منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التعديل الدستوري مذكرتي الخاصة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-23, 15:12   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










Icon16 تابع

المطلب الثاني:العمل السياسي في الجزائر
إن الحديث عن حرية العمل السياسي يقودنا إلى الحديث عن حرية العمل الحزبي، على اعتبار أن الحزب السياسي يمثل الإطار المنظم والمضبوط لأي نشاط سياسي تتحد فيه الأفكار والرؤى المنسجمة لبلورة برنامج يهدف من ورائه أصحابها إلى تولي السلطة. ويعرف الحزب (Le parti) حسب معجم Larousse على أنه مجموعة أشخاص تعارض مجموعة أشخاص أخرى في الأفكار، المصالح... . في حين عرفه بعض الفقه على أنه اتحاد مجموعة من الأفراد يبذلون جهودا مشتركة من أجل المصلحة الوطنية، بالاستناد إلى بعض المبادئ التي يعتنقونها. وعرفه الأستاذ B.CONSTANT (1816) على أنه اجتماع عدد من الناس يعتنقون العقيدة السياسية نفسها . كما عرف الحزب السياسي على أنه جماعة متحدة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل الديمقراطية للفوز بالحكم بقصد تنفيذ برنامج سياسي معين .
وعموما يمكن تعريف الأحزاب السياسية على أنها تنظيمات شعبية تستقطب الرأي العام و تستهدف تولي السلطة في الدولة . و يسمى الحزب بالسياسي لأنه يقوم بينه و بين الدولة تناغم وانسجام فيكرس نفسه للمصلحة العامة .
و قد وضع الأستاذ Joseph LaPalombara أربعة معايير لتمييز الحزب السياسي: الأول هو كون هذا التنظيم يتصف بالدوام، فتكون أهداف الحياة السياسية أسمى من أهداف مسيريه. و المعيار الثاني هو كون هذا التنظيم يتصف بالشمولية فيضمن وجود شبكة دائمة و كاملة للعلاقات بين مسيري الحزب وقاعدته الشعبية. و المعيار الثالث هو الرغبة المعلنة لممارسة السلطة. أما المعيار الأخير فهو الرغبة في البحث عن دعم شعبي.
و تتعدد الأنظمة الحزبية فنجد نظام الثنائية الحزبية(Le dualisme des partis) كما هو الحال مثلا بالنسبة للحزب الجمهوري و الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية. وهناك نظام تعدد الأحزاب (La multipartisme)، إضافة إلى نظام الحزب الواحد (Le parti unique) الذي ظهر في القرن العشرين كأحد الأنظمة الشمولية.
الفرع الأول: العمل السياسي قبل اقرار التعددية
و بالنسبة للجزائر فلم تعرف التعددية الحزبية إلا حديثا. فغداة الاستقلال اختارت القيادة السياسية نظام الحزب الواحد، و تجسد ذلك في المادة 23 من دستور سنة 1963 التي نصت على أن جبهة التحرير الوطني هو حزب الطليعة في الجزائر، فاستولت الجبهة على الحزب وعلى الدولة و كذا على الأمة. غير أن دستور سنة 1963 لم يعمر طويلا إذ سرعان ما تم إلغاؤه بسبب الأحداث التي عرفتها الجزائر نهاية سنة 1963. ثم جاء التصحيح الثوري في 19 جوان 1965 و تلاه صدور إعلان 10 جويلية 1965 الذي عزز من قبضة الحزب الواحد على الدولة. و لم يأت دستور سنة 1976 بجديد عندما نص في المادة 94 على أن النظام التأسيسي الجزائري يقوم على مبدأ الحزب الواحد.
غير أنه مع وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين و خلافته بالرئيس الشاذلي بن جديد، بدأت ملامح الصراع تتجلى داخل الحزب بظهور جناح محافظ لنهج الراحل هواري بومدين وجناح إصلاحي كان يقوده الرئيس الشاذلي بن جديد . و قد أدت الإصلاحات التي باشرها هذا الأخير إلى تردي الأوضاع الاجتماعية، وانتهى الأمر باندلاع أحداث 05 أكتوبر 1988 والتي حاولت السلطة احتواءها بالإعلان عن موجتين من الإصلاحات، كانت إحداها تحويل الحزب إلى جبهة تضم مختلف الحساسيات التي يتكون منها المجتمع. لكن هذه المحاولات فشلت ولم تصمد أمام ضغط الشارع و تأثيرات الظرف الدولي، فحدثت القطيعة مع النظام الدستوري المنبثق عن دستور سنة 1976 و تم تبني دستور جديد في 23 فبراير 1989 باستفتاء شعبي وكرس لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة نظام التعددية الحزبية.
الفرع الثاني: العمل السياسي في ظل دستور 1989
إن اختيار التعددية الحزبية كوسيلة لتنشيط و تفعيل الحياة السياسية، كان نتيجة لتبني نظام الديمقراطية اللبرالية الذي تم تدشينه من قبل الجزائر من خلال دستور 23 فبراير 1989 والذي نص في الفقرة الأولى من مادته الأربعين على أن حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به .
