منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحكيم التجاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 18:27   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ouhab hamza
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ouhab hamza
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثاني
مزايا التحكيم على الصعيدين الوطني والدولي
بعد تبيان تعريف التحكيم وما المقصود منه سوف نتطرق في هذا المطلب الى مزايا التحكيم سواء على الصعيد الوطني أو الدولي
- تأتي في مقدمة مبررات الالتجاء للتحكيم وإبراز مزاياه، الحجة المتمثلة في رغبة أطراف العلاقة القانونية تفادي طرح منازعاتهم على القضاء، مع ما تتسم به إجراءات التقاضي من بطء وتعقيد، علاوة على احتمال استطالة أمد النزاع بسبب تعدد درجات التقاضي وإمكانية الطعن في الأحكام، وتقديم إشكالات التنفيذ، التي قد تحكمها اعتبارات المدد في الخصومة، والمماطلة التي تحقق القول بأن العدالة البطيئة فرع من الظلم[1].
- كما أن التحكيم هو نتيجة عمل جماعي يشارك فيه الأطراف والمحكومون، لا تحكمه اعتبارات الخصومة ورغبة كل طرف في الانتصار لنفسه كما هو شأن الخصوم أمام القاضي، حيث وسائل المطل واستغلال المهارات القانونية في فتح الثغرات أو تهيئة وسائل الطعن ومواصلة طرقها تباعا مع استغلال الإجراءات والمواعيد ووسائل الإعلان والتلاعب التي قد تؤدي في النهاية إلى ضياع الحق من صاحبه وكسب الظالم لقضيته. إن التحكيم يغلق كل هذه الأبواب، فتم مواعيد يحددها الأطراف لكي يتم إصدار الحكم، ويهيمن المحكومون على "الإجراءات" بعد تحديدها بواسطة الأطراف، أو وفقا للقواعد المعمول بها في إحدى هيئات التحكيم الدائمة كغرفة التجارة الدولية بباريس، أو المركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة أو ووفقا لقواعد اليونسترال (لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي)، كما أن الأطراف هم الذين يختارون القانون الذي يحكم موضوع النزاع، فليس الأمر متروكا لقواعد الإسناد التي قد تطبق وتؤدي إلى صدم توقعات الأطراف، وعلى فرض عدم تحديد القانون بواسطة الأطراف، فالمحكم لا تسري عليه قاعدة خضوع الدعوى لقانون البلد الذي تقام فيه كما هو شأن القاضي الذي يتعين عليه تطبيق قواعد التنازع في قانونه الوطني، وبالتالي فالمحكم يتمتع بحرية تكاد تكون مطلقة في اختيار القانون الذي يراه معبرا عن الإدارة الضمنية للأطراف، أو الذي يراه أكثر ملائمة تبعا لطبيعة النزاع المعروض عليه[2].
- كما أن المحكم على خلاف القاضي، لا يلزم أن يكون رجل قانون فالأطراف يمكنهم اختيار محكم له خبرة في مجال النشاط الذي يتعلق به النزاع، فقد يكون مهندسا أو طبيبا أو رجل أعمال، مما يجعله مؤهلا لفهم وإدراك طبيعة النزاع دون أن يكون مضطرا للاستعانة بالخبراء وهو أمر لا غنى عنه إذا كان النزاع معروضا على القضاء، وبالتالي فالمحكم مصدر ثقة وطمأنينة للأطراف في حكمه وطريقه تفادي للإطالة نظرا لاستخدامه خبرته مباشرة على عكس القاضي الذي ينتظر تقرير الخبراء[3].
- إن التحكيم هو الوسيلة الملائمة لفض النزاعات أو الخلافات التي قد تثور بمناسبة تنفيذ العقود الناجمة عن عملية التنمية الاقتصادية التي تسعى الدول النامية إلى تحقيقها التي تمثل الشركات متعددة القوميات طرفها التقليدي في العصر الحالي لأن التحكيم لا يخضع أحد طرفي هذا الخلاف لقضاء دولة أجنبية عنه نظرا لوجود اتفاقيات دولية تنظم التحكيم في المنازعات التي تثور بين الدول ورعايا دولة أخرى مما يبث الطمأنينة في نفس المستثمرين ويبعثهم على الاستثمار دون الخوف من ميول القضاة وتدني مستواهم وانحرافهم[4].
- إضافة إلى هذا وذاك فإن للتحكيم ميزة السرية حيث لا يوجد مبدأ العلانية فيمكن نظر النزاع في جلسات لا يحضرها سوى أطراف النزاع وممثليهم، كما يحق للأطراف عدم نشر الأحكام، بل الأصل عدم نشرها إلا بموافقتهم، علاوة على أن " عامل" السرية لا يتعلق بكل عقود التجارة الدولية ولكن يظل زمام الأمر دائما في يد الأطراف والمحكمين.
الاعتراضات على نظام التحكيم وبيان مثالبه:
- يلقي نظام التحكيم هجوما يبلغ حد "العنف" أحيانا، فإذا كان ضروريا فهو شر لابد منه، لذلك – يجب أن يظل له طابع الاستثناء ويجب أن تهيمن الدولة على تنظيم التحكيم خاصة في الدول النامية باعتبار العدالة وإقامتها وظيفة لا يصح أن يترك أمرها للأفراد، وإلا سادت الفوضى وهيمن القوى أو الغني وضاعت حقوق الضعفاء والفقراء الذين يمثلون الطرف الضعيف في علاقات التجارة الدولية ،و كل القواعد و الأحكام التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية أو تكرسها هيئات ومراكز التحكيم الدائمة هي من صنع الدول المتقدمة بل وأسهمت وتسهم في تكوين أدبيات وفقه التحكيم وقضاءه، الشركات متعددة القوميات التي تمسك بزمام أمور التجارة الدولية، وترسى ما يطلق عليه أعراف وعادات التجارة الدولية، ولا يحكمها في ذلك إلا تحقيق مصالحها دون اعتداد بمصالح الدول النامية، وبالتالي فإن التحكيم ليس سوى آلية من آليات النظام الرأسمالي العالمي، يستخدمها لضمان ريادة وزعامة دول الشمال المتقدم وبقاء تخلف وتبعية الجنوب المتخلف. إذن فالمقصود به أساسا منع القضاء الوطني في الدول النامية من نظر منازعات عقود التنمية الاقتصادية وما ينجم عنه من تأثر القاضي الوطني بما تقتضيه مصالح بلاده الاقتصادية وبالتالي تأثر مصالح المستثمر الذي يعتبر التحكيم "طوق النجاة" بالنسبة إليه لارتكازه على مبدأ "سلطان الإدارة" والمحكم ليس ملزما بتطبيق قانون معين، فالأطراف أحرار في تحديد القانون الذي يقوم المحكم بتطبيقه، مما يجعل الطرف الضعيف أي الدول النامية و مشروعاتها تحت رحمة "المحكم" الذي لا يمكن أن تتوفر له حيدة ونزاهة القاضي، ويبلغ الشر مداه في نظام التحكيم، كل هذا يقودنا في النهاية إلى ما معناه العودة لنظام الامتيازات الأجنبية الذي ظل جاثما يشل يد المشرع الوطني في الدول النامية إبان عصور الاحتلال ويذهب البعض إلى أن إصدار وسن التشريعات الوطنية للتحكيم أصبح أمرا مفروضا على الدول النامية، وإلا وجدت نفسها محرومة من المعونات الدولية ومن مؤازرة المؤسسات الدولية المنوط بها مساعدة هذه الدول كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكافة الوكالات التابعة للأمم المتحدة[5].
* مقارنة وترجيح:
إن المقابلة والتضاد بين تحبيذ أو نبد نظام التحكيم لا تخلو من المبالغة فليس صحيحا إطلاق القول بأن التحكيم يحمي المستثمر الأجنبي من فساد وتدني نظم التقاضي في الدول النامية، فالفساد والانحراف ظاهرة لا وطن لها، وشبهة انحياز القاضي إذا قامت لدى القاضي في الدول النامية، فهي تقوم أيضا بالنسبة للقاضي في الدول المتقدمة. ولكن النظرة الموضوعية تكشف عن بطء إجراءات التقاضي وتعدد درجاته وارتفاع تكاليفه في الدول المتقدمة بوجه خاص، يجعل التحكم هو الوسيلة الأكثر ملائمة سواء في المنازعات الوطنية أو منازعات التجارة الدولية، كما أن التحكم يسهم في حل مشكل تعدد القضايا التي تطرح على القضاء على الصعيد الوطني، و إذا انتقلنا إلى صعيد علاقات التجارة الدولية، فلا بد من مواجهة واقع العالم المعاصر، فهو عالم شئنا أم أبينا تتولى زمام أموره الدول الصناعية المتقدمة، فإذا أثرنا " الصراع " والنضال، فهو صراع غير متكافئ ولا تسعنا شعارات الأمس الآفل عن الإمبريالية و الرأسمالية المستغلة في هذا النضال، فنحن أمام حاجيتنا للتنمية الاقتصادية الشاملة، وإعداد المفاوضين وتكوين "الكوادر " القادرة على صياغة شرط أو اتفاق التحكيم على نحو متوازن، كالنص على تطبيق القانون الوطني، وهو نص دارج في عقود الاستثمار التي تبرمها الدول النامية مع المستثمر الأجنبي، بل ونجد اتفاقية واشنطن المتعلقة بتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى تنص على تطبيق قانون الدولة الطرف في النزاع، إذا لم يتفق الأطراف على تحديد القانون واجب التطبيق، والأمر نفسه نجده في مدونة السلوك الخاصة بعقود نقل التقنية.
وبالتالي يمكن للدولة التدخل في سن تشريعات التحكيم لضمان كفاءة هذا الأخير الذي يتم داخل البلاد "التحكم الداخلي" . أما إذا تعلق الأمر بالمستثمر الأجنبي والدولة فمن الممكن أن يتفقا للجوء إلى القانون الوطني، وإذا تعلق الأمر بمشروعات خاصة وطنية ومشروعات أجنبية يكون الاتفاق خاضع للمعاهدات والاتفاقيات الدولية.

[1]د. معوض عبد التواب، المستحدث في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، 1991، ص 31.

[2]- د. نبيل اسماعيل عمر، التحكيم في المواد المدنية والتجارية والوطنية والدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2004.ـ ص 23.

[3]- د. ناريمان عبد القادر، اتفاق التحكيم، الطبعة الاولى، دار النهضة العربية، 1996، ص 12.

[4]د. كمال ابراهيم، التحكيم التجاري الدولي، دار النشر الاسكندرية، 1991، ص 26.

[5]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 35.