منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-31, 12:50   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
الضرر البيئي ضرر غير مباشر
يحل هذا النوع من الضرر بالوسط الطبيعي، وكثيرا ما لا يمكن إصلاحه عن طريق إعادة الحالة إلى أصلها كما هو معمول به أصلا في قواعد المسؤولية المدنية أوما يعرف بالتعويض العيني ومن الأمثلة الشهيرة في مجال اعتبار الضرر البيئي غير مباشر مجال الموارد المائية إذ غالبا عندما تمس بشكل من أشكال الثلوت الصناعي يصعب تقنيا إعادة الحالة إلى أصلها.



ــــــــــــــــــ
1- المادة 36 من القانون 03/10 .

الفرع الثالث
الضرر البيئي ذوطبيعة خاصة
إن الضرر البيئي له طبيعة خاصة لأنه لايمس الإنسان فقط في حد ذاته وإنما هذا الأخير جزء من الوسط الذي يعيش فيه وكثيرا ما يتعداه ليمس الثروة الحيوانية ، النباتية وممتلكات ثقافية سواء مادية منقولة أو عقارية بحكم طبيعتها.
وهذا مانصت عليه المادة 29 من قانون 03/10 " تعتبر مجالات محمية وفق هذا القانون ، المناطق الخاضعة إلى الأنظمة الخاصة لحماية المواقع والأرض والنبات والحيوان والأنظمة البيئية وبصفة عامة كل المتعلقة بحماية البيئة " (1).
المطلب الثاني
أنواع التعويض عن الضرر البيئي
إذا كان أساس التعويض عن الضرر البيئي مقتبس من المواثيق الدولية التي تعطي للأشخاص حق التمتع والعيش في بيئة سليمة إلا أن المساس بها يجعل التعويض قائما ضد مرتكبي المخالفة ،فأساس التعويض هنا لا يقوم على الخطأ بالمفهوم التقليدي لقواعد المسؤولية المدنية وإنما يرتكز على الضرر في حد ذاته وتغطيته، وهذا ما يعرف بمبدأ الملوث الدافع المنصوص عليه في الباب الأول تحت عنوان الأحكام العامة 03/10 الذي عرفه بما يلي : هو المبدأ الذي يتحمل بمقتضاه كل شخص يسبب نشاطه أو يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة ، نفقات كل تدابير الوقاية من الثلوت والتقليص منه وإعادة الأماكن وبيئتها إلى حالتها الأصلية .
وفي هذا المجال نجد أن الجزائر انضمت إلى اتفاقية برشلونة الخاصة بحماية البحر الأبيض المتوسط من الثلوت المبرمة في 16 فبراير 1976 .(2)


1- المادة 29 من القانون 03/10 .
2- المرسوم رقم 81/02 المؤرخ في 17 يناير 1981 ، المتضمن المصادقة على البروتوكول الخاص بحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث الناشئ عن رمي النفايات من السفن و الطائرات و الموقع في برشلونة يوم 16/02/1976 .
- أنظر كذلك المرسوم 81/03 المؤرخ في 17 يناير 1981 المتضمن المصادقة على البروتوكول الخاص بالتعاون على مكافحة تلوث البحر الأبيض المتوسط بالنفط و المواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة و الموقع في برشلونة يوم 16/02/1976 .

وكذلك اتفاقيات بروكسل الخاصة بالمسؤولية المدنية في حالة التلوث البحري و الأضرار الناجمة عن التلوث بالمحروقات (1) .
لذا يمكن لنا أن نصنف هذه الأنواع إلى :
الفرع الأول
التعويض العيــني
وهو التعويض الذي يطالب به الضحايا غالبا و ذلك استنادا لنص المادة 691 من القانون المدني التي تنص على إعادة الحالة إلى أصلها كما يجوز طلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف و على القاضي أن يراعي في ذلك العرف و طبيعة العقارات و يكون إعادة الحالة إلى أصلها عن طــريق غلق المنشأة الملوثة أو إعادة تنظيمها لكي تتماشى مع القوانين البيئية وفي حالة تعسف صاحب الحق يمكن للقاضي إرغامه عن طريق الغرامة التهديدية . .
ومما تقدم نخلص أن القاضي المدني يملك سلطة واسعة تمكنه من الأمر بإصلاح لأضرار الناجمة عن الأنشطة الصناعية الملوثة .
الفرع الثاني
التعويض النقدي
ما يلاحظ في نص المادة 691 من القانون المدني أنها و لو سمحت بإزالة الأضرار و إعادة الحالة إلى أصلها إلا أنها لم تنص على حق الجار المتضرر في المطالبة بالتعويض النقدي ،فقد يصاب الجار من فعل المنشأة بأضرار جسمانية مثلما حدث في المنشأة الصناعية الخاصة بالإسمنت بعنابة إذ أصيب عدد من المواطنين بمرض الربو ، فهذا المرض يستلزم اتخاذ تدابير علاجية تضطر بالمصاب دفع مبالغ باهظة للعلاج أو تؤدي هذه الغازات السامة إلى الإضرار بالمحاصيل الزراعية لذا فإن الحل الأمثل هو التعويض النقدي لأنه في مثل هذه الحالات يستحيل إعادة الحالة إلى أصلها


ـــــــــــــــ
1- أنظر الأمر 72/17 المتعلق بمصادقة الجزائر على الاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية الناجمة عن التلوث البترولي ،المنعقدة في بروكسل ج رع: 53 لـ 04/08/1972 .

ويعتبر التعويض النقدي القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لذلك يشمل التعويض عن الضرر المادي و المعنوي و يتغير مبلغ التعويض بحسب طبيعة الضرر لذا فإن للقاضي سلطة واسعة في تقدير هذا التعويض ، و من الطرق التي يلجأ إليها القاضي، إما التقدير الوحدوي أي تقدير ثمن كل عنصر و ذلك بالاستعانة بجداول رسمية و هو النظام المعتمد في الولايات المتحدة الأمريكي وإما التقدير الجزافي و هو التقدير العام المعتمد عادة هنا في الجزائر ويرتكز القاضي فيه على تقرير الخبرة الذي يحدد العجز الجزئي الدائم و العجز المؤقت .
وعادة ما يكون التعويض جزء من المسؤولية الجنائية إذ يمكن للمتضررين أن يتأسسوا كأطـراف
مدنية بالتبعية للدعوى العمومية و في هذا السياق نصت المادة 157 مكرر 1 من الأمر 96/13 المعدل و المتمم للقانون رقم 83/17 المتضمن قانون المياه ، على: " ...و في هذا الشأن يمكن أن تـتأسس كطرف مدني أمام الجهات القضائية المختصة التي رفعت أمامها المتابعات إثر المخالفة المرتكبة ".













المبحث الثالث
الجزاء الجنــائي
لم يكتف المشرع الجزائري بالحماية المقررة بموجب أحكام القانون الإداري،و لا تلك الحماية المنصوص عليها في أحكام القانون المدني بل ذهب إلى أبعد من ذلك و أقر الحماية الجنائية للبيئة من خلال وضع جزاءات جنائية تطبق في حالة مخالفة القواعد القانونية المنصوص عنها في مختلف النصوص المتعلقة بحماية البيئة .
فلمواجهة المشاكل المرتبطة بالبيئة يقتضي تنفيذ القوانين المتعلقة بها ،و ذلك من خلال وضع قواعد جنائية تقوم عليها حماية البيئة ، أي تحديد القواعد التي لابد من احترامها لأجل حماية البيئة من جهة، و من جهة أخرى المعاقبة على مخالفتها(1).
فإذا كان الاعتداء على البيئة سواء بالإيجاب أو السلب يشكل جريمة فذلك كونه يهدد سلام المجتمع و أمنه و سكينته لذلك رتب القانون على هذا الاعتداء عقوبة و حتى و إن كان هذا الأخير ينصب هنا على البيئة و ليس على الفرد مباشرة .
لذلك هناك جانب من الفقه عرف الجريمة البيئية بأنها: " خرق لالتزام قانوني لحماية البيئة "(2) فهي بذلك تشكل اعتداء غير مشروع على البيئة بالمخالفة للقواعد النظامية التي تحظر ذلك الاعتداء وبيان العقوبات المقررة لها .
إن المشرع الجزائري من خلال النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة اعتمد على القواعد المنصوص عنها في قانون العقوبات و هكذا وصفت الأفعال المجرمة بالمخالفات أو الجنح و في بعض الأحيان بالجنايات و هو نفس التقسيم المعتمد في التشريعات المقارنة ، أما بالنسبة للعقوبات المقررة فإنها أتت هي الأخرى متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات الجزائري من جزاءات .
و هكذا أقرت جل النصوص العقابية في مجال حماية البيئة عقوبتي الحبس أو الغرامة أو الحبس والغرامة معا أو السجن مع بعض التدابير الاحترازية.

