منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دعوى الالغاء - منازعات ادارية-
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-15, 11:36   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
كوثرcom
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية كوثرcom
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة houari29 مشاهدة المشاركة
نريد بحث حول حالات دعوي الالغاء (عيب الشكل -الاجراءات---الانحراف بالسلطة. شكرا
حالات رفع دعوى الإلغـاء أربعـة (04):
عيب عدم الاختصاص و عيب الشكل : يتعلقان بالعيوب الشرعية الخارجية للقرار أما العيوب الداخلية أو المادية فتحتوي على عيب الانحراف في استعمال السلطة و عيب مخالفة القانون

المطلب الأول : عيب عدم الاختصاص
هذا العيب يعتبر من النظام العام و يجوز للقاضي أن يتطرق إليه من تلقاء نفسه حتو ولو أن المدعي لم يشير إليه، و يمكن لعدم الاختصاص أن يأخذ عدة صفات و هي كالتــالي :
- اغتصاب الوظيفة -عدم الاختصاص الموضوعي -عدم الاختصاص المكاني -عدم الاختصاص الزماني

الفرع الأول : عيب الاغتصاب الوظيفي (عدم الاختصاص الجسيم)
كمبدأ عام تحدث هذه الحالة في حالة لجوء فرد ليس له سند أو صفة قانونية و لا ينتمي إلى التسلسل إداري لإصدار قرار إداري.
فهنا الشخص لا ينتمي إلى الادارة و ليس له أي سلطة إدارية لإصدار قرار إداري و هذا الشكل من عدم الاختصاص هو أكثر جسامة، و القرار الإداري في هذه الحالة لا يعتبر القرار باطل و غير مشروع و إنما يعتبر قرار معدوم (قضى مجلس الدولة الفرنسي بإعدامه و تجريده من كل آثاره باعتباره عمل مادي و ليس تصرف قانوني، و من تم عدم تقييد الدعوى المخاصم بها بقيد الأجل)، كما أن هناك قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 31 ماي 1957 في قضية روزان جيرارد Rosan Jirard و الغاء القرار المعدوم و تجريده من كل أثر بأثر رجعي كما أن هذا العيب من النظام العام إذ يمكن للقاضي أن يتطرق إليه تلقائيا و لا يمكن للقرار المعدوم أن يصبح نهائيا بحيث أن طلب إلغاءه لا يخضع لأي مهلة قانونية و يمكن الطعن فيه في أي وقت كما يمكن للإدارة أن تسحبه في أي وقت بينما لا يكون لها فعل ذلك في القرارات الغير شرعية.
الإستثـنـــاء : ( نظرية الموظف الفعلي )
نظرية الموظف الفعلي في بعض الحالات الاستثنائية و خاصة في وقت الأزمات أو الحروب يمكن لأشخاص أو هيئة ليس لها الصفة الإدارية من ممارسة السلطة الإدارية و ذلك لهدف و احد و هو المنفعة العامة مثلا : في شهر جوان 1940 اللجنة المحلية لإدارة مدينة فاكن Fecan التي كونت من طرف المواطنين قامت بفتح المحلات التجارية المهملة من طرف ملاكها و بتعيين مسيرين لها و كذلك بإنشاء رسوم عل الأسعار فاعتبر مجلس الدولة أنه في حالة عدم وجود أعضاء البلدية يرجع لرئيس هذه البلدية أن يأخذ كل القرارات اللازمة في هذه الحالة كما أكد مجلس الدولة أنه مادام مدخول رئيس البلدية و العادي و المنصوص عليه لا يكفي يمكن لرئيس البلدية و بصفة شرعية إنشاء رسوم مؤقتة على الأرباح التي تحصل عليها المحلات التجارية قرار مجلس الدولة في قضية Cocq المؤرخ في 07/01/1944 و قرار مجلس الدولة في قضية ماريون Marion المؤرخة في 05/03/1948 في هذه القضية قام المواطنون بتأسيس لجنة خاصة لإدارة المدينة و تموين السكان و تسخير المواد الغذائية، قرار مجلس الدولة ان كل القرارات المأخوذة في هذه الظروف تعتبر قانونية.

الفرع الثاني : عيب عدم الاختصاص الموضوعي
هذا العيب هو نتيجة تعدي هيئة إدارية على ميدان اختصاص هيئة أخرى و حالات عدم الاختصاص الموضوعي (النوعي) هي كـالآتي :
(I إعتداء هيئة مرؤوسة على اختصاصات هيئة رئاسية : إذا كان الأصل العام أنه لا يمكن لسلطة مرؤوسة أن تصدر قرار موضوعه من اختصاص سلطة إدارية أعلى منها إلا بناءا على تفويض مثال ذلك : إصدار رئيس الدائرة قرار موضوعه من اختصاص الوالي خارج عن أي تفويض يعتبر هذا الاعتداء خرقا لقاعدة التسلسل الإداري مثلا قرار المحكمة العليا في 02/05/1969 "أين قامت البلدية بطرد حارس غابات بينما لا تتمتع هذه الإدارة إلا بتوقيفه لمدة أقصاها شهر واحد أما اختصاص الطرد يكون من طرف الوالي فجاء قرار المحكمة العليا بقرار طرد هذا الحارس، كما أنه هناك قرار المحكمة العليا في قضية خ أ ضد وزير الداخلية "حيث أن الأشغال التي شرع الطاعن فيها قد تمت بناءا .....و الذي و الذي أدى بوالي الجزائر إلى إتخاذ مقرر مؤرخ في 02/03/1987 .....و أنه إذا كان رئيس المنشآت القاعدية عضوا في المجلس التنفيذي للولاية أن يمارس نشاطه تحت سلطة الوالي فإنه لا يستطيع سحب مقرر الوالي و استبداله بقرار يتخذه هو و أن تصرف رئيس المنشآت القاعدية على النحو السابق عرضه قد جعله يعتدي على صلاحيات رئيسه السلمي ما دام لا يتوفر على تفويض خاص للقيام بذلك"
غير أنه توجد بعض الطرق التي لا يمكن استعمالها من طرف إدارة لأخذ قرارات في ميدان اختصاص هيئة إدارية أخرى و هي تفويض السلطة و تفويض إمضاء.
(II إعتداء هيئة عليا على اختصاص هيئة أدنى : إذا كانت القاعدة أن الرئيس الإداري يملك بموجب السلطة الرئاسية التي يمارسها على أعمال المرؤوسين من حق الإشراف و التوجيه و المراقبة و ذلك إما باجازة أو إلغاء أو تعديل القرارات الصادرة منه إلا أنه لا يمكن له التدخل بإصدار قرار إداري في مجال جعله المشرع من اختصاص المرؤوس أيضا كاصدار وزير الداخلية مثلا : قرار بالتصريح بالمنفعة العمومية بينما المادة 10 من المرسوم التنفيذي 93-186 المؤرخ في 27/07/1993 و المحدد لكيفيات تطبيق القانون 91-11 المحدد لقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية جعلت اختصاص اصدار قرارات نزع الملكية يعود للوالي التي تقع ضمن اختصاصه الاقليمي الملكية العقارية المراد نزع ملكيتها و مباشرة سلطة إدارية مركزية (وصية) لاختصاصات قانونية موكلة لسلطة إدارية لا مركزية يعد اعتداء على سلطة أدنى (ما عدا الحالات التي تمارس فيها السلطة المركزية و وصايتها بناءا على نص قانوني، إذ لا وصاية إلا بنص).
(III اعتدا سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية موازية لها : و يتمثل هذا المظهر في اعتداء سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية أخرى لا تربطهما علاقة رئاسية و لا وصائية كإصدار وزير الداخلية قرارا من اختصاص وزير النقل، فهنا قراره يكون مشوبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي و قابلا للإلغاء القضائي.
كما أضاف بعض الفقه مظهرا آخرا أطلق عليه عيب عدم الاختصاص السلبي و يتمثل في حالة امتناع سلطة إدارية عن اتخاذ قرار إداري في مجال معين معتقدة أنه لا يدخل ضمن اختصاصاتها و أن اختصاصها مقيد بالرجوع إلى السلطة الرئاسية رغم أنها مختصة قانونا بذلك و غير مقيدة برأي السلطة الرئاسية و رتب القضاء الإداري نفس الأثر على القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص الإيجابي و جعله قابلا للإلغاء (حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية إزنار Isnarts ).

الفرع الثالث : عيب عدم الاختصاص المكاني :
هو أقل حدوثا إذ أن أغلب السلطات الإدارية في الدولة تعرف جيدا حدود اختصاصاتها الإقليمية و في حالة ما أصدرت سلطة إدارية تخاطب فيه شخص أو قرار منظم لحالة معينة يوجدان خارج الاختصاص الإقليمي للسلطة مصدرة القرار المطعون فيه فجزاء مثل هذا القرار هو الإلغاء.

الفرع الرابع : عيب عدم الاختصاص الزماني :
و يقصد به صدور قرار إداري عن سلطة إدارية في وقت لا تكون مختصة قانونا بإصداره، كإصدار موظف لقرار إداري قبل تنصيبه رسميا أو بعد إقالته أو انتهاء عهدته، أو إصداره لقرار إداري بعد انتهاء المدة المحددة قانونا لإصداره، و يترتب على ذلك بطلان هذه الأعمال.
و قد أجاز القضاء الإداري الفرنسي القرارات التي تصدرها الحكومة المستقيلة المتعلقة بالتسيير العادي للمرافق العامة في فترة ما بين قبول استقالتها و تعيين الحكومة الجديدة.
و قد أسس المؤسس الدستوري نظرية التسيير العادي في المادة 82 من دستور 1996 التي تنص على "إذا لم تحصل من جديد موافقة المجلس الشعبي الوطني ينحل وجوبا ".
تستمر الحكومة القائمة في تسيير الشؤون العادية إلى غاية انتخاب المجلس الشعبي الوطني و ذلك خلال أجل أقصاه ثلاثة (03) أشهر .

المطلب الثاني : عيب الشكــل (*)
الفرع الأول : تعريــفه
هو مخالفة الإدارة للقواعد و الإجراءات الشكلية التي قررها القانون بمناسبة إصدارها لقراراتها و يستوي أن تكون هذه المخالفة كاملة أو جزئية و قد يشتمل القانون صدور قرار في مجال معين و في شكل معين و أن يكون مسلما أو باتباع اجراء معين كاستشارة لجنة معينة قبل اصدارها و جزاء هذه المخالفة هو الغاء القرار إذا ما خصم قضائيا.

الفرع الثاني : أنـواعه
لكي يكون القرار مشروعا لابد من مراعاة هذه الشكليات و اتخاذ الإجراءات المتبعة قانونا فقد يرتب المشرع الإلغاء كجزاء للقرار الصادر مخالفا لقواعد الشكل و الاجراءات التي قررها مثالها ما نصت غليه المادة 130 من المرسوم 85/59 المؤرخ في 23 مارس 1985 و المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات و الإدارات التي جاء فيها : "توقف السلطة التي لها صلاحية التعليم فورا الموظف الذي ارتكب خطأ مهني جسيم يمكن أن ينجر عنه تسريح.
لا يتقاضى المعني أي راتب طوال مدة التوقيف المذكور في الفقرة 07 ما عدى التعويضات ذات الطابع العائلي و يجب أن تسوى وضعية هذا الموظف الموقف في أجل شهرين ابتداءا من اليوم الذي صدر فيه مقرر توقيفه ، و خلال هذا الأجل تطلب موافقة لجنة الموظفين على ذلك و إذا عارضت اللجنة التسريح يتقاضى المعني كامل راتبه و تعاد له حقوقه ."