ونظام التعددية السياسية هذا عدا عن كونه مجموعة مبادئ و قواعد و مجموعة آليات و مؤسسات، فهو يعد تيارا فكريا تدعمه فلسفة معينة تتمحور حول فكرة ترقية الفرد في كنف الجماعة و تقويم وجوده من خلال الدفاع والمحافظة على حقوقه وحرياته، كما أنه يعد من أهم أركان ودعائم فكرة دولة القانون. وينبني هذا النظام على عناصر قاعدية رئيسية هي:
• قيام التمثيل الشعبي على أساس انتخابات حرة.
• مبدأ الفصل بين السلطات يضمن رقابة البرلمان لأعمال الحكومة.
• تسلسل القواعد القانونية يحكمه مفهوم دولة القانون.
و لأن دستور سنة 1989 لم يفصل في كيفية ممارسة حق العمل السياسي كان لزاما على المشرع أن يتدخل في هذا الشأن، و بالفعل فلم يمض وقت طويل حتى صدر القانون 89/11 المؤرخ في 05 يوليو 1989 المتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي، و الذي وضع الإطار العام لكيفية ممارسة هذا الحق بدءا من تحديد شروط التأسيس مرورا بالواجبات القانونية التي تحكم نشاط هذه الجمعيات، وانتهاء بضمانات الممارسة.

أولا: شروط تأسيس الجمعيات ذات الطابع السياسي في ظل قانون 89/ 11
لم ينص القانون 89/11 صراحة على تعريف محدد للجمعية ذات الطابع السياسي و اكتفى بالتركيز على الغاية المتوخاة منها، عندما نص على أن الجمعية ذات الطابع السياسي تستهدف جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي ابتغاء هدف لا يدر ربحا وسعيا للمشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية و سلمية . و الملاحظ أن القانون 89/11 لم يشترط لإنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي سوى تصريحا تأسيسيا، ويكون ذلك بإيداع ملف لدى الوزير المكلف بالداخلية يتضمن :
• طلب مصادق عليه يوقعه ثلاثة أعضاء مؤسسين تذكر فيه أسماء الأعضاء المؤسسين والمسيرين على المستوى الوطني و ألقابهم و أماكن ميلادهم ووظائفهم.
• ثلاث نسخ من القانون الأساسي يجب أن يشمل حسب المادة 13 على اسم الجمعية وأهدافها وتشكيل جهاز التداول و الهيئة التنفيذية و كيفيات انتخابها و تجديدها، ومدة العضوية فيها، التنظيم الداخلي والأحكام المالية.
• نسخ من شهادات ميلاد الأعضاء المؤسسين والمسيرين.
• نسخ من شهادة السوابق القضائية رقم ثلاثة (03) للأعضاء المؤسسين.
• شهادة جنسية الأعضاء المؤسسين و المسيرين.
• شهادة إقامة الأعضاء المؤسسين و المسيرين.
• اسم الجمعية و عنوان مقرها و كذا عنوان ممثلياتها الجهوية والمحلية.
و هكذا تبنى المشرع الجزائري نظام التصريح أو الإخطار وهو أخف القيود على الإطلاق، بحيث أن النشاط هنا يكون غير محظور ، لكن يتعين إخطار السلطة المختصة التي هي وزارة الداخلية هنا لكي تستطيع اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية النظام العام. و يسمى نظام التصريح أو الإخطار بالنظام الردعي «Le régime répressif»، و هو يعكس الاتجاه الديمقراطي الحر و يمثل الرؤية الديمقراطية في تنظيم الحريات. و الإخطار نوعان: إخطار مقترن بحق الإدارة في الاعتراض، وهنا يقترب هذا الإجراء من نظام الترخيص. و إخطار غير مقترن بحق الإدارة في الاعتراض، وهذا يترتب عليه مزاولة الشخص لحريته دون انتظار موافقة من الإدارة. و من قراءة نص المادة 17 من القانون 89/11 يفهم منها أن المشرع مال لإعطاء وزارة الداخلية حق الاعتراض و ذلك عندما أتاح لمن في حال عدم نشر وصل إيداع الملف في الأجل المحدد رفع دعوى قضائية، و من المعلوم أن اللجوء إلى القضاء لا يكون إلا بصدد نزاع.
و تجدر الإشارة إلى أن أي تغيير في القيادة أو الإدارة أو في القانون الأساسي أو إنشاء ممثليات جهوية أو محلية جديدة يجب أن يصرح بذلك إلى وزارة الداخلية حسب نفس الأشكال، أي بتصريح إلى وزارة الداخلية وهذا خلال أجل شهر من قرار الهيئة المحدث للتغيير .
و علاوة على نظام التصريح نشير إلى تيسير المشرع للشروط الخاصة بعدد المؤسسين، حيث أن المادة 14 من القانون 89/11 تتطلب ألا يقل عدد المؤسسين والمسيرين عن خمسة عشر (15) عضوا فقط، تشترط فيهم بعض الشروط العامة و هي:
• الجنسية الأصلية أو المكتسبة منذ عشر سنوات على الأقل.
• أن يكون عمر المؤسس خمسا وعشرين (25) سنة على الأقل.
• أن يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية ولم يسبق أن حكم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف.
• ألا يكون قد سبق له سلوك مضاد للثورة التحريرية.
• أن يكون مقيما في التراب الوطني.
لم يشترط القانون 89/11 توزيعا معينا للمؤسسين، مما يعني أنه يمكن تأسيس حزب سياسي بالشروط السابقة بعدد مؤسسين لا يقل عن خمسة عشر (15) عضوا قد ينتمون إلى منطقة جغرافية واحدة إن لم نقل من مدينة واحدة، أي تأسيس الحزب على أساس جهوي، وهو أمر أغفله المشرع بشكل ترك تناقضا مع نص المادة 05 من نفس القانون التي تمنع تأسيس جمعية ذات طابع سياسي على أساس جهوي !.
ثانيا: الالتزامات الملقاة على عاتق الجمعيات ذات الطابع السياسي
فبمقابل الشروط التأسيسية المخففة التي جاء بها قانون 89/11، نص هذا الأخير على بعض الالتزامات التي يتعين على الجمعيات ذات الطابع السياسي مراعاتها والتي من ضمنها ضرورة أن تساهم كل جمعية ذات طابع سياسي من خلال أهدافها في :
• المحافظة على الاستقلال الوطني و السلامة الترابية و الوحدة الوطنية و دعمها.
• دعم سيادة الشعب و احترام اختياراته الحرة.
• حماية النظام الجمهوري و الحريات الأساسية للمواطن.
• تدعيم و حماية الازدهار الاجتماعي والثقافي للأمة في إطار القيم الوطنية العربية الإسلامية.
• احترام التنظيم الديمقراطي.
• حماية الاقتصاد الوطني من كل أشكال التلاعب والاختلاس والاستحواذ أو المصادرة غير المشروعة.
و يجب عليها أيضا أن تمنع في برنامجها وأعمالها التعصب والتزمت و العنصرية و التحريض على العنف بكل أشكاله أو اللجوء إليه، وأن تستعمل اللغة العربية في ممارستها الرسمية. و كما سبقت الإشارة، لا يجوز لأي جمعية ذات طابع سياسي أن تبني تأسيسها وعملها على قاعدة أو على أهداف تتضمن الممارسات الطائفية والجهوية والإقطاعية والمحسوبية، إقامة علاقات الاستغلال و التبعية، السلوك المخالف للخلق الإسلامي و قيم ثورة نوفمبر، والأهم ألا تبني تأسيسها على أساس ديني فقط أو على أساس لغوي أو جهوي أو على أساس الانتماء إلى جنس أو عرق واحد أو إلى وضع مهني معين.
كما يمنع على الجمعية ذات الطابع السياسي التعاون أو ربط أية علاقات مع أي طرف أجنبي على قواعد تخالف أو تناقض أحكام الدستور والقوانين المعمول بها، أو قد تجعل من الجمعية فرعا لتجمع سياسي أجنبي. و هذا يدخل ضمن إطار حماية الأمن القومي للبلاد و ضمان استقلالية الجمعيات السياسية وعدم خضوعها لجهات أجنبية، حتى تعمل دون تأثير خارجي على تحقيق المصلحة العامة في البلاد .
و رغم أن النصوص واضحة في عدم جواز إنشاء جمعية ذات طابع سياسي على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، إلا أنه قد تم أنذلك اعتماد عشرة (10) جمعيات سياسية أعلنت نشأتها على أساس ديني وعقائدي . وهنا يطرح التساؤل عن السبب الذي حال دون تطبيق القانون على الجمعيات أثناء مراحل تأسيسها، مع العلم أن طول إجراءات التأسيس كفيل بإبراز هذا الأمر؟ ثم إن بعض الدول الديمقراطية المعروفة بعلمانيتها تتيح قيام الأحزاب على أساس ديني، و من أمثلتها الحزب المسيحي الديمقراطي في كل من ايطاليا و ألمانيا دون أن يؤثر ذلك على الديمقراطية في شيء .
ثالثا:الضمانات المكفولة لحرية العمل السياسي في ظل القانون 89/11
في مقابل الالتزامات التي نص عليها القانون 89/11، تم النص كذلك على جملة من الضمانات، وأولاها تسليم وزارة الداخلية للوصل بإيداع ملف تأسيس الجمعية التأسيسية. و خلال شهرين تتولى وزارة الداخلية رقابة المعلومات و صحة مضمون التصريحات الواردة في الملف التأسيسي، على أن تقوم خلال نفس الأجل بنشر وصل إيداع الملف في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية. وهنا نجد بعض الغموض: فمن جهة تنص المادة 15 على ضرورة نشر الوصل خلال الشهرين المواليين لتاريخ إيداع الملف، ثم بعدها تنص المادة 16 على قيام السلطة المختصة ( التي هي وزارة الداخلية) بكل دراسة أو بحث أو تحقيق لازم لرقابة صحة مضمون التصريحات والاستماع إلى كل عضو. و هنا قد يطرح التساؤل: ماذا لو تم نشر الوصل في الجريدة الرسمية قبل انقضاء أجل الشهرين، ثم بعد ذلك ارتأت الإدارة ممارسة حقها في فحص ومراقبة الملف التأسيسي، و تبين لها وجود تحريف في المعلومات المصرح بها و هذا كله قبل انقضاء أجل الشهرين، هل يمكن لوزارة الداخلية سحب الوصل بنفس الإجراء إذا ثبت لديها وجود تحريف في المعلومات الواردة بالملف؟.
في الواقع هذه التساؤلات هي وليدة الصياغة غير الموفقة لنص المادة 16 من القانون 89/11. وكان من الأحرى لو تمت الصياغة مثلا كما يلي: " تقوم السلطة المعنية قبل نشر الوصل ( بدل عبارة : خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 15 من هذا القانون) بكل دراسة أو بحث أو تحقيق...
و عموما فإن وضع أجل زمني للإدارة هو في حد ذاته ضمانة أساسية مادام ذلك يحول دون تعسف الإدارة و تماطلها عن نشر وصل إيداع الملف التأسيسي، خاصة وأن هذا الأخير يكتسي أهمية بالغة كون الجمعية السياسية تكتسب الشخصية المعنوية والأهلية القانونية من تاريخ ذلك النشر. و بالتالي يمكنها مباشرة نشاطاتها والحصول على مساعدات من الدولة و تلقي هبات و وصايا و كذا إصدار نشرية أو نشريات دورية...
و إضافة إلى هذه الضمانات الإدارية نجد ضمانات أخرى قضائية، ففي الحالة التي لا يتم فيها نشر وصل إيداع الملف التأسيسي في الجريدة الرسمية خلال أجل الشهرين من يوم إيداع الملف، تنص المادة 17 من القانون 89/11 على وجوب قيام وزير الداخلية برفع القضية إلى الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر خلال الأيام الثمانية التي تسبق انتهاء هذا الأجل ( أي أجل الشهرين).
كما أن أي طلب من وزير الداخلية بتوقيف الجمعية أو حلها يجب أن يرفع إلى الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر. وهذه ضمانة مهمة أيضا كون أن القانون وضع سلطة توقيف الجمعية أو حلها بيد القضاء وليس بيد الإدارة، و حدد حالات اللجوء إلى القضاء لتوقيف الجمعية و هي حالة الاستعجال أو حالة خطر يوشك أن يحل بالنظام العام أو خرق الجمعية للقوانين السارية، إذ على القاضي أن يتأكد من توافر هذه الحالات. والفصل في طلب التوقيف يكون وفق إجراءات الاستعجال في خلال الشهر الموالي لرفع القضية أمامه( أي أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر)، و يجوز استئناف القرار الصادر أمام الغرفة الإدارية للمحكمة العليا (الجهة الاستئنافية في المواد الإدارية سابقا) وفقا للقواعد العامة، أي في مدة 15 يوما من تاريخ تبليغ القرار. وعلى الغرفة أن تفصل في الاستئناف في مدة شهر تبدأ من يوم رفع الاستئناف. ولا تغني دعوى الاستعجال لغرض التوقيف التي يرفعها وزير الداخلية عن دعوى الموضوع التي قد يرفعها وزير الداخلية أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر بغرض حل الجمعية السياسية، و في هذه الحالة يتعين الفصل في هذه الدعوى خلال شهر من رفعها. و يكون القرار الصادر قابلا للاستئناف أمام الغرفة الإدارية للمحكمة العليا (مجلس الدولة حاليا) التي يتعين عليها البث فيه خلال أجل شهر كذلك من رفع القضية إليها. و قد لجأ وزير الداخلية إلى هذه الإجراءات لتوقيف أحد الأحزاب السياسية وهو حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ و ذلك على اثر الأحداث التي تلت وقف المسار الانتخابي في ديسمبر1991.


الفرع الثاني: العمل السياسي في دستور1996
أولا: شروط تأسيس الحزب السياسي وفقا للقانون الأمر 97/09
1- مرحلة التصريح التأسيسي
تتمثل هذه المرحلة في التصريح بتأسيس حزب سياسي بإيداع الأعضاء المؤسسين ملفا لدى الوزير المكلف بالداخلية مقابل وصل. و يجب أن يشتمل هذا الملف على :
• طلب تأسيس الحزب يوقعه ثلاثة أعضاء مؤسسين.
• تعهد يحرره ويوقعه خمسة وعشرون (25) عضوا مؤسسا على الأقل يقيمون في ثلث عدد ولايات الوطن على الأقل باحترام أحكام الدستور والقوانين المعمول بها، والتعهد بعقد المؤتمر التأسيسي للحزب في أجل أقصاه سنة واحدة ابتداء من نشر وصل التصريح في الجريدة الرسمية.
• مشروع القانون الأساسي للحزب السياسي في ثلاث نسخ، إضافة إلى مشروع تمهيدي للبرنامج السياسي.
• مستخرجات من عقود ميلاد الأعضاء المؤسسين و كذا مستخرج من صحيفة السوابق القضائية رقم 03 لهؤلاء الأعضاء و شهادات إقامتهم، إضافة إلى شهادات الجنسية الجزائرية الخاصة بهم.
• اسم الحزب و عنوان مقره وعناوين ممثلياته المحلية إن وجدت.
• شهادة تثبت عدم تورط مؤسس الحزب المولود قبل 1942 في أعمال ضد الثورة التحريرية.
و يشترط في العضو المؤسس أن يكون عمره خمسة وعشرون(25) سنة على الأقل، وأن يتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية و لم يتم الحكم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف.