1- الغوثي بن ملحة ،حماية البيئة في التشريع الجزائري ، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية ،العدد (3) لسنة 1994، ص 722.
2- أحمد عبد الكريم سلامة ، قانون حماية البيئة ، دراسة تأصيلية في الأنظمة الوطنية و الاتفاقية ، مطابع جامعة الملك سعود ،السعودية ،طبعة 1997 ،ص 21 .
و هو كما يرى البعض مسلك تقليدي كون أن المشرع الجزائري لم يتبع سياسة جنائية حديثة في مجال تجريم الاعتداءات على المكونات البيئية بالرغم من أن الفرصة كانت متاحة لوضع جزاءات بديلة تتماشى و السياسة الجنائية الحديثة .
و كونه يتعارض مع الخصوصية التي تتميز بها البيئة و التي تعد ضحية من نوع خاص و هذا نتيجة كون الضرر البيئي يظهر بفترة متباعدة عن تاريخ ارتكاب الجريمة مما يصعب مسالة تحديد الشخص المسؤول عن ذلك .(1)
المطلب الأول
تقسيم الجرائم الماسة بالبيئة
المشرع الجزائري فيما يخص الجزاء الجنائي اعتمد على القواعد المنصوص عنها في قانون العقوبات من جهة و على القواعد المنصوص عليها في التشريعات البيئية من جهة أخرى ، و هذه الجزاءات لها أهمية مقارنة بتلك المنصوص عنها في قانون العقوبات و التي تكمن في تجسيدها الفعلي لمبدأ المحافظة على حقوق الإنسان لاسيما حق العيش في بيئة سليمة تخلو من كافة صور التلوث والأمراض المختلفة ، و هو في نفس الوقت يعد حقا دستوريا نصت عليه مختلف دسـاتير دول العالم (2) .
فحسب قانون البيئة (3) كرس المشرع حماية جنائية لكل مجال طبيعي ، فمنع الاعتداء أوالمساس بالتنوع البيولوجي ، و البيئة الهوائية و المائية و كذلك البيئة الأرضية و المحميات إلى جانب المساحات الغابية (4) و ذلك من خلال نصوص تشريعية متنوعة تضمنت أحكاما جزائية تطبق بشأن المخالفين لها، مع عدم خروجها عن المسلك المتبع ضمن قانون العقوبات في مادته 25 التي تقسم الجرائم إلى ثلاثة أنواع: جنايات ،جنح و مخالفات .



1- عبـد اللاوي جواد ، الحماية الجنائية للبيئة ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،كلية الحقوق جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،2004-2005 ، ص 8 .
2 - الدستور الجزائري ساير كلا من الدستورين الفرنسي و المصري في عدم النص صراحة على ذلك .
3- القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة .
4- القانون رقم 84/12 المتعلق بالنظام العام للغابات ،المعدل بالقانون 91/05 .
الفرع الأول
الجنــايـــات
يعد قانون العقوبات القانون الأساسي للسياسة الجزائية في التشريع الجزائري و نجد فيه مجموعة من النصوص الخاصة المصنفة في القسم الأول و هي الجنايات ، في حين هذا النوع من الجرائم لم يذكره المشرع الجزائري في القانون الأساسي لحماية البيئة (1) .
في حين نجد بعض النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة تجرم بعض الأفعال و تصنفها ضمن الجنايات فعلى سبيل المثال بالنسبة للقانون المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها (2) ، و القانون المتعلق بالصحة (3) ،و القانون البحري (4) ، وهذه الجريمة كما ذكرنا سابقا نجد بعض تطبيقاتها في نصوص قانون العقوبات الجزائري ، فالمشرع أقر بحماية البيئة جنائيا من الإعتداءات الناجمة عن أعمال إرهابية ، و ذلك من خلال نص المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي جرمت الإعتداء على المحيط و ذلك بإدخال مواد سامة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها في مياه من شأنها أن تجعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر فهي أعمال تستهدف المجال البيئي ، كذلك القانون رقم 83/17 المعدل بالأمر 96/13 المادة 149منه تعاقب كل من أتلف عمدا منشآت المياه طبقا لأحكام المادة 406 من قانون العقوبات .
و الجرائم ضد البيئة التي تأخذ وصف الجنايات تتحقق بتوافر الأركان الثلاث التقليدية لأية جريمة الركن الشرعي ، الركن المادي ثم أخيرا الركن المعنوي ، إلا أن الطبيعة الخاصة للبيئة محل الحماية تجعل من هذه الأركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه الجريمة .


