منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دراسة واقع جودة الخدمات في بنك البركة الإسلامي (وكالة عنابة)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-06, 19:32   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني: تعريف جودة الخدمات البنكية الإسلامية

ظهرت التعاريف المتنوعة لجودة الخدمة في عام 1988 نتيجة اتساع فجوة العلاقة بين الزبائن ومنظماتهم، لذلك تم التأكد على أهمية تواريخ تسليم السلع والخدمات من قبل المصارف، وظهرت برامج تحسين الجودة استجابة لهذا الموقف بهدف التغلب على الحواجز الوظائفية، وبناء قاعدة خدمية متميزة وإقامة نظام مناسب للجوائز والاعتراف بالقيم المحددة من قبل الزبون، وتوليد و إيجاد معارف تنظيمية خاصة بكل زبون يتعامل مع المصرف، والتأكيد على زيادة المعرفة التنظيمية المصرفية، ومعرفة قيم واتجاهات وتوقعات الزبائن بشكل صحيح، وضمان السرعة في الممارسات الإدارية المصرفية، إلى جانب إيجاد ثقافة خدمة مقادة بالزبون، وتدريب أفراد المصرف على طرائق التعامل مع الزبائن.
وعلى الرغم من صعوبة وضع تعريف لجودة الخدمة المصرفية، فانه يجب على الإدارة أن تتفهم أن الجودة تحدد بواسطة الزبون وليس بواسطة المصرف مقدم الخدمة، وأن الجودة التي لا تقابل توقعات الزبون يمكن أن تؤدي إلى خسارة مجموعة من الزبائن والفشل في جذب زبائن جدد1.
ومن هنا اعتبرHerbig, Paul : 2003 أنه يجب على المسوقين المصرفيين، أن يشيروا إلى الحدود الثقافية لجودة الخدمة المصرفية، التي يقدمونها نظرا لأن الثقافة تقف عاملا مقيدا لعلاقة جودة الخدمة برضا الزبون، وهذا العامل المقيد يختلف بشكل مهم بين الثقافات المتنوعة.
ويشير تعريف Iyer, Jayarman : 1997 إلى طبيعة تسليم الخدمة المصرفية، التي يقدمها المصرف كما هي موصوفة في مجموعة مؤشرات، مثل عرض الخدمة المنجزة وتأخر وصول الخدمة ومعدل خسارتها.
ومن التعاريف الأخرى التي وصفت بها جودة الخدمة أنها:"معيار لدرجة تطابق الأداء الفعلي للخدمة مع توقعات الزبائن لها، أي أنها الفرق بين توقعات وادراكات الزبائن للأداء الفعلي لها". أي أنها قيام المصرف بتصميم وتسليم خدماته بشكل صحيح من المرة الأولى، وإذا حدث خطأ ما فيمكن التغلب عليه ومواجهته بسرعة بحيث لا يتأثر مفهوم جودة الخدمة المصرفية في أذهان الزبائن.
ومن أشهر البحوث التي تمت على جودة الخدمات المصرفية بحث لـ Shanmugam :2003 Vijayan,P.&Bala تم مناقشة تقييم جودة الخدمة للأعمال المصرفية عبر شبكة الإنترنت في ماليزيا، حيث ركز على دراسة مواقع المعاملات للمصارف الخمسة القائدة في ماليزيا، وقدمت هذه الدراسة نموذجا للأعمال المصرفية الالكترونية، وفحصت أدائها عن طريق مجموعة من الأسئلة مؤلفة من أربعين سؤالا أعدت بشكل خاص لتنفيد هذا البحث، وثم تصنيف اثنين من المصارف الخمسة المدروسة في فئة الأربع نجوم، والثلاثة الأخرى من فئة الثلاث النجوم.

الفرع الثالث: أهمية جودة الخدمات البنكية الإسلامية

تدل نتائج العديد من الدراسات على أن جودة الخدمة، تعتبر احد المداخل الأساسية لتحسين أداء البنك الإسلامي، وتحقيق ميزة تنافسية تمكنه من تعزيز مكانته السوقية، وتضمن بقائه واستمراره، وتُتيح له إمكانية التوسع في أسواق أخرى مستقبلية، ويكون ذلك من خلال:

الحفاظ على العملاء الحاليين وتوسيع نطاق التعامل، فارتفاع مستوى الخدمة المقدمة للعميل، بشكل يتوافق مع احتياجاته ويقابل توقعاته، يجعله راض عن البنك، ويستمر في التعامل معه، بل قد يزيد نطاق هذا التعامل بشراء خدمات أخرى متنوعة لنفس البنك، بمعنى كسب ولاء العميل ووفائه للبنك ومختلف الخدمات التي يعرضها.
جذب زبائن، حيث يتطلب من البنك تقديم خدمات ملائمة لرغبات العملاء، ذلك من اجل إشباع رغبات وحاجات عملائه الدائمين، وكذلك التأثير من خلالهم على العملاء المستقبليين في السوق (الكلمة المنقولة)2.
حيث أكدت نتائج العديد من الدراسات على أنّ: "العميل الراضي يستطيع أن يجذب خمسة عملاء آخرين للتعامل مع البنك، دون أن تكون هناك جهودا ترويجية لهذه الأخيرة".
تحسين الأداء المالي للبنك، وذلك بزيادة المبيعات نتيجة توسيع نطاق التعامل مع العملاء الحاليين واستقطاب عملاء جدد هذا من جهة، وتخفيض التكاليف الناجمة عن تصحيح الأخطاء الممكن حدوثها في العمل، وتوفير تكاليف البحث عن عملاء جدد، وبالتالي تخفيض ميزانية الترويج، فالعميل الحالي أقل تكلفة وأكثر ربحية ومصدر لعملاء آخرين3.


المطلب الثاني: أبعاد ومعايير جودة الخدمات البنكية

يتضمن تقديم الخدمة عادة عناصر ملموسة و أخرى غير ملموسة، لذلك هناك محاولات عديدة لتحديد أبعاد الجودة ومعاييرها في مجال الخدمات.

الفرع الأول: أبعاد جودة الخدمات البنكية

يرى البعض أن لجودة الخدمة بعدان اثنان، هما:
1) الجودة الفنية:
تشير إلى جوانب الخدمة الكمية (المادية) بمعنى الجوانب التي يمكن التعبير عنها بشكل كمي.
2) الجودة الوظيفية:
تشير إلى الكيفية التي يتم بتا تقديم الخدمة، وما يدور أثناء التفاعل بين مقدم الخدمة والعميل والتي قد يشار إليها بلحظات الصدق.
وفي تصنيف آخر لأبعاد جودة الخدمة، فقد تّم التمييز بين:
أ- جودة العمليات: هي عبارة عن جودة الخدمة التي يحكم عليها العميل أثناء أداء الخدمة.
ب- جودة المخرجات: تشير إلى ما يتلقاه العميل نتيجة لتعامله مع البنك .
ويُميز بعض الكتاب بين ثلاثة أبعاد أساسية لجودة الخدمة:
ج- الجودة المادية: تتعلق بالبيئة المحيطة بتقديم الخدمة.
د- الجودة التفاعلية: تمثل ناتج عمليات التفاعل بين موظفي المكاتب الأمامية للبنك والعملاء.
ه- جودة الشركة: ترتبط بصورة البنك والانطباع العام عنها.




بناءا على ما سبق فإنّ الجودة في مجال الخدمات يُمكن أن تتضمن الأبعاد التالية:
1) البعد المادي:
يتعلق بالبيئة التي تقدم فيها الخدمة البنكية ويشمل عدة عناصر، مثل: موقع البنك، مظهرها الخارجي، تصميمه الداخلي وأماكن تقديم الخدمة...الخ، مستوى التكنولوجيا المستخدمة، مظهر العاملين، أنظمة وإجراءات التعامل، اللوحات الإرشادية.
2) البعد الوظيفي:
يتمثل في طريقة التعامل وأسلوب تقديم الخدمة للعميل، وهو نتيجة لتفاعل عدّة عناصر منها:
- حسن المعاملة لتوطيد العلاقة مع العميل وتجنب خسارته.
- حسن الاستماع وإظهار الاهتمام به.
- الكفاءات والقدرات ومهارات التعامل اللازمة.
- فهم ومعرفة العميل.
- العلاقات الشخصية .
3) الصورة الذهنية:
تشير إلى الكيفية التي يدرك بتا العميل البنك، والتي تتأثر بكل من الجودة الفنية والجودة الوظيفية لخدمات البنوك والتي تؤثر في النهاية على إدراك العملاء لجودة الخدمات المقدمة .

الفرع الثاني: معايير جودة الخدمات البنكية

تتسم المهمة بالصعوبة فيجب على البنوك البحث عن الطرق والوسائل، لتطوير وتحسين جودة الخدمة التي تتلاءم مع توقعات العملاء وتلبي حاجاتهم، فالخدمة الجيدة من وجهة نظر العملاء هي التي تتفق وتتطابق مع توقعاتهم، لذلك على البنك الذي يحرص على تلبية هذه التوقعات، أن يتعرف على المعايير التي يلجا إليها العملاء للحكم على جودة الخدمة المقدمة إليهم، وعلى إمكانية تلبية هذه التوقعات.
ولأن تقديم الخدمة يتضمن عناصر ملموسة وأخرى غير ملموسة، فلا يوجد اتفاق بين الباحثين حول المعايير أو الجوانب التي تحدد مستوى جودة الخدمة، فقد وصل (Parasuroman & Al, 1985) إلى تطوير معايير أساسية للجودة، وهي التي تحدد جودة الخدمة وفقا لإدراك العملاء، والتي تم تحديدها على النحو التالي:
1) الاعتمادية (Reliability):
تنطلق من الفكرة التي قدمها Berry et Al, 1990)) والتي تنص على فعل الشيء بطريقة صحيحة من أول مرة " Do it – Right. First "، وهو موقف يبحث عنه كل من المستهلك وصاحب الخدمة، وتشير الاعتمادية إلى قدرة مقدم الخدمة على أداء الخدمة التي وعد بها بشكل يمكن من الاعتماد عليه، وأيضا بدرجة عالية من الصحة والدقة، فالعميل يتوقع أن تقدم له خدمة دقيقة من حيث الالتزام بالوقت والأداء تماما مثلما تم وعده، وان يعتمد على وقدم الخدمة من هذه الناحية بالذات .
2) الاستجابة (Responsiveness):
يُقصد بها الرغبة في مساعدة العميل وتمكينه من استلام الخدمة المناسبة في الوقت المناسب. وأهم مؤشراتها: سرعة إنهاء المعاملة، الرد على الاستفسارات والأسئلة، تعدد منافذ الحصول على الخدمة...الخ.
3) الكفاءة أو القدرة (Competence):
تعني امتلاك الأفراد مقدمي الخدمة للقدرات التي تمكنهم من تقديم خدمة متميزة للعملاء، فكفاءة المنظمة يجب أن تتمحور حول عاملين هما: التنظيم في البنك وأفراد الواجهة، فالعميل عادة ما يلجأ إلى معايير كالشهادات العلمية ومصادرها، والخبرات العلمية ومواقفها، فقد يفضل بعض العملاء تلقي خدماتهم من أشخاص ذوي مستويات تعليمية عالية، ومن مصادر معتمدة رسميا3.
4) إمكانية الوصول (Access):
تتعلق بمدى قدرة ومحاولة البنك الإجابة على الأسئلة التالية، ومعرفة مدة أهميتها من وجهة نظر العملاء المستفيدين والمستهدفين:
- هل الخدمة تتوفر في الوقت الذي يريده العميل ؟.
- هل الخدمة متوفرة في المكان الذي يرغبه العميل ؟.
- هل سيحصل العميل على الخدمة متى طلبها؟.
- كم من الوقت يحتاج العميل لانتظار الحصول عليها ؟.
- هل من السهل الوصول إلى مكان تلقي الخدمة ؟ 4.
5) اللباقة (Courtesy):
يرتبط رضا الزبون بشكل كبير بالتفاعلات مع مقدم الخدمة، فإن كلا من المظهر والسلوك الناتج عن موظفي الخدمة له تأثير ايجابي أو سلبي على أحكام المستهلكين على جودة الخدمة، ويشمل ذلك: حسن التعامل والالتزام، الاحترام والأدب، وإظهار مشاعر الود والصداقة للعميل، وتأكيدا لأهمية هذا الجانب، يقول احد الخبراء:" إن العملاء لا يهتمون بمضمون خططك أو سياستك بقدر ما يهتمون بالطريقة التي تعاملهم بها، وان مجرد كلمة ( شكرا ) قد تكون أفضل من عشر إعلانات لتحقيق الانطباع الذهني الايجابي لدى العميل".
6) الأمان (Security):
يُستخدم كمؤشر يعبر عن درجة الشعور بالأمان والثقة في الخدمة المقدمة ومن يقدمها، أي يتعلق بمدى المخاطر المدركة لنتائج تلقي الخدمة من هذا البنك أو من مقدمها أو كلاهما.
7) الاتصال (Communication): يتعلق بـ:
- قدرة مقدم الخدمة على شرح خصائص الخدمة للعميل، والدور الذي يجب على العميل أن يلعبه للحصول على الخدمة المطلوبة ؟.
- هل تم إعلام العميل بالشكل الكامل عما يجب عليه القيام به ؟.
- هل تم إعلام وتثقيف العميل عن الأضرار التي يمكن أن تلحق به إذا لم يلتزم بما هو مطلوب منه؟.
- هل تم إعلام العميل عن أي أعطال أو مشاكل يمكن أن تحدث عند تقديم الخدمة؟. وكيف يمكن تجنبها؟.
- هل تم التأكد من أن العميل قد فهم ما هو مطلوب منه ؟.
- هل كانت عملية الاتصال واضحة ؟.
- هل استخدمت طريقة اتصال ملائمة للغرض المطلوب إيصاله ومناسبة لثقافة العميل؟.
- هل الرسالة واضحة وبلغت بطريقة مناسبة ؟ .
8) فهم المستهلك (Understanding the Customer):
يعتمد هذا المعيار بشكل كبير على التسويق العلائقي، حيث يشير إلى مدى مقدرة مقدم الخدمة على تحديد وتفهم احتياجات العملاء وتزويدهم بالرعاية والعناية الكافية، وذلك بفهم حاجاتهم ورغباتهم المتعلقة بالجوانب المالية، السلوكية والعاطفية .
ومثال ذلك:
كم من الوقت والجهد الذي يحتاجه مقدم الخدمة حتى يتعرف على حاجات العميل
ويدركها ؟.
ما مدى تفهم مقدم الخدمة لمشاعر العميل وتعاطفه مع مشكلته ؟3.

9) المصداقية (Credibility):
تؤكد الدراسات الحديثة، أن المصداقية هي جزء من الصورة الكلية للبنك، وتلعب دورا هاما في التأثير على مواقف وعواطف الشراء، وتعني المصداقية توافر درجة عالية من الثقة في مقدمي الخدمة من خلال مراعاة مصالح واحتياجات العملاء .
10) الملموسية (Tangible Consideration):
تشمل المظهر الخارجي للمعدات والأفراد ومواد ووسائل الاتصال.
ومثالنا في ذلك نطرحه من خلال الأسئلة التالية:
- هل التكنولوجيا المستخدمة في تقديم الخدمة حديثة ؟.
- هل المظهر الداخلي وتصميم المحل وديكوره يخلق جوا مريحا للعمل ؟.
- هل المظهر الشخصي للعاملين يعكس جودة الخدمة المقدمة للعميل ؟.
كلها أسئلة تحتاج الرد عليها قبل التكلم على الجودة في البنك .
لقد قدم البحث الذي قام به (Zeithaml et Al, 1990) الطريق لتخفيض هذه المعايير إلى خمسة معايير فقط، فمن خلال الاستجوابات مع حوالي 2000 مستهلك في شكل بحوث المجموعات (Focus Group)تم التوصل إلى خمسة معايير للنوعية هي: الاعتمادية، الاستجابة، الأمان، التعاطف، والملموسية، كما أظهرت الدراسة أن هذه المعايير ينظر المستهلك لها وفق سلم أولويات، كما توصلت الدراسة وفقا لسلم مكون من مئة (100) نقطة إلى أن أوزان هذه المعايير مختلفة، فوزن الاعتمادية هو (32)، الاستجابة (22)، الأمان (19)، التعاطف (16)، والملموسية (11) .



المطلب الثالث: إدارة الجودة الشاملة

تأخذ فلسفة إدارة الجودة الشاملة فلسفة إدارية حديثة، شكلا أو نظاما إداريا شاملا، قائما على أساس إحداث تغييرات ايجابية جذرية لكل شيء داخل البنك، بحيث تشمل هذه التغييرات: الفكر، السلوك، القيم، المعتقدات التنظيمية، المفاهيم، الإدارية، نمط القيادة الإدارية، نظم وإجراءات العمل والأداء...الخ، وذلك من اجل تحسين وتطوير مكونات البنك كلها، للوصول إلى أعلى جودة في مخرجاتها ( سلع أو خدمات) وبأقل تكلفة، وبهدف تحقيق أعلى درجة من الرضا، لدى أبنائها، عن طريق إشباع حاجاتهم ورغباتهم، وفق ما يتوقعونه.

الفرع الأول: تعريف إدارة الجودة الشاملة

عرفها كوستين بأنها:" نظام مستمر لتحسين المنتجات والخدمات لإحراز رضا الزبون وقناعته، من خلال إشراك كافة العاملين في البنك في الحرص على الجودة، وتطبيق المنهج الكمي لبلوغ التحسين المستمر لخدمات ومنتجات البنك".
وتم تعريفها أيضا أنها:" مدخل إداري يسعى إلى إحداث تغيير جذري في الثقافة التنظيمية داخل البنك وتحويلها من الأسلوب الإداري التقليدي إلى الأسلوب الحديث، الذي يخدم تحقيق مستوى جودة عالية للخدمة المقدمة" .
أما معهد الإدارة الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية فقد عرفها بأنها:" تأدية العمل على النحو الصحيح، من الوهلة الأولى، لتحقيق الجودة المرجوة بشكل أفضل وفاعلية اكبر، في اقصر وقت ممكن، مع الاعتماد على التقويم المستمر للمستفيدين من خدمات البنك لمعرفة مدى تحسين الأداء".
كما عُرفت إدارة الجودة الشاملة بأنها عبارة عن:" احترام العميل والعمل على إرضائه وإشباع رغباته المعلنة والمفترضة، من خلال تقديم خدمات ذات نوعية عالية في الوقت الملائم بهدف تقليص معدلات شكاوي العملاء والتطوير المستمر في الخدمات"3.

