من الماضي ولا تستطيع الاستقلال باختياريتها في الحاضر.
وأمام هذه التحديات نجد أنفسنا أمام تساؤل هام مفاده: هل من سبيل إلى الخروج؟ وهل من أرضية نضع أقدامنا عليها؟
إننا اليوم مطالبون جميعاً بمواجهة هذه التحديات بكل أبعادها وتجنيب مجتمعاتنا آثارها السلبية المحتملة.
ومن أهم ما نحتاجه اليوم هو تنقية البيئة الأخلاقية بعدما تلوثت بعدد من الأوبئة والأمراض التي ما فتئت تفتك بمجتمعنا فتؤدي إلى الانحلال الخلقي في أوساط الشباب والناشئة .
إن الحاجة تبدو ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى للالتزام بالأخلاق والسلوك النبيل من أجل الخروج بمجتمعاتنا إلى ساحة الإنقاذ بعدما أفسدت الفلسفات الوضعية ذات المنحى المادي القيم في معظم الأمم المعاصرة ، وشوهت صورة الأخلاق مما جعل الناس يتخبطون بما نراه اليوم من فساد ، وانتشار للرذائل ، وانهيار شامل في القيم والمثل .
ولقد جاءت الأديان كلها بالدعوة إلى الإعداد الخلقي للنّاس، وجعلته على قمة أهدافها التوجيهية والتربويّة، وقد أكّد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله هذا المعنى في قوله: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
وهنا يحضرني بيتاً من الشعر للشاعر أحمد شوقي :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
وأهمية الإعداد الخلقي للشباب أنّ الأخلاق مجالها الحياة كلّها، وسلوك الإنسان كلّه، وعلاقاته بربه وبنفسه وبالآخرين؛ بل وبالمخلوقات كلها.
فالإعداد الخلقي للشباب هو الذي يجعل من الصفات الحسنة، كالصدق والأمانة، والإخلاص والوفاء، والشجاعة والعفة، والمروءة والعدل وغيرها عادات في سلوك الشباب وحركته الدائبة، كما تجعله نافراً في سلوكه اليومي من الصفات السيئة، كالحسد والحقد، والخيانة والكذب، والظلم والغدر وغيرها، وبهذا الإعداد يتجنب الشباب مظاهر غير مرغوبة في السلوك الإنساني، كالتكبّر، والصلف والتهور، والخوف والجزع، وقبول الذل والمهانة، والخشونة والغلظة في معاملة المؤمنين وشرب الخمر وتعاطي المخدرات وغير ذلك ..