1- القانون رقم 03/10 .
2-المادة 66 من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها التي تعاقب ... بالسجن من (5) الى (8)سنوات و غرامة مالية من 1 مليون دينار الي 5 ملايين دينار أو بإحداهما .
3-المادة 248 من القانون رقم 85/05 المتعلق بالصحة ،المؤرخ في 16/02/1985 التي تعاقب بالإعدام إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها بالمادتين 243،244 مخلا بالصحة المعنوية للشعب الجزائري .
4- المادة 500 من الامر 76/80 المؤرخ في 23/10/1976 ،المعدلة و المتممة بالمادة 42 من القانون رقم 98/05 المؤرخ في 25 يونيو 1998 ، ج رع: 47 ، التى تعاقب بالاعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الجزائري .
أولا: الركن الشرعي :
فإذا كان الركن الشرعي في الجريمة البيئية الموصوفة جناية لا يطرح أي إشكال بالنظر إلى أن جل النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة تعاقب على مخالفة أحكامها بالحبس و الغرامة أو بإحداهما فقط فتعد بذلك جنح أو مخالفات ،بينما الجرائم الموصوفة جنايات تكاد تنعدم فجميع الأحكام الجزائية التي تضمنها القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة تعد جنح أو مخالفات كما أشرنا إليه سابقا كذلك جل النصوص المتعلقة بالبيئة باستثناء بعض المواد المتفرقة التي نص عليها قانون العقوبات.
كالمادة 87 مكرر و المادتين 396 فقرة 3 /4 و 401 المتعلقتين بجناية الحريق العمدي للغابات والحقول المزروعة و قطع الأشجار و بعض المواد الأخرى التي سبق الإشارة إليها كالمادة (42) من القانون رقم 98/05 المتضمن القانون البحري والمادة (66) من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها و كذلك المادة (149) من قانون المياه (1) .
ثانيا : الركن المادي :
يعد الركن المادي لأي جريمة بمثابة عمودها الفقري الذي لا تتحقق إلا به بحيث يشكل مظهرها الخارجي ، و لتوفر الركن المادي يشترط ثلاث عناصر و هي :
1- الفعل الإجرامي و يتمثل في قيام الشخص بكل إرادته و دون أي إكراه بفعل سلوك إيجابي محضور قانونا بغرض إتلاف الموارد البيئية .
2- الضرر الناجم عن السلوك و المتمثل في إتلاف الموارد البيئية أو هلاك الأموال أو تدميرها .
3- العلاقة السببية التي تربط بين الفعل الإجرامي و النتيجة .
ثالثا:الركن المعنوي :
و هو القصد الجنائي العمدي ، أي اتجاه نية الشخص إلى الإضرار بهذه الموارد و الممتلكات و تعريض صحة الإنسان أو الحيوان للخطر .



1- وهو القانون رقم 83/17 المؤرخ في 16 يوليو 1983 ،المعدل بالأمر 96/13 المؤرخ في 15 يونيو 1996.

الفرع الثاني
الجنـــح
جل النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة تعاقب على مخالفة أحكامها بالحبس أو الغرامة أوبإحداهما فقط ، فتعد بذلك جنح أو مخالفات ، فمن خلال قراءة نصوص القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة (1) ، و القوانين الأخرى التي لها علاقة بحماية البيئة (2) .
فالجريمة البيئية تتحقق بتوفر أركانها الثلاث، الركن الشرعي، الركن المادي ، الركن المعنوي ، إلا أن الطبيعة الخاصة للبيئة محل الحماية تجعل من هذه الأركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه الجريمة .
أولا: الركن الشرعي:
الركن الشرعي في الجريمة البيئية الموصوفة جنحة يخلق بعض الصعوبات نتيجة كثرة التشريعات من جهة و من جهة أخرى الطابع التقني الغالب على القانون البيئي في حد ذاته ، فهذا الثراء التشريعي نلمسه على المستوى الداخلي و نجده مجسدا كذلك على الصعيد الدولي من خلال العدد الهائل للاتفاقيات و المعاهدات الدولية المكرسة لحماية البيئة ، إلا أن له من جهة أخرى جانب إيجابي كونه يغطي جميع مجالات البيئة و يشملها بالحماية، وعلى هذا يكون المشرع قد جرم الاعتداء أوالمساس بالتنوع البيولوجي و البيئة الهوائية و المائية و كذلك البيئة الأرضية على النحو التالى :

1- القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة ، المواد من ( 81 إلى 110 ).
2- أنظر القانون رقم 83/17 المعدل بالأمر 96/13 المتضمن قانون المياه ، المواد من ( 151 إلى 154 ).
- و القانون رقم 84/12 المعدل بالقانون 91/20 المتضمن النظام العام للغابات ،المواد من (71 إلى 87 ).
- و القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها ،المواد من ( 55 إلى 63) .
- و القانون 01/10 المتعلق بالمناجم ، المواد من ( 179 إلى 191 و 211 ).
- و القانون رقم 01/11 المتعلق بالصيد البحري ، المواد : 82/1 ،89، 90 منه .
- والقانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه ، المواد من ( 39 إلى 43 ).
- و القانون 98/04 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، المواد من ( 93 إلى 104 ).
- و القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال و الاستغلال السياحي ، المواد من ( 47 الى 53 ).
- و القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية ، المواد من( 43 الى 49 ) .
- و القانون 01/13 المتظمن توجيه النقل البري و تنظيمه .
- و القانون 04/07 المتعلق بالصيد ، المواد من (85 الى 99 ).
1- حماية التنوع البيولوجي :
و ذلك للحفاظ على التوازن البيئي سواء كان ذلك بخصوص الثروة الحيوانية أو النباتية و حتى الغابية و الثروة البحرية .
- فلأجل الحفاظ على الثروة الغابية جرم المشرع كل مساس بهذه الثروة سواء كان ذلك عن طريق الرعي في الأملاك الغابية و البناء داخل الغابات وبالقرب منها وكذا استغلال هذه الثروة بشكل غير منظم وكذا حرقها(1).
- وفي مجال الثروة النباتية منع إتلاف النباتات المحمية وتخريب الأوساط التي توجد بـها. والرعي والحرث العشوائيين(2) .
- وبخصوص الثروة الحيوانية نضم الصيد البري والبحري فمنع الصيد العشوائي والمعاملة السيئة للحيوان إلى جانب استعمال وسائل صيد غير مرخص بها(3).
2-حماية البيئة الأرضية والهوائية والمائية :
ففي هذا المجال جرم المشرع كل اعتداء على الثروات السطحية والباطنية للأرض وذلك من خلال حماية الساحل وحماية الوسط المائي العذب والبحار(4).
3-حماية البيئة الثقافية:
فالحماية كذلك تشمل البيئة الثقافية كالآثار التاريخية ثم امتدت لتشمل كذلك النهج المعماري داخل المدن (5)
4-حماية البيئة من المضار الأخرى :
كحمايتها من النشاطات الملوثة وذلك عن طريق وضع مواصفات تقنية محددة .




1-المواد 26،27، 45 من قانون الغابات .
2-المادة 40/2 من قانون حماية البيئة .
3-المادة 40/1 من قانون حماية البيئة و المادتين 94 و 102 من قانون الصيد البحري.
4-المادتين 94 و 102 من قانون المناجم و القانون المتعلق بحماية الساحل و قانون المياه .
5- القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي و القانون رقم 02/08 المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها .
ثانيا- الركن المادي :
يعد أهم أركان الجريمة البيئية ،فالنصوص البيئية التنظيمية تجعل من مجرد الامتناع عن تنفيذ أحكامها جريمة قائمة في حد ذاتها.
1-الجرائم البيئية الشكلية:
ويتمثل السلوك الإجرامي في هذا النوع ،من الجرائم في "عدم احترام الالتزامات الإدارية أوالمدنية أو الأحكام التقنية والتنظيمية كغياب الترخيص ،أو القيام بنشاط غير موافق للأنظمة" وهذا بغض النظر عن حدوث ضرر بيئي ومن أمثلتها عدم احترام الشروط اللازمة لنقل البضائع والمواد الحساسة ¬(1) فهذا النوع من التجريم يسمح بحماية البيئة قبل حدوث الضرر.
2-الجرائم البيئية بالامتناع:
فهي تقع نتيجة سلوك سلبي من الجانح
3-الجرائم البيئية بالنتيجة:
فهذه الجرائم لا تقع إلا من خلال إعتداء مادي على إحدى المجالات البيئية سواء كان ذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة ومن أمثلتها جرائم الإعتداء المادي على الثروة الحيوانية والثروة البحرية.
فإلى جانب السلوك الإجرامي لابد من توافر علاقة سببية بين فعل الجانح والضرر البيئي (النتيجة) لمتابعة الجانح عن أفعاله.
ثالثا:الركن المعنوي:
أغلب النصوص البيئية لا نجدها تشير إلى الركن المعنوي مما يجعل أغلب الجرائم البيئية جرائم مادية تستخلص المحاكم الركن المعنوي فيها من السلوك المادي نفسه،وتكتفي النيابة العامة بإثبات الركن الشرعي والمادي للجريمة لينجم عن ذلك قيام مسؤولية المتهم ،فلقد تم تمديد قاعدة عدم ضرورة إثبات وجود الخطأ الجنائي من مادة المخالفات والتي تعد كثيرة في المجال البيئي فلا نجد في النصوص البيئية ما يشير إلى ضرورة توفر قصد ارتكاب هذه الجرائم(2).


