منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-30, 16:41   رقم المشاركة : 180
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


1-3.الصّيغة : Mode
يقوم السّرد على دعامتين أساسيّتين :أوّلهما أن يحتوي على قصّة تروي أحداثا معيّنة ، وثانيتهما أن يعيِّن الطّريقة التي تـُحكى بها تلك القصّة، ذلك أنّ قصّة واحدة يمكن أن تُحكى بطرقٍ متعدِّدة، وهكذا فالسّرد هو الكيفيّة التي تروى بها القصّة عن طريق القناة التالية:

الراوي

المروي له


¬القصة¬


وهذه القناة تخضع لمؤثِّرات بعضها متعلِّق بالرّاوي والمرويِّ له، والبعض الآخر متعلِّق بالقصّة نـفسها .وإذا شكّل
التحام التّرتيب بسرعة السّرد الوجه الأول لجماليّة العمل السّردي، فإنّ التحام صيغة السّرد بصوت الرّاوي يشكِّل الوجه المقابل له لِيُكَوِّنا معاً وحدته الكليّة،ويتكوّن منهما معاً النّسيج الجمالي الذي يؤدِّيه الخطاب السّردي.
إنّ وظيفة الخطاب السّردي القصصيِّ لا تتمثّل في إصدار الأوامر وإعلان الشّروط وتسجيل التّمنيّات، بل دوره يكمن في حكي قصّة، أو نقل أحداث حقيقيّة أو متخيّلة[1]، وبإمكان الرّاوي أن ينـقل حكيه بهذه الدّرجة أو تلك من التّأكيد، وهذا التّنويع في الدّرجات يتمّ بتنويع صيغ الخطاب، والخطاب القصصي بإمكانه تزويد القارىء بدرجات متفاوتة من التّفاصيل ،ومن مسافات مختلفة الأبعاد ،كما أنّه بإمكان الرّاوي التّنويع في الوجهة التي تقدّم من خلالها الأحداث ، حسب وجهة النّظر هذه أو تلك ،هذه القدرة وهذه الاختلافات الصِّيغية واستعمالاتها هي المقصودة من بحثنا في الصِّيغة السّرديّة.ذلك أنّ صيغة السّرد تنهض على ركيزتين متضافرتين ،الأولى خاصّة بالمسافة القائمة بين خطاب الرّاوي وخطاب الشّخصيّات، والثّانيّة خاصّة بالمنظور أو وجهة النّظر التي ينطلق منها خطاب الرّاوي في قصصه،في حين يتقدّم صوت الرّاوي ليعيِّن الموقع الذي يحلّ فيه هذا الخطاب بالنِّسبة للمعطيات القصصيّة التي يحدِّد معالمها[2].
1-3-1.المسافة : Distance
صيغة الخطاب تتعلّق بالطّريقة التي يقدِّم لنا بها الرّاوي القصّة أو يعرفها، والصِّيغتان الأساسيّتان تبعا لهذا هما :
-العرض Présentation .
مثال :
«قلت لك :
- لن يأخذ أحد منك الكتابة ..إنّ ما في أعماقنا هو لنا ولن تطوله يد أحد .
قلتِ:
- ولكن ليس في أعماقي شيء سوى الفراغات المحشوّة بقصاصات الجرائد ..بنشرات الأخبار ، وبكتب ساذجة ليس بني وبينها من قرابة .» الرواية ص 106.
-السّردNarration .
مثال :
« عندما دخلت القاعة، كنت أول من يطأها في ذلك الصباح . كان في الجو شحنة غامضة من الكآبة . لم يكن هناك من أضواء موجّهة نحو اللوحات ، ولا أي ضوء كهربائي يضيء السقف.» الرواية ص 78.
يتضح من خلال المثالين أنّ في الخطاب المعروض يتـمّ الاستشهاد الحَرْفي بأقوال الشّخصيّات ،ونجدنا أمام محاكاة خالصة.وفي الخطاب المسرود الرّاوي يروي الأحداث دون أن يفسح المجال أمام الشّخصيّات للحديث،وهو الخطاب الأبعد مسافة.ودراسة الصِّيغة السّرديّة تقودنا إلى الإجابة عن هذين السّؤالين:من أين يتكلّم المتكلِّم؟ ولمن يتكلّم[3]؟.إنّ نوعيّة العلاقة التي يقيمها السّارد مع خطابه يُـضاف إليها نوعيّة المتلقِّي لهذا الخطاب تمكِّننا من تحديد الصِّيغة السّرديّة كما يلي:
1-صيغة الخطاب المسرود:خطاب يرسله متكلِّم وهو على مسافة ممّا يقوله ،وهو الأبعد مسافة.
2-صيغة المسرود الذّاتي:خطاب يرسله متكلِّم إلى ذاته عن أشياء تمّت في الماضي ويبقى بينه وبين تلك الأشياءمسافة.
3-صيغة المعروض الذّاتي:خطاب يتحدّث فيه صاحبه إلى ذاته عن فعلٍ يعيشه وقت إنجاز الكلام.
4-صيغة الخطاب المعروض (المباشر):متكلِّم يتحدّث إلى آخر دون تدخلِّ الرّاوي وهو الخطاب الأقرب مسافة.
5-صيغة الخطاب المعروض غير المباشر: هو أقلّ مباشرة من المعروض، يتدخلّ فيه الرّاوي قبل أو أثناء أو بعد العرض
وفيه نجد المتكلم يتحدّث إلى آخر والرّاوي بتدخّلاته يؤشر للمتلقي غير المباشر.
6-صيغة المنقول المباشر :معروض مباشر ينقله متكلِّم غير المتكلِّم الأصلي.
7-صيغة المنقول غير المباشر :متكلِّم ينقل الخطاب دون أن يحتفظ بالأصل[4].
1-3-2.المنظــور: Pérspective
لقد كثُرت الدِّراسات وتضاربت الآراء في التّعامل مع هذا المفهوم كونه يشكِّل أحد أهمِّ مكوِّنات الخطاب السّردي متمثِّلا في الرّاوي وعلاقته بالعمل السّردي.والقارىء لا يلج عالم المغامرة (القصّة) من خلال راوٍ يضطلع بتقديم المادة فحسب ، وإنّما يلجه أيضا عبر مصفاة أولى سابقة لعمليّة السّرد ،وهذه المصفاة هي عين معيّنة أو إدراك معيّن .ولئن اقترنت لفظة الرّؤية (من رأى) بمعنى الإبصار الذي غلب عليها ،فإنّها في الحقيقة أوسع مجالا وأشمل معنىً باعتبارها تتّسع لجميع ضروب الإدراك .ومن البديهي ألاّ تكون الرّؤية دائماً من خلال عيني الرّاوي ،لأنّه قد يتخلّى في موضع أو مواضع معيّنة عن وظيفة الرّؤية لإحدى الشّخصيّات ،وفي هذه الحالة تكون الرّؤية بعين الشّخصيّة ،أمّا السّرد فيتمّ بلغة الرّاوي ،لكن المادّة التي ينقلها إنّما تكون من خلال إدراك شخصيّة أخرى غيره[5].
وقد عرف هذا المكوِّن تسميّات عديدة ،واختيار هذا الاسم أو ذاك يأتي في أحيانٍ كثيرة محمَّلا بدلالات أو أبعاد يُعطيها أيّاه هذا الباحث أو ذاك وفق تصوّره الخاصّ ونظريّته التي ينطلق منها، ومن هذه التّسميّات التي عرف بها[6]:
وجهة النّظر-الرّؤية-البؤرة-حصر المجال-المنظور-زاوية النّظر- التّبئير.
وإذا كان مـفهوم "وجهة النّظر"هو الأكثر ذيوعاً فإن مصطلح "التّبئير" مفضّل على جميع المصطلحات التّقليديّة الأخرى لأنّه تقنيّ محض،ويقصي كل الدّلالات البسيكولوجيّة و الايديولوجيّة التي يوحي بها مصطلح "وجهة النّظر" وبقيّة المصطلحات الأخرى،ولهذا فضّله "جيرار جينيت"على باقي المصطلحات[7].
وتناوُلُ منظور السّرد (أي التّبئير )يسعى إلى الإجابة عن السؤال التّالي: من يرى؟
إنّ القارىء يرى الشّخصيّة بواسطة ترهينٍ آخر يراها ،ومن خلال رؤيته أيّـاها يريها للقارىء،وتسمِّـي"بال"هذا التّرهين ب "المبئِّر"،وتحدّد هذه النّاقدة الدّائرة التّصاعديّة التي يشتغل عليها الخطاب القصصيُّ كالآتي[8]:

السّارد ¬المبئِّر ¬ العامل
¯¯¯
السّرد¬التّبئير¬ الوظيفة
¯¯¯
المسرود ¬المبأّر¬الموضوع

الفاعل بإنجازه

[1]Gérard Genett e : F111.p18-

[2]- سامي، سويدان:"في دلالية القصص وشعرية السرد".ص183
“Un grand nombre de ces descriptions (sans doute plus d'un tiers) sont itératif et par conséquent ne peuvent en aucune façon contribuer a ralentir le récit”. Gerard genette.F111.P.133.


[3]سعيد،يقطين: "تحليل الخطاب الروائي".ص134

[4]نفسه:ص194.

[5]- قسومة ،الصادق :"طرائق تحليل القصة" -دار الجنوب للنشر -تونس-2000.ص155

[6]سعيد،يقطين: نفسه .ص284 .

[7]Mieke.Bal: -Narratologie -Editons .Klinck Siek. Paris.P36.

[8]Ibid32









رد مع اقتباس