منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مجموعة من البحوث الاقتصادية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-19, 11:55   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عثمان 223
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عثمان 223
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse بحث المديونية الخارجية

خطة البحث

مقدمة.
أسباب تطور أزمة الديون الخارجية.
1. الأسباب الداخلية.
1-1- العجز في الموازين العامة.
1-2- العجز في ميزان المدفوعات.
2. الأسباب الخارجية.
2-1- الكساد وتدهور شروط التبادل الدولي.
2-2- سياسات الإقراض الدولية وإرتفاع أسعار الفوائد.

الخاتمة.
مقدمة:
لا زالت أزمة الديون الخارجية للدول النامية تمثل إحدى التحديات العامة والرئيسة التي تواجه الدول الدائنة والمدينة على السواء، ومع تزايد الديون الخارجية وجد عدد كبير من الدول النامية بشكل عام، والعربية بشكل خاص صعوبة في الاستمرار في خدمة ديونها حيث انه في بعض الأحيان تتجاوز التزاماتها قدرتها على السداد، لقد قفزت ديون الدول النامية الخارجية من 68.6 مليار دولار عام1970 إلى اكثر من 71.9 مليار دولار عام 1981 ومن ثم إلى 1279 مليار دولار عام 1979 .
كما ارتفعت خدمة ديونها من 9.3 مليار دولار عام 1970 إلى 127 مليار دولار عام 1981 ومن ثم إلى 182.7 مليار دولار عام 1986 (1)
أدى ارتفاع خدمة الديون إلى استنزاف حصيلة الدول النامية من النقد الأجنبي مما الحق الضرر بشكل رئيس ببرنامج هذه الدول التنموية كما أدت الزيادة في الديون الخارجية للدول النامية إلى ارتفاع نسبة الديون على الناتج المحلي الإجمالي حيث وصلت إلى 38.40 % عام 1987 مقارنة مع 10.8% عام 1970 (2)
من المؤكد أن ارتفاع هذه النسبة يعبر عن مدة تزايد اعتماد الدول النامية على التمويل الخارجي في علاج مشاكلها الاقتصادية من جانب، يلزمها بضرورة تحويل بصورة منتظمة أجزاء كبير من ناتجها القومي للدول الدائنة من جانب آخر وذلك وفاءا لاتزاماتها الخارجية.
ولقد ساهمت أسباب كثيرة في إيجاد هذه المشكلة واستمرارها، بعضها محلية تتعلق بالدول المدينة وبعضها خارجية تتمثل في الاختلال الحاصل في هيكل الاقتصاد الرأسمالي العالمي.
أسباب تطور أزمة الديون الخارجية.
تختلف اتجاهات تحديد طبيعة هذه الأزمة والأسباب التي أدت إلى ظهورها، ويتمحور الاختلاف حول إذا كانت الأزمة تعود إلى سياسات اقتصادية ترتبط بالدول المدينة أو عوامل ترتبط بالبيئة الخارجية، فهناك اتجاه يمثله صندوق النقد الدولي و البنك الدولي يرى أن أزمة الديون الخارجية للدول النامية تنبع من وجود خلل (فائض) في الطلب الكلي، نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة مما يعكس وجود اختلال داخلي وخارجي في مثل هذه الدول، وفي مثل هذه الحالة ترى هذه المؤسسات الدولية أن الإقراض الخارجي لن يحل هذه الأزمة حيث المطلوب هو القضاء على الإختلالات المزمنة في مثل هذه الاقتصاديات النامية، وهناك اتجاه أخر يرى أن الأزمة قد ظهرن إلى الوجود بسبب عوامل خارجية مثل نقص السيولة والتي تختلف بحد ذاتها عن الإفلاس(1)، وقد تأثر بهذا الاتجاه كثيرين(2)، اتجهوا إلى البحث عن تأثير العوامل الخارجية على ديون الدول النامية (3)، وقد توصل احد الاقتصاديين الامريكين – كلاين - إلى نتيجة مفادها أن طبيعة أزمة الديون الخارجية هي أزمة سيولة مؤقتة، وليست مشكلة إفلاس دائم للدول النامية المدينة الحالية كما يرى اتجاه أخر أن الأزمة هي أزمة إفلاس للمدينين، خاصة وان حجم الديون الخارجية اصبح يفوق القدرة الحالية والمستقبلية للدول المدينة، مما يعني انه من الأفضل بيع أصول المدينين وتوزيعها على الدائنين، وقد تبنى هذا الاتجاه(Allan Melrger).
وتتمثل أسباب أزمة المديونية في البلدان النامية بشك عام في الدول العربية بشكل خاص في مجموعتين من الأسباب، الأولى: داخلية والتي تمثلت بتزايد العجز المستمر في الموازنة العامة....الخ.والثانية أسباب خارجية.
1 - الأسباب الداخلية.
1-1- العجز في الموازين العامة:
من العوامل الداخلية الرئيسية التي أدت إلى تفاقم أزمة الديون الخارجية العجز المستمر في الموازنة العامة ( العجز الداخلي) نتيجة الإختلالات الهيكلية – الجانب الحقيقي- والذي أدت إلى توزيع نقدي، زمن ثم ارتفاع معدلات الأسعار في هذه الدول - الجانب النقدي- يعرف العجز عادة بأنه الفرق السالب بين الإيرادات العامة والنفقات العامة، ولقد واجهت الدول العربية خاصة المتوسطة والمنخفضة الدخل عجزا ماليا نتيجة تزايد الإنفاق الحكومي مع بدية الثمانينات و الذي تزايد بمعدل سنوي قدر بحوالي 20% عام 1979 و 37% عام 1987(1)، ويعود ذلك إلى انخفاض المساعدات الخارجية من جهة أخرى، ولقد أدت هذه العوامل إلى عجز مستمر في ميزانية دول هذه المجموعة ( متوسطة ومنخفضة الدخل) بلغت نسبة 15.5%(2) من الناتج المحلي الإجمالي عام 1979 انخفض إلى 10.5% عام 1986. وبالنسبة للدول العربية المصدرة للنفط فانه على الرغم من تزايد العجز في الموازين العامة لهذه الدول إلا انه مازال اقل حدة وتأثيرا منه في الدول العربية المتوسطة والمنخفضة الدخل، وترجع الزيادة في العجز في دول هذه المجموعة إلى انخفاض أسعار النفط، ومن تم انخفاض عائداتها من الصادرات والتي تشكل حوالي 90% من الإيرادات الكلية من جهة ولعدم ولعد م قدرة هذه الدول على تخفيض الإنفاق نتيجة لخطط التنمية التي سارت عليها هذه الدول من جهة أخرى، ويجب الإشارة إلى أن العجز في الميزانيات الحكومية في الدول النفطية قد لا يؤدي بضرورة إلى تفاقم أزمة مديونية هذه الدول مقارنة بالقروض قصيرة الأجل التي تحصل عليها.
وتعتبر سياسة التمويل بالعجز من السياسات المزمنة التي اتبعتها الدول متوسطة ومنخفضة الدخل منذ زمن طويل، إلا أن هذه السياسة لم تبدأ في الانتشار في الدول العربية النفطية الآمنة بداية الثمانينات.
ولقد أدى اللجوء لسياسة التمويل بالعجز إلى تزايد توسيع الدين العام الداخلي خاصة في الدول متوسطة الدخل والمنخفضة الدخل أيضا حيث بلغ حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي عام 1987 مقارنة بـ 9 % في الدول المصدرة للنفط.
ولقد كان للجهاز المصرفي دور رئيسي في هذا التمويل المحلي مما أدى في النهاية إلى زيادة السيولة المحلية، ومن ثم ارتفاع حاد في الأسعار خاصة في الدول المتوسطة ومنخفضة الدخل. لأنها تعتمد على الدين العام الداخلي اكثر من الدول النفطية، وقد غطت دول هذه مجموعة حوالي 25 % من النفقات العامة عن طريق الاقتراض المحلي، والذي يعني الزيادة في حجم الائتمان المصرفي الممنوح ( سياسة نقدية توسعية) مما أدى في النهاية إلى زيادة العجز، ونتيجة للعجز في الميزانية تميزت مثلا معدلات السيولة المحلية في الدول العربية المدينة، وخاصة المتوسطة و منخفضة الدخل بالارتفاع الشديد في مطلع الثمانينات، حيث تراوحت بين 11 % في المغرب واليمن الشمالي و 51 % في مصر عام 1980 .(1)
وقد ادن هذه السياسة التوسعية إلى تدهور الأوضاع الخارجية لتلك الدول، والى تناقص صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي مثل ما حدث في تونس ومصر و السودان في الوقت الذي ساعدت فيه المنح الخارجية على تمويل الإنفاق الحكومي في دول مثل الأردن والصومال واليمن الشمالي والجنوبي. ولقد بدأت السلطات النقدية في بعض الدول العربية المدينة الإقلاع عن السياسات النقدية التوسعية في الفترة الأخيرة، إلا أنها تواجه صعوبات كبيرة، منها أن دور السياسات النقدية في معظم هذه الدول يعتبر ثانويا مقارنة بالسياسة المالية، حيث لا تستطيع السلطات النقدية تجاوز ضرورة تمويل العجز في الميزانية الحكومية، حيث إن انخفاض عائدات الدول العربية المصدرة للنفط، ونقص التحويلات الرسمية والخاصة للدول المدينة ( متوسطة ومنخفضة الدخل) اضطرت هذه الدول إلى زيادة الاعتماد على المصادر المحلية و الخارجية في تمويل عجز ميزانيتها.
كذلك ان السياسات النقدية التوسعية نتيجة للعجز في الميزانيات العامة إلى تفاقم معدلات التضخم في الدول العربية المدينة بشكل عام والدول ذات الدخل المتوسط ومنخفض يشكل خاص، ولقد وصلت معدلات التضخم عام 1993 الى25 % في الدول ذات الدخل المنخفض، بينما تراوحت بين 9 % إلى ما يقرب من 14 % سنويا في الدول ذات الدخل المتوسط (1)
ولهذا نجد أن العجز في الميزانية العامة والذي حدث نتيجة لاختلالات هيكلية داخلية قد أدى إلى زيادة الدين العام الداخلي ( سياسة نقدية توسعية) لتمويل جزء من هذا العجز، والى ارتفاع معدلات الديون الخارجية لتمويل الجزء الأخر وخاصة في الدول العربية غير النفطية، مما أدى في النهاية إلى تزايد أعباء خدمة الديون، والذي يعد مؤشرا على تزايد التبعية الاقتصادية لهذه الدول.
1-2- العجز في ميزان المدفوعات:
احد العوامل الداخلية الأخرى التي أدت إلى تفاقم أزمة الديون هو العجز المستمر في موازين المدفوعات الدول العربية المدينة وخاصة المتوسطة ومنخفضة الدخل، ولاشك ان ميزان المدفوعات بما يعكسه من ديون و أعباء وموارد يمثل صورة صادقة للاقتصاد القومي و خاصة درجة انفتاحه على العالم الخارجي، ولقد عانت الدول العربية المتوسطة والمنخفضة الدخل عجزا في الحساب الجاري والتجاري خلال الفترة 1975 – 1986 ، حيث أن النمو الذي حدث في المديونية الخارجية لهذه الدول كان مواكبا للعجز في الحساب الجاري بموازين المدفوعات، ولقد سجلت الحسابات الجارية لمجموعة الدول متوسطة ومنخفضة الدخل عجزا مستمرا، بلغ حوالي 7.3 مليار دولار في عام 1984، بينما لم يزد العجز في الدول المنخفضة الدخل ( الأقل نموا) عن 900 مليون دولار في العام نفسه(1).
ولقد بلغ العجز مثلا في الحساب الجاري حوالي 62.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن عام 1986.
و 15.2 % في مصر و 51.3 في اليمن الجنوبية و 37.1 % في اليمن الشمالي.
وعلى الرغم من التحسن النسبي في الأداء خلال الفترة 1986 – 1987 فان موازين مدفوعات الدول هذه المجموعة لا تزال تعاني من اختلالات مزمنة تتمثل في توالي ظهور العجز في الموازين الجارية والتجارية، الأمر الذي يستدعي البحث عن مصادر للتمويل والى الحاجة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح الإختلالات التي تقف وراء العجز وتلعب التحويلات الخاصة والرسمية إلى دول هذه المجموعة دورا بارزا في تغطية جزء من العجز في موازين السلع والخدمات، ويجري تغطية الجزء الأخير بواسطة الاستثمارات الأجنبية والاقتراض من الخارج، مما قاد إلى تراكم المديونية الخارجية في هذه الدول ، وتعاظم عبء خدمتها فادى في العديد منها إلى ظهور الناخرات وبالتالي زيادة الضغوط على موازين المدفوعات، لقد ظلت الدول العربية المصدرة للنفط تحقق فائضا في حساباتها الجارية حتى عام 1982 .
حيث بدأت بعدها تحقق عجزا وصل إلى 10.8 مليار دولار عام 1984 مقارنة بالفائض قدره 11.4 مليار دولار عام 1982(2). وذلك نتيجة انخفاض أسعار النفط مما دفع بعض من الدول النفطية إلى تبديل بعض استثماراتها واحتياطاتها الخارجية، أو اللجوء إلى مصادر الإقراض الخاصة لمواجهة هذا العجز، ومع ارتفاع إجمالي الفوائد المدفوعة، والذي يفوق معدل نموها معدل نمو إجمالي عبء خدمة الديون والتي تشمل الحساب الجاري لميزان المدفوعات، فان الفوائد التي تدفعها الدول العربية وخاصة المتوسطة والمنخفضة الدخل أصبحت سببا جوهريا من أسباب العجز الهيكلي لحساباتها الخارجية، ولهذا أصبحت دول هذه المجموعة تدور في حلقة مفرغة، حيث أن الاقتراض الخارجي اصبح يزيد من عجز الحساب الجاري، ومن ثم ميزان المدفوعات بينما عجز الحساب.
الجاري يتطلب مزيدا من الاقتراض الخارجي، وتبقى الدول العربية المصدرة للنفط في وضع جيد مقارنة بالدول المتوسطة الدخل، حيث أنها لا تزال تتمتع بفائض في موازينها التجارية كما أنها تمثل مصدرا مهما لدول المتوسطة و المنخفضة الدخل فيما يتعلق بالتدفقات المالية من التحويلات بدون مقابل الخاصة والرسمية، والتي تسد جزءا كبيرا من العجز الذي تعاني منه موازين السلع والخدمات.
2. الأسباب الخارجية
هناك أسباب أخرى أدت إلى تزايد حجم الديون الخارجية العربية مثل شروط التبادل التجاري للدول العربية، بالإضافة إلى اتساع القروض من البنوك التجارية والذي صاحبها إرتفاع كبير في أسعار الفائدة(1).
2-1- الكساد وتدهور شروط التبادل الدولي:
لقد أدى تبني الدول الصناعية لبعض السياسات الإنكماشية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات إلى تدهور التنمية في هذه البلدان مما أوقعها في حالة الركود الإقتصادي، مما أدى إلى إنخفاض الطلب على صادرات الدول النامية، ومن ضمنها الدول العربية وتدهور معدلات تبادلها، ولقد أدى هذا إلى إنخفاض صادرات الدول العربية من المواد الأولية بالإضافة إلى تشبع السوق البترولية العلمية، والذي أدى بدوره إلى إنخفاض حاد في أسعلا النفط العالمية، ومن ثم في عائدات الدول العربية النفطية، وفي نفس الوقت استمرت أسعار السلع المصنعة في الإرتفاع وخاصة السلع الإستهلاكية والترفيهية، مما أدى إلى لجوء هذه الدول إلى الإقتراض الخارجي لسد مثل هذا العجز في الموارد، ولقد واجهت الدول العربية غير النفطية تدهورًا مستمرًا في شروط تجارتها الدولية، تتراوح بين 23% في الأردن وحوالي 05 % في المــــــغرب خلال الفترة 1975م(2).
وتشير إحصائيات صندوق النقد الدولي إلى أن الأسعار الحقيقية للمواد الخام الزراعية والمعدنية والتي تمثل معظم صادرات الدول العربية في عام 1975م، لم تكن فقط أقل من أسعر 1974- 1975م، بل أقل بحوالي 30% من متوسط أسعر الثلاثين سنة الماضية.
وهذا يعني أن الدول العربية واجهت في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات تدهور حاد في معدلات تبادلها التجاري، وحجم صادراتها مما أدى إلى زيادة ديونها، ولقد كلف تدهور شروط التجارة الخارجية العربية ما يزيد عن 23 مليار دولار على هيئة إنخفاض في الفائض التجاري، خلال الفترة 1981 – 1987م.
وإذا علمنا أن تدهور شروط التجارة ما هو إلا مزيج من إنخفاض أسعار الصادرات وإرتفاع أسعر الواردات، فإن إنخفاض أسعار الصادرات العربية أدى إلى تخسير الدول العربية ما يزيد عن 21 مليار دولار، من الفائض التجاري، كما أن إرتفاع أسعار الواردات كلفها ما يزيد عن 08 ملايير دولار، من ذلك الفائض في نفس الفترة(1).
ونظرًا لأن إنخفاض أسعار الصادرات كان في معظمه ناجمًا عن التطورات في سوق النفط، فقط أنصمت كل أثاره على الدول العربية المنتجة للنفط. كما وقعت معظم أثار أسعر الواردات (حوالي ثلثها) على تلك الدول نفسها، نظرًا لأنها تشغل الجانب الأكبر من الواردات العربية. ولا شك أن تركز أثار تدهور شروط التبادل التجاري في الدول العربية المصدرة للنفط أكثر من الدول العربية المدينة المتوسطة والمنخفضة الدخل، قد خفض إلى حد ما من أثر هذا التدهور على أزمة الديون الخارجية العربية، وخاصة أن الدول النفطية لا تعد مدينة بالمعنى الصحيح، لأنه لا يوجد لديها ديون طويلة الأجل حيث إن معظم ديونها قصيرة الأجل، إلا أن إنخفاض حجم الصادرات كان أكبر أثر على مجموع الموازين التجارية للدول العربية، وإن كان أثره يكاد يكون مختصرًا على موازين الدول النفطية، حيث حسرت تلك الدول حوالي 133 مليار دولار نتيجة إنخفاض حجم صادراتها النفطية، وكذلك فإن عدم قدرة الدول نفسها على خفض وارداتها بأكثر من حوالي 25% خلا الفترة 1981 – 1986م، سنويًا في المتوسط بالرغم من إرتفاع أسعار الواردات، ومن الجدير بالذكر أن إنخفاض أسعر وكمية الصادرات قد كلف الدول العربية المنتجة للنفط ما يزيد عن 157 مليار دولار على هيئة إنخفاض في القوة الشرائية لتلك الصادرات خلال 1981- 1987م، لهذا فإن تدهور شروط التبادل التجاري على شكل إنخفاض في أسعار وحجم الصادرات وإرتفاع أسعار الواردات بالإضافة إلى إنخفاض القوة الشرائية للصادرات قد أدى أولاً إلى لجوء بعض الدول العربية النفطية إلى الإقتراض المحلى الخارجي مما أدى إلى تزايد حجم الديون وأعباء قدمتها، وثانيا إلى إنخفاض التحويلات الرسمية والخاصة للدول المتوسطة والمنخفضة الدخل مما أدي إلى اتجاهها إلى الإقتراض الخارجي لتمويل العجز في الميزانية العامة في ميزا مدفوعاتها، مما أدى إلى تفاقم أزمة الديون الخارجية وزيادة أعبائها من خلال ارتفاع إجمالي الفوائد المدفوعة والذي يفوق معدل نمو إجمالي، عبء خدمة الديون.
2-2- سياسات الإقراض الدولية وإرتفاع أسعار الفوائد:
كانت سياسات الإقراض الدولية وإرتفاع أسعار الفائدة دور رئيسي في زيادة حجم الديون الخارجية للدول العربية المدينة ولقد توسعت بعض البلدان العربية في الإقتراض والإعتماد على التدفقات المسيرة وغير الميسرة، حيث أدى الاتجاه إلى الإقتراض التجاري قصيرا الأجل وبفوائد مرتفعة إلى زيادة الأعباء المالية على بعض الدول العربية مثل مصر – الجزائر- المغرب.
ولقد تدفقت فوائد الدول المصدرة للنفط (أوبيك) إلى أسواق النقد الدولية على شكل ودائع جارية واستثمارات قصيرة الأجل، وخاصة في عامي 1974 -1979م، وفي المقابل قامت البنوك التجارية بإعادة إقراض هذه الأرصدة إلى الدول النامية ومن ضمنها الدول العربية التي تعاني من عجز في موازين مدفوعاتها، مما كان له دور كبير في إيجاد مشكلة الديون الخارجية لهذه الدول، في الوقت الذي كان المستوى العام للأسعار يزداد إرتفاعًا في نهاية التسعينات وكانت معدلات الفائدة التي تطلبها البنوك التجارية على قروض منخفضة بحيث أصبحت معدلات الفائدة حقيقية سالبة في بعض الأحيان، مما دفع عدد كبير من الدول العربية إلى زيادة اقتراضها لتمويل نفقاتها العامة وموازين مدفوعاتها وكذلك كان لتيسير إجراءات الإقتراض وسرعتها من قبل البنوك التجارية مقارنة بالاقتراض من المصادر الرسمية، أثر في توجه الحكومات العربية إلى المؤسسات الخاصة للإقتراض منها مما أدى إلى زيادة النصيب النسبي للديون المستحقة لمصادر خاصة على حساب النصيب النسبي للديون الرسمية(1).
ولقد حدث خلال فترة التسعينات تغير لصالح نسبة الديون المستحقة لمصادر خاصة والتي تتسم بالإرتفاع أسعار الفائدة وقصر مدتها الزمنية ففي عام 1972م مثلاً كان نصيب المصادر الخاصة حوالي 29% من إجمالي الديون المستحقة على الدول العربية والتي ارتفعت إلى 48.1 عام 1979م، إلا أنها بدأت في الإنخفاض لتصل حوالي 26.9بالمائة من إجمالي الديون العربية عام 1979م.
على الرغم من أن نصيب مصادر الإقتراض الخاصة من إجمالي الديون العربية قد أنخفض خلال السنوات الأخيرة مقارنة بنهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وارتفع بالمقابل نصيب المصادر الرسمية (الثنائية والمتعددة الأطراف) إلا أن مصادر الإقتراض الخاصة ما زالت تشكل نسبة كبيرة إلى حد ما، والتي تعكس أعباء هذه الديون على الدول العربية وخاصة إذا ما علمنا أن شروط القروض من المصادر الثنائية والمتعددة الأطراف تعد إلى حد ما سهلة مقارنة بشروط القروض الخاصة والتي تمنح لفترات أقصر بفائدة أعلى وفترة سماح أقل، والذي أدى إلى إرتفاع أعباء المديونية لدى الدول العربية المدينة، في المقابل وحتى تحمي البنوك التجارية نفسها من مخاطر الإقراض إلى الدول النامية ومن ضمنها العربية لجأت إلى زيادة أسعار الفائدة لمواجهة المخاطر بالإضافة إلى قرض أسعر الفائدة المتغيرة أو المعومة، والتي تتغير على فترات تبعًا للاتجاه العام لأسعار الفائدة في سوقي لندن ونيويورك، ولقد زاد حجم الفوائد التي تدفعها الدول العربية المدينة على قروضها من 183.1مليون دولار على 1973م، إلى حوالي 5.16 مليار دولار عام 1986، بمتوسط معدل سنوي 24.4 بالمائة ، ولقد تمت الزيادة في أسعار الفائدة بالدرجة الأولى عن السياسة والمالية والنقدية التي اتبعتها هذا الدول الصناعية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والتي أدت في بعض الأحيان إلى تعويم أسعار الفائدة مثلاً نجد أن نسبة الديون المعومة الفائدة تشكل حوالي 36.3 بالمائة من إجمالي ديون المغرب عام 1975م، بينما تصل إلى 30 بالمائة في الجزائر، 18.4 في الأردن (1).
ومما تقدم كله نخلص إلى أن أزمة الديون الخارجية في الدول النامية بشكل عام وفي الدول العربية بشكل خاص، ترجع إلى عدة أسباب بعضها داخلي والآخر خارجي، وتتمثل الأسباب الداخلية في الإختلالات الداخلية التي يرجع معظمها إلى محدودية الموارد المحلية المتاحة، فهناك أزمة النقد الأجنبي نتيجة إنخفاض صادرات هذه الدول من الموارد الأولية من جهة، وعدم قرتها على تخفيض نفقاتها من جهة أخرى، وتعود هذه الإختلالات إلى عدة أسباب منها على سبيل المثال العجز في الميزانية العامة (عجز داخلي)، والعجز في ميزان المدفوعات (عجز خارجي).
وقد أدت هذه الإختلالات في مراحل لاحقة إلى إتباع سياسات نقدية توسعية، أو ما يسمى بسياسة التمويل بالعجز، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الخارجية، وإلى تفاقم معدلات التضخم.
لهذا فإن العجز الذي حدث في الميزانية العامة نتيجة للإختلالات هيكلية داخلية قد أدى إلى زيادة حجم الدين العام (الإقتراض) الداخلي لتمويل جزء من العجز وإلى إرتفاع معدلات الديون الخارجية لتمويل الجزء الآخر، أما بالنسبة للعجز في ميزان المدفوعات فالإقتراض الخارجي أصبح يزيد من حجم الحساب الخارجي، ومن ثم ميزان المدفوعات، بينما يتطلب العجز في الحساب الجاري (زيادة الواردات على الصادرات) مزيدًا من الإقتراض الخارجي(1).
وهناك عوامل خارجية تساعد على تفاقم هذه الأزمة مثل الكساد في الإقتصاديات الصناعية وتدهور شروط التبادل التجاري، بالإضافة إلى سياسة الإقراض الدولية، وارتفاع أسعار الفائدة خاصة بعد أن تدفقت فوائد الدول المصدرة للنفط إلى أسواق النقد الدولية على شكل ودائع جارية واستثمارات قصيرة الأجل، مما أدى بالبنوك التجارية إلى إعادة إقراض هذه الأرصدة للدول النامية.
ولا شك أنه كان سواء إستعمال الدول المقترضة للموارد بالإضافة إلى تدهور شروط التبادل الدولي أثر كبير على تفاقم هذا الأزمة.
لهذا ترى المؤسسات الدولية أن الإقراض الخارجي لن يحل المشكلة بل يؤجلها حيث أن المطلوب هو القضاء على هذه الإختلالات، وإستعادة التوازن الذي لن يتحقق إلا من خلال إتباع سياسات تبيت وإصلاح إقتصادي معينة. وهي عبارة عن مجموعة من الإجراءات والشروط التي يمليها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على الدول المدينة، التي تضطرها ظروف لإعادة جدولة ديونها الخارجية، وهي شروط في طبيعتها إلى تخفيض الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري بهدف تمكين الدولة من تحقيق وفرة في الموارد، تمكنها من الإستمرار في الإلتزام في دفع أعباء ديونها الخارجية(1).
هذا وقد تبنت بعض الدول سياسات إصلاح اقتصادي معينة، وكان لها أثر كبير في تصحيح الإختلالات الداخلية والخارجية، ومثال ذلك بعض دول أمريكا اللاتينية مثل شيلي، المكسيك(2).
وبخصوص الدول العربية فقد أشار صندوق النقد الدولي على مصر في مايو 1993م، بضرورة تسريع خطوات الإصلاح الهيكلي وعملية بيع القطاع العام وتحرير التجارة، بما يساهم في رفع كفاءة الإقتصاد المصري على سداد إلتزاماته.