1-المادتين 04 و 05 من المرسوم التشريعي رقم 94/16 المتعلق بشروط ممارسة أعمال حراسة الاموال و المواد الحساسة و نقلها
2- عبد اللاوي جواد ، مرجع سابق ، ص 34 .

الفرع الثالث
المخالفــــات
تعد المخالفات كثيرة في المجال البيئي فلقد وردت هذه الجرائم في العديد من النصوص القانونية الخاصة بحماية البيئة ،بل أغلب الجزاءات المقررة لمخالفة أحكام هذه النصوص تعد جنح ومخالفات(1).
والمخالفة في الجرائم البيئية تتحقق بتوفر أركانها.
أولا: الركن الشرعي:
فالمشرع الجزائري وضع نصوص لحماية البيئة وأقر جزاءات على مخالفة أحكامها ،فشمل جميع المجالات البيئية بالحماية (2) ،وما قيل عن الجنح يقال كذلك عن المخالفات ،فمن خلال هذه النصوص منع الاعتداء أو المساس بالتنوع البيولوجي والبيئة الهوائية والمائية وكذلك الأرضية وحتى الثقافية .
ثانيا : الركن المادي:
الذي قد يكون في شكل سلبي كحالة امتناع شخص عن تقديم مساهمته في حالة حرائق الغابات أوامتناعه عن تطبيق الأحكام الواردة في قانون حماية البيئة أو النصوص المتعلقة به (3) أو قد يكون السلوك في صورة عمل إيجابي ،كذلك في حالة سوء التصرف أو الرعونة أو الغفلة أو الإخلال بالقوانين والأنظمة التي تحكم المجال البيئي (4).
ويتحقق هذا النوع من الجرائم بوجود سلوك إجرامي لفعل يحضره القانون و وجود العلاقة السببية بين الفعل المجرم والنتيجة التي تتحقق.
ثالثا: الركن المعنوي:
فالقانون الجنائي البيئي نتيجة كونه يتشكل من جنح ومخالفات تنجم عن مجرد خرق التنظيمات واللوائح البيئية في الغالب فإننا في كثير من الأحيان نكون أم جريمة بيئية غير عمدية