ويعتبرها هتشينز G.Hutchins:" كمدخل لإدارة البنك الذي يرتكز على الجودة ويبنى على مشاركة جميع أعضاء البنك، ويستهدف النجاح طويل المدى من خلال إرضاء العميل وتحقيق منافع للعاملين في البنك والمجتمع".
كما عرفها ستيفن ورونالد براند (Steven Kohen et Ronald Brand) بأنها:" التطوير والمحافظة على إمكانيات البنك من اجل تحسين الجودة وبشكل مستمر، والإيفاء بمتطلبات العميل وتجاوزها"1.
من التعريفات السابقة الذكر، يمكن استخلاص النقاط التالية:
- إدارة الجودة الشاملة هي عملية متكاملة تشمل كافة الأنشطة والوظائف على شكل سلسلة، بحيث أي خلل في هذه السلسلة يعبر عن نقطة ضعف تؤثر في جودة الخدمة.
- إدارة الجودة الشاملة هي جانب فكري فلسفي أساسه التعاون المشترك بين أعضاء البنك، لضمان إرضاء المستهلكين والحصول على وفائهم للبنك.
- إدارة الجودة الشاملة تبحث عن الفاعلية في الأداء من خلال مشاركة الأفراد في عملية التحسين والتطوير.

الفرع الثاني: مبادئ إدارة الجودة الشاملة

تستخدم البنوك تستخدم مصطلحات مختلفة من اجل الإشارة إلى أسلوبها في إدارة الجودة، إلا أن تلك البنوك تتفق إلى حد كبير على مبادئ عامة لإدارة الجودة الشاملة.
ويمكن حصر هذه المبادئ فيما يلي:
1) التميز:
تأخد البنوك رغبات العملاء وتوقعاتهم على شكل معلومات مرتدة، وذلك بهدف تقديم خدمات تناسب رغبات وتوقعات العملاء، بحيث تصمم خططها واستراتيجياتها بالشكل الذي يحقق ذلك، وهذا الأمر سيجعل البنوك تضع رغبات العملاء على رأس أولوياتها، وتحول بالتالي من الأسلوب التقليدي للإدارة إلى المشاركة الفعالة لكل الأفراد العاملين2.
2) التحسين المستمر:
يتطلب من البنك التركيز على التحسين المستمر في كافة العمليات، التي يقوم بها وليس فقط في مرحلة معينة، أو على فترات متباعدة، وذلك يكون من اجل زيادة حصته في السوق، وخلق طلب جديد يسهم في تحسين وضعه التنافسي.
3) الرؤية المشتركة:
تكون الرؤية المشتركة لكل من العاملين والمدراء، كما يجب أن تكون واضحة وتمثل توجه محدد للبنك، بشكل يضمن التنسيق وتوحيد الجهود وتلاشي التكرار والتعارض في جهود العاملين1، وذلك من خلال ما يلي:
4) تمكين العاملين:
وذلك بالتأكيد على أهمية دورهم في تنشيط وتحقيق الأهداف النوعية للبنوك المعنية، وهذا يتطلب السعي الشامل في تحصين وصيانة القوى العاملة، والحصول على المهارات والكفاءات البشرية وتدريبها وتطويرها وتحفيزها والعناية بها باستمرار، بدأ بالاختيار والتعيين وتقييم الأداء وبرامج التدريب وأساليب التحفيز الفردي والجماعي وتشجيع العمل بروح الفريق الواحد، والمشاركة الذاتية وتحقيق سبل الولاء والانتماء للبنك وغيرها من الأبعاد الإنسانية التي يرتكن إليها البنوك المعاصرة في تحقيق أهدافها 2.
5) توطيد العلاقة مع الموردين:
خلق علاقة شراكة مع الموردين بما يجعل منهم امتداد للبنوك، يوفر لها العون والدعم لتحقيق أهدافها، من خلال توفير احتياجاتهم بالكم والنوع والتوقيت والسعر الملائم، بالإضافة إلى تبادل المعلومات والخبرات، ويرسي ذات المنطق على المورد الداخلي3.
6) المقارنة المرجعية:
تمثل عملية مستمرة ومتواصلة لقياس النتائج والعمليات ومقارنتها مع المنافسين، وهي تتطلب معايير وأدوات ووسائل للقياس والمقارنة والتفسير وتقترن بنظام للمعلومات وتوفير التغذية العكسية في البنك.
7) المعرفة بأدوات الجودة واستعمالها:
تعلم استخدام مجموعة من الأدوات والوسائل العلمية من قبل العاملين لقياس الجودة وتحسينها ولحل المشاكل، ومن هذه الوسائل: مخططات التدفق، المدرج التكراري، مخططات السيطرة الإحصائية، استمارة التأكد، وغيرها من الوسائل المستعملة لهذا الغرض.




8) المنظور الاستراتيجي للجودة:
تبني فلسفة إدارة الجودة الشاملة في التوجه الاستراتيجي البنك وفي الإستراتيجية لكل من البنك الرئيسي ووحدة الأعمال، والأنشطة الوظيفية، واعتماد التنفيذ الاستراتيجي والرقابة الإستراتيجية لضمان فاعلية التطبيق.

الفرع الثالث: أهداف إدارة الجودة الشاملة

يتضمن تطبيق إدارة الجودة الشاملة عدّة أهداف، من بينها:
• فهم حاجات ورغبات العميل لتحقيق ما يريده.
• توفير الخدمة وفق متطلبات العميل من حيث: الجودة والتكلفة والوقت والاستمرارية.
• التكيُّف مع المتغيرات التقنية والاقتصادية والاجتماعية بشكل يخدم الجودة المطلوبة.
• توقع احتياجات ورغبات العملاء في المستقبل وجعل ذلك عملا مستمرا.
• جذب المزيد من العملاء والمحافظة على العملاء الحاليين.
• التميُّز في الأداء عن طريق التطوير والتحسين المستمرين للخدمة، وجعل الكفاءة الإنتاجية بشكل عام عالية في ظل تخفيض التكلفة إلى أدنى حد ممكن، لكن ليست على حساب الجودة، بل من خلال ترشيد الإنفاق.

المبحث الثالث: سلوك العميل وجودة الخدمة البنكية الإسلامية.

يُنظر عادة إلى تقييم جودة الخدمة من وجهتي نظر، إحداهما داخلية تعبر عن موقف الإدارة ومدى التزامها بالمواصفات التي صُمّمت الخدمة على أساسها، أمّا وجهة النظر الخارجية فتركز على جودة الخدمة المدركة من قبل العملاء، وعلى اعتبار أنّ المفهوم التسويقي الحديث الذي يُصطلح عليه بـ: "التوجه بالعميل-Orientation client" ومعرفة حاجاته وتوقعاته، فإنّ تقييم الجودة يقوم على أساس ملاحظة العميل لخصائص الخدمة وأبعادها ومدى إدراكه لأدائها الفعلي، بمعنى الخدمة الكلية المدركة.

المطلب الأول: سلوك العميل البنكي

يسعى البنك الإسلامي لجعل عميله راضي عن الخدمات التي يقدمها له، وهذا يتطلب معرفة حاجات ورغبات العميل والعمل على إشباعها، ويعتبر دراسة سلوك العميل مهم بالنسبة للبنك الإسلامي لتحقيق الجودة في الخدمات، لأن عملية تحديد حاجات ورغبات العميل تتعلق بالسلوك الذي يتبعه، حيث يصعب في بعض الأحيان التكهن به، خاصة وان العميل يتأثر بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجي التي تأثر في القرار الشرائي.

الفرع الأول: تعريف سلوك العميل البنكي

تعددت التعاريف التي أعطيت لسلوك العميل بصفة عامة، بغض النظر إن كان القرار الشرائي متعلق بمنتج أو خدمة، حيث يعرف على انه:
"كافة التصرفات السلوكية التي يقوم بها المشتري فردا أو مؤسسة، وهو بصدد البحث عن السلع والخدمات لشرائها بقصد تحقيق المستوى المرغوب فيه من الإشباع".
"مجموعة من الإجراءات وان هذا السلوك لا نستطيع مشاهدته باستمرار وإنما يكون التعبير عنه فقط عند اتخاذ قرار الشراء" .
"ذلك التصرف الذي يبرزه المستهلك في البحث عن شراء أو استخدام السلع أو الخدمات أو الأفكار أو الخبرات، التي يتوقع أنها ستشبع رغباته أو حاجاته وحسب الإمكانيات الشرائية" .
من خلال التعاريف السابقة يمكن تعريف سلوك العميل في البنك الإسلامي على انه: " مجموعة من التصرفات التي يبديها العميل البنكي فردا أو مؤسسة قبل، أثناء، وبعد اتخاذ القرار الشرائي لخدمة أو مجموعة من الخدمات البنكية، والتي يسعى من خلالها إلى إشباع حاجاته ورغباته المالية".

