منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مسؤولية الناقل البحري للبضائع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-26, 15:01   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي مسؤولية الناقل البحري للبضائع

مــــقــــدمــــة





يتميز الوقت الحاضر بوجه خاص بازدياد أهمية النقل وذيوعه وانتشاره تبعا لنمو العلاقات بين مختلف البلدان والشعوب سواء من الناحية الإقتصادية أو الناحية الفكرية. وقد إقترن ذلك بتطور هائل في وسائل النقل وأساليبه فأصبحت تقوم به القطارات و السيارات والطائرات بعد أن كانت تقوم به العربات التي تجرها الحيوانات والسفن والمراكب التي تسير بالشراع.



وقد إستتبع هذا التطور إختلاف النظام القانوني للنقل تبعا لإختلاف وسيلة النقل والوسط الذي يؤدي فيه، بحيث وجد نظام قانوني خاص لكل من النقل البري و النقل البحري و النقل الجوي. بل إن مختلف موضوع النقل إستتبع بدوره تطبيق نظام قانوني مختلف بحسب ما إذا كان النقل للأشياء أو للأشخاص.



ويلاحظ أن النقل البحري يخضع لقواعد خاصة يضمنها القانونالبحري و معاهدة بروكسل المتعلقة بتوحيد سندات الشحن الموقعة في25/08/1924 ، إلا أن عجز هذه الإتفاقية في الواقع المعاش عن مواكبة التطور الإقتصادي لكونها كانت تخدم مصالح الدول الناقلة أكثر من الدول الشاحنة خاصة في مجال الإعفاء من المسؤولية، وعلى هذا الأساس برزت الحاجة إلى تغيير هذا الوضع إلى أن ظهر البروتوكول المعدل لمعاهدة بروكسل في سنة 1968 وبعده البروتوكول المعدل لهذا البروتوكول سنة 1997 وقبل ذلك وقعت إتفاقية هامبورغ بتاريخ31/03/1978، و التي إستمد منها المشرع الجزائري معظم أحكامه فيما يتعلق بمسؤولية الناقل البحري.



إلا أنه لا يمكن التطرق لدراسة مختلف أحكام مسؤولية الناقل البحري للبضائع دون التعريج قليلا على مفهوم عقد النقل البحري للبضائع باعتباره يبقى هو أساس هذه المسؤولية.



ويعرف عقد النقل البحري على أنه العقد الذي يتعهد فيه الناقل بأن ينقل بحرا بضاعة الشاحن لقاء أجر معلوم وهو نفس التعريف الذي جاء به المشرع الجزائري في نص المادة 738 من القانون البحري حيث نص" يتعهد الناقل بموجب عقد نقل البضائع عن طريق البحر. بإيصال بضاعة معينة من ميناء إلى ميناء آخر، ويتعهد الشاحن بدفع المكافأة و المسماة أجرة الحمولة".
ويتضح لنا جليا من خلال هذا التعريف أن عقد النقل البحري هو عقد رضائي ينعقد بتطابق إرادتي المجهز أو الناقل و المستأجر أو الشاحن دون ثمة حاجة لإجراء لاحق ولا ينقص من رضائية العقد أنه يجب أن يكون مكتوبا ، إذ أن الكتابة مشترطة للإثبات فحسب لا للإنعقاد .

وكذلك يعتبر عقد النقل من عقود المعاوضة فلابد من أجر يدفعه المرسل أو المرسل إليه مقابل الخدمة التي يؤديها الناقل و تحدد أجرة النقل بإتفاق الطرفين ولكن الغالب أن يحدد الناقل الاجرة مقدما تحديدا عاما بالنسبة لجميع المرسلين وهو ما يعرف بتعريفة النقل.

وفي نفس السياق، فإن عقد النقل البحري يبرم بين شخصين هما الناقل من جهة و الشاحن من جهة أخرى، فالناقل هو الذي يلتزم بنقل البضاعةبحرا. و الغالب أن يكون مجهزا للسفينة التي تنقل عليها البضاعة. أما الشاحن، فهو الذي يقدم بضاعته للنقل وقد يرسل الشاحن بضاعته لنفسه ، كما لو أرسل محل تجاري منتجاته إلى أحد فروعه في الخارج. إلا أن الغالب ان يحصل النقل لمصلحة شخص اخر غير الشاحن يعرف بالمرسل اليه إلا أن هذا الأخير ليس طرفا في عقد النقل ولكن أثاره تنصرفإليه على أساس فكرة الإشتراط لمصلحة الغير.

وبالرغم من أن عقد النقل البحري يعد من قبل الأعمال التجارية مما يستشف منه أنه يخضع لمبدأ حرية الإثبات. إلا أن المشرع إشترط لإثباته الكتابة وهي ليست للإنعقاد وبالتالي لا يترتب على تخلفها البطلان.

بحيث في مجال نقل البضائع بحرا ليس ثمة ما يمنع من إفراغ العقد في وثيقة خاصة يتم إثبات العقد بها.هذه الوثيقة التي يصدرها الناقل البحري إلى الشاحن عند تسلم البضائع منه، تعرف بسند الشحن البجري الذي يلعب دورا مهما في إثبات العقد ودوره يتجاوز مجرد الإثبات إذ تدور أحكام العقد وتنفيذه حول هذا الصك لتمثيل سند شحن البضائع، فيجوز تداولها بتداوله ويقرر لحامله الشرعي حق إستلام البضائع من الناقل البحري في ميناء الوصول

والجدير بالذكر أن عقد النقل البحري يرتب إلتزامات على عاتق كل من الطرفين المرسل و الناقل فيلتزم المرسل بتسليم البضاعة للناقل و دفع أجرة النقل ويلتزم الناقل بتسلم البضاعة ونقلها وتسليمها إلى المرسل إليه في نهاية النقل. وهذا ما يستنتج منه أن تنفيذ عقد النقل البحري يمر بعدة مراحل تبدأ بتسلم الناقل البضاعة من الشاحن، ثم شحنها على متن السفينة ورصها ثم نقلها وتفريغها في ميناء الوصول وأخيرا تسليمها إلى المرسل إليه. ومن خلال هذا، يظهر لنا أن المسؤولية التي تقع على عاتق الناقل البحري للبضائع مسؤولية كبيرة وهو موضوع دراستنا في هذه المذكرة مع إعطاء بعض الأمثلة من الإجتهادات القضائية التي قضت فيها المحكمة العليا بقراراتها.
وعلى حسب كل ما تطرقنا إليه في هذه المقدمة فإنه يطرح علينا عدة إشكالات منها :
أ‌)متى تبدأ مسؤولية الناقل؟
ب‌)ما هي الأثار الناجمة التي تترتب على هذه المسؤولية بالنسبة للناقل البحري؟
وسنوضح ذلك كله فيما يلي