1- فعلى سبيل المثال نجد أن كل الجزاءات المقررة في القانون رقم 84/12 المتضمن النظام العام للغابات تعد مخالفات ، انظر ا المواد من ( 72 إلى 87 ) منه .
2- أنظر النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة المشار إليها سابقا .
3- على سبيل المثال المادة 75 من القانون المتعلق بالغابات.
مما يؤكد لنا مدى ضعف الركن المعنوي في هذه الجريمة، إلى جانب ذلك فإن النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة لا تكاد تنص على هذا الركن بخلاف قانون العقوبات(1).
المطلب الثاني
العقوبات المقررة للجرائم الماسة بالبيئة وتدابير الأمن المتخذة للوقاية منها
العقوبات المقررة لمواجهة الجريمة المرتكبة في حق البيئة جاءت متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات ،وهكذا أقرت النصوص العقابية في مجال حماية البيئة عقوبات كجزاء للجرائم المرتكبة وهذه العقوبات قد تكون أصلية أو تبعية أو تكميلية أو هما معا ،إلى جانب العقوبات تضمنت قوانين حماية البيئة بعض التدابير الاحترازية أو تدابير الأمن ذات الهدف الوقائي (2).
الفرع الأول
العقوبات المقررة لقمع الجرائم الماسة بالبيئة
العقوبة الجزائية تتخذ شكل جزاء يوقع على النفس أو الحرية أو المال وهي عبارة عن " رد فعل اجتماعي على انتهاك قاعدة قانونية جنائية ينص عليها القانون ،ويأمر بها القضاء وتطبقها السلطات العامة ،وتتمثل في تقييد محيط الحقوق الشخصية للمحكوم عليه"(3).
والعقوبة قد تكون أصلية أو تبعية كما قد تكون تكميلية :
أولا : العقوبات الأصلية :
وهي أربعة أنواع نص عليها المشرع الجزائري :الإعدام ،السجن ،الحبس والغرامة وتعكس لنا هذه العقوبات خطورة الجانح ونوع الجريمة المرتكبة ،جناية أو جنحة أو مخالفة .




1- على سبيل المثال المادة 75 من قانون الغابات التي تعاقب على استغلال المنتجات الغابية أو نقلها بدون رخصة بالحبس من 10 ايام الى 2 شهرين ،و كذلك المادة 76 من نفس القانون التى تعاقب على استخراج او رفع بدون رخصة للأحجار او الرمال ...فى الأملاك الغابية لأغراض الاستغلال بدون رخصة ...
2- المادة 04 من قانون العقوبات تنص على انه ( يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات و تكون الوقاية منها باتخاذ تدابير امن .
3- عبد الله سليمان،النظرية العامة للتدابير الاحترازية ،دراسة مقارنة،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،طبعة 1990،ص63.
1- عقوبة الإعدام :
رغم الجدل الكبير الدائر حول هذه العقوبة فإننا يمكننا القول بأنها تعكس خطورة الأفعال المرتكبة بحيث لا يرجى إعادة تأهيل الشخص المقترف لها.
المشرع الجزائري لا يزال يحتفظ بهذه العقوبة لمواجهة بعض الجرائم الخطيرة ،فنص عليها في القانون البحري حيث يعاقب بالإعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الوطنى(1).
كذلك نص عليها المشرع الجزائري في قانون العقوبات حيث تعاقب المادة 87 مكرر 1 منه بالإعدام كل فعل إرهابي أو تخريبي غرضه الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها في المياه بما فيها الإقليمية والتي من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر .
ونص عليها كذلك في المادة 151 من قانون المياه(2) ،في حالة تلويث المياه والتي تنجم عنها وفاة وكذلك المادة 248 من قانون الصحة (3)،و المادة 403 من قانون العقوبات (4) . ¬
1-عقوبة السجن :
هي تلك العقوبة المقيدة للحرية وتأخذ صورتان، سجن مؤبد وسجن مؤقت.
ومن النصوص التي أشار فيها المشرع لعقوبة السجن المؤقت ما تضمنه قانون العقوبات في المواد 432/2 ،396/3و4 ،فالمادة الأولى تعاقب الجناة الذين يعرضون أو يضعون للبيع أويبيعون مواد غذائية أو طبية فاسدة بالسجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة إذا تسببت تلك المادة في مرض غير قابل للشفاء أو في فقد استعمال عضو أو في عاهة مستديمة .

1- المادة 500 من الآمر 76/80 المعدلة بالمادة 42من القانون رقم 98/05 المتضمن القانون البحري .
2- المادة 151 من قانون المياه أحالت على المادة 432 من قانون العقوبات ،هذه الأخيرة تعاقب في فقرتها الثالثة الجاني بالإعدام إذا تسببت تلك المادة في موت شخص أو عدة أشخاص .
3- تعاقب المادة 248 من قانون الصحة بالإعدام ،إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادتين 243 و244 مخلا بالصحة المعنوية للشعب الجزائري .
4- تعاقب المادة 403 من قانون العقوبات بالإعدام إذا نتجت وفاة لشخص أو أكثر من ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 401 منه .
والمادة الثانية فهي تعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل من وضع النار عمدا في غابات أو حقول مزروعة أو أشجار أو أخشاب...الخ.
ونص كذلك المشرع على عقوبة السجن في المادة 66 من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها (1).