الفرع الثاني:العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على سلوك العميل البنكي

يتأثر سلوك العميل بمجموعة من العوامل والتي اختلف الكثير من الكتاب في تصنيفها، إلا إننا سنعتمد التصنيف الذي يقسمها إلى عوامل داخلية وأخرى خارجية.
أولا: العوامل الخارجية:
1) العوامل الثقافية:
تتمثل في: الثقافة، الثقافة الفرعية، الطبقات الاجتماعية.
أ- الثقافة:
يطور الفرد سلوكياته منذ الولادة من خلال ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه، حيث تمثل تلك الثقافة المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة، المعتقدات، الفن، الأدب، الأخلاق، القوانين، الأعراف وكافة العادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع.
وتعبر الثقافة عاملا مهما يؤثر على العميل أثناء اتخاذه للقرار الشرائي، إذ تساهم في قبول أو رفض العميل التعامل مع البنك، وذلك على حساب ملائمة أو عدم ملائمة تلك الخدمات للثقافة التي يؤمن بها العميل.
ب- الثقافة الفرعية:
تمثل الثقافة الفرعية مجموعة العادات والتقاليد والاتجاهات والمعتقدات التي تختص بها مجموعة معينة من الأفراد، حيث تعتبر جزءا من الثقافة الكلية كثقافة المجتمع الجزائري مثلا والتي تمثل جزءا من ثقافة المجتمع الإسلامي ككل، وحتى إننا نجد داخل هذه الثقافة ثقافات أخرى تكون اقل منها.
وتقدم الثقافة الفرعية إسهامات هامة كتحديد قطاعات السوق والمسوقين، حيث تساهم في كثير من الأحيان في تصميم المنتجات والبرامج التسويقية التي تؤدي إلى تلبية حاجات ورغبات هؤلاء الأفراد.
ج- الطبقة الاجتماعية:
تعبر عن ترتيب مكانة أو موقع الأفراد في المجتمع أو في ثقافة معينة، حيث يكون الأفراد متجانسين ومتشابهين نسبيا في مصالحهم، قيمهم، والسلوكات لديهم.
وعليه فان معرفة اتجاهات الطبقات الاجتماعية أمر مهم للغاية، ذلك أن الطبقات الذات المكانة الاقتصادية والاجتماعية المرموقة أو ذوي المستوى التعليمي العالي، يميلون إلى استخدام بطاقات الائتمان مثلا، إما الطبقات الدنيا فالأمر يقتصر على توفير غير الاستثماري الذي يكون الهدف منه مواجهة ما يمكن حدوثه في المستقبل .
2) العوامل الاجتماعية:
تتكون من: الجماعات المرجعية، الأسرة، والمكانة.
أ- الجماعات المرجعية:
تعرف على أنها: "تلك الجماعات التي تمتلك تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على اتجاهات الأفراد وسلوكهم، وقد تكون هذه الجماعات قريبة إلى الفرد أو بعيدة نسبيا عنه".
إن التأثير الذي تلعبه هذه الجماعات يجبر البنك على معرفة الجماعات المرجعية للعملاء في كل قطاع سوقي، ذلك إن لكل قطاع سوقي جماعة مرجعية مختلفة عن التي هي موجودة في القطاعات الأخرى، وهذا يعني إن رسالة بنكية واحدة قد لا تتوافق مع احتياجات ورغبات جميع العملاء .
ب- الأسرة:
تمثل المرجعية الأساسية الأكثر تأثرا وتأثيرا في المستهلك، حيث يختلف ذلك التأثير على حسب الوزن الذي يشكله الفرد في الأسرة، ويلعب كل من الزوج والزوجة دورا مهما في اتخاذ قرارات الأسرة وذلك كل حسب المجال الذي يختص فيه أكثر، فالزوجة تكون مسؤولة أكثر عن اتخاذ قرار شراء أدوات المطبخ، التنظيف، ...الخ، إما بالنسبة للزوج فيكون مسؤول عن اتخاذ قرارات تتعلق بالتامين، عمليات بنكية، ...الخ، كما إن قرارات الأولاد تتأثر بشكل كبير بآراء أبائهم .
ج- المكانة:
تتمثل في الموقع الذي يحتله العميل في المجموعة وما يمكن أن يلعبه من دور في التأثير على الآخرين، وعليه فان الأعضاء في المجموعة سيتأثرون بالمكانة التي يحتلها كل واحد منهم تجاه الآخرين، إضافة إلى إن الفرد له أكثر من دور في المجتمع فهو يلعب دور الموظف، الزوج، المواطن، ...الخ.
ثانيا: العوامل الداخلية:
تنقسم إلى عوامل شخصية وأخرى نفسية.
1) العوامل الشخصية: وتتمثل في العمر، نمط الحياة، الشخصية.
أ- العمر:
يؤثر العمر كثيرا على نوعية القرار الشرائي المتخذ، إذا كلما زاد عمر الإنسان زاد اعتماده على نفسه في اتخاذ القرار الشرائي، فمثلا الطفل الصغير لا يستطيع اختيار البنك الذي سيفتح فيه حسابا وإنما يتولى الأب ذلك، أما الطالب فله حرية نسبية في اختيار البنك الذي يتعامل معه.
ب- نمط الحياة:
يتمثل في الأسلوب الذي يمارس به الفرد حياته، ويظهر ذلك جليا من خلال الأعمال التي يقوم بها والاهتمامات والآراء التي يحملها للآخرين والحياة ككل.


ج- الشخصية:
تتمثل في مجموعة الخصائص التي تجل الفرد متميزا عن غيره، والتي تظهر من خلال استجابته للمتغيرات الخارجية وكيفية توافقه معها .
2) العوامل النفسية:
تتمثل في الدوافع، التعلم، الاتجاهات والآراء.
أ- التعلم:
يعبر عن: "عملية تغيير في تصرفات الشخص نتيجة للمعلومات والخبرة والتدريب" .
ب- الدوافع:
تعرف على أنها: "تعبير عن رغبات أو احتياجات أو تمنيات غير محققة يحاول الفرد العمل على إشباعها".
ج- الاتجاهات والآراء:
يتخذ الفرد موقف من الأمور المحيطة به، أو هي عبارة عن التقييمات والمشاعر سواء كانت ايجابية أو سلبية أو حتى محايدة، والتي يكونها الفرد عن الأشياء الموجودة في محيطه، ويرتبط النجاح في السوق بمدى رضا العميل وانتهاجه اتجاه ايجابي حول الخدمة التي يقدمها البنك .

