منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-09, 19:48   رقم المشاركة : 439
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة youcef62 مشاهدة المشاركة
اريد بحث حول الفلسفة المعاصرة مع دكر المراجع...المستوى ثانية ثانوي...الموعد غدا

الفلسفة المعاصرة
- مذاهب القرن التاسع عشر.
اتسم القرن التاسع عشر بالسعي لبناء نظم فلسفية، أي العمل على التأليف والتركيب بين الأفكار، فخرجت مذاهب بعض الفلاسفة عبر مزج معطيات فلسفية سالفة. كما تأثرت المذاهب الفلسفية بالعلم مثلما نجد في المذهب المادي والوضعي.
ففي ألمانيا تبنى المادية فويرباخ (1804 _ 1872م)، وموليشُط (1822 _ 1893م)، وبوخنر (1824 _ 1899م)، وكارل فوجت (1817 _ 1895م)
اما في فرنسا فقد أسس أوجست كونت (1798 _ 1857م) الفلسفة الوضعية، وتبعه جون ستيوارت مل (1806 _ 1873م) في انجلترا، وارنست لاس (1837 _ 1885م) ويودل (1848 _ 1914م) في المانيا. وقد رأى هؤلاء جميعاً أن الفلسفة ليست إلاّ تجميعاً لنتائج العلم.
وجرى تأييد المذهب المادي الوضعي تأييداً حاسماً بمذهب تشالرز دارون (1809- 1882م) العالم الانجليزي الذي فسر تطور أنواع الكائنات الحية في كتابه "في أصل الأنواع بالانتخاب الطبيعي". وصارت فكرة التطور مذهباً شاملاً عاماً، وأدت إلى ظهور المذهب التطوري الذي دافع عنه توماس هنري هكسلي ( (1825 _ 1895، وهربرت اسبنسر (1820 _ 1903م)، بينما نشره في مختلف طبقات القراء الالماني ارنست هيغل (1834 _ 1919م)
بالإضافة إلى ذلك فان القرن التاسع عشر شهد اتجاهاً لاعقلياً في الفلسفة الأوروبية يعارض المذهب العقلي الهيغلي، وممثل هذا الاتجاه الفيلسوف الألماني شوبنهور (1788 _1860م) الذي كان يرى أن المطلق ليس العقل بل إرادة عمياء ولا عقلية. والى جانب شوبنهور ظهر الفيلسوف الدانماركي كيركجارد (1813_1855م) ليدفع إلى مدى ابعد الهجوم على المذهب العقلي. وفي مرحلة تالية ظهر نيتشه (1844_1900م) الذي دعا لمراجعة كل القيم ونادى بعبادة الرجل العظيم.
ومن أبرز المذاهب التي ظهرت في القرن التاسع عشر البراغماتية أو الذرائعية. وقد هيمنت البراغماتية على الحياة العقلية مدة طويلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي فلسفة تتخذ من العمل مقياساً مطلقاً، وقد وردت هذه الفكرة للمرة الأولى في مقال للفيلسوف الأمريكي تشارلز ساندرز بيرس في سنة 1878م بعنوان: "كيف نوضح أفكارنا". ولم تتضح أهمية هذا المقال إلاّ بعد أن كشف عنه وليم جيمس في محاضراته عن البراغماتية سنة 1898م "المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية".
واقترنت البراغماتية في الأذهان باسم وليم جيمس (1843 _ 1910م) وهو أكبر دعاتها في أمريكا، وأحد مؤسسي علم النفس الحديث، ويرى جيمس أن معيار صدق القضية هو نتائجها العملية، وليس مطابقتها للواقع، ومعيار الحقيقة هو نجاح الفكرة عملياً، فيقول: "الفكرة صادقة إذا كانت تعمل"، ويقول: "الفكرة صادقة إذا كانت لها نتائج عملية تقودنا إلى الموضوع المقصود بها إدراكه". ويتابع "القضية صادقة إذا كانت تعطينا أكبر كم من الرضا، بما في ذلك إرضاء الذوق… وان أهم خاصية للحقيقة هي التحقق العملي".
ويذهب الفيلسوف الامريكي (ديوي) إلى أن تحديد مفهوم ما أي فكرة إنما هو بأنها أداة فعل. و يقول: "النظرية أداة أو آلة للتأثير في التجربة وتبديلها، والمعرفة النظرية وسيلة للسيطرة على المواقف الشاذة، أو وسيلة لزيادة قيمة التجارب السابقة من حيث دلالاتها المباشرة"
وينجم عن ربط الحقيقة وصدق الفكرة بالنتائج العملية والرضا والمصلحة نسبية الحقيقة وتعددها، تبعاً لتنوع مصالح الأفراد. وهذا يعني أن البراغماتية تتعارض مع المذهب العقلي الذي يعتقد أن الحقيقة وصدق الفكرة مرهون بكشفها عن الواقع ومطابقتها للحقائق الخارجية. ويبدو أن البراغماتية تجسد أحدى تجليات الوعي حيث أضحت الحقيقة في هذا الوعي تدور مدار المصلحة.
2- مذاهب القرن العشرين

اتسم النصف الأول من هذا القرن بغزارة الإنتاج الفلسفي، ففي ايطاليا وحدها كان عدد المجلات الفلسفية المتخصصة لا يقل عن الثلاثين في عام 1946م، كما أن قائمة غير كاملة للكتب الفلسفية، أصدرها المعهد الدولي للفلسفة اشتملت على أكثر من سبعة عشر ألفاً من المنشورات في النصف الأول من العام 1938 م.
ويمارس الفلاسفة الغربيون في القرن العشرين طرائق التحليل أكثر من أية طريقة أخرى، مخالفين بذلك اتجاه الفلاسفة في القرن التاسع عشر الذي كان يعلو فيه التركيب والمزج على التحليل.
وقد تميزت هذه الحقبة بكثافة الاتصالات بين الفلاسفة من شتى الاتجاهات، وتعدد المؤتمرات الفلسفية الدولية واللقاءات ذات الموضوعات المتخصصة التي تتناول مذهباً بعينه أو موضوعاً خاصاً.
كذلك أسست مجلات للمذاهب، فمثلاً ظهرت للتوماوية وحدها حوالي عشرين مجلة متخصصة.
من هنا يمكن القول إن هذه الفترة من أخصب فترات الإنتاج الفلسفي في الغرب، وان عدداً كبيراً من فلاسفة القرن العشرين سوف يترك آثاراً دائمة في تاريخ الفكر الفلسفي.
ومنذ بداية هذا القرن تبلورت بالتدريج بعض الاتجاهات والمناهج والمدارس التي سادت التفكير الفلسفي في الغرب، وتحول بعضها إلى تيار واسع نفذ إلى كافة ميادين الحياة الثقافية هناك، بل تجاوز حدود أوروبا متوغلاً في شعوب أخرى.
وفيما يلي إشارات سريعة إلى ابرز تلك المناهج والمدارس والاتجاهات:
أ ـ المنطق الرياضي:

أهملت الفلسفة الأوروبية الحديثة المنطق الصوري حتى توارى في زوايا النسيان، فلم يكن بين الفلاسفة في أوروبا الحديثة إِلاّ واحد هو ليبنتز، كان منطقياً مرموقاً، أما الآخرون فكانوا يجهلون أسس المنطق الصوري.
وفي عام 1847م ظهر كتابان في المنطق الرياضي الجديد، كل منهما مستقل عن الآخر، هما أول ما نشر في ذلك، الأول للرياضي الانجليزي مورجان (1806 ـ 1878م)، والثاني لمواطنه الرياضي جورج بول (1815 ـ 1864م). واستمر في الاتجاه نفسه ارنست شرودر(1841 ـ 1902م)، وبيانو (1858 ـ 1932م)، وفريجه (1848 ـ 1925م) الذي كان منطقياً مرموقاً.
بيد أن هذا المنطق ظل مجهولاً عند معظم الفلاسفة، ولم تتجه الفلسفة الانجليزية للاهتمام به إِلاّ بعد نشر برتراند رسل لكتابه "أسس الرياضيات" في عام 1903م، وذلك إثر مقابلته مع الرياضي بيانو عام 1900م. وفي 1913م ظهر الكتاب الضخم "مبادئ الرياضيات" الذي اشترك في تأليفه رسل مع وايتهد، وهو المؤلف الذي أسرع من خطا تطور المنطق الرياضي.
وقد أثر المنطق الرياضي تأثيراً مزدوجاً على الفلسفة، فمن ناحية ظهر انه أداة دقيقة في تحليل المفاهيم والبراهين، وانه أداة يمكن تطبيقها على ميادين أخرى غير الرياضيات. ومن ناحية أخرى أدى المنطق الرياضي إلى إلقاء الضوء على مشكلات عتيقة، مثل مشكلة الثالث المرفوع وغيرها.
ب ـ الظاهراتية (الفنومنولوجيا)

يقوم المنهج الفنومنولوجي في أساسه على تحليل جوهر المعطى أو الظاهرة. وهو يمثل الاتجاه الثاني بعد المنطق الرياضي الذي ظهر في الفكر الأوروبي وساهم في قطع الجسور مع اتجاهات القرن التاسع. والاختلاف الرئيس بين هذا المنهج والمنطق الرياضي يتمثل في أن المنهج الفنومنولوجي لا يستخدم الاستنباط على الإطلاق، ولا يهتم إِلاّ قليلاً باللغة، ولا يقوم بتحليل الوقائع التجريبية بل بتحليل الماهيات.
ومؤسس هذا المنهج هو ادموند هوسرل(1859 _ 1938م) الذي كان قد درس الرياضيات والفلسفة في لايبتزيج وبرلين وفينا، قبل أن يصبح فيلسوفاً يطبع عصره بطابعه المنهجي الخاص. ولا يخلو فكر هوسرل من اللبس أحياناً والغموض أحياناً أخرى، لذلك قد لا يكون ممكناً تقديم عرضٍ موجزٍ يفصح عن تمام أبعاده.
ج ـ الوضعية المنطقية:

اسم أطلقه بلومبرج وفايجل عام 1931م على الأفكار الفلسفية الصادرة عن الجماعة التي أطلقت على نفسها (جماعة فينا). وقد أنشأت هذه الجماعة في أوائل العشرينات من القرن العشرين حلقةً للمناقشة غير رسمية بجامعة فينا، يتزعمها موريس شليك(1882 ـ 1936م) أستاذ كرسي العلوم الاستقرائية في هذه الجامعة.
ومن أعضاء هذه الجماعة البارزين رودلف كارناب(1891 ـ 1970م)، وفردريك فايزمان، وكلاهما تعلم تعليماً رياضياً في بداية الأمر، وكارل بوبر(1902 ـ 1991م). وانخرط في هذه الجماعة مجموعة من العلماء توزعت اهتماماتهم العلمية في عدة تخصصات، فمثلاً كان(هانزهان) و(كارل مينجر) و(كورت جودل) من علماء الرياضيات، بينما كان (أوتونيورات) عالم اجتماع، و(فكتور كرافت) مؤرخاً، و(فليكس كوفمان) رجل قانون، و(فيليب فرانك) أستاذ فيزياء بجامعة براغ. أما سبب لقاء هذه الجماعة في حلقة معرفية مشتركة، فيعود الى توحدها في هم مشترك بينها، يتمثل في الاهتمام بالمنهج كمدخل أساسي، والسعي لتأسيس الفلسفة العلمية أو التنظير للفلسفة علمياً من خلال ممارسة التحليل المنطقي، فضلاً عن السعي لتوحيد العلوم جميعا
والتأثير المباشر على فلسفة جماعة فينا جاء من كتابات هيوم، ومل، وارنست ماخ، وغيرهم، لكن التأثير الأكبر والأخطر جاء مباشرة من رسالة فتجنشتين(1889 ـ 1951م) "رسالة منطقية فلسفية" التي صدرت بالألمانية عام 1921م، وترجمت إلى الانكليزية عام 1922م.
وفي عام 1929م أصدرت جماعة فينا مؤلفاً بعنوان "حلقة فينا تصورها العلمي للعالم" أعلنت فيه عن أهدافها ومنهجها. وبعد ذلك بعام ابتاعت الجماعة صحيفة (حوليات الفلسفة) وأطلقت عليها اسماً جديداً هو مجلة (المعرفة) التي اشرف على تحريرها (كارناب) و(رايشنباخ)، واخذت تنشر أبحاث الوضعية المنطقية.
وبعد اشتهار الوضعية المنطقية عالمياً انفرط عقد جماعة فينا، ففي عام 1930م صار كارناب استاذاً بجامعة براغ، ورحل هربرت فايجل الى الولايات المتحدة، ومات هانزهان عام 1934، وقُتِل شليك على يد أحد تلامذته عام 1936م. ثم حضرت السلطات النازية نشاط الجماعة عام 1938م، فتوزع بقية أعضائها بين أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وأضحى كل عضو منهم يعمل بمفرده.
وينبغي الإشارة إلى أن الفلاسفة البارزين في الوضعية المنطقية كلهم من الألمان، لكن بعد أن ذاعت دعوتها تجاوب معها بعض الفلاسفة في أوروبا والولايات المتحدة، خاصة في بريطانيا، فقد تبنى أفكارها (ألفريد جويز آير) الذي اشتهر بوضعه كتاب "اللغة والصدق والمنطق" في عام 1926م، والذي كان من أكثر الكتب رواجاً بين الناطقين بالانكليزية وأشدها تأثيراً في الفكر الفلسفي في بريطانيا، سار فيه على خطى رسل وفتجنشتاين وجماعة فينا، ولكنه خرج على الشكل العام للوضعية المنطقية وأدخل عليه بعض عناصر التراث التجريبي البريطاني عن طريق باركلي وهيوم.
د ـ الوجودية:

تطلق الوجودية على اتجاهات فلسفية متعددة، تتفق على أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يسبق وجودُه ماهيَّته، وان الإنسان لا يمكن فهمه إلا في المواقف التي يختارها لنفسه.
وتندرج في الوجودية اتجاهات يقول بعضها بوجودية مسيحية يمثلها كل من سورين كيركغارد (1813 ـ 1855م)، وغبرييل مارسيل(1889 ـ 1973م)، ووجودية ملحدة يمثلها كل من مارتين هيدغر(1889 ـ 1976م)، وجان بول سارتر(1905 ـ 1980م)، أو وجودية فردانية نجدها عند كيركغارد وسارتر، ووجودية منطبعة بالماركسية كما عند هنري لوفيفر. وقيل بوجودية لا تنطوي تحت هذه التصنيفات كوجودية كارل ياسبرز(1883 ـ 1969م)، وموريس مرلوبونتي(1908 ـ 1961).
لقد كان للوجودية تأثير واسع على الثقافة والأدب والفنون، مثلما نلاحظ في روايات ومسرحيات سارتر، وألبير كامو، وسيمون دي بوفوار، وجان جينيه وغيرهم، وامتد تأثيرها على مظاهر الحياة الاجتماعية لاسيما لدى الشباب.
هـ ـ مدرسة فرانكفورت:

نشأت هذه المدرسة في جامعة فرانكفورت حول معهد البحث الاجتماعي الذي تأسس عام 1923 م، وكان مؤسسوها أربعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع، وهم: ماكس هوركهايمر (1859 ـ 1973م) مؤسس معهد البحث الاجتماعي ومديره لمدة طويلة، وأدورنو(1903 ـ 1969م) الذي عمل أستاذاً في جامعة فرانكفورت، وماركوز (1898 ـ 1979م) الذي درس الفلسفة في برلين وفريبورج وحاضر في جامعات كولومبيا وهارفارد، وكان أستاذاً للفلسفة والسياسة في جامعة براندايز، ثم اصبح استاذاً للفلسفة في جامعة كاليفورنيا بسان ديبجو، وهابرماس (1929م) الذي كان أستاذا للفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة فرنكفورت ثم أصبح مديراً لمعهد ماكس بلانك في شتارنبرج. أسس المعهد (مجلة البحث الاجتماعي) لنشر أبحاث هذا الفريق، فكانت الأبحاث تحقيقاً لمشروع مشترك، وهو تأسيس النظرية النقدية للعلوم الاجتماعية في صيغة برنامج مشترك، وهو يعادل في الفكر المعاصر المذهب في الفلسفة الحديثة.
كانت هذه المدرسة تعمل كفريق مشترك، إذ يأخذ هوركهايمر الموقف، ويقوم زملاؤه بالبحث: (بولوك) في الاقتصاد السياسي، و(فروم) في التحليل النفسي، و(لوفنتال) في النقد الأدبي، و(ماركوز) في الفلسفة، و(أدورنو) في الموسيقى خاصة وفي النقد الادبي والتحليل النفسي وعلم الاجتماع عامة.
أجرت مدرسة فرنكفورت مراجعة شاملة للوعي الأوروبي تكويناً وبنية، وأعادت النظر في أهم مذاهب الفلسفة الغربية وتياراتها، وقد بيَّنَ هوركهايمر وأدورنو حدود التنوير بأنه أعلى ما وصل إليه الوعي الأوروبي، وأعلنا نهايته.
و ـ البنيوية:

بلغت البنيوية أو (البنائية) ذروة ذيوعها كاتجاه فكري فلسفي في الستينات من القرن العشرين، وبات مألوفاً بين المثقفين أن يُنظَر إليها كمذهب فلسفي يتسم بالشمول ويهدف إلى تقديم تفسير موحد لعدد واسع من قضايا الفكر والمعرفة، فقد امتدت إلى ميادين متنوعة انبسطت على عدة مجالات، ففي مجال اللغويات نجد (جاكوبسون) و(شومسكي)، وفي التحليل النفسي نجد (لاكان)، وفي النقد الأدبي (رولان بارت) الذي فتح عهداً جديداً في تفسير النصوص على أساس بنائي، وفي الفلسفة كان (ميشال فوكو) يبهر الجماهير بآرائه في كتابه (الكلمات والأشياء)، أما (التوسير) فقد كان يقرأ التراث الماركسي (رأس المال) قراءة بنائية جديدة، وكان عالم الانتربولوجيا (كلود ليفي شتراوس) يواصل جهوده الحثيثة في قراءة القرابة والأسطورة في المجتمعات التقليدية، هذه الجهود التي حققت مكانة بارزة للبنيوية بين المذاهب الفلسفية في النصف الثاني من القرن العشرين.
