منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - البيوع .. المعاملات الإسلامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-07-20, 20:07   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يرد الدين والمسروقات بمثلها يوم الدين أم بقيمتها اليوم ؟

السؤال:

أود الاستفسار عن كيفية رد الحقوق إلى أصحابها بعد تغير الأسعار ونزول قيمة العملة .

فهل ترد الديون والمسروقات بنفس قدرها وقت الدين أو السرقة أم بحسب قيمتها الآن ؟

لأن قيمة العملة تغيرت كثيرا

يعني مثلا :أن 100 دينار في عام 1970 ، تساوي 1000 دينار الآن.


الجواب

الحمد لله :

أولاً :

إذا كان الدَّين الثابت في الذمَّة من الأشياء العينية التي لها قيمة ذاتية ولها ما يماثلها ، كالأشياء التي تُقدَّر بالكيل أو الوزن ، والذهب والفضة : فالذي عليه عامة العلماء وجوب رد المثل دون نظرٍ لتغير القيمة والسعر بين يوم الدين ويوم السداد .

قال ابن قدامة :

" الْمُسْتَقْرِض يَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ ، سَوَاءٌ رَخُصَ سِعْرُهُ أَوْ غَلَا ، أَوْ كَانَ بِحَالِهِ"

انتهى من " المغني" (6/441) .

وقال : " وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا "

انتهى من " المغني" (6/434).

وكذلك الحكم فيما يتعلق بالأعيان المسروقة والمغصوبة ، فإنَّه يرد مثلها دون اعتبار لتغيُّر الأسعار عند جمهور العلماء.
وذهب الإمام أبو ثور والإمام أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية : أن الواجب على الغاصب في حال رخص السعر : ضمان نقص السعر .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (25/10) :

" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نَقْصِ قِيمَةِ الْعَيْنِ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الأْسْعَارِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ ؛ لأِنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ ، فَكَذَلِكَ يَضْمَنُهُ إِذَا رَدَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ بَعْدَمَا نَقَصَ سِعْرُهَا" انتهى

وقال المرداوي :

" وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَيْنِ ؛ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ : لَمْ يَضْمَنْ [ أي الغاصب] ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
وعَنْهُ [ يعني : الإمام أحمد] : يَضْمَنُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ "

انتهى من "الإنصاف" (6/ 155)

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" والصواب أن ما نقص بالسعر فهو مضمون ؛ وذلك لأن هذه السلعة كانت تساوي خمسين ألفاً ، والآن لا تساوي إلا أربعين ، فهو قد حال بين صاحبها وبين هذه الزيادة ، فيلزمه النقص ... فالصواب أن ما نقص بالسعر فهو مضمون كالذي ينقص بالعين أو الوصف ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ".

انتهى من "تعليقات ابن عثيمين على الكافي" (5/343، بترقيم الشاملة آليا).

ثانياً :

أما إذا كان الدين الثابت في الذمة بإحدى العملات الورقية الجاري التعامل بها في هذا الزمن ، ثم نقص سعرها قبل السداد : فإذا كان النقص في قيمة العملة يسيراً لا يبلغ ثلث قيمة الدَّين ، فالواجب رد مثل النقود التي أخذها عدداً ، دون زيادة ولا نقصان .

وتعد هذه الحال مندرجةً تحت "قرار مجمع الفقه الإسلامي" رقم: (42) ، ( 4/5)

: " العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة ؛ لأن الديون تقضى بأمثالها ، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار " . انتهى

ثالثاً :

وأما إذا كان التغير في قيمة العملة كثيراً ، فقد اختلف العلماء المعاصرون في الواجب سداده على المدين في حال انخفاض قيمة العملة انخفاضاً شديداً ، هل يرد المثل أم القيمة ؟.

وسبب الخلاف : أن النقود الورقية والعملات الجاري التعامل بها في هذا الزمن ليس لها قيمة ذاتية ، وإنما تكتسب قيمتها الاعتبارية من تعامل الناس بها واعتراف الدول والتزامهم بقبولها .

وقد بحث "مجمع الفقه الإسلامي" هذه المسألة في أكثر من دورة ( الثالثة ، والخامسة ، والثامنة ، والتاسعة ، والثانية عشرة) ، وكانت مجمل الآراء في المسألة ترجع إلى ثلاثة أقوال :

الأول : التمسك بالأصل من وجوب رد المثل ، مهما كان حجم الانخفاض في قيمة العملة ما دام التعامل بهذه العملة جارياً بين الناس .

وقد اختار هذا القول كثير من العلماء المعاصرين ، منهم : الشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين ، والشيخ الصديق محمد الأمين الضرير ، والشيخ علي السالوس ، وعليه فتوى اللجنة الدائمة.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : "يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها ، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية ، زادت أو نقصت"

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (14/146) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: " إذا كانت الفلوس قد ألغيت واستبدلت بعملة أخرى : فله أن يطالب بقيمتها في ذلك الوقت أو بقيمتها حين ألغيت

وأما إذا بقيت العملة على ما هي عليه فليس للمُقرض إلا هذه العملة سواء زادت أم نقصت .