(*) : لا يثـيره القاضي من تلقاء نفسه كما أن بنجر عن هذا العيب الإلغــاء.
و إذا لم تجتمع اللجنة اللجنة في الأجل المذكور أو لم تبلغ مقررها المعني تعاد إليه حقوقه و يتقاضى كامل راتبه، أما إذا سكت المشرع عن هذا الجزء فالأمر يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي الإداري الذي يبحث عن مدى أهمية الشكل أو الإجراء المطلوب و الذي صدر القرار مخالفا له لكي يحدد ما إذا كانت هذه المخالفة تؤثر على مشروعية القرار أو لها أهمية ثانوية لا تؤثر على مشروعيته، أي أن القاضي يميز بين الشكليات الأساسية و الشكليات الثانوية و المخالفة الأولى تؤدي إلى إلغاء القرار الصادر مخالفا لها و للتمييز بينهما قدم غالبية الفقه و القضاء الفرنسي معيارا للتميز يتمثل في :
(I الأشكـال و الإجراءات الشكلية : و هي التي تشكل ضمان لحقوق الأفراد أو تلك التي من شأنها تغيير ماهية أو محتوى القرار أو إلى اشتراط القانون صراحة لاستيفائها، تعد أشكالا جوهرية يجب على الإدارة احترامها عند إصدارها للقرارها و إلا كان جزاء مخالفتها إلغاء هذه القرارات و نذكر منها :
- الإجراءات السابقة على اتخاذ القرار
- عدم استشارة لجنة مسبقا نص عليها القانون.
- عـدم الأخذ بالرأي الموافق .
- تشكيل غير قانوني للجنة التي قدمت الرأي الموافق.
- احترام حقوق الدفاع منها استدعاء الموظف المخطئ للمثول أمام لجنة التأديب و تمكينه من
الإطلاع على ملفه.
- المظهر الخارجي للقرار : في حالة اشتراط القانون صدور قرار في مجال معين كتابيا في شكل معين
و محدد في النص القانوني.
- تسبيب القرار، فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها.
- تثبيت تاريخ صدوره و توقيعه و وضع خاتم السلطة الإدارية أو المصادق عليه من قبل السلطة
الإدارية المختصة.
(II الأشــكال الثانوية : و هي التي لا تؤثر على محتوى القرار أو تمس بحقوق الأفراد، بحيث أن مخالفتها لا تؤدي إلى إلغاء القرار و منها الشكليات المقررة لصالح الإدارة، أو تلك التي يمكن تداركها و اصلاحها بسهولة، كنسيان الإدارة مصدرة القرار تثبيت مرجعه و رقمه.
(III تصحيح عيب الشكل : و هي الحالات التي لم يرتب مجلس الدولة الفرنسي على عدم استفاءها الإلغــاء.
استحالة إتمام الشكل أو إجراء معين : لقد استقر مجلس الدولة الفرنسي على إمكانية تجاوز الأشكال و الإجراءات التي استحال على الإدارة المختصة إتمامها من الناحية المادية مثال : استحالة سماع دفاع المتهم بارتكاب خطأ وظيفي في حالة عدم تركه لعنوانه و استحالة معرفة العنوان، و كذا استحالة جمع أعضاء اللجنة الاستشارية الواجب أخذ رأيها قبل إصدار القرار نتيجة لظروف استثنائية و كان إصدار القرار ضروري لتحقيق مصلحة عامة .
الاستفاء اللاحق لشكل جوهري كحالة حدوث أخطاء مادية لا تؤثر على مضمون القرار و لا على سلامته القانونية فغالبا القضاء الإداري لا يجازي ذلك بالإلغاء.

المطلب الثالث : عيب الانحراف في استعمال السلطـة
الفرع الأول : تعريــفه و طبيعته
يقصد به استخدام الإدارة لسلطنها من أجل تحقيق غاية غر مشروعة، سواء باستهداف غاية بعيدة عن المصلحة العامة، أو بابتغاء هدف مغاير للهدف الذي حدده لها القانون، و الذي من أجله منحت لها هذه السلطات.
و هو ملازم للسلطة التقديرية للإدارة الذي يترك فيه المشرع للإدارة جانبا من الحرية في التدخل أو عدمه أو في اختيار الوقت الملائم للتدخل كما هو عليه الحال في مجال وظيفة الضبط الإداري و من تم تعد السلطة التقديرية المجال الطبيعي لظهور الانحراف في استعمال السلـطة. أما في مجال السلطة المقيدة فلا يظهر فيها هذا العيب لأن الإدارة ملزمة باتخاذ القرار الإداري طبقا للقانون و في حدود اختصاصاتها و في الشكل الذي رسمه لها المشرع و استنادا على أسباب صحيحة مع افتراض استهدافه للغاية المحددة له و ما يميز هذه الحالة عن الحالات الأخرى هو أن القاضي في العيوب الأخرى يقوم بمراقبة مدى مشروعية القرار من حيث قواعد الاختصاص و الشكل و الاجراءات و سلامة سببه و محله بينما يراقب في هذه الحالة مدى مشروعية الهدف المبتغى من إصدار القرار و للوصول إلى ذلك يجب عليه البحث عن نية مٌصدر القرار، و هذه عملية صعبة تتطلب التمييز بين الدوافع (mobile) و البواعث (motif) إذا كان الباعث يتمثل في تلك الوقائع المادية و القانونية التي تبرر صدور القرار مثلا : الباعث لجزاء تأديبي هو ارتكاب خطأ تأديبي فالدافع هو شخص يتمثل في نية و رغبة صاحب القرار و الغرض الذي يستهدفه فمثلا : الموظف المتغيب يعاقب من أجل حسن سير المرفق (دافع شرعي) أو لخلاف شخصي بينه و بين رئيسه الإداري (دافع غير شرعي).
و لهذا تعد الرقابة على هذا العيب شاقة و دقيقة كونها تتعلق بالبحث و التحقق من نية مٌصدر القرار و هو أمر صعب إثباته و الكشف عنه، لذلك انحصر نطاق تطبيق هذا العيب و أصبح حاليا عيبا احتياطيا لا يستند عليه القاضي إلا في حالة غياب بقية حالات تجاوز السلــطة.



الفرع الثاني : صــوره
(I القرار يهدف إلى تحقيق غرض أجنبي عن المصلحة العامة :فإذا كانت القاعدة التي تحكم القانون الإداري تتمثل في استهداف حميع القرارات الصادرة عن مختلف السلطات الإدارية لتحيق المصلحة العامة فعلى هذا الأساس إذن: تستهدف السلطة الإدارية من خلال إصدارها لقرار في مجال معين تحقيق غاية بعيدة أو مجانبة للمصلحة العامة فإن هذا القرار يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة و قابلا للإلغاء إذا ما تمت مخاصمته قضائيا و هناك عدة صور لمجانبة الإدارة العامة للمصلحة العامة و منها :
أولا – استهداف مٌصدر القرار تحقيق مصلحة شخصية أو لغرض الانتقام من المخاطب : كأن يستهدف مصدر القرار تحقيق هدف شخصي فمثلا : القرار المتضمن رفض منح رخصة لمزاولة نشاط إداري من قبل سلطة محلية رغم استفاءها كل الشروط القانونية بهدف منع منافسة طالبه للنشاط التجاري المماثل الذي تملكه السلطة المحلية أو بهدف الانتقام منه لخلاف شخصي سابق بينهما .
ثانيا – لتحقيق غرض سياسي : مثاله قرار تحويل موظف للعمل في منطقة نائية ليس لضرورة حسن سير المرفق العام بل لإبعاده و الحد من نشاطه السياسي كونه عنصر نشيط في حزب سياسي منافس للحزب الذي ينتمي إليه رئيسه الإداري.
ثالثا – لتحقيق منفعة للغير (محاباة) : مثالها القرار الصادر في 04/03/1978 عن المجلس الأعلى في غرفته الإدارية في قضية جمعت السيد خ ع و من معه ضد رئيس م ش ب لبلدية عين البنيان و التي تتلخص وقائعها في أنه بتاريخ 20/05/1975 أصدر رئيس م ش ب لبلدية عين البنيان قرارا يمنع بيع و استهلاك الخمور في المطاعم و المقاهي باستثناء المركز السياحي المتواجد بمنطقة الجميلة تم مخاصمة القرار من طرف خ ع ومن معه أمام المجلس الأعلى بدعوى تجاوز السلطة و فضلا أن القرار المخاصم كان مشيبا ببعض العيوب كشف عنها قرار المجلس الأعلى، و فيما يخص عيب الانحراف في استعمال السلطة جاء في حيثياته "حيث إذا كان لرئيس م ش ب لبلدية عين البنيان أن يستعمل السلطات التي يخولها له القانون البلدي لتنظيم بيع الخمور حفاظا على الأمن العام فقد اتضح بعد التحقيق أن البواعث التي أدت إلى اتخاذ القرار ترجع لاعتبارات أخرى لاسيما أن بيع و استهلاك الخمور الممنوع على المدعي لا يزال مباحا في محلات أخرى على مستوى البلدية و لذلك ألغي القرار لكونه مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
(II مخـالفة القرار لقاعدة تخصيص الأهداف : ففي هذه الصورة فإن الغاية من القرار لا تتنافى مع المصلحة العامة لكنها تخالف قاعدة تخصيص الأهداف التي تتمثل في أن المشرع عند منحه لامتيازات السلطة العامة لهيئة إدارية لتحقيق هدف محدد قانونا فالإدارة المختصة عندما تتحجج في استعمال سلطاتها عند تحقيق أهداف مغايرة للأهداف التي أوكلت إليها كالحفاظ على النظام العام بالنسبة لسلطات الضبط الإداري سواء كانت مركزية أو محلية فهنا يكون القرار الصادر في هذا الشأن مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة. و مثال ذلك قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 19/07/1924 في قضية بوجي Beguie و التي تتمثل وقائعها في صدور قرار عن رئيس بلدية يمنع المستحمين من ارتداء و نزع ملابسهم على الشواطئ و جبرهم على استعمال وحدات خلع الملابس التابعة للبلدية مقابل أجر معين فهذا القرار لا يهدف إلى حماية الآداب العامة (هدف مشروع) و إنما هدفه البعيد هو تحقيق مصلحة مالية للبلدية (من أجل تحصيل الرسوم على ذلك)، لهذا هو وجه الانحراف.
(III الانحراف بالإجراءات : تتمثل هذه الصورة في لجوء الإدارة من أجل تحقيق أهدافها إلى استعمال إجراء قانوني بدل الإجراء القانوني الملائم و المحدد قانونا من أجل بلوغ نفس الأهداف و ذلك لتجنب شكليات و تعقيدات الإجراء القانوني الملائم أو حرمان المخاطبين به من بعض الضمانات التي نص عليها الإجراء الثاني و أكثر الحالات تطبيقا لهذه الصورة هو لجوء الإدارة المختصة إلى استعمال إجراء الإستلاء من أجل بناء مرافق عامة بدل إتباع الإجراء القانوني السليم و هو نزع الملكية من أجل المنفعة العامة (قرار المجلس الأعلى في غرفته الإدارية الصادر في 03/03/1967) و قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية فرنسوا François ، و كذا القرار الصادر عن المجلس الأعلى المؤرخ في 02/07/1962 في قضية عين فخارين ضد الدولة.
(IV حدوث عيب الانحراف في استعمال السلطة
أ‌- عندما تستهدف الإدارة المختصة بإصدارها لقرار ما له عدة أهداف فإنه يكفي أن يكون إحداها مشروعا ليكون القرار سليما.
ب‌- صعوبة اتيان المدعي لهذا العيب الذي يشوب القرار المخاصم و مدى سلطة القاضي في الكشف عنه إذ لا يستطيع هذا الأخير أن يأمر بالتحقيق من أجل البحث عن نية مٌصدر القرار و طلب استجوابه و وقوف على الدوافع عن إصداره لهذا القرار إذ يكتفي غالبا بالأدلة غير مباشرة و قرائن الناجمة عن موقف الإدارة من النزاع و الظروف و الملابسات المحيطة به خاصة إذا كانت غير ملزمة قانونا.

