منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المال العام
الموضوع: المال العام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-05, 14:47   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 اضافة

المبحث الثالث : الاستيلاء
المطلب الأول : مفهوم الاستيلاء
الاستيلاء هو إجراء جبري تقوم به السلطة الإدارية على الأموال الخاصة لإشباع حاجات استثنائية مؤقتة معترف لها بصفة المنفعة العامة مقابل دفع التعويض ، ويعتبر الاستيلاء إجراء من اخطر الأساليب التي تقوم بها الإدارة للحصول على احتياجاتها لا انه يشكل الاعتداء على الملكية الخاصة التي تخرج بطبيعتها على المجال القانوني العام حيث لا يجوز للإدارة المساس بها ما لم يسمح لها المشرع بذلك وبشروط محددة ، وقد كان الاستيلاء قاصرا على النواحي العسكرية في فرنسا وكان ذلك بمقتضى القانون الصادر في 1877/7/3 فقد كانت الإدارة تحصل على الاحتياجات الجيش و الأموال المنقولة اللازمة لها وقت الحرب إلى أن صدر القانون المؤرخ في 1938/7/11 بإنشاء الاستيلاء المدني بجانب الاستيلاء العسكري .

المطلب الثاني : أسباب الاستيلاء
تلجأ الإدارة إلى هذا الأسلوب للحصول على احتياجاتها متى أعوزتها بطرق إدارية المألوفة ولم يكن أمامها غير اللجوء إلى الاستيلاء ، وخاصة في ظروف الاستعجال حدث توفر خارجي . ثم تعدد بعد ذلك مبررات وأساليب الاستيلاء كما إذا وضعت أموال الشخص تحت الحراسة وكذلك في حالة تحديد الواقع على جزء من الإقليم أو السكان أو قطاع من الحياة القومية .
أما في الجزائر فتقتضي المادة 679 مدني بأنه : " يجوز الحصول على الأموال والخدمات الضرورية لضمان حاجات البلاد أما باتفاق إرضائي أو عن طريق الاستيلاء..." ففي مصر نجد ان أسباب الاستيلاء تكون بسبب إجراء عمليات الترميم والرقابة من ناحية ، ومن ناحية أخرى لتحقيق مبدأ المنفعة العامة .
المطلب الثالث : شروط الاستيلاء
1- وجود نص قانوني يجيزه :
يجب أن ينص المشرع على حق السلطة الإدارية في الاستيلاء على الأموال الخاصة وان ينظم الإجراءات الاستيلاء بما يكفل الضمانات والحقوق للأفراد الذين تستولي الإدارة على أموالهم ومن ثم فان هذا الإجراء لا يجب ان يترك للإدارة ممارسته دون وجود نص في القانون لأنه يعتبر إجراء من اخطر الإجراءات على الملكيات الخاصة .
أما في القانون المصري فان صدور قرار الاستيلاء من قبل رئيس الجمهورية وليس من الوزير المختص .
2- حالة الضرورة :
لكي تستطيع الإدارة اللجوء إلى إجراء الاستيلاء أن تكون هناك حالة ضرورة ، وتقوم هذه الأخيرة إذا امتنع الأفراد الامتثال إلى أوامر السلطة ولم يكن أمامها إلا السير في هذا الاستيلاء للحصول على ما يلزمها من المال وأيضا في حالة ما إذا كانت ثمة أضرار بليغة تنجم بسبب عدم التنفيذ .
3- التعويض :
وجب على إدارة أن تعوض الفرد المستولي على أمواله نتيجة للضرر الذي لحق به ويحدد مبلغ التعويض بالاتفاق وفي حالة عدم الاتفاق يحدد بمعرفة القاضي المادة 681 المدني .
4- تحقيق الصالح العام :
ويجب أن يكون الهدف من الاستيلاء تحقيق النفع العام ، وهذا الصالح قد يكون صالح جهة إدارية أو مؤسسة خاصة ذات نفع عام . وقد حظرت المادة 679 م ج الاستيلاء على المحلات المخصصة فعلا لسكن حتى ولو كان هذا الاستيلاء محققا لصالح العام .
5- السلطة التي تملك الاستيلاء :
القاعدة العامة أن عملية الاستيلاء تجوز إلا بمقتضى قرار وزاري و لكن يجوز لهذا الوزاري أن يعوض هذه السلطة لغيره من الموظفين في الجزائر فهذه السلطة يملكها الوالي المختص أما في مصر فقد ورد هذا القرار من قبل رئيس الجمهورية وليس من الوزاري المختص .
حالات الاستيلاء على العقارات :
وتوجد صورتان تعلق بالاستيلاء على العقارات وهما :
1- صورة الاستيلاء المؤقت على العقارات كتمهيد لنزع مالكتها .
2- صورة الاستيلاء المؤقت على العقارات دون وجود نية لنزع ملكيتها من قبل الإدارة .
1-الاستيلاء المؤقت على القارات كتمهيد لنزع ملكيتها: ويتميز هذا الإجراء بالخصائص الآتية :
- صدور القرار بالاستيلاء من قبل رئيس الجمهوري وليس من الوزير المختص وهو الوضع الذي كان مقررا قبل صدور القانون رقم 252 لسنة 1960 الذي جعل الاستيلاء من اختصاص رئيس الجمهوري وذلك طبقا للمادة الثاني من هذا القانون والتي جاء بها " فيما عدى الأحوال الطارئة والمستعجلة التي تقضي الاستيلاء على القارات اللازمة لإجراء عمليات الترميم والرقابة وغيرها يكون الاستيلاء مؤقت على العقارات التي تفقر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهوري ، ويجب أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية وان يشمل بيانات بيان إجماليا واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بقرير المنفعة العامة ".
- أن يكون سالبا من الناحية الزمنية لقرار نزع الملكية ، وبعبارة أخرى أن يصدر قرار الاستيلاء يجب البدء في إجراءات نزع الملكية فعلا .
- دفع تعويض عادلا مقابل عدم انتفاع المالك بعقاره المستولي عليه من تاريخ الاستيلاء الفعلي وحتى دفع التعويض المستحق على نزع الملكية .
3- صورة الاستيلاء المؤقت على العقارات دون وجود نية لنزع ملكيتها من قبل الإدارة :
وتقوم به الإدارة عند حاجتها للعقار لفترة مؤقت دون الرغبة في نزع ملكيتها تقوم هذه الأخيرة بالاستيلاء عليه مع بقاء ملكية صاحبه مع نية رده في نهاية المدة المحددة ولهذا النوع من الاستيلاء سببان هما :
أ- حالة الضرورة أو الاستعجال لحدوث كارثة مثل انتشار مرض او سيول او فيضان.
ب- إذا كان العقار المستولي عليه لازم لخدمة مشروع ذي نفع .
ويلاحظ انه إذا أرادت الإدارة الاستيلاء على العقار لمدو تتجاوز ثلاث سنوات فعليها اتخاذ إجراءات نزع ملكيتها قبل انتهاءها بوقت كافي .

المبحث الرابع : عقد الأشغال العامة
المطلب الأول : مفهوم عقد الأشغال وشروطه
فرع 1 : مفهوم عقد الأشغال
أ‌- المفهوم القديم لأشغال العامة : كان المفهوم القديم للأشغال العامة يتسم بالضيق لم تكن تعتبر أشغالا عامة إلا الأشغال التي تجرى لحساب العقارات المملوكة ملكية عامة ، أي انه كان يشترط أن تكون هذه العقارات التي تجرى عليها الأشغال العامة عقارات مملوكة ملكية عامة لأحد المرافق العامة أو لشخص عام .
ب‌- المفهوم الحديث للأشغال العامة : إلا أن هذا المفهوم تطور فخرج من نطاق الدومين العام والمرافق العامة إلا نطاق النفع العام ، فأصبحت صفة الأشغال العامة تلحق تلك الأشغال التي تجرى على الأشغال الخاصة إذا كانت هذه الأشغال تنفذ لصالح المرافق العامة أو لصالح المشروعات الخاصة ذات النفع العام و تقترب بهذه الصفة من المرافق العامة .
وقد بلغ مفهوم الأشغال العامة من السعة بحيث اصبح يشمل :
- الأشغال العامة التي تجرى على الملكيات الخاصة العادية والتي هي عبارة عن عقارات مخصصة وتسيير المرافق العامة .
- الأشغال العامة التي تجرى على أملاك خاصة مملوكة لشخص عام إذا كانت هذه الأملاك مخصصة لمشاريع خاصة ذات نفع عام .
- الأشغال العامة التي تنفذ على بعض المشروعات الخاص ذات النفع العام كامتيازات توزيع المياه أو الكهرباء ...الخ
ما مفهوم الأشغال العامة لدى المشرع الجزائري ؟
يتبن مفهوم الأشغال العامة من خلال قانون الصفقات العمومية حيث نصت المادة الأولى من الأمر الصادر بقانون الصفقات الجزائري على أن " الصفقات العمومية هي عقود تبرمها الدولة أو الولايات أو البلديات أو المؤسسات أو المكاتب العمومية بقصد إنجاز أشغال –المرسوم الرئاسي 280-2 . المعدل والمتمم.
ونصت المادة 8 على أن " تكحون الصفقات موضوع عقد يحرر من نسخة أصلية واحدة باستثناء الصفقات المبرمة بعد نداء لتقديم العروض وبالمباراة والتراضي وان هذا العقد هو التعهد أو العرض الذي يوقع عليه بكيفية تحددها الإدارة " .

فرع 2 : شروط الأشغال العامة :
لكي تكون هناك أشغال عامة يجب أن تتوفر الشروط الآتية :
1- يجب أن تتعلق الأشغال بعقار : يشترط أن تتعلق الأشغال بعقار حتى تعتبر أشغالا عامة إذا تعلقت بالمنقول لا تعتبر أشغال عامة ، و يشترط أن تكون عمال الصيانة كالتنظيف والرش ...
2- يجب أن تجرى هذه الأشغال لحساب شخص عام : كذلك يجب أن تجرى هذه الأشغال لحساب شخص عام كالدولة أو الولاية أو البلدية ، ولاكن لا يشترط أن يكون العقار الذي هذه أشغال مملوكا لهذا الشخص العام ، بل يجوز أن يكون مملوكا لفرد من الأفراد .
3- أن يكون الهدف من الأشغال العامة تحقيق نفع عام : لقد كان هذا الشرط اكثر الشروط تطورا وكما نعرف انه لم يكن يطلق على الأشغال العامة هذا الوصف إلا إذا تعلقت بأموال مملوكة لشخص عام أي متعلقة بالدومين العام ثم ارتبطت هذه الأشغال بفكرة المرفق العام بعد ذلك .ولكن حصلت هذه الأشغال على كل من الدومين العام والمرفق العام ووضع معيارا جديدا هو تحقيق المنفعة العامة فكم استهدفت الأشغال تحقيق هذه المنفعة أصبحت أشغالا عامة.

المطلب الثاني : طرق تنفيذ وكيفية إبرام عقد الأشغال العامة
فرع 1 : طرق تنفيذ الأشغال العامة :
لتنفيذ الأشغال العامة عددت طرق لعل أهمها هو طريق التعهد أو عقد الأشغال العامة الذي سوف ندرسه بالتفصيل ، أما طريق الأمانة أو طريق الامتياز فنكتفي بالإشارة إليهما .
أولا : التنفيذ بطريق الأمانة : يتم تنفيذ الأشغال العامة في هذه الطريقة بواسطة الإجارة نفسها وعن طريق موظفيها وعمالها وقتيها ، ويعتبر هذا الطريق استثنائيا حيث لا تلجأ إليه الإدارة إلا في حالات معينة كالاستعجال أو عند الحرس على التزام السرية ، أو في حالة عدم وجود شخص يقبل القيام بهذه الأشغال .
ثانيا : التنفيذ بطريقة الامتياز أو الالتزام : وبمقتضاه يقوم صاحب الامتياز بالأشغال العامة و إقامة المنشآت على أن لا يتقاضى من الإدارة مقابل ، و أمنا تترك له الإدارة حق الاستثمار الذي يأتيه على شكل رسوم يتقاضاها من المنتفعين .
ويختلف عقد الأشغال العامة من عقد الامتياز أو عقد الالتزام الأشغال العامة في أن لو لا يكون الغرض منه تعهد المقاول بالقيام بعمل من أعمال البناء أو الترميم أو الصيانة نضير ثمن إجمالي يرد في العقد في حين أن الغرض من التزام الأشغال العامة يتمثل في الاستغلال المتعهد للأشغال العامة التي قام ببناءها مقابل تحصيل رسم من المنتفعين1
ثالثا : التنفيذ بطريقة التعهد أو عقد الأشغال العامة :
وهذا الطريق يعتبر أهم طرق تنفيذ الأشغال العامة وهو الشائع في العمل ’ ولذلك فسوف نولي عناية اكبر بدراسته وذلك بصورة مفصلة في عددت مطالب .

فرع 2 : كيفية إبرام عقد الأشغال العامة :
يبرم عقد الأشغال العامة بطريقتين هما طريقة المناقصات العام ، وطريق الممارسات العامة .
وللمناقصة العامة طريقة بمقتضاها تلتزم الإدارة باختيار افضل من يتقدمون لتعاقد معها شروطا سواء من الناحية المالية أو من الناحية خدمة المطلوبة أداءها ، وبرغم من كثرة التشريعات التي تلزم الإدارة بالالتجاء إلى طريقة المناقصة لإبرام عقودها فان القاعدة في فرنسا ما تزال في حرية الإدارة 1 في التعاقد إذا لم يوجد نص يفرض عليها الالتجاء إلى طريقة المناقصة .
وفي مصر أيضا تطبق القاعدة السابقة فلا تلزم الإدارة باتباع طرق المناقصة إلا إذا وجد نص يفرض عليها باتباعها ، إلا انه فيما يتعلق بعقد الأشغال العامة فيقتضي القانون رقم 263 لسنة 1954 بالتزام الإدارة بإبرام عن طريق المناقصة ونجد هذه القاعدة أيضا في الجمهورية الجزائري حيث تنص المادة 7 من الأمور رقم 90-67 على أن تبرم " الصفقات قبل أي مشروع التنفيذ وان مخالفة هذه القاعدة الإلزامية وهي مفروضة لصالح الإدارة وصالح المواطنين ، فصالح الإدارة يؤمن عن طريق العلانية إعلام اكبر عدد من المتزاحمين فتنتقي من بينهم من تتعاقد معه والحصول على نسب الأسعار ، وتأمن بذلك أيضا صالح أصحاب المصلحة فيكونون مطمئنين على سلامة المناقصة وعدم وجود تواطؤ بين الموظف واحد متزاحمين .
أما المساواة فمن مقتضاها أن تكون الشروط التي وضعتها الإدارة واحدة بالنسبة لجميع المتنافسين بحيث لا يتميز أحدهم دون الأخر بأي أفضلية .
ولان إبرام العقود الإدارية عن طريق المناقصات يقوم على مبدأ تقيد حرية الإدارة في التعاقد فقد تكشف العمل عن وجود ثغرات وعيوب أدت إلى مغاير في هذا الأسلوب ، و لذلك وجدت أنواع من المناقصات تسمح للإدارة ببعض الحرية في ممارسة تعاقداتها ، وتخفف إلى حد ما من مبدأ آلية الإرساء .

وأهم أنواع المناقصات هي :
1- المناقصة العامة المفتوحة :
وهي التي يسمح فيها لمن يشاء بعد الإجراء العلانية – بتقديم عرضه وتلتزم الإدارة باختيار افضل الشروط المالية ، دون أن تقتصر المنافسة هنا على أشخاص معينين .
2- المناقصة المقيدة : وهي مثل الأولى ولكن تقتصر المنافسة فيها على أشخاص معنيين تختارهم الإدارة مقدما .
3- المناقصة على أساس الموازنة بين السعر والجودة : في هذا النوع من المناقصات تضع الإدارة في حسابها الاعتبارات الفنية بجانب الاعتبارات المالية فتختار الإدارة التعاقد معها من يتقدم بأفضل شروط مالية لأفضل مشروع pour le meilleur projet le meilleur prix .
وفي الجمهورية الجزائرية نص المشرع على المناقصة العامة المفتوحة وذلك في المادة 43 من

الممارسات العامة :
إذا قدنا قد رأينا الناقصات العامة سيسيطر عليها ما يسمى بمبدأ الآلية الإرساء الذي يقيد حرية الإدارة في التعاقد بحيث تضطر الإدارة وفقا لشروط التي وضعتها فضلا عما يقتضي به المشرع إلى إرساء المناقصة على من تتوفر فيه هذه الشروط فإننا نجد في الممارسات العامة تتمتع بحرية التعاقد ، وبهذا يمتاز التعاقد عن طريق الممارسات العمة على طريق التعاقد عن طريق المناقصات العامة .
وقد نص المشرع الجزائري على هذا النوع من الطرق التعاقد وذلك في قانون الصفقات فتقتضي المادة 62 بان " كل توصية بمبلغ 20000 دينار جزائري تتطلب إبرام صفقة ، إلا انه تجوز مخالفة هذه القاعدة بالنسبة للمؤسسات والمكاتب العمومية والعملات والبلديات بقرارات وزارية مشتركة من وزير المالية والتخطيط والتجارة ، كما نصت المادة 63 على انه " إذا تجاوزت أثناء سنة مالية الشراءات أو الأشغال بناء على مذكرات أو قوانين المبلغ المحدد في المادة 62 أعلاه ، وذلك لأسباب غير متوقعة فيتعين إبرام صفقة تدعى صفقة التصحيح " .
وقد أطلق المشرع الجزائري على مثل هذا النوع من التعاقد " صفقات بالتراضي " تتنافس فيه الإدارة بحرية مع المقاولين والموردين الذين يتقرر التشاور معهم ومنح الصفقة لمن تختاره منهم .
أما الحالات التي يجوز فيها الالتجاء إلى هذا الأسلوب فقد قصرها المشرع الجزائري على الحالات التالية :
1- عندما لا يكمن الحصول على الخدمات إلا من مقاول أو مورد فريد حائز لامتياز احتكار أو من مالك لبراءة اختراع .
2- الأشغال أو الخدمات أو التوريدات التي عرضت على المنافسة ولم يقدم في شأنها أي عرض أو قدمت عروض لا يمكن قبولها .
3- في حالات الاستعجال القاهر عندما يكون هناك خطر وشيك الوقوع من شأنه يضر بالأموال المستثمرة في مشروع قائم ولا يمكن ان يتحمل المهل الخاصة بالالتجاء إلى المنافسة .
4- عن خدمات النقل التي يعهد بها المقاولين العموميين لنقل عن استأجر السفن والتأمينات عن أنواع الشحن التابعة لها .
5- عن كل الاشغال والتوريدات أو الخدمات عندما تستلزم الظروف تنفيذها بصورة سرية .
6- إذا كانت ظروف تسيير الوحدات القطاع العام المرتبة في إضعاف لها الأولوية من طرف الهيئة المركزية للتخطيط تتطلب توزيعا مسبقا للتوصيات العمومية .
لجان الصفقات :
يشترط المشرع الجزائري موافقة لجنة الصفقات الوزارية أو الخاصة بالولاية أو المؤسسات الاشتراكية إذا كانت الصفقة تساوي أو تزيد عن 100000 دينار جزائري إما إذا كان المبلغ يساوي أو يفوق 5000000 دينار جزائري فلا بد من موافقة اللجنة المركزية للصفقات .
وتشكل اللجنة المركزية للصفقات من ممثلين للوزارات وتخصص برمجة مطلبيات وتنظيم وإبرام الصفقات ، ومراقبتها على المستوى القومي وفقا لسياسة العامة التي تحددها الحكومة ( المادة 15 من الأمر 9-74 الصادر في 30 يناير 1974 ) تشكل الجان الخاصة بالوزارات والولايات والمؤسسات الاشتراكية تشكيلا اقل من مستواه عن تشكيل اللجنة المركزية لها ولها نفس الاختصاصات على مستوى الوزارة والولاية والمؤسسة الاشتراكية ( تراجع المادة 21 من الأمر 9-74 المشار إليه ).

القيمة القانونية لرأي لجان الصفقات :
من المعلوم أن المشرع يستلزم بالنسبة إلى بعض العقود حصول جهة الإدارة المتعاقدة عن تصريح أو إذن بالتعاقد من جهة يحددها بحيث لا تستطيع الإدارة التعاقد كلية بدون إذن ، بمعنى أن تعاقد الإدارة دون الحصول على هذا الإذن يؤدي إلى بطلان العقد بطلانا مطلقا . ذلك أن المسلم به في الفقه الإداري الفرنسي أن القواعد الخاصة بضرورة التصريح السابق هي قاعد متعلقة بالنظام العام لقيامها على أسباب جوهرية تتصل بالصالح العام اتصالا وثيقا. ومن ثم فلا يمكن مقارنتها بالقواعد المقررة لحماية ناقصي الأهلية في القانون الخاص.
ولما كان العقد الذي تبرمه الإدارة دون الحصول على الإذن السابق معدوما من الناحية القانونية فان المتعاقد مع الإدارة لا يستطيع أن يتمسك به في مواجهة الإدارة في هذه الحالة ، لكن هذا لا يعني أن الفرد لا يستطيع الحصول على تعويض إذا حدثت له أضرار من جراء التعاقد مع الإدارة خلاف المقرر.
فالمسلم به أن الفرد هنا لا يستطيع أن يرجع إلى الإدارة على أساس الرابطة التعاقدية لان هذه الرابطة لم يوجد كلية ولكنه يستطيع أن يرجع على الإدارة أما على أساس الخطأ التقصير باعتبار أن الإدارة أخطأت بعدم الحصول على إذن و أن خطاها هذا قد يحمل الإدارة المتعاقدة إضرارا مادية أو معنوية معينة و أما على أساس قاعدة الإثراء بلا سبب إذا استطاع أن يثبت أن الإدارة قد أفادت من إجراء تنفيذ العقد المعدوم.
و لهذا فقد الزم المشرع الجزائري الجهات الإدارية المختلفة بأخذ موافقة لجان الصفقات ولقد نصت المادة على ما يلي :" يستطيع بمبلغ الرأي و التأشيرة بطابع الزاهي ويتعين على المصالح المتعاقدة أن تطلب التأشيرة وتطلب الرأي.


لجان البث :
وقد أطلق عليها المشرع الجزائري مكاتب المناقصات وقد حدد اختصاصاتها بمقتضى المادة 37 من قانون الصفقات التي تنص على أن يجرى رئيس المكتب في جلسا عمومية وفي يوم العمل الذي يلي مباشرة التاريخ المحدد لإيداع العروض، تفتح في الساعة المحددة لهذه المناقصة الأظرف الخارجية مشتملة على ظرف العروض، وتحرر قائمة تحدد فيها الوثائق التي يشتمل عليها كل واحدة منها، ينسحب المتنافسون و العموم من القاعة بعد إتمام هذه الإجراءات ثم يتداول أعضاء مكتب المناقصة ويحصرون قائمة المترشحين المقبولين ثم تستأنف الجلسة العمومية في لجان ويقرا الرئيس قائمة المترشحين المقبولين دون ذكر أسباب الرفض، ترد إلى المترشحين المرفوضة عروضهم، أما عروض المترشحين المقبولين فتفتح ويقرا محتواها بصوت عال.
بعلن عن رسو المناقصة مؤقتا على المترشح الذي يعرض السعر الأقل إذا لم يمكن القيام بالفحص الدقيق للعروض في الحال و يجب القيام به خلال لمدة يحددها دفتر الشروط دون أن تتجاوز عشرة أيام ، ويبقى أصحاب العروض من غير الذين ترسو عليهم المناقصة مؤقتا ملتزمين خلالها لاحتمال تعيين من ترسو عليه المناقصة مؤقتا من جديد.

القيمة القانونية في قرار لجان البث :
لا يعتبر قرار لجان البث بإرساء المناقصة على أحد المتقدمين الخطوة الخيرة في التعاقد بل ليس إجراء تمهيديا لان هناك خطوة لاحقة على هذا القرار فالمسلم به انه بعد قرار لجنة البث تبدأ التزامات الإدارة، أما قبل ذلك فان التعاقد قد يكون في دورة تكوين وكل ما يترتب على قرار لجنة البث نتيجة واحدة وهي التزام الإدارة بان لا تتعاقد إلا مع من ترسوا عليه المناقصة وهذا هو ما يعرف بالية الإرساء ولكن في مقابل هذه الآلية جرى قضاء مجلس الدولة الفرنسي على تخويل الإدارة حق العدول عن التعاقد إطلاقا بإلغاء المناقصة إذا رأت أن المصلحة العامة في هذا العدول حتى لا تجبر الإدارة التعاقد مع شخص لا تريده.
ومن ثم فمن الأهمية بما كان أن يحدد دور كل من لجنة البث ودور جهة الإدارة على ضوء طبيعة اختصاصها حيث يختلف اختصاص كل منها فلجنة البث تختص بإتمام الإجراءات المؤدية إلى تعيين من ترسو عليه المناقصة بعد التحقيق من شروطها توطئة لاضطلاع جهة الإدارة بمهمتها الخاصة لإبرام العقد و اختصاص اللجنة لهذا الصدد اختصاص مقيد تجرى فيه على قواعد وضعت لصالح الإدارة و الأفراد على سواء بقصد كفالة احترام مبدأ المساواة بين المتناقصين جميعا وينتهي عمل اللجنة بتقرير اصلح العطاءات عن طريق اختيار المتناقص الذي تقدم بالسعر الأقل ثم يأتي بعد ذلك دور جهة التعاقد وهي الجهة المختصة بإبرام العقد مع المتناقص الذي وقع عليه الاختيار من قبل لجنة البث.

المطلب الثالث : آثار عقد الأشغال العامة (1)
لحق الأشغال العامة أثار تتعلق بطرفيه وهما الإدارة و المتعاقد معها وللإدارة سلطات تجاه المتعاقد كما إن لهذا الأخير حقوق على الإدارة ويتم دراسة هذين الموضوعين في فرعين هما :
الفرع الأول : سلطات المتعاقد مع الإدارة
وتتمثل هذه السلطات في سلطة المراقبة والتوجيه، الجزاءات، وسلطة التعديل.
أ‌- سلطة الإدارة في المراقبة و التوجيه :
تمارس الإدارة سلطة الرقابة على المتعاقد معها حتى تتأكد وتتحقق من تنفيذ التزاماته التعاقدية وقف الشروط المحددة في العقد، إما الرقابة فتكون الرقابة الخارجية فنية للتأكد من التنفيذ العقد أو الرقابة الداخلية فتتمثل في إرشاد المتعاقد في تنفيذ التزاماته التعاقدية.
ب- سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات :
وهذا إذا أخل المتعاقد بالتزاماته التعاقدية كان يهمل في تنفيذ عقده إذ لم يحترم المدة المحددة للتنفيذ وهذه السلطة مخولة تهدف إلى تامين سير المرافق وتتمثل في الالتجاء إلى القضاء وتتمثل هذه الالتزامات الإدارية في :
ب- -1 الجزاءات المالية :
وهي عبارة عن مبالغ مالية تتخذ صورة التعويض مالي يدفع للإدارة من طرف المتعاقد المخل بالالتزامات التعاقدية و تغطية الضرر الذي لحقها جراء هذا الخطأ أو الإخلال.
ب- -2 الحلول :
أي أن تحل السلطة الإدارية محل الطرف المتعاقد معها في تنفيذ الأشغال العامة على حسابه ومسئوليته كما قد تحل شخصا آخر محل المتعاقد مع تنفيذ ما قصر فيه المتعاقد.
والمسلم به أن هذا الأجراء لا يتضمن إنهاء العقد بالنسبة للمتعاقد المقصر بل يظل المتعاقد مسؤولا أمام الإدارة(1) .
ب- -3 الفسخ :
وهو اخطر الجزاءات التي توقع على المتعاقد المخل بالتزاماته إخلالا جسيما وتملك إدارة هذه السلطة دون اللجوء إلى القضاء لإصدار حكم الفسخ.
ج- سلطة الإدارة في التعديل :
للإدارة سلطة تعديل الالتزامات و شروط العقد الإداري سواء كان هذا التعديل بالزيادة أو النقصان بدون علم أو موافقة المتعاقد معها، ويستمد هذا الأساس قوتها من ضرورة حسن سير المرافق العامة بانتظام وهذه السلطة القائمة على كافة أنواع العقود ولا يجوز للإدارة التنازل عنها بالاتفاق مع المتعاقد و تدخل الإدارة في التعديل يكون في حدود معينة.
ج- -1 حدود تعديل الإدارة لتعديل العقد :
نظرا لخطورة السلطة التعديلية التي تتمتع بها الإدارة وضعت ثلاث شروط لممارستها وهي :
- شرط 01 : أن لا تمتد التعديلات للمزايا المالية المقررة لمصلحة المتعاقد.
- شرط 02 : لا يتناول التعديل إلا الشروط المتعلقة بتسيير المرفق العام و التي لها علاقة بالجمهور.
- شرط 03 : أن لا تتجاوز تلك التعديلات حد معينا و الإيجاز المتعاقد فسخ العقد لان المتعاقد في هذه الحالة يصبح وكأنه أمام عرض جديد.
ج- -2 فكرة الأعمال الجديد :
ومعناها أن تكلف الإدارة المتعاقد بالقيام بأعمال جديد وقد تكون طبيعة هذه الأعمال غير متوقعة وهي التي لم تظهر في العقد ولكنها ليست قريبة عنه ومن هذا القبيل طلب إعادة ترميم قناة تهدمت بسبب تهدم أحد الجسور ثناء إنشاء إحدى السكك الحديدية، وقد تكون الأعمال إضافية و هي التي لم تظهر في العقد ولكن قائمة الأسعار توقعتها ووحدة أسعارها ومثال ذلك مد السد المتفق عليه في العقد ساعة إضافية لان النهر غير مجراها غير المتوقع ومنها أيضا الأعمال التي تعتبر مكملة لطبيعة العقد فيجوز للإدارة أن تطالب المتعاقد بإنجازها ولو بعد انتهاء الأعمال الأصلية.

فرع ثاني : سلطات المتعاقد مع الإدارة
وهذه الحقوق ثلاثة : حق المتعاقد بان تحترم الإدارة التزاماتها المالية و الحصول على مقابل مالي و التوازن المالي للعقد.
أ‌- حق المتعاقد في أن تحترم الإدارة التزاماتها العقدية : فأول التزامات الإدارة تنفيذ العقد بمجرد إبرامه ويتعين عليها عند تنفيذه احترام كامل الشروط الواردة فيما يتعلق بالالتزامات الأصلية فحسب، وعند تقصير الإدارة في التزاماتها يجوز للمتعاقد معها توقيع جزاءات عن طريق القضاء، ويستطيع بذلك القاضي إلغاء كافة القرارات الغير مشروعة الصادرة من الإدارة إضافة إلى الحكم بالتعويض ويجوز الحكم بالفسخ إذا طلب المتعاقد ذلك، وهذا استنادا إلى خطا الإدارة الجسيم.
ب‌- الحصول على المقابل المالي : إذا كان أهم هدف يسعى إليه المتعاقد من خلال عقده هو تحقيق الربح فلا تستطيع الإدارة أن تمس بهذا الهدف من خلال تعديل الشروط و أساس ذلك حصانة تلك الشروط و أساس هذه الحصانة اعتباران هما :
1. نفور الأفراد من التعاقد مع الإدارة فيما لو أمكنها أن تعدل هذه المزايا التي يعتمد عليها المتعاقد رغم إرادته(1).
2. تستند سلطة لتعديل إلى حق الإدارة في العمل وفقا لمقتضيات سير المرافق العامة و بالتالي قان هذه السلطة لا تنصب إلا على الشروط المتعلقة بتسيير هذه المرافق ولسين من بينها تلك التي تحدد مقابل نقدي في العقد(2) .
ج- التوازن المالي للعقد : ومعناه أن المتعاقد قد يتعرض أثناء تنفيذ العقد لتدخل الإدارة فيؤدي تدخلها إلى ذبذبة وزعزعة التوازن المالي و بالتالي فهي مطالبة بإرجاع الحالة المالية التي كان عليها العقد قبل تدخل الإدارة.

الفصل الثالث : الحقوق الواردة على المال العام
نعالج في هذا الفصل دراسة موضوع طبيعة حق الدولة و الأشخاص الاعتبارية العامة على الأموال العامة في المبحث الأول في مطلبيه، حيث نعالج في المطلب الأول آراء الفقهاء المنكرين لملكية الدولة لأموالها العامة. و في المطلب الثاني الرأي المؤيد لهذا الحق.
وحقوق الأفراد على المال العام في المبحث الثاني مع التمييز في المطلب الأول على الاستعمال العام له، و في المطلب الثاني الاستعمال الخاص.

