منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-31, 12:48   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثالث
نظـام التقـاريـر
يعد نظام التقارير أسلوب جديد استحدثه المشرع تماشيا مع التطور الدولي في مجال حماية البيئــة ونظام التقارير أو التصريحات يهدف إلى فرض رقابة لاحقة و مستمرة على منح الترخيص فهو أسلوب مكمل لأسلوب الترخيص ، و هو يقترب من الإلزام كونه يفرض على صاحبه القيام بتقديم تقارير دورية عن نشاطاته حتى تتمكن السلطة الضابطة من فرض الرقابة وهو أسلوب يسهل على الإدارة عملية المتابعة من الناحية المالية و البشرية ، فبدلا من أن تقوم الإدارة بإرسال أعوانها للتحقيق من السير العادي للنشاط المرخص به، يتولى صاحب الرخصة تزويد الإدارة بالتطورات الحاصلة ، و يرتب القانون على عدم القيام بهذا الإلزام جزاءات مختلفة نتعرض لها لاحقا .
و أسلوب نظام التقارير هو شبيه بنظام التقييم البيئي فإذا كان هذا الأخير يقع على عاتق الإدارة فإن الأول يقع على صاحب الرخصة.
وكون أسلوب التقارير أسلوب جديد في حاجة إلى نصوص تنظيمية ، فإننا نكتفي بذكر بعض القوانين التي نصت عليه ، و منها قانون المناجم الذي ألزم أصحاب السندات المنجمية أوالرخص بأن يوجهوا خلال مدة الاستغلال و البحث إلى الوكالة الوطنية للجيولوجيا و المراقبة المنجمية تقريرا سنويا متعلقا بنشاطاتهم و كذا الانعكاسات على حيازة الأراضي و خصوصيات الوسط البيئي (1) ،و رتب القانون عقوبات جزائية على كل مستغل أغفل تبليغ التقرير، تتمثل في الحبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة مالية 5000دج إلى 20000دج(2) ،كما يتعين على صاحب رخصة التنقيب تقديم تقرير مفصل عن الأشغال المنجزة كل ستة أشهر إلى الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية ، أما صاحب رخصة الاستكشاف فهو ملزم بإرسال تقرير سنوي إلى نفس الوكالة .

1- المادة 61 من القانون 01/10.
2- المادة 182 من القانون 01/10 .
3- المادة 112 من القانون 01/10 .
ونجد نفس الالتزام يقع على صاحب السند المنجمي إضافة إلى التزامه بحماية البيئة و الأمن والصحة ، فهو ملزم كذلك بتقديم تقرير عن نشاطه السنوي للوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية
والوكالة الوطنية للجيولوجية و المراقبة المالية ، و قد أحال القانون على التنظيم لتحديد محتوى التقرير .
أما القانون المتعلق بتسيير النفايات 01/19 فقد جاء بنظام التقرير في مادته 21 بنصها "يلزم منتجو أو حائزو النفايات الخاصة الخطرة بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة و كمية و خصائص النفايات " ، كما يتعين عليهم دوريا تقديم المعلومات الخاصة بمعالجة هذه النفايات و كذلك الإجراءات العملية المتخذة و المتوقعة لتفادي إنتاج هذه النفايات بأكبر قدر ممكن .
و هذا الأسلوب يساعد بشكل كبير في مراقبة و تحديد كيفيات تسيير و معالجة النفايات معالجة عقلانية ، غير أنه يبقى في حاجة إلى نصوص تنظيمية لتحديد مواعيد تقديم التقارير و الجزاءات التي قد تترتب على مخالفة هذا الإجراء .
و رغم ما تمثله النفايات من خطر على الصحة العمومية و المحيط البيئي إلا أن المشرع لم يكن متشددا في فرض العقوبات اللازمة عن عدم الالتزام بنص المادة إذ خص هذا الامتناع بغرامة مالية فقط (1) ، بينما نجد نص على عقوبات سالبة للحرية في قانون المناجم عن عدم الالتزام بنظام التقارير .
في الأخير نخلص إلى أن قواعد أسلوب نظام التقارير جاءت في شكل قواعد آمرة يترتب عن عدم الالتزام بها عقوبات سالبة للحرية و الأكيد أن هذا الأسلوب سيساهم بلا شك في دعم باقي الأساليب ، و الأجدر بالمشرع أن يعمل على تعميمه على باقي المنشآت سيما منها المنشآت المصنفة .





1- المادة 58 من القانون 01/19 .
الفصل الثاني
الجزاءات المرتبة على مخالفة الإجراءات القانونية
إن مواجهة المشاكل البيئية و إن كان يعتمد في غالبية الأحيان على حلول تقنية وتكنولوجية إلا أن جل الدول لجأت إلى توظيف التقنية القانونية من أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة.
فالمشاكل المرتبطة بالبيئة تلقى اهتماما يتزايد يوما بعد يوم على المستوى العالمي و ذلك لظهور مخاطر التلوث البيئي و اتساع مفهوم البيئة كذلك.
فعلى مستوى الدول أنشئت وزارات و مجالس عليا و أجهزة متخصصة أوكل إليها أمر البيئة وصدر فيها العديد من التشريعات ذات الطابع الإلزامي .
وعلى المستوى الدولي صيغت العديد من الاتفاقيات و المعاهدات و البروتوكولات لحماية البيئة وأصبح التعاون الدولي في موضوع البيئة أمرا حتميا خاصة في المنـاطق المشتركـة و المحيطـات و الفضاء .(1)
ومن بين التوصيات الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المنعقد في جــوان 92 بريودي جانيرو( البرازيل ) و الذي سمي بقمة الأرض،حث الدول على ضرورة سن تشريعات فعالة بشأن البيئة مع وضع قانون بشأن المسؤولية و كذلك تعويض ضحايا التلوث .(2)
والجزائر كدولة نامية لجأت إلى هذه الوسيلة فأصبحت تحوز منظومة قانونية مكثفة خاصة بعد صدور القانون 83/03 المتعلق بحماية البيئة الذي كان يشكل الإطار العام للمجهود التشريعي الرامي إلى وضع الخطوط العريضة و المحاور الرئيسية للسياسة البيئية في الجزائر و قبل إلغائه بموجب القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في أيطار التنمية المستدامة و ذلك من خلال الاعتماد على طرق قانونية غير جنائية تعتمد على الجزاءات الإدارية من جهة و المسؤولية المدنية من جهة أخرى إلى جانب الجزاءات الجنائية لقمع الجرائم البيئية .

1- المادة 214 فقرة 2 من القانون 01/10 المتضمن قانون المناجم التي نصت على أنه تطبق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتلوث البحري التي وقعت عليها الجزائر على المخالفات المعاقب عليها بموجب هذا القانون.
2- على سبيل المثال المادة 2من اتفاقيات فيينا لحماية طبقة الأوزون – الوثيقة الختامية – المبرمة في فيينا بتاريخ 22 مارس 1985 و التي انضمت إليها الجزائر بموجب ملحق المرسوم الرئاسي 92/54 جريدة رسمية رقم 17 المؤرخة في 29 مارس 2000 .
المبحث الأول
آليات الحماية الإدارية
بدأ الإشكال البيئي يطفو بطريقة موضوعية ابتداء من الثمانينات و ذلك بوضع الإطار القانوني لحماية البيئة لسنة 1983 عن معاينة أن البيئة تعتبر ركيزة أساسية في المساهمة في التطور الاقتصادي و الاجتماعي ،فالإستراتيجية الوطنية تمحورت أساسا في وضع عدة أهداف رامية إلى الحماية و الحفاظ من كل أشكال التلوث و ذلك بإدخال الإدارة كعنصر أساسي و توضيح معالم تدخلها كسلطة عامة .
وإن أعطى المشرَع الإدارة سلطة الضبط في مراقبة التوازن البيئي و ذالك بمنحها وسائل التدخل عن طريق استعمال امتيازات السلطة العامة إلا أنه قيدها بإتباع جسامة المخالفة المرتكبة ونوع التدخل ،وعادة ما تأخذ شكل الإخطار (الإعذار) ، الوقف الجزئي للنشاط أو الوقف الكلي عن طريق سحب الرخصة ، كما أن المتمعن في قوانين المالية يلاحظ آلية جديدة في يد الإدارة رسمها المشرع في قانون المالية 91 /25 لسنة 1992 وهو الرسم على التلويث خاصة لمواجهة آثار التلويث الصناعي .
المطلب الأول
الإخـــطار
وإن لم يعد الإخطار في حد ذاته جزاء في يد سلطة الإدارة و إنما عادة ما يأخذ شكل التنبيه لتذكير المخالف بإلزامية معالجة الوضع و اتخاذه التدابير الكفيلة للجعل من نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية المعمول بها.
وقد تطرق المشرع إلى هذه الآلية في القانون الأساسي لحماية البيئة لسنة 1983، لاسيما المادة 53 منه ،الملغى بموجب القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة لاسيما المادة 25 منه التي تنص " عندما تنجم عن استغلال المنشأة غير واردة في قائمة المنشآت المصنفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18 أعلاه وبناء على تقرير من مصالح البيئة يعذر

الوالي المستغل و يحدد له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة ..." (1).
و يلاحظ من صلب النص أن المشرع الجزائري قد استعمل مصطلح الإعذار الذي يقابله بالنص الفرنسي مصطلح (mise en demeure) و ذلك لما يحظى به هذا المصطلح بقوة قانونية وذلك لدرء الخطر كخطوة أولى قبل المستغل و كملاحظة ثانية أن المشرع قد أدرج هذه المادة تحت الفصل الخامس بعنوان - الأنظمة القانونية الخاصة – لأن الهدف من الإخطار أو الإعذار هو حماية أولية قبل أخذ إجراءات ردعية أكثر صرامة.
كما ينص المرسوم الصادر في سنة 1994، الخاص بحماية مياه الحمامات المعدنية على أنه إذا رأى مفتش البيئة أو المصالح المختصة التابعة للصحة العمومية أن شروط استغلال المياه المعدنية غير مطابقة لعقد الامتياز فإن الوالي المختص إقليميا يرسل بناء على إعذار للمستغل بغرض اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعلها مطابقة و إذا لم يقم بذلك خلال المهلة المحددة له في الإعذار فإن الوالي يقرر وقف عمل المؤسسة مؤقتا إلى غاية تنفيذ الشروط (2) .
و قد نص القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة في مادته 56 على أنه "في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاصة الخاضعة للقضاء الجزائري ، لكل سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أوخطيرة أو محروقات من شأنها أن تشكل خطرا لايمكن دفعه ، و من طبيعته إلحاق ضرر بالساحل أو المنافع المرتبطة به ، بعذر صاحب السفينة أوالطائرة أو الآلية أو القاعدة العائمة باتخاذ كل التدابير اللازمة لوضع حد لهذا الإخطار ...".(3)
المطلب الثاني
سحب الترخيص
عملا بقاعدة توازي الأشكال فإن الإدارة تقوم بتجريد المستغل الذي لم يجعل من نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية البيئية من الرخصة و ذلك عن طريق سحبها بقرار إداري و يعد من أخطر

1- المادة 25 من القانون 03/10 .
2- المادتان 38 و 39 من المرسوم 94/91 .
3- المادة 56 من القانون 03/10 .
4- رسالة الماجستير، حميدة جميلة، المرجع السابق
- في استمرارية المشروع خطر يداهم النظام العام ،إما الصحة العمومية أو الأمن العمومي أوالسكينة العامة .
- إذا لم يستوف المشروع الشروط القانونية التي ألزم المشرع ضرورة توافرها.
- إذا توقف العمل بمشروع من أكثر من مدة معينة حددها.
- إذا صدر حكما قضائيا بغلق المشروع أو إزالته.
ونجد لهذه الآلية في المنظومة التشريعية البيئية عدة تطبيقات منها ما نص عليها القانون 98/02 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك في مادته 19 منها التي تنص على سحب المنتوج من حيز الاستهلاك من طرف السلطة بعد تحققها في عدم مطابقته .
كما نصت على هذه الآلية المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 93/160 المتعلق بتنظيم النفايات الصناعية السائلة و التي تنص: "إذا لم يمتثل مالك التجهيزات في نهاية الأجل المحدد أعلاه ،يقدر الوالي الإيقاف المؤقت لسير التجهيزات المتسببة في التلوث،حتى غاية تنفيذ الشروط المفروضة وفي هذه الحالة يعلن الوزير المكلف بالبيئة عن سحب رخصة التصريف بناء على تقرير الوالي وذلك دون المساس بالمتابعة القضائية المنصوص عليها في التشريع المعمول "(1) .
واستعمل المشرع نفس الآلية في المادة 7 من المرسوم 93/162 الذي يحدد الشروط وكيفية استرداد الزيوت المستعملة ومعالجتها و في هذه الحالة يمكن سحب الاعتماد الذي يمنحه الوزير المكلف بالبيئة عندما يثبت تهاون أو عدم احترام الالتزامات المنصوص عليها في دفتر الشروط .
المطلب الثالث
وقف النشـاط
عادة ما ينصب وقف النشاط على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية مما لها من تأثير سلبي على البيئة خاصة تلك المنبعثة منها الجزئيات الكيميائية المتناثرة جويا أو التي عادة ما تكرر زيوتا شحمية تؤثر بالدرجة الأولى على المحيط البيئي مؤدية إلى تلويثه أو المساس بالصحة العمومية .



1- المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 93/160 .

وفي هذا المجال نص المشرع الجزائري على هذه الآلية الحمائية في المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 93 /165 المنظم لإفراز الدخان والغاز و الغبار والروائح والجسيمات الصلبة في الجو :" إذا كان استغلال التجهيزات يمثل خطرا أو مساوئ أو حرجا خطيرا على امن الجوار وسلامته وملاءمته أو على الصحة العمومية ،فعلى الوالي أن ينذر المستغل , بناء على تقرير مفتش البيئة بأن يتخذ كل التدابير اللازمة لإنهاء الخطر والمساوئ الملاحظة وإزالتها ،وإذا لم يمتثل المستغل أو المسير في الآجال المحددة لهذا الإنذار , يمكن إعلان التوقيف المؤقت لسير التجهيزات كليا أو جزئيا بناء على اقتراح مفتش البيئة بقرار من الوالي المختص إقليميا دون المساس بالمتابعات القضائية ..."(1).
كما تناول قانون المياه رقم 83/17 في مادته 108،المعدل بموجب الأمر 96/13 نفس الحماية وذلك عن طريق إيقاف سير الوحدة المسببة في التلوث ،إلا أن الإيقاف يأخذ هنا شكل الطابع المؤقت إلى حين زوال التلوث وقد نصت هذه المادة في صلبها على ما يأتي : ( تقرر الإدارة إيقاف سير الوحدة المسؤولة عن التلوث إلى غاية زواله , عندما يشكل تلوث المياه , خطرا على الصحة العمومية أو يلحق ضررا بالاقتصاد الوطني )(2).
نفس المعنى تناولته المادة 25 في فقرتها الثانية من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة "... إذا لم يمتثل المستغل في أجل المحدد, يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة مع اتخاذ التدابير المؤقتة الضرورية بما فيها التي تضمن دفع مستحقات المستخدمين مهما كان نوعها "(3).
كما نلاحظ أن المشرع لم يهمل النص على حماية البيئة وذلك باشتراطه الموافقة القبلية من طرف المجلس الشعبي البلدي على إنشاء أي مشروع على تراب البلدية يتضمن مخاطرا من شأنها إضرار البيئة وهو نص المادة 92 من قانون البلدية لسنة 1990 ،وتناول نفس الهدف في نص المادة 58 من القانون 90/09 المتضمن قانون الولاية.


1- المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 93/165.
2- المادة 108 من القانون 83/17 المعدل و المتمم بموجب الأمر 96/13 .
3- المادة 25 من القانون 03/10 .
كما أعطت المادة 212 من القانون رقم 01/01 المتضمن قانون المناجم للجهة القضائية الإدارية وفقا للإجراء الاستعجالي أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الاستغلال بناء على طلب السلطة الإدارية المؤهلة والتي تنص: " في حالة معاينة مخالفة كما هو منصوص عليها في المادة 210 أعلاه يمكن لرئيس الجهة القضائية الإدارية المختصة وفقا للإجراء الاستعجالي أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الاستغلال بناء على طلب السلطة الإدارية المؤهلة ويمكن للجهة القضائية أن تأمر في كل وقت برفع اليد عن التدابير المتخذة لتوقيف الإشغال أو الإبقاء عليها وذلك بطلب من السلطة الإدارية المؤهلة أو من المالك المستغل "(1).
إلا أن الملاحظ من هذا النص استعماله لازدواجية هيكلية في اتخاذ القرار،حيث أن المادة 212 قيدت سلطة الإدارة المؤهلة وهي إدارة المناجم أن تعلق بقرار منفرد أشغال البحث أو الاستغلال إلا بعد تقديم الطلب إلى الجهة القضائية الإدارية والتي هي الغرفة الإدارية .
وهو الشيء الذي يجعل في رأينا تعقيدا للإجراءات ،حيث أن عدم التعليق الفوري قد يؤدي إلى خطورة الأمر وما يؤكد ذلك أن المادة 212 تحيلنا على المادة 210 لنفس القانون هذه الأخيرة التي تتناول باب حماية البيئة , والتي تتطلب عادة عجلة السرعة في اتخاذ الأمر .
المطلب الرابع
العقوبة الماليـة
لقد سبق القول أن المشرع الجزائري استحدث آلية جديدة في قانون المالية 91/25 لسنة 1992 تتمثل في الرسم على التلويث وذلك في حالة تجاوز المستغل أو المنشأة للوسائل الكفيلة لحماية البيئة وهذه الآلية لها طابع مالي تساهم من جهة في الإيرادات العامة ومن جهة ثانية تفرض جزاء ماليا على مرتكبي المخالفات في حق النظام البيئي وقد ظهرت هذه الوسيلة في مختلف الأنظمة الدولية بعد انتشار الصناعة بعدما طرحت مشاكل بيئية عديدة و خطيرة.
وعادة ما تكون على شكل رسوم مالية على المواد الملوثة وتهدف أساسا هذه الرسوم إلى إزالة ومعاقبة كل ما تسبب في التلوث الصناعي ومن أجل ذلك وضعت عدة تدابير لازمة من أجل معالجة الأخطار والأضرار أو على الأقل التقليص من أثارها وذلك عن طريق اقتناء الأجهزة لتصفية الغبار والغازات وهذا ما حدث مع العديد من الوحدات الصناعية.

1- المادة 212 من قانون 01/01 .
من ذلك مؤسسة إنتاج الإسمنت و مؤسسة إنتاج الأسمدة الآزوتية " أسميدال " حيث اتخذ بشأنهما إجراءات إزالة التلوث تمثلت في تفكيك الوحدة الأكثر تلوثا وتعديل الإفرازات الغازية المحملة وكذلك الشأن بالنسبة لمركب الحديد والصلب بالحجار الذي وضع برنامجه في حيز التنفيذ وذلك بالترميم وتصليح الأفران العالية الحرارة من أجل تقليص الإفرازات الغازية المحملة بثاني أكسيد الكبريت وأكسيد الآزوت(1) .
وقد تضمن قانون المالية لسنة 1992 إحداث صندوق الوطني للبيئة في مادته 189 التي تفيد أن موارد الصندوق تشمل الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة بالإضافة إلى حاصل الغرامات الناتجة عن المخالفات للتنظيم المتعلق بالبيئة وكذا التعويضات عن النفقات الخاصة بمكافحة التلوث المفاجئ الناتج عن تدفق المواد الكيميائية الخطيرة في البحر ومجالات الري والمياه الجوفية (2).
وبالرجوع إلى نص المادة 117 من نفس القانون نجد أن المشرع حدد هذا الرسم القاعدي بالنسبة للمنشآت المصنفة الخاضعة لإجراء التصريح بحوالي 3000 دج أما بالنسبة للمنشآت المصنفة الخاضعة لإجراء الترخيص بحوالي 30 ألف دج ،أما المنشآت التي لا تشغل أكثر من شخصين فقد خفض الرسم القاعدي إلى 750 دج .
و العبرة من وضع هذه الرسوم هي الموازنة بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة التي تقتضي الحفاظ على السلامة والصحة العامة ومحاربة كل أشكال التلويث وقد أخد هذا الرسم من مبدأ الملوث الدافع " pollueur payeur " وهو مبدأ اقتصادي principe économique لأن ضبط قيمة هذا الرسم تسمح بوضع سياسة مالية لمكافحة التلويث وتقليل من أثاره وعليه فله فعالية قد تنتهي إلى ظهور سوق التلويث marché de la pollution(3).
وخلاصة القول فإن الحماية الإدارية لديها وظيفة أساسية في مراقبة التوازن البيئي وقد سمح لها المشرع التدخل بمجرد دق ناقوس الخطر الداهم قبل وقوعه وذلك بتوجيهه الإنذار من طرف المصالح المؤهلة للمستغل أو بعد حدوث الخطر بتوقيفه عن طريق سحب الرخصة أو توقيف المنشأة كليا أو جزئيا .

