منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحكيم التجاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 18:30   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ouhab hamza
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ouhab hamza
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المبــحث الثاني
آثار اتفـــــاق التحكيم
كما أشرنا سابقا فإن لاتفاق التحكيم أثار نستعرضها فيما يأتي .
المطلــب الأول
الأثر المانع لاتفاق التحكيم
يقدم القانون الفرنسي أحكاما مشابهة بخصوص تحديد آثار اتفاق التحكيم، فتنص المادة (1458) على أنه ادا رفع أمام قضاء الدولة نزاع اتصلت به محكمة تحكيم بمقتضى اتفاق تحكيم، فيجب على هدا القضاء إعلان عدم اختصاصه أما ادا كان النزاع لم يتصل بعد بهيئة التحكيم فعلى القضاء إعلان عدم اختصاصه طالما أن اتفاق التحكيم ليس واضحا بطلانه[1].
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فيقول انه ليس من اختصاص القاضي الفصل في النزاعات التي اتفق فيها على التحكيم كما أشارت المادة 1045 "يكون القاضي غير مختص بالفصل في موضوع النزاع ،ادا كانت الخصومة التحكيمية قائمة، أو ادا تبين له وجود اتفاقية تحكيم على أن يثار من أحد الأطراف ". على أن يكون موضوع النزاع من اختصاصها أي محكمة التحكيم فادا لم يكن كذلك فيجب الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع في الموضوع و هو ما بينته المادة 1044 "تفصل محكمة التحكيم في الاختصاص الخاص بها و يجب إثارة الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع في الموضوع.
تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بحكم أولي إلا ادا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع."
أما فيما يخص المشرع المصري فهو أكثر دقة من نظيره الفرنسي[2] لأن اتفاق التحكيم عنده لا ينزع اختصاص القاضي و إنما يحجبه في نظر النزاع، ويلاحظ أن تم فارقا هاما بين القانون المصري والفرنسي اد لا يفرق القانون المصري بين حالة رفع الدعوى أمام القضاء بعد أو قبل اتصال هيئة التحكيم بالنزاع موضوع اتفاق التحكيم ففي الحالتين يتحتم الحكم بعد قبول الدعوى أما القانون الفرنسي و ادا كان يحتم الحكم بعدم الاختصاص في حالة رفع الدعوى بعد اتصال هيئة التحكيم بالنزاع فانه يخول القاضي إمكانية عدم الحكم بعدم الاختصاص و التصدي للموضوع ،ادا تبين له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم كحالة خلو شرط التحكيم من تسمية المحكمين أو بيان أسلوب اختيارهم أو خلو المشارطة من تحديد موضوع النزاع[3].
المطلـــب الثاني
العلاقة بين اتفاق التحكيم،والعلاقة بين الأطراف(مبدأ استقلالية شرط التحكيم )
يثور التساؤل عن مصير شرط التحكيم الذي تضمنه العقد الأصلي ،ادا تعرض هدا العقد لسبب أدى إلى بطلانه أو فسخه أو إنهائه.فالمتصور منطقيا أن العقد ادا تعرض لأحد هده العوارض .فانه يزول بكل ما تضمنه و بالتالي ينتهي أثر شرط التحكيم بالتبعية و لكن تطور قضاء و فقه التحكيم خاصة التحكيم التجاري الدولي انتهى إلى عكس دلك، اد كرس مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، فلا يؤدي بطلان أو فسخ أو إنهاء هدا العقد إلى التأثير على شرط التحكيم . فالشرط يظل صحيحا، طالما استكمل شروط صحته الخاصة به. و كما أشرنا آنفا قد يخضع هدا الشرط لقانون مختلف عن القانون الذي يخضع له موضوع العقد الأصلي، لدلك من المتصور أن يستوفي الشرط شروط صحته رغم ما أصاب العقد الأصلي من عوارض . وترتيبا على دلك ينتج الشرط أثره ،ويكون للمحكمين سلطة النظر في أي منازعات تنشأ عن فسخ أو إنهاء العقد الأصلي[4].
ولم يتضمن القانون الفرنسي نصا صريحا يكرس استقلالية شرط التحكيم و لكنه كرس في المادة (1466) مبدأ الاختصاص ويستند الفقه إلى هدا النص للقول بأنه يؤدي إلى تقرير مبدأ استقلالية شرط التحكيم من الناحية العملية إذ طالما أن المحكم له سلطة البت في بطلان أو صحة العقد الأصلي، بمقتضى اتفاق التحكيم، فان هدا يعني أن هدا الاتفاق ـ أي اتفاق التحكيم ـ بوصفه اتفاقا على الإجراءات، يكون ممكنا نزعه أو فصله عن العقد الأصلي، و بالتالي يكون متمتعا بالاستقلالية . و الواقع أننا نجد صعوبة إلى حد ما في الربط بين مبدأ الاختصاص بالاختصاص ومبدأ الاستقلالية، و الأكثر قبولا القول بأن مبدأ الاستقلالية يعد من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام التحكيم سواء على الصعيد الوطني أو الدولي،قد كرسه القضاء الفرنسي بصدد التحكيم التجاري الدولي على نحو قاطع و متواتر مما يصلح أساسا للقول بوجوده أيضا في التحكيم الداخلي بدلا من محاولة التعسف في تفسير النصوص وتحميلها ما لا تحتمله[5].
المطلــب الثالث
نطاق الأثر الملزم لاتفاق التحكيم من حيث الأشخاص
إن مبدأ نسبية الاتفاقات، يؤدي إلى القول بأن اتفاق التحكيم لا تمتد آثاره إلى أشخاص لم يوقعوا على الاتفاق سواء بأنفسهم أو عن طريق ممثل لهم، أي أطراف الاتفاق[6] .
ولكن هناك حالات عملية قد تدق أحيانا، فضلا عن أن فكرة "الطرف " لا تعني فقط "الشخص الموقع" على الاتفاق، و إنما تشمل أيضا خلفه العام أو الخاص . "كالوارث الذي أبرم مورثه عقدا تضمن شرط تحكيم أو في حوالة العقود، إذ ترد الحوالة على الشرط المنصوص عليه في العقد ".
ولكن هل يمتد التحكيم للغير عن طريق نصوص المرافعات كإدخال الغير في الدعوى ؟ لا شك أن الطابع "العقدي" للتحكيم يحول دون دلك . ولكن لا يعتبر غيرا الشريك أو المدين المتضامن . فلو تعدد الشركاء أو المدينون المتضامنون، و أبرم أحدهم عقدا أو تضمن عقد القرض في حالة المدينين المتضامنين شرط التحكيم، فان الشرط يمتد أثره للجميع، إيجابا وسلبا، أي يستطيع كل منهم التمسك باتفاق التحكيم ،كما يستطيع الطرف الآخر الاحتجاج بهذا الاتفاق في مواجهة أي منهم . ويسري هدا في حالة شركات الأشخاص حيث لا تحجب الشخصية المعنوية حجبا كاملا أشخاص الشركاء ،ويسري من باب أولى في المحاصة، حيث لا توجد أصلا شخصية معنوية، فادا أبرم أحد المحا صين عقدا تضمن شرط تحكيم، فان لشركائه التمسك بالشرط، و للطرف الأخر في العقد للاحتجاج بالشرط على الجميع، ودلك ادا كانت إدارة المحاصة جماعية تستلزم حضور الجميع[7] .
و أخدًا بالمنطق نفسه يمتد إتفاق التحكيم ليشمل جميع مشروعات المؤسسات لمشروع أو فرع مشترك إدا أبرم هدا الفرع عقداً تضمن شرط تحكيم[8] .
ولكن إدا وقع طرفان إتفاق تحكيم، وكان أحدهما مؤسسة عامة، فقام الوزير باعتماد العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم، فهدا التوقيع لا يجعل الدولة طرفاً في إتفاق التحكيم، لأن توقيع " الوزير " كان مباشرة لسلطاته الولائية و ليس توقيعاً بصفته طرفاً وهدا ما دهب إليه القضاء الفرنسي في قضية هضبة الأهرام[9]، و إن انتهى التحكيم أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار سابق الإشارة إليه إلى العكس .
ويتضح في كثير من الحالات أن تحديد " الأطراف " الذين يملكون التمسك باتفاق التحكيم، ويمكن الاحتجاج عليهم به، يتوقف على الفحص الدقيق للعقد و الملابسات المحيطة به خاصة وأن الأمر في العقود الدولية، يؤدي في العديد من الحالات إلى استعانة الأطراف الأصليين بمقاولين من الباطن أو بشركات يتم تأسيسها، أو إنشاء فروع مشتركة لمباشرة تنفيذ العقد أو العقود المتتابعة التي قد ينم إبرامها أو حالة تجديد العقود بتغيير الدائن أو المدين أو محل الالتزام، في كافة هذه الصور يمتد شرط التحكيم ويتسع نطاقه ليصبح كالمظلة التي تحيط بالعلاقات التي تنشأ تحت الاتفاق الأصلي ويتسع بذلك مفهوم "الأطراف "







[1]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص17.

[2]د. سامي عبد الباقي، المرجع السابق، ص 51.

[3]د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 26.

[4]د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص26.

[5] - حسم المشرع المصري الجدل في الفقه في القانون الجديد، فنصت المادة (23) على أن "يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه، ادا كان هدا الشرط صحيحا في دانه ."


[6]د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 63.

[7]د. عبد الباقي الصغير، المرجع السابق، ص 69.

[8]د. هاني سري الدين، المرجع السابق، ص 74.

[9]نقض فرنسي 12/07/1984 في النزاع المعروف بخصوص الاستغلال السياحي لمنطقة هضبة الهرم.