المبحث الأول : حق الدولة على المال العام
المطلب الأول : الآراء المنكرة لحق ملكية الدولة للمال العام
ينكر فريقان من الفقهاء أحدهما من فقهاء القانون الخاص و الآخر من فقهاء القانون العام حق ملكية الدولة لأموالها العامة ويستند الفريق الأول إلى قواعد القانون المدني و الثاني إلى إنكار الشخصية المعنوية للدولة.
ونستعرض من آراء هذين الفريقين على الوجه التالي :
الفرع الأول : آراء المنكرين لحق ملكية الدولة إسناد أحكام القانون المدني
يذهب هذا الفريق الذي يتزعمه الفقيه الفرنسي " برودول" إلى القول بان الأموال العام لا تعتبر مملوكة للدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة كملكية الأفراد لأموالهم بخاصة تلك الملكية المعروفة في القانون المدني. ويتلخص هذا الرأي أن الملكية في القانون المدني تتميز باختصاص مالك الشيء به، وقصر الانتفاع به على الشخص مما لا مقابل له في المال العام فعناصر حق الملكية من استعمال usus واستغلال fructruc و التصرف absus لا تتوافر في المال العام وتوفرها في الملكية الخاصة(1) .
فاستعمال المال العام يشمل الكافة وليس خاصا بالإدارة وحق الاستغلال ليس متوافر إلا نادرا كما أن حق التصرف لا تتمتع به الإدارة ونتيجة لذلك أن الدومين العام يعتبر على حد تعبير "برودول" : " دومين حماية و ليس دومين ملك" أي أن حق السلطة على الدومين العام ليس سوى حق ولاية و إشراف وحفظ وصيانة، و من شان هذا التكييف الحد من تدخل الدولة في شؤون هذا الدومين، وقصر نشاطاها على القدر الضروري لتمكين الجمهور من الانتفاع به الانتفاع المهيأ له المال، بحث تقتصر الدولة مباشرة سلطتها الضابطة لصون الصالح العام وحمايته(2) .
وقد كلف هذا الحق كذلك بعض الفقهاء من هذا الفريق على انه حق سيادة ( أي أقوى من حق الملكية)(3) ، و يبدو أن كثير من أصحاب هذه النظري هم من الفقهاء اللذين يأخذون بنظرية طبيعة المال للتمييز بين الأموال العامة و الأموال الخاصة مثل "ديكروك "ducroq و"بارثميلي" Bartheloumy ولذا أضاف هؤلاء الفقهاء حجة مفادها أن آمال العام لا يقبل بطبيعة التملك و من ثمة لا يجوز للدولة و للأفراد تملكه وقد استندوا في تأييد نظريتهم إلى نص المادة 538 مدني فرنسي التي نصت على :" أن تعتبر داخلة في الدومين العام كافة أجزاء الإقليم التي لا تقبل أن تكون مملوكة ملكية خاصة"(4).




الفرع الثاني : آراء المنكرين لحق ملكية الدولة استنادا إلى إنكار الشخصية الاعتبارية للدولة.
يرى هذا الفريق من الفقهاء أن حق الدولة على المال العام ليس حق ملكية لان فكرة الشخصية الاعتبارية للدولة التي تأسس عليها هذا الرأي إنما هي فكرة لا معنى لها و من ثمة فان الدولة أو الأشخاص الاعتبارية لا تملك هذه الأموال سواء كانت هذه الأموال عامة أو خاصة ويتزعم هذا الفريق العميد" دوجي" و الفقيه جير .ويقوم مذهب دوجي الواقعي في هذا الشان على أساس رفض فكرة الشخصية العفوية ، واستعاضة عنها بفكرة التخصيص affectation أو الذمة المالية المخصصة لغرض معين patrimoine فالذمة المالية ليست إلا مجموعة من الأموال المخصصة للمنفعة الفردية أو مشتركة يحميها القانون مما يمنحها من وسائل مختلفة للمنتفع بها كان فردا أو جماعة ، ويكفي القول بان الموظفين العموميين أن يختصون أن يباشروا فيما يتعلق بالدومين –كل الأعمال التي تتفق بما خصص له 1.
يعترض أصحاب هذا الرأي على نقل فكرة الملكية التي انبثقت أساسا من مجال القانون المدني إلى مجال القانون العام لأنها لا تتفق وهذا القانون .

المطلب الثاني : الآراء المقرة بحق ملكية الدولة الأموال العامة :
فرع 1 : حق الدولة على الأموال العامة حق ملكية
يذهب هذا الجانب من الفقه –وهو يمثل الرأي الراجح – إلا أن حق الدولة على الأموال العامة هو حق ملكية ويتزعم هذا الاتجاه "هوريو".
ويقول العميد هوريو أن هذه الملكية ليست تلك الملكية التي تنص عليها و ضع مبادئها وقواعدها القانون المدني و إنما هي ملكية من نوع خاص يسمى الملكية إدارية لي ملكية تتفق وأغراض القانون الإداري وأهدافه . وموضوع حق الملكية ولو انه مستعار من قواعد القانون المدني إلا انه يستجيب لأغراض القانون العام كسائر الموضوعات الأخرى التي نقلت من نطاق القانون المدني إلى نطاق القانون الإداري ويلخص العميد هوريو "فكرته بقوله إن الخلاف بين فكرة الملكية بين القانون المدني والقانون الإداري هو أن ملكية الدولة لأموالها العامة ليس مقصورا الملكية بحد ذاتها و إنما هو تخصيص هذه الملكية . هي ملكية مخصصة .
والرأي الذي قال به العميد هوريو يتفق مع الرأي الراجح الذي يأخذ به الفقيه الحديث في الوقت الحاضر ، ويأخذ به في أحكامه مجلس الدولة الفرنسي الذي يذهب إلى أن حق الدولة على أموالها العام هو حق ملكية عادية ولكن هذه الملكية تعتبر كأي ملكية محاطة بعدد قيود وضعها المشرع ليحد من إطلاق الحق فيها وكذلك فان القيود المفروضة على الأموال العامة تستهدف تخصيصها لمنفعة العامة ، كقيد عدم التصرف مثلا ، ولقد مضى ذلك العهد الذي كانت فيه الملكية الفردية حق مطلق يستبد به صاحبه حيث أصبحت هذه الملكية مقيدة بقيود عديدة يفرضها المشرع فصارت وظيفة اجتماعية يستخدمها المالك في الحدود التي وضعها المشرع والتي تضمن عدم الإساءة استعمال حقه عليها ، فلا عجب أن تكون الملكية في القانون العام ملكية حقيقة مثلها في مثل ملكية الأفراد إلا أنها مقيدة مثل ملكيتهم بقيد آخر هو تخصيصها للمنفعة العامة .
وان نحن تأملنا حق الدولة على أموالها العامة لوجدنا أن هذا الحق لا يختلف كثيرا على حق الأفراد على أموالهم ، فإذا كان للفرد الحق في التصرف في ممتلكاتهم فان للدولة أيضا أن تتصرف في هذه الأموال في أن تنزع عنها صفة العمومية وتصبح أموالا خاصة تابعة لدومينها الخاص ، كما أنها تملك أيضا أن تقرر عليها حقوق اتفاق كما فعل القانون المدني المصري والجزائري ، كما أنها تستعمل هذه الأموال عن طريق المرافق العامة بما يعود على الخزانة العامة بدخل كبير 1
كأم انه ليس صحيحا ما يقال لدى منكري حق الملكية بأنه لا تتوافر للإدارة على الأموال الدومين العام خصائص الملكية من انتفاع واستغلال وتصرف لأنه على فرض أن المنتفع بالمال العام هو جمهور الأفراد فانه من الممكن أن نقول بان الشخص الإداري هو الذي ينتفع " لان الشخص الإداري ليس في الواقع إلا هؤلاء الأفراد منظورا إليهم في إطار نظام قانوني معين " 2 .
وجرى الفقه " بونار" أن الخطر الوارد على حق الدولة على التصرف في أموالها هو حجة على منكري حق الدولة على أموالها ب|أنه حق ملكية وليس حجة عليهم ، لان الدولة لو لم تكن تملك هذه الأموال بما فرض عليها هذا القيد فلا يتصور إلزام غير ملك بعدم التصرف في ملكه .
وذلك فانه إذ زال التخصيص على المال العام فانه يغدو مالا مملوكا لدولة ملكية خاصة ، ومعنى ذلك هو أن هذا المال – قبل تخصيصه – كان مملوكا لدولة 3 .
وعلى العكس أيضا فان الدومين العام الحكم الذي يتكون من الأراضي والذي خصصته الدول للمنفعة العامة ، هذا الدومين كان قبل تخصيصه – مملوكا لدولة
ويضيف أصحاب هذا الرأي حجة أخيرة ، وهي انه إذ كانت الدولة لا تملك المال العام فمن الذي يملكه إذا ؟ وإذا كان الواضح انه لا يوجد من يملكه غير الدولة وإذا افترضنا صحة هذا الرأي القائل بأنه ليس لدولة حق ملكية على الأموال العامة . فهل هذا المال يعتبر مالا مباحا بلا مالك ؟ 1
تلك هي الحجج التي استند إليها الفقه الإداري الحديث للاعتراف الدولة بحق الملكية على أموالها العامة.
وبهذه الحجج سلمة المحكمة الإدارية العليا عندما قالت : " استقر الفقه الإداري على أن الدولة هي المالكة – للأموال العامة ومن حقوق الملكية حق استعمال المال العام واستثمار والتصرف فيه بمراعاة وجه المنفعة العامة المخصص لها هذا المال ، وتحول هذا التخصيص دون التصرف في المال العام إلا إذا انطوى ذلك على نية تجريده من صفة العمومية فيه .
ومن ثم فترتيب سبيل الانتفاع بالمال العام يجري وفق الأوضاع والإجراءات القانون العام2 .

فرع 2 : النتائج المترتبة على اعتبار حق الدولة على أموالها حق ملكية :
يترتب على الاعتراف للدولة بحق الملكية النتائج الآتية :
1- تملك الدولة الثمار الناتجة عن أموالها العامة ، كطما تتبع ذمتها ثمن بيع هذه الأموال إذ انتهى تخصيصها للمنفعة العامة .
2- يحق لدولة أو لأي شخص اعتبار رفع دعوى المطالبة باستحقاق ودعوى الحيازة ، .
3- تلتزم الدولة والأشخاص الإدارية بصيانة المال العام ، وكذلك تعويض الأضرار الناجمة عن عدم صيانته .
4- منح تراخيص امتيازات لشغل أملاك العامة كما قامت الأكشاك على أرصفة الشوارع أو الشواطئ .
5- تنظيم حق استعمال المال العام بطريقة مختلفة .
6- لدولة وأشخاص الإدارية الأخرى الحق في تغيير تخصيص المال العام ، فيجوز تخصيص المال العام منح نقل ملكيته من شخص إداري إلى آخر ، وللمشرع وحده هذا الحق .
أما يجوز تغيير تخصيص المال دون المساس بالملكية ودون رضى الشخص الإداري المالك له استفادا إلى أن لدولة حق ارتفاق المال العام هو تخصيصه للمنفعة العامة.

المبحث الثاني : حقوق الأفراد على المال العام
المطلب الأول : استعمال المال العام للمال العام
يكلف على استعمال العام المال العام عبارة استعمال جماعي أو مشترك للمال العام ، ويقصد به أن الأفراد يستعملون المال العام استعمالا متشابها وبالشكل الذي وينفق والمنفعة العامة التي أعدلها هذا المال بحيث لا يحول استعمال بعضهم له دون الاستعمال الآخرين وفي نفس الوقت لنفس المال العام .
وعلى ذلك فالفرد الذي في الشارع ما ، فانه يستعمل هذا الشارع استعمالا يتفق والمنفعة التي اعد لها هذا الشارع وان استعماله لا يحول دون استعمال الآخرين له نفس الاستعمال في نفس الوقت 1.
في الواقع أن استعمال العام للمال العام هو مظهر للحريات الشخصية التي كرستها الدساتير فاستعمال الطريق العام في الذهاب والإياب مظهر لحرية التنقل ، ومن يستخدم النيل في نقل البضائع يمارس حرية التجارة والصناعة .
1- ولكن إذا كان الأفراد أحرارا في استعمال المال العام إلا أن هذه الحرية لكي يستمتع بها الجميع تحتاج إلى بعض القيود ولذلك وجب إخضاع هذا الاستعمال لتنظيم يحافظ على نظام العام بعناصره الثلاث : أمن عام وصحة عامة وسكينة عامة ، وكذلك للإدارة أن تنظم حركة مرور السيارات في الشوارع لتمنع التصادم ولها أن تضع قيودا على المظاهرات بهدف حماية السكينة العامة 2.
وقد ينصب التنظيم على الاستعمال العام نفسه كأن تقتصر الإدارة مثلا المرور على بعض الملاهي على الساعات المعينة ، أو تمنع مرور بعض السيارات ذات حمولة ثقيلة في بعض الشوارع .
2- وذا كان الاستعمال للمال العام يفترض المساواة بالنسبة للجميع ، إلا أن هذه المساواة ليست مطلقة و إنما تتحقق بين المتماثلين في الشروط و الأوضاع وعلى ذلك يجوز للإدارة دون أن يكون في إخلال بمبدأ المساواة ، أن تقتصر استعمال المال العام على فئات معينة من البشر يتشابه أفراد في مراكزهم القانونية كأن تجعل الانتفاع ببعض الحدائق ،مثلا مقصورا على فئات معينة كالأطفال والشيوخ .
3- وإذا كان الأصل في استعمال المال العام إن يكون مجانيا إلا أن من الجائز أن بفرض القانون رسوما على هذا الاستعمال إذا حتمت المصلحة العامة ذلك .

المطلب 2 : الاستعمال الخاص للمال العام
يوصف هذا الاستعمال بأنه خاص لان الفرد المستعمل يخص دون سواه بالانتفاع بجز من المال العام ، فاذ1 كان استعماله متفق والغرض المخصص له المال العام أصلا ، وصف استعمال الفرد له بأنه استعمال خاص عادي ، أم إذا كان استعمال المال العام لا يتفق والغرض هذا المال الأصلي ، فان استعمال يطلق عليه هنا استعمالا غير عادي 1 .
1- الاستعمال الخاص العادي : ويعني به أن ينفرد شخص ما بدأته باستعمال جزء من المال العام المخصص للجمهور ، بشرط أن يكون هذا الاستعمال في حدود الغرض الذي خصص له أصلا ، وان يكون هذا الاستعمال خاصا لترخيص من الإدارة . مع أداء مقابل مالي يدفعه المنتفع بالمال العام على وجه الخصوص . ومنه يمكن القول أن الإدارة لا تملك سلطة تقديرية في منح الترخيص أو منحه أو في الإبقاء عليه أو إلغاءه ، فادا وضعت لنفسها قواعد الضبط هبا تصرفاتها في الترخيص للأفراد ، وجب عليها أن تلتزم هذه القواعد ولا تحيد عنها ، ولا تسيء تطبيقها وإلا كان قرارها مخالفا للقانون ، ومشوبا بعيب سوء استعمال السلطة ، وهذه التراخيص يستطيع الفرد تجديدها إلا أن هناك حالات لا يجوز فيها ذلك وهي الحالات التي تجيز إلغاء الإداري إضافة إلى الحالات التي ترى اللجنة المشكلة لهذا الغرض مع يستدعي معها عدم التجديد .
2- الاستعمال الخاص الاستثنائي : ويعني ذلك انفراد شخص معين بذات بالانتفاع بجزء من المال العام انتفاعا يخرج عن دائرة الغرض الذي خصص له المال بحسب الأصل ، ويخضع هذا الاستعمال لقواعد متميزة تتلاءم وطبيعة الفردية غير عادية ، ومن ناحية يتم بمقابل مالي يدفعه من استعمال المال العام، ومن ناحية أخرى يلزم موافقة الإدارة المسبقة الاستعمال (الحصول على الترخيص ) . وقد تأخذ موافقة الإدارة صورة ترخيص المؤقت كالتراخيص الصادرة بأشغال الطرق العامة و الإدارة بهذا الصدد تتمتع سلطة تقديرية في تحديد شروط منح تراخيص الاستعمال الفردي الاستثنائي للأموال العامة بحيث تكفل صيانتها وحمايتها المصلحة العامة .
وقد يستند حق الفرد في استعمال الخاص الاستثنائي لجزء من المال العام وهو اتفاق يهم الإدارة واحد الأفراد يتم لهذا الأخير بموجبه أن يستعمل جزءا من المال العام استعمالا خاصا وغير عادي، هذا العقد يعتبر عقدا إداريا ويكون مؤقتا بالضرورة ومن أمثلة التعاقد الإدارة مع أحد الأفراد على إقامة مقهى .
ويلاحظ أن حقوق المنتفع بالمال العام في هذه الحالة أقوى من حقوقه في حالة الاستعمال الفردي المستند على الترخيص إداري ، وذلك أن المنتفع يتمتع في حالة الأولى بمركز تعاقدي ، صحح أن الإدارة إنهاء العقد في أي وقت إذا حتمت ذلك اعتبارات الصالح العام ، إلا أنها بالمقابل تلتزم بتعويض المتعاقد معها .
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد ، إن الإدارة قد تخصص لأحد الأفراد جزءا من المال العام ليستعمله استعمالا فرديا عادي بموجب عقد إداري تصنفه الإدارة خطأ بأنه قرار إداري ، مما يوجب الاعتداء بحقيقة وجودهم العمل القانوني الذي يعتبر سندا للاستعمال.

الفصل الرابع : الحماية القانونية للمال العام
لقد قامت كافة التشريعات بتوفير الحماية القانونية للمال العام من ناحيتين : من ناحية مدنية وأخرى جنائية وهذا ما أدى بنا إلى تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين حيث نتناول في المبحث الأول : الحماية المدنية للمال العام بأوجهه الثلاث من عدم جواز حجزه، عدم جواز تملكه بالتقادم، وأخيرا عدم جواز التصرف فيه.
في حين أن المبحث الثاني سنوضح فيه الحماية الجنائية للمال العام و التي نقصد بها المحافظة على هذه الأموال ضد أي تخريب أو اعتداء...الخ. وهذا المبحث نقسمه إلى أربعة مطالب سنذكر فيها الجرائم التي قد تقع على المال العام وهي كما يلي :
المطلب الأول : اختلاس المال العام.
المطلب الثاني : رشوة المال العام.
المطلب الثالث : الصفقات العمومية.
المبحث الأول : الحماية المدنية للمال العام
المطلب الأول : عدم جواز الحجز على المال العام
مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة يقصد به حماية المال العام، فحماية المال المخصص للنفع العام مبدأ مقرر لحماية المرافق العامة، ولو أجيز الحجز على الأموال العامة لتعطلت هذه المرافق وضعفت إمكانياتها لتحقيق الأغراض التي أنشأت لأجلها كما ان تقرير مبدا عدم جواز الحجز على الأموال العامة يفترض دائما أن الدولة مليئة أي قادرة على سداد التزاماتها قبل الغير ويترتب على هذا المبدأ انه لا يجوز تقرير حقوق على الأموال العامة ضمانا للديون التي تكون في ذمة الدولة كالرهن الرسمي أو الحيازي أو حق الاختصاص(1) .
وقاعدة عدم جواز الحجز على المال العام تحمي الأموال العامة من التنفيذ الجبري عليه حتى لا يترتب على ذلك نقل ملكية المال العام إلي الغير لكونه مخصصا لمنفعة العامة ويتفرع على هذه القاعدة عدم جواز ترتيب أي حقوق عينية تبعية على هذا المال كالرهن الرسمي او حق الاختصاص او الرهن الحيازي أو حقوق الامتياز(2) .
الأموال العامة لا يجوز الحجز عليها فالحماية المقررة لها منعت الإدارة من التصرف فيها ام كسب ملكيتها بالتقادم تحول أيضا دون الحجز عليها لان هذا الأجراء يؤدي في النهاية إلى نزع ملكية المال جبرا عن الإدارة وبيعه كما يحدث للأموال المملوكة للأفراد وبمقتضى ذلك أنها لا يجوز انتقال المال العام بحقوق عينية تبعية ضمانا للديون التي تشغل ذمة الشخص العام كالرهن الرسمي أو الحيازي حيث أن فائدة هذه الحقوق العينية تظهر عندما تباع الأموال المحملة بها جبرا لان الدائن ذا الحق العيني له، لأفضلية على الدائنين الشخصيين وهذا غير ممكن تحقيقه فيما يتعلق بالأموال العامة التي لا يمكن بيعها جبرا إضافة إلى كل ذلك أن القاعد العامة التي تفترض ملاءمة الدولة و الأشخاص العامة تعني حصول دائنيهم على حقوقهم كاملة(3) إذا كان مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة مقررا ولا جدال فيه فهل تطبق هذه القاعدة على الأموال الخاصة للدولة ؟
في الجمهورية الجزائرية لا يوجد تمييز بين الأموال العامة و الخاصة للدولة فالحكم الذي يسري في هذه الحالة هو عدم جواز الحجز على الأموال الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة و ذلك تطبيق لنص المادة 689 من القانون المدني الجزائري(4) ، لكن مع التعديل الجديد يجوز الحجز باستثناء راس المال التاسيسي 01-81 أما في مصر فقاعدة عدم جواز الحجز على المال العام لا يسري على الأموال الخاصة المملوكة للدولة و الأشخاص الاعتبارية العامة حيث لا يوجد نص تشريعي يقرر ذلك في مصر(5) .
وقد انقسم الفقه في فرنسا إلى فريق مؤيد أخر معارض للحجز وقد اخذ القضاء بالرأي الثاني.
فالرأي الأول : لا يؤد الحجز على الأموال الخاصة للدولة استنادا إلى نفس السبب الذي لا يجيز الحجز على الأموال العامة وهو افتراض أن الدولة ملئيه، بالإضافة إلى انه توجد قاعدة عرفية لا يجوز بمقتضاها الحجز على أموالها(3) .
أما الفريق الثاني فهو مؤيد للحجز ويستند في ذلك إلى عدة حجج مؤداها أن المسالة ليست في اعتراض ملاءة الدولة بقدر ما هي عدم وفائها بالدين مما يزعزع ثقة الدائنين بها أما ينكر هذا الفريق وجود أي قاعدة عرفية تجيز عدم الحجز على أموال الدول الخاصة(4) .
أما القضاء فيتفق لا في أحكامه مع الرأي الخير كما أشرنا فقد أجازت محكمة النقض في حكم حديث لها تنفيذ بطريق الحجز على الموال الخاصة للدولة فبعد أن أشارت المحكمة إلى أن معيار المال العام هو التخصيص لمنفعة عامة أضافت أن الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة قد أعدت لاداء خدمة عامة وبذلك تعتبر من الأموال العامة ولا يجوز الحجز عليها مادامت محتفظة بنخصيصها للمنفعة العامة.