وتعود الأفكار الأساسية لهذا المذهب إلى مؤسسها الأول السويسري فرديناند دي سوسير (1857 ـ 1913م) الذي عمل على تحديد موضوع علم اللغة، وان كان بعضٌ يذهب إلى أن مفهوم البنية وجد قبل سوسير في أعمال جان جاك روسو، وإمانويل كانط، وماركس، وفرويد، وغيرهم، بيد انه لم يصبح أداةً للتحليل وقاعدة لمنهج نظري معين إلا بعد عام 1928م.
وأبرز ما تمتاز به البنيوية فلسفياً هو محاربتها للنزعة التجريبية من جهة، وللنزعة التاريخية من جهة أخرى، فهي تذهب إلى أن العقل ينمو نمواً عضوياً بحيث تظل فيه صور هي أشبة بالنواة الثابتة، وان كنا نزيدها على الدوام توسيعاً وتعميقاً.
وبذلك تعتقد أنها انتقلت بدراسة الإنسان إلى مرحلة العلم المنضبط، وأوقفت النزعة التاريخية الطاغية، التي ترجع إلى القرن الثامن عشر، وطغت في القرن التاسع عشر، وكانت لها امتدادات قوية في القرن العشرين، تلك النزعة التي تؤكد على وجود اتصال واستمرار تاريخي بين الظواهر، فالحاضر كامن في الماضي، والمستقبل كامن في الحاضر، فجاءت البنيوية بتصور آخر لا يقوم على أساس أن التقدم يعني تراكماً تدريجياً لمكتسبات يضاف الجديد منها إلى القديم إضافة خارجية، وإنما يقوم على أساس أن الأفكار الجديدة هي مجرد توسيع لأفكار سبق ظهورها من قبل، فالعقل الإنساني لا يسير بطريقة جيولوجية، أي انه لا يضيف طبقة من المعرفة فوق طبقة أخرى، وإنما يسير بطريقة عضوية، يعيد فيها تَمثُّل القديم بطريقة أصعب وأعقد، ويحتفظ فيها ببنائه القديم، وان كان يدرك خلال تطوره أن ذلك البناء الذي كان يعد صحيحاً صحة مطلقة في وقت مضى لا يمثل إلا جانباً من الحقيقة، هو ذلك الجانب الذي كان عقلنا يستطيع بلوغه في ذلك الوقت.
بناء على ذلك يمكن القول إن طريق التقدم في نظر البنيوية يتمثل في أن كل تقدم يظل محتفظاً بالنواة المركزية، وان طريق المستقبل يمر بالماضي، وان طريق الوصول إلى الغد يتم من خلال مراجعة ما كان تم بالأمس. فالبذور القديمة موجودة دائماً، وكل ما يفعله الإنسان انه ينميها دائماً.
ز ـ ما بعد البنيوية:

منذ بداية السبعينات في القرن العشرين ظهرت محاولات في أوروبا لبناء فلسفة جديدة تملأ الفراغ الفلسفي في الثلث الأخير من هذا القرن، بعد تراجع البنيويه وتزايد الأعمال النقدية لمقولاتها، فولدت الفلسفة التفكيكية كأقوى اتجاه فلسفي معاصر من بين عدة اتجاهات بعد هذه الفترة، وأصبحت هي السائدة في فرنسا، وانتشرت بعد ذلك في الولايات المتحدة واليابان.
ورائد هذه الفلسفة الفيلسوف الفرنسسي جاك دريدا(1930) الذي بدأ بالظاهريات ثم ثنى بهيدغر، ثم تميز بعد ذلك بتحليلاته اللغوية الفلسفية الخاصة وأسس "الكلية الفلسفية" لممارسة الفلسفة التفكيكية كفريق.
وكان الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز (مات منتحراً سنة 1996م) الذي جمع بين النقد الأدبي والفلسفة من أشهر الممثلين لهذه المدرسة.
وتمثل التفكيكية آخر صرخة للوعي الأوروبي فهي ليست الحداثة بل ما بعد الحداثة، وليست البنيوية بل ما بعد البنيوية، ويقوم منهجها على تحليل وتفكيك بنية العلوم الإنسانية، فقد بدأت انطلاقة دريدا عام 1967م عندما أصدر كتاباً بفرنسا نقض فيه الفكر الغربي منذ أفلاطون في العصر اليوناني إلى هيدغر وشتراوس في هذا العصر، وحاول تشريح أعمال الفلاسفة كيما ينقضها من داخلها، فصار كل فيلسوف ينقض مقولاته بأفكاره، من خلال تفكيك أعماله وقراءتها قراءة ما يحجبه الخطاب ويخفيه.
وعلى هذا يهتم دريدا بالبحث عن ألفاظ التفكيك في الخطاب وليس ألفاظ الربط، فهو يؤسس منطق الاختلاف وليس منطق الهوية، فالأجزاء لها الأولوية على الكل، والهدم قبل البناء.
وبالتالي تبدو فلسفته وكأنها مراجعة حساب الوعي الأوروبي لنفسه، ويذكر دريدا مصطلح (نهاية الزمان) ويكثر الإشارة للغرب، وكأن الغرب قد وصل إلى نهايته دون مخلص جديد، فالفلسفة التفكيكية مراجعة الوعي الأوروبي لذاته، مفككاً نفسه بنفسه.


الفلسفة الحديثة سؤال المعرفة أهم من سؤال الوجود
افترقت الفلسفة الحديثة عن الفلسفة القديمة في أنها ركزت على نظرية المعرفة أكثر من تركيزها على نظرية الوجود بالرغم من وجود جوانب كثيرة بين الفلسفتين تحمل شكلا واحدا قد توهم البعض بان لا فروق كبيرة بين الفلسفتين وفي الواقع فان هذه الفروق كانت من الاتساع بحيث رأينا تحول الفلسفة إلى تناول مفهوم المعرفة وتقديمه على مفهوم الوجود مدركة بان فهم المعرفة هو الذي يحدد إن كنا قادرين على اعتماد هذه المعرفة في فهم العالم المحيط بنا أم لا
ولعل (ديكارت) أول من ركز على هذا الأمر الذي غدا بعد ذلك لب الفلسفة الحديثة بالرغم من أن منهجه لم يكن مرنا كفاية ولعل ابرز ما يحسب عليه هو ثقته العالية بمنهجه الشكي الذي اعتقد انه الباب الموصل إلى الحقيقة مؤكدا إيمانه بمنهج الشك النظامي وبقدرة التفكير على بلوغ الحقائق أو التأكيد بوجود العالم الموضوعي مسلما بان الله لا يؤتي خداعا جاعلا التفكير مضاهيا للوجود بل هو المبدأ الذي تنطلق منه جميع معارفنا لأنني عندما أفكر فأنني أمارس وجودي وابني عليه ليكون التفكير قاعدتي لفهم ما حولي وانطلاقا من ذلك تولدت مدرستين أحداهما أشادت بالعقل وعولت عليه وهي مدرسة العقليين أو الميتافيزيقيين وأخرى وجدت أن الأساس في التجربة التي تضع العقل دائما أمام مواقف جديدة لم يشهدها من قبل ولو عاينا المشهد الفلسفي الأوربي لوجدنا أن نطاق العقليين قد تمثل في قلب القارة الأوربية حيث تأثير الكاثوليكية والاستبداد السياسي وحيث غلبة الطابع الزراعي على مجتمعات القارة عكس المدرسة الأخرى التجريبية التي تبلورت في فضاء ديمقراطي بعد تبلور الملكية الدستورية في انكلترا وغلبة العقل التجاري والقيم البروتستانتية
ف (سبينوزا) الذي هو احد أقطاب المدرسة الأولى اتجه نحو جعل المعرفة سبيلا لرؤية العالم جسدا واحدا معيدا إلى الأذهان فكرة وحدة الوجود القديمة التي ربما كان لانتمائه اليهودي دور في تبلورها بالرغم من وجود اختلافات عميقة بين النظرتين ف سبينوزا عكس القدماء يميل إلى اعتماد المعارف المعقولة لأدراك الوحدة الكونية معتبرا أن كل ما يفكر به المرء يقود إلى شيء أخر ذو صلة وان نزوع شيء ما إلى الحفاظ إلى استمرار وجوده ما هو إلا جوهر الشيء ذاته فبنظر سبينوزا لا يوجد شيء فوق الطبيعة إنما كل شيء ذا أساس منطقي متتابع معتبرا أن هذا التتابع ماهو إلى تصاعد الأشياء إلى الله وان السعادة الأسمى في بلوغ الوعي الكوني والشعور بالامتلاء أو الطفح بالبهجة الرفيعة إزاء المشهد السامي لوحدانية كل الحقيقة تعبيرا عن القانون الفطري الباطني
أما معاصره ( ليبنتس )فقد تناول المسالة من منظور مختلف مبرزا أهمية الفردانية في نشوء الكون معيدا إلى الأذهان المفاهيم الذرية للفلسفة القديمة وإذا كان سبينوزا قد أكد على الوحدة فان ليبنتس قد أشار إلى واقع الانفصال الذي عبر عنه من خلال مفهوم ( المونادة ) مشيرا إلى أن الكون هو حشد من عقول صغيرة مكتفية بذاتها لا يربطها مع بعضها البعض إلا رباط عرضي مصدره الله أو المونادة الأسمى مؤكدا على أن المكان وأيضا الزمان ما هما إلا شيء نسبي صرف
