منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التأمينات الاجتماعية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-12, 14:13   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

المطلب الأول: التسوية الإدارية لمنازعات التأمينات الإجتماعية.

تسهيلا للإجراءات في مجال المنازعات المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية، جعل المشرع الجزائري من نظام التسوية الودية الداخلية الأصل في السعي إلى حلها و تفادي اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة إلا في حالة استحالة تسويتها وديا، لذا تم إنشاء أجهزة داخلية على مستوى هيئات الضمان الإجتماعي، مهمتها النظر و الفصل في التظلمات التي يرفعها المؤمن لهم في مواجهة هيئة الضمان الإجتماعي.

الفرع الأول: التسوية الإدارية للمنازعات العامة.
تتم التسوية الودية للخلافات التي تدخل في إطار المنازعات العامة ضمن الأجهزة الإدارية المخولة لها صلاحيات تسويتها، و التي تتمثل في اللجنة المحلية المؤهلة للطعن المسبق كجهة أولى في الطعن. ثم إلى اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن المسبق كجهة ثانية و ذلك في حالة الإعتراض على قرارات اللجنة الحلية للطعن.
هذا و يتم وجوبا عرض المنازعة على لجنة الطعن المسبق، بحيث نصت المادة 04 من القانون 08/08 على أنه " ترفع الخلافات المتعلقة بالمنازعات العامة إجباريا أمام لجان الطعن المسبق، قبل أي طعن أمام الجهات القضائية." و منه تعتبر إجراءات التسوية الداخلة قيد شكلي على رفع الدعوى و يترتب على تخلفه عدم قبولها شكلا. و هو ما يستخلص من قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 17 فبراير 1992 الذي قضى بإلغاء حكم المحكمة لعدم إحترام الإجراءات الشكلية السابقة عن اللجوء إلى القضاء. " مجلة قضائية للمحكمة العليا. ج 2. ص 134 و ما يليها". و القرار الصادر عن الغرفة الإجتماعية للمحكمة العليا بتاريخ 04/07/2007 تحت رقم 2279 و الذي انتهى إلى نقض و إبطال قرار المجلس و بدون إحالة مع تمديد النقض إلى الحكم المستأنف، إذ جاء في حيثياته ".... كان على المطعون ضده أن يطرح أمره على لجنة الطعن المسبق، لأنه لا يمكن طرح النزاع مباشرة أمام القضاء...."
كما أن القرار الصادر بتاريخ 05/03/2008 تحت رقم 01087/08 تضمن نفس الحكم بقضاءه بنقض وإبطال القرار المطعون فيه الصادر عن المجلس بدون إحالة مع تمديد النقض إلى الحكم المستأنف بحيث جاء في حيثياته." ..... إذ لا يمكن طرح النزاع مباشرة أمام القضاء، و بالتاي تكون دعوى الطاعنين سابقة لأوانها..... ".
بالإضافة إلى أن العمل القضائي إستقر على تطبيق هذه الأحكام كما هو ثابت من خلال الحكم الصادر عن القسم الإجتماعي لمحكمة وهران 26/11/2008 تحت رقم 5722/08 و الذي قضى بعدم قبول الدعوى لعدم قيام المدعية بإتباع إجراءات التسوية الداخلة للمنازعة العامة.
و بإعتبارها كجهة أولى للطعن، تنشأ اللجنة المحلية المؤهلة للطعن على مستوى الوكالات الولائية أو الجهوية لهيئات الضمان الإجتماعي. و يتم تحديد عدد أعضائها عن طريق التنظيم على أن تشمل و تتشكل من:
- ممثل عن العمال الأجراء
- ممثل عن المستفيدين
- ممثل عن هيئة الضمان الإجتماعي
- طبيب.
و فيما يتعلق بالإجراءات فإنه يتم رفع الطعن وجوبا كتابيا مع الإشارة إلى أسباب الإعتراض على القرار و ذلك إما بموجب رسالة موصى عليها مع إشعار بالإستيلام، أو بإيداع عريضة لدى أمانة اللجنة مقابل وصل إيداع خلال 15 يوم من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه، و كل ذلك تحت طائلة عدم القبول، بمعنى أنه إذا تخلف أحد الشروط المذكورة من كتابة الطعن و ذكر أسباب الإعتراض و إرساله برسالة موصى عليها أو إيداعه أمانة اللجنة أو عدم إحترام آجال الطعن فإن اللجنة في هذه الحالة لا تستجيب للطاعن و لا تدرس طعنه و ذلك لعدم قبول إجراءات الطعن.
و تجدر الإشارة إلى أن تقديم الطعن أو إرساله يجب أن يكون إلى الجهة المختصة أي إلى اللجنة المحلية المؤهلة للطعن و لا يعتد بالطعن المرسل إلى هيئات الضمان الإجتماعي بالرغم من أن مقر هذه اللجان يوجد على مستوى الوكالات الولائية أو الجهوية لهيئات الضمان الإجتماعي كما سبق و أشرنا إليه. و هو ما يستخلص كذلك من القرار الصادر عن الغرفة الإجتماعية لمجلس قضاء وهران بتاريخ 27/05/2007 تحت رقم 2444/07 الذي قضى بتأييد الحكم الصادر عن محكمة وهران و الذي قضى من جهته بعدم قبول الدعوى شكلا بدعوى أن المستأنف وجه رسالة الطعن إلى صندوق التأمينات الإجتماعية بدلا من أن يوجهها إلى لجنة الطعن المسبق.
و في حالة قبول الإجراءات تبت اللجنة في الطعون التي يرفعها المؤمن لهم اجتماعيا على أن تتخذ قرارها لزوما في أجل 30 يوم إبتداءا من تاريخ استلام عريضة الطعن. و الذي يتم تبليغه برسالة موصى عليها مع إشعار بالإستلام أو بواسطة عون مراقبة معتمد لدى هيئات الضمان الإجتماعي مقابل محضر إستلام و ذلك في أجل 10 أيام من تاريخ صدور القرار.
و باعتبارها درجة ثانية من درجات الطعن الإداري، تختص اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن المسبق و التي تنشأ على المستوى المركزي لدى كل هيئة للضمان الإجتماعي بالنظر و البت في الطعون المرفوعة إليها ضد القرارات التي تتخذها اللجان المحلية المؤهلة للطعن و ذلك إما لتأكيد صحتها أو لإلغائها في حالة عدم تطابقها مع تشريع الضمان الإجتماعي.
و عن تشكيلة هذه اللجنة و تنظيمها و سيرها، فقد نصت المادة 10 الفقرة 02 من القانون 08/08 على أن يتم ذلك عن طريق التنظيم.
يتم إخطار اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن المسبق بالإستئنافات المرفوعة أمامها وجوبا و تحت طائلة عدم القبول، إما عن طريق البريد برسالة موصى عليها مع إشعار بالإستلام، و إما بواسطة عريضة تودع مباشرة لدى أمانة اللجنة مقابل تسليم وصل إيداع.
و في هذا الإطار حدد المشرع الجزائري آجال إيداع الطعون في القرارات التي تصدرها اللجنة الولائية المؤهلة للطعن و ذلك خلال 15 يوم إبتداءا من تاريخ إستلام تبليغ القرار المعترض فيه، أو في غضون الستون (60) يوما التي تلي تاريخ إيداع عريضة الطعن في قرار هيئة الضمان الإجتماعي إذا لم يتلقى المعني أي رد على عريضته.
و في جميع الأحوال يجب كذلك أن يكون الطعن مكتوب و أن يشير بوضوح إلى أن الأسباب التي استند عليها الإعتراض على القرار على أن تكون هذه الأسباب جدية. و على اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن المسبق أن تبت في الطعون المرفوعة إليها خلال 30 يوم التي تلي تاريخ إستلام عريضة الطعن، و أن تبلغ قراراتها فيما يخص نتائج الطعون إما برسالة موصى عليها مع إشعار بالإستلام، أو بواسطة عون مراقبة معتمد من طرف هيئات الضمان الإجتماعي مقابل محضر إستلام و ذلك في أجل عشرة (10) أيام من تاريخ صدورها.
و يترتب عن الطعن في قرارات هيئات الضمان الإجتماعي بإعتباره قيد شكلي يجب إستيفاءه قبل رفع النزاع أمام الجهات القضائية المختصة، و أن الإمتثال لإجراءات الطعن له أثر موقف لتنفيذها إلى حين الفصل إداريا في النزاع، و بمعنى آخر فإن قرارات الضمان الإجتماعي لا تسري على كل طرف يكون قد طعن فيها أمام اللجان المختصة، و من جهة أخرى فإنه لا يمكن عرض النزاع على القضاء إلا بعد فشل إجراءات التسوية الودية الداخلية على مستوى جهات الطعن المختصة و ذلك سعيا إلى محاولة فض النزاعات القائمة بين هيئات الضمان الإجتماعي و المؤمن لهم في أقرب الآجال، و يكفي للتأكد من ذلك الرجوع إلى المدة الزمنية المحددة للجان المؤهلة للطعن للبت في النزاعات المعروضة عليها و التي لا تتعدى الشهرين (02)
و فيما يخص آجال الطعن القضائي الواردة بالمادة 15 من القانون 08/08، فقد يفهم من قراءتها بأنه على الطاعن أن ينتظر إنتهاء أجل 30 يوم في حالة إتخاذ اللجنة الولائية المؤهلة للطعن للقرار و توصله بالتبليغ، أو إنتهاء أجل 60 يوم من تاريخ إيداع العريضة في حالة عدم الرد. و هو ما قضت به المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 09/01/2002 في الملف رقم 228085 حينما نقضت القرار الصادر عن المجلس بدعوى مخالفته لأحكام المادة 14 من القانون 83/15 ( تقابلها المادة 15 من القانون 08/08 ). و مما جاء في حيثياته. " حيث أن قضاة الموضوع أثاروا تلقائيا فوات آجال ثلاثة أشهر المنصوص عنها بالمادة 14 من القانون 83/15، ذلك أنه كان يتعين حسب رأيهم على الطاعن أن يقوم بدعواه أمام الجهة القضائية في ظرف أجل ثلاثة أشهر إبتداءا من تاريخ إيداع العريضة أمام اللجنة الأولى، و الحال أن ما نصت عليه المادة 14 من القانون السالف الذكر تقتضي الحق للطاعن أن يرفع دعواه أمام الجهة القضائية بعد إنتظار ثلاثة أشهر إبتداءا من تاريخ إيداع العريضة أمام اللجنة ........."
في حين أنه من جانبنا نرى أن الأمر يقتضي غير ذلك، ذلك أنه في الحالة الأولى أي في حالة تسليم تبليغ القرار المعترض فيه، يجوز للطاعن أن يرفع الطعن إبتداءا من يوم التبليغ ذاته إلى غاية إنتهاء مهلة 30 يوم.
أما في حالة عدم البت في الطعن، سواء من طرف اللجنة الولائية أو اللجنة الوطنية المؤهلة في الآجال المحددة، فإنه يجوز للمعترض أن يطعن فيها إلى الجهة المختصة إدارية أم قضائية بحسب الحالة و ذلك إبتداءا من أول يوم يلي تاريخ إنتهاء الآجال القانونية للبت في طعنه و المقدرة ب 30 يوم على ألا يتعدى أجل 30 يوم أخرى تحت طائلة عدم القبول. و هو ما استقرت عليه الممارسة القضائية من خلال القضاء بعدم قبول الدعاوى المرفوعة خارج الآجال القانونية كما يتبين من الحكم الصادر عن القسم الإجتماعي لمحكمة وهران بتاريخ 26/11/2008 تحت رقم 5739/08 و الذي قضى بعدم قبول دعوى المدعية المرفوعة خارج الآجال بعدما تبين لها بأن المدة الموجود بين تاريخ تبليغ قرار اللجنة الوطنية للطعن المسبق و تاريخ رفع الدعوى قد تجاوزت الأجل الممنوح للمدعية بالرغم من عدم إثارته من طرف المدعى عليه.

