منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدول العربية وحقوق الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-11-07, 00:01   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










M001 تابع

و يتضمن الدستور المعدل على مجموعة هامة من الحقوق والحريات، من المادة(28) إلى غاية المادة (56) والتي من خلالها تَبرُز مكانة حقوق الإنسان في دستور لـ 28 نوفمبر 1996، والحقيقة الأولية تُظهر أن التعديل لم يحذف أي حق كان موجود من قبل، وإنما قام بإضافة حقوق جديدة،كما أنه وضع تعديلات على حقوق كانت موجودة في السابق،إضافة إلى أن بعض أحكام التعديل يظهر لها الأثر المباشر وغير المباشر على حقوق الإنسان.
أولا - الحقوق الجديدة:
تنص المادة (37) من دستور 1996 على ما يلي:" إن حرية التجارة والصناعة مضمونة، وتمارس في إطار القانون" هذا الحق الجديد لم يكن موجودا في الدساتير السابقة، والسبب بطبيعة الحال هو التوجه الإيديولوجي والسياسي السائد في تلك الفترة فالمادة(28) من دستور 1976 تؤكد على أن هدف الدولة هو التغيير الجذري للمجتمع على أساس مبادئ التنظيم الاشتراكي، والمادة (29) تنص على أن الدولة هي التي تُوجه الاقتصاد الوطني، وتضمن تطويره على أساس التخطيط العلمي.
ومن ثم لا مكان لحرية الصناعة والتجارة، التي هي في نهاية الأمر الترجمة القانونية لاقتصاد السوق وللمبادرة الفردية، والحقيقة أن دستور 1989 قبل التعديل الدستوري لم يستطع توضيح الاتجاه الاقتصادي الجديد، والسبب قد يكون بالدرجة الأولى سياسي ؛ فالانتقال من نمط الاشتراكية إلى خطاب اقتصاد السوق مباشرة، لا يمكن أن يكون من دون عواقب سياسية.
فالمادة (37) من الدستور رفعت كل لُبس وكرست دستوريا اقتصاد السوق، فالقطاع الخاص الوطني له دور مهم في الحياة الاقتصادية للبلاد، كما أن الاستثمار قدمت له ضمانه أساسية، لكن ما يمكن ملاحظته أن المادة (37) من الدستور يجب قراءتها وتفسيرها في إطار الدستور ككل فحرية الصناعة والتجارة تمارس في إطار مجموعة من المبادئ والقواعد التي يتضمنها الدستور،كالعدالة الاجتماعية وإشراف الدولة على تنظيم التجارة الخارجية، وسهر الدولة على ضمان وترقية بعض الحقوق الاجتماعية والثقافية، وواجبات الدولة في حماية ضعفاء المجتمع، وكلها توحي بأن الدولة لم تتخل كلية عن التزاماتها في ميدان التنمية الاقتصادية.
- عدم تحيز الإدارة: رغم أن هذه المادة لم ترد تحت الباب المخصص لحقوق الإنسان، إلا أن علاقة موضوعها بحقوق الإنسان لا تخف على أحد، ففي النظم الديمقراطية العريقة وجود إدارة محايدة هو من أساسيات النظم المؤسساتي، وخصوصا في ظل نظام تعددي يسمح بالتداول على السلطة، أين تتعاقب الفرق الحكومية ذات البرامج السياسية المختلفة، حيث تطرح مسألة تحيز الإدارة، فالأحزاب خصوصا عندما تكون في السلطة قد تحاول تسييس وتحزيب الإدارة بأشكال شتى كاستغلال باب التعيينات مثلا.
وعليه تطرح ضرورة بقاء الإدارة بعيدة عن كل التقلبات و التلاعبات السياسية، فتحيز الإدارة يؤدي إلى المس بمبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين خاصة، وأن خدمات الإدارة يجب أن تقوم على مبدأ عدم التفريق بين المؤيد والمعارض، وعليه فالنص على هذا المبدأ يجعل المواطن في مأمن فرأيه السياسي وتحزبه أو عدم تحزبه، لا يمكن أبدا أن يشكل عائق أمام استفادته من خدمات الإدارة وعلى علاقاتهم بها بشكل عام.
