منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العقوبات و تدابير الامن
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-18, 18:11   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 العقوبات و تدابير الامن

مدخــــل:

إن الجزاء الجنائي هو الأثر القانوني الذي ينجم عن مخالفة السلوك الاجتماعي الذي أمر القانون بإتباعه ، و هو جزء مكمل و ضروري للقاعدة الجنائية بحيث تصبح القاعدة التي تتضمن النص على الجزاء مجرد قاعدة أخلاقية ، والعقاب تطور بوصفه ردا على الجريمة تبعا لتطور تفكير الإنسان و فلسفته ضمن المعطيات الاجتماعية و الثقافية المتغيرة التي عرفها ، فمفهوم الجريمة حديثا ليس مفهوم الجريمة قديما فقديما الجريمة يجب أن تقابل بجريمة مثلها و هو ما عرف بمرحلة العدالة العقابية الخاصة فقد كانت الأعراف و التقاليد السائدة آنذاك تعطي حق الرد إلى الضحية أو أهله أو عشيرته أو قبيلته ضد الجاني و أهله أو قبيلته أو عشيرته أيضا ، عملا بمفهوم المسؤولية الجزائية التي سادت تلك المجتمعات ، و من الناحية الاجتماعية أصبح الثـأر مظهـرا من مظاهـر العزة و الفخر للجماعة و يقصد بها إظهار قوتها و مناعتها أمــام الآخرين و بهذا المفهوم فقد وظف الثأر على انه عمل زجري يرجى منه ردع الآخرين عن العدوان و ساد آنذاك عرف يرى بان طالب الثار هو طالب حق و المفرط فيه جبان " إنها عدالة شعارها القوة هي القانون " بعدها جاءت مرحلة العــدالة العقابيـــة العامة ، و ذلك بظهور الدولة على أنقاض الجماعات السابقة ، اخذ مفهوم العدالة العقابية الخاصة يتلاشى تدريجيا لإفساح المجال أمام العدالة العقابية العامة التي تطبق و تنفذ باسم الدولة ، و نظرا لاتساع الدولة و كثرة عدد المواطنين فقد أنشئ مرفق القضاء ليمارس مهام الدولة باسم الرئيس .
و مع تطور المفاهيم اخذ الجزاء يتخلى تدريجيا عن مظاهر القسوة الهمجية بعد أن أتسمى بمظهر إنساني هدفه إصلاح الجاني و إعادة تأهيله و ذلك بتقدير الجزاء و إعداد المؤسسـات الملائمـة لتنفيـذه و هكذا فقد أصبح الجزاء المقبول هو الجزاء النافـــع و الضروري من اجل تحقيق المنفعة و العدالة فأخذت تترسخ فكرة الجزاء الجنائي الذي هو رد الفعل الاجتماعي على انتهاك القاعدة الجنائية و ينص عليه القانون و يأمر به القضاء و تطبقه السلطات العامة و يتمثل في إصدار أو إنقاص أو تقيد محيط الحقوق الشخصية للمحكوم عليه المقرر بالقانون للناس كافة بهدف و قاية المجتمع من الإجــرام ، و من خلال هذا يتضح أن الجزاء الجنائي هو رد الفعل الاجتماعي على انتهاك القاعدة الجنائية و أن ينص عليه القانون أو أمر به القضاء و أن تطبقه السلطات العامة على المحكوم عليه و أهدار و إنقاص حقوق الجاني الشخصية بالإضافة إلى غاية الجزاء الجنائي الذي يهدف إلى مكافحة الإجرام و ذلك بالردع العام و الردع الخاص الذي هو تطبيق الجزاء بالإضافة إلى ذلك فان للجزاء الجنائي خصائص قانونية تتمثل في :
• المساواة بين الجميع أمام الجزاء الجنائي
• الجزاء الجنائي مقرر لمصلحة المجتمع
• الجزاء الجنائي موجه إلى المستقبل

و في نهاية القرن 19 ظهرت المدرسة الوضعية التي دعت إلى وجب هجر العقوبة بوصفها نظام هرم و فاسد لا يحقق أهداف المجتمع من محاربة الإجرام و تنادي بوجوب الأخذ بنظام التدابير الوقائية كأداة فعالة و قادرة على تحقيق أهداف المجتمع في محاربة الإجرام و هنا أصبح للجزاء الجنائي صورتان و هي صورة العقوبة وصورة التدبيــر الوقائي يسميه القانون الجزائري بتدبير الأمن.
و لقد اخذ القانون الجزائري بهاتين الوسيلتين للرد على الجريمة فنص في المادة الأولى من قانون العقوبات { لا جريمة و لا عقوبة أو تدابير امـن بغيـر قانـون }.

















































