المطلب الثاني : عدم جواز التصرف للمال العام
ومقتضى هذه القاعدة أن التصرفات الخاضعة للقانون المدني من بيع أو رهن أو إيجار الخ لا يمكن أن تطبق على الأموال العامة إلا بعد تجريدها من صفتها العمومية وذلك بوضع حد لتخصيصها للنفع العام بالقانون أو بمرسوم أو بقرار وزاري أو بالفعل، وتسري هذه القاعدة على جميع الأموال دون تمييز بين الأموال العامة العقارية أو المنقولة فهذه القاعدة تغيرها من قواعد خصصت لحماية المال العام، حتى لا تقف قواعد القانون المدني حائلا دون تحقيق الغرض الذي من اجله خصص المال.
ومنه يقصد بهذا المبدأ إخراج المال العام عن دائرة التعامل القانوني بحكم القانون ومن ثم لا يجوز للشخص الإداري نقل ملكية المال العام إلى أحد الأفراد أو إلى أحد الهيئات الخاصة فان فعلت غير ذلك كان يقتصر فيها باطلا مطلقا يتعلق بالنظام العام و الواقع إن هذا المبدأ لا يعني خطر التطرق في المال العام و إنما هو بالأحرى قيد على الأشخاص الإدارية في التصرف في هذ1 المال. ذلك أن الخطر المنصوص عليه إنما ينصرف إلى التصرفات المدينة في الأموال العامة إلا بعد تجريدها من صفتها العامة و إلحاقها بصفتها الخاصة بمقتضى القانون أو قرار بالفعل يمتنع على الإدارة أن تنقل ملكية أموالها العامة إلى أحد الأفراد إلا إذا أرادت بذلك أن تجردها من صفتها العامة ة تحولها إلى الأموال الخاصة(2).
ولدى هذه القاعدة في الجزائر على جميع الأصول العام دوت تمييز بين الأموال العقارية أو المنقولة(3).
وتقدير خضوع التصرف في هذا المال وفق لقواعد القانون العام يرجى إلى تخصيصه للمنفعة العامة ولان قواعد القانون المدني لا تحقق هذه الحماية وعلى ذلك فان منع التصرف يف الأموال العامة ليس مبدأ مطلقا فهي قابلة لشتى التصرفات المدنية بعد تحريرها من صفتها العامة وتحويلها إلى ملك خاص، وحتى مع بقاء صفتها العامة فإنها تقبل أن تكون محلا لتصرفات القانون العام ومن هذا القبيل المبادلات بين الأشخاص الإدارية وتترك الدولة مثلا عن مال من الأموال العامة لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة الإقليمية أو المصلحية بل يصلح أن تكون هذه الأموال محلا لتصرفات إدارية تجريها الإدارة في شانها مع الأفراد كمنع الالتزام بالمرفق العام يكون وعاؤه مالا عاما أو الترخيص لأحد الأفراد باستعمال المال العام استعمالا عاما(4) . وحتى لا تقف قواعد القانون المدني حائلا دون تحقيق الغرض الذي من اجله خصص المال وبناءا على ذلك فلو باعت الإدارة خطأ مالا منقول من أموال الدومين العام كتحفة أثرية مثلا فان هذا التصرف يعتبر باطلا لمخالفته للنظام العام فإنها يمكنها أن تستردها في أي وقت شاءت ولا يمكن للمشتري أن يحتج عليها بأي قاعدة من قواعد القانون المدني أي قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، لان هذه القاعدة تفترض جواز تداول المال المنقول وانتقاله من ثمة إلى ثمة، وهو ما لا يتفق مع القواعد المقررة لحماية المال العام. و السبب في إجازة تصرفات في شان الأموال العامة، أن هذه التصرفات تلائم المال العام و لا تتعارض مع تخصيصه للمنفعة العامة، ذلك أن التصرفات الإدارية طابعها التوقيت بعكس التصرفات المدنية التي تتميز بالثبات و الاستقرار فالتصرفات الإدارية تتم في حالات كثيرة في صورة تراخيص تمنح لمدة محددة. هذا فضلا عن ما يقرره القانون العام للإدارة من سلطات في الرجوع في تصرف سحب الترخيص مثلا أو تعديله وفقا لمقتضيات المصلحة العامة ولذا فان إجازة تصرفات القانون العام لا يخشى معها عرقلة الانتفاع العام بالمال العام أو الحد من سلطة صاحبه عليه(1) .
على أن قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام هي قاعدة مفروضة لصالح المرافق العامة من اجل الغرض الذي خصص المال العام لتحقيقه وهي كما رأينا قيد على سلطة الشخص الإداري الذي يتبعه المال، ولهذا فلو تصرفت الإدارة قصرا أو خطا في مال من الأموال العامة لأحد الأفراد دون أن تحتج قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام هذه ليتوصل من ذلك إلى التحلل من التزاماته لان هذا البطلان لم يشرع إلا لمصلحة الشخص الإداري على أن هذا لا محل دون مسؤولية الدولة عما قد يترتب من إضرار نتيجة تصرفها في المال العام ثم رجوعها في هذا التصرف(2) .
و أخيار يلاحظ أن قاعدة عدم التصرف في المال العام لا تكون له أهمية حقيقية إذ انه يكفي للشخص العام أن يلجأ إلى تجريد المال العام من صفته العامة بإنهاء تخصيصه للنفع العام حتى يصبح قابل للتصرف فيه وللإدارة سلطة تقديرية معلقة في إنهاء التخصيص للمنفعة العامة، و على ذلك لا يكون لقاعدة المنع في التصرف في المال العام بعض الأهمية الحقيقية إلا إذا كان التخصيص يتطلب تدخل جهة أخرى غير الشخص العام مال العام(3) .
لكن الإشكالية المطروحة هل يجوز تقرير حقوق الارتفاق على الأموال العامة لدى المشرع الجزائري.
لقد أكد المشرع الجزائري من ق مج على انه :" لا يجوز التصرف يف أموال الدولة" . فيلاحظ أن هذه القاعدة لا تقتصر على منع التصرفات المدنية الناقلة للملكية، و إنما تمتد كذلك في الأصل على التصرفات التي ترتب على المال حقوقا عينية مدنية كحق الانتفاع و حقوق الارتقاء.
ومنه نجد أن المشرع الجزائري قد اخذ بمبدأ جواز تصرف تقدم حقوق الارتفاق على الأموال العامة حتى كانت هذه الارتفاقات لا تتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال، وتم النص على ذلك في المادة 867 ق م ح.

المطلب الثالث : عدم جواز تملك المال العام بالتقادم
بناءا على القاعدة السابق ذكرها فالأولى لا يجوز اكتساب و تملك الأفراد للمال العام بوضع اليد لمدة طويلة أو قصيرة ومهما كانت الوسيلة المنيعة وهذه القاعدة أهميتها في العمل تفوق بكثير أهمية القاعدة الأولى، إذ ينذر أن تتصرف الإدارة في مال من الأموال العامة. أما الأفراد فقد يعتادون نتيجة خطأ على جزء من الأموال العامة أو على بضعة أمتار مربعة ويضعون عليهم مدة طويلة ومع ذلك إذا تنبهت الإدارة فان لها أن تسترد المال مهما طالت مدة وضع اليد، و لا يجوز لواضع اليد أن يحتج أمام القضاء وبآي حق بمقتضى وضع يده على آمال العام لان قاعدة عدم جواز يملك المال العام من النظام العام الذي لا يجوز مخالفته وإذا كانت نصوص القانون المدني القديم الجديد أي القانون المدني الجزائري قد حظرت ملك الأموال العامة بالتقادم دون أن يرد بها ذكر لغيره من أسباب كسب الملكية بوضع اليد . فان الخطر المتقدم يمتد ويشمل ولا شك ما يماثل النقاد من أسباب كالحيازة في المنقول و الالتصاق، وذلك لاتحاد علة الحكم في سائر الحالات وهي منع لملك المال العام جبرا عن الإدارة بوضع اليد وعلى هذا لا تسرى على المال العام قاعدة الحيازة في المنقول شد الحائز ويمتنع تملكه مع السبب الصحيح وحسن النية وذلك أن القاعدة تفترض أن المنقول ممن يجوز تملكه وانتقاله من ثمة ألي أخرى وفقا للأوضاع المدنية. ومن ثمة كان للشخص الإداري صاحب المنقول أن يسترده تحت أي يد كان دون أن يلتزم بدفع ثمن المنقول المشتري ضمن النية(1) .
كذلك فان أحكام الالتصاق المقررة في القانون المدني لا يسري في شان الأموال العامة وهي الأحكام القاضية بان الأموال الأقل أهمية تندمج في الأموال الأكثر أهمية التي تلتصق بها.
فلو بنى أحد الأفراد بناء على قطعة ارض لأحد الأشخاص الإدارية العامة فان هذا الفرد لا يملك الأرض التي أقيم عليها هذا البناء و إنما اصبح البناء ملكا للشخص العام. وذلك تطبيقا لمبدأ أن المال الخاص الذي يلتصق بمال عام يكون تابعا له(2).
وأعمال هذا المبدأ موقوف بترخيص المال للنفع العام ومن ثم لا يجوز تملك هذا المال بالتقادم إلا إذا زال تخصيصه للمال العام، إذا بانتهاء التخصيص يدخل في نطاق المال الخاص، و أو يأخذ بالتالي حكمه وعندئذ يجوز تملكه بالتقادم المكتسب متى توافرت شرائطه القانونية(3).
وان مجرد تسامح أو إهمال الإدارة بتركها ارض تابعة لها خالية فأقام عليها أحد الأفراد منشات خاصة به ومجرد ترك الإدارة عن ذلك ليس من شانه أن يؤدي إلى زوال تخصيص هذا المال للنفع العام لان هذا الترك أو السكوت من جانب الإدارة لا يعد أن يكون من قبيل التسامح إن الإهمال الذي لا يصلح سندا بذاته للقول بزوال الصفة العامة عن المال العام.
ومما هو جدير بالذكر أن المشرع الجزائري قد كفل هذا الشق من الحماية على الأموال الخاصة المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك بالنسبة الأموال المؤسسات الخاصة ذات النفع العام وذلك في نص المادة 689 من القانون المدني الجزائري.
وفي الأخير نجد أن قاعدة عدم جواز تملك المال العام بالتقادم لها أهمية من الناحية العملية حيث أن الإدارة نادرا ما تتصرف بالبيع في المال العام، أما الأفراد فكثيرا ما يعتدون قصدا أو عن غير قصد على المال العام ويضعون يدهم عليه مدة طويلة إلا أن الإدارة تأتى وتسترده منه أعمالا لقاعدة عدم جواز ملكية هذا المال بالتقادم.
ولكن هذه القاعدة لا يسرى مفعولها إذا انتهى تخصيص المال للمنفعة العامة ويجوز في هذه الحالة تملكه بالتقادم.
و أخيرا أن الدفع بعد جواز تملك المال العام بالتقادم دفع مقصور على الإدارة وحدها دون الأفراد ولعلى ذلك إذا ثار نزاع بين شخصين على قطعة ارض دفع أحدهما بهدف استعادة دعوى الحيازة المرفوعة عليه بان هذا الأخير يحوز الأرض حيازة مؤقتة حيث أنها جزءا من المال العام ففي هذه الحالة ليس للقاضي أن يقبل هذا الدفع لان الإدارة فقط هي التي يكون لها أن تدفع بذلك.