الفرع الثالث: تحقيق الجودة لإرضاء العميل

يعتبر التميُّز في العلاقة مع العميل ركيزة أساسية بالنسبة للبنوك لتحسين جودة خدماتها وتعزيز تنافسيتها في السوق، وبالتالي تحقيق موقع هام فيه، فتواصل العلاقة بالعميل تمثل عملية تحسين مستمر لجودة الخدمة عن طريق تقييم العميل للنتيجة المتحصل عليها من جهة، والتقييم الداخلي الذي تقوم به الشركة بنفسها لضمان توافق مواصفات الخدمة المقدمة مع متطلبات العميل وتوقعاته.
وعليه، يمكن القول أنّ التميُّز في العلاقة مع العميل لغرض الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة من طرف البنك، يتطلب وضع استراتيجيات نذكر منها:
1) تحديد حاجات العميل:
تواجه البنوك عدة صعوبات في عملية تقديم الخدمة من بينها الفجوة التي توجد بين فهم وإدراك إدارة البنك، لحاجات العميل وجودة الخدمة المتوقعة من قبله، وللتقليص من حجم هذه الفجوة تسعى البنوك للفهم الدقيق لحاجات العميل الأساسية التي تتمثل في:
- الحاجة للفهم، حيث يحتاج العميل إلى تفسير الرسائل التي يبعث بها بشكل صحيح.
- الحاجة للشعور بالترحيب، إذ يمكن أن يشعر العميل بأنه غريب ولن يعود مرة أخرى في حال لم يقابل بالترحيب وإبداء السعادة للتعامل معه.
- الحاجة للشعور بالأهمية والاحترام، إذ لا يكتفي الفرد بتلبية حاجاته الفيزيولوجية وحصوله على الأمن والائتمان بل يسعى لأن يكون محترما ويحظى بمكانة مرموقة من قبل الآخرين.
- الحاجة لتلقي العون والمساعدة، فالعميل يحتاج من مقدم الخدمة تفاصيل وشروحات حول الخدمة ومزاياها وخصائصها ومراحل إنتاجها، وذلك لقصور الفرد لوحده في فهم هذه الإجراءات.
- الحاجة للراحة، سواء كانت بدنية من خلال توفير محيط مادي يضمن للعميل الحصول على الخدمة في ظروف جيدة أو نفسية، وذلك بالعناية بكل ما من شأنه التأثير على نفسيته إيجابا.
- حاجة العميل إلى الإصغاء الجيد له والتركيز على ما يقوله مع تجنب مقاطعته .
2) إدارة فترة انتظار العميل:
يقضي العميل فترة في انتظار الحصول على الخدمة أو في انتظار إنجاز معاملة معينة، تؤثر تأثيرا كبيرا على إدراكاته للأداء الفعلي وانطباعاته حول البنك ومستوى الجودة في خدماته، ولذلك ينبغي على البنك استثمار فترة انتظار عملائه، بجعلهم ينشغلون بشيء ما خلال تلك الفترة، فالعميل الذي ينتظر وهو مشغول يشعر بوقت أقصر من العميل الذي ينتظر وهو غير مشغول، ويمكن تحقيق ذلك على سبيل المثال: بوضع جرائد أو مجلات أو نشرات إعلامية في متناول العملاء للتعريف بالبنك ، أو مطبوعات اشهارية خاصة بالخدمات التي يقدمها، مع تهيئة قاعات وأماكن الانتظار المناسبة...الخ .
3) التعامل مع شكاوي العملاء:
تقوم البنوك بمعالجة الأخطاء التي قد تقع في أدائها لخدماتها، تمثل فرصة ذهبية للبنوك لكي تستطيع أن تقدم للعملاء خدمة تفوق توقعاتهم، فالقيام بالتعامل الفوري مع العميل الغاضب وإظهار التعاطف مع موقفه ومشكلته، والعمل على حلها بشكل جيد وسريع يستطيع أن يحول النقاط السلبية إلى نقاط ايجابية لصالح البنك 2.
وترجع شكوى العميل الناتجة عن عدم رضاه على مستوى أداء البنك للخدمة إلى الأسباب التالية:
- عدم تقديم الخدمة حسب الوعد، حيث تعمل البنوك على المغالاة في وعودها وتعطي وعود خلابة لا تعكس ما تقدمه في الوقع، فهذه الوعود الخلابة والمحلاة والتي لا تتمكن البنوك من تحقيقها للعميل سوف تؤدي إلى خلق عدم الثقة بين العميل و البنوك 3.
- ضعف المصداقية أو الثقة في البنك نتيجة لضعف مهارة الموظفين أو عدم قدرتهم على فهم احتياجات العميل.
- مقاومة التغيير من طرف العميل، فقد تقوم البنوك بتغيير السياسات أو الإجراءات أو أنظمة العمل أو شروط ومتطلبات الحصول على الخدمة، مما يؤدي إلى تذمر العميل ورفضه للتغيير.
- الحالة المزاجية للعميل أو الموظف، فقد يواجه العميل و/أو الموظف ظروفا غير مرغوبة تؤثر على حالته المزاجية، وبالتالي تُؤثر على تفاعلاته واستجابته للطرف الآخر، وقد يترتب عن ذلك مشكلات في التعامل بين الطرفين4.
وتشير الدراسات التي أجريت على العديد من البنوك الناجحة، أن وجود نظام جيد لعلاج جوانب القصور التي قد تظهر في أداء الخدمة، يؤدي إلى شعور العميل بالرضا ومن ثم تزداد عملية توصيته للتعامل مع البنك، ويحسن من إدراكه لجودة الخدمة ذاتها، ويتضمن هذا النظام بصفة عامة:
- تحديد المشكلات الموجودة في الخدمة المقدمة، من خلال القيام بمتابعة شكاوي العميل، والقيام ببحوث تتعلق بالعملاء، ومتابعة عملية الخدمة ذاتها وإجراءات القيام بها.
- القيام بحل المشكلات بشكل فعال من خلال إصلاح ذلك العنصر الذي يؤدي إلى الخلل في أداء الخدمة بالشكل الجيد.
- الاتصال مع العملاء في الوقت المناسب1.
- تقديم الضمان وتوفير الأمان في التعامل مع البنك لإزالة الشعور بالمخاطرة عند شراء الخدمة.
- أداء الخدمة بطريقة صحيحة من المرة الأولى.
- تحويل المشكلات إلى فرص بهدف كسب عملاء جُدد والمحافظة على العملاء الحاليين.
- تطوير إجراءات العمل وتبسيط متطلبات الحصول على الخدمة واستخدام التكنولوجيا المتطورة.
- العمل على استقطاب وتوظيف أفضل الكفاءات.
- وضع الإرشادات اللازمة للتعامل مع شكاوى العملاء2 .
تعمل البنوك على تقديم أرقام هواتف مجانية، ومواقع ويب حيث يتصل العملاء بهذه المواقع ويدخلوا أرقام هواتفهم الخاصة ليعيد العاملون في البنوك الاتصال بهم للتعامل مع شكاويهم واستفساراتهم 3.

المطلب الثاني: سيرورة أداء الخدمة البنكية

يرتبط تقييم الجودة بمستوى إدراك العملاء للخدمة الكلية المقدمة لهم، بمعنى أنّ عملية تقييم الجودة من طرف العميل تشمل بالإضافة إلى الخدمة الأساسية أو الجوهرية، الخدمات المحيطة• والمتمثلة في مختلف الجوانب المادية (الملموسة) وغير الملموسة (التفاعلية) المتصلة بتقديم الخدمة. إلى جانب ذلك، فعملية التقييم تعتمد بشكل كبير على حاجات ورغبات وتوقعات العملاء قبل شراء الخدمة.
وعليه فسيرورة تقييم جودة الخدمة تبدأ من مرحلة ما قبل شراء الخدمة، وتستمر أثناء التقديم وتمتد إلى ما بعد التسليم بغرض إعطاء حكم شامل على الجودة يتضمن كافة الجوانب المتعلقة بتقديم الخدمات.
سنحاول في هذا الإطار التعرف على سيرورة تقييم جودة الخدمة في البنك، من خلال دراسة العناصر التالية:
- مرحلة ما قبل شراء الخدمة.
- مرحلة إنتاج الخدمة.
- مرحلة ما بعد تجريب الخدمة.

