منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الربيع الدامي
الموضوع: الربيع الدامي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-18, 12:54   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
د.عادل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسيـم البـرج مشاهدة المشاركة
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
عندما يداوم الذّئب افتراس الحمل الوديع فإنّ عمله هذا يعدّ بطولة وطبيعة وغريزة... وعندما يثور الحمل الوديع ويرفض منطق الإفتراس اليومي، فيصبح هاهنا وحشا يجب التّخلّص منه.
عندما نتكلّم عن أشياء لا نعيها ولا نستوعبها، بل ونصبح عرّافين نستكشف المستقبل ونحكم عليها بتخلّفنا الفكريّ والنّفسيّ، فارتقب السّاعة.
وهذا هو ديدن الكائنات الطّفيليّة، تعيش لتعيش لا حاضر ولا مستقبل، إنّما همّها شجرة فارعة تقاسي من أجل تواجدها واستمرارها، تتطفّل عليها.
لسنا تونسيّين أكثر من التّونسيّين ولا المصريّين ولا اللّيبيّن ولا اليمنيّين ولا السّوريّين ولا أيّ ثائر أراد الحياة. لسنا شيئا لسنا تواجدا، نحن العدم فلم التّحدّث عن التّواجد والأشياء.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ , أَوْ قَالَ : الْجِذْلَ فِي عَيْنِهِ " . وإن كانوا ليسوا لنا إخوة.
تبرير الطغيان و التنظير له من أخطر مظاهر إنحراف العقل البشري عن الطريق السوي ... و الإنحراف الأخطر أن تتخذ مقاومة الطغيان أساليب الطغيان نفسه و أدواته ... إن سلوك الذئب النفترس و الحمل الوديع لا يخرج عما اودع الله فيهما من غرائز، و لم نسمع بحيوان خرج عن فطرته و تمرد على غرائزه .. أما بنو البشر ففي منزلة هي عند الله أكرم و قد حباهم بأعظم ما خلق سبحانه و تعالى و هو العقل ... و العقل ضابط لسلوك البشر و هو الفيصل في الحكم على تصرفاتهم.
لا احد يبرر الطغيان و التسلط و الإستبداد و الظلم، و حتى أكثر المنافقين ينكرون ذلك علنا ... و لكننا في هذا الزمن الرديء ما عدنا قادرين إلا على التفكير بمنطق " مع أو ضد " ... و صار أكبر همنا أن نصنف الناس صنفين لا ثالث لهما، فإما أن تبارك ما نريد و إما أن نتعبرك عميلا و خائنا و منافقا ... إما أن تنضم إلى صفنا و تتبنى أفكارنا و تؤمن بوسائلنا و إلا فلا مكان لك في الوجود و لا حق لك في التعبير عن رأيك.

نحن أكثر الأمم عجزا عن فصل الأهداف عن الوسائل، رغم أن ديننا الحنيف يعملنا أن الغاية لا تبرر الوسيلة و أن مشروعية الهدف من مشروعية الوسيلة و أنه متى كانت الوسيلة محرمة كانت الغاية أكثر حرمة .

نحن لم نقل يوما أن الثورة على الطغيان أمر مستهجن .. بل ندعو لأن تكون الثورة سلوكا يوميا عاما ... لكننا نناقش الوسائل و الأدوات و المناهج ، و جميعنا بالتالي يريد الوصول إلى نفس النقطة و لكن من طريقين مختلفين .. فلماذا يعطي أحدنا الحق لنفسه في إعتبار مجرد إختلاف الطرق خيانة و عمالة و عشقا للعبودية ؟

ثم إننا نكاد نجن و نحن نتابع مثل هذه النقاشات ... الجميع يحدثنا بإسم الإسلام أو العروبة ..ثم يتدخل أحدنا ليقول أننا لن نكون أكثر وطنية من هذا الشعب أو ذاك ... يبدو إذن أن منطلقات الحوار ليست نفسها و هي ليست ثابتة و إنما يتم تطويعها لخدمة فكرة معينة في مقام معين ليتم بعد ذلك الإنقلاب عليها في مقام آخر.

فإن نكن نتحدث كمسلمين و كعرب، لا يحق لأحد أن يمنعنا من الحديث عن شؤون كل العرب و كل المسلمين .. أما إذا كنا نتحدث عن الوطنية الضيقة فليتوقف الجميع عن الترويج لما يحدث في بلدان معينة بذاتها بذريعة نصرة الحق و نصرة العقيدة و ما إلى ذلك من مفاهيم و إن كانت محقة فإن إستخدامها على النحو الخطأ يجعل منها خطأ هي أيضا و باطلا.

و نتهم بأننا عرافون ؟ و لو صدر كلامنا من جهات أوروبية لكانت لدى البعض مرجعا و رأيا يستحق الإحترام .... لأن العقل العربي يؤمن بعجزه عن إستشراف المستقبل الذي صار علما لدى الأمم الأخرى و ما يزال عن البعض رجما بالغيب.

وصلنا في هذا الزمن الرديء إلى بروز فئة من الناس تحتكر الإيمان و توزع صكوك الغفران و تحتكر العقل و توزع إثباتات طبية بالسلامة العقلية و تحتكر الوطنية فتصدر أحكام الإدانة بالخيانة العظمى ...

لا أحد يريد أن بفهم أننا ندين القتل و التخريب و التدمير و الفتن و تقسيم الأوطان و المجتمع ... ولا ندين الثورة التي لا تتبنى هذه الوسائل.

لا نحارب ثقافة التمرد على الظلم بل نحارب ثقافة تبرير القتل....

و أهم من هذا كله ... نحن نقول لمن ينعم بالأمن و السلامة و ينام بين ذراعي زوجته أن لا يتحدث عن هذه الأمور نيابة عن أولئك الذين يحملون بين أذرعهم يوميا جثامين زوجاتهم و أبنائهم و آبائهم.

و ختاما أقول ... لو لم يتم إستعمال السلاح في سوريا مثلا لكان النظام السوري قد سقط منذ زمن بعيد و بأقل من الخسائر الحالية ....

أنت ترون أننا نختلف في مسألة واحدة .. هناك من يبرر القتل و هناك من يقف ضد القتل ... أما الثورة كقيمة فمن قال لكم أننا ضدها .. ربما حين كنا نناضل نحن من أجل التغيير كنتم أنتم تنظرون لعدم جواز الخروج عن ولي الأمر ... فلا داعي لكل هذه المزايدات التي لا يلجأ إليها سوى من تعوزه الحجج.

فهل منكم من يقول لي إن كان يبرر القتل ؟ سيقول البعض أن القتل جاء ردا على القتل .. و سأقول لكم أن الضحايا أبرياء دوما مهما كانت الجهة التي تطلق الرصاص ... أم أنكم تعتبرون الضحايا خسائر هامشية غير مهمة مقارنة بالهدف ؟

أي هدف هذا الذي يجعلني أضغط على زناد الموت لأطلق رصاصة تصيب طفلا أو شيخا أو إمرأة أو بريئا ... ماذا تقولون لله سبحانه و تعالى حين يسألكم بأي ذنب قتلتم هؤلاء الأبرياء الذين حرم الله دماءهم .... أم أنكم أصلا تبيحون دماءهم ؟

إن كان الأمر كذلك فصارحونا على الأقل لنعرف كيف تحكمون و لنكف عن مناقشتكم ....









رد مع اقتباس