المبحث الثاني : الحماية الجنائية للمال العام
المطلب الأول : جريمة الاختلاس وكيفية تصدي المشرع الجزائري لها
في هذا المطلب لن نقوم بتعريف جريمة الاختلاس و ذكر أركان قيامها لان الذي سنركز عليه في هذا المبحث هو العقوبات التي المشرع لحماية أموال الدولة من هذه الاعتداءات ، وهذا ما سيتم العمل به لاحقا في الجرائم التي سيتم ذكرها لاحقا .
فرع 1: المتابعة
لا تخضع المتابعة في هذا النوع من الجرائم إلي أي إجراءات خاصة ، ومع ذلك لا بد من الإشارة في الفقرة الثالثة من المادة 119 في صياغتها الجديدة علق تحريك الدعوى عندما يتعلق الأمر بالمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تملك الدولة كل راس مالها أو المؤسسات ذات الرأس المال المختلط على شكوى من أجهزة المؤسسة المعنية المنصوص عليها في القانون التجاري وفي القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية لدولة ، لكن المؤسسات العمومية الاقتصادية لم تعد معينة بحكم المادة 119 ق.ع لعدم ذكرها في الفقرة الثانية ضمن الأشخاص وهيأت التي ينطبق عليها هذا النص .
تجدر الإشارة إلى أن المشروع القانون لم يشترط أي شكوى من اجل مباشرة المتابعة القضائية على أساس المادة 119 قانون العقبات و إنما اشترطها في الجريمة الإهمال في التسيير حيث نصت الفقرة الثانية للمادة 119 مكرر المشروع على ما يأتي : "لا تتخذ الإجراءات المتابعة بالنسبة للمؤسسات العمومية الاقتصادية إلا بناءا على شكوى هيئات الرقابة " .
وبصرف النظر عن الملاحظات السالفة الذكر يثير تطبيق نص الفقرة الثالثة من المادة 119 وكذلك الفقرة الرابعة المرتبطة بها عدت تساؤلات يوردها في ما يلي :
1- علقت الفقرة الثالثة المتابعة القضائية عندما يتعلق الأمر بالمؤسسات العمومية الاقتصادية على شكوى أجهزة المؤسسة المعنية المنصوص عليها في القانون التجاري وفقا القانون المتعلق بسير رؤوس أموال التجارية للدولة .
وبالرجوع تعيين المجال إليها أي القانون المتعلق بسير رؤوس الأموال التجارية للدولة المؤرخ في 1995/9/25 الأمر رقم 25/95 الذي صدر في ظله القانون 2001/6/26 المعدل قانون العقوبات لم يعد سائرا بعد إلغاءه بموجب الأمر رقم 04/01 المؤرخ في 2001/8/20 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخصخصتها الذي حل محله .
2- مصير الدعوى في حالة سحب الشكوى : لم يتطرق نص المادة 119 إلى هذه المسألة في غياب نص صريح نعود إلى القواعد العامة وهي محددة في المادة 6 من ق.اج.ج.التي نصت في فقرتها الثالثة على ما يأتي : " تنقضي الدعوة العمومية في حالة سحب شكوى إذا كانت هذه شرطا لازما للمتابعة " .
3- مجال تطبيق الفقرة الرابعة من الكادة 119 نصت على تعرض أعضاء أجهزة الشركة الذين لا يبلغون عن الأفعال الإجرامية المنصوص عليها في المادة 119 للعقوبات المقررة في المادة 181 ق.ع لعدم البليغ عن الجناية ( الحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة من 1000 دج إلى 10000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين ) .
تطبيق هذه الفقرة إذا ما وصل إلى علم النيابة العامة سواء اثر تحريات الشرطة القضائية أو اثر بلاغ يتلقها من مندوب الحسابات الذي تلزمه المادة 715 مكرر 3 من القانون التجاري بإبلاغ وكيل الجمهورية عن أي جريمة يعانيها وقوع فعل من الأفعال التي تجرمها المادة 119 دون أن تبادر أجهزة المؤسسة إلى تقديم شكوى ، وقد يحصل التبليغ عن عضو من الأجهزة المؤسسة فهل تقتصر المائلة الجزائية في هذه الحالة على الأعضاء الآخرين دون العضو المبلغ ؟
4- مدى تطبيق الفقرة الرابعة من المادة 119 عل أجهزة المؤسسة في حالة سحب شكاواها : يثار التساؤل حول ما إذا كانت العقوبات المقررة لعدم البليغ عن الجناية المذكورة آنفا تطبق على أعضاء أجهزة المؤسسة الذين يقدمون شكاوى ثم يسحبونها ، لأخرى ما يبرز مسالة أعضاء المؤسسة في حالة تقديم الشكوى على أساس المادة 119 ثم سحبها ما دام المشرع قد خول لهم سراحت حق تحريك الدعوى العمومية بتقديم شكوى وبذلك يكون قد أجاز لهم ضمنيا حق سحب هذه الشكوى .
5- هل تؤدي إدانة أعضاء المؤسسة من اجل التبليغ على إحدى الأفعال المجرمة للمادة 119 إلى تحريك الدعوى العمومية تلقائيا من اجل الجريمة التي لم يبلغوا عنها ؟ الجواب يكون مبدئيا بنفي بان المشرع علق المتابع على الشكوى أجهزة المؤسسة . 1
وتبقى هذه التساؤلات نظريا محظى لا تخرج عن دائرة الاحتمال نظرا إلى كون استبعد أن تطبيق نص المادة 119 على المؤسسات العمومية الاقتصادية سواء كان رأس مالها كله ملك للدولة أو كانت ذات رأس مال مختلط .
فرع 2 : الجزاء
أ‌- العقوبات الأصلية :
يدرج المشرع في تحددي العقوبات حسب القيمة المادية للمال موضع جريمة الاختلاس تكون جريمة جنحة أو جناية حسب قيمة الأشياء المتخاصمة أو المبددة أو المحتجزة بحيث تكون العقوبات جنحة إذ كانت قيمة المال محل الجريمة اقل من 5000000 دج وجنائيا إذ ما عادلة هذه البلغ أو جاوزته ، تكون الجريمة جنحة إذا كانت قيم الأشياء محل الجريمة اقل من 5000000 دج وتكون العقوبة على نحو التالي :
- الحبس من سنة إلى 5 سنوات إذ كانت قيمة محل الجريمة اقل من 1000000 دج
- الحبس من سنتين إلى 10 سنوات إذا كانت هذه القيمة تعادل أو تفوق مبلغ 1000000 دج وتقل عن 5000000 دج .
تكون الجريمة جناية إذ كانت قيمة الأشياء محل الجريمة تعادل أو تفوق 5000000 دج وتكون العقوبة على النحو الآتي
- الحبس المؤقت من 10 إلى 20 سنة إذ كانت قيمة المال المختلس تعادل أو تفوق 5000000 دج وتقا عن 10000000 دج .
- السجن المؤبد إذا كانت قيمة المال المختلس تعادل مبلغ 10000000 دج أو تفوقه وعىوة عن الحبس أو السجن يعاقب الجاني في كل الأحوال سواء كانت الجريمة جنائية أو جنحة بغرامة من 50000دج إلى 4000000دج وهي عقوبة استحدثها رقم 09/01.
ويجدر الإشارة إلى أن المادة 119 كانت قبل تعديلها بموجب القانون رقم 09/01 المؤرخ في 2001/1/26 تعاقب على الجريمة بالإعدام إذا كان الاختلاس أو التبديد أو التحويل من طبيعتها أن تضر بمصالح الوطن العليا .
وحسنا ما فعل المشرع عن ما أبقى هذه الفقرة نظرا لما يكتنف عبارة " الأضرار بالمصالح الوطن العليا " من الغموض لا يتلاءم والدقة التي يتطلبها الجزائي بوجه عام والقانون الجزائي الخاص بوجه خاص 1
ب- العقوبات التكميلية :
فضلا عن العقوبات السالبة للحرية إضافة القانون رقم 15/90 المؤرخ في 1990/7/14 المعدل والمتمم لقانون العقوبات عقوبة تكميلية تتمثل في مصادرة الأشياء التي استعملت أو كانت تستعمل في تنفيذ الجريمة التي تحصلت منها وكذلك الهبات أو المنافع الأخرى التي استعملت مكافئة مرتكب الجريمة وكل ذلك مع الاحتفاظ بحقوق الغير حسب النية ( م 15 مكرر ق.ع.) .
المطلب الثاني : جريمة الرشوة وكيفية تصدي المشرع الجزائري لها :
أخذ المشرع الجزائري تنظيم وحدة الرشوة على غرار المشرع الفرنسي يقوم على أن الرشوة شمل جريمتين مستقلتين متميزتين :
فرع : جزاء الرشوة السلبية :
أ – العقوبات الأصلية : يميز المشرع الجزائري من حيث العقوبات الأصلية حسب صفة الجاري ومنصبه من السلطة العمومية على النحو الآتي:
أ-1- تكون الجريمة جنحة :
• إذ كان المرتشي عاملا أو مستخدما تكون العقوبة الحبس من سنة إلى خمسة وغرامة مالية من 500دج إلى 50000 دج ( المادة 127ق ع)1
• إذ كان المرتشي ينتمي إلى أحد الفئات الآتية المنصوص عليها في المادة 126 ق.ع : موظف أو منتخب ، خبير أو محكم ، عضو محلف أو عضو في جهة قضائية ، صليب أو ما شابه تكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشرة سنوات وغرامة مالية من 500 دج إلى 50000دج( المادة126 ق.ع)2
• تكون الجريمة جناية في حالتين : وذلك منذ تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 15-90 المؤرخ في 24 جويلية 1940 الذي استحدثي المادة 126 تكرر لهذا الغرض
• إذ كان المرتشي كانت ضبط بجهة قضائية تكون العقوبة بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات وغرامة من 3000دج إلى 30000دج ( المادة 126 مكرر 2)
• إذ كان المرتشي قاضيا تكون العقبة من 5 إلى 20 سنة وغرامة من 3000دج إلى 30000 دج ( المادة 126 مكرر 1) .
ب- العقوبات التكميلية : وتتمثل من الحرمان من الحقوق الوطنية المادة 134 الصادر الخاصة 33 .
ب-1- الحرمان من الحقوق الوطنية وهي عقوبة جزائية تطبق حصريا في الجنح ويكون الحرمان من حق أو اكثر من مدة سنة إلى خمسة سنوات .
ب-2- المصادر الخاصة : وهي عقوبة إجبارية تتمثل في مصادرة الأشياء التي سلها الراشي على سبيل الرشوة .
وتطبيق العقوبات المقررة للمرتشي سوى آدت الرشوة إلى النتيجة المرجوة أو خاب أثرها .
ج- الظروف المستندة تغلظ العقوبات في حالتين :
ج-1- إذ كان الغرض من الرشوة أداء فعل يصفه القانون جناية وفي هذه الحالة تطبق على الرشوة العقوبة ذاتها المقرر لهذه الجناية ( المادة 130 ق.ع) .
ج-2- إذا ترتب على الرشوة قاضي أو محلف أو عضو هيأة قضائية صدور عقوبة حكم جناية ضد أحد المتهمين وفي هذه الحالة تطبق هذه العقوبة على مرتكب الرشوة (131) .
فرع 2 : جزاء الرشوة الإيجابية :
تعاقب المادة 129 الراشي بنفس العقوبات المقررة للمرتشي في المادتين 126 و 127ق.ع سواء عقوبات أصلية أو تكميلية وهي العقوبات التي سبق لنا ذكرها في الفرع السابق .
كما تغاض عقوبتها حالة نواحي الظروف المشددة النقررة للمرتشي في المادتين 127 و 126 ق ع ونظرا لصعوبة إثبات جريمة الرشوة تلجأ بعض التشريعات إلى إقرار إعفاء الراشي من العقوبة وهكذا نصت المادة 107 مكرر من قانون العقوبات المصري على أن يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذ اخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها أمام جهات الحكم أو التحقيق .
و تجدر الإشارة إلى انه من الجائز الفعل بين جريمة الراشي وجريمة المرتشي مما يسمح بعدم متابعة الراشي والمرتشي في وقت واحد وعلى هذا الأساس قضى بأنه لا يمكن لا حد الفاعلين أن يعرقل ممارسة الدعوى بإلحاحه على متابعة الفاعل أخر في وقت واحد معه .
المطلب الثالث : الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية وتصدي المشرع الجنائي الجزائري لها.
تأخذ الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية المنصوص عليها في المادتين 128 مكررة ق 128 مكرر1ثلاث صور وهي :
- إبرام عقد أو صفقة أو التأشير عليها أو مراجعة ظرف للأحكام التشريعية الجاري بها العمل بغرض إعطاء التزامات غير مبررة للغير وهي جنحة المحاباة .
- قبض أجرة أو فائدة بمناسبة التحضير أو إجراء مفاوضا تقصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد باسم الدولة أو إحدى الهيأة التابعة لها .
- استغلال النقود للحصول على منفعة أو فائدة عند إبرام عقد أو صفقة مع الدولة او إحدى الهيأة التابعة لها وسيقتصر بحثنا هنا على النوعين الأوليين من الجرائم وكانت هذه الأعمال قبل التعديل قانون العقوبات بموجب القانون 09/01 المؤرخ في 2001/6/21 منصوص عليها في المادتين 423 المكرر2
فرع 1: صبغة المحاباة :
وتطبق هذه الجنحة على عمليات معينة وعلى فئة من المتعاملين تم تحديدها في المرسوم الرأسي رقم 250/2 المؤرخ في 2002/7/24 المتعلق بالصفقات العمومية تعرض عليها فيما يأتي : 1- العمليات المعنية " العقد – الاتفاقية – الصفقة – الملحق "
2- المتعاملون المعنيون بهذه الصفقة .
والمهم أن هذه الجريمة تخضع لنفس الجزاء المقرر للرشوة .
أ‌- العقوبات الأصلية :
تعاقب المادة 128 مكرر على هذا الفعل بالحبس من سنتين إلى عشرة سنوات وبغرامة من 5000000-500000 دج أي نفس العقوبة المقررة للرشوة.
ب‌- العقوبات التكميلية :
وتتمثل في الحرمان من الحقوق الوطني م 134 و المصادرة الخاصة ( م133 ).
ب- -1 الحرمان من الحقوق الوطنية وهي عقوبة جوازيه تتمثل في الحرمان من حق أو اكثر لمدة سنة أو خمسة سنوات.
ب- -2 المصادرة الخاصة : وهي عقوبة إجبارية تتمثل في مصادرة الأشياء التي تسلمها المستفيد من الجريمة.
وتطبق هذه العقوبات سواء على الجريمة أو الشروع في ارتكابها وبخصوص الشروع ففي فرنسا بان إلغاء الصفقة اثر الملاحظات التي آداها محافظ الولاية بمناسبة مراقبة الشريعة لا يؤثر في شئ في توافر نية ارتكاب الجريمة إذ توقف تنفيذ الصفقة بفضل يقظة الإدارة الولائية وليس صاحب المشروع.
الفرع الثاني : قبض فائدة من الصفقات العمومية
وهو الفعل الذي تعاقب عليه المادة 128 مكرر 1 بالسحن المؤقت من 05 إلى 20 سنة وبغرامة مالية من 100000 إلى 5000000 دج وتطبق نفس العقوبة على الشروع في الجريمة فسواء قبض الجاني الأجرة أو الفائدة أو حاول قبضها وخاب أثرها لسبب خارج عن إرادته.
مراحل التعديلات في شان المال العام :
نظم المشرع الجزائري في القانون رقم 156-66 المؤرخ في 8 يونيو 1966 في شان قانون العقوبات القواعد الجنائية لحماية المال العان و ذلك من اجل توفير حماية قانونية للذمة المالية الدولية ، ونتيجة للتطور الذي شهدته الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في الجزائر ورد على القواعد الجنائية لحماية المال العام عدة تعديلات نجملها في الآتي :
التعديل الأول :
تم التعديل الأول لقواعد حماية المال العام بالقانون رقم 47-75 المؤرخ في 17 يونيو 1975 وكانت الغاية المستهدفة من هذا التعديل استكمال اوجه النقض والقصور التي ظهرت عند التطبيق العملي لهذه القواعد و التشديد العقاب لمواكبة التطورات التي طرأت على فكرة المال العام و القضاء على الفساد الذي يتفشى في غياب بعض القواعد ولذلك تم إلغاء كل المواد التي تضمنها القانون السابق وحلت محلها المواد الأخرى لمسايرة الظروف و التطورات التي كانت سائدة.
التعديل الثاني :
نتيجة التطور الفكر و المذهبي الذي شهدته الجزائر في بداية الثمانينات خاصة و أن الدولة أخذت بالفكر الاشتراكي خاصة في المجال الاقتصادي و السياسي ، حاء التعديل الثاني لحماية المال العامل من الناحية الجنائية في ضوء هذه الأفكار و تطورات الجديدة و ذلك بالقانون رقم 04-82 المؤرخ في 18 فبراير 1982 وذلك بهدف تحقيق الانسجام مع النظام الاقتصادي و الاجتماعي الذي يسود الدولة في تلك الفترة و تعاظم دور الدولة في الحياة الاقتصادية لكون أن القطاع العام هو صاحب الدور الرئيسي في النشاط الاقتصادي.
وأمام هذه الحقائق كان يجب على المشرع الجنائي أن يقوم بتوسيع دائرة الحماية الجنائي الأموال الدولة في ظل المفهوم الجديد حيث ساهمت المؤسسات العامة و الشركات العامة و الجمعيات التعاونية في الحياة الاقتصادية و اصبح دورها مؤثرا في هذه الاتجاهات و التوجهات الاقتصادية للدولة ولكون أموال هذه المؤسسات و الجمعيات ترتبط بالاقتصاد القومي الذي تباشره الدولة و باستقراء نصوص هذا التعديل بين أن المشرع إضافة إلى أحكام ألا لحماية الجنائية للمال العام نص المواد 127-126 من القانون المذكور سابقا و استحدث جريمة الرشوة واستغلال النفوذ.
التعديل الثالث :
جاء التعديل الثالث في شان الحماية الجنائية في المال العام بموجب القانون رقم 09-01 المؤرخ في 2001/06/26 وتضمن هذا التعديل الآتي :
- جرائم الصفقات العمومية سواء بالمحاباة او اخذ منفعة جراء ذلك المادة 182 مكرر 2،1 .
- استعمال أموال الدولة وممتلكاتها لأغراض شخصية المادة 119 مكرر.
- سرقة أو اختلاس أو إتلاف أو ضياع أموال عمومية المادة 119 مكرر.

الخاتمة :
ومما سبق التطرق إليه في محاور مذكرتنا حول نظام القانون للمال العام وللحماية الجنائية له وما أورده المشرع الجزائري من عقوبات سواء أصلية أو تكميلية لهذه الأنواع من الجرائم الواقعة على المال العام على سبيل المثال لا الحصر يتأكد لنا بان وسائل الحماية للمال العام متوفرة من خلال وجود نصوص قانونية رادعة سواء كانت الجريمة جنحة أو جناية ولكن الخلل يكمن في نقص أو بالأحرى ضعف الرقابة الدورية على المال العام من طرف جهات أو هيئات مختصة يكون دورها فعال بالمقارنة مع العقوبات المقررة في القانون المختص بذلك وهو قانون العقوبات كالبنوك ومراكز البريد و المؤسسات العمومية وغيرها ذات الذمة المالية لابد لها من هيئات متمثلة في خبراء ومختصين بمراجعة الحسابات وكشفها بالتنسيق و التعاون التام بين مسؤول هذه المؤسسات المالية بصفة دورية ويكون دور هذه الهيئات إعداد التقارير وإرسالها إلى الجهات المختصة من اجل اتخاذ التدابير اللازمة في حال وجود ثغرات مالية أو عجز بسبب تحويل الأموال العامة لحسابات شخصية خاصة.
ذكرنا في الفصل الأخير للجرائم الواقعة على المال العام و الذي تناولنا فيه كل من جريمة الرشوة، الاختلاس ، و جرائم الصفقات العمومية ما هي إلا عينة على جرائم كثيرة الواقعة على المال العام ونذكر منها إحداث الضرر بالمال العام ، التربح من المال العام، إتلاف المال العام، التهرب و الغش الضريبي، إهمال المال العام وغيرها من الجرائم.
لهذه الأسباب كان لزاما على المشرع الجزائري الجنائي اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة من وقع الجريمة مهاما كان نوعها وهذا بتفعيل دور بعض الهيئات كالشرطة القضائية والنيابة العامة برفع القيود على المتابعة القضائية من خلال إلغاء و وجوبيه الشكوى ضد المؤسسات المعنية، كذلك تشديد العقوبة في حالة وقوع الجريمة وعدم استفادة الجاني من أي ظرف من ظروف التخفيف لان هذا النوع من الجرائم فيه مساس كبير للاقتصاد الوطني و أمن الدولة .