الفرع الثاني: التسوية الإدارية للمنازعات الطبية.
باعتبار المنازعات الطبية التي تنشأ بمناسبة تطبيق قوانين التأمينات الإجتماعية من المسائل الفنية، فإن تسوية الخلافات التي تلحق بها من حيث طبيعتها تتم وفق إجرائين تتكفل بهما هيئتين متكاملتين و هما الخبرة الطبية و لجان تقدير العجز. ذلك أن النزاعات التي تنشأ بين هيئة الضمان الإجتماعي و المستفيد من التأمين لاسيما منها تلك المتعلقة بالمرض و القدرة على العمل و الحالة الصحية للمريض و التشخيص و العلاج، و هي الحالات الواردة في المادة 17 من القانون 08/08 على سبيل المثال لا الحصر و هو ما يستخلص من عبارة " و كذا كل الوصفات الطبية الأخرى" و الواردة في ذات المادة و التي تفيد بأن كل الحالات المرضية للمستفيد من التأمين بالمفهوم الواسع للمرض يدخل في إطار المنازعات الطبية.


أولا: الخبـرة الطبيــة.
باعتبارها نوع من التحكيم الطبي التخصصي لتقديم الوصف و للتحديد الدقيق للأضرار أو العجز الناتج عن المرض محل النزاع، فقد أخضع المشرع النزاعات الطبية للخبرة الطبية كإجراء أولي وجوبي لتسوية النزاع داخليا. فهي بمثابة جهة طعن أولى ترفع أمامها الإعتراضات ضد القرارات التي تصدرها هيئة الضمان الإجتماعي و المتخذة بناءا على رأي طبيبها المستشار حول الحالة الصحية للمستفيد من التأمين بإستثناء ما تعلق منها بقبول العجز و كذا درجاته و مراجعة حالته بإعتبار أنها تدخل في إختصاص عمل لجنة العجز الولائية المؤهلة. و يتم اللجوء إلى الخبرة الطبية بإتباع الإجراءات القانونية و التي
تباشر حسب المادة 20 من القانون 08/08 بمقتضى طلب يتقدم به المستفيد من التأمين إلى هيئة الضمان الإجتماعي بعد إشعاره و تبليغه بجميع القرارات المتخذة بشأن حالته الصحية لتمكينه من الإعتراض عليها و المطالبة بإجراء خبرة طبية. و يقصد بالتبليغ في مفهوم ذات المادة إشعار المعني و تبليغه شخصيا بقرار الطبيب المستشار وفق القواعد المقررة لبدء سريان المهلة المحددة لتقديم طلب إجراء الخبرة. و هو ما إستقر عليه قضاء المحكمة العليا و الذي خلص إلى أن عدم ثبوت تبليغ المعني بالأمر بصفة رسمية بقرار الهيئة يبقي حقه قائما في المطالبة بإجراء الخبرة و ذلك في القرار الصادر عن الغرفة الإجتماعية بتاريخ 20 ديسمبر 1994 في الملف رقم 119321 و المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1995 العدد الثاني (02) صفحة 169 و ما يليها.
و عند الإعتراض يمنح للمستفيد من التأمين أجل 15 يوم لتقديم طلب الخبرة الطبية من نفس الهيئة، و أن هذا الطلب يخضع بدوره إلى إجراءات معينة، بحيث يتعين أن يتم كتابة مع وجوب إرفاقه بتقرير الطبيب المعالج، و أن يوجه إما بواسطة رسالة موصى عليها مع إشعار بالإستلام، كما يمكن إيداعه لدى مصالح هيئة الضمان الإجتماعي مقابل وصل إيداع و ذلك عملا بأحكام المادة 20 من القانون 08/08.
و فيما يخص تعيين الخبير، فإن القانون قد قيد هيئة الضمان الإجتماعي بضرورة الإستجابة لطلب المستفيد من التأمين و ذلك خلال ثمانية (08) أيام تحسب إبتداءا من تاريخ إيداع طلب الخبرة الطبية، حيث نصت المادة 22 من القانون 08/08 على أنه " يجب على هيئة الضمان الإجتماعي أن تباشر إجراءات الخبرة الطبية في أجل ثمانية (08) أيام إبتداءا من تاريخ إيداع الطلب."
و الأصل في تعيين الخبير أن يتم بإتفاق المستفيد من التأمين بمساعدة طبيبه المعالج من جهة، و هيئة الضمان الإجتماعي من جهة أخرى و ذلك من بين قائمة الأطباء الخبراء التي يتم إعدادها من قبل الوزارة المكلفة بالصحة و الوزارة المكلفة بالضمان الإجتماعي بعد الإستشارة الملزمة لمجلس أخلاقيات الطب. بحيث تلتزم هيئة الضمان الإجتماعي بتقديم إقتراح كتابي للمستفيد من التأمين يتضمن تحديد ثلاثة (03) أطباء خبراء على الأقل من أجل تعيين واحد من بينهم أو رفضهم في أجل أقصاه ثمانية (08) أيام تحت طائلة سقوط حقه في المشاركة في تعيينه بإنقضاء هذا الأجل.
و يعتبر الإتفاق على تعيين الطبيب الخبير من الإجراءات الجوهرية، ذلك أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تبادر هيئة الضمان الإجتماعي إلى تعيينه تلقائيا دون إتباع الإجراءات الأولية. و هو ما إستقر عليه قضاء المحكمة العليا في القرار الصادر عن الغرفة الإجتماعية القسم الثاني بتاريخ 15 فبراير 2000 تحت رقم 188822 حين إعتبرت بأن عدم إحترام إجراءات تعيين الخبير بمثابة خرق لقاعدة جوهرية في الإجراءات. حيث جاء في حيثياته:
" يتم إختيار الطبيب الخبير بإتفاق بين المؤمن له و هيئة الضمان الإجتماعي من قائمة تعدها الوزارة المكلفة بالصحة و في حالة ما إذا لم يحصل هذا الإتفاق، يعين الخبير من قبل مدير الصحة بالولاية من نفس القائمة المذكورة أعلاه، و أن الطبيب الخبير عين من طرف صندوق الضمان الإجتماعي و هذا بدون إستشارة و موافقة العارض، و هذا تصرف مخالف لمضمون المادة 21 من نفس القانون".
إلا أنه إذا لم يحصل إتفاق بشأن تعيين الطبيب الخبير بين المستفيد من التأمين و هيئة الضمان الإجتماعي، فهنا نكون أمام إحتمالين.
الإحتمال الأول. إما أن تلتزم هيئة الضمان الإجتماعي برأي الطبيب المعالج في حالة مخالفتها لأحكام المادة 22 من القانون 08/08، سواء كان ذلك من حيث آجال تقديم الإقتراح المتضمن أسماء الأطباء الخبراء كأن يقدم بعد اليوم الثامن (08) من تاريخ إيداع طلب الخبرة مما يعتبر خرقا للآجال. أو من حيث تخلف شرط الكتابة، كأن يقدم الإقتراح المتضمن أسماء الخبراء شفاهة، أو من حيث محتوى الإقتراح و لو كان في الآجال القانونية و مكتوب، كأن يتضمن أقل من ثلاثة (03) أطباء خبراء. و هي كلها حالات تشكل مخالفة للمادة 22 مما يترتب عنها إلتزام هيئة الضمان الإجتماعي برأي الطبيب المعالج.
الإحتمال الثاني. إما أن يتم تعيين الطبيب الخبير تلقائيا من طرف هيئة الضمان الإجتماعي و الذي يلزم المستفيد من التأمين بقبوله و ذلك في حالة مخالفة المواد 23 و 24 فيما يتعلق بفوات الآجال الممنوحة له من أجل الرد على إقتراح هيئة الضمان الإجتماعي فيما يخص قبول أو رفض الأطباء الخبراء المقترحين. و المقدر بثمانية (08) أيام. أو في حالة عدم التوصل إلى إتفاق بشأن إخيار الطبيب الخبير بعد مرور ثلاثون (30) يوم إبتداءا من تاريخ إيداع طلب الخبرة الطبية، و لو تم إحترام آجال الرد الواردة بالمادة 23. ففي هاته الحالة تتولى هيئة الضمان الإجتماعي تعيين الطبيب الخبير من بين القائمة المحدد و من غير الذين تم إقتراحهم من طرفها على المستفيد من التأمين، و يبقى قرار تعيين الطبيب الخبير ملزم له و لا يجوز له بأي حال من الأحوال الإحتجاج عليه.
و بتعيين الطبيب الخبير سواء بالإتفاق أم بدونه، تتولى هيئة الضمان الإجتماعي وضع الملف الطبي للمستفيد من التأمين تحت تصرفه، و الذي يتكون ٍأساسا من :
- رأي الطبيب المعالج.
- رأي الطبيب المستشار.
- ملخص لمجمل المسائل موضوع الخلاف.
- مهمة الطبيب الخبير. و التي تنصب أساسا على معاينة حالة المصاب و القيام بالفحوصات اللازمة للتأكد من الإصابات التي يعاني منها، و طبيعة و نسبة العجز اللاحق به. و يقع على الطبيب الخبير إلتزام بالإجابة على العناصر موضوع الأسئلة المطروحة عليه ضمن قرار تعيينه دون تجاوزها. كما يتعين عليه أن يتكتم على كل ما يطلع عليه خلال أداءه لمهمته و إلا يكون قد إرتكب خطأ إفشاء السر المهني.
و عليه فإنه متى تجاوز الطبيب الخبير حدود المهمة المسندة إليه أو أغفل التطرق إلى أحد عناصرها، أو أنه لم يسبب النتائج التي توصل إليها فإنه يعرض خبرته إلى الطعن فيها أمام المحاكم المختصة.
وتطبيقا للقواعد العامة المقررة في قانون الإجراءات المدنية تعتبر معيبة و تتعرض للإلغاء الخبرة التي يتم إنجازها في غير حضور الأطراف و دون قيام الخبير بإستدعاء الخصوم و إخطارهم باليوم و الساعة التي سيتم فيها إجراء الخبرة، و هو ما خلص إليه قضاة الغرفة الإجتماعية لمجلس قضاء وهران في القرار الصادر بتاريخ 28/10/2007 تحت رقم 3944/07 حين قضت بإعادة إجراء الخبرة المنجزة خلافا لنص المادة 53 من قانون الإجراءات المدنية بحيث جاء في حيثياته أنه " حيث أنه بالرجوع إلى الخبرة الطبية التي أنجزها الخبير حمودة محمد بتاريخ 16/12/2006 تبين أنه لم يشر إلى إستدعاء الصندوق أو حضوره من عدمه، و الحال أن المادة 53 من قانون الإجراءات المدنية تلزم الخبير أن يخطر الخصوم بالأيام و الساعات التي سيقوم فيها بإجراء أعمال الخبرة و أن يشير إلى ذلك في تقريره."
و كذا في القرار الصادر عن نفس المجلس بتاريخ 23/03/2008 تحت رقم 1220/08 الذي قضى بإجراء خبرة تكميلية بعدما ثبت لها بأن الخبرة المنجزة تمت بغير حضور جميع الأطراف، بحيث جاء في حيثياته،" ...... إلا أن عملية الخبرة الطبية التي أنجزتها هذه لم تكن بحضور ممثل الصندوق الوطني للتأمينات الإجتماعية الذي لم يستدعى ....... "
هذا وقد ألزم القانون الطبيب الخبير بإيداع تقرير الخبرة لدى هيئة الضمان الإجتماعي بعد إنجازه و الإجابة على التساؤلات المطروحة عليه من خلال النتائج المتوصل إليها لاسيما فيما يخص حالة المصاب و نسبة عجزه، و ذلك في أجل خمسة عشر (15) يوم التي تلي تاريخ تعيينه و تسلمه الفعلي للملف الطبي للمستفيد من التأمين و الذي يتم تبليغه كذلك بنسخة من التقرير من طرف هيئة الضمان الإجتماعي خلال العشرة (10) أيام التي تلي تاريخ إستلامها له.
و جدير بالذكر أن مهلة إيداع التقرير الطبي لا يبدأ ميعادها إلا عند تسلم الطبيب الخبير للملف الطبي للمستفيد من التأمين من طرف هيئة الضمان الإجتماعي بعد تعيينه، بغض النظر عن المدة التي تستغرق بين تاريخ تعيينه و تاريخ تسلمه للملف. كما أن الطبيب الخبير غير مقيد بآجال أخرى كآجال إجراء الفحص الطبي بعد إستدعاء المستفيد من التأمين و الذي يلتزم بالإستجابة لها لإجراء الفحوص الطبية المتعلقة بالخبرة ما لم يمنعه ظرف طارئ أو قوة قاهرة من ذلك، تحت طائلة سقوط حقه في إجراء الخبرة مما يؤدي بالضرورة إلى إلزامه بقرار هيئة الضمان الإجتماعي.
و الملاحظ أنه و بمناسبة صدور القانون 08/08 المتضمن المنازعات في مجال الضمان الإجتماعي، و بالرغم من أنه سد الفراغ الذي كان حول تاريخ إيداع التقرير الطبي، و حدد آجال قصوى لإيداعه إلا أنه لم يأخذ بعين الإعتبار المدة الزمنية التي قد تستغرقها هيئة الضمان الإجتماعي فيما بين تعيين الطبيب الخبير إتفاقا أو تلقائيا و بين تمكينه من ملف المستفيد من التأمين. لذلك نرى أنه من الضروري تقييد هذا الإجراء بآجال تتماشى و طبيعة هذا النوع من المنازعات.
هذا و تبقى المصاريف الطبية المتعلقة بتكاليف الأتعاب المستحقة للطبيب الخبير و التي يتم تحديدها من طرف الوزير المكلف بالضمان الإجتماعي على عاتق الهيئة ما لم يثبت في التقرير الطبي أن طلب إجراء الخبرة غير مؤسس. بمعنى أن الحالة الصحية للمستفيد من التأمين لا تستدعي اللجوء إلى الخبرة الطبية. و في هذه الحالة يلزم المؤمن له بدفع هذه التكاليف.
و فيما يتعلق بنتائج و قيمة و أهمية الخبرة، فإن القانون يفرض على المؤمن له و هيئة الضمان الإجتماعي الإلتزام بها و ذلك طبقا لنص المادة 19 فقرة 02 من القانون 08/08 و التي تنص " تلزم نتائج الخبرة الطبية الأطراف بصفة نهائية ". بمعنى أن النتائج التي يخلص و يتوصل إليها الطبيب الخبير تسري في حق طرفي العلاقة القانونية أي المؤمن له و هيئة الضمان الإجتماعي بصفة نهائية. و على هذا، هل يجوز الطعن القضائي في نتائج الخبرة.؟
الإجابة عن هذا التساؤل نجدها في الفقرة الثالثة (03) من المادة 19 التي تنص على أنه " إلا أنه يمكن إخطار المحكمة المختصة في المجال الإجتماعي لإجراء خبرة قضائية في حالة إستحالة إجراء خبرة طبية على المعني" و هو النص الذي يفهم منه بأنه لا يجوز اللجوء إلى القضاء، و لا تكون الدعاوى القضائية التي يكون موضوعها طلب إجراء خبرة طبية مقبولة إلا إستثناءا أي في حالة عدم إمكان أو إستحالة إجراءها.
