ونواصل .. // مع..
[] أشكـــال الــتــكــرار []
يُشكِّلُ تكرارُ الضّميرِ ظاهرةً لافتةً في الشّعر العربيّ الحديث..
خاصّةً في:
الاستهلال السّطريّ أو الفاتحةِ النّصّيّةِ..
بوصفه تكراراً يُحدثُ هزّةً أو قُشعريرة شُعوريّة لدى المتلقّي.. //
من أجل:
التنبيه على حالةٍ شعوريةٍ مُعيّـنةٍ..
أو
لتوكيد الذّات، وتضخيمها في بعض السّياقات الّتي تـتطلّبُ ذلك، مثل:
الفخرِ، والغزلِ، والرّثاءِ...
أو
في بعض السّياقات الحماسيّة التّـقريعيّة أو التّـنديديّة الصارخة.
==============================================
أمثلة عن تكرار الضّمير..
مقطع شعريّ للشّاعر صقر علّيشي، يقول:
"أنتِ قيدي، كما الاخضرارُ البديعُ
أنتِ من سوف يأتي إلى مرحي
ويُقاسمنِي بهجةَ السّيرِ والابتلالِ تحتَ المطرْ
أنتِ كنتِ كميناً من الياسمينْ
حينما صارتْ تحت مرمى شذاهُ انفجر"
هنا، يُوَلِّـدُ تكرار الضّمير(أنتِ)- في المقطع الشّعريّ- إيقاعاً نغمياً، موقظاً للدّلالة،
وباعثاً لحِراكها الجماليّ، بوصفه مركز ثِقلِ الصُّورِ الشّعريّة، ومِحْرَقُ حركتها،
وجَذرُهَا الّذي ترتكزُ عليه...
فالشّاعر إذاً، وجد في هذا التّكرار صورةً من صور التّلاحمِ والتّـضافر الفـنّيّ في هذه القصيدة،
ليُدلِّـلَ على إحساسه الغزليّ الشّفيف، وصوره الرُّومانسية المُتلاحمة الّتي تـتـقطّرُ حساسيةً ورُؤيةً،
وهذا التّكرار- من شأنه- أن يرفع وتيرة الإيقاع والموسيقى الصوتية
إثر تتابع التّكرار في الفاتحات السّطريّة تتابعاً فنّـياً مُوحياً.
وقد عمد الشّاعر إلى هذا الأسلوب لــ :
يُمَـتّـنَ أواصرَ القصيدةِ..
ويُحقّـق تـناغُمها..
وتَلاحُمها الفنّيّ..
================================================== ===========
مقطع شعري فيه نبض جمالي متألق في دلالته وإثارته الفنية للشّاعر سعدي يوسف.
أنفضُ عن أهدابكِ السّودِ رمادَ العالمِ المنهارْ
وجهكِ في صحرائنا ينتظرُ الإبحار
شعركِ يُرخي الظلَّ بين الصّحوِ والإمطار
هنا، يُحقّق تكرار الضمير( أنتِ)- في المقطع الشّعريّ السّابق- دوره الفنّيّ البليغ..
بوصفه المُولّد الإيحائيّ الخصب لجماليّة الصّورة وبنائها الفنّيّ..
فالشّاعر يرى في محبوبته وجوه الحياة بتناقضاتها المختلفة..
وتقلّباتها الكثيرة...
وطقوسها المتنوِّعةِ...
ولهذا لجأ الشّاعر إلى خاصّية التّـكرار، بوصفها مُولِّداً لشعريّةِ الصورة:
"حزينةٌ أنت// ساذجةٌ أنت// متعبةٌ أنت// وحيدة أنت".
وهكذا، يُجسِّدُ تكرار الضّمير في المقطع الشّعريّ ذروة عطائه الفنيّ..
باندماجهِ في تشكيلِ الصُّورةِ، وتخليقِ إيحاءاتها الغزليّةِ الشّفيفةِ.