.. [ كما] لو أقرضه صاعاً من البر قبل سنوات وكان الصاع يساوي خمسة ريالات ثم نزل إلى ريالين مثلاً ، فهل يقول أعطه الصاع وأعطه ثلاثة ريالات ، لا ليس له إلا الصاع ، فالأشياء المثلية لا يلزم فيها إلا رد المثل، وكذلك النقود ما لم تلغ المعاملة بها"

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (72/9، بترقيم الشاملة آليا) .

القول الثاني : وجوب رد قيمة العملة وقت نشوء الالتزام [أي : وقت أخذ الدين] ( إما من خلال مراعاة القوة الشرائية للنقود ، أو مراعاة قيمة النقود بالذهب وقت الدين).

وقال بهذا القول كثير من العلماء والباحثين المعاصرين ، ومنهم : الشيخ الألباني ، والشيخ مصطفى الزرقا ، والشيخ عبد الله البسام ، والشيخ محمد سليمان الأشقر ، والشيخ عبد الرحمن البراك ، والشيخ محمد المختار السلامي ، والشيخ علي القرة داغي ، والشيخ وهبة الزحيلي .

ينظر : " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" الأعداد ( 3 ، 5، 8، 9 ، 12) .

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :

"لو أنك أقرضتني مائة دينار قبل سنة ، واليوم المائة دينار تساوي خمسين دينارا ، الخمسون دينارا لا يشتري ما كنت أشتريه بالمائة دينار اليوم ، من القمح والشعير واللبن والأشياء الضرورية من ضروريات الحياة ، فضلاً عن غيرها

فلا يجوز لي أن أكون شكلياً ظاهرياً ، فأوفيك مائة دينار ، وأقول لك : يا أخي أنا هذا الذي استقرضته منك ، وهذا هو أنقده لك نقدا".

وقال : " وإنما يرد له الدينار بقوته الشرائية يوم استقرضه ".

انتهى من " سلسلة الهدى والنور" شريط رقم (285) ما بعد الدقيقة (57) .

القول ‌الثالث: أن يؤخذ في مثل هذه الحالات بمبدأ الصلح الواجب ، بعد تقدير أضرار الطرفين (الدائن والمدين) ، أي : يتم التراضي بينهما على مبلغ يدفعه المدين .

ومن توصيات "الندوة الفقهية الاقتصادية لدراسة قضايا التضخم" التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالتعاون مع مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين في عام (1420 هـ ، 1999م) :

" إن كان التضخم عند التعاقد غير متوقع الحدوث وحدث، فإما أن يكون وقت السداد كثيرًا أو يسيرًا ، وضابط التضخم الكثير أن يبلغ ثلث مقدار الدين الآجل :

1- إذا كان التضخم يسيرًا فإنه لا يعتبر مسوغًا لتعديل الديون الآجلة ؛ لأن الأصل وفاء الديون بأمثالها ، واليسير في نظائر ذلك من الجهالة أو الغرر أو الغَبْن مغتفر شرعًا .

2- وإذا كان التضخم كثيرًا ، فإن وفاء الدين الآجل حينئذ بالمثل ( صورةً ) يُلحق ضررًا كثيرًا بالدائن يجب رفعه

تطبيقًا للقاعدة الكلية ( الضرر يزال ) .

والحل لمعالجة ذلك هو اللجوء إلى : الصلح .

وذلك باتفاق الطرفين على توزيع الفرق الناشئ عن التضخم بين المدين والدائن بأي نسبةٍ يتراضيان عليها "

انتهى من " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (12/4/286) بتصرف يسير .

والذي يظهر - والله أعلم - أن أقرب الأقوال في هذه المسألة هو القول بوجوب رد القيمة أو الصلح بين الطرفين إذا كان التغير كثيراً يصل إلى الثلث .

وتم اعتماد الثلث فاصلاً بين اليسير والكثير ؛ لأن الشرع اعتبره في كثير من المسائل حداً فارقاً بين القلَّة والكثرة .
قال ابن قدامة : " وَالثُّلُثُ قَدْ رَأَيْنَا الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ فِي مَوَاضِعَ : مِنْهَا ؛ الْوَصِيَّةُ ، وَعَطَايَا الْمَرِيضِ ، وَتَسَاوِي جِرَاحِ الْمَرْأَةِ جِرَاحَ الرَّجُلِ إلَى الثُّلُثِ.

قَالَ الْأَثْرَمُ : قَالَ أَحْمَدُ : إنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الثُّلُثَ فِي سَبْعَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً .

وَلِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ ، وَمَا دُونَهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ : (الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) ، فَيَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ آخِرُ حَدِّ الْكَثْرَةِ ، فَلِهَذَا قُدِّرَ بِهِ "

انتهى من " المغني" (6/179) .









رد مع اقتباس