و يتولى وزير الداخلية مراقبة صحة المعلومات الواردة في ملف التصريح و ذلك في أجل ستين يوما من تاريخ إيداع الملف. و يمكنه أن يطلب تقديم أية وثيقة ناقصة و كذا تعويض أو سحب أي عضو لا تتوفر فيه الشروط القانونية. و إذا رأى أن شروط التأسيس المطلوبة قانونا لم تستوف، عليه أن يبلغ رفض التصريح التأسيسي بقرار معلل قبل انقضاء أجل الستين يوما، ويكون القرار قابلا للطعن فيه أمام القضاء. أما إذا لم يكن هناك ما يتطلب الرفض، يتولى الوزير المكلف بالداخلية نشر الوصل في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في أجل ستين (60) يوما الموالية لإيداع الملف. و يتعين التصريح لوزارة الداخلية بأي تغيير قد يطرأ على قائمة أعضاء قيادة وتسيير الحزب، أو قد يطرأ على قانونه الأساسي أوفي حال إنشاء هياكل محلية جديدة خلال شهر على الأكثر من تاريخ التغيير.
و خلافا للقانون 89/11 فإن إجراء نشر الوصل لا يترتب عليه تمتع الحزب بالشخصية القانونية ولا يخول سوى الحق في ممارسة أنشطة حزبية من أجل تمكين الأعضاء المؤسسين من تحضير الشروط اللازمة لعقد المؤتمر التأسيسي للحزب. و يجب أن يعقد هذا الأخير في حدود سنة من تاريخ نشر وصل التصريح التأسيسي، و إلا كان التصريح التأسيسي لاغيا. و يسقط بالتالي كل نشاط حزبي يمارسه الأعضاء المؤسسون تحت طائلة عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 50.000 إلى 100.000 دج.
ولا ينعقد المؤتمر التأسيسي صحيحا إلا إذا كان يمثل خمسا و عشرين (25) ولاية على الأقل، و يجب أن يجمع بين أربعمائة (400) و خمسمائة (500) مؤتمر ينتخبهم ألفان و خمسمائة (2500) منخرط على الأقل يقيمون في خمس وعشرين (25) ولاية على الأقل، على ألا يقل عدد المؤتمرين عن ستة عشر (16) شخصا عن كل ولاية، و عدد المنخرطين عن مائة (100) من كل ولاية، و يجب أن يعقد المؤتمر في التراب الجزائري. و تثبت شروط صحة انعقاد المؤتمر التأسيسي بموجب محضر يحرره محضر قضائي أو موثق.
و جلي هنا أن قانون الأحزاب السياسية شدد من شروط التأسيس خلال هذه المرحلة على الرغم من أن مرحلة الاعتماد لم تبدأ بعد. بحيث أنه بعدما كان قانون 89/11 يشترط ألا يقل عدد المؤسسين والمسيرين عن خمسة عشر (15) عضوا فقط دون تحديد لتوزيعهم الجغرافي ، و دونما إشارة إلى عدد المؤتمرين أو المنخرطين ولا إلى عقد مؤتمر تأسيسي، نجد أن الأمر 97/09 رفع نصاب الأعضاء المؤسسين إلى خمس وعشرين (25) عضوا على الأقل يقيمون فعلا في ثلث ولايات الوطن، هذا إضافة إلى اشتراط عقد مؤتمر تأسيسي يحضره عدد معتبر من المنخرطين يمثلون خمسا وعشرين ولاية (25) على الأقل مع اشتراط نسبة معينة لا يجب أن ينزل عنها تمثيل كل ولاية.
و واضح هنا أن المشرع الجزائري حاول تلافي العيوب التي وقع فيها قانون 89/11 بحيث لا يتم تأسيس حزب سياسي على أساس جهوي. و مع ذلك يمكن القول أن عدد المؤتمرين أو المنخرطين الذي يتطلبه القانون مبالغ فيه نوعا ما بالنسبة لحزب لم يعتمد بعد ولا يزال برنامجه مجهولا للرأي العام. هذا إذا أضفنا إن الأمر 97/09 لم يذكر ما إذا كان المؤتمرون معفون من التصريح بالاجتماع أم لا ؟ لأنه في الحالة الأخيرة سيكون عليهم إيداع تصريح للإدارة الممثلة في الوالي أو من ينوب عنه( حسب الحالة) ، وفق ما تنص عليه المادة الخامسة من القانون 89/28 المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية المعدل والمتمم بالقانون 91/19، مع العلم أن المادة 06 مكرر من هذا القانون تتيح للوالي أو من يفوضه منع الاجتماع إذا تبين جليا أن القصد الحقيقي من الاجتماع يشكل خطرا على حفظ النظام العام. وواضح هنا أن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة تتيح لها وأد الحزب السياسي في مهده وهذا بمنع عقد مؤتمره التأسيسي بحجة الحفاظ على النظام العام.