1- حميدة جميلة ،المرجع السابق ،ص 154 .
2- المادة 189 من قانون المالية 91/25 لسنة 1992 .
3-Sousse marcel op.cit P 395
المبحث الثاني
الجزاء الـمدني
لقد سبق القول أن تطور الحياة الاقتصادية والعلمية الناجمة عن توسيع استخدام الآلات والمواد المضرة قد شكل عائقا كبيرا أمام تفاقم الأزمة البيئية التي يعيشها الإنسان حاليا مما دعى بالمشرع في كل الدول أن يتدخل محاولا منه إيجاد صيغة قانونية لإعادة هذا التوازن البيئي بدءا من استعماله لآلية الحماية الإدارية ،لكن لم يكتفي بهذا فقط بل أدخل نوعا جديدا من الحماية المدنية هذه الأخيرة تأخذ طابعا خاصا عن المفهوم التقليدي للمسؤولية المدنية في القانون المدني، لذا يجب أولا تحديد عناصر الضرر البيئي لتحديد المسؤولية ومن تم تحديد نوع التعويض المنجر عنه.
المطلب الأول
خصائص الضرر البيئي
ذهب العديد من الفقهاء الفرنسيين أن الضرر البيئي له صفات خصوصية تجعله يختلف عن تعويض الأضرار التي تنطبق عليها القواعد العامة للمسؤولية المدنية(1) .
وبالرجوع إلى قواعد المسؤولية المدنية في التشريع الجزائري ،فخصائص الضرر قد يكون مباشرا أو غير مباشرا ،متوقعا أو غير متوقعا وقد نصت المادة 124 من القانون المدني الجزائري على " كل عمل أيا كان ،يرتكبه المرء ( بخطئه) ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"(2) .
والسؤال المطروح : هل تجد هذه المادة تطبيقاتها على الأضرار التي تصيب البيئة ؟ يرى الأستاذ Goulloud Renald أن للضرر البيئي أهم خاصية فيه هو مساسه بالمحيط الطبيعي بطريق غير مباشر وجماعي مما يطرح إشكالية وضع مقاييس التعويض عنه،كما أن القواعد العامة للتعويض في حالة القيام المسؤولية المدنية تحتوي على أحكام قليلة مقارنة بطبيعة هذا الضرر(3).
وتتمثل خصائص هذا الضرر كونه غير شخصي من جهة وضرر غير مباشر من جهة أخـرى
بالإضافة إلى أنه ضرر من طبيعة خاصة.

1- المسؤولية المدنية الناجمة عن أضرار التلوث الصناعي في القانون الجزائري ،وعلي جمال ،رسالة الماجستير ، جامعة تلمسان 2002-2003 .
2- المادة 124 من القانون المدني .
3-Sousse marcel.OpCit.
الفرع الأول
الضرر البيئي ضرر غيرشخصي
ويقصد بذلك أن الضرر يتعلق بالمساس بشيء لا يملكه شخص معين وإنما مستعمل من قبل الجميع دون استثناء ، إذ نجد أن أغلب التشريعات تعطي للجمعيات البيئية حق التمثيل القانوني للحد من الاعتداءات البيئية وهذا ما انتهجه المشرع الجزائر في الترسانة القانونية البيئية نذكر منها المواد 35-36-37- من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة فأتى نص المادة 36 بما يلي : " دون الإخلال بالأحكام القانونية السارية المفعول يمكن للجمعيات المنصوص عليها في المادة 35 أعلاه رفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئية ،حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المتسببين لها بانتظام"(1).
وهذا ما يؤكد أن الضرر الذي يمس البيئة ضرر غير شخصي لذا تماشى المشرع الجزائري مع فكرة إعطاء الجمعيات حق التمثيل القانوني والقضائي ضد المتسبب في ذلك ،كما نصت المادة 08 من القانون السالف الذكر على أنه يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي وبحوزته معلومات حول حالة مؤثرة على التوازن البيئي ومؤثرة على الصحة العمومية تبليغها إلى السلطات المحلية و /أو السلطة المكلفة بالبيئة لأن الضرر هنا لا يمس مصلحة الفرد كفرد وإنما يمس المصلحة الوطنية ككل.