ثانيا - الحقوق المعدلة :
حيث يلاحظ أن دستورلـ: 28 نوفمبر 1996 قام بتقوية بعض الحقوق الموجودة في الدستور سابقا.
* مسؤولية الدولة عن أمن الأشخاص والممتلكات:
كانت المادة (23) من الدستور وقبل تعديلها تنص على ما يلي "الدولة مسؤولة عن أمن كل مواطن، وتتكفل حمايته في الخارج." أما بعد التعديل فأصبحت المادة(24) تنص على أن الدولة مسؤولة عن أمن الأشخاص والممتلكات،وتتكفل حماية كل مواطن في الخارج." وهكذا فالدولة كانت مسؤولة فقط عن أمن مواطنيها وهذا بطبيعة الحال واجب أساسي .
لكن بعد ظهور دستور 1996 توسعت مسؤولية الدولة لتمتد لحماية الممتلكات أيضا، وهذا مهم جدا في ظروف اقتصاد السوق، ولظروف الأزمة الأمنية الظرفية التي مرت بها البلاد، كما أن الحماية لا تغطي المواطنين فقط، بل تمتد لحماية كل الأشخاص المتواجدين فوق التراب الوطني وهذا يتماشى مع الالتزامات الدولية التي وافقت عليها الجزائر، وخصوصا الواردة منها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تؤكد على ضرورة ضمان تمتع كل الأشخاص الموجودين فوق ترابها بالحقوق المنصوص عليها فيه.
* الحق في الكرامة:
كانت المادة (33) سابقا تنص على ما يلي " تضمن الدولة على عدم انتهاك حرمة الإنسان، ويحظر أي عنف بدني أو معنوي" ؛ أما المادة الجديدة(34) فأصبحت مقسمة إلى فقرتين بحيث أن الفقرة الثانية تنص " يحظر أي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة" .
وهكذا أضيف مفهوم الكرامة والذي يمكن أن يضم مجموعة كبيرة من الحريات،كالحرية الجسدية ومنع العمل الإجباري، ومنع العبودية والاستغلال ومنع المس بالشعور، كما يمكن توسيع تفسيره ليلقى بضلاله على علاقة المواطن بالإدارة، فحسن الاستقبال وإعلام المواطن،وعدم استخدام السلطة التقديرية بشكل تعسفي، كلها علامات بارزة يتضمنها الحق في الكرامة.
* حرية تشكيل الأحزاب السياسية:
كانت المادة (40) من الدستور 1989 تسمح بتشكيل جمعيات ذات طابع سياسي أما المادة (42) من دستور 1996 فهي أكثر وضوحا، حيث قضت على كل لُبس وغموض، فالمقصود هو الأحزاب أي تجمعات أشخاص لهم نفس المصالح والمعتقدات، ويعملون على الوصول إلى السلطة أو التأثير على قراراتها، وهذا التوضيح ضروري في بلد يخطو خطواته الأولى في مجال الديمقراطية التعددية،كما أن المادة (42) المعدلة وضحت وبدقة الشروط التي يجب أن تتوفر في الأحزاب.
والدستور الجديد الذي استفاد من تجربة الدستور السابق، ومن التاريخ الحديث الذي عاشته البلاد في ظروف مأساوية، يؤكد بأن الحق المشار إليه في المادة (42) لا يمكن أن يتذرع به المساس بالحريات الأساسية، وبالقيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية وبالوحدة الوطنية وسلامة التراب الوطني وحرمته، وباستغلال البلاد وكذا سيادة الشعب والطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة .
ولضمان ممارسة هذا الحق فإن ذلك لا يتحقق فعلا، إلا بإقرار إجراءات بسيطة غير مقيدة بالنسبة لحرية تكوين الأحزاب السياسية، وفي هذا الإطار ثم تبني نظام الترخيص في النص الجديد لقانون الأحزاب الصادر بموجب الأمر 97/09 المؤرخ في 06 مارس 1997 والذي من شأنه أن يصنف النظام الجزائري لتأسيس الأحزاب ضمن طائفة الأنظمة الوقائية، حيث أن الطابع الغامض والمبهم لبعض أحكام القانون السابق رقم 89/11 المؤرخ في 5 جويلية 1989 قد ساهم إلى حد بعيد في الانزلاقات التي شهدتها ممارسة النشاط السياسي، خلال السنوات التي تلت صدور هذا القانون، كما يتوخى هذا القانون الجديد التقليل من إنشاء الأحزاب الطفيلية، والتي تعمل ضد القانون والحد من تكاثرها . فهو يهدف إلى ضمان حق إنشاء الأحزاب السياسية، ولترجمة المبادئ التي تضمنتها المراجعة الدستورية ليوم 28 نوفمبر 1996 بغرض تفادي الانزلاقات التي قد تمس باستقرار الدولة وبممارسة المواطن لحقوقه وحرياته الاساسية.
ثالثا - التعديلات التي لها أثر على حقوق الإنسان :
ومن جملة هذه التعديلات التي كان لها الأثر على حقوق الانسان بصفة مباشرة أو غير مباشرة ما يلي:
المادة (92): وتؤكد هذه المادة على أنه "يحدد تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بموجب قانون عضوي" وهذه مادة جديدة لها أثر مباشر ومهم على حقوق الإنسان، ففي حالات الخطر العام التي يمكن أن تشكل تهديد للأمة ولمؤسسات الدولة، السلطات يمكنها أن تقيد وتوقف ممارسة بعض الحقوق، خاصة والمواثيق الدولية تسمح بذلك، مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، لكن مع مراعاة شروط شكلية وموضوعية مهمة تنص عليها المادة (4) من العهد.
المادة (138): هذه المادة تنص على " أن السلطة القضائية مستقلة، وتمارس في إطار القانون" ويلاحظ إضافة وتمارس في إطار القانون وهذا أيضا مهم جدا، فالاستقلال ليس معناه إطلاق يد القاضي ودون أية قيود، فلابد أن يكون الاستقلال في إطار القانون وهذا لفائدة حقوق الإنسان.
المادة (152): حيث جاء في الفقرة الثانية من هذه المادة " ...يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية... " لا شك أن إنشاء هذه الهيئة سوف يكون له أثر مباشر في حماية حقوق المواطنين من جهة الإدارة، ولقد دلت تجارب الدول التي أخذت بالازدواجية، على أهمية مجلس الدولة في حماية بعض حقوق الإنسان وخصوصا في مواجهة الإدارة .
المادة(158): تنص هذه المادة على إنشاء محكمة عليا للدولة، أعطيت لها صلاحية محاكمة رئيس الجمهورية عن الخيانة العظمى، و الوزير الأول عن الجنايات والجنح التي يرتكبها أثناء ممارستهما السلطة،فهذه المادة تكرس أولا مبدأ المساواة بين المواطنين مهما كانت مراكز مسؤولياتهم، فالجميع يمكن أن يحاسب ويعاقب، وثانيا يمكن إدراج انتهاكات حقوق الإنسان بصفة واسعة، ضمن مكونات جريمة الخيانة العظمى، ونفس الشيء يقال بالنسبة الوزير الأول فإساءة استعمال السلطة والمس بحقوق الإنسان تشكل مجموعة من جرائم القانون العام.
و عموما إن موضع حقوق الإنسان في دستور1996 كان إيجابيا، فهناك نصوص جديدة أضيفت زيادة على الأحكام المعدلة، لها آثار إيجابية على حقوق الإنسان، وهذا كله يسير في اتجاه تكريس دولة الحق والقانون، التي من بين متطلباتها نصوص دستورية تحميها وضمانات توجب عدم انتهاكها.