المطلب الرابع : عيب مخالفة القــانون
يعد أهم أوجه الإلغاء و أكثرها تطبيقا و يتعلق بالمشروعية الداخلية أو الموضوعية للقرار الإداري
و لهذا العيب مفهومين:
(I المفهوم الـواسع : و يشمل كل حالات مخالفة القانون و يندرج ضمنها عيوب عدم المشروعية و التي سبق و أن درسناها كونها تعد كلها حالات مخالفة القانون.
(II المفهوم الضيـق :و هي حالة مكملة للحالات الثلاثة السالفة الذكر و هي تسمح بمراقبة عدم المشروعية التي شابت القرار المخاصم غير المتعلقة منها بالاختصاص أو الشكل أو الانحراف في استعمال السلطة و يقصد هنا بالقانون المفهوم الواسع أي كل قاعدة قانونية سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة تخضع لها الإدارة و منها الدستور، التشريع، النصوص التنفيذية و التنظيمية، و أحكام قضائية حائزة على قوة الشيء المقضي فيه و المبادئ العامة للقانون و يتجسد هذا العيب في صورتين أساسيتين :
أولا – المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية مهما كان مصدرها : و هذا بتبيان عمل تمنعه هذه القاعدة أو كامتناع عن عمل تستلزمه أي كمخالفتها للقاعدة القانونية الأعلى من خلال إصدارها للقرار المخاصم و هذا النوع عادة ما يكون واضحا في الواقع العملي كإصدارها قرارا مخالفا لقرار قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه أو رفضها الترخيص لأحد الأفراد من مزاولة نشاط ما رغم استفاءه لجميع الشروط التي نص عليها القانون و قد طبق مجلس الدولة هذه الصورة في قراره الصادر في 24/04/2000 في قضية السيد مندل محمد ضد وزير العدل و تتلخص وقائعها في أن السيد وزير العدل أصدر قرار بوقف المدعي عن عمله ككاتب ضبط لمتابعته قضائيا بتهمة المشاركة في اغتيال ضحيتين و انتماءه لجماعة إرهابية و التخريب و أن غرفة الاتهام أصدرت قرار مؤيد لقرار قاضي التحقيق بانتفاء وجه الدعوى و مما جاء في هذا القرار "حيث أن مقرر العزل جاء متناقضا و قرار غرفة الاتهام و غير مؤسس قانونا مما يستوجب إبطاله.
ثانيا – الغلط القانوني و الغلط المادي : كحالات مخالفة القانون و تتمثل هذه الصورة في أن عدم المشروعية لا تتعلق بمحل القرار المخاصم أي أثره المباشر و لكنه بأسبابه القانونية أو المادية التي دفعت الإدارة إلى إصداره و تتجسد في :
1-/ الغلط القانوني : ترتكب الإدارة مٌصدرة القرار المخاصم غلط قانوني في حالة تطبيقها لنص
قانوني أو مبدأ قانوني بصفة خاطئة و هـذا إما :
أ – بالخطأ في تفسير القاعدة القانونية التي استند عليها في إصدار قرارها و هذا باعطاءها
معنى مغاير للمعنى الذي قصده المشرع أو ما يطلق عليه الفقهاء سوء تفسير قاعدة
قانونية مثال ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى في الغرفة الإدارية في قضية السيدة
ريفاريشون Rivarichon ضد والي ولاية الجزائر و وقائعها أنه والي ولاية الجزائر
أصدر قرار بتاريخ 08/02/1972 أعلن بموجبه عن حالة شغور مسكن السيدة
ريفاريشون مستندا في ذلك على المادة 11 من المرسوم 63-88 المؤرخ في
18/03/1963 و المتضمن تنظيم الأملاك الشائعة التي تنص "تعلن حالة شغور
العقارات التي توقف ملاكها من تنفيذ التزاماتهم أو المطالبة بحقوقهم المترتبة عليها في مدة
تتجاوز شهرين متتاليين".
فقامت السيدة ريفاريشون بمخاصمة هذا القرار أمام المجلس الأعلى في 01 جوان 1972
من أجل إلغاءه و مما جاء في إحدى حيثياته "حيث أن حالة الشغور لا تقترن بحضور أو
غياب صاحب الملكية في الجزائر بل بتنفيذ أو عدم تنفيذ المالك لالتزاماته".
حيث أن والي الجزائر بإعلانه شغور ملكية المدعية التي لم تترك الجزائر لمدة شهرين متتاليين
و هذا من 01 جوان 1972 و لم تتخلى عن التزاماتها كمالكة، قد خرق القانون بصفة
واضحة و تجاوز سلطاته ولذلك قضي بإلغاء القرار المخاصم لمخالفة القانون.

ب – أن تخطئ الإدارة في تطبيق نطاق القاعدة القانونية التي استندت عليها في إصدارها
للقرار و تشمل حالات أو شروط لا تدخل في نطاقها أصلا كإقحام أحكام جديدة
لم ينص عليها القانون المراد تنفيذه من خلال القرار المخاصم أو إسنادها لنص قانوني
بدل النص القانوني الملائم و الواجب التطبيق.
2-/الغلط المادي : و يتمثل في
أ – عدم صحة الوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة في إصدارها للقرار المخاصم بحجة
إهمالها لمنصب عملها و هي كانت في عطلة أمومة قانونية.
ب – عدم ملائمة القاعدة القانونية للوقائع المادية أي التحقق من صحة التكييف القانوني
المستند عليه لإصدار القرار و هذا بالتأكد مما إذا كانت تلك الوقائع المادية تنطبق
و النص القانوني المستند عليه في إصدار القرار المخاصم.
طبقت المحكمة العليا في غرفتها الإدارية هذه الصورة في قضية مشهورة في قرارها
الصادر في 12/07/1976 في قضية السيد طوماغو Tomago الذي رفع دعوى
تجاوز السلطة ضد والي الجزائر الصادر في 31/10/1963 و الذي صرح بموجبه
شغور ملكية المدعي و نقلها إلى أملاك الدولة و مما جاء في حيثياته حيث أن المادة 01
من المرسوم رقم 63-383 المؤرخ في 01/10/1963 تنص على تأمين المنشآت
الزراعية التابعة للأشخاص الطبيعية و المعنوية التي لا تتمتع بالجنسية الجزائرية حيث
يستنتج من التحقيق أن ملكية المدعي هي سكن من نوع فيلا موجودة بحي القبة
بالجزائر العاصمة و تحتوي أساسا على غرف و حديقة و أن هذه الملكية ليست زراعية.
ألغى المجلس الأعلى القرار المخاصم، فهذا القرار مشوب بغلط مادي يتمثل في سوء
التكييف القانوني للوقائع.

حالات رفع دعوى الإلغـاء أربعـة (04):
عيب عدم الاختصاص و عيب الشكل : يتعلقان بالعيوب الشرعية الخارجية للقرار أما العيوب الداخلية أو المادية فتحتوي على عيب الانحراف في استعمال السلطة و عيب مخالفة القانون

المطلب الأول : عيب عدم الاختصاص
هذا العيب يعتبر من النظام العام و يجوز للقاضي أن يتطرق إليه من تلقاء نفسه حتو ولو أن المدعي لم يشير إليه، و يمكن لعدم الاختصاص أن يأخذ عدة صفات و هي كالتــالي :
- اغتصاب الوظيفة -عدم الاختصاص الموضوعي -عدم الاختصاص المكاني -عدم الاختصاص الزماني

الفرع الأول : عيب الاغتصاب الوظيفي (عدم الاختصاص الجسيم)
كمبدأ عام تحدث هذه الحالة في حالة لجوء فرد ليس له سند أو صفة قانونية و لا ينتمي إلى التسلسل إداري لإصدار قرار إداري.
فهنا الشخص لا ينتمي إلى الادارة و ليس له أي سلطة إدارية لإصدار قرار إداري و هذا الشكل من عدم الاختصاص هو أكثر جسامة، و القرار الإداري في هذه الحالة لا يعتبر القرار باطل و غير مشروع و إنما يعتبر قرار معدوم (قضى مجلس الدولة الفرنسي بإعدامه و تجريده من كل آثاره باعتباره عمل مادي و ليس تصرف قانوني، و من تم عدم تقييد الدعوى المخاصم بها بقيد الأجل)، كما أن هناك قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 31 ماي 1957 في قضية روزان جيرارد Rosan Jirard و الغاء القرار المعدوم و تجريده من كل أثر بأثر رجعي كما أن هذا العيب من النظام العام إذ يمكن للقاضي أن يتطرق إليه تلقائيا و لا يمكن للقرار المعدوم أن يصبح نهائيا بحيث أن طلب إلغاءه لا يخضع لأي مهلة قانونية و يمكن الطعن فيه في أي وقت كما يمكن للإدارة أن تسحبه في أي وقت بينما لا يكون لها فعل ذلك في القرارات الغير شرعية.
الإستثـنـــاء : ( نظرية الموظف الفعلي )
نظرية الموظف الفعلي في بعض الحالات الاستثنائية و خاصة في وقت الأزمات أو الحروب يمكن لأشخاص أو هيئة ليس لها الصفة الإدارية من ممارسة السلطة الإدارية و ذلك لهدف و احد و هو المنفعة العامة مثلا : في شهر جوان 1940 اللجنة المحلية لإدارة مدينة فاكن Fecan التي كونت من طرف المواطنين قامت بفتح المحلات التجارية المهملة من طرف ملاكها و بتعيين مسيرين لها و كذلك بإنشاء رسوم عل الأسعار فاعتبر مجلس الدولة أنه في حالة عدم وجود أعضاء البلدية يرجع لرئيس هذه البلدية أن يأخذ كل القرارات اللازمة في هذه الحالة كما أكد مجلس الدولة أنه مادام مدخول رئيس البلدية و العادي و المنصوص عليه لا يكفي يمكن لرئيس البلدية و بصفة شرعية إنشاء رسوم مؤقتة على الأرباح التي تحصل عليها المحلات التجارية قرار مجلس الدولة في قضية Cocq المؤرخ في 07/01/1944 و قرار مجلس الدولة في قضية ماريون Marion المؤرخة في 05/03/1948 في هذه القضية قام المواطنون بتأسيس لجنة خاصة لإدارة المدينة و تموين السكان و تسخير المواد الغذائية، قرار مجلس الدولة ان كل القرارات المأخوذة في هذه الظروف تعتبر قانونية.