و في رأينا، فإنه و حتى في هذه الحالة يجب ألا يتسبب المستفيد من التأمين في إستحالة و عدم إمكان إجراءها، أي أن يكون ذلك بسبب ظروف خارجة عن إرادته. كأن يمتنع عمدا عن الإتصال بالطبيب الخبير بعد إستدعاءه لإجراء الفحوص الطبية الضرورية. ففي هذه الحالة مثلا
فإنه يفقد حقه في المطالبة بإجراء الخبرة القضائية.
ثانيا: لجان تقدير و إثبات العجز.
لقد أشرنا فيم سبق أن الخلافات القائمة بين المستفيدين من التأمين و هيئة الضمان الإجتماعي و التي تكتسي الطابع الطبي يتم تسويتها في إطار إجراءات الخبرة الطبية بإستثناء ما تعلق منها بالقرارات المتعلقة بقبول العجز و كذا درجاته و مراجعة حالته. إذ أوجب القانون لزوما على المعترض عليها أن يتظلم منها إلى لجنة العجز الولائية المؤهلة و هي لجنة تنشأ على مستوى كل ولاية كما هو ظاهر من تسميتها، و التي يشكل الأطباء أغلب أعضاءها.
فهي إذن جهاز للفصل في الطعون المقدمة ضد القرارات الصادرة عن هيئة الضمان الإجتماعي و المتعلقة بحالات قبول العجز و مراجعته و نسبته و المتخذة بناءا على عمل طبي باعتبارها جهة طعن و ذلك في إطار التسوية الداخلية للمنازعات الطبية.
و بهدف تمكين لجنة تقدير و إثبات العجز من أداء مهامها على الوجه الأكمل، و لتفادي أي ضعف أو نقص في التشخيص أو في تقدير العجز، فقد خولها القانون إتخاذ كل التدابير الضرورية لاسيما منها الإستفادة من أية خبرة أو تخصص خارج عن أعضائها، و فحص المريض و إعادة فحصه و إجراء أو طلب الفحوص التكميلية. فهي مكلفة قانونا بإتخاذ كل التدابير لاسيما منها تعيين خبير في المجال الطبي و فحص المريض،و إجراء فحوص تكميلية كما يمكنها أن تقوم بكل تحر تراه ضروريا، و كل ذلك من أجل تفادي أي ضعف أو نقص في التشخيص أو في تحديد سبب و طبيعة المرض أو الإصابات، تاريخ الشفاء أو الجبر، حالة العجز و نسبته. ذلك أن الإعتراضات على القرارات المتعلقة بقبول العجز و كذا درجة و مراجعة حالته في إطار التأمينات الإجتماعية يجب أن ترفع إلى اللجنة الولائية للعجز للبت فيها قبل اللجوء إلى القضاء، طالما أن الطعن أو التسوية الداخلية تبقى هي الأصل في مجال المنازعات المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية بصفة عامة، و في المنازعات الطبية على وجه الخصوص و ذلك لما تتطلبه من سرعة في الفصل بإعتبارها تتعلق بالحالة الصحية للمستفيد من التأمين. و قد قضت المحكمة العليا في قرارها الصادر عن الغرفة الإجتماعية بتاريخ 05/10/2005 تحت رقم 2308 بنقض و إبطال القرار الصادر عن المجلس مع تمديده إلى الحكم المستأنف الذي فصل في موضوع الخبرة المتعلقة بحالة العجز دون أن يتم تقديم الإعتراض أمام لجنة العجز، و قد جاء في حيثياته. "....... في حين أن في قضية الحال كان على المطعون ضده المؤمن له الإعتراض أمام لجنة العجز الولائية المنصوص عليها في المادة 30 من القانون 83/15 المعدلة و المتممة بالقانون رقم 99/10 و ليس كما فعله خطأ لما أقام الدعوى مباشرة أمام المحكمة دون اللجوء أمام لجنة العجز لأجل الإعتراض على القرار الصادر عن هيئة الضمان الإجتماعي الذي أعاد النظر في نسبة العجز و تخفيض قيمة المنحة ......"
و هو نفس الحكم الذي تضمنه القرار الصادر بتاريخ 05/09/2007 تحت رقم 2696 عندما قضت المحكمة العليا كذلك برفض الطعن من حيث الموضوع بدعوى أن الطاعن لم يحترم الإجراءات الإدارية المتمثلة في وجوب تقديم الطعن أمام لجنة العجز. و مما جاء في حيثياته " ....... طالما أن الطعن المشار إليه يكون أمام لجنة العجز و ليس أمام القضاء......."
و على هذا تخطر اللجنة من قبل المستفيد من التأمين بواسطة طلب مكتوب مرفق بتقرير الطبيب المعالج بموجب رسالة مضمنة مع إشعار بالإستلام، أو بإيداعه لدى أمانة اللجنة مقابل وصل إيداع و ذلك خلال الثلاثين (30) يوم إبتداءا من تاريخ إستلام تبليغ قرار هيئة الضمان الإجتماعي المعترض عليه. و بخصوص القرارات التي تصدرها، فقد حدد القانون للجنة تقدير و إثبات العجز مهلة ستون (60) يوم للبت في الإعتراضات و إصدار قرارها في النزاع المعروض عليها إعتبارا من تاريخ إستلام الطعن في قرار هيئة الضمان الإجتماعي بخصوص قبول العجز أو درجة و مراجعة حالته. مما يستخلص منه أنه لا يجوز للمعترض أن يباشر إجراءات الطعن القضائي إلا بعد إنتهاء الآجال المحددة و الممنوحة للجنة العجز الولائية للفصل في الإعتراض إذا لم يتلقى المعني أي رد خلالها تحت طائلة عدم قبول الدعوى القضائية لإعتبارها سابقة لأوانها كما يتبين من خلال الحكم الصادر عن القسم الإجتماعي لمحكمة وهران بتاريخ 29/10/2008 تحت رقم 5144/08 و الذي جاء في حيثياته، " حيث أن المدعي قدم الطعن بتاريخ 24/06/2008 و تقدم بالدعوى بتاريخ 20/07/2008 و من ثمة فإن دعواه سابقة لأوانها لعدم بت اللجنة في الإعتراض و تقديمه للدعوى قبل إنتهاء المدة المحددة لذلك مما يتعين معه التصريح بعدم قبول الدعوى شكلا."
و بعد صدور قرار لجنة تقدير و إثبات العجز فصلا في موضوع النزاع المعروض عليها بصفة نهائية في إطار التسوية الداخلية للمنازعات الطبية يتم تبليغه للأطراف إما بواسطة رسالة موصى عليها مع إشعار بالإستلام أو بواسطة أحد أعوان المراقبة المعتمدين لدى هيئات الضمان الإجتماعي مقابل وصل إستلام و ذلك خلال العشرين (20) يوم التي تلي تاريخ صدوره. و ذلك حتى يتسنى لها سلوك طريق الطعن القضائي إذا رأت ضرورة لذلك.
و في جميع الحالات، تبقى النفقات و المصاريف المتعلقة بتنقل المستفيد من التأمين و مرافقه خارج بلدية إقامته إذا إقتضى الحال ذلك على عاتق هيئة الضمان الإجتماعي و ذلك في حالة ما إذا تم التنقل إستجابة لإستدعاء لجنة العجز الولائية المؤهلة بخصوص التدابير المتخذة للنظر في حالة المستفيد من التأمين في إطار الإعتراض المرفوع إليها.
إلا أنه إذا أثبت التقرير و بشكل واضح و دقيق بأن طلب المستفيد من التأمين غير مؤسس فإن تكاليف والأتعاب المستحقة تبقى على عاتق المؤمن له إجتماعيا.

المطلب الثاني: التسويـة القضائيـة لمنازعات التأمينـات الإجتماعيـة.

لقد سبق و أن أشرنا إلى أن التسوية الداخلية هي الأصل في معالجة المنازعات المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية و ذلك لما تتطلبه هذه المنازعات من سرعة للبت فيها و تسويتها، تفاديا لطول إجراءات التقاضي عبر مختلف درجاته، و ذلك لأنها أفضل و أنجع وسيلة لتصفية الملفات العالقة في أقرب و أسرع الآجال. خاصة و أن الأمر يتعلق بالحالة الصحية للمؤمن لهم إجتماعيا و من هم في كفالتهم و بذوي حقوقهم.
غير أنه في حالة عدم نجاعة طرق التسوية الداخلية و عدم توفيق آلياتها في تحقيق الغرض المنتظر من وضعها ألا و هو وضع حد نهائي لهذا النزاع، و ذلك باستجابة الطرفين و إقتناعهما بمآل التسوية الداخلية. ففي هذه الحالة لا يبقى أمامهما سوى الإنتقال إلى المرحلة الموالية لفض النزاع من خلال ولوج باب القضاء لتسويته بصفة نهائية.

الفرع الأول : الإختصاص القضائي في مجال منازعات التأمينات الإجتماعية.

تنص المادة 15 من القانون 08/08 المتعلق بمنازعات الضمان الإجتماعي على أنه "تكون كل القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن المسبق قابلة للطعن فيها أمام المحكمة المختصة طبقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية في أجل ثلاثون (30) يوما ابتداء من تاريخ تسليم تبليغ القرار المعترض عليه٬ وفي أجل ستون (60) يوما ابتداء من تاريخ استلام العريضة من طرف اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن المسبق إذا لم يتلق المعني أي رد على عريضته."
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع لم يحدد بدقة الجهة القضائية المختصة بالفصل في النزاعات عكس ما كان عليه القانون 83/15 قبل إلغائه. ولعل ذلك راجع إلى إمكانية أن يؤول الإختصاص النوعي للفصل في المنازعات لكي تدخل في إطار المنازعات العامة لأكثر من جهة قضائية بحسب طبيعة الأطراف المتدخلة في المنازعة. ذلك أنه بالرجوع إلى مفهوم المنازعة العامة نجد أنها تشمل الخلافات التي تنشأ بين هيئات الضمان الإجتماعي من جهة والمؤمن له إجتماعيا والمكلفين من جهة أخرى٬ وبما أن المادة 16 من القانون 08/08 قد منحت الإختصاص للجهات القضائية الإدارية للفصل في الخلافات التي تكون المؤسسات والإدارات العمومية طرفا فيها. فهي اعتمدت بذلك المعيار العضوي المقرر والمكرس في المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية والتي تنص على إختصاص الغرف الإدارية في المجالس القضائية للفصل إبتدائيا بحكم قابل للإستئناف في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها والتي تكون الدولة أو الولاية أو أحد المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها باعتبار أن التكليف في مجال الضمان الإجتماعي قد ينشأ في حق المؤسسات والإدارات العمومية باعتبارها هيئات مستخدمة.
وعلى ذلك تطبق القواعد العامة في الإختصاص النوعي بالنسبة للمنازعات العامة التي تنشأ بين هيئة الضمان الإجتماعي والمؤمن له والهيئات والمؤسسات التي لا يشملها مفهوم المادة 16 المذكورة أعلاه٬ والذي يؤول إلى المحكمة الفاصلة في المسائل الإجتماعية لاسيما وأن موضوع المنازعة محل الدعوى القضائية ينصب على تقدير ومنح الأداءات العينية والنقدية المستحقة للمؤمن له أو ذوي حقوقه بسبب تعرضه لإحدى المخاطر التي تغطيها التأمينات الإجتماعية بمناسبة المرض، الولادة، العجز والوفاة. أو تلك المتعلقة بالمنازعة في صفة المؤمن له أو الإنتساب.
وفي كل هذه الحالات يجوز للمؤمن له أو هيئة الضمان الإجتماعي اللجوء إلى المحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية عن طريق الدعوى القضائية للمطالبة بأي حق من الحقوق المكرسة قانونا بموجب تشريع الضمان الإجتماعي. و هو ما أكدته المحكمة العليا في قضائها بأن القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية المؤهلة للطعن بإعتبارها تدخل في إطار المنازعات العامة، يطعن فيها أمام المحكمة الفاصلة في القضايا الإجتماعية و ليس أمام المحكمة العليا. بحيث جاء في حيثيات القرار الصادر عن الغرفة الإجتماعية القسم الثاني بتاريخ 05/09/2007 تحت رقم 2828 " حيث يتبين فعلا من عريضة الطعن أن القرار المطعون فيه صدر من اللجنة الوطنية للطعن المسبق و أن هذا الإعتراض يكون أمام الجهة القضائية المختصة .... ".
ومن ثمة يمكن القول بأن تحديد المحكمة أو الجهة القضائية المختصة بالفصل في المنازعات العامة يعود إلى طبيعة الأشخاص المتدخلين فيها.
فإذا كانت المنازعة قائمة بين هيئة الضمان الإجتماعي وإحدى المؤسسات أو الإدارات العمومية٬ فإن الإختصاص القضائي للنظر في الدعوى يؤول إلى الجهات القضائية الإدارية.
أما إذا كانت المنازعة قائمة بين هيئة الضمان الإجتماعي والمؤمن له أو المؤسسات و الهيئات الغير خاضعة للقانون الإداري، فإن الفصل فيها يؤول إلى المحكمة المختصة في المسائل الإجتماعية.
غير أنه و فيما يخص المنازعات الطبية فقد نصت المادة 19 الفقرة الثالثة (03) من القانون 08/08 صراحة على اختصاص المحكمة الفاصلة في المسائل الإجتماعية بالنظر في طلبات إجراء الخبرة القضائية بنصها "..... إلا أنه يمكن إخطار المحكمة المختصة في المجال الإجتماعي لإجراء الخبرة في حالة استحالة إجراء خبرة طبية على المعني." و يتضح من هذا النص أن حق اللجوء إلى القضاء من أجل طلب الخبرة ليس حقا مطلقا، بل هو مكرس فقط في حالة استحالة إجراؤها٬ ذلك أنه في غير ذلك من الحالات، فإن مآل الطلب القضائي هو الرفض.
وجدير بالذكر أن استحالة إجراء الخبرة لا يقتصر في مضمونه على المفهوم الضيق لمصطلح الإستحالة أي عدم إمكان إجراء الخبرة، ذلك أنه و بالرغم من أن عنصر الإلزام اللاحق بنتائج الخبرة الطبية من جهة٬ و وصف النهائية في مواجهة أطراف العلاقة القانونية من جهة أخرى، فإنهما يعلقان على شرط سلامة و وضوح إجراءات الخبرة في نتائجها٬ ذلك أنه في حالة ما إذا كانت هذه الإجراءات مشوبة بأي عيب من العيوب أو مخالفة للإجراءات، و مثال ذلك تعيين هيئة الضمان الإجتماعي الطبيب الخبير دون علم أو موافقة المؤمن له، أو تعيينه من خارج القائمة المعدة من طرف الوزارة المكلفة بالصحة و الوزارة المكلفة بالضمان الإجتماعي٬ ففي هذه الحالات وغيرها يمكن اللجوء إلى المحكمة الفاصلة في المسائل الإجتماعية لطلب إجراء الخبرة وتعيين خبير بموجب حكم قضائي .
إلا أن الإشكال يطرح بالنسبة للجهة القضائية المختصة في الفصل في النزاعات المتعلقة بقرارات لجنة العجز الولائية المؤهلة٬ ذلك أن المادة 35 من القانون 08/08 نصت على قابلية أو جواز الطعن في قرارات لجنة العجز المؤهلة أمام الجهات القضائية المختصة دون وضع تحديد دقيق لهذه الجهات أوتوضيحها وهو نفس الحكم الذي تضمنته المادة 37 من القانون 83/15 بعد تعديلها بموجب المادة 14 من القانون 99/11 . حيث نصت على: " يجوز الطعن في قرارات اللجان المختصة بحالات العجز أمام الجهات القضائية المختصة". ونلاحظ أن عبارة "الجهات القضائية المختصة" جاءت عامة و تحمل أكثر من معنى مما يدفع للتساؤل عما هي هذه الجهات بالتحديد.
هل هي الجهات القضائية الإدارية أم الجهات القضائية العادية.؟
بالرجوع إلى طبيعة القرارات التي تصدرها اللجنة الولائية المؤهلة يتبين أنها لا تعتبر قرارات إدارية على إعتبار أنها لا تتمتع بخصائص القرار الإداري ولا تبتغي من وراء أعمالها تحقيق المصلحة العامة. بل تنحصر مهمتها في تبيان سبب وطبيعة العجز ومراجعته وتحديد التاريخ المحتمل للشفاء أو الجبر وهي كلها أمور تقنية طبية بعيدة عن وصف الإدارة.
ومن جهة أخرى فإن هيئات الضمان الإجتماعي وبالرغم من أنها تعمل تحت وصاية الوزارة المكلفة بالعمل والضمان الإجتماعي وتتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي إلا أنها لا تعتبر شخصا معنويا عاما يتمتع بأساليب السلطة العامة٬ بالإضافة إلى أنها تخضع في علاقاتها مع الغير إلى التشريع التجاري.
وعلى ذلك فطالما أن القرارات التي تصدرها لجان العجز الولائية المؤهلة في إطار ممارسة مهامها في مجال التسوية الداخلية للمنازعات الطبية مجردة من الطابع الإداري٬ وأن جميع التصرفات التي تصدر عن هيئات الضمان الإجتماعي في إطار علاقتها مع لجان العجز تخضع لقواعد القانون الخاص، فلا يمكن القول حينئذ باختصاص القضاء الإداري في الفصل في النزاعات التي تتعلق بالقرارات التي تصدرها لجان العجز الولائية المؤهلة. وبالتالي فإن الإختصاص يؤول إلى القضاء العادي.
غير أن التساؤل يطرح من جديد حول الجهة القضائية المختصة بالنظر في هذه الدعاوى.
فهل يؤول الإختصاص إلى المحكمة الفاصلة في المسائل الإجتماعية أم إلى جهة قضائية أخرى.؟
بالرجوع إلى نص المادة 35 من القانون 08/08 كما أشرنا إليه سابقا، نجد أن النص قد جاء بصيغة الجمع بنصه على " الجهات القضائية المختصة" و هو نفس مضمون المادة 37 من القانون 83/15 بعد تعديلها بموجب المادة 14 من القانون 99/10. و هي العبارة التي تحمل معنى أشمل و أوسع من تلك التي كان يتضمنها النص الأصلي للمادة 37 من القانون 83/15 و التي كانت تنص صراحة على إختصاص المحكمة العليا بالفصل في الطعون التي تكون قرارات لجان العجز موضوعا لها.
و بالرغم من ذلك التعديل، فإن المحكمة العليا لا تزال متمسكة بإختصاصها في الفصل في الطعون ضد قرارات لجان العجز حتى بعد تعديل القانون و تغيير صياغة المادة بالنص صراحة على الجهات القضائية المختصة.و هو ما يتجلى في القرارات العديدة التي أصدرتها المحكمة العليا منها القرار الصادر بتاريخ 09/11/2005 تحت رقم 2652 و الذي جاء في حيثياته " و حيث أنه يتضح مما سبق أن الطعن بالإعتراض في قرار لجنة العجز المؤرخ في 30/01/2001 كما هو الحال في هذه القضية لا يكون إلا أمام المحكمة العليا عملا بالمادة 37 من القانون 83/15 المعدلة بالقانون 99/10. و عليه كان على قضاة المجلس أن يقبلوا الإستئناف شكلا و أن يصرحوا بإلغاء الحكم المستأنف لتجاوز قضاة المحكمة لسلطتهم لما فصلوا في نزاع من إختصاص المحكمة العليا، مما يتعين إلغاء القرار المستأنف مع تمديده إلى الحكم الإبتدائي المستأنف."
بالإضافة إلى القرارين الصادرين بتاريخ 05/03/2008 تحت رقم 01070/08 و 01090/08 إذ جاء في أحد حيثياتهما ".... و بالتالي كان على قضاة المجلس أن يقضوا بإلغاء الحكم المستأنف و من جديد رفض الدعوى لعدم الإختصاص، و ليس بتأييد الحكم المستأنف لأنهم ليسوا مختصين في النظر في النزاع عملا بالمادة 37 من القانون 83/15 مما يعرض قضائهم للنقض."
و على ذلك فإن دراسة نص المادة 35 من القانون 08/08 يدفعنا إلى القول بأن المقصود بالجهات القضائية المختصة بالفصل في الطعون التي تتم ضد القرارات التي تصدرها لجان العجز الولائية المؤهلة هي المحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية بإعتبارها صاحبة الإختصاص الأصلي للنظر في الدعاوى المتعلقة بالضمان الإجتماعي عموما و بالتأمينات الإجتماعية على وجه الخصوص، على أن تكون أحكامها قابلة للإستئناف أمام المجالس القضائية تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين الذي يعتبر من أهم مبادئ النظام القضائي الجزائري بهدف توسيع الحماية القضائية لأطراف النزاع، مع إحتفاظ المحكمة العليا بإختصاصها كجهة نقض في مراقبة مدى التطبيق السليم للقانون و سلامة الإجراءات، ذلك أن إسناد الإختصاص إلى المحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية للنظر و الفصل في الطعون ضد القرارات الصادرة عن لجان العجز كدرجة أولى، و إلى المجالس القضائية كجهة إستئناف من شأنه أن يسمح لهذه الجهات بما لها من دراية و سلطة تقديرية واسعة من ممارسة رقابتها على موضوع النزاع القائم في مجال المنازعة الطبية المتمثل في العجز عن طريق إجراءات التحقيق في جانبه الشكلي و الموضوعي الذي من شأنه أن يحقق أكبر قدر من الحماية القضائية في المجال الإجتماعي للمؤمن لهم إجتماعيا. و ما يلاحظ عمليا من خلال التطبيقات القضائية قبول قضاة المحاكم للدعاوى التي يطعن من خلالها في القرارات التي تصدرها اللجان الولائية للعجز إستنادا على نص المادة 37 من القانون 83/15 التي تقابلها المادة 35 من القانون 08/08 و هو ما يتبين من خلال الحكم الصادر عن القسم الإجتماعي لمحكمة وهران بتاريخ 05/11/2008 تحت رقم 5249/08 و الذي جاء في حيثياته " حيث أنه و تطبيقا لنص المادة 37 من القانون 83/15 المعدل بنص المادة 14 من القانون 99/10 يجوز الطعن في قرارات اللجان المختصة بحالات العجز أمام الجهات القضائية المختصة."
و بخلاف ذلك، فإن هناك من يرى بأن المحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية و المنعقدة بمقر المجلس هي صاحبة الإختصاص و الولاية في الفصل في المنازعات المتعلقة بقرارات لجان العجز قياسا على الإختصاص الممنوح لها بموجب المادة الثامنة (08) من قانون الإجراءات المدنية فيما يخص معاشات التقاعد المتعلقة بالعجز، و المنازعات المتعلقة بحوادث العمل.
إلا أنه من جانبنا نرى بأن الإختصاص الممنوح للمحكمة المنعقدة بمقر المجلس للنظر في المسائل المتعلقة بمعاشات التقاعد الخاصة بالعجز و المنازعات المتعلقة بحوادث العمل، هو إختصاص مقرر لها بنص صريح. و أن الخروج عن القواعد العامة الإختصاص غير جائز و لا يمكن أن يتقرر إلا بناءا على نص قانوني يجيز صراحة ذلك. و ما دام أن ما ورد في المادة 08 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات المدنية جاء على سبيل الحصر، أي يشمل فقط النزاعات المتعلقة بمعاشات التقاعد الخاصة بالعجز و المنازعات المتعلقة بحوادث العمل، فإن ذلك يؤدي بالقول إلى إعتبار غير ذلك من المنازعات تدخل جميعها في ولاية المحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية، بما في ذلك النزاعات المتعلقة بقرارات لجان العجز.

الفرع الثاني: شروط قبول الدعوى و القيود الواردة على رفعها.

لتحديد الشروط القانونية لرفع الدعاوى، لابد من الرجوع إلى القواعد العامة المقررة في قانون الإجراءات المدنية لاسيما المادة 459 منه و التي تنص على أنه: " لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء إذا لم يكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك.
و يقرر القاضي من تلقاء نفسه إنعدام الصفة أو الأهلية، كما يقرر من تلقاء نفسه عدم وجود إذن برفع الدعوى إذا كان هذا الإذن لازما."
إذن فهذه المادة تحدد شروط الحق في رفع الدعوى، غير أنه يجب إستبعاد أهلية التقاضي من شروط قبول الدعوى لأنها تعد أحد شروط المطالبة القضائية، على إعتبار أن الحق في الدعوى يثبت لكل شخص بمجرد تمتعه بأهلية الإختصام، و وقوع الإعتداء على حقه أو مركزه القانوني، بصرف النظر عما إذا كان يتمتع بأهلية التقاضي من عدمه. بدليل أنه إذا فقد أحد الخصوم أهليته في أثناء نظر الدعوى، وقفت إجراءاتها دون أن تفقد شرطا من شروط صحتها.
بالإضافة إلى شرط آخر إضافي يتمثل في إستيفاء القيد المقرر قانونا قبل رفع الدعوى، ذلك أن المشرع قد يفرض بعض القيود على المتقاضي يجب إستيفاءها قبل رفع الدعوى إلى القضاء.
و تبعا لذلك سوف نتطرق إلى سوف نتطرق إلى هذه المحاور على النحو التالي.