أما المدرسة الثانية فقد تزعمها البريطاني جون لوك والذي سار على خطاه العديد من الفلاسفة التجريبيين من أمثال بركلي وبيكون ولعل أهم إسهام قدمه هذا الفيلسوف هو تشكيكه بمنهج الفلسفة السائد وطعنه بنتاجات الفلاسفة عادا المشاكل الفلسفية مجرد أوهام زائفة وجدالات تعبيرية لا غير حيث أشار إلى أن الفلاسفة شيدوا عالما من العقل لا صلة له بعالم الخبرة التي عدها المصدر الأساس لفهم الحقيقة لان الأشياء بنظره ليست كينونة موجودة أمام العقل يقوم الأخير بإدراكها على ماهي عليه بل أنها نتاج العقل نفسه لأنه يراها مثلما يريد أن يراها وليس كما هي عليه ورغم هذا التحول الكبير الذي أحدثه لوك في جسد الفلسفة إلا انه لم يتطرف ابعد من ذلك لان التشكيك في موضوعية الأشياء قد بلغ مداه في عهد بركلي الذي قسم الوجود بين بناء تحتي تمثله المادة الخام أو الهيولي وأشياء تحددها المعرفة الحسية كما يحصل عندما نلمح الكرسي فيبدوا لنا شيئا ثابتا فيما هو في حقيقة الأمر نتاج الإدراك لأنه بدونه ( أي الإدراك ) لن يكون إلا مادة وحسب لكن هذه الأفكار الجريئة لم يشأ لها الرواج دون عوائق إذ سرعان ما برز فيلسوف جديد وقف من هذه المسالة موقفا متوازنا عماده التقليل من زخم التجريبية ومحاولة التوفيق بينها وبين العقلانية لأنه من العبث البحث عن عالم خارجي بدون حواس تمثل مجسات العقل لبلوغ الحقيقة وإذا كان انطباعنا مغلقا من العبث البحث عن صلاة ضرورية سببية ضاربا عرض الحائط مفهوم السببية التي عدها مفهوما لاحقا ومن نتاج التصور لا أكثر لان العقل حين يتأمل الموجودات موضوعيا لايدرك أبدا أي صلة بين هذه الموجودات وبدون هذه الصلة الضرورية (السببية) أي باعث يوجد حتى لمحاولة عد الموجودات ضرورية وإذا لم تكن هذه الموجودات ضرورية كيف يسعنا الأمل بإيجاد الأسباب طالما أنها ليست في البال ففي نظره العقل نوع من المسرح حيث تتعاقب على منصته الادراكات من حيث الظهور والاختفاء المرور والعودة لتمتزج مع بعضها في تنويعه مفتوحة من المواقف والأوضاع
والملاحظ أن هذا التنظير الفلسفي كان باهرا إلى درجة لم يصل إلى مثلها كثيرون من بعده بل عدت أفكاره متقدمة حتى على ( كانت ) الفيلسوف الكبير اللاحق له والذي يبدوا انه حاول أن يوجد تخريجات فلسفية تعيد الاعتبار للدين والأخلاق بعد أن داهمتها المتغيرات الاجتماعية والعلمية في عصر المخاض الأوربي بل هو اعترف بذلك حين قال (اضطررت لإتلاف المعرفة لأفسح المجال للإيمان) الأمر الذي جعل فلسفته أشبه بانطباع ثقافي لا غير رغم ما حملته من أفق فلسفي عميق وموسوعية كبيرة جعلتها مفترق الطرق إلى الفلسفة المعاصرة ولعل ابرز آراءه التي أثارت جدلا كبيرا تساؤله عن حدود المعرفة موضحا أن هذه المعرفة لا يمكن أن تبلغ الكمال أو تشارف نهايتها لسبب بسيط وهو أن العقل غير قادر على مسايرتها لان عدته ضعيفة وهو ينتج المعرفة نتيجة انسكاب الخبرة في أوعية العقل ومثلما يأخذ الماء شكل الوعاء تأخذ الخبرة شكل الأوعية التي يمتلكها العقل سلفا فتغدوا المعرفة جماع بين الخبرة و ما يمتلكه العقل من آلية تفرض نفسها على الواقع فيغدوا الواقع ليس مجرد صناعة عقلية كما طرح ذلك العقليون وليس نتاج الخبرة المجمعة وحسب بل مزيجا من هذا وذاك فإذا قلت أن الكرسي ابيض فهذا يعني أن هناك شيئا زمانيا ومكانيا موجود له خاصية تجريبية هي البياض ونتيجة لذلك رأى أن المعرفة هي مزيج من معلومات نابعة كليا من الخبرة ومعلومات تجمع بين الخبرة والية العقل والية العقل في فحص المعرفة تعتمد على أليه التمييز بين الأحكام المحتملة للصدق والأحكام المحتملة للكذب والأحكام التحليلية والتركيبية فهناك أحكام تحليلية سابقة على التجربة لا يزيد محمولها معرفة بموضوعها مثل عبارة ( الكل أعظم من الجزء ) فعندما نقول جزء نحن ندرك بديهيا انه اصغر من الكل دون الحاجة إلى الإشارة إلى فكرة الكل أما الأحكام التركيبية فهي خلاف ذلك تقوم على تأليف جديد بين المحمول والموضوع فيزيد محمولها معرفة بموضوعها مثل عبارة (كل الأجسام لها وزن )فالتأليف بين المحمول ( الوزن ) والموضوع ( الجسم )تم من خلال التجربة وليس في الذهن وحسب لكن موقفه المعرفي هذا وتفريقه التام بين الشيء والشيء في ذاته قد خلق وضعا مربكا لان هذا معناه إطلاق رصاصة الرحمة على الطموح البشري وعلى الرغبة في مواصلة المعرفة إلى النهاية ما دفع البعض إلى رفض هذه النتيجة الكانتية بل والكثير من رؤى الفلسفة العقلية
ولعل أهم ناقديه هو الفيلسوف هيغل الذي نقد فرضية الحدود المعرفية طارحا ( أن الدراية بحدود تقضي معرفة ما الذي يقع وراءها فان كان حقا يوجد حد مطلق للمعرفة فكيف سندرك تلك الحقيقة ؟ كيف نستطيع أن نعرف أننا وصلنا الجدار مالم يسعنا النظر إلى ما وراءه ) هذا الاعتراض الهيغلي قطع وبشكل شبه نهائي أي سبيل للتشكيك بمصداقية المعرفة وبالاعتقاد بعجز العقل عن مسايرة الخبرة فالعقل ينمو مع نمو المعرفة والحقيقة كامنة في الشيء الذي يمثل موضوعا كاملا للعقل ولابد أن نبحث في الشيء ما دمنا قادرين على البحث فيه فالعالم مشرع أمام عقلنا ولابد من التماس حقائقه وما نجهله اليوم سيكون معلوما في الغد وما نعجز عن تحصيله في الحاضر قد يكون متاحا في المستقبل فكل شيء يتغير حتى عقلنا . لكن هذه النتيجة التي طرحها هيغل لم تكن إلا البداية لجهد عقلي جديد حمل على كل رؤى الفلسفة السابقة بالرغم من وجود المشككين الذين رأوا في تفاؤل هيغل سذاجة فكرية ف شوبنهاور رأى الكون عمل شرير والحياة شيء اشر ولا سبيل لفهمهما أو النجاح معهما فيما ابرز نيتشه غموض المعرفة التي عدها من نتاج الذات مبرزا دور الإيجاب في مسار الفكر معارضا طرح هيغل الذي وضع السلب كمحور أساس للحركة وأساس للمعرفة لان الإيجاب يشجع على إيجاب أعلى وهكذا إلى نهاية المسيرة الايجابية فالسيد ليس عبدا متحررا كم تعرض فلسفة هيغل إنما علينا أن نراه سيدا وحسب وان العبد هو سيد فقد حريته أي أن الأولوية لابد أن تكون للإيجاب الذي يشرع الفرصة وهكذا تضخمت الفلسفة الهيغلية لتلف بعباءتها كل الأسئلة الأخرى فالحداثويون ركزوا على مبدأ التقدم في حيازة المعرفة وبلوغ نتائج أفضل والوجوديون على الحرية التي عدوها مبدأ الوجود الأخلاقي والماديون على الديالكتيك لبلوغ المجتمع الناجح أو الفاضل وصولا إلى مابعد الحداثة أو الردة إلى الكانتية حيث التشكيك من جديد بالمعرفة فهل ينجح الكانتيون الجدد في زعزعة الثقة بنجاح الإنسان أم نستمر في سعينا لاستحصال المعرفة حتى بدون وجود أفق نهائي ؟ لعل هذا هو سؤال الفلسفة الآن .









رد مع اقتباس