الفرع الثاني : عيب عدم الاختصاص الموضوعي
هذا العيب هو نتيجة تعدي هيئة إدارية على ميدان اختصاص هيئة أخرى و حالات عدم الاختصاص الموضوعي (النوعي) هي كـالآتي :
(I إعتداء هيئة مرؤوسة على اختصاصات هيئة رئاسية : إذا كان الأصل العام أنه لا يمكن لسلطة مرؤوسة أن تصدر قرار موضوعه من اختصاص سلطة إدارية أعلى منها إلا بناءا على تفويض مثال ذلك : إصدار رئيس الدائرة قرار موضوعه من اختصاص الوالي خارج عن أي تفويض يعتبر هذا الاعتداء خرقا لقاعدة التسلسل الإداري مثلا قرار المحكمة العليا في 02/05/1969 "أين قامت البلدية بطرد حارس غابات بينما لا تتمتع هذه الإدارة إلا بتوقيفه لمدة أقصاها شهر واحد أما اختصاص الطرد يكون من طرف الوالي فجاء قرار المحكمة العليا بقرار طرد هذا الحارس، كما أنه هناك قرار المحكمة العليا في قضية خ أ ضد وزير الداخلية "حيث أن الأشغال التي شرع الطاعن فيها قد تمت بناءا .....و الذي و الذي أدى بوالي الجزائر إلى إتخاذ مقرر مؤرخ في 02/03/1987 .....و أنه إذا كان رئيس المنشآت القاعدية عضوا في المجلس التنفيذي للولاية أن يمارس نشاطه تحت سلطة الوالي فإنه لا يستطيع سحب مقرر الوالي و استبداله بقرار يتخذه هو و أن تصرف رئيس المنشآت القاعدية على النحو السابق عرضه قد جعله يعتدي على صلاحيات رئيسه السلمي ما دام لا يتوفر على تفويض خاص للقيام بذلك"
غير أنه توجد بعض الطرق التي لا يمكن استعمالها من طرف إدارة لأخذ قرارات في ميدان اختصاص هيئة إدارية أخرى و هي تفويض السلطة و تفويض إمضاء.
(II إعتداء هيئة عليا على اختصاص هيئة أدنى : إذا كانت القاعدة أن الرئيس الإداري يملك بموجب السلطة الرئاسية التي يمارسها على أعمال المرؤوسين من حق الإشراف و التوجيه و المراقبة و ذلك إما باجازة أو إلغاء أو تعديل القرارات الصادرة منه إلا أنه لا يمكن له التدخل بإصدار قرار إداري في مجال جعله المشرع من اختصاص المرؤوس أيضا كاصدار وزير الداخلية مثلا : قرار بالتصريح بالمنفعة العمومية بينما المادة 10 من المرسوم التنفيذي 93-186 المؤرخ في 27/07/1993 و المحدد لكيفيات تطبيق القانون 91-11 المحدد لقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية جعلت اختصاص اصدار قرارات نزع الملكية يعود للوالي التي تقع ضمن اختصاصه الاقليمي الملكية العقارية المراد نزع ملكيتها و مباشرة سلطة إدارية مركزية (وصية) لاختصاصات قانونية موكلة لسلطة إدارية لا مركزية يعد اعتداء على سلطة أدنى (ما عدا الحالات التي تمارس فيها السلطة المركزية و وصايتها بناءا على نص قانوني، إذ لا وصاية إلا بنص).
(III اعتدا سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية موازية لها : و يتمثل هذا المظهر في اعتداء سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية أخرى لا تربطهما علاقة رئاسية و لا وصائية كإصدار وزير الداخلية قرارا من اختصاص وزير النقل، فهنا قراره يكون مشوبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي و قابلا للإلغاء القضائي.
كما أضاف بعض الفقه مظهرا آخرا أطلق عليه عيب عدم الاختصاص السلبي و يتمثل في حالة امتناع سلطة إدارية عن اتخاذ قرار إداري في مجال معين معتقدة أنه لا يدخل ضمن اختصاصاتها و أن اختصاصها مقيد بالرجوع إلى السلطة الرئاسية رغم أنها مختصة قانونا بذلك و غير مقيدة برأي السلطة الرئاسية و رتب القضاء الإداري نفس الأثر على القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص الإيجابي و جعله قابلا للإلغاء (حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية إزنار Isnarts ).

الفرع الثالث : عيب عدم الاختصاص المكاني :
هو أقل حدوثا إذ أن أغلب السلطات الإدارية في الدولة تعرف جيدا حدود اختصاصاتها الإقليمية و في حالة ما أصدرت سلطة إدارية تخاطب فيه شخص أو قرار منظم لحالة معينة يوجدان خارج الاختصاص الإقليمي للسلطة مصدرة القرار المطعون فيه فجزاء مثل هذا القرار هو الإلغاء.

الفرع الرابع : عيب عدم الاختصاص الزماني :
و يقصد به صدور قرار إداري عن سلطة إدارية في وقت لا تكون مختصة قانونا بإصداره، كإصدار موظف لقرار إداري قبل تنصيبه رسميا أو بعد إقالته أو انتهاء عهدته، أو إصداره لقرار إداري بعد انتهاء المدة المحددة قانونا لإصداره، و يترتب على ذلك بطلان هذه الأعمال.
و قد أجاز القضاء الإداري الفرنسي القرارات التي تصدرها الحكومة المستقيلة المتعلقة بالتسيير العادي للمرافق العامة في فترة ما بين قبول استقالتها و تعيين الحكومة الجديدة.
و قد أسس المؤسس الدستوري نظرية التسيير العادي في المادة 82 من دستور 1996 التي تنص على "إذا لم تحصل من جديد موافقة المجلس الشعبي الوطني ينحل وجوبا ".
تستمر الحكومة القائمة في تسيير الشؤون العادية إلى غاية انتخاب المجلس الشعبي الوطني و ذلك خلال أجل أقصاه ثلاثة (03) أشهر .

المطلب الثاني : عيب الشكــل (*)
الفرع الأول : تعريــفه
هو مخالفة الإدارة للقواعد و الإجراءات الشكلية التي قررها القانون بمناسبة إصدارها لقراراتها و يستوي أن تكون هذه المخالفة كاملة أو جزئية و قد يشتمل القانون صدور قرار في مجال معين و في شكل معين و أن يكون مسلما أو باتباع اجراء معين كاستشارة لجنة معينة قبل اصدارها و جزاء هذه المخالفة هو الغاء القرار إذا ما خصم قضائيا.

الفرع الثاني : أنـواعه
لكي يكون القرار مشروعا لابد من مراعاة هذه الشكليات و اتخاذ الإجراءات المتبعة قانونا فقد يرتب المشرع الإلغاء كجزاء للقرار الصادر مخالفا لقواعد الشكل و الاجراءات التي قررها مثالها ما نصت غليه المادة 130 من المرسوم 85/59 المؤرخ في 23 مارس 1985 و المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات و الإدارات التي جاء فيها : "توقف السلطة التي لها صلاحية التعليم فورا الموظف الذي ارتكب خطأ مهني جسيم يمكن أن ينجر عنه تسريح.
لا يتقاضى المعني أي راتب طوال مدة التوقيف المذكور في الفقرة 07 ما عدى التعويضات ذات الطابع العائلي و يجب أن تسوى وضعية هذا الموظف الموقف في أجل شهرين ابتداءا من اليوم الذي صدر فيه مقرر توقيفه ، و خلال هذا الأجل تطلب موافقة لجنة الموظفين على ذلك و إذا عارضت اللجنة التسريح يتقاضى المعني كامل راتبه و تعاد له حقوقه ."



(*) : لا يثـيره القاضي من تلقاء نفسه كما أن بنجر عن هذا العيب الإلغــاء.
و إذا لم تجتمع اللجنة اللجنة في الأجل المذكور أو لم تبلغ مقررها المعني تعاد إليه حقوقه و يتقاضى كامل راتبه، أما إذا سكت المشرع عن هذا الجزء فالأمر يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي الإداري الذي يبحث عن مدى أهمية الشكل أو الإجراء المطلوب و الذي صدر القرار مخالفا له لكي يحدد ما إذا كانت هذه المخالفة تؤثر على مشروعية القرار أو لها أهمية ثانوية لا تؤثر على مشروعيته، أي أن القاضي يميز بين الشكليات الأساسية و الشكليات الثانوية و المخالفة الأولى تؤدي إلى إلغاء القرار الصادر مخالفا لها و للتمييز بينهما قدم غالبية الفقه و القضاء الفرنسي معيارا للتميز يتمثل في :
(I الأشكـال و الإجراءات الشكلية : و هي التي تشكل ضمان لحقوق الأفراد أو تلك التي من شأنها تغيير ماهية أو محتوى القرار أو إلى اشتراط القانون صراحة لاستيفائها، تعد أشكالا جوهرية يجب على الإدارة احترامها عند إصدارها للقرارها و إلا كان جزاء مخالفتها إلغاء هذه القرارات و نذكر منها :
- الإجراءات السابقة على اتخاذ القرار
- عدم استشارة لجنة مسبقا نص عليها القانون.
- عـدم الأخذ بالرأي الموافق .
- تشكيل غير قانوني للجنة التي قدمت الرأي الموافق.
- احترام حقوق الدفاع منها استدعاء الموظف المخطئ للمثول أمام لجنة التأديب و تمكينه من
الإطلاع على ملفه.
- المظهر الخارجي للقرار : في حالة اشتراط القانون صدور قرار في مجال معين كتابيا في شكل معين
و محدد في النص القانوني.
- تسبيب القرار، فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها.
- تثبيت تاريخ صدوره و توقيعه و وضع خاتم السلطة الإدارية أو المصادق عليه من قبل السلطة
الإدارية المختصة.
(II الأشــكال الثانوية : و هي التي لا تؤثر على محتوى القرار أو تمس بحقوق الأفراد، بحيث أن مخالفتها لا تؤدي إلى إلغاء القرار و منها الشكليات المقررة لصالح الإدارة، أو تلك التي يمكن تداركها و اصلاحها بسهولة، كنسيان الإدارة مصدرة القرار تثبيت مرجعه و رقمه.
(III تصحيح عيب الشكل : و هي الحالات التي لم يرتب مجلس الدولة الفرنسي على عدم استفاءها الإلغــاء.
استحالة إتمام الشكل أو إجراء معين : لقد استقر مجلس الدولة الفرنسي على إمكانية تجاوز الأشكال و الإجراءات التي استحال على الإدارة المختصة إتمامها من الناحية المادية مثال : استحالة سماع دفاع المتهم بارتكاب خطأ وظيفي في حالة عدم تركه لعنوانه و استحالة معرفة العنوان، و كذا استحالة جمع أعضاء اللجنة الاستشارية الواجب أخذ رأيها قبل إصدار القرار نتيجة لظروف استثنائية و كان إصدار القرار ضروري لتحقيق مصلحة عامة .
الاستفاء اللاحق لشكل جوهري كحالة حدوث أخطاء مادية لا تؤثر على مضمون القرار و لا على سلامته القانونية فغالبا القضاء الإداري لا يجازي ذلك بالإلغاء.

المطلب الثالث : عيب الانحراف في استعمال السلطـة
الفرع الأول : تعريــفه و طبيعته
يقصد به استخدام الإدارة لسلطنها من أجل تحقيق غاية غر مشروعة، سواء باستهداف غاية بعيدة عن المصلحة العامة، أو بابتغاء هدف مغاير للهدف الذي حدده لها القانون، و الذي من أجله منحت لها هذه السلطات.
و هو ملازم للسلطة التقديرية للإدارة الذي يترك فيه المشرع للإدارة جانبا من الحرية في التدخل أو عدمه أو في اختيار الوقت الملائم للتدخل كما هو عليه الحال في مجال وظيفة الضبط الإداري و من تم تعد السلطة التقديرية المجال الطبيعي لظهور الانحراف في استعمال السلـطة. أما في مجال السلطة المقيدة فلا يظهر فيها هذا العيب لأن الإدارة ملزمة باتخاذ القرار الإداري طبقا للقانون و في حدود اختصاصاتها و في الشكل الذي رسمه لها المشرع و استنادا على أسباب صحيحة مع افتراض استهدافه للغاية المحددة له و ما يميز هذه الحالة عن الحالات الأخرى هو أن القاضي في العيوب الأخرى يقوم بمراقبة مدى مشروعية القرار من حيث قواعد الاختصاص و الشكل و الاجراءات و سلامة سببه و محله بينما يراقب في هذه الحالة مدى مشروعية الهدف المبتغى من إصدار القرار و للوصول إلى ذلك يجب عليه البحث عن نية مٌصدر القرار، و هذه عملية صعبة تتطلب التمييز بين الدوافع (mobile) و البواعث (motif) إذا كان الباعث يتمثل في تلك الوقائع المادية و القانونية التي تبرر صدور القرار مثلا : الباعث لجزاء تأديبي هو ارتكاب خطأ تأديبي فالدافع هو شخص يتمثل في نية و رغبة صاحب القرار و الغرض الذي يستهدفه فمثلا : الموظف المتغيب يعاقب من أجل حسن سير المرفق (دافع شرعي) أو لخلاف شخصي بينه و بين رئيسه الإداري (دافع غير شرعي).
و لهذا تعد الرقابة على هذا العيب شاقة و دقيقة كونها تتعلق بالبحث و التحقق من نية مٌصدر القرار و هو أمر صعب إثباته و الكشف عنه، لذلك انحصر نطاق تطبيق هذا العيب و أصبح حاليا عيبا احتياطيا لا يستند عليه القاضي إلا في حالة غياب بقية حالات تجاوز السلــطة.



الفرع الثاني : صــوره
(I القرار يهدف إلى تحقيق غرض أجنبي عن المصلحة العامة :فإذا كانت القاعدة التي تحكم القانون الإداري تتمثل في استهداف حميع القرارات الصادرة عن مختلف السلطات الإدارية لتحيق المصلحة العامة فعلى هذا الأساس إذن: تستهدف السلطة الإدارية من خلال إصدارها لقرار في مجال معين تحقيق غاية بعيدة أو مجانبة للمصلحة العامة فإن هذا القرار يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة و قابلا للإلغاء إذا ما تمت مخاصمته قضائيا و هناك عدة صور لمجانبة الإدارة العامة للمصلحة العامة و منها :
أولا – استهداف مٌصدر القرار تحقيق مصلحة شخصية أو لغرض الانتقام من المخاطب : كأن يستهدف مصدر القرار تحقيق هدف شخصي فمثلا : القرار المتضمن رفض منح رخصة لمزاولة نشاط إداري من قبل سلطة محلية رغم استفاءها كل الشروط القانونية بهدف منع منافسة طالبه للنشاط التجاري المماثل الذي تملكه السلطة المحلية أو بهدف الانتقام منه لخلاف شخصي سابق بينهما .
ثانيا – لتحقيق غرض سياسي : مثاله قرار تحويل موظف للعمل في منطقة نائية ليس لضرورة حسن سير المرفق العام بل لإبعاده و الحد من نشاطه السياسي كونه عنصر نشيط في حزب سياسي منافس للحزب الذي ينتمي إليه رئيسه الإداري.
ثالثا – لتحقيق منفعة للغير (محاباة) : مثالها القرار الصادر في 04/03/1978 عن المجلس الأعلى في غرفته الإدارية في قضية جمعت السيد خ ع و من معه ضد رئيس م ش ب لبلدية عين البنيان و التي تتلخص وقائعها في أنه بتاريخ 20/05/1975 أصدر رئيس م ش ب لبلدية عين البنيان قرارا يمنع بيع و استهلاك الخمور في المطاعم و المقاهي باستثناء المركز السياحي المتواجد بمنطقة الجميلة تم مخاصمة القرار من طرف خ ع ومن معه أمام المجلس الأعلى بدعوى تجاوز السلطة و فضلا أن القرار المخاصم كان مشيبا ببعض العيوب كشف عنها قرار المجلس الأعلى، و فيما يخص عيب الانحراف في استعمال السلطة جاء في حيثياته "حيث إذا كان لرئيس م ش ب لبلدية عين البنيان أن يستعمل السلطات التي يخولها له القانون البلدي لتنظيم بيع الخمور حفاظا على الأمن العام فقد اتضح بعد التحقيق أن البواعث التي أدت إلى اتخاذ القرار ترجع لاعتبارات أخرى لاسيما أن بيع و استهلاك الخمور الممنوع على المدعي لا يزال مباحا في محلات أخرى على مستوى البلدية و لذلك ألغي القرار لكونه مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
(II مخـالفة القرار لقاعدة تخصيص الأهداف : ففي هذه الصورة فإن الغاية من القرار لا تتنافى مع المصلحة العامة لكنها تخالف قاعدة تخصيص الأهداف التي تتمثل في أن المشرع عند منحه لامتيازات السلطة العامة لهيئة إدارية لتحقيق هدف محدد قانونا فالإدارة المختصة عندما تتحجج في استعمال سلطاتها عند تحقيق أهداف مغايرة للأهداف التي أوكلت إليها كالحفاظ على النظام العام بالنسبة لسلطات الضبط الإداري سواء كانت مركزية أو محلية فهنا يكون القرار الصادر في هذا الشأن مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة. و مثال ذلك قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 19/07/1924 في قضية بوجي Beguie و التي تتمثل وقائعها في صدور قرار عن رئيس بلدية يمنع المستحمين من ارتداء و نزع ملابسهم على الشواطئ و جبرهم على استعمال وحدات خلع الملابس التابعة للبلدية مقابل أجر معين فهذا القرار لا يهدف إلى حماية الآداب العامة (هدف مشروع) و إنما هدفه البعيد هو تحقيق مصلحة مالية للبلدية (من أجل تحصيل الرسوم على ذلك)، لهذا هو وجه الانحراف.
(III الانحراف بالإجراءات : تتمثل هذه الصورة في لجوء الإدارة من أجل تحقيق أهدافها إلى استعمال إجراء قانوني بدل الإجراء القانوني الملائم و المحدد قانونا من أجل بلوغ نفس الأهداف و ذلك لتجنب شكليات و تعقيدات الإجراء القانوني الملائم أو حرمان المخاطبين به من بعض الضمانات التي نص عليها الإجراء الثاني و أكثر الحالات تطبيقا لهذه الصورة هو لجوء الإدارة المختصة إلى استعمال إجراء الإستلاء من أجل بناء مرافق عامة بدل إتباع الإجراء القانوني السليم و هو نزع الملكية من أجل المنفعة العامة (قرار المجلس الأعلى في غرفته الإدارية الصادر في 03/03/1967) و قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية فرنسوا François ، و كذا القرار الصادر عن المجلس الأعلى المؤرخ في 02/07/1962 في قضية عين فخارين ضد الدولة.
(IV حدوث عيب الانحراف في استعمال السلطة
أ‌- عندما تستهدف الإدارة المختصة بإصدارها لقرار ما له عدة أهداف فإنه يكفي أن يكون إحداها مشروعا ليكون القرار سليما.
ب‌- صعوبة اتيان المدعي لهذا العيب الذي يشوب القرار المخاصم و مدى سلطة القاضي في الكشف عنه إذ لا يستطيع هذا الأخير أن يأمر بالتحقيق من أجل البحث عن نية مٌصدر القرار و طلب استجوابه و وقوف على الدوافع عن إصداره لهذا القرار إذ يكتفي غالبا بالأدلة غير مباشرة و قرائن الناجمة عن موقف الإدارة من النزاع و الظروف و الملابسات المحيطة به خاصة إذا كانت غير ملزمة قانونا.

المطلب الرابع : عيب مخالفة القــانون
يعد أهم أوجه الإلغاء و أكثرها تطبيقا و يتعلق بالمشروعية الداخلية أو الموضوعية للقرار الإداري
و لهذا العيب مفهومين:
(I المفهوم الـواسع : و يشمل كل حالات مخالفة القانون و يندرج ضمنها عيوب عدم المشروعية و التي سبق و أن درسناها كونها تعد كلها حالات مخالفة القانون.
(II المفهوم الضيـق :و هي حالة مكملة للحالات الثلاثة السالفة الذكر و هي تسمح بمراقبة عدم المشروعية التي شابت القرار المخاصم غير المتعلقة منها بالاختصاص أو الشكل أو الانحراف في استعمال السلطة و يقصد هنا بالقانون المفهوم الواسع أي كل قاعدة قانونية سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة تخضع لها الإدارة و منها الدستور، التشريع، النصوص التنفيذية و التنظيمية، و أحكام قضائية حائزة على قوة الشيء المقضي فيه و المبادئ العامة للقانون و يتجسد هذا العيب في صورتين أساسيتين :
أولا – المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية مهما كان مصدرها : و هذا بتبيان عمل تمنعه هذه القاعدة أو كامتناع عن عمل تستلزمه أي كمخالفتها للقاعدة القانونية الأعلى من خلال إصدارها للقرار المخاصم و هذا النوع عادة ما يكون واضحا في الواقع العملي كإصدارها قرارا مخالفا لقرار قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه أو رفضها الترخيص لأحد الأفراد من مزاولة نشاط ما رغم استفاءه لجميع الشروط التي نص عليها القانون و قد طبق مجلس الدولة هذه الصورة في قراره الصادر في 24/04/2000 في قضية السيد مندل محمد ضد وزير العدل و تتلخص وقائعها في أن السيد وزير العدل أصدر قرار بوقف المدعي عن عمله ككاتب ضبط لمتابعته قضائيا بتهمة المشاركة في اغتيال ضحيتين و انتماءه لجماعة إرهابية و التخريب و أن غرفة الاتهام أصدرت قرار مؤيد لقرار قاضي التحقيق بانتفاء وجه الدعوى و مما جاء في هذا القرار "حيث أن مقرر العزل جاء متناقضا و قرار غرفة الاتهام و غير مؤسس قانونا مما يستوجب إبطاله.
ثانيا – الغلط القانوني و الغلط المادي : كحالات مخالفة القانون و تتمثل هذه الصورة في أن عدم المشروعية لا تتعلق بمحل القرار المخاصم أي أثره المباشر و لكنه بأسبابه القانونية أو المادية التي دفعت الإدارة إلى إصداره و تتجسد في :
1-/ الغلط القانوني : ترتكب الإدارة مٌصدرة القرار المخاصم غلط قانوني في حالة تطبيقها لنص
قانوني أو مبدأ قانوني بصفة خاطئة و هـذا إما :
أ – بالخطأ في تفسير القاعدة القانونية التي استند عليها في إصدار قرارها و هذا باعطاءها
معنى مغاير للمعنى الذي قصده المشرع أو ما يطلق عليه الفقهاء سوء تفسير قاعدة
قانونية مثال ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى في الغرفة الإدارية في قضية السيدة
ريفاريشون Rivarichon ضد والي ولاية الجزائر و وقائعها أنه والي ولاية الجزائر
أصدر قرار بتاريخ 08/02/1972 أعلن بموجبه عن حالة شغور مسكن السيدة
ريفاريشون مستندا في ذلك على المادة 11 من المرسوم 63-88 المؤرخ في
18/03/1963 و المتضمن تنظيم الأملاك الشائعة التي تنص "تعلن حالة شغور
العقارات التي توقف ملاكها من تنفيذ التزاماتهم أو المطالبة بحقوقهم المترتبة عليها في مدة
تتجاوز شهرين متتاليين".
فقامت السيدة ريفاريشون بمخاصمة هذا القرار أمام المجلس الأعلى في 01 جوان 1972
من أجل إلغاءه و مما جاء في إحدى حيثياته "حيث أن حالة الشغور لا تقترن بحضور أو
غياب صاحب الملكية في الجزائر بل بتنفيذ أو عدم تنفيذ المالك لالتزاماته".
حيث أن والي الجزائر بإعلانه شغور ملكية المدعية التي لم تترك الجزائر لمدة شهرين متتاليين
و هذا من 01 جوان 1972 و لم تتخلى عن التزاماتها كمالكة، قد خرق القانون بصفة
واضحة و تجاوز سلطاته ولذلك قضي بإلغاء القرار المخاصم لمخالفة القانون.

ب – أن تخطئ الإدارة في تطبيق نطاق القاعدة القانونية التي استندت عليها في إصدارها
للقرار و تشمل حالات أو شروط لا تدخل في نطاقها أصلا كإقحام أحكام جديدة
لم ينص عليها القانون المراد تنفيذه من خلال القرار المخاصم أو إسنادها لنص قانوني
بدل النص القانوني الملائم و الواجب التطبيق.
2-/الغلط المادي : و يتمثل في
أ – عدم صحة الوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة في إصدارها للقرار المخاصم بحجة
إهمالها لمنصب عملها و هي كانت في عطلة أمومة قانونية.
ب – عدم ملائمة القاعدة القانونية للوقائع المادية أي التحقق من صحة التكييف القانوني
المستند عليه لإصدار القرار و هذا بالتأكد مما إذا كانت تلك الوقائع المادية تنطبق
و النص القانوني المستند عليه في إصدار القرار المخاصم.
طبقت المحكمة العليا في غرفتها الإدارية هذه الصورة في قضية مشهورة في قرارها
الصادر في 12/07/1976 في قضية السيد طوماغو Tomago الذي رفع دعوى
تجاوز السلطة ضد والي الجزائر الصادر في 31/10/1963 و الذي صرح بموجبه
شغور ملكية المدعي و نقلها إلى أملاك الدولة و مما جاء في حيثياته حيث أن المادة 01
من المرسوم رقم 63-383 المؤرخ في 01/10/1963 تنص على تأمين المنشآت
الزراعية التابعة للأشخاص الطبيعية و المعنوية التي لا تتمتع بالجنسية الجزائرية حيث
يستنتج من التحقيق أن ملكية المدعي هي سكن من نوع فيلا موجودة بحي القبة
بالجزائر العاصمة و تحتوي أساسا على غرف و حديقة و أن هذه الملكية ليست زراعية.
ألغى المجلس الأعلى القرار المخاصم، فهذا القرار مشوب بغلط مادي يتمثل في سوء
التكييف القانوني للوقائع.

حالات رفع دعوى الإلغـاء أربعـة (04):
عيب عدم الاختصاص و عيب الشكل : يتعلقان بالعيوب الشرعية الخارجية للقرار أما العيوب الداخلية أو المادية فتحتوي على عيب الانحراف في استعمال السلطة و عيب مخالفة القانون

المطلب الأول : عيب عدم الاختصاص
هذا العيب يعتبر من النظام العام و يجوز للقاضي أن يتطرق إليه من تلقاء نفسه حتو ولو أن المدعي لم يشير إليه، و يمكن لعدم الاختصاص أن يأخذ عدة صفات و هي كالتــالي :
- اغتصاب الوظيفة -عدم الاختصاص الموضوعي -عدم الاختصاص المكاني -عدم الاختصاص الزماني

الفرع الأول : عيب الاغتصاب الوظيفي (عدم الاختصاص الجسيم)
كمبدأ عام تحدث هذه الحالة في حالة لجوء فرد ليس له سند أو صفة قانونية و لا ينتمي إلى التسلسل إداري لإصدار قرار إداري.
فهنا الشخص لا ينتمي إلى الادارة و ليس له أي سلطة إدارية لإصدار قرار إداري و هذا الشكل من عدم الاختصاص هو أكثر جسامة، و القرار الإداري في هذه الحالة لا يعتبر القرار باطل و غير مشروع و إنما يعتبر قرار معدوم (قضى مجلس الدولة الفرنسي بإعدامه و تجريده من كل آثاره باعتباره عمل مادي و ليس تصرف قانوني، و من تم عدم تقييد الدعوى المخاصم بها بقيد الأجل)، كما أن هناك قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 31 ماي 1957 في قضية روزان جيرارد Rosan Jirard و الغاء القرار المعدوم و تجريده من كل أثر بأثر رجعي كما أن هذا العيب من النظام العام إذ يمكن للقاضي أن يتطرق إليه تلقائيا و لا يمكن للقرار المعدوم أن يصبح نهائيا بحيث أن طلب إلغاءه لا يخضع لأي مهلة قانونية و يمكن الطعن فيه في أي وقت كما يمكن للإدارة أن تسحبه في أي وقت بينما لا يكون لها فعل ذلك في القرارات الغير شرعية.
الإستثـنـــاء : ( نظرية الموظف الفعلي )
نظرية الموظف الفعلي في بعض الحالات الاستثنائية و خاصة في وقت الأزمات أو الحروب يمكن لأشخاص أو هيئة ليس لها الصفة الإدارية من ممارسة السلطة الإدارية و ذلك لهدف و احد و هو المنفعة العامة مثلا : في شهر جوان 1940 اللجنة المحلية لإدارة مدينة فاكن Fecan التي كونت من طرف المواطنين قامت بفتح المحلات التجارية المهملة من طرف ملاكها و بتعيين مسيرين لها و كذلك بإنشاء رسوم عل الأسعار فاعتبر مجلس الدولة أنه في حالة عدم وجود أعضاء البلدية يرجع لرئيس هذه البلدية أن يأخذ كل القرارات اللازمة في هذه الحالة كما أكد مجلس الدولة أنه مادام مدخول رئيس البلدية و العادي و المنصوص عليه لا يكفي يمكن لرئيس البلدية و بصفة شرعية إنشاء رسوم مؤقتة على الأرباح التي تحصل عليها المحلات التجارية قرار مجلس الدولة في قضية Cocq المؤرخ في 07/01/1944 و قرار مجلس الدولة في قضية ماريون Marion المؤرخة في 05/03/1948 في هذه القضية قام المواطنون بتأسيس لجنة خاصة لإدارة المدينة و تموين السكان و تسخير المواد الغذائية، قرار مجلس الدولة ان كل القرارات المأخوذة في هذه الظروف تعتبر قانونية.

الفرع الثاني : عيب عدم الاختصاص الموضوعي
هذا العيب هو نتيجة تعدي هيئة إدارية على ميدان اختصاص هيئة أخرى و حالات عدم الاختصاص الموضوعي (النوعي) هي كـالآتي :
(I إعتداء هيئة مرؤوسة على اختصاصات هيئة رئاسية : إذا كان الأصل العام أنه لا يمكن لسلطة مرؤوسة أن تصدر قرار موضوعه من اختصاص سلطة إدارية أعلى منها إلا بناءا على تفويض مثال ذلك : إصدار رئيس الدائرة قرار موضوعه من اختصاص الوالي خارج عن أي تفويض يعتبر هذا الاعتداء خرقا لقاعدة التسلسل الإداري مثلا قرار المحكمة العليا في 02/05/1969 "أين قامت البلدية بطرد حارس غابات بينما لا تتمتع هذه الإدارة إلا بتوقيفه لمدة أقصاها شهر واحد أما اختصاص الطرد يكون من طرف الوالي فجاء قرار المحكمة العليا بقرار طرد هذا الحارس، كما أنه هناك قرار المحكمة العليا في قضية خ أ ضد وزير الداخلية "حيث أن الأشغال التي شرع الطاعن فيها قد تمت بناءا .....و الذي و الذي أدى بوالي الجزائر إلى إتخاذ مقرر مؤرخ في 02/03/1987 .....و أنه إذا كان رئيس المنشآت القاعدية عضوا في المجلس التنفيذي للولاية أن يمارس نشاطه تحت سلطة الوالي فإنه لا يستطيع سحب مقرر الوالي و استبداله بقرار يتخذه هو و أن تصرف رئيس المنشآت القاعدية على النحو السابق عرضه قد جعله يعتدي على صلاحيات رئيسه السلمي ما دام لا يتوفر على تفويض خاص للقيام بذلك"
غير أنه توجد بعض الطرق التي لا يمكن استعمالها من طرف إدارة لأخذ قرارات في ميدان اختصاص هيئة إدارية أخرى و هي تفويض السلطة و تفويض إمضاء.
(II إعتداء هيئة عليا على اختصاص هيئة أدنى : إذا كانت القاعدة أن الرئيس الإداري يملك بموجب السلطة الرئاسية التي يمارسها على أعمال المرؤوسين من حق الإشراف و التوجيه و المراقبة و ذلك إما باجازة أو إلغاء أو تعديل القرارات الصادرة منه إلا أنه لا يمكن له التدخل بإصدار قرار إداري في مجال جعله المشرع من اختصاص المرؤوس أيضا كاصدار وزير الداخلية مثلا : قرار بالتصريح بالمنفعة العمومية بينما المادة 10 من المرسوم التنفيذي 93-186 المؤرخ في 27/07/1993 و المحدد لكيفيات تطبيق القانون 91-11 المحدد لقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية جعلت اختصاص اصدار قرارات نزع الملكية يعود للوالي التي تقع ضمن اختصاصه الاقليمي الملكية العقارية المراد نزع ملكيتها و مباشرة سلطة إدارية مركزية (وصية) لاختصاصات قانونية موكلة لسلطة إدارية لا مركزية يعد اعتداء على سلطة أدنى (ما عدا الحالات التي تمارس فيها السلطة المركزية و وصايتها بناءا على نص قانوني، إذ لا وصاية إلا بنص).
(III اعتدا سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية موازية لها : و يتمثل هذا المظهر في اعتداء سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية أخرى لا تربطهما علاقة رئاسية و لا وصائية كإصدار وزير الداخلية قرارا من اختصاص وزير النقل، فهنا قراره يكون مشوبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي و قابلا للإلغاء القضائي.
كما أضاف بعض الفقه مظهرا آخرا أطلق عليه عيب عدم الاختصاص السلبي و يتمثل في حالة امتناع سلطة إدارية عن اتخاذ قرار إداري في مجال معين معتقدة أنه لا يدخل ضمن اختصاصاتها و أن اختصاصها مقيد بالرجوع إلى السلطة الرئاسية رغم أنها مختصة قانونا بذلك و غير مقيدة برأي السلطة الرئاسية و رتب القضاء الإداري نفس الأثر على القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص الإيجابي و جعله قابلا للإلغاء (حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية إزنار Isnarts ).