الفرع الأول: مرحلة ما قبل الشراء

تتضمن مرحلة ما قبل شراء الخدمة مجموعة من المراحل الفرعية، التي يتم من خلالها اتخاذ قرار الشراء، بداية بمرحلة إدراك المشكلة، البحث عن المعلومات، تقييم البدائل المتاحة، اختيار البديل الأفضل، فاتخاذ قرار الشراء. وفيما يلي شرح لهذه المراحل الفرعية:
1) إدراك المشكلة والتعبير عن الحاجة:
تمثل هذه المرحلة نقطة البداية في العملية الشرائية، وبالمقابل فهي أيضا نقطة البداية في عملية تقييم جودة أي خدمة مقدمة للعميل، وتسمى هذه المرحلة أيضا بمرحلة الشعور بالحاجة أو الشعور بالمشكلة.
ويُقصد بالإدراك:
" عملية استقبال المثيرات (Stimulus) الخارجية وتفسيرها من قبل الفرد تمهيدا لترجمتها إلى استجابة مطلوبة أو مقصودة ".
" العملية الخاصة باختيار وتنظيم وتفسير المعلومات الواردة إلى العقل من البيئة المحيطة بالفرد وعن طريق الحواس التي يمتلكها ".
" مجموعة من العمليات التي من خلالها يستطيع الفرد أن يعي المعلومات الواردة من البيئة بحيث يكون قادرا على فهمها وتفسيرها " .
ويتأثر إدراك العميل للمشكلة بعدة عوا مل، منها: درجة الوعي الثقافي، البيئة الاجتماعية، التعليم، المحيط المهني، الدخل، عوامل ديموغرافية مثل: السن، الجنس...،إضافة إلى النتائج التي يمكن أن تنتج عن وقوعه (درجة الضرر).
وتُعرّف الحاجة على أنّها:
" ذلك الشيء النفسي أو الاجتماعي أو العفوي الذي يحتاج إشباع، فالإنسان في حاجة إلى الصحبة، وفي حاجة للشعور للامان، وتؤدي الحاجة إلى بروز أو ظهور الرغبات "2.
ولقد أشار إبراهيم ماسلو عالم النفس الشهير إلى أن:" الحاجات التي يتم إشباعها سببها مقومات محفزة، وهذا صحيح، يحفزنا أكثر ما نفتقده، وتمنحنا الأهداف شيئا نفتقده وتجعلنا المعلومات المرتدة ندرك كيفية تأديتنا لعملنا"3.
وعليه فان العميل يتعرف على المشكلة إما عند الشعور بالحاجة، أو عند حدوث اختلاف بين الحالة الواقعية (الحالية) التي تمثل الإشباع الحالي، وبين الحالة المرغوب(التي يحلم بتحقيقها)،وتعتبر السلع والخدمات هي إحدى الوسائل المستخدمة بالدرجة الأولى في إشباع الرغبات الكامنة لدى المستهلكين المرتقبين1.
2) البحث عن المعلومات:
يتأكد العميل أن هناك حاجة معينة، فانه يبدأ في البحث عن وسائل إشباعها، وذلك من خلال قيامه بتجميع المعلومات2، وتحديد كافة البدائل التي تحقق له الإشباع المتكامل.
هذا ويمكن أن يلجا العميل إلى البحث عن معلومات إضافية، فقد لا يرضيه الكم من المعلومات الحالية، ونوعية المعلومات المتاحة له لاتخاذ القرار المناسب، وفي هذه الحالة فانه يقوم ببحث نشيط عن معلومات إضافية، ويزداد احتمال حدوث هذا البحث عن المعلومات عندما يكون العميل:
- لديه شعور بان البدائل المختلفة غير مناسبة.
- لديه بيانات غير كافية تتعلق بالبدائل المختلفة.
- يحصل على معلومات من الأصدقاء أو من مصادر الإعلام تتعارض مع خبرته وتجاربه الماضية ومعلوماته الحالية.
- على وشك أن يحصل على احد البدائل ويود أن يحصل على اليقين من توقعاته حول أداء هذا البديل.
ولقد وجد الباحثون أن هناك نوعان من عمليات البحث عن المعلومات، وهي البحث الداخلي(المصادر الداخلية) الذي يتضمن محاولة العميل لاسترجاع المعلومات من الذاكرة عن خدمة معينة، أما البحث الخارجي فان العميل يلجا إلى (مصادر خارجية) مثل: الأصدقاء، الإعلانات، الأغلفة، رجال البيع،...الخ 3.
أ- المصادر الداخلية:
تتمتع بثقة العميل لسهولة وسرعة اللجوء إليها، وترتبط هذه المصادر بالعميل نفسه ويكون البحث في هذه الحالة داخلي، بمعنى مراجعة المعلومات المخزنة بذاكرته الشخصية عن خبراته السابقة، وتشمل المعلومات المخزنة لديه كذلك تلك المعلومات التي تجمعت لديه بواسطة المصادر الخارجية مثل: العائلة، الأصدقاء، مندوبي البيع، الإعلان، ...الخ.
ويعتمد مقدار هذا البحث وتنوعه على نوع المشكلة أو الحاجة المراد قضاؤها، فلو كانت عملية الشراء تتضمن حل مشكلة معقدة، فإن العميل ربما يبحث في ذاكرته بنشاط عن المعلومات المتوفرة لديه عن أنواع البدائل المختلفة، ولو كان العميل يمارس عملية شراء سهلة نسبيا فان البحث الداخلي يكون محدودا، في المقابل عندما تكون عملية الشراء تعتمد على الدفع المعين أو مغريات معينة، فإنه لا تحدث عادة أي عملية استرجاع للمعلومات من الصادر الداخلية، و يلجأ المستهلك في هده الحالة إلى الاعتماد على أحاسيسه.
وإذ كان هذا البحث الداخلي مرضيا فإن العميل سيقف البحث عند هذا الحد، أما إذا كان البحث الداخلي غير مرضي فان العميل سيتجه نحو البحث الخارجي (المصادر الخارجية).
ب- المصادر الخارجية:
تشمل المصادر الخارجية مصادر المعلومات التي يلجا إليها المستهلك للحصول منها على المعلومات، وتنقسم المصادر الخارجية إلى قسمين المصادر الرسمية والمصادر الغير رسمية.
- المصادر الرسمية (غير الشخصية):
تتمثل المصادر غير الرسمية في جميع وسائل الاتصال العامة، التي تنشر كمية هائلة من المعلومات قد يستفيد منها العميل في حل المشكلة التي تواجهه، وتنقسم هذه المصادر بدورها إلى: مصادر تجارية، مصادر حكومية، ومصادر مستقلة.
- المصادر غير الرسمية (الشخصية):
تشمل هذه المصادر أفراد العائلة، الأقارب، الأصدقاء، والجيران. وتحتل أهمية خاصة لدى العميل لأنها توفر له معلومات صادقة.
إن العميل الذي يقوم بعملية البحث الخارجي يفعل ذلك بهدف التوصل إلى معلومات كافية لمعرفة ومقارنة البدائل، ولقد ناقش الاقتصاديون مسالة العوامل التي تأثر على تكلفة البحث الخارجي، ولقد توصلوا إلى أن العميل سوف يستمر في هذا البحث لطالما كانت الفوائد الحدية المكتسبة تفوق التكلفة الحدية لهذا البحث.
3) تقييم البدائل المتاحة:
تعتمد هذه المرحلة على مدى قيام العميل، بجمع المعلومات الكاملة والصحيحة عن البدائل المختلفة، التي يمكن الاختيار من بينها، وبطبيعة الحال فان عملية التقييم تختلف من شخص لآخر، وحتى بالنسبة لنفس الشخص من قرار شرائي لآخر، ولكن يمكن القول بان العميل في ممارسته لإشباع حاجته يبحث عن مجموعة من المنافع (المواصفات) المرتبطة بالخدمة التي تمده بالإشباع، وفي هذه المرحلة فان العميل يضع مجموعة من الخصائص التي يجب توفرها في الخدمة محل التقييم.
وتتكون عملية التقييم من الخطوات التالية:
أ- تحديد معايير التقييم:
يبدأ العميل بتحديد المعايير التي يستخدمها في تقييم البدائل المتوفرة أمامه.
ب- تحديد أهمية المعايير:
يحدد العميل معايير التقييم التي يقوم بعدها بتحديد أهمية كل معيار، فالبرغم من أن السعر يستخدم كمعيار للتقييم لدى معظم العملاء، إلا أن البعض منهم يضعه في المقام الأول (معيار حاسم) وقد يعتبره البعض الآخر معيارا ثانويا.
ج- تحديد قيمة الخدمة:
ينتهي العميل من تحديد أهمية المعايير، يحين الوقت للمقارنة بين البدائل، المتاحة وفقا لمعتقداته اتجاهها .
د- اختيار البديل الأمثل:
يزيد إلحاح الحاجة على الشخص فانه يسعى إلى إشباع هذه الحاجة، وإنهاء هذه الرغبة بالإشباع، حيث يقوم بالاختيار بين البدائل المتاحة، والمفاضلة بين منافعها وتكلفتها، فتتكون لدى العميل مجموعة من التوقعات حول مستوى أداء الخدمة.
تُعرّف الرغبة على أنّها:" الإرادة العفوية أو الضمنية لتحقيق هدف معين، وتتطلب إشباعها فورا أو في الأجل القصير".
وتُعرّف توقعات العملاء حول مستوى الخدمة على أنّها: " تلك الاعتقادات التي تتكون لدى العميل، ويتمنى تحقيقها أو توافرها في الخدمة المقدمة له من طرف المؤسسة التي يتعامل معها".
إنّ هذه التوقعات التي تتكون لدى العميل قد يكون مصدرها تفاعل عدة عناصر، أهمها:
- احتياجات العميل الشخصية.
- الخبرة السابقة للخدمة: موقف العميل اتجاه التعاملات السابقة مع المؤسسة.
- الاتصالات بين العملاء وتبادل الآراء والخبرات المتعلقة بالخدمة.
- الأنشطة الترويجية المختلفة التي تقوم بها المؤسسة.
إن النماذج التي اعتمدت على مفهوم الرضا في قياس جودة الخدمة في الحقيقة، اعتمدت مفهوم في نفس المعنى وهو مجال السماحية وهناك من الكتاب من يطلق عليه اسم منطقة التحمل، يعرف بالانجليزية بـ (Zone of tolerance).
ويُعرف كل من (Berry and Parsuraman, 1991) مجال السماحية ذلك المدى من مستوى أداء الخدمات الذي يجده العميل مرضيا.
4) الخدمة المتوقعة:
تمثل مستوى الخدمة التي يأمل أو يتمنى العميل الحصول عليها، بمعنى أنّه مزيج مما يعتقد العميل أنّه يمكن أو يجب تحقيقه.
5) الخدمة المقبولة:
تمثل ذلك المستوى من الخدمة الذي قد ينظر إليه العميل على أنّه كاف أو مقبول، أي مقدار ما يمكن أن يتنازل عنه في تطلعاته نحو مستوى الخدمة، بمعنى الحد الأدنى المسموح به من الخدمة،
فإذ ما وجد الأداء الفعلي أقل من منطقة التحمل، فإن العميل سيشعر بالإحباط والندم و تنخفض درجة ولائه للبنك، أما إذا وجد مستوى الأداء الفعلي أعلى من منطقة التحمل فإنه سيشعر بالسعادة و الرضا و تزداد درجة ولائه للبنك، وتجدر الإشارة إلى أن منطقة القبول تختلف من عميل لآخر ومن خدمة لأخرى لنفس العميل، وفقا لتغيُّر الخدمة المتوقعة بشقيها المتوقعة والمطلوبة، استجابة لتغيرات العوامل المؤثرة على توقعات العملاء .
اتخاذ قرار الشراء:
يتكون قرار الشراء من مجموعة من القرارات تشمل: نوع الخدمة، الاسم التجاري، المكان، الوقت، السعر، وطريقة الدفع. ويتوقف اختيار العميل بين البدائل المختلفة على المنافع المتوقعة والتكلفة والمخاطر الناتجة عن كل بديل، ويتم اختيار البديل الذي يحقق للعميل أقصى منفعة ممكنة بأقل تكلفة ودرجة مخاطرة ممكنتين2.
وفي هذه الحالة هناك بعض العوامل الموقفية التي تتدخل وتتوسط بين النية للشراء واتخاذ القرار الفعلي، وهذه العوامل تتضمن اتجاهات الآخرين تجاه النية للشراء، والظروف الغير متوقعة (الغير مرئية)

اتجاهات الآخرين: يقصد بذلك تأثير أفراد العائلة أو الأصدقاء، ويتوقف مدى هذا التأثير على عاملين هما: درجة إصرار الغير ودرجة استعداد المشتري للخضوع لرأي الغير.
العوامل غير المتوقعة: تطرأ بعض العوامل الظرفية التي تجعل العميل يعدل أو يؤجل قرار الشراء، ويحدث هذا مثلا في حالة عدم توفر الخدمة في المكان والزمان المرغوب فيهما، أو ظهور بديل جديد يمتاز بخصائص فريدة ويشبع نفس الحاجات.

الفرع الثاني:مرحلة تقديم الخدمة البنكية

تُعبر هذه المرحلة عن عملية التفاعل بين العميل والبنك، وتتميز بتداخل عدة عناصر أخرى، تشكل مجتمعة ما يُعرف بنظام الخدمة أو كما يُصطلح عليه: نظام (Servuction).
1) التفاعل في الخدمات:
يعود مفهوم التفاعل إلى خاصية التلازمية في الخدمات، فحضور الزبون حجر أساس هذا المفهوم، فالعميل كائن حي يمتلك جملة من الأحاسيس، يجد نفسه مضطرا لتقاسمها مع موظفي المكاتب الأمامية وتلك طبيعة بشرية، هذا التقاسم في السلوك يؤدي إلى تأثر الخدمة بالتقلبات السلوكية لكل من العاملين والعملاء، يُسمي الباحثون لحظة الالتقاء هذه بلحظة الحقيقة، حيث يعتبرونها اللحظة التي يكتشف فعلا فيها العميل قيمة الخدمة التي سوف تقدم له، ويمكن تعريفها "بلحظة تفاعلية لتبادل خدمة مقدمة من شخص إلى مستهلك حقيقي".
إن التفاعل الذي نتحدث عنه هو تلك اللحظات التي يتبادل فيها الزبون مع مقدم الخدمة ،موظفي المكاتب الأمامية، النقود مقابل الخدمة، وتخضع هذه اللحظات إلى تأثير عدة عوامل مكشوفة ومخفية منها تصميم المكان، المكتب الخلفي، الزبائن المتواجدين في تلك اللحظات...الخ.
وهناك من يرى أن التفاعل في الحقيقة هو عبارة عن: "علاقة أكثر من موقف لإنتاج خدمة". ومنه يمكننا تقديم تعريف موسع للتفاعل، على انه المشاركة النشطة لأطراف التبادل في لحظة تقديم الخدمة، إن ظاهرة التفاعل ولدت تحديات إدارية خصوصا ما يتعلق بتنميط الخدمة أي التحكم في موظفي الاستقبال.
ولأن هذه العناصر لها تأثير كبير على رضا العميل، ومن ثم على نوعية الخدمات المقدمة، وباعتبار عمال الاستقبال غلافا للخدمة الذي بدوره البائع الثاني في حالة السلع المادية، يجعل من أدوارهم على ارتباط وثيق بالتفاعل ونوعية الخدمة المقدمة، فحسن إدارتهم لأدوارهم يعني تقديم خدمات ذات مستوى عالي، أي ترسيخ تجارب طيبة في ذهن العملاء على الخدمة المقدمة .
2) نظام الخدمة (قسم التلاقي):
يُصطلح على مكان تقديم واستهلاك الخدمة بالإنجليزية (encounter (Service ، أما بالفرنسية (La Servuction)، كما يطلق عليه اسم قسم التلاقي أو التفاعل بسبب انه مكان يلتقي فيه كل من المستهلكين ومقدمو الخدمات ويتم فيه التبادل.


وبناءا عليه، فنظام الخدمة يمكن أن يتضمن العناصر التالية:
العميل: يعتبر العنصر الأساسي لوجود الخدمة.
المحيط المادي: يشمل مختلف العناصر المادية الملموسة للخدمة، مثل: الموقع، المظهر الخارجي البنوك وتصميمها الداخلي، ومختلف التسهيلات المادية الأخرى....الخ.
3) المستخدمون في الاتصال: تتمثل في الممثلون المباشرون لشركة التأمين، مُكلّفون باستقبال العميل وإرشاده ومساعدته.
4) عملاء آخرون: سواء كانوا طالبين لنفس الخدمة أو أنواع أخرى من الخدمات التي تقدمها البنوك.


5) النظام غير المرئي:
تُسمى أيضا بالجوهر التقني، يهتم بالتسيير الكامل للبنك (إستراتيجية البنك، الإدارة، الهيكلة التنظيمية...الخ) ويتكون من عدة أقسام وظيفية (مالية، تسويق، تسيير الموارد البشرية..الخ) .
إن الأسهم الموضحة في الشكل أعلاه تعبر عن تفاعل الأطراف فيما بنها، وهي تعني مايلي:
- تفاعل عمال المكاتب الأمامية مع العملاء:
تعتبر أوائل الأحداث الكائنة في الخدمات، فبدون عميل لن تكون هناك خدمة كما أن عمال الواجهة أو موظفي المكاتب الأمامية يلعبون دورا مهما في إنتاج الخدمة.
- تفاعل المستهلك والعمال مع الأجهزة المادية:
إن المستهلك لا يتفاعل فقط مع العمال بل الجميع يتفاعل أيضا مع المحيط الذي يشتمل على: الأجهزة، الديكور، الموقع، أو أي شيء موجود في قسم تقديم الخدمة2.
- تفاعل الزبائن فيما بينهم:
تشكل عملية التفاعل بينهم جزءا من نظام تقديم الخدمة، ولها تأثير كبير في تحديد موقف العميل تجاه الخدمة المقدمة له.
- التفاعل بين أجزاء النظام المرئية وغير المرئية ودرجة التنسيق بينهما: فأي خلل في مهام مستخدمي المكتب الخلفي يؤثر مباشرة على مهام مستخدمي المكتب الأمامي، ويصبح ذلك ملموسا لدى العميل من خلال تفاعله مع الجزء الظاهر من النظام، مثلا: طول فترة الانتظار، احتجاج العملاء، صعوبة الاتصال بالمستخدمين...الخ3.

الفرع الثالث: مرحلة ما بعد تجريب الخدمة البنكية

يتحدد خلال هذه المرحلة، رضا أو عدم رضا العميل عن الخدمة الكلية المقدمة له من طرف البنك، أخذا بعين الاعتبار كافة المراحل السابقة.
أولا: الرضا:
1) مفهوم الرضا:
سنتعرض لبعض أهم التعريفات الخاصة بالرضا:
يُعرف الرضا على انه:
"مشاعر العميل بالفرح أو الاستياء، بعد عملية الشراء الناجمة عن مقارنة الأداء الفعلي المدرك للخدمة مع توقعاته"1.
ينظر باحث آخر للرضا على انه:" ناتج عن عملية الشراء، حيث ينتج عن مقارنة المنافع التي يتحصل عليها العميل من المنتج أو الخدمة، بالتكاليف والجهود التي قد يكون تحملها للحصول على هذه المنافع، كما انه قد يكون تقييما لمدى قدرة الخدمة على الوفاء بتوقعات العميل السابقة".
ويُعرف Oliverالرضا:ʺ بتلك المشاعر الوجدانية الايجابية ومشاعر السرور التي تصاحب العميل، خلال حيازته على المنتج أو الخدمة، وما يترتب عن مدى تطابق الأداء المدرك للخدمة مع التوقعات المسبقة عنه، وان هذه المشاعر المؤقتة سرعان ما تتحول إلى اتجاه عام نحو الخدمة"2.
كما يُعرف Formell, 1992 الرضا على انه: "عبارة عن تقييم عام يكون بعد الشراء".
ويُعرف كوتلير وزملائه الرضا بأنه:" شعور ينتج من موقف المستهلك، عند مقارنته لأداء الخدمة مع توقعاته المسبقة"3.
ويرى LAMBIN ,1987 أن الرضا هو:" مدى وجود ارتباط بين توقعات العملاء من جهة، وتصور لأداء الخدمة من جهة أخرى".
أما HOWARD et SHETH ,1969 فقد عرف الرضا على انه:" درجة التوافق بين النتائج المتوقعة عن عملية الشراء، والنتائج المترتبة بعد عملية الشراء"4.
من التعاريف السابقة للرضا يمكن استخلاص مايلي:
- الرضا هو شعور ناتج عن أداء معين.
- الرضا هو دالة الفرق بين الأداء والتوقعات.
- الرضا هو ادراكات العميل لجودة الخدمة المقدمة له.
إن مفهوم الرضا على علاقة مباشرة بالنماذج الموضوعة في علم سلوك العميل، فقد خلصت العديد من الدراسات حول الرضا إلى العديد من النتائج، حيث سيطر عليها النموذج الأمريكي في فهم الرضا، هذا النموذج الذي يرتكز على تحقق/عدم تحقق التوقعات للباحث .(Olivier, 1980)
ويرى اوليفيي (olivier) أن العملاء، يقومون بمقارنات بين ما يريدونه من الخدمة، وما تقدمه فعلا الخدمة عند تجريبها، ويفترض الباحث ثلاثة مستويات للرضا تتمثل في:
الأداء  التوقعات  اللاجودة  العميل غير راض.
الأداء  التوقعات  الجودة  العميل راض.
الأداء  التوقعات  جودة عالية  العميل راض وسعيد.



إنّ المستويات العالية من الرضا، تخلق نوعا من الارتباط العاطفي الكبير بين العميل والبنك، فهي ليست علاقة تفضيل ولكن نوعا من الولاء والتقدير.
2) خصائص الرضا:
يتميز الرضا بعدة خصائص تتمثل في: 
- الرضا شخصي (Subjective) أو ذاتي: لأنّه مرتبط بشخص العميل، ومدى إدراكه للخدمة المقدمة.
- الرضا نسبي (Relative):
يتغير حسب مستويات التوقع لمختلف العملاء، بمعنى أنّ الرضا يختلف من عميل لآخر في حدود معينة (نسبية) وليست مطلقة.
- الرضا تطوُّري (Evolutive) بدلالة الزمن:
يعتبر دالة للتوقعات والمؤشرات التقييمية التي يستخدمها العميل للحكم على مستوى الجودة خلال مراحل استعمال الخدمة.
3) تصرفات العميل بعد تجريب الخدمة:
ينتج مفهوم تحقق أو عدم تحقق التوقعات، عند المقارنة بين التوقعات المسبقة والأداء المدرك للمنتج، ويتحدد رضا المستهلك وفقا لمستوى تحقق التوقعات، فالتوقعات إما أن تطابق، أو تزيد، أو تقل عن ادعاء الخدمة، وينتج عن هذه المقارنة الرضا، أو الرضا مع السعادة، أو عدم الرضا عن أداء الخدمة.
اولا: الرضا:
يترتب عن رضا العميل عدة تصرفات تتمثل فيمايلي:
أ- القيام ببعض التصرفات العامة:
تمثل تلك التصرفات التي تكون شائعة فيما بين العملاء بعضهم البعض، ولا تخص فئة محددة منهم، وتشمل هذه التصرفات:
الاتصال بالبنك وتهنئته.
كتابة تقارير جيدة وإرسالها إلى جمعيات حماية المستهلكين.
ب- القيام ببعض التصرفات الخاصة:
تشمل تلك التصرفات التي تكون غير شائعة، وتقتصر على العميل ومحيطه فقط، وتشمل هذه التصرفات:
إعادة تكرار عملية الشراء، كلما تكررت الحاجة للخدمة مرة أخرى.
نصح الآخرين بعملية تجريب الخدمة، حيث يعتبر العميل هنا وسيلة إعلانية مجانية بالنسبة للبنك لأنه ينقل صورة ايجابية عن البنك بالكلمة المنقولة التي لا تكلف البنك أي تكاليف، ولقد أثبتت الدراسات أن العميل الراضي يحدث في الواقع ستة (6) عملاء آخرين .


ثانيا:عدم الرضا
إن العميل غير الراضي، سوف يسعى بخطوات جادة إلى تقليل الأسف الناجم عن الشعور بعدم الرضا، فسيتصرف بإحدى الطرق والتي ستعود على البنك بالضرر، وقد قسم احد الباحثين هذه التصرفات إلى:
أ- القيام ببعض التصرفات العامة:
تشمل هذه التصرفات:
- السعي للحصول على التعويض مباشرة من البنك.
- اتخاذ تصرف قانوني للحصول على التعويض.
- القيام بالشكوى إلى البنك أو الغرف التجارية، أو إلى وكالات خاصة مثل جمعيات حماية المستهلك.
ب- القيام ببعض التصرفات الخاصة:
تشمل هذه التصرفات:
عدم تجريب الخدمة مرة أخرى ومقاطعة البنك التي تقدمها.
تحذير الأصدقاء والأقارب من تجريب تلك الخدمة، أو التعامل مع تلك ا البنك .


ثانيا: الوفاء
1) مفهوم الوفاء:
نشير هنا أن الباحثين لم يتفقوا كليا على وضع تعريف واضح للوفاء، فلقد تعددت تعريفاته ومن أهمها:
فقد قال العلماء السلوكيون أن:" الوفاء ناجم عن التجربة المعززة بالإقناع".
أما العلماء العقليون فقالوا أن:" الوفاء ينتج عن انهماك أو انشغال العملاء في عمليات عقلية، هدفها حل المشاكل التي تواجههم، والتي تتضمن مقارنة بين الماركات الخدمية وخصائصها المختلفة، مما يؤدي إلى اقتناع وتفضيل ماركة معينة وتكرار شرائها" .
الوفاء يعني أن:" سلوك العميل سوف يصبح مبرمجا بشكل تام لشراء خدمة عند الإحساس بالحاجة" .
قدم الباحثان Gremler,D,P and Brown,S,W. 1996 التعريف التالي للوفاء: "يظهر العميل وفاء للخدمة، إذا أبدى سلوك شرائي متكرر، واتخذ موقفا ايجابيا اتجاه مقدم الخدمة، وجعله المصدر الوحيد في تلبية حاجاته، عند بروز رغبة لهذه الخدمة".
ولقد استخلص هذان الباحثان إلى أن الوفاء له أبعاد متعددة:
أ‌- وفاء سلوكي: يمكن فهمه من خلال تكرار عملية الشراء لعلامة معينة.
ب‌- وفاء موقفي: يمكن فهمه من خلال اختيار العميل، بين بدائل العلامات والتشبث بعلامة معينة، أي أن له موقف خاص نحوها.
ج‌- وفاء إدراكي: على العميل في هذه الحالة، وعندما نعرض عليه علامة ما، فسوف يعطينا العالمة التي هو وفيا لها أولا، كما انه لا يبحث عن مؤسسات بديلة عند رغبته في اقتناء حاجاته.
والتعريفين السابقين جاءا متناسقين مع ما وضعه كل من
(Zeithaml, Berry and Parasuraman, 1996) الذين وضعوا خمسة عبارات سلوكية تثبت وفاء العملاء للبنك هي:
- ترديد أشياء ايجابية حول البنك.
- التزكية والنصح بالبنك لمن يبحث عن أمر خدمة مشابهة.
- تشجيع الأصدقاء وما شابه للتعامل مع البنك.
- اعتبار البنك أول اختيار عند شراء الخدمات.
- القيام بتعاملات أكثر مع البنك في السنوات القادمة.


تكلفة التحول: تعني تلك التكلفة التي يتحملها الزبون عند التحول من تجريب خدمة إلى أخرى، ومن مقدم خدمة إلى آخر، وتشمل الوقت، المال، العواطف، الجهد،...الخ.
العلاقة البينية: تعني تلك العلاقة التي تنشأ من التفاعل، وهي كبيرة خاصة في الخدمات، هذه العلاقة تخلق نوع من الالتزام نحو مقدم الخدمة، ويمكن أن نراها في عبارات الصداقة، الثقة، العائلة،....الخ .

2) العوامل المؤثرة في الوفاء:
يمكن إيجاز الأسباب التي تؤثر على الوفاء على النحو التالي:
- الملل من البديل نتيجة تكرارية شرائه لمدة طويلة.
- ظهور العديد من البدائل الجديدة، والتي قد تتضمن بعض المواصفات الخصائص الجديدة.
- عدم الشعور بالإشباع من استخدام البديل الحالي.
- الاهتمام بسعر البديل على حساب الوفاء له.
- ارتفاع الإعلانات المقارنة حول البديل ومثيله المنافس له .
ثالثا: العلاقة بين الجودة والرضا والخبرة:

حسب الشكل السابق فلكل من الرضا والجودة المدركة، علاقة بالخبرة السابقة فمن جهة، تؤثر الخبرة على توقعات العملاء ومواقفهم خلال مرحلة ما قبل شراء الخدمة، وتؤثر في أسلوب تفاعلهم مع الخدمات المقدمة لهم. من جهة أخرى، فالرضا يعتمد بشكل أساسي على تلك المواقف والخبرات السابقة، غير أنّ الرضا يميزه جانب عاطفي (حالة شعورية للعميل)، يتضمن السرور والسعادة الناتج عن المستوى المتميز لجودة الخدمة المقدمة، ويدوم لفترة زمنية محدودة، ويؤدي إلى تكوين مواقف إيجابية وسلبية اتجاه الخدمة المقدمة، وبالتالي فالجودة تعمل على تحقيق الرضا لدى العميل من خلال إشباع حاجاته ورغباته وتجاوز توقعاته، وبالتالي ضمان وفائه للبنك .