أولا: الصفة والمصلحة.
الصفة في الدعوى تعبر عن تمسك صاحب الحق أو المركز القانوني المعتدى عليه في حقه في الحماية القضائية في مواجهة المعتدي على هذا الحق. و تبعا لذلك يجب أن يكون طرفي الدعوى هما صاحب الحق المعتدى عليه و المعتدي، بمعنى أنه يشترط أن تثبت الصفة في كل من المدعي و المدعى عليه في الدعوى كأصل عام، و يعبر عنه بأنه يجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة و هو ما يعرف بالصفة العادية في الدعوى.
غير أنه في حالات معينة قد يعترف القانون بالصفة في الدعوى لشخص آخر غير صاحب الحق أو المركز القانوني المعتدى عليه و هو ما يعرف بالصفة الإستثنائية و التي تتجسد أساسا في الدعوى الغير مباشرة المقررة بموجب المادة 189 من القانون المدني و التي يباشرها الدائن ضد مدين مدينه حفاظا على الضمان العام.
كما يمكن أن تتجسد كذلك في الصفة الإجرائية أو التمثيل القانوني، و التي تعرف بأنها صلاحية الشخص في مباشرة الإجراءات القضائية باسم و لحساب غيره، و ذلك لأن صاحب الصفة الأصلية في الدعوى في حالة إستحالة مادية أو قانونية لمباشرتها بنفسه.
أما المصلحة في الدعوى، فتعرف على أنها المنفعة التي يجنيها المدعي من إلتجائه إلى القضاء، فالأصل أن الشخص إذا إعتدي على حقه تحققت له مصلحة في الإلتجاء إلى القضاء، و هو أيضا يبتغي منفعة من هذا الإلتجاء. فالمصلحة إذن هي الباعث على رفع الدعوى، و هي من ناحية أخرى الغاية المقصودة منه.
و على ذلك، يشترط أن تتوفر في المصلحة أوصاف معينة و هي أن تكون المصلحة قانونية و قائمة و حالة أو محتملة.
فالمصلحة القانونية هي تلك المصالح لتي يعترف بها القانون و يحميها لذاتها. فهي إذن تستند على حق. و بعبارة أخرى هي التي يكون موضوع الدعوى فيها هو المطالبة بحق أو بمركز قانوني أو التعويض عن ضرر أصاب حق من الحقوق، و يستوي أن تكون المصلحة مادية أو أدبية، جدية أو تافهة.
أما إعتبار المصلحة قائمة و حالة، فيقتضي أن يكون حق رافع الدعوى قد إعتدي عليه بالفعل أو حصلت له منازعة فيه، فيتحقق الضرر الذي يبرر الإلتجاء إلى القضاء.
فوقوع الإعتداء على الحق أو المركز القانوني يؤدي إلى حرمان صاحبه من المزايا و المنافع التي كان يتمتع بها قبل وقوع هذا الإعتداء، مما يلحق به ضررا حالا و قائما، و هذا ما يقصد
بمدلول المصلحة القائمة و الحالة في الدعوى.
و عليه، فإذا لم تكن كذلك أي قائمة و حالة فإن الدعوى لا تكزن مقبولة أمام القضاء.
إلا أنه في بعض الأحوال قد تقبل الدعاوى أمام القضاء بالرغم من غياب عنصر الإعتداء، و تكون الدعوى في هذه الحالة قائمة على مصلحة محتملة. و التي يقصد بها إنعدام الإعتداء القائم و الحال الذي يهدد أو يداهم الحق أو المركز القانوني. و تقبل إستثناءا عن القاعدة العامة ذلك أنه توجد حالات معينة ينص فيها القانون على قبول الدعوى بمجرد وجود المصلحة المحتملة.
غير أنه و بتطبيق تعديل قانون الإجراءات المدنية المكرس في القانون رقم08/09 المؤرخ في25/فبراير 2008 و المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، عدل المشرع عن إشتراط أن تكون المصلحة القائمة و الحالة بحيث نصت المادة 13 من ذات القانون على قبول الدعاوى أمام القضاء و لو كانت قائمة على مصلحة محتملة متى تحققت باقي الشروط الأخرى لقبولها. و بالتالي فإن المصلحة المحتملة لم تعد إستثناءا على القاعدة العامة بل أصبحت مقررة كذلك كأصل عام إلى جانب المصلحة القائمة و الحالة.

ثانيا: القيود الواردة على رفع الدعوى.

يعرف القيد أنه عقبة يضعها القانون أمام الشخص، فلا ينفتح أمامه باب القضاء إلا بعد إستيفاء هذا القيد. و في مجال المنازعات المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية فإن الإجراءات الأولية المتمثلة في التسوية الودية الإدارية لمنازعات العامة و المتمثلة في الطعون المقدمة إبتدائيا أمام اللجنة الولائية المؤهلة للطعن المسبق، ثم إلى اللجنة الوطنية للطعن، و كذا بالنسبة للإجراءات المتخذة في إطار تسوية المنازعات الطبية إداريا لاسيما إجراء طلب الخبرة أو لتقديم الإعتراض أمام لجنة العجز الولائية، فكل هذه الإجراءات الأولية تعتبر كقيود على رفع الدعوى .
و الجدير بالذكر هو أن القيد هنا لا يقتصر مفهومه على إستيفاء الإجراء فحسب، بل يتضمن كذلك ضرورة إحترام الآجال المنصوص عليها حسب كل حالة، ذلك أن تحريك الدعوى القضائية للمطالبة بحق ما لا يجوز أن يتم قبل إستيفاء الإجراءات الإدارية أولا و إنتظار إنتهاء الآجال الممنوحة للجهة التي تنظر في الطلب أو الطعن الإداري للرد عليه.

قائمــة المراجـــع


I/ من المؤلفات باللغة العربية.

1) الضمان الإجتماعي في ضوء المعايير الدولية و التطبيقات القضائية ..... د/ عامر سليمان.
2) التأمينات الإجتماعية ................................................. د/ محمد حسن قاسم
3) الموجز في أحكام قانون التأمينات الإجتماعية ................ د/ السيد محمد السيد عمران
4) الوجيز في قانون العمل و الحماية الإجتماعية ........................... أ/ عجة الجيلالي
5) آليات تسوية منازعات العمل و الضمان الإجتماعي في الجزائر ...........أ/ أحمية سليمان
6) منازعات الضمان الإجتماعي في التشريع الجزائري .................... بن صاري ياسين
7) المرافعات المدنية و التجارية ........................................... د/ أحمد أبو الوفا
8) محاضرات في قانون الإجراءات المدنية – المدرسة العليا للقضاء ........... أ/ زودة عمر
9) موقع ويكيبيديا للأنترنت – الموسوعة الحرة –

II/ من المؤلفات باللغة الفرنسية.

1) Guide de la Securités Sociales ................................. Dr Tadjine Rachid
2) L’essentiel du Droit de la Securité Sociale........... Dominique Grandguillot.


III/ من النصوص التشريعية.

1) القانون 83/11 المؤرخ في 21 رمضان 1403 الموافق ل 02 يوليو 1983 المتعلق بالتأمينات
الإجتماعية – ج ر رقم 28 لسنة 1983.
2) القانون 83/13 المؤرخ في 21 رمضان 1403 الموافق ل 02 يوليو 1983 المتعلق بحوادث العمل و الأمراض المهنية – ج ر رقم 28 لسنة 1983.
3) القانون 83/14 المؤرخ في 21 رمضان 1403 الموافق ل 02 يوليو 1983 المتعلق بالتزامات المكلفين في مجال الضمان الإجتماعي – ج ر رقم 28 لسنة 1983.
4) القانون 08/08 المؤرخ في 16 صفر 1429 الموافق ل 23 فبراير 2008 المتعلق يالمنازعات في مجال الضمان الإجتماعي – ج ر رقم 11 لسنة 2008.
5) القانون 83/15 المؤرخ في 21 رمضان 1403 الموافق ل 02 يوليو 1983 المتعلق بالتأمينات
الإجتماعية – ج ر رقم 28 لسنة 1983. ( ملغى بالقانون 08/08.(
6) مرسوم رقم 84/27 المؤرخ في 09 جمادي الأولى 1404 الموافق ل 11 فبراير 1984 المحدد لكيفيات تطبيق العنوان الثاني من القانون 83/11 المؤرخ في 21 رمضان 1403 الموافق ل 02 يوليو 1983 و المتعلق بالتأمينات الإجتماعية.
7) الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

IV/ من تطبيقات القضاء.

1) قرارات صادرة عن الغرفة الإجتماعية للمحكمة العليا
2) قرارات صادرة عن الغرفة الإجتماعية لمجلس قضاء وهران
3) أحكام صادرة عن القسم الإجتماعي لمحكمة وهران