الفرع الثالث : عيب عدم الاختصاص المكاني :
هو أقل حدوثا إذ أن أغلب السلطات الإدارية في الدولة تعرف جيدا حدود اختصاصاتها الإقليمية و في حالة ما أصدرت سلطة إدارية تخاطب فيه شخص أو قرار منظم لحالة معينة يوجدان خارج الاختصاص الإقليمي للسلطة مصدرة القرار المطعون فيه فجزاء مثل هذا القرار هو الإلغاء.

الفرع الرابع : عيب عدم الاختصاص الزماني :
و يقصد به صدور قرار إداري عن سلطة إدارية في وقت لا تكون مختصة قانونا بإصداره، كإصدار موظف لقرار إداري قبل تنصيبه رسميا أو بعد إقالته أو انتهاء عهدته، أو إصداره لقرار إداري بعد انتهاء المدة المحددة قانونا لإصداره، و يترتب على ذلك بطلان هذه الأعمال.
و قد أجاز القضاء الإداري الفرنسي القرارات التي تصدرها الحكومة المستقيلة المتعلقة بالتسيير العادي للمرافق العامة في فترة ما بين قبول استقالتها و تعيين الحكومة الجديدة.
و قد أسس المؤسس الدستوري نظرية التسيير العادي في المادة 82 من دستور 1996 التي تنص على "إذا لم تحصل من جديد موافقة المجلس الشعبي الوطني ينحل وجوبا ".
تستمر الحكومة القائمة في تسيير الشؤون العادية إلى غاية انتخاب المجلس الشعبي الوطني و ذلك خلال أجل أقصاه ثلاثة (03) أشهر .

المطلب الثاني : عيب الشكــل (*)
الفرع الأول : تعريــفه
هو مخالفة الإدارة للقواعد و الإجراءات الشكلية التي قررها القانون بمناسبة إصدارها لقراراتها و يستوي أن تكون هذه المخالفة كاملة أو جزئية و قد يشتمل القانون صدور قرار في مجال معين و في شكل معين و أن يكون مسلما أو باتباع اجراء معين كاستشارة لجنة معينة قبل اصدارها و جزاء هذه المخالفة هو الغاء القرار إذا ما خصم قضائيا.

الفرع الثاني : أنـواعه
لكي يكون القرار مشروعا لابد من مراعاة هذه الشكليات و اتخاذ الإجراءات المتبعة قانونا فقد يرتب المشرع الإلغاء كجزاء للقرار الصادر مخالفا لقواعد الشكل و الاجراءات التي قررها مثالها ما نصت غليه المادة 130 من المرسوم 85/59 المؤرخ في 23 مارس 1985 و المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات و الإدارات التي جاء فيها : "توقف السلطة التي لها صلاحية التعليم فورا الموظف الذي ارتكب خطأ مهني جسيم يمكن أن ينجر عنه تسريح.
لا يتقاضى المعني أي راتب طوال مدة التوقيف المذكور في الفقرة 07 ما عدى التعويضات ذات الطابع العائلي و يجب أن تسوى وضعية هذا الموظف الموقف في أجل شهرين ابتداءا من اليوم الذي صدر فيه مقرر توقيفه ، و خلال هذا الأجل تطلب موافقة لجنة الموظفين على ذلك و إذا عارضت اللجنة التسريح يتقاضى المعني كامل راتبه و تعاد له حقوقه ."



(*) : لا يثـيره القاضي من تلقاء نفسه كما أن بنجر عن هذا العيب الإلغــاء.
و إذا لم تجتمع اللجنة اللجنة في الأجل المذكور أو لم تبلغ مقررها المعني تعاد إليه حقوقه و يتقاضى كامل راتبه، أما إذا سكت المشرع عن هذا الجزء فالأمر يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي الإداري الذي يبحث عن مدى أهمية الشكل أو الإجراء المطلوب و الذي صدر القرار مخالفا له لكي يحدد ما إذا كانت هذه المخالفة تؤثر على مشروعية القرار أو لها أهمية ثانوية لا تؤثر على مشروعيته، أي أن القاضي يميز بين الشكليات الأساسية و الشكليات الثانوية و المخالفة الأولى تؤدي إلى إلغاء القرار الصادر مخالفا لها و للتمييز بينهما قدم غالبية الفقه و القضاء الفرنسي معيارا للتميز يتمثل في :
(I الأشكـال و الإجراءات الشكلية : و هي التي تشكل ضمان لحقوق الأفراد أو تلك التي من شأنها تغيير ماهية أو محتوى القرار أو إلى اشتراط القانون صراحة لاستيفائها، تعد أشكالا جوهرية يجب على الإدارة احترامها عند إصدارها للقرارها و إلا كان جزاء مخالفتها إلغاء هذه القرارات و نذكر منها :
- الإجراءات السابقة على اتخاذ القرار
- عدم استشارة لجنة مسبقا نص عليها القانون.
- عـدم الأخذ بالرأي الموافق .
- تشكيل غير قانوني للجنة التي قدمت الرأي الموافق.
- احترام حقوق الدفاع منها استدعاء الموظف المخطئ للمثول أمام لجنة التأديب و تمكينه من
الإطلاع على ملفه.
- المظهر الخارجي للقرار : في حالة اشتراط القانون صدور قرار في مجال معين كتابيا في شكل معين
و محدد في النص القانوني.
- تسبيب القرار، فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها.
- تثبيت تاريخ صدوره و توقيعه و وضع خاتم السلطة الإدارية أو المصادق عليه من قبل السلطة
الإدارية المختصة.
(II الأشــكال الثانوية : و هي التي لا تؤثر على محتوى القرار أو تمس بحقوق الأفراد، بحيث أن مخالفتها لا تؤدي إلى إلغاء القرار و منها الشكليات المقررة لصالح الإدارة، أو تلك التي يمكن تداركها و اصلاحها بسهولة، كنسيان الإدارة مصدرة القرار تثبيت مرجعه و رقمه.
(III تصحيح عيب الشكل : و هي الحالات التي لم يرتب مجلس الدولة الفرنسي على عدم استفاءها الإلغــاء.
استحالة إتمام الشكل أو إجراء معين : لقد استقر مجلس الدولة الفرنسي على إمكانية تجاوز الأشكال و الإجراءات التي استحال على الإدارة المختصة إتمامها من الناحية المادية مثال : استحالة سماع دفاع المتهم بارتكاب خطأ وظيفي في حالة عدم تركه لعنوانه و استحالة معرفة العنوان، و كذا استحالة جمع أعضاء اللجنة الاستشارية الواجب أخذ رأيها قبل إصدار القرار نتيجة لظروف استثنائية و كان إصدار القرار ضروري لتحقيق مصلحة عامة .
الاستفاء اللاحق لشكل جوهري كحالة حدوث أخطاء مادية لا تؤثر على مضمون القرار و لا على سلامته القانونية فغالبا القضاء الإداري لا يجازي ذلك بالإلغاء.

المطلب الثالث : عيب الانحراف في استعمال السلطـة
الفرع الأول : تعريــفه و طبيعته
يقصد به استخدام الإدارة لسلطنها من أجل تحقيق غاية غر مشروعة، سواء باستهداف غاية بعيدة عن المصلحة العامة، أو بابتغاء هدف مغاير للهدف الذي حدده لها القانون، و الذي من أجله منحت لها هذه السلطات.
و هو ملازم للسلطة التقديرية للإدارة الذي يترك فيه المشرع للإدارة جانبا من الحرية في التدخل أو عدمه أو في اختيار الوقت الملائم للتدخل كما هو عليه الحال في مجال وظيفة الضبط الإداري و من تم تعد السلطة التقديرية المجال الطبيعي لظهور الانحراف في استعمال السلـطة. أما في مجال السلطة المقيدة فلا يظهر فيها هذا العيب لأن الإدارة ملزمة باتخاذ القرار الإداري طبقا للقانون و في حدود اختصاصاتها و في الشكل الذي رسمه لها المشرع و استنادا على أسباب صحيحة مع افتراض استهدافه للغاية المحددة له و ما يميز هذه الحالة عن الحالات الأخرى هو أن القاضي في العيوب الأخرى يقوم بمراقبة مدى مشروعية القرار من حيث قواعد الاختصاص و الشكل و الاجراءات و سلامة سببه و محله بينما يراقب في هذه الحالة مدى مشروعية الهدف المبتغى من إصدار القرار و للوصول إلى ذلك يجب عليه البحث عن نية مٌصدر القرار، و هذه عملية صعبة تتطلب التمييز بين الدوافع (mobile) و البواعث (motif) إذا كان الباعث يتمثل في تلك الوقائع المادية و القانونية التي تبرر صدور القرار مثلا : الباعث لجزاء تأديبي هو ارتكاب خطأ تأديبي فالدافع هو شخص يتمثل في نية و رغبة صاحب القرار و الغرض الذي يستهدفه فمثلا : الموظف المتغيب يعاقب من أجل حسن سير المرفق (دافع شرعي) أو لخلاف شخصي بينه و بين رئيسه الإداري (دافع غير شرعي).
و لهذا تعد الرقابة على هذا العيب شاقة و دقيقة كونها تتعلق بالبحث و التحقق من نية مٌصدر القرار و هو أمر صعب إثباته و الكشف عنه، لذلك انحصر نطاق تطبيق هذا العيب و أصبح حاليا عيبا احتياطيا لا يستند عليه القاضي إلا في حالة غياب بقية حالات تجاوز السلــطة.