2- مرحلة طلب الاعتماد
فبعد استنفاذ إجراء التصريح التأسيسي وعقد المؤتمر التأسيسي في آجاله القانونية، فلا يتبقى أمام الحزب السياسي ليرى النور إلا الحصول على اعتماد من قبل وزارة الداخلية، و يكون ذلك بإيداع ملف طلب اعتماد لدى الوزارة المذكورة في ظرف خمسة عشر (15) يوما الموالية لانعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب. وهنا قد يطرح التساؤل: ماذا لو استمر المؤتمر لعدة أيام ؟ و ماذا لو لم يتوصل المؤتمرون إلى تشكيل هياكل الحزب ووضع نظامه الداخلي إلا بعد اجتماع تجاوز أجل الخمسة عشر يوما ؟ فابتداء من أي يوم تحسب مهلة الخمسة عشر يوما لتقديم طلب الاعتماد ؟ لأنه إذا سلمنا هنا بحساب هذه المهلة من تاريخ الانعقاد فهذا يعني سقوط أجل تقديم طلب الاعتماد وبالتالي عدم حصوله على الاعتماد من قبل الإدارة. وعليه فإن هذا الغموض قد يتسبب في التقييد على حرية تأسيس الحزب . و كان الأحرى النص على احتساب الأجل من يوم اختتام المؤتمر والذي يثبت من تاريخ تحرير المحضر من قبل الموثق أو المحضر القضائي الذي يحضر أشغال المؤتمر التأسيسي. كما أن القانون لم يحدد لنا حالة انقضاء أجل الخمسة عشر يوما دون تقديم طلب الاعتماد، هل يترتب على ذلك بطلان جميع الإجراءات السابقة والمتمثلة في التصريح التأسيسي وعقد المؤتمر التأسيسي ؟ وبالتالي إعادة إجراءات تأسيس الحزب كلها من البداية وهذا أمر غير معقول، أم أن الأمر يقتصر على بطلان الإجراء الأخير المتمثل في المؤتمر التأسيسي، وبالتالي يتعين إعادة عقد المؤتمر التأسيسي فقط و تقديم طلب الاعتماد من جديد في الآجال القانونية وهو ما لم يحدده القانون !.
و يتكون ملف طلب الاعتماد من الوثائق التالية :
• نسخة من محضر عقد المؤتمر.
• القانون الأساسي للحزب في ثلاث نسخ.
• برنامج الحزب في ثلاث نسخ.
• تشكيلة الهيئة المداولة.
• تشكيلة الهيئتين التنفيذية و القيادية.
• النظام الداخلي للحزب.
هذا إضافة إلى الوثائق المتعلقة بشهادات ميلاد المؤسسين و جنسيتهم الجزائرية وكذا مستخرج من صحيفة السوابق العدلية رقم 03. و هنا نتساءل لماذا يلزم المؤسسون بتقديم وثائق سبق لهم تقديمها أثناء قيامهم بالتصريح التأسيسي لذات الجهة الإدارية ؟
كما نلاحظ أن قانون الأحزاب السياسية الجزائري يشترط تقديم طلب الاعتماد إلى وزارة الداخلية، وإذا علمنا السلطة التقديرية الواسعة المخولة لهذه الأخيرة والثغرات القانونية والغموض الذي يعتري بعض أحكام الأمر 97/09، يمكننا استنتاج مدى السلطة التي يتمتع بها وزير الداخلية لتقييد إنشاء الحزب السياسي. و بالمقابل و رغم أنه يعتمد نظام الترخيص هو الآخر فقد كان قانون الأحزاب السياسية المصري أكثر توفيقا عندما أناط بموجب القانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل و المتمم سلطة منح الاعتماد إلى لجنة شؤون الأحزاب، وتتشكل هذه الأخيرة من:
• رئيس مجلس الشورى رئيسا، و عند غيابه يخلفه أحد وكيلي المجلس.
• وزير العدل.
• وزير الداخلية.
• وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب.
• ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يتم اختيارهم بقرار من رئيس الجمهورية .
و نلاحظ هنا أن المشرع المصري حاول إيجاد قدر من التوازن في تشكيل هذه اللجنة درءا لتعسف الإدارة، بحيث نص على تمثيل السلطة التشريعية في شخص رئيس مجلس الشورى، و على تمثيل الإدارة في شخص وزير العدل و وزير الداخلية ووزير الدولة لشؤون مجلس الشعب، كما نص على تمثيل السلطة القضائية في شخص ثلاثة من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم. بمعنى أنه حرص على تمثيل السلطات الثلاث في الدولة لضمان أكبر قدر من التوازن والشفافية لعمل هذه اللجنة.
و على الرغم من توجيه بعض الفقه المصري لانتقادات لتشكيل هذه اللجنة على أساس أنها ( حسبهم) تطغى عليها سلطة الإدارة، و هذا بسبب رجحان تمثيل الحكومة على تشكيلتها .إلا أنه و رغم ذلك يتعين الإقرار بإيجابية القانون المصري في هذه النقطة مقارنة بالقانون الجزائري الذي يمنح سلطة الاعتماد للإدارة بصورة مطلقة.
المطلب الثاني: الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق الحزب السياسي
علاوة على الشروط التأسيسية التقييدية التي جاء بها الأمر 97/09 المتضمن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، فقد أدرج هذا القانون العديد من الالتزامات التي تحكم نشاطها والتي من ضمنها الامتثال للمبادئ والأهداف الآتية :
• احترام و تجسيد مبادئ ثورة أول نوفمبر 1954.
• نبذ العنف و الإكراه كوسيلة للتعبير و/أو العمل السياسي أو الوصول إلى السلطة و/أو البقاء فيها والتنديد به.
• احترام الحريات الفردية و الجماعية واحترام حقوق الإنسان.
• توطيد الوحدة الوطنية.
• الحفاظ على السيادة الوطنية.
• الحفاظ على أمن التراب الوطني وسلامته واستقلال البلاد.
• التمسك بالديمقراطية في إطار احترام القيم الوطنية و تبني التعددية السياسية.
• احترام الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة، و كذا التداول على السلطة عن طريق الاختيار الحر للشعب الجزائري.
و يجب على الحزب السياسي أن يستعمل اللغة الوطنية والرسمية في نشاطه الرسمي. و لا يجوز أن يبني تأسيسه أو عمله على قاعدة أو أهداف تتضمن الممارسات الطائفية و الجهوية و الإقطاعية والمحسوبية أو مخالفة للخلق الإسلامي و الهوية الوطنية و رموز الجمهورية و كذا قيم ثورة أول نوفمبر 1954، ولا على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي. و يمنع عل الحزب السياسي تحويل وسائله لغرض إقامة تنظيم عسكري أو شبه عسكري أو المساس بالأمن و النظام العام. كما يمنع عليه ربط أية علاقة مع أي طرف أجنبي على قواعد تخالف أحكام الدستور و القوانين المعمول بها أو تلقي أي دعم مالي أو مادي سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جهة أجنبية، أو ربط علاقة من شأنها أن تعطيه شكل فرع أو جمعية أو تجمع سياسي أجنبي، وتبعا لذلك يتعين عليه أن يمسك حسابا بالقيد المزدوج لأملاكه المنقولة و تقديمها سنويا إلى الإدارة المختصة و تبرير مصدر موارده المالية . و يحظر على الحزب أيضا إقامة علاقة عضوية أو تبعية أو علاقة ولاء مع نقابة أو جمعية أو أية منظمة مدنية أخرى.
كما لا يجوز لأي حزب سياسي أن يختار لنفسه اسما أو رمزا أو علامة أخرى يملكها حزب أو منظمة تسبقه في الوجود، أو ملكتها حركة من قبل و كان عملها مخالفا لمصالح الأمة و مبادئ الثورة التحريرية .
و جلي هنا أن المشرع الجزائري أخذ العبرة من الأحداث الأليمة التي عرفتها البلاد مطلع التسعينات عقب وقف المسار الانتخابي و قيام بعض الأحزاب أنذلك على أساس ديني وعرقي أو جهوي فحرص المشرع على سد الثغرات التي ميزت القانون 89/11. بل إن المادة التاسعة التي تمنع استعمال الحزب لتسمية أو رمز كان من قبل ملكا لحركة كان سلوكها مخالفا لمصالح الأمة، إنما يفهم منه إلغاء أية إمكانية مستقبلا لعودة الحزب المنحل باسمه السابق و بتشكيلة جديدة.
و نتيجة لهذا كله كان على الأحزاب النشطة على الساحة السياسية أن تتكيف مع أحكام القانون الجديد، فتقلص عدد الأحزاب السياسية نتيجة لعدم تمكن البعض منها من توفير الشروط القانونية، وغير البعض الآخر تسميته كحركة المجتمع الإسلامي التي غيرت تسميتها إلى حركة مجتمع السلم.

خاتمـة
من خلال دراستنا لموضوع التعديل الدستوري في الجزائر و الذي تناولنا في فصله الأول النظام القانوني للتعديل الدستوري في الجزائر و تعرضنا لتعريف التعديل الدستوري و بيان أهميته ثم تناولنا إجراءات التعديل الدستوري و بيان أهميته و من ثم إجراءات التعديل الدستوري من خلال دراسة مقارنة بين دساتير (1963-1976-1989-1996). ثم تطرقنا للصياغة القانونية للتعديل الدستوري بنوع من التفصيل نظرا للأهمية التي تكتسيها الوثيقة الدستورية أما في الفصل الثاني تناولنا آثار التعديل الدستوري على النظام السياسي في الجزائر، و تعرضنا لمضمون التعديلات التي عرفتها الدساتير الجزائرية ثم آثار هذه التعديلات على الحقوق و الحريات العامة و على مبدأ الفصل بين السلطات و أخيرا آثار التعديل على المجتمع المدني و العمل السياسي في الجزائر.
و من خلال هذه الدراسة نصل إلى التوصيات التالية:
1. فيما يخص المبادرة باقتراح التعديل الدستوري، ما يلاحظ هنا أن دستور 1963 لا يشترط سوى أغلبية مطلقة لأعضاء المجلس الوطني، أما دستور 1996 طبقا للمادة 177 منه، يشترط توفر 3 ثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعتين معا، و هذا يعني أنه من الصعب جدا على البرلمان الجزائري أن يتقدم باقتراح التعديل، بل قد يستحيل ذلك عند قراءة الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة سابقا و التي تشترط عرض التعديل على رئيس الجمهورية الذي يمكن أن يطرحه على الاستفتاء فالمبادرة بعرض التعديل على الشعب لاستفتاء تبقى رهينة قبول رئيس الجمهورية.
2. ضبط الصياغة القانونية للوثيقة الدستورية و ذلك بإعادة صياغة جل المواد التي تفتقر للصياغة القانونية بالمعنى الفني.
3. احترام سمو القواعد الدستورية و يكون ذلك بأن يتم إقرار التعديل بالأغلبية المطلقة، فلا يمكن أن نساوي بين القواعد الدستورية و القوانين العضوية من حيث النصاب.
4. ضبط التوازن بين السلطات فالجزائر كما هو واضح متأثرة بالنظام البرلماني حيث تمنح صلاحيات واسعة على حساب البرلمان فحق الحل مثلا و الذي هو أهم الآليات التي تلجأ الحكومة إليه في النظام البرلماني للضغط على السلطة التشريعية و هو كذلك أحد أدوات إيجاد التوازن و المساواة بين السلطتين التشريعية و التنفيذية. لأنه يقابل مسؤولية الحكومة أمام البرلمان، مسؤولية فردية و تضامنية، لكن في النظام الدستوري الجزائري فقد منح حق الحل لرئيس الجمهورية بدل الحكومة و هذا يزيد في قوة ردع المعارضة في البرلمان حتى لا تفكر في سحب الثقة من الحكومة أو الضغط عليها لتقديم استقالتها. و في نفس الوقت فالرئيس ليس مسؤولا أمام البرلمان و إنما الحكومة هي المسؤولة أمام البرلمان.
فهذا يبين الاختلال الواضح في التوازن لصالح السلطة التنفيذية (الرئيس) و بالنتيجة فان ثنائية الجهاز التنفيذي الذي استحدثه النظام الجزائري تأثرا بالنظام البرلماني أو بالنظام المختلط (شبه رئاسي برلماني) لا يهدف إلى إيجاد التوازن بين السلطتين و إنما أصبح وسيلة لعرقلة عمل السلطة التشريعية، بل و عمل الحكومة في نفس الوقت.
و يتوجب احترام مبدأ تعيين الوزير الأول من الحزب الفائز بالأغلبية و عند عدم توافر الأغلبية البرلمانية يعين الرئيس شخصا محل ثقة من أغلبية أعضاء البرلمان، و هذا يجسد الاختيار الحقيقي للشعب و يمثل فعلا رغبة الرأي العام في المجتمع.
و ينبغي أيضا تبني فكرة التوقيع المجاور للوزير الأول و للوزير المعني إلى جانب توقيع رئيس الجمهورية على المراسيم و القرارات لأنه لا يعقل أن يمارس الرئيس كل تلك الصلاحيات الممنوحة له دستوريا دون مسائلة.
5. منح صلاحيات أوسع للوزير الأول في المجالات التنظيمية لكي يتمكن من تطبيق برنامجه السياسي بكل حرية.
6. منح صلاحيات واسعة للجان البرلمان في التحقيق و التحري و مراقبة كيفيات استعمال الموارد المالية من قبل السلطة التنفيذية.
7. التخفيف من صلاحيات مجلس الأمة و تحويله إلى هيئة علمية عليا بدل هيئة للعرقلة و تكرار العمل التشريعي، حيث تقوم هذه الهيئة بفحص مدى ملائمة و مشروعية القوانين و ضبط صياغتها القانونية و مضمونها قبل تقديمها للسلطة التنفيذية بعد المصادقة عليها من قبل المجلس الشعبي الوطني.
8. فيما يخص سلطات الرئيس في الحالة الاستثنائية لابد من وضع ضوابط دستورية دقيقة لاستعمال هذا المجال حتى لا تحدث تجاوزات تمس بحقوق و حريات الأفراد.
9. إلغاء نظام الدورتين للبرلمان و تعويضه بنظام الدورة الواحدة و يستلزم ذلك إلغاء سلطة التشريع بأوامر بين دورتي البرلمان.
10. فيما يخص المادة 74 من الدستور الجزائري لعام 1996 و التي أصبحت بمقتضاها المدة الرئاسية مفتوحة فان الحكمة لا تكمن في تعديل هذه المادة من الدستور و التي تعتبر مكسبا ديمقراطيا إضافيا للمجتمع و إنما يمكن التفكير في الحلول العملية الاستثنائية في الأحكام الانتقالية في الدستور و بالتشاور مع الفعاليات السياسية.
11. في مجال الحقوق و الحريات العامة يجب تضمين الدستور الجزائري للرقابة القضائية على عملية الانتخابات.
12. فيما يخص المجتمع المدني فانه من الضروري على الدولة الجزائرية أن تملأ الفراغ الحاصل بينها و بين المجتمع المدني ذلك أن هذا الأخير يلعب دورا هاما و فعالا في صنع التغيير الاجتماعي و السياسي، و في الاتجاه الذي يؤدي إلى تصعيد مستوى الوعي السياسي و العمل على بناء الدولة الجزائرية من الباطن.
13.على المشرع الدستوري الجزائري أن يصدر القانون العضوي الخاص بالمحكمة العليا للدولة، و إصدار قانون خاص ينظم إجراءات اتهام و متابعة الوزراء و الشخصيات العامة في الدولة.
14. إعادة الاعتبار للسلطة التشريعية و إعطاءها مكانة في النظام الدستوري الجزائري.
15. فيما يخص العمل السياسي فلابد من مراجعة قانون الأحزاب السياسية و الحد من القيود المفروضة على العمل السياسي، بتوفير ضمانات لامتثال الإدارة للقانون.
و نرجوا في الأخير أن نكون قد وفقنا في الإلمام بالموضوع و لو بالجزء اليسير و لا ندعي الكمال