كَصَفْعَةٍ كَانَ وقعُهَا الأبْيَاتْ.. أَ صَحيحٌ يفعَلُ هَكَذَا الرِّجَال أسْتَاذْ أحمَدْ..؟ فَإنْ كَانَ نَعَمْ.. هَل أُصَدِّقُ مُنْذُ الآنْ أنَّ ذاكَ مَا بغُرورٍ ولاَ كِبريَاءٍ مِنَ الرَّجُل، وإنَّمَا وفاَءٌ حقًّا؟ مَرَّ يَومَانِ وَأنَا أقرأُ ذَاتَ الصَّفحَةِ مِنْ رِوايَةْ، أستَاذْ أحمَدْ.. وَ ليسَ لأنَّني مُهتمَّةٌ جِدًّا بمَا جَاءَ في الصَّفحَة.. أصبَحَ يُخيَّلُ إليَّ كثيرًا أنَّني شَيءٌ غَريبٌ هذِهِ الأيَّامْ.. شَيءٌ مَا كَانَ يَجِبُ أنْ يحمِلَ قلبًا، مَا كَانَ يَجِبُ أنْ يُخلَقْ..! لاَ شكَّ أنَّكَ سَتَقُول عَنيِّ غَبيَّةْ كَمَا يفعَلُ هُو دومًا حِينَ أهْذِي بِهذَا الشَّكْل ( )، وَلكنْ لاَ بأسْ، تَتَملَّكُني رَغْبةٌ صَاخِبَةٌ لِلثَّرثَرة وَ البَوْح وَ النَّحِيبِ منذُ قرأتُ أبيَاتَكَ اللَّيلَةْ أستَاذْ أحمَد.. ولاَ يُهمُّ مَا إنْ كُنتَ سَتُنصِتُ بشَغَفٍ إليَّ.. ولاَيهمُّ مَا إنْ كُنتَ تَعرِفُني أو تَعرِفُ مَاضِيَّ.. ولاَ يهمُّ أنْ تَسألَ ( لِمَاذاَ ) أوْ ( كيفْ ؟ ) أحتَاجُ فقطْ إلىَ غَريبٍ أُبلِّلُ كَتِفَهُ بدَمعي دُونَ أنْ يتَعَاطَفَ مَعي، أوْ يأبَهَ لمأسَاتي.. دُونَ أنْ يتذكَّرَ شيئًا مِنْ بَوحي لوْ حَدَثَ والتَقيْنَا يومًا آخَرْ.. بلْ لغَريبٍ لاَ يَكُونُ بيني وَ بينَهُ لقَاءٌ ثانٍ.. لاَ يَكُونُ بيننَا سِوَى لحظَاتٍ نتقَاطَعُ فيهَا، فَأُهدِيهِ جُرحًا مُجعَّدًا، ثُمَّ يَختَفي.. يَا لسُخرِيَة الحيَاةْ..! أليسَ سَخيفًا أنَّنَا لاَ نحظىَ بِفُرصةٍ لِلتَّجَرُّءِ وَ الجُنُونِ مَع الغُربَاءِ أبدًا، أستَاذْ أحمد؟ ثُمَّ كَيفَ تَستَطيعُ أنْ تكُونَ شاعرًا مَرحًا أستَاذْ أحمَد؟ هَل تُخبرُني السِّر؟ ( ).. فإنَّ نَفْسي آثِمَةٌ جدًّا.. ولهذَا لاَ اُحبِّني الآنَ.. ولهذَا أنشَقُّ منيِّ الآنْ.. تعلَّمتُ أشياءَ كَثيرًا قَبيحَةْ قَبلَ أنْ أكبُرَ كِفايَة.. تعلَّمتُ أنْ أتكسَّرَ قَبلَ أنْ يُحبَّ قَلبي كِفايَةْ.. تَعلَّمتُ أنْ أبكيَ قَبلَ أنْ أضحَكَ كِفايَةْ.. تعلَّمتُ كيفَ اُربيِّني.. علىَ وَجَعٍ وَ دَمْعٍ وَ رُعْبٍ وَ خوَاءٍ، وَ ارتِطَامٍ كَثيرْ.. قَبلَ أنْ أتعلَّمَ كيفَ اُضمِّدُ جُرحي.. وَلكنَّني لاَ أبكي الآنَ.. ولاَ أتألَّمُ ولاَ أضحَكْ.. وَلاَ أدري مَابيَ.. أتذكَّرُ فقطْ كيفَ كُنتُ طِفلةْ.. وكيفَ كَانَتِ الحيَاةُ تتَمَوَّجُ حَولي ذَاتَ يَومٍ.. مِنْ علىَ ظَهرِ "كَرُوسَالْ*".. أستَاذْ أحمَد.. لاَ بُدَّ أنْ تُطلِعَني علىَ السِّرْ ، لاَ بُدّ ! الكَرُوسَالْ..*