الفرع الثاني : صــوره
(I القرار يهدف إلى تحقيق غرض أجنبي عن المصلحة العامة :فإذا كانت القاعدة التي تحكم القانون الإداري تتمثل في استهداف حميع القرارات الصادرة عن مختلف السلطات الإدارية لتحيق المصلحة العامة فعلى هذا الأساس إذن: تستهدف السلطة الإدارية من خلال إصدارها لقرار في مجال معين تحقيق غاية بعيدة أو مجانبة للمصلحة العامة فإن هذا القرار يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة و قابلا للإلغاء إذا ما تمت مخاصمته قضائيا و هناك عدة صور لمجانبة الإدارة العامة للمصلحة العامة و منها :
أولا – استهداف مٌصدر القرار تحقيق مصلحة شخصية أو لغرض الانتقام من المخاطب : كأن يستهدف مصدر القرار تحقيق هدف شخصي فمثلا : القرار المتضمن رفض منح رخصة لمزاولة نشاط إداري من قبل سلطة محلية رغم استفاءها كل الشروط القانونية بهدف منع منافسة طالبه للنشاط التجاري المماثل الذي تملكه السلطة المحلية أو بهدف الانتقام منه لخلاف شخصي سابق بينهما .
ثانيا – لتحقيق غرض سياسي : مثاله قرار تحويل موظف للعمل في منطقة نائية ليس لضرورة حسن سير المرفق العام بل لإبعاده و الحد من نشاطه السياسي كونه عنصر نشيط في حزب سياسي منافس للحزب الذي ينتمي إليه رئيسه الإداري.
ثالثا – لتحقيق منفعة للغير (محاباة) : مثالها القرار الصادر في 04/03/1978 عن المجلس الأعلى في غرفته الإدارية في قضية جمعت السيد خ ع و من معه ضد رئيس م ش ب لبلدية عين البنيان و التي تتلخص وقائعها في أنه بتاريخ 20/05/1975 أصدر رئيس م ش ب لبلدية عين البنيان قرارا يمنع بيع و استهلاك الخمور في المطاعم و المقاهي باستثناء المركز السياحي المتواجد بمنطقة الجميلة تم مخاصمة القرار من طرف خ ع ومن معه أمام المجلس الأعلى بدعوى تجاوز السلطة و فضلا أن القرار المخاصم كان مشيبا ببعض العيوب كشف عنها قرار المجلس الأعلى، و فيما يخص عيب الانحراف في استعمال السلطة جاء في حيثياته "حيث إذا كان لرئيس م ش ب لبلدية عين البنيان أن يستعمل السلطات التي يخولها له القانون البلدي لتنظيم بيع الخمور حفاظا على الأمن العام فقد اتضح بعد التحقيق أن البواعث التي أدت إلى اتخاذ القرار ترجع لاعتبارات أخرى لاسيما أن بيع و استهلاك الخمور الممنوع على المدعي لا يزال مباحا في محلات أخرى على مستوى البلدية و لذلك ألغي القرار لكونه مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
(II مخـالفة القرار لقاعدة تخصيص الأهداف : ففي هذه الصورة فإن الغاية من القرار لا تتنافى مع المصلحة العامة لكنها تخالف قاعدة تخصيص الأهداف التي تتمثل في أن المشرع عند منحه لامتيازات السلطة العامة لهيئة إدارية لتحقيق هدف محدد قانونا فالإدارة المختصة عندما تتحجج في استعمال سلطاتها عند تحقيق أهداف مغايرة للأهداف التي أوكلت إليها كالحفاظ على النظام العام بالنسبة لسلطات الضبط الإداري سواء كانت مركزية أو محلية فهنا يكون القرار الصادر في هذا الشأن مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة. و مثال ذلك قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 19/07/1924 في قضية بوجي Beguie و التي تتمثل وقائعها في صدور قرار عن رئيس بلدية يمنع المستحمين من ارتداء و نزع ملابسهم على الشواطئ و جبرهم على استعمال وحدات خلع الملابس التابعة للبلدية مقابل أجر معين فهذا القرار لا يهدف إلى حماية الآداب العامة (هدف مشروع) و إنما هدفه البعيد هو تحقيق مصلحة مالية للبلدية (من أجل تحصيل الرسوم على ذلك)، لهذا هو وجه الانحراف.
(III الانحراف بالإجراءات : تتمثل هذه الصورة في لجوء الإدارة من أجل تحقيق أهدافها إلى استعمال إجراء قانوني بدل الإجراء القانوني الملائم و المحدد قانونا من أجل بلوغ نفس الأهداف و ذلك لتجنب شكليات و تعقيدات الإجراء القانوني الملائم أو حرمان المخاطبين به من بعض الضمانات التي نص عليها الإجراء الثاني و أكثر الحالات تطبيقا لهذه الصورة هو لجوء الإدارة المختصة إلى استعمال إجراء الإستلاء من أجل بناء مرافق عامة بدل إتباع الإجراء القانوني السليم و هو نزع الملكية من أجل المنفعة العامة (قرار المجلس الأعلى في غرفته الإدارية الصادر في 03/03/1967) و قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية فرنسوا François ، و كذا القرار الصادر عن المجلس الأعلى المؤرخ في 02/07/1962 في قضية عين فخارين ضد الدولة.
(IV حدوث عيب الانحراف في استعمال السلطة
أ‌- عندما تستهدف الإدارة المختصة بإصدارها لقرار ما له عدة أهداف فإنه يكفي أن يكون إحداها مشروعا ليكون القرار سليما.
ب‌- صعوبة اتيان المدعي لهذا العيب الذي يشوب القرار المخاصم و مدى سلطة القاضي في الكشف عنه إذ لا يستطيع هذا الأخير أن يأمر بالتحقيق من أجل البحث عن نية مٌصدر القرار و طلب استجوابه و وقوف على الدوافع عن إصداره لهذا القرار إذ يكتفي غالبا بالأدلة غير مباشرة و قرائن الناجمة عن موقف الإدارة من النزاع و الظروف و الملابسات المحيطة به خاصة إذا كانت غير ملزمة قانونا.

المطلب الرابع : عيب مخالفة القــانون
يعد أهم أوجه الإلغاء و أكثرها تطبيقا و يتعلق بالمشروعية الداخلية أو الموضوعية للقرار الإداري
و لهذا العيب مفهومين:
(I المفهوم الـواسع : و يشمل كل حالات مخالفة القانون و يندرج ضمنها عيوب عدم المشروعية و التي سبق و أن درسناها كونها تعد كلها حالات مخالفة القانون.
(II المفهوم الضيـق :و هي حالة مكملة للحالات الثلاثة السالفة الذكر و هي تسمح بمراقبة عدم المشروعية التي شابت القرار المخاصم غير المتعلقة منها بالاختصاص أو الشكل أو الانحراف في استعمال السلطة و يقصد هنا بالقانون المفهوم الواسع أي كل قاعدة قانونية سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة تخضع لها الإدارة و منها الدستور، التشريع، النصوص التنفيذية و التنظيمية، و أحكام قضائية حائزة على قوة الشيء المقضي فيه و المبادئ العامة للقانون و يتجسد هذا العيب في صورتين أساسيتين :
أولا – المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية مهما كان مصدرها : و هذا بتبيان عمل تمنعه هذه القاعدة أو كامتناع عن عمل تستلزمه أي كمخالفتها للقاعدة القانونية الأعلى من خلال إصدارها للقرار المخاصم و هذا النوع عادة ما يكون واضحا في الواقع العملي كإصدارها قرارا مخالفا لقرار قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه أو رفضها الترخيص لأحد الأفراد من مزاولة نشاط ما رغم استفاءه لجميع الشروط التي نص عليها القانون و قد طبق مجلس الدولة هذه الصورة في قراره الصادر في 24/04/2000 في قضية السيد مندل محمد ضد وزير العدل و تتلخص وقائعها في أن السيد وزير العدل أصدر قرار بوقف المدعي عن عمله ككاتب ضبط لمتابعته قضائيا بتهمة المشاركة في اغتيال ضحيتين و انتماءه لجماعة إرهابية و التخريب و أن غرفة الاتهام أصدرت قرار مؤيد لقرار قاضي التحقيق بانتفاء وجه الدعوى و مما جاء في هذا القرار "حيث أن مقرر العزل جاء متناقضا و قرار غرفة الاتهام و غير مؤسس قانونا مما يستوجب إبطاله.
ثانيا – الغلط القانوني و الغلط المادي : كحالات مخالفة القانون و تتمثل هذه الصورة في أن عدم المشروعية لا تتعلق بمحل القرار المخاصم أي أثره المباشر و لكنه بأسبابه القانونية أو المادية التي دفعت الإدارة إلى إصداره و تتجسد في :
1-/ الغلط القانوني : ترتكب الإدارة مٌصدرة القرار المخاصم غلط قانوني في حالة تطبيقها لنص
قانوني أو مبدأ قانوني بصفة خاطئة و هـذا إما :
أ – بالخطأ في تفسير القاعدة القانونية التي استند عليها في إصدار قرارها و هذا باعطاءها
معنى مغاير للمعنى الذي قصده المشرع أو ما يطلق عليه الفقهاء سوء تفسير قاعدة
قانونية مثال ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى في الغرفة الإدارية في قضية السيدة
ريفاريشون Rivarichon ضد والي ولاية الجزائر و وقائعها أنه والي ولاية الجزائر
أصدر قرار بتاريخ 08/02/1972 أعلن بموجبه عن حالة شغور مسكن السيدة
ريفاريشون مستندا في ذلك على المادة 11 من المرسوم 63-88 المؤرخ في
18/03/1963 و المتضمن تنظيم الأملاك الشائعة التي تنص "تعلن حالة شغور
العقارات التي توقف ملاكها من تنفيذ التزاماتهم أو المطالبة بحقوقهم المترتبة عليها في مدة
تتجاوز شهرين متتاليين".
فقامت السيدة ريفاريشون بمخاصمة هذا القرار أمام المجلس الأعلى في 01 جوان 1972
من أجل إلغاءه و مما جاء في إحدى حيثياته "حيث أن حالة الشغور لا تقترن بحضور أو
غياب صاحب الملكية في الجزائر بل بتنفيذ أو عدم تنفيذ المالك لالتزاماته".
حيث أن والي الجزائر بإعلانه شغور ملكية المدعية التي لم تترك الجزائر لمدة شهرين متتاليين
و هذا من 01 جوان 1972 و لم تتخلى عن التزاماتها كمالكة، قد خرق القانون بصفة
واضحة و تجاوز سلطاته ولذلك قضي بإلغاء القرار المخاصم لمخالفة القانون.

ب – أن تخطئ الإدارة في تطبيق نطاق القاعدة القانونية التي استندت عليها في إصدارها
للقرار و تشمل حالات أو شروط لا تدخل في نطاقها أصلا كإقحام أحكام جديدة
لم ينص عليها القانون المراد تنفيذه من خلال القرار المخاصم أو إسنادها لنص قانوني
بدل النص القانوني الملائم و الواجب التطبيق.
2-/الغلط المادي : و يتمثل في
أ – عدم صحة الوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة في إصدارها للقرار المخاصم بحجة
إهمالها لمنصب عملها و هي كانت في عطلة أمومة قانونية.
ب – عدم ملائمة القاعدة القانونية للوقائع المادية أي التحقق من صحة التكييف القانوني
المستند عليه لإصدار القرار و هذا بالتأكد مما إذا كانت تلك الوقائع المادية تنطبق
و النص القانوني المستند عليه في إصدار القرار المخاصم.
طبقت المحكمة العليا في غرفتها الإدارية هذه الصورة في قضية مشهورة في قرارها
الصادر في 12/07/1976 في قضية السيد طوماغو Tomago الذي رفع دعوى
تجاوز السلطة ضد والي الجزائر الصادر في 31/10/1963 و الذي صرح بموجبه
شغور ملكية المدعي و نقلها إلى أملاك الدولة و مما جاء في حيثياته حيث أن المادة 01
من المرسوم رقم 63-383 المؤرخ في 01/10/1963 تنص على تأمين المنشآت
الزراعية التابعة للأشخاص الطبيعية و المعنوية التي لا تتمتع بالجنسية الجزائرية حيث
يستنتج من التحقيق أن ملكية المدعي هي سكن من نوع فيلا موجودة بحي القبة
بالجزائر العاصمة و تحتوي أساسا على غرف و حديقة و أن هذه الملكية ليست زراعية.
ألغى المجلس الأعلى القرار المخاصم، فهذا القرار مشوب بغلط مادي يتمثل في سوء
التكييف القانوني للوقائع.
منقول للفائدة