منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-20, 23:36   رقم المشاركة : 334
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع الرسالة: التناص ودلالته في جدارية محمود درويش. *عدم وجود اسم صاحب العمل*


المحتوى:


مقدمة: .................................................. .................................................. .......ص: 1
تحديد المفاهيم:......................................... .................................................. ...... ص: 2
 ما هو المفهوم :................................................. ................................. ص: 2
المحور الاول: ما هو النص:
تعريف النص:............................................. .................................................. .... ص: 3
النص لغة )المعجم العربي(:.......................................... ........................................ص: 3
النص Texte: لغة )المعجم الغربي(:.......................................... ..........................ص: 3
مفهوم النص:............................................. .................................................. .... ص: 3
المحور الثاني: ما هو التناص
تعريف التناص:........................................... .................................................. .... ص:4
التناص لغة)في المعجم العربي(:.......................................... ...................................ص:4
مصطلح"intertextualité"ومقابله في الدراسات العربية الحديثة:.............................. ص:4
في التراث العربي:........................................... .................................................. ص:4
مفهوم التناص:........................................... .................................................. .... ص:4-5
المحور الثالث: التناص ودلالاته في جدارية لمحمود درويش
أ- 1. التناص الأدبي:........................................... .............................................. ص:6
1- قراءة في عنوان القصيدة:.......................................... ................................. ص:6
2- امرؤ القيس :................................................. .......................................... ص:6
3- ابي علاء المعري:........................................... .......................................... ص:6-7
4- طرفة بن العبد:............................................ .............................................. ص:7
5- لبيد بن أبي ربيعة:............................................ ......................................... ص:7
ب-2. التناص الأسطوري:......................................... .......................................... ص:7
1- طائر الفينيق:.......................................... .................................................. ص:7-8
2- ملحمة جلجامش:........................................... ............................................ ص:8
ج- التناص التاريخي :................................................. ...................................... ص:9
الخاتمة:.......................................... .................................................. ............. ص:10


مقدمة:
يتميز الدرس التناصِّي بصفات مهمة، قادرة على سبر أغوار النصِّ والتغلغل إلى مفاصله، وتعتبر "جدارية" هي ديوان \ قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش يمثل تجربة جديرة بالتأمل والدراسة لما تحويه من غنى وتنوع في الظواهر الأدبية والفنية ، تجسد ( جدارية )بشكل عام صراعاً بين الموت والحياة في إشارات واضحة لذلك على مدار القصيدة ، يعاني فيها الشاعر موت أمور كثيرة فمن موت اللغة إلى ضياع الهوية إلى عبث ولا جدوى ، وتحدي وإصرار على المواجهة ، القصيدة ( أرض خضراء) جمعت جوانب أدبية ودينية واجتماعية وفلسفية وسياسية بحيث ألقى فيها الشاعر جل همومه، أحيانا يلجأ إلى تصويرها وحين يشتد به الأسى يلجأ كثيراً إلى أسلوب التداعي الحر في بعض المقاطع ، واستخدام الرمز والأسطورة الخ....
وهذا ما سأعمد على الكشف عنه في هذا العمل امن تقدم نماذج لبعض مواطن التناص الواردة في القصيدة مع يقين مطلق بأن ما سيتم ذكره من تناصات هو جزء بسيط من تلك الخفية التي لم افطن لها ...


تحديد المفاهيم:
 ما هو المفهوم :
"لا وجود لمفهوم بسيط. كل مفهوم يملك مكونات, ويكون محددا بها. للمفهوم إذن رقم. انه تعددية, حتى وان لم تكن كل التعددية مفهومية. لا وجود لمفهوم احادي المكون: وحتى المفهوم الأول الذي "تبدأ" به فلسفة ما فانه يتوفر على مكونات كثيرة. ما دام ليس بديهيا أن على الفلسفة أن تكون لها بداية, وحتى وان حددت بداية ما فإنها تضيف إليها وجهة نظر أو سببا.
لا يبدأ ديكارت, وهيغل, و فيورباخ, بالمفهوم عينه فحسب, وإنما ليس لديهم مفهوم واحد للبداية. فكل مفهوم على الأقل مزدوج أو ثلاثي...ولا وجود كذلك لمفهوم يحتوي على مكوناته, لأنه سيكون مجرد سديم خالص :
وحتى الكليات المزعومة كمفاهيم قصوى يتوجب غليها الخروج من السديم لرسم عالم يشرحها (التأمل,التفكير,التواصل...). كل مفهوم يتوفر على محيط غير منتظم, محدد برقم مكوناته. لهذا نجد انطلاقا من أفلاطون إلى برغسون, فكرة كون المفهوم إنما يرتبط بالتمفصل, والتقطيع, والتقاطع. انه كل لكونه يشمل كل مكوناته, لكنه كل متشظ. ووفق هذا الشرط فقط يمكنه أن يخرج من السديم الذهني, الذي لا يتوقف عن التربص به, والالتصاق به من اجل استيعابه من جديد".
"قد يرى المطلع على بعض الدراسات المتعلقة بالتناص تداخلا كبيرا بين هذا المفهوم وعدة مفاهيم أخرى مثل "الأدب المقارن" و "المثاقفة" و "دراسة المصادر" و "السرقات" ولهذا فان الدراسات العلمية تقضي أن يميز كل مفهوم من غيره ويحصر مجاله لتجنب الخلط...وتناول الظروف التاريخية والابستيمية التي ظهر فيها".


- المحور الاول:


- ما هو النص







• تعريف النص:
بديهي أن يكون "للنص" تعاريف متباينة تختلف من منطلق لآخر,ومن توجه معرفي لآخر. ولعل المقاربة اللغوية من أهم المنطلقات الأساسية التي حاولت أن تلامس بعضا من جوانب هذا المفهوم. فما هو إذن التعريف اللغوي"للنص", كما وردنا من معاجم اللغة العربية:
- النص لغة )المعجم العربي(: "رفعك الشيء,نص الحديث ينصه نصا:رفعه,وكل ما اظهر فقد نص [...] يقال: نص الحديث إلى فلان أي رفعه,وكذالك نصصته إليه.ونصت الظبية جيدها:رفعته [...] ونص المتاع نصا:جعل بعضه على بعض, ونص الدابة ينصها نصا:رفعها في السير. [...] وفي الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام حين دفع من عرفات, سار العنق فإذ وجد فجوة نص, أي رفع ناقته في السير.وقد نصصت ناقتي: رفعتها في السير,وسير نص ونصيص"
كما يفيد النص صيغة الكلام, الذي لا يحتمل إلا معنى واحد,أو لا يحتمل التأويل. ومنه قولهم لا اجتهاد مع النص, وعند الأصوليين هو الكتاب والسنة"
- النص Texte: لغة )المعجم الغربي(: مجموعة من الكلمات, جمل تتشكل كتابتا,هذه الأخيرة قد تكون مطبوعة أو بخط اليد. [...].
أما Textile:الحياكة )النسج( لها علاقة بصناعة النسيج. الاسم 1 قطعة ثوب, مادة النسيج 2 صناعة النسيج. [...]أما Texture : "فهي مرادف ل"disposition تجميع, التئام أجزاء شيء ما, التئام مختلف أجزاء شيء ما.

- مفهوم النص
"للنص تعاريف عديدة تعكس توجهات معرفية ونظرية و منهاجية مختلفة فهناك التعريف البنيوي, وتعريف اجتماعية الأدب والتعريف النفساني الدلالي, وتعريف اتجاه تحليل الخطاب..., التي. وأمام هذا الاختلاف فإنه لا يسعنا إلا أن نركب بينهما جميعا لنستخلص المقومات الجوهرية الأساسية التالية:
o عرف "هيامسلاف HJEMSLEV".مصطلح النص تعريفا,واسعا جدا,فأطلقه على ملفوظ أي كلام منفذ قديما كان,أو حديثا,مكتوبا,أو محكيا,طويلا أو قصيرا.فان عبارة "قف" هي في نظر هيامسلاف نص,كما أن جماع المادة اللغوية بكاملها هي أيضا نصا.
o أما "تودوروف تزيفطان TODOROV TZVETAN" فانه يعرف النص على انه إما أن يكون "جملة",وإما أن يكون "كتابا" بكامله, وان تعريف النص يقوم على أساس استقلاليته,وانغلاقيته, وهما الخاصيتان التي تميزانه,فهو يؤلف نظاما خاصا به,لا يجوز مساواته. بالنظام الذي يتم به تركيب الجمل, ولكن ان نضعه في علاقة معه,هي علاقة "اقتران وتشابه"
o عرف "رولان بارت ROLAND BARTHES" النص في مقاله عن نظرية النص بقوله: "إن النص من حيث هو نسيج فهو مرتبط بالكتابة,ويشاطر التاليف المنجز به [...],وذلك, لأنه بصفته رسما بالحروف, فهو إيحاء بالكلام"
o أما "جوليا كريستيفا julia kristeva" فإنها تعرفه بأنه "آلة نقل لساني,انه يعيد توزيع نظام اللغة, فيضع الكلام التواصلي, اي المعلومات المباشرة في علاقة تشترك فيها ملفوظات سابقة أو متزامنة" .
-مدونة كلامية : يعني انه مؤلف من الكلام وليس صورة فوتوغرافية أو رسما, أو عمارة, أو زيا...وان كان الدارس يستعين برسم الكتابة وفضاءها وهندستها في التحليل.
- حدث: إن كل نص هو حدث يقع في زمان ومكان معينين لا يعيد نفسه إعادة مطلقة مثله في ذلك مثل الحدث التاريخي.
- تواصلي : يهدف إلى توصيل معلومات ومعارف ونقل تجارب...إلى المتلقي.
- تفاعلي: على أن الوظيفة التواصلية - في اللغة - ليست هي كل شيء, فهناك وظائف أخرى للنص اللغوي, أهمها الوظيفة التفاعلية التي تقيم علاقات اجتماعية بين أفراد المجتمع وتحافظ عليها.
- توالدي: إن الحدث اللغوي ليس منبثقا من عدم, وإنما هو متوالية من أحداث تاريخية, ونفسانية, ولغوية...وتتناسل منه أحدات لغوية أخرى لاحقة له".
- مغلق: ونقصد انغلاق سمته الكتابية الايقونية التي لها بداية ونهاية, ولكنه من الناحية المعنوية هو: "فالنص إذن, مدونة حدث كلامي ذي وظائف متعددة"

- المحور الثاني:


- ما هو التناص

تعريف التناص:
وهو "مجموعة النصوص المنتشرة التي يحويها نص واحد في بنيته بحيث تعمل النصوص المنتشرة بشكل باطني على تحقيق النص, وتشكيل دلالته, وتتفرع هذه النصوص في مصادرها المتنوعة على ذاكرة واسعة يتداخل فيها العربي, بالغربي و الحديث بالقديم, الواقعي بالأسطوري,[...] مما يجعل عملية رصد هدا النص الغائب وتحديده بدقة, عملية صعبة"
التناص لغة)في المعجم العربي(:
"التناص" مصدر للفعل تناصَّ, وتناصَّ القوم تزاحموا وهذا المصدر بصيغته الصرفية هذه , يدل على المفاعلة, و الشيء نفسه نجده في المعجم الوسيط إذ نجدها تدل على "الازدحام, ففي قول العرب: تناص القوم إذ ازدحموا
مصطلح"intertextualité"ومقابله في الدراسات العربية الحديثة:
أثار مصطلح "التناص"intertextualité" جدلا نقديا, شغل الباحثين في اللغة العربية لغياب المقابل - في المعجم العربي- المناسب لمعناه في مفاهيم النقد الغربي الحديث, مصطلح "intertextualité" الذي عرف تنوعا عند المترجمين إلى العربية, فأحيانا نجد الترجمة "تناص" و أحيانا "بينصية" .و"البينصية" كلمة مركبة من "بين+نصية". وفي المعجم الوسيط نجد كلمة "تناص" تدل على "الازدحام, ففي قول العرب:تناص القوم إذ ازدحموا, أما كلمة "بين" فتاتي في كلام العرب على وجهين.
1- أن يكون البين بمعنى الفرقة.
2- وتكون أيضا بمعنى الوصل, كقولهم بان,بينا بينونة, وهي من الأضداد .
"ويبدو أن الذين اعتمدوا على "البينصية", كانوا يقصدون البين باعتبار الوصل ضد الفرقة,وهو المعنى الصائب في التعالق النصي, والتداخل النصي,كما ورد ضمن المصطلح الغربي,وهناك من استعمل مصطلحا آخر, وهو التداخل النصي" ,وإذا كان "محمد بنيس" قد استعمل مصطلح "التداخل النصي",فإننا نجد من النقاد من يطلق مصطلح"التفاعل النصي" مرادفا لما شاع تحت مفهوم "التناص" أو "المتعاليات النصية",كما استعملها جينات بالأخص" .
وعليه, إن هذا الاختلاف في هذا المصطلح ليس خاصية عربية, وإنما عند جميع الأمم"
في التراث العربي:
لم يظهر التناص بوصفه مصطلحاً نقدياً في النقد العربي إلا مع مرحلة الترجمة للفكر الغربي الحديث , ولكن التناص مصطلح حديث لظاهرةٍ قديمة, أدرك بعض جوانبها النقد العربي القديم, بل إنها ظهرت في ذاكرة الشعر العربي نفسه قال عنترة:
"هل غادر الشعراء من متردمي أم هل عرفت الدار بعد توهم"
" ويقول بشار بن برد: "ما قرَّ بي القرار مذ سمعت قول امرئ القيس :
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البال
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البال
حتى قلت : كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيـــافنا ليل تهاوى كواكبه"
أما في تراثنا النقدي فقد وردت مصطلحات كثيرة لها علاقة ما بمصطلح التناص كالتضمين والسرقة وغيرها"
وقد عالج هذه الإشكالية المفكر العربي ابن خلدون, مشترطا الدربة,والخبرة,وامتلاك الأدوات الإبداعية,بحفظ الشعر, في قوله:"اعلم أن لعمل الشعر, وأحكام صناعته شروطا,أولها الحفظ من جنسه أي من جنس شعر العرب, حتى تنشا في النفس ملكة ينسج على منوالها. [...]ثم بعد الامتلاء من الحفظ وشحذ القريحة للنسج على المنوال يقبل النظم و بالإكثار منه تستحكم ملكته وترسخ,وربما يقال من شروط نسيان ذلك المحفوظ لتمحي رسومه الحرفية الظاهرة, إذ هي صادرة من استعمالها بعينها,فإذا نسيها, وقد تكيفت النفس بها, انتقش الأسلوب فيها كأنه منوال يأخذ النسج عليه بأمثالها[...] فذلك اجمع له, وأنشط للقريحة ا نياتي بمثل المنوال الذي حفظه" .
ومن أوائل الدراسات النقدية التي أدخلت مصطلح "التناص" إلى النقد العربي الحديث,واستخدمته في المجال التطبيقي, دراسة"فريال جبور غزول" التي خصصتها لتحليل قصيدة محمد عفيفي مطر "قراءة" . إذ كانت تقول في "التناص" انه "تضمين نص لنص آخر, واستدعاؤه, وفيه يتم تفاعل خلاق بين النص المستحضر )بكسر الضاد(,والنص المستحضر) بفتح الضاد(.
مفهوم التناص:
إذا ما تتبعنا نشأة التناص وبداياته الأولى كمصطلح نقدي نجد أنه كان يرد في بداية الأمر ضمن الحديث عن الدراسات اللسانية ) وقد وضح مفهوم التناص العالم الروسي ميخائيل باختين من خلال كتابه (فلسفة اللغة) وعنى باختين بالتناص: الوقوف على حقيقة التفاعل الواقع في النصوص في استعادتها أو محاكاتها لنصوص – أو لأجزاء – من نصوص سابقة عليها والذي أفاد منه بعد ذلك العديد من الباحثين , على الرغم من أن باختين لم يستعمل "في مقدمة كتابه "شعرية دوستويفسكي" مصطلح "التناص" وإنما عبر عنه ب"تداخل السياقات "Intercontexes" وب"التداخل السيمياءيinterférence sémiotique" وب"التداخل السوسيولفظي intersosiolinguistique".وهذا النسق الأخير هو ما يأخذ عند جولتا كريستيفا موقع "التناص"وقد ورد مصطلح "التناص" عند رولان بارث في كتابه "متعة النص le plaisir du texte". حتى استوى مفهوم التناص بشكل تام على يد تلميذة باختين الباحثة جوليا كرستيفا وقد أجرت كرستيفا استعمالات إجرائية وتطبيقية للتناص في دراستها (ثورة اللغة الشعرية) وعرفت فيها التناص بأنه " التفاعل النصي في نص بعينه"
و"إذا استطعنا أن نتبين بعض مقومات النص, وأهملنا بعضا منها آخر بقرار منهجي فانه علينا أن نتعرف الآن على التناص بوضع اليد على مقوماته بدوره. لقد حدده باحثون كثيرون مثل: (كريستيفا, وارفي, ولورانت, ورفاتير...) على أن أي واحد من هؤلاء لم يصغ تعريفا جامعا مانعا, ولذلك فإننا سنلتجئ -أيضا- إلى استخلاص مقوماته من مختلف التعاريف المذكورة, وهي:
- فسيفساء من نصوص أخرى أدمجت فيه بتقنيات مختلفة.
- ممتص لها يجعلها من عندياته وبتصبيرها منسجمة مع فضاء بناءه ومع مقاصده
- محول لها بتمطيطها أو تكثيفها بقصد مناقضة خصائصها ودلالتها أو بهدف تعضيدها.
وينقسم التناص حسب توظيفه في النصوص إلى:
1- التناص الظاهر: ويدخل ضمنه الاقتباس والتضمين ويسمى أيضاً التناص الواعي أو الشعوري.
2- التناص اللاشعوري: (تناص الخفاء) ويكون فيه المؤلف غير واعي بحضور نص في النص الذي يكتبه
وعموما قد "قسم بعض دارسي التناص إلى ثلاثة أصناف, وهي:
1- "التناص الذاتي:Iinterne": وهذا عندما تدخل نصوص الكاتب الواحد في تفاعل مع بعضها البعض ويتجلى ذلك لغويا وأسلوبيا ونوعيا.
2- "التناص الخارجي : externe": حينما يدخل نص الكاتب في تفاعل مع نصوص كاتب عصره, سواء كانت هذه النصوص أدبية أو غير أدبية.
3- "التناص الخارجي :Externe": حينما تتفاعل نصوص الكاتب مع نصوص غيره, التي ظهرت في عصور بعيدة عن عصره.

- المحور الثالث :

التناص ودلالاته في جدارية لمحمود درويش

أ- 1. التناص الأدبي:

التناص الأدبي هو تداخل نصوص أدبية مختارة قديمة أو حديثة شعراً أو نثراً مع نص القصيدة الأصلي بحيث تكون منسجمة وموظفة ودالة قدر الإمكان على الفكرة التي يطرحها الشاعر
6- قراءة في عنوان القصيدة:
النموذج الأول للتناص في الجدارية هو عنوان الديوان/ القصيدة (جدارية) ولأن أرض قصيدته خضراء كما يردد الشاعر في النص فقد كانت بالفعل كذلك أرضاً خضراء غنية بالتناصات حتى إنه ليطالعنا في النص الموازي (العنوان على الغلاف) فحين كتب محمود درويش هذه القصيدة أسماها (جدارية) وهي مفردة مرادفة لـ (معلقة) فلعل الشاعر بهذا يرغب في أن يعود لنقطة البداية من جديد بعد صراع محموم مع النهاية (الموت) في معلقته أو جداريته، ولأن للمعلقات مكانة خاصة ومتميزة في الشعر العربي فإن اختياره لهذا العنوان يرفع من القيمة الأدبية لعمله ويضعه في مصاف المعلقات وربما كان ذلك إيماناً من الشاعر بعبقريته الشعرية وبرؤيته لنصه على أنه يستحق أن يعلق على الجدران كما كان الحال مع المعلقات الخالدة، والدلالة الأخرى التي يثيرها عنوان جدارية هي أن الشاعر في هذه الجدارية يشعرنا بأنه قد أودعها خلاصة شعره وتجربته الحياتية والأدبية وحكمته فأراد لها أن تبقى حية في الأذهان خالدة في الذاكرة كخلود المعلقات الجاهلية ، أو لأن النص بريء وعفوي يتعامل مع "أصغر الأشياء" ببساطة وعفوية البدايات البشرية، وكلما توغلنا في النص كلما تكثفت دلالات المعلقات وما ارتبط بها وبشعرائها - كما سنرى لاحقاً- ، كل هذه الدلالات تفجرها لفظة جدارية التي وسم بها محمود درويش ديوانه هذا.
7- علاقة الشاعر بشعراء
أ‌- امرؤ القيس :
شغل امرؤ القيس الشعر والشعراء في كل عصور الأدب العربي وله فيه مكانة كبيرة ولاشك وذلك لغنى تجربته الأدبية والحياتية ، و"تكاد تكون شخصية امرىء القيس شخصية نموذجية في رحلة الشعر العربي القديم والحديث ، فلطالما استلهم الشعراء شعر امرىء القيس بأساليب مختلفة ومتعددة ، وهذا بحد ذاته أمر يشير إلى أهمية امرىء القيس" وقد استثمر محمود درويش في جداريته محور الغربة في حياة امرىء القيس ووظفه في نصه بشكل موفق ، يقول محمود درويش :
" يا اسمي: سوف تكبر حين أكبر
سوف تحملني وأحملك
الغريب أخ الغريب"
وجد الشاعر في رحلة امرىء القيس وغربته مادة يمكن أن يزاوج فيها بين واقع الإنسان المعاصر وواقع امرىء القيس وهو واقع لا يعرف الاستقرار ، وهنا تتلاقى تجربة امرىء القيس ومحمود درويش حيث يسيطر إحساس عالٍ بالغربة على الشاعر فيشطر من ذاته شطرين ويخلق من نفسه آخراً يستعين به على غربته ، وقد جمع هذا الإحساس بالغربة بين هذين الشاعرين فكلاهما غريب عن أرضه وتجمعه الغربة بألفة هي ألفة الغريب بالغريب كما في قول امرىء القيس :
"أجارتنا إنا غريبان هاهنا وكل غريب للغريب نسيب"
كما أن رحلة امرىء القيس بكل ما فيها من ألم ومغامرة تلتقي مع رحلة درويش الماضية في فضاء أبيض شفاف هو نقاء النهايات التي يقابلها الشاعر بنوع من التحدي حيناً والاستسلام حيناً آخر ، فالغربة والإحساس بدنو النهاية جمع كلا الشاعرين ولعل درويش في هذا التناص يقول لنا أن غربته طويلة ومتأصلة في داخله وتمد جذورها في روحه منذ أيام امرىء القيس حتى يومنا هذا .ويعود محمود درويش في موطن آخر من جداريته ليلتقي بامرىء القيس ولكن هذه المرة يتماس معه في نقطة أخرى ومحور ثان هو الرحلة ، يقول :
"كلابنا هدأت
وماعزنا توشح بالضباب على
التلال. وشج سهم طائش وجه
اليقين. تعبت من لغتي تقول ولا
تقول على ظهور الخيل ماذا يصنع
الماضي بأيام امرىء القيس الموزع
بين قافية وقيصر..."
نعرف أن رحلة امرىء القيس كانت لإعادة ملك مسلوب وهذا الملك المسلوب هو أيضاً ما يرتحل من أجله محمود درويش ملك الأرض والوطن المسلوب ، ولكن درويش يبدو فارساً منهكاً لا يجد في رحلته جدوى حين يطبق عليه اليأس الخناق حيث تغيب معاني الأمل والحياة أمامه فيقع تحت شعور ثقيل بعبثية الحياة والوجود وتجمد الأشياء وتتصلب عند مؤشر واحد هو الموت ، موت الحياة بكل ما فيها من مظاهر ساذجة وحميمة ، وما يزيد من إحساس العبث هذا هو ذلك السهم "الطائش" الذي شج وجه اليقين وهو معادل موضوعي لفكرة الموت في نفس الشاعر، فحينها لا يعود للارتحال ولا للمغامرة ولا لطلب أي هدف معنى لذلك جاء تناصه مع رحلة امرىء القيس هنا مرتداً للماضي الموزع بين الشعر والغاية التي كرس لها الشاعر حياته كما كرس امرىء القيس حياته من أجل قضيته وفي النهاية لم ينل أي منهما سوى ذلك اليقين الأبدي .. الموت.
ب‌- ابي علاء المعري:
يستعرض محمود درويش في لحظات سريعة مشارفته على الموت في مشاهد متتالية ذات إيقاع سريع ومتوتر فيطل على شرفات الموت ليلتقي ويصافح من سبقوه إلى مصيره الذي هو سائر إليه طوعاً أو كرهاً فيقول :
" رأيت المعري يطرد نقاده
من قصيدته :
لست أعمى
لأبصر ما تبصرون
فإن البصيرة نور يؤدي
إلى عدم....... أو جنون"
اجتمع محمود درويش بالمعري تحت سماء البصيرة ويتحد صوتيهما حين يجسد محمود درويش فلسفته بأن البصيرة نور يؤدي إلى العدم أو الجنون ، وكما انكشف الحجاب أمام المعري لقوة بصيرته تخترق بصيرة درويش عالمنا الضيق ويظل على مشارف الموت ويتعرف على عوالمه ومظاهره ، واختيار الشاعر للمعري خصوصاً يكشف عن عدة أبعاد عناها الشاعر من هذا التناص فمحمود درويش يتعالى ويأنف مما يراه حوله من حياة كالحة قبيحة يسلب فيها الإنسان أبسط حقوقه بالأمن والسلام والوطن، فيصبح الراكنون إلى الحياة دون هذه الحقوق عمياناً في نظره وكذا كان المعري الذي ملأ الدنيا بفلسفته ، ولئن كان المعري يطرد نقاداً من قصيدته فبإمكاننا أن نستشف ونقيس على حال المعري أن درويش أيضاً - باعتبار قضيته الوطنية- يمارس أيضاً هذا الطرد ولكنه هنا يطرد أعداءً من أرضه، فكلاهما يشتركان معاً في الرفض وفي نفاذ البصيرة ، وهكذا اتكأ محمود درويش على فلسفة المعري ليعمق دلالاتها في نصه بما يخدم فكرته التي يدعو لها.
ت‌- طرفة بن العبد:
حوار مع الموت ، هكذا كان لقاء درويش بطرفة بن العبد
"أيها الموت انتظرني خارج الأرض
انتظرني في بلادك ريثما أنهي
حديثاً عابراً مع ما تبقى من حياتي
قرب خيمتك ، انتظرني ريثما أنهي
قراءة طرفة بن العبد"
يستمر نص الجدارية في حوار مع الموت والمرء لا يحاور إلا من كان حاضراً ماثلاً أمامه وهكذا كان الموت لمحمود درويش ماثلاً أمامه حتى لنكاد نشتم رائحة ألفة ما في صيغة هذا الحوار والخطاب للموت، هذا الزائر الذي لامفر منه والقدر المحتوم الذي يتربص بالجميع يبلغ اقترابه من نفس الشاعر حد الاعتياد والألفة، وكما مر على طرفة وغيره من قبل وطواهم فإن الشاعر يبدو على أهبة الاستعداد لامتطاء صهوته ، إن محمود درويش في هذه الأسطر يبدو وكأنه يتلو صك الموت ويمسكه بين يديه تماماً كما حدث لطرفة بن العبد حين كان يمسك بيده أمر قتله سائراً إلى حتفه، استلهم درويش هذه الحادثة ببراعة مثيراً مشاعر العظمة والشفقة المتناقضة وفي آن واحد... عظمة السير بخطى ثابتة نحو النهاية، والشفقة على الإقبال على الموت مخدوعاً، كما أن ذكره قراءة طرفة يستحضر إلى الأذهان معلقة طرفة بن العبد التي أكثر فيها من ذكر الموت وندب نفسه، لقد منح الشاعر فكرة الموت في تناصه مع طرفة إيحاءات كبيرة حين ربط بين ذاته وبين ذاك الشاعر الجاهلي بأكثر من رابط وصلة : أولها أن لكل منها معلقة وفي كل معلقة حضور طاغي للموت وعامل مواجهة الموت بثبات، وقد وفق درويش ببراعة في هذا التناص وإذابته في جسد قصيدته بشكل تقاطرت فيه قوافل الموت من أيام طرفة حتى ساعات درويش الأخيرة مع صراعه.

ث‌- لبيد بن أبي ربيعة:

يبلغ اليأس واليقين مداه في مقطع آخر من الجدارية ويتدثر الشاعر بعباءة الحكيم مردداً:
" باطلٌ باطلُ الأباطيل....باطلْ
كل شيء على البسيطة زائــلْ"
ويقرر ثلاثاً بأن كل شيء باطل مضمناً مقولته الحكيمة هذه رائحة الأسلاف الحكماء الذين خبروا الدنيا وأهدونا خلاصة تجاربهم يمثلهم في هذا الموطن لبيد بن أبي ربيعة الذي يرن صدى بيته:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالـــــة زائل
فحين يذكر درويش الحكمة في مقطع ما في قصيدته يختمها ببيت لبيد الحكيم على مدى أربعة مرات على مدار القصيدة، فهذا البيت ذو صلة وطيدة بالنص حيث يصب هو الآخر في فكرة الخلود التي يطرحها الشاعر في نصه، وحين يورد هذه الحكمة يعلو الإيمان واليقين المطلق بأن الدنيا فانية مباهجها زائلة وأن كل ما عليها فانٍ فإنه بذلك يشهد ويقر بهذه الحقيقة الأزلية وكأنه يلوذ بإيمانه وبالحكمة خلف بيت لبيد ليواسي نفسه - رغم تماسكه أمام الموت - مردداً خلف لبيد بيته موصلا هذه الحقيقة التي استشعرها بعمق للآخرين.

ب-2. التناص الأسطوري

ويعني التناص الأسطوري استحضار الشاعر بعض الأساطير القديمة وتوظيفها في سياقات القصيدة لتعميق رؤية معاصرة يراها الشاعر في القضية التي يطرحها :
1- طائر الفينيق:
يقول محمود درويش:
" سأصير يوماً طائراً
وأسل من عدمي
وجودي. كلما احترق الجناحان
اقتربت من الحقيقة، وانبعثت من الرمــاد"
في غمرة شعوره باليأس وثقل وطأة فكرة الموت عليه تومض الحياة ببريقها اللامع من جديد وينهض الأمل فيؤكد في هذا المقطع بأنه سيصر يوماً ما ما يريد وهو هنا يريد أن يكون طائراً بكل ما يملك الطائر من حرية التجوال والاختيار، إن الشاعر الذي يعاني صراعاً مع الموت والعدم يجد أن هذا الموت قد يكون أحياناً باعثاً للحياة وهو يستلهم هنا أسطورة طائر الفينيق الذي يحترق كل ليلة ويعود يبعث من الرماد طائراً مرة أخرى ويستمد درويش من هذه الأسطورة فكرة التجدد في إشارة حافلة بدلالة الأمل والحياة والإصرار على الوجود فيستل من عدمه وجوده ومن فنائه حياة جديدة وهذا ما منح هذا الاستثمار بعد الخلود والديمومة فهو سيبقى قادراً على إيجاد حياة من العدم وخلق شيء من لا شيء، ويعكس هذا التناص بوضوح عمق الجدل بين فكرة الموت والحياة والفناء والبقاء ولكن الشاعر استطاع أن يوفق بينهما باختياره تلك الأسطورة التي جمعت بين النقيضين.

3- ملحمة جلجامش:

بما أن نص الجدارية يحكي كما ذكر أكثر من مرة فكرة (الموت والحياة) والصراع بينهما، ولأن محمود درويش شاعر صاحب مخيلة خصبة فقد كان لابد من إغواء الأساطير وحضورها وهي التي نسج أغلبها تجسيداً لهذه الفكرة المقرونة بميلاد الحياة ، يقول محمود درويش في مقطع طويل جسد فيه بشكل متواصل ومطول تلك الأسطورة

"كم من الوقت
انقضى منذ اكتشفنا التوأمين : الوقت
والموت الطبيعي المرادف للحياة؟
ولم نزل نحيا كأن الموت يخطئنا،
فنحن القادرين على التذكر قادرون
على التحرر، سائرون على خطى
جلجامش الخضراء من زمن إلى زمن.../
هباء كامل التكوين...
يكسرني الغياب كجرة الماء الصغيرة.
نام أنكيدو ولم ينهض. جناحي نام
ملتفاً بحفنة ريشه الطيني. آلهتي
جماد الريح في أرض الخيال. ذراعي
اليمنى عصا خشبية ، والقلب مهجور
كبئر جف فيها الماء فاتسع الصدى
الوحشي : أنكيدو! خيالي لم يعد
يكفي لأكمل رحلتي واقعياً . هات
أسلحتي ألمعها بملح الدمع ، هات
الدمع ، أنكيدو، ليبكي الميت فينا
الحي ، ما أنا؟ من ينام الآن
أنكيدو؟؟ أنا أم أنت؟"

ويتابع بعد أسطر فيقول :

" لابد لي من حمل هذا اللغز ، أنكيدو، سأحمل عنك
عمرك ، ما استطعت وما استطاعت
قوتي وإرادتي أن تحملانك. فمن
أنا وحدي؟ هباء كامل التكوين .
من حولي"

ويستمر بعد ذلك فيقول:

" أنكيدو ترفق بي وعد من حيث مت، لعلنا
نجد الجواب ، فمن أنا وحدي؟"

ضمن محمود درويش المقطع السابق إشارات كثيرة مباشرة لملحمة جلجامش حيث وظف سعي جلجامش خلف أسرار الحياة وعشبة الخلود في قصيدته خير توظيف ، إذ إن هذه الأسطورة تختصر الكثير مما يود أن يوصله من معاني تشبث الإنسان بكل طمعه وحبه الغريزي للبقاء والحياة، فقد جاب جلجامش المسافات بحثاً عن ذات الهدف الذي يبحث عنه درويش السائر على خطى جلجامش ككل البشر ، كيف لا وقد أدرك الإنسان ثنائية الحياة والموت المترادفتان، ولأن الخطى واحدة كانت النتيجة واحدة وهي أن أضاع الإنسان سر الخلود وهو وهم كبير ويتلاشى في النهاية أمام حقيقة الموت.

ويستفيض الشاعر في دمج تفاصيل هذه الأسطورة ذات العلاقة المباشرة بجوهر الجدارية وذلك حين يعبر عن انكساره وهو المتواري خلف شخصية جلجامش حين ينكسر أمام الغياب... الغياب الأبدي الذي سلبه صديقه أنكيدو ولم يبق ِ له من سمات الحياة والتواصل شيئاَ فقد ذهب أنكيدو ليعانق الموت ويتركه إزاء فلسفة الموت، ويشتبك فضاء الموت والفلسفة والأسطورة في مزيج مذهل ويتصاعد توتر لغة النص حتى تبلغ مداها فيندفع الشاعر بأسلوب التداعي الحر على لسان جلجامش معبراً عن حيرته تارة وعن انكساره تارة أخرى وحيناً يتلبسه الإصرار والثبات، وفي دراسة لقصيدة أخرى لمحمود درويش أشار الدكتور محمد بنيس إلى دلالة الموت في قصائد محمود درويش عامة، إذ غالباً ما ترتبط قضية الموت عنده بعبور الخطر لمواجهة الموت وترتبط أيضاً بتصعيد القلق، ويرى أن محمود درويش يذكر الموت متفاعلاً مع مواجهته حتى النهاية في ظل غياب الله عن العالم فالشاعر وحده هو الذي يواجه الموت وهذا ما نلمسه بوضوح في هذا النص الوارد هنا من الديوان، ويستمر محمود درويش في مخاطبة صديقه الغائب جسداً وهو يتأرجح بين الرفض والقبول لفكرة الموت معلناً في لحظة تحدي أن يحل لغز الموت المحير، ويبدو الشاعر في هذا المقطع مفتوناً بسحر الأساطير ومفعماً بتلك القدرة الخارقة التي تضفيها الأسطورة على أبطالها إلا أن الضعف الإنساني يطغى في النهاية وتنتصر حقيقة هي الموت.

ج- التناص التاريخي :

يعرف التناص التاريخي بأنه تداخل نصوص تاريخية مختارة ومنتقاة مع النص الأصلي للقصيدة تبدو مناسبة ومنسجمة لدى المؤلف ، والحقيقة أن في نص جدارية الكثير من التناصات التاريخية في جوانب متعددة من النص وبتوظيفات مختلفة ولكن جاء اختيار مقطع واحد يحوي أكثر من إشارة دالة .في جولة جديدة من المواجهة يقول محمود درويش :

" هزمتك يا موت الفنون جميعها.
هزمتك يا موت الأغاني في بلاد
الرافدين . مسلة المصري. مقبرة الفراعنة،
النقوش على حجارة معبد هزمتك
وانتصرت ، وأفلت من كمائنك
الخلود..."

يتبنى الشاعر موقفاً جديداً مليئاً بالثقة والتحدي ويكيل للموت الهزائم ويتحول الصراع هنا إلى هزيمة ونصر حيث كسب الشاعر جولة ضد الموت تغنى فيها بانتصاراته، وهي انتصارات البشرية انتصار الذاكرة والحضارة والتاريخ وذلك من خلال ذكره للانجازات الإنسانية الخالدة، فالموت رغم تسلطه ومده لنفوذه على البشر إلا أنه يعجز عن ابتلاع الإنجازات القيمة لهولاء البشر ، يعجز أمام اللغة والحضارة والثقافة لأنها خالدة ولأن الإنسان إنما ينتصر بفعله وحضارته وانجازاته لا بـ" الطيني البشري" منه على حد تعبير الشاعر، فبلاد الرافدين منطلق الحضارات الإنسانية قاطبة، والمسلات والمقابر الفرعونية شاهدة على حقبة تاريخية حافلة بالإنجاز لاسيما للعالم العربي ونقوش المعابد بما يرتبط فيها من علم وتأريخ للماضي كلها تقف ببسالة أمام شراسة الموت واندفاعه فهذا التناص التاريخي منح النص بعداً ثقافياً وكان بمثابة لفتة وإشارة تربوية للإنسان العربي خاصة بأنه إنما ينتصر بعلمه وإنجازاته وانطلاقه من هويته الخالدة وتاريخه العظيم


خاتمة :

يتبنى الشاعر موقفاً جديداً مليئاً بالثقة والتحدي ويكيل للموت الهزائم ويتحول الصراع هنا إلى هزيمة ونصر حيث كسب الشاعر جولة ضد الموت تغنى فيها بانتصاراته ، وهي انتصارات البشرية انتصار الذاكرة والحضارة والتاريخ وذلك من خلال ذكره للانجازات الانسانية الخالدة ، فالموت رغم تسلطه ومده لنفوذه على البشر إلا أنه يعجز أن ابتلاع الانجازات القيمة لهولاء البشر ، يعجز أمام اللغة والحضارة والثقافة لأنها خالدة ولأن الانسان إنما ينتصر بفعله وحضارته وانجازاته لا ب" الطيني البشري" منه على حد تعبير الشاعر ، فبلاد الرافدين منطلق الحضارات الإنسانية قاطبة ، والمسلات والمقابر الفرعونية شاهدة على حقبة تاريخية حافلة بالإنجاز لاسيما للعالم العربي ونقوش المعابد بما يرتبط فيها من علم وتأريخ للماضي كلها تقف ببسالة أمام شراسة الموت واندفاعه فهذا التناص التاريخي منح النص بعداً ثقافياً وكان بمثابة لفتة وإشارة تربوية للانسان العربي خاصة بأنه إنما ينتصر بعلمه وإنجازاته وانطلاقه من هويته الخالدة وتاريخه العظيم.

- المراجع المعتمدة



- جيل دولوز "ما هو المفهوم", ترجمة مطاع صفدي, مقتطف من مجلة "العرب والفكر العالمي", العددان الواحد والعشرون والثاني والعشرون 2007, مركز الإنماء القومي, ص 18.
- محمد مفتاح "تحليل الخطاب الشعري (إستراتيجية التناص)", المركز الثقافي العربي, الطبعة الثالثة,1992 ص 119.
- ابن منظور جمال الدين,لسان العرب,حققه وعلق عليه ووضع حواشيه : عامر احمد حيدر, راجعه : عبد المنعم خليل إبراهيم, بيروت,لبنان,ط1, 2003,مادة نصص,ج7 ,ص109.
- بناني, محمد الصغير, "مفهوم النص عند المنظرين القدماء","مجلة اللغة والأدب", جامعة الجزائر,ع3, ديسمبر 1997م,ص40.
- حمودة,عبد العزيز,"المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيكية",عالم المعرفة,المجلس الوطني للثقافة والفنون و الأدب, دولة الكويت, مطابع الرسالة, الكويت, ع: 232, ابريل-نيسان,1998,ص366.
- الميلود, عثمان, "شعرية تودورف", عيون المقالات,دار قرطبة,الدار البيضاء, المغرب,ط1, 1990, ص 56.
- ابن ذريل، عدنان ،"النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق "، مطبعة إتحاد الكتاب العرب ، دمشق ،"ط 2, ص17.
- "بوسقطة السعيد"،" شعرية النص بين جدلية المبدع والمتلقي" . التواصل ، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية ، تصدرها جامعة عنابة ،. الجزائر ، عدد : 8، جوان 2001 ، ص 2.0.
- "نور الدين السد","الأسلوبية وتحليل الخطاب,دراسة في النقد العربي الحديث", دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع, الجزائر,1997,ج2,ص58. .
- مجمع اللغة العربية, المعجم الوسيط, القاهرة,1985, ط3, الجزء الأول, ص 83.
- حمودة,عبد العزيز,"المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيكية",عالم المعرفة,المجلس الوطني للثقافة والفنون و الأدب, دولة الكويت, مطابع الرسالة, الكويت, ع: 232, ابريل-نيسان,1998,ص361
- محمد بنيس "ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب", الدار البيضاء المغرب,ط 1 ص 181.
- سعيد يقطين,"انفتاح النص الروائي )النص- السياق(,المركز التفافي العربي, الدار البيضاء, المغرب, بيروت,لبنان,ط1, 1989,ص92.
- الشنقيطي/ شرح المعلقات العشر دار القلم. بيروت ص154
- ابن رشيق القيرواني/العمدة.تحقيق:د. هنداوي. المكتبة العصرية بيروت ـ صيدا ط1ج1ص255
- عبد الرحمان ابن خلدون, "المقدمة", دار القلم, بيروت, لبنان, ط7, 1989, ص574.
- احمد طعمة حلبي, "التناص في الدراسات النقدية المعاصرة",عمان, مجلة ثقافية شهرية,تصدر عن أمانة عمان الكبرى,الأردن, عدد 115, ص 74.
- شربل داغر ، التناص سبيلاً إلى دراسة النص الشعري ، مجلة فصول ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، المجلد 16، العدد الأول ، القاهرة ، 1997، ص 127
- محمد بنيس ، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاته، ج 3 : الشعر المعاصر، درا توبقال ، المغرب،ط1، 1990، ص 183- 185.
- قحام حسين ، التناص ، مجلة اللغة والأدب ، قسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة الجزائر ، عدد 12 ، ديسمبر 1997 ، ص 124..
- مفيد نجم، التناص بين الاقتباس والتضمين والوعي واللاشعور، جريدة الخليج ، ملحق بيان الثقافة، ع 55، يناير2001
- أحمد الزعبي، ، التناص نظرياً وتطبيقياً ، مؤسسة عمون للنشر والتوزيع ، الأردن ، ط2 ، 2000، ص22-50.
- موسى ربابعة ، التناص في نماذج من الشعر العربي الحديث ، مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية ، الأردن ط1 ، 2000 ، ص 11.
المرجع الاجنبي:

Hachette Livre et librairie francaise 1993,"Dictionnaire de la langue franç


منقوووول للفائدة










رد مع اقتباس