منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المقالات المتوفقعة ان لم نقل المؤكدة في مادة الفلسفة -شعبة علوم تجريبية-
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-05-26, 20:46   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
rahafe dida
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية rahafe dida
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

انطباق الفكر مع الواقع :
أصل الخلاف في الموضوع : اختلف الفلاسفة في هذا الموضوع حول كيفية الوصول الى الحقيقة من جهة وجدوى الفرضية من جهة أخرى، فانقسموا إلى قسمين:
القسم الأول: يعتقد فلاسفة هذا القسم بزعامة كل من أغيست كونت وكلود بيرنارد أن الوصول إلى الحقيقة يتم بواسطة عقلنة الظواهر وأن الفرضية لا بد منها في المنهج التجريبي.
القسم الثاني: يعتقد فلاسفة هذا القسم بزعامة جون ستيوارت مل أن الوصول إلى الحقيقة بواسطة انتظام الظواهر وأن الفرضية لا معنى لها في البحث العلمي.
حجج القسم الأول:
1) إن العقل لا يتقبل كل ما يقع في الطبيعة استقبالا سلبيا على نحو ما تصنع الآلة بل يعمل على إنطاقها مكتشفا العلاقات الخفية بينها ونجد ذلك من خلال الفرضية العلمية التي هي أساس الوصول إلى الحقيقة، لذلك يقول كلود بيرنارد: " يجب أن نقوم بالتجربة مع الفكرة المتكونة من قبل ".
2) إنه بواسطة الفرضية يستطيع العالم أن يتخيل ما لا يقع في الطبيعة بشكل محسوس وبالتالي يكشف عن حوادث جديدة، لهذا فهي منبع القوانين العلمية بدليل أن مختلف النظريات العلمية كانت فرضيات، لذلك يقول كلود بيرنارد: " الفرضية مبدأ كل استدلال " .
3) يؤكد الفيلسوف الفرنسي بوانكاريه على أن الفرضية لا بد منها للوصول إلى نتائج حقيقية في البحث العلمي لأن غيابها بحسبه يجعل كل تجربة عقيمة مما يدل على أنها الفكرة التي يستدل بها العالم وهذا ما دفعه ليقول: " إن كومة الحجارة ليست بيتا فكذلك تجميع الحوادث ليس علما " .
4) إن الملاحظة الخالصة والتجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم وصياغة القانون العلمي لذلك يقول جون دي وال : " إنالجواهر موجودة ولكنها لا تؤلفعقدا قبل أنيأتي أحدهم بالخيط".
5) إن الفرضية تبقى من أهم المساعي قيمة وفعالية بل هي المسعى الأساسي الذي يعطي المعرفة العلمية خاصيتها سواء كانت صحتها مثبتة أو غير مثبتة لأن الفرضية التي لم تثبت صحتها تساعد على توجيه الذهن لينشئ فرضية جديدة.
6) إن الفرضية كفكرة منبع للإبداع إذ هي مولدة التفكير في مسائل جديدة لا يمكن للملاحظة الحسية أن تنتبه إليها بدون الفرضية لذلك يقول كلود بيرنارد:" إن الفرضية هي المنطلق لكل استدلال تجريبي".
7) يؤكد الفيلسوف الفرنسي كلود بيرنارد على أن الفرضية العلمية خطوة هامة في المنهج التجريبي إذ يقول : " الحادثة توحي بالفكرة والفكرة تقود إلى التجربة، والتجربة تحكم على الفكرة " ذلك أن الانسان يميل بطبعه إلى التساؤل كلما شاهد شيئا فشيئا غير عادي إذ لا يمكن أن نتخيل في تفسير الظاهرة عدم وجود أفكار مسبقة والتي نتأكد من صحتها أو خطئها بعد القيام بالتجربة.
8) إن التفكير العلمي في الوقت الحالي لم يعد يهمه اكتشاف العلل والأسباب بقدر ما يهمه اكتشاف العلاقات الثابتة بين الظواهر العلمية، والفرضية العلمية تمهيد ملائم لهذه الاكتشافات.
نقد حجج القسم الأول:
1) إن القانون العلمي ما هو إلا حقيقة نسبية وليست مطلقة لأنه يتصف بالتجدد فما كان قانونا علميا في القرن التاسع عشر تغير بعد ذلك لهذا قيل : " العلم لغز متجدد ".
2) إن اعتماد الباحث على عقله وخياله في إيجاد الحل الملائم للظاهرة العلمية يبعده عن حقيقتها إذ تخضع حلوله للعوامل الذاتية والداخلية للباحث ثم إن الفرضية فكرة شخصية إذا اعتمد عليها الباحث أبعدته عن الحل العلمي الموضوعي ما يؤدي إلى الشك والاحتمال.
3) إن الفرضية وهم وهلوسة وخيال يقف عقبة أمام الباحثين لأن الكثير من الفرضيات بعيدة عن الواقع وتكون كنتائج للجموح وشطحات الخيال ولا يمكن تطبيقها أو لمسها على أرض الواقع.
حجج القسم الثاني:
1) إن الحقيقة موجودة في الطبيعة والوصول إليها لا يمكن أن يأتي عن طريق الذهن الذي يعد المنبع الأساسي المنتج للفرضية التي تبقى من قبيل التخمينات العقلية لذلك يقول جون ستيوارت مل : " الفرضية قفزة في المجهول وطريق نحو التخمين ولهذا يجب أن نتجاوز هذا العائق من الملاحظة إلى التجربة ".
2) لقد وضع جون ستيوارت مل قواعد سماها بقواعد الاستقراء وهي قاعدة التلازم في الحضور والتلازم في الغياب والتلازم في التغير وقاعدة البواقي والتي بحسبه كفيلة بإغناء البحوث العلمية عن الفرضيات العلمية ذلك أن الفرضية تبعد البحث العلمي عن منهجه الدقيق لاعتمادها على التخمين والخيال.
3) تأكيد كل من الفيلسوف نيوتن والماجندي على أن الفرضية محل للشك والاحتمال إذا اعتمد عليها الباحث أدت به إلى الخطأ لذلك يقول نيوتن : " أنا لا أصطنع فروضا " وقال الماجندي لتلميذه كلود بيرنارد : " اترك عباءتك و خيالك عند باب المخبر " .
4) إن الحقيقة العلمية التي يتوصل إليها الباحث بواسطة المنهج التجريبي الذي يعتمد على عدة مراحل للوصول إلى القوانين العلمية تتميز بالكلية والشمول والقابلية للتعميم على عكس المنهج الذي يتضمن الفرضية.
5) دعا الفيلسوف الفرنسي فرانسيس بيكون الى ترك الظاهرة تنساق لوحدها وتظهر لنفسها و أن نعطلها بالفرضيات ويدعم رأيه مؤسس المنهج التجريبي الإستقرائي جون ستيوارت مل الذي أبطل دور الفرض العلمي واستبدله بخطوات الإستقراء حيث يقول (الطبيعة ذلك الكتاب المفتوح ولإدراك القوانين عليك إطلاق العنان لحواسك و أما عقلك فلا)
.
6) يرى أ
غيست كونت أن الطريقة العلمية تختلف عن الطريقة الفلسفية فهي ليست بحاجة إلى التأويل العقلي إلى الوصف من خلال إجراء التجارب وهذا ما أكد عليه أرمست ماخ (المعرفة العلمية تقوم على إنجاز تجربة مباشرة).
7) إنه في الإمكان تعميم نتائج الإستقراء لأن ما يصدق على بعض الظواهر بصدق على ظواهر أخرى مشابهة لها وبالتالي لسنا بحاجة إلى دراسة كل الظواهر فقانون الجاذبية مثلا ينطبق على الأجسام مهما اختلفت البلدان لأن شرط الجاذبية واحد.
نقد حجج القسم الثاني:
1) إن عقل العالم أثناء البحث ينبغي أن يكون فعالا وهذا ما تفعله قواعد جون ستيوارت ميل التي أبعدت العقل ونشاطه عن البحث العلمي رغم أنه الأداة الحقيقية لكشف العلاقات بين الحوادث بواسطة الفرضية التي تساعد على تخيل ما لا يظهر في الطبيعة.
2) إن الفيزيائي نيوتن لم يقم بإهمال جميع أنواع الفرضيات بل قام بإهمال نوع واحد وهو المتعلق بالفرضيات الميتافيزيقية أما الواقعية منها فهي أساسية في الوصول إلى الحقيقة بدليل أن نيوتن نفسه استعمل الفرضيات لصياغة قانون الجاذبية.
3) إن قول جون ستيوارت مل بأن العالم يجب أن ينطلق من الملاحظة إلى التجربة وأن يتجاهل الفرضية قول ناقص مجانب للصواب بدليل إن العالم ملزم بتحليل الملاحظة تحليلا عقليا وخاصة إذا كان العالم يتصف بالموضوعية العلمية فهو عند تحليله يكون قد استعمل الفرضية التي تؤسسها للقانون العلمي.