منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العقيقة وأحكام المولود >> عادات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-29, 15:07   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم أكل جميع الأضحية أو التصدق بجميعها

السؤال :


إذا ذبح الشخص عقيقتين ، أو أضحيتين ، هل يجوز أن يأكل إحداهما كلها ويتصدق بالأخرى كلها ، الأولى لم يتصدق بشيء منها أبدا ، والثانية تصدق بها كلها عنها وعن الثانية . أم لابد أن يتصدق بشيء منهما جميعا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

دلت النصوص الشرعية على وجوب التصدق بشيء من الهدي والأضحية ، وإن قلَّ هذا الشيء ، قال تعالى : ( فَكُلُوا مِنْهَا ، وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ، كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .

القانع : هو الفقير الذي لا يسأل تقنعاً وتعففاً .

والمعتر : هو الفقير الذي يسأل .

فلهؤلاء الفقراء حقٌّ في الهدي ، " وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي الْهَدْيِ ، إِلاَّ أَنَّ الْهَدْيَ وَالأُضْحِيَّةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ "

انتهى من " الموسوعة الفقهية " (6/115) .

وقال صلى الله عليه وسلم في الأضاحي : ( فَكُلُوا ، وَادَّخِرُوا ، وَتَصَدَّقُوا ) رواه مسلم (1971) .

والقول بوجوب التصدق بشيء منها هو مذهب الشافعية والحنابلة ، وهو الصحيح ، لظاهر النصوص الشرعية .

قال النووي رحمه الله :

" يجب التصدق بقدرٍ ينطلق عليه الاسم ؛ لأن المقصود إرفاق المساكين ، فعلى هذا : إن أكل الجميع ، لزمه ضمان ما ينطلق عليه الاسم "

انتهى من " روضة الطالبين وعمدة المفتين " (3/223) .

وقال المرداوي رحمه الله :

" وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْهَا "

انتهى من " الإنصاف " (6/491) .

وقال البهوتي رحمه الله :

" فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ نِيءٍ مِنْهَا ، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ ، كَالْأُوقِيَّةِ "

انتهى من " كشاف القناع " (7/444) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين

: عمن يقوم بطبخ كامل الأضاحي مع أقاربه بدون التصدق منها هل عملهم صحيح ؟

فأجاب رحمه الله بقوله :

" هذا خطأ ؛ لأن الله تعالى قال : ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) .

وعلى هذا : يلزمهم الآن أن يضمنوا ما أكلوه ، عن كل شاة شيئًا من اللحم ، يشترونه ويتصدقون به "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (25/132) .

ثانياً :

في وجوب الأكل من الأضحية خلاف بين العلماء ، وجمهور العلماء على أن الأكل منها مستحب وليس بواجب ، وهو مذهب الأئمة الأربعة .

وذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل منها ولو شيئاً يسيراً ؛ لظاهر النصوص الشرعية الآمرة بالأكل منها .

قال النووي رحمه الله :

" وَأَمَّا الْأَكْل مِنْهَا فَيُسْتَحَبّ وَلَا يَجِب , هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة , إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْض السَّلَف أَنَّهُ أَوْجَبَ الْأَكْل مِنْهَا ... لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث فِي الْأَمْر بِالْأَكْلِ

مَعَ قَوْله تَعَالَى : ( فَكُلُوا مِنْهَا ) ، وَحَمَلَ الْجُمْهُور هَذَا الْأَمْر عَلَى النَّدْب أَوْ الْإِبَاحَة ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بَعْد الْحَظْر "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (13/131) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا ، أَوْ بِأَكْثَرِهَا ، جَازَ "

انتهى من " المغني " (13/380) .

ثالثاً :

أما العقيقة ، فلم يرد في النصوص الشرعية ما يدل على كيفية توزيعها ، ولا على وجوب الأكل منها ، أو التصدق بها .
ولذلك فللإنسان أن يفعل بها ما يشاء

إن شاء تصدق بها كلها ، وإن شاء أكلها كلها ، والأفضل أن يفعل فيها كما يفعل بالأضحية .

وقد سئل الإمام أحمد عَن الْعَقِيقَة ، كَيفَ يصنع بهَا ؟

" قَالَ : كَيفَ شِئْت ، وَكَانَ ابْن سِيرِين يَقُول : اصْنَع مَا شِئْت "

انتهى من " تحفة المودود بأحكام المولود " (ص 55) .

رابعاً :

الحكم السابق من حيث وجوب التصدق بجزء من الأضحية ، أو استحباب الأكل منها أو وجوبه ، ينطبق على كلِّ شاة بمفردها .

فلو ذبح عشر شياه : لزمه التصدق من كل واحدة بجزء ، واستحب له أن يأكل من كل شاة جزءً .

ولا يجزيه أن يتصدق بشاةٍ كاملةٍ من هذه الشياه عن الجميع ؛ لأن كل شاة أضحية مستقلة عن الأخرى .

ولهذا لما نحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه ، أمر أن يجمع في القدر من كل ناقة جزء .

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ [ أي ما تبقى ]

ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ ، فَطُبِخَتْ ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا ، وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا... " رواه مسلم (1218) .

فهذا يدل على أن لكل ذبيحة حكماً مستقلاً ، ولهذا أمر بجمع جزء من كل بدنة .

قال النووي رحمه الله :

" الْبَضْعَة : هِيَ الْقِطْعَة مِنْ اللَّحْم , وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الْأَكْل مِنْ هَدْي التَّطَوُّع وَأُضْحِيَّته .

قَالَ الْعُلَمَاء : لَمَّا كَانَ الْأَكْل مِنْ كُلّ وَاحِدَة سُنَّة , وَفِي الْأَكْل مِنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْ الْمِائَة مُنْفَرِدَة كُلْفَة ، جُعِلَتْ فِي قِدْر ؛ لِيَكُونَ آكِلًا مِنْ مَرَق الْجَمِيع الَّذِي فِيهِ جُزْء مِنْ كُلّ وَاحِدَة "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (8/192) .

وقال رحمه الله – أيضاً - :

" إنما أخذ بضعة من كل بدنة ، وشرب من مرقها ؛ ليكون قد تناول من كل واحدة شيئاً "

انتهى من " المجموع شرح المهذب " (8/414) .

والحاصل :

الأضحية التي أكلتها كلها ، ولم تتصدق منها بشيء ، يلزمك أن تشتري شيئاً من اللحم ولو أوقية ، وتتصدق به على الفقراء ، عوضاً عنها .

وأما الأضحية التي تصدقت بها كلها ، فهي مجزئة عنك عند جميع العلماء .

وأما العقيقة ، فلا حرج عليك فيما فعلته بها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس