أصبح العلماء يجمعون أن للقهوة فوائد صحية لا توفرها معظم المشروبات، إن هي استهلكت باعتدال ولم يكن هناك محذور من شربها، فبالإضافة إلى تأثيرها المعروف في تنشيط الانتباه والذاكرة ورفع الهمة، ثبت أنها تخفض من احتمال الإصابة بمرض السكري، وبالسكتة الدماغية وبعض الأمراض العصبية، مثل مرضي باركنسون والزهايمر، وأمراض القلب والشرايين، وحتى بعض أنواع السرطان.
ولكن، يبدو أن هناك شروطاً لهذه الفوائد كي تتحقق، منها عدم شكوى المستهلك من بعض الأمراض كالارتجاع المعدي الحامضي (الجزر الهضمي)، ومنها اعتدال كمية القهوة المستهلكة التي يجب ألا تزيد عن قدرة استيعاب المستهلك (والتي تختلف من شخص لآخر)، ومنها انتخاب الأوقات المناسبة لتناول هذا المشروب الذي يعشقه أكثر الناس.
فما هي أفضل أوقات شرب القهوة التي ينصح بها الأطباء اليوم؟
لقد اكتشف الباحثون أن الصباح الباكر (الذي ينتخبه كثيرون للاستعانة بالقهوة على الصحو من النوم)، قد يكون أسوأ أوقات تناولها على الإطلاق!
والسبب الأساسي، هو أن الساعات الأولى من الصباح هي التي يكون فيها مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم في حدوده العليا (ومن وظائفه نقلنا من حالة الركود الذهني الذي يميز النوم إلى حالة اليقظة)، فتعطل القهوة -إذا شربت في الصباح الباكر- من تأثير الكورتيزول و"تتنافس" معه على أداء مهمة الصحو، ما يجعلنا نعتمد تدريجياً على القهوة في الصباح، ونفقد قدرتنا على التكيف مع متطلبات الاستيقاظ والصحو بدونها.
أما السبب الآخر لتجنب شرب القهوة في الصباح الباكر، والذي لا يقل أهمية عن الأول، فقد أصبح الخبراء يدركون أن القهوة مثبطة للشهية، وبذلك فهي تحيدنا عن تناول وجبة كافية من الفطور الصباحي، الذي يعتبر أهم وجبة في اليوم على الإطلاق.
وهناك وقت آخر يستحسن ألا تشرب فيه القهوة، ألا وهو بضع ساعات قبل اللجوء للنوم، فقد اكتشف الباحثون أن الكافئين يتداخل مع ساعتنا البيولوجية الطبيعية، فيمنع عنّا النوم في المساء ويعسر علينا الصحو في الصباح.
وينصح هؤلاء الخبراء أن نبتعد عن شرب القهوة بعد الساعة السادسة مساء (أو أقل من ذلك) إذا أردنا ألا تؤثر على سباتنا.
وأما أفضل الساعات لشرب القهوة، فيتفق خبراء الصحة والتغذية أنها بعد تناول الفطور، بين العاشرة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر.
الدكتور سامي القباني