منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إليكم وضعية إدماجية عن شعر المنفى
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-11-01, 19:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نونسا
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي إليكم وضعية إدماجية عن شعر المنفى

تأجج الشوق و تجيشت العواطف و هفت الأفئدة و أسالت دما من الآلام التي عانتها في الغربة بعيدا عن الوطن الأم و عن الأحبة، هي قلوب الشعراء و هم في المنفى، لقطاء يتامى، تاركين موطن الصبا و أيام الأنس و انتماءهم، حتى أسسوا غرضا شعريا جديدا عرف بشعر المنفى، فجروا فيه قرائحهم و صبوا فيه كل ما عانوه من ألم و تعب نفسي، نتج هذا الشعر من هجرة الشعراء بعيدا عن أوطانهم و حنينهم إليها. فما مظاهر هذا الشعر؟ و من هم الشعراء الذي جلبتهم يد الهجرة و التغرب عن الوطن و زرعت هموما و مآسي في قلوبهم؟
شعر الحنين أو شعر المنفى كما سمي حديثا هو شعر يعبر عن حنين و أشواق النفس و لهفتها للوطن الأم، و تحسرها عليه، فالأوطان العربية توجعت من صفعة الغرب و غزوه الغاشم الذي لم يتمثل في قتل و هتك الأرواح فقط كما هي حال الحرب، بل في سلب جذور العرب و عاداتهم و تقاليدهم، مما ولد حقدا و ذما لهم من طرف الشعراء، و هم كل منهم بتفجير قريحته و كل ما يستطيع قلبه من بعث معاني كره الغرب و حب الوطن و التعلق به إلى ألسنتهم فراحوا يخطون بحبر الألم على أوراق السلام، و منهم أحمد شوقي _أمير الشعراء_ و هو منفي بإسبانيا، فقال و هو على ضفة واد بالأندلس يعبر عن حبه ووفائه لمصر:
لكن مصر و إن أغضت على مقة عين على الخلد بالكافور تسقينا
على جوانبها رفت تمائمـــنا و حول حافاتها قامت رواقينا
كما عبر عن قيمة وطنه في قلبه قائلا:
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
ثم توالت هجرات الشعراء العرب إثر أسباب اقتصادية، سياسية و اجتماعية، كانت وجهتهم في الغالب الولايات المتحدة الأمريكية، واجه المهاجرون عناء و تعبا، فلم يكن الحصول على لقمة العيش سهلا كما ظنوه و كما زين لهم و لكنهم وجدوا في بيئتهم الجديدة من الحرية ما ساعدهم على ممارسة إبداعهم الأدبي، كما أن شعورهم بالغربة و حنينهم إلى الوطن البعيد، و خوفهم على لغتهم و هويتهم العربية من الضياع، في مجتمعات يبدو كل شيء فيها غريبا عنهم، فالتفوا في جماعات و بدأوا يصبون قرائحهم و أشواقهم للوطن في أشعارهم، و يتذكروا بلداتهم الصغيرة و مساقط رؤوسهم مما جعلهم ينهضون أكثر بالأدب العربي الحديث، يرتقون في أسلوبهم الأدبي فكريا و عاطفيا، مما أسهم في رقي تجربتهم الشعورية النابعة من عواطف صادقة، فنجد اللبناني فوزي معلوف و هو ببلاد اليانكي يقول واصفا المهاجرين عن أوطانهم:
و دعوها و الماء ملء المآقي لنداها و النار ملء الكبود
و لو أن الأصم يسمع صوتا صرخوا بالبواخر الصم :عودي
و من الطبيعي أن يبعث عامل الهجرة و التغرب عن الوطن الحنين و الشوق إلى قلوب هؤلاء المهاجرين، فتعود مآقيهم وقلوبهم إلى وطنهم الأم، يسترجعون الأيام الخوالي و هم بذلك الكوخ الصغير في تلك القرية سالمين سعداء، حتى لجأ الشاعر القروي إلى مخاطبة أحد رفاقه العائدين إلى لبنان الأم قائلا:
و إذا مررت بمضرب الأمواج قف عند "الوطا" بالمنزل المهجور
فهناك بين "جبيل" و "البترون" لي عهد يقوم يومه بدهور
إضافة إلى هجرة هؤلاء الشعراء و حنينهم إلى الوطن و لجوءهم لشعر المنفى ليفجروا فيه قرائحهم، زادت القضية الفلسطينية ألما و شجنا و دموعا، و دفعت بالشعراء إلى إدماء قلوبهم في شعر الحنين و المنفى، الذي تحول إثر هذه القضية التي تهز كيان العرب إلى شعر المقاومة و العودة، مما زاد في مكانتهم الأدبية من خلال قصائدهم جماليا و معنويا، فجماليا في تلك الألفاظ و الصور الشعرية التي أحسنوا اختيارها و ملاءمتها للمعنى و العواطف الصادقة، مما ساهم في تنبيه الضمائر للدفاع عن الحق العربي المسلوب منهم، و هنا لا نجد غير درويش لنمثل به هذا الشعر الذي يدمي المآقي، و هو يتذكر أمه في فلسطين، و يحن إليها و من خلالها نقرأ بين سطوره شدة كرهه للظالم الأسرائيلي، قائلا:
أحن إلى خبز أمي و قهوة أمي
و لمسة أمي
و تكبر في الطفولة يوما على صدري
و أعشق عمري لأني إذا مت
أخجل من دمع أمي
و كذلك الشاعر الدمشقي نزار قباني، الذي مثل العربية، حين تأثر هو الآخر بنكبة فلسطين، فمدت قصيدته أبعادا سياسية و عاطفية و أسلوبية في معان موحية، يقول في مستهلها:
لن تجعلوا من شعبنا
شعب هنود حمر
فنحن باقون هنا
في هذه الأرض التي تلبس في معصمها
إسوارة من زهر
فهذه بلادنا
فيها و جدنا منذ فجر العمر
فكل هذه النماذج التي ذكرناها التي قالها الشعراء و هم في المهجر و مقاومتهم للغرب الغاشم و حنينهم و حبهم للوطن، كلها مضامين لشعر المنفى. فمما سبق نستنتج أن النفي الذي تعرض له الشعراء و هجرتهم لبلاد الغرب تحت أسباب عدة، ساهمت في زيادة حنينهم للوطن و وفائهم له، ففجروا قرائحهم في هذا الشعر من معاناة البين عن أوطانهم، و ضمنوا سطورهم كل تعابير الحب و الوفاء للوطن، و أيقظوا الضمير العربي، لكن سرعان ما ولى لغفلته، فيا حبذا لو كان كل بني العرب كهؤلاء الشعراء الأوفياء المحبين.


إنها من إنجازي الشخصي أعطونييييي آراءكم









 


رد مع اقتباس