مقدمــــــــة :


قبل الخوض في العقاب في نظر الشريعة الإسلاميـــة و جب علينــا تعـــريف الجريمة ، فتعرف الجرائم في الشريعة الإسلامية بأنها محظورات شرعية زجر اللــه عنها بحد أو تعزير، و المحظورات هي إتيان فعل منهي عنــه أو ترك فعــل مأمور به ، و قد و صفت المحظورات بأنها شرعيـــة ، إشارة إلى أنــه في الجريمة يجب أن تحظرها الشريعة ، فالجريمة هي إتيان فعل محرم على فعله أو ترك فعل محرم الترك يعاقب على تركه ، أو هي فعل أو ترك نصت الشريعة على تحريمه و العقــاب عليه.
و تتفق الشريعة تماما مع القوانين الوضعية الحديثة في تعريف الجريمــة فهذه القوانين تعرف الجريمة بأنها أي عمل يحرمه القانـــون ، و أما امتنــاع عن عمل يقضي به القانون و لا يعتبر الفعل أو الترك جريمة في نظر القوانين الوضعية إلا أذا كان معاقب عليه طبقا للتشريع الجنائي.
و أساس الخلاف بين الشريعة و القانون هو أن الجناية في الشريعـــة ألإسلامية تعني الجريمة أيا كانت درجة الفعل من الجسامة ، أما الجناية في القانون فتعني الجريمـــة الجسمية دون غيرها.
و الأفعال المعتبرة جرائم يأمر بها و ينهى عنها لأن في إتيانها أو في تركها ضررا بنظام الجماعة أو عقائدها أو بحياة أفرادها أو بأموالهم ، أو بأعرافهم أو بمشاعرهم أو غير ذلك من شتى الاعتبارات التي تستوجب حـال الجماعة صياغتـها و عدم التفريط فيها.
و قد شرع العقاب على الجريمة لمنع الناس من اقترافها لأن النهي عن الفعل أو الأمر بإتيانه لا يكفي وحده لحمل الناس على إتيان الفعل أو الانتهاء عنه ولولا العقاب لكانت الأوامر و النواهي أمور ضائعة و ضربا من العبث فالعقاب هو أللذي يجعل للأمن معنى مفهوما و نتيجة مرجوة و هو أللذي يزجر الناس عن الجرائم و يمنع الفســاد في الأرض و يحمل الناس على الابتعاد على ما يضرهم .
و العقوبات و أن شرعت للمصلحة العامة فأنها ليست في ذاتها مصالـــح بـل هي مفاسد و لكن الشريعة أوجبتها لأنها تؤدي إلى المصلحة الجماعية الحقيقية و إلى صيانـة هذه المصلحة و ربما كانت هذه الجرائم مصالح و لكن الشريعة نهت عنها لا لكونـــها مصالح بل لأدائها إلى المفاسد فالزنا و شرب الخمـــر و اختــلاس أموال الغيــر و هجر الأسرة و الامتناع عن إخراج الزكاة كل ذلك قد يكون فيه مصلحة للأفراد و لكنها مصالح ليس لها اعتبار في نظر الشارع و لقد نهى عنها لا لكونها مصالح بل لأنها تؤدي إلى أفساد الجماعة ، فالعقوبات مقررة لحمل الناس على ما يكرهون ما دام انه يحق مصلحة الجماعة و لصرفهم على ما يشتهون ما دام انه يؤدي إلى أحياء الجماعة و هذا مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم ’’ حفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات ’’.

و خلاصة ما تقدم أن الشريعة الإسلامية اعترت بعض الأفعال الجرائم و عاقبت عليها لحفظ مصالح الجماعة و لصيانة النظام أللذي تقوم عليه الجماعة و لضمان بقاء الجماعة قوية متماسكة و متضامنة متخلقة بالأخلاق الفاضلة و الله أللذي شرع هذه الأحكــــام و أمر بها.
وجدت قاعدة لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص في الشريعة الإسلامية في مدة تزيد عن 14 قرنا ، حيث جاءت بها نصوص القرآن كقوله تعالى " و ما كنا معذبيـن حتى نبعث رسولا " الإسراء 15، و قوله تعالى " و ما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا " القصص 59.
و بهذا تمتاز الشريعة الإسلامية على القوانين الوضعية التي لم تعرف هذه القاعدة إلا في أعقاب القرن الثامن عشر ميلادي حيث أدخلت في التشريع الفرنسي كنتيجة من نتائــج الثورة الفرنسية و قررت لأول مرة في إعلان حقوق الإنسان الصادر في سنة 1789 ثم انتقلت القاعدة من التشريع الفرنسي إلى غيره من التشريعات الوضعية.



























المبحث الأول: العقوبة بصفة عامة و المبادئ التي تقوم عليها


المطلب الأول: العقوبة والغرض منها
العقوبة هي الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع و المقصود من فرض عقوبة على العصيان أمر المشرع هو إصلاح حال البشر و حمايتهم من الفساد وإخراجهم من الجهالة و الضلالة و كفهم عن المعاصي .

المطلب الثاني: الأصول التي تقوم عليها العقوبة
وجب أن تقوم العقوبة على أصول تحقق هذا الغرض لتؤدي العقوبة وظيفتها كما ينبغي ، و الأصول المحـــققة للغرض المطلوب هي :
* أن تكون العقوبة بحيث تمنع الكافة عن الجريمة قبل وقوعها ، أي إنها موانع قبل الفعل زواجر بعده أي العلم بشرعيتها يمنع الإقدام على الفعل و إتيانها بعده يمنع العود اليه.
* إن حد العقوبة هو حاجة الجماعة و مصلحتها أي فيما يخص تشديد و تخفيف العقوبة
* إن اقتضت حماية الجماعة من شر المجرم استئصاله من الجماعة أو حبس شره عنها تتمثل العقوبة في إعدام المجرم أو حبسه.
* إن كل عقوبة تؤدي إلى إصلاح الأفراد و حماية الجماعة هي عقوبة مشروعة فلا ينبغي الاقتصار على عقوبات معينة دون غيرها.
* إن تأديب المجرم ليس معناه الانتقام منه و إنما استصلاحه و العقوبات إنما شرعت رحمة من الله تعالى بعباده فهي صادرة عن رحمة الخلق و أرادة الإحسان إليهم.

المطلب الثالث: نظرية الشريعة في العقاب
أن للعقوبة في الشريعة الإسلامية أصلين أساسين أو مبدأين عامين و بعضها يعنى بمحاربة الجريمة و يهمل شخصية المجـــرم و بعضها يعنى بشخصية المجرم و لا يهمل محاربة الجريمة .
و قد قامت نظرية العقوبة في الشريعة على هاذين المبدأين المتضاربين و لكن الشريعة جمعت مابين المبدأين بطريقة تزيل تناقضهما الظاهر و تسمح بحماية المجتمع من الإجرام في كل الأحوال و بالعناية بشخـص مجـرم في أكثـــر الأحوال ، و ذلك أن الشريعة أخذت بمبدأ حماية الجماعة على أطلاقه و استوجبت توفرها في كل العقوبات المقررة للجرائم.

المطلب الرابع: شروط العقوبة
يشترط في كل عقوبة أن تتوفر فيها الشروط التالية:
* تكون العقوبة شرعيـة أذا كانت تستنـد إلى مصــدر من مصــادر الشريعة ، كأن يكون مردها القرآن ،السنـــة أو الإجماع أو صدر بها قانون من الهيئة المختصــة و يشترط في العقوبات التي يقررها أولو الأمر أن لا تكون منافية لنصوص الشريعة و إلا كانت باطلة.
* أن تكون العقوبة شخصية أي تصيب الجاني و لا تتعداه إلى غيره و هذا الشرط هو أحد الأصول التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية.
* أن تكون العقوبة عامة أي تقع على كل الناس مهما اختلفت أقدارهم بحيث يتساوى أمامها الحاكم و المحكوم و الغني و الفقير و المتعلم و الجاهل.


المبحث الثاني: أقسام العقوبـــــــة

المطلب الأول: العقوبات الأصلية
هي العقوبات المقررة أصلا للجريمة كالقصاص للقتل و القصاص للزنا و القطع للسرقة.

المطلب الثاني: العقوبات البديلة
و هي العقوبات التي تحل محل عقوبة أصلية أذا ما أمتنـع تطبيق العقوبـة لسبب شرعي و مثلها الدية أذا درئ القصاص و التعزير أذا درئ الحد أو القصاص.
و العقوبات البديلة هي عقوبات أصلية قبل أن تكون بديلة ، و أنما تعتبر بديلة لما هو أشد منها أذا امتنع تطبيق العقوبة الأشد ، فالدية عقوبة أصلية في القتل شبـــه العمد و لكنها تعتبر عقوبة بديلة بالنسبة للقصاص، و التعزير عقوبة أصلية في جرائم التعازير و لكن يحكم به بدلا من القصاص أو الحد أذا أمتنع الحد أو القصاص لسبب شرعي .

المطلب الثالث: العقوبات التبعية
هي العقوبات التي تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة الأصلية و دون حاجة للحكم بالعقوبة التبعية، و مثلها حرمان القاتل من الميراث فالحرمان يترتب على الحكم على القاتل بعقوبة القتل و لا يشترط فيه صدور الحكم بالحرمان ، و مثلها أيضا عدم أهلية القاذف للشهادة فعدم الأهلية لا يشترط أن يصدر به الحكم و أنما يكفي لانعدام الأهلية صدور الحكم بعقوبة القذف.

المطلب الرابع: العقوبات التكميلية
هي العقوبات التي تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة الأصلية بشرط أن يحكم بالعقوبة التكميلية.
و العقوبات التكميلية تتفق مع العقوبات التبعية في أن كليهما مترتبة على حكم أصلي و لكنهما يختلفان في أن العقوبة التبعية تقع دون حاجة لإصدار حكم خاص بها أما العقوبة التكميلية فتستوجب صدور حكم بها ، و مثل العقوبة التكميلية تعليق يد السارق في رقبته بعد قطعها حتى يطلق سراحه فأن تعليق يد السارق مترتب على القطع و لكنه لا يجوز إلا أذا حكم به.




المبحث الثالث: تعدد العقوبـــات

تتعدد العقوبات كلما تعددت الجرائم و تتعدد الجرائم كلما ارتكب شخص جرائم متعددة قبل الحكم عليه نهائيا في واحدة منها و هذا هو المعنى الفني للتعدد.
و تعدد الجرائم أما صوري أو حقيقي فهو صوري أذا ارتكب الجاني فعــلا واحدا يخل تحته صور شرعية مختلفة و يحدث ذلك كلما انطبق على الفعل أكثر من نص واحد كضرب الموظف أثناء تأدية وظيفته فالفعل يمكن أن يكون ضربا و يمكن أن يكن مقاومة و تعديا أما التعدد الحقيقي فيوجـــد كلما تعددت أفعال الجاني بحيث تكون كل واحدة منها جريمة مستقلة.

المطلب :القوانين الوضعية و التعدد
عرفت القوانين الوضعية ثلاث طرق مختلفة في حالة تعدد الجرائم.
الفرع الأول : طريقة الجمع
و يأخذ بهذه الطريقة القانون الانجليزي و مقتضاها أن يوقع على الجاني مجموع العقوبات المقدرة لكل الجرائم التي ارتكبها و عيب هذه الطريقة الإفراط في العقاب لأن الجمع بين العقوبات قد يؤدي إلى أن تبلغ العقوبة حدا مفرطا في الشدة فالحبس و هو عقوبة مؤقتة إذا تعدد أصبح عقوبة مؤبدة و الغرامات أذا تعددت قد تؤدي إلى مصادرة تامة لأموال المحكوم عليهم.
الفرع الثاني: طريقة الجب
و معنى الجب أن تقضي العقوبة الأشد على غيرها من العقوبات فمقتضى هذه الطريقة أن لا يوقع على الجاني سوى أشد العقوبات المقررة للجرائم التي ارتكبها و عيب هذه الطريقة التهاون و التفريط فالشخص الذي يرتكب عشرة جرائم مثلا يعاقب بعقوبة الجريمة الأشد فقط دون غيرها من العقوبات و معنى هذا أن من يرتكب جريمة خطيرة يعاقب عليها بعقوبة شديدة يكون في حل من ارتكاب الجرائم الأبسط منها طالما انه لم يعاقب على جريمته الخطيرة.
الفرع الثالث :الطريقة المختلطة
و قد عالجت عيوب الطريقتين السابقتين بهذه الطريقة الثالثة و تدعى بالمختلطة أو المتوسطة و نعني بالجمع بين العقوبات على أن لا يتجاوز مجموعها حدا معينا و تعين الحد الأقصى للعقوبة قصدا منه منع الإفراط في العقاب و هي تعالج طريقة الجب لتشديد العقوبة الواحدة التي يحكم بها و قد جمعت أكثر التشريعات الوضعية الحديثة بين طريقة التعدد و الجب مع تعديدهما.





المبحث الرابع: أسباب سقوط العقوبة

تسقط العقوبات في الشريعة لأسباب مختلفة و لكن ليس في هذه الأسباب ما يعتبر سببا عاما مسقطا لكل عقوبة إنما تتفاوت الأسباب في أثرها على العقوبات فبعضها يسقط معضم العقوبات وبعضها مسقط لأقلها، و بعضها خاص بعقوبــات دون أخرى و الأسباب المسقطة للعقوبات هي موت الجاني ، فوات محلل القصاص، توبة الجانـي الصلح، العفو ارث القصاص ، تقادم العقوبة.

1- موت الجاني: تسقط العقوبات بموت الجاني إذا كانت بدنية أو متعلقة بشخص الجاني لأن محل العقوبة هو الجاني و لا يتصور تنفيذها بعد انعدام محلها أما أذا كانت العقوبة مالية كالدية و الغرامة و المصادرة فلا تسقط بموت الجاني لأن محل العقوبة مال الجاني لا شخصه و من الممكن تنفيذ العقوبة على مال الجاني بعـد موته و قد اختلف الفقهاء فيما أذا كان سقوط عقوبة القصاص بموت الجــاني ، يوجب الديـــة في ماله أولا ، فرأى مالك و أبو حنيفة أن انعدام محل القصاص يترتب عليه سقوط عقوبة القصاص و لا يترتب عليه وجوب الدية في مال القاتل لأن القصاص عندهما واجب عين و الدية في رأيهما لا تجب بدلا من القصاص إلا برضاء الجاني ، فإذا مات الجاني سقط الوجوب و هو القصاص و لم تجب الدية ، لان الجاني لم يوجبها على نفسه و يستوي أن يكون الموت بآفة سماوية أو بيد شخص آخر ما دام الموت بحق فإذا مات الجاني بمرض أو قتل في قصاص لشخص آخر أو قتل لزنا أو ردة ففي كل هذه الحالات تسقط عقوبــة القصاص و لا تجب الدية بدلا منهما أما أذا قتل الجاني ظلما فيرى مالك أن القصاص لأولياء المقتول الأول فمن قتل رجلا فعدى عليه أجنبي فقتله عمدا فدمه لأولياء المقتــول الأول و يقال لأولياء المقتول الثاني ارضو أولياء المقتول الأول و شأنكم بقاتلي وليكم في القتل أو العفو، فان لم يرضوهم فلأولياء المقتول الأول قتله أو العفو عنه و لهم ذلك إن لم يرضو بما بدا لهم من الدية أو أكثر منها و أن قتـل خطأ فديتـه لأوليــاء المقتـــول الأول و يساوي أبو حنيفة بين الموت بحق و الموت بغير حق فكلاهما يسقط حق القصاص سقوطا مطلق و لا يوجب الدية في مال الجاني و لا في مال غيره أذا جني عليه و يرى الشافعي و احمد أن فوات محل القصاص يسقط عقوبة القصاص في كل الأحوال سواء كان الموت بحق أو بغير حق ولكنه يؤدي إلى وجوب الدية في مال الجاني و نستطيع أن نتبين مدى الخلاف بين الفقهاء في المثال الآتي ّّّّ ّّ إذا قتل زيد علي فان لأولياء علي حـق القصاص عــلى زيد ، فإذا مرض زيد ومات سقط القصاص لموته و لاشيء لأوليائه طبقـا لرأي مالك و أبي حنيفة، و لا لأوليائه الدية في مال زيد طبقـا لرأي الشــافعي و أحمد ّّ ّ.
2- فوات محل القصاص: المقصود بالقصاص هنا القصاص فيما دون النفس و معنى فوات محل القصاص أن يذهب العضو محل القصاص مع بقاء الجاني حيا ففوات محل القصاص بسبب مسقط القصاص و الأصل إن محل القصاص فيما دون النفس هو العضو المماثل لمحل الجناية فإذا فات محل القصاص سقط القصاص لأنه محل انعدام ولا يتصور وجود الشيء مع انعدام محله.
فإذا سقط القصاص بحق لم يجب للمجني عليه شيء عند مالك ، لأن حق المجني عليه في القصاص عيني فإذا سقط القصاص فقد سقط حقد المجني عليه و أبو حنيفة هو من القائلين بأن موجب العمد هو القصاص عينا يفرق بين ما إذا فات محل القصاص بآفــة أو مرض أو ظلما و بين فواته بحق كتنفيذ عقوبـة أو استفـــاء القصاص و يــرى الشافعي و أحمد أن للمجني عليه إذا ذهب محل القصاص أن يأخذ الدية أيا كان بسبب ذهاب محل القصاص لأن العمد عندهما أحد الشيئين غيـــر عين للقصاص و الدية فإذا ذهب محل القصاص تعينت الدية موجبا.
3- توبة الجاني: من المتفق عليه في الشريعة إن التوبة تسقط عقوبة جريمة الحرابة المقررة جزاء على الأفعال التي تمس حقوق الجماعة و ذلك لقوله جل شانه ّّ ّ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ّّ ّّ .
فالمحارب إذا تاب قبل القدرة عليه سقطت عنه العقوبات المقررة على الأفعال الماسة بحقوق الجماعة ، أما العقوبة المقررة على الأفعال الماسة بحقوق الأفراد فلا تسقطها التوبة.
4- الصلح: هو سبب من أسباب سقوط العقوبة و لكنــه لا يسقط إلا القصاص و الدية أما عاداهما من العقوبة فلا أثر للصلح عليهم و خلاف بين الفقهاء في أن القصاص يسقط بالصلح و يصح أن يكون الصلح عن القصاص لأكثر من الدية وبقدرها و بأقل منها وبما كان القصاص ليس مالا جاز الصلح عنه بما يمكن إن يتفق عليه لأنه صلح عن ما لا يجري فيه الربا، و أما إذا كان الصلح على الدية وليس على القصاص فانه لا يجوز أن يكون على أكثر ما تجب فيه الدية لان ذلك يعتبـر ربا فمثلا : لا يصلح الصلح على الدية مقابل مئة و عشرين من الإبل ، لأن الدية مئة من الإبل فقط و لان الزيادة ربا.
5- العفو: هو سبب من أسباب سقوط العقوبة و هو إما أن يكون من المجني عليه أو وليه و إما أن يكون ولي الأمر ، ولكن العفو ليس على أي حال سببا عاما لإسقـاط العقـوبة و إنما هو سبب خاص لسقوط العقوبة في بعض الجرائــم دون البعض الآخر و القاعدة التي تحكم العفو انه لا اثر له في جرائم الحدود.
6- ارث القصاص: تسقط عقوبة القصاص إذا ورث القصاص من ليس لـــه أن يقتضي من الجاني كما تسقط العقوبة إذا ورث الجاني نفسه كل القصاص أو بعضه فمثلا : إذا كان في ورثة المقتول ولد القاتل فلا قصاص، لأن القصـاص لا يتجزأ و مادام لا يجب بالنسبة لولد القاتل لأن الولد لا يقتص من أبيه فهو لا يجب للباقين و كذلك الحكـم لورث بعض القصاص فـان القصاص يسقـط و لمن بقـي من المستحقين نصيبهم من الدية.
7- التقادم: و المقصود به هم مضي فترة معينة من الزمن على الحكم بعقوبة دون إن تنفذ فيمتنع بمضي هذه الفترة تنفيذ العقوبة.


















































المبحث الأول : المبادئ العامة للعقوبــــة

المطلب الأول : تعريف العقوبــة
هي عمل ضار يصيب المجتمع في أمنه و استقراره و تعرض مصالحه الحيويـة للخطر و يعبر عن غضبه إزاء هذا العمل الضار بإنزال عقوبة بالجاني.
و تمثل العقوبة على إنها نوع من الشر أو الإيلام الذي ينزل بالجاني و ينفذ قهرا بموجب اجراآت محددة في القانون ، فالعقوبة إذا هي جزاء جنائي يقرره القـــانون و يوقعه القضاء على المجرم.
من هذا التعريف نستخلص الخصائص التي تتميز بها العقوبة وهي إن العقوبة جزاء أي إنها تتحمل رد الفعل الاجتماعي على مخالفة القانون و ارتكاب الجريمة و هذا تأكيد لمبدأ الشرعية، و العقوبة توقع بناء على حكم قضائي يحدد العقوبة الواجب إنزالها بالمحكوم عليه.

المطلب الثاني: سمات العقوبــة
إن للعقوبة صفة و هي الإيلام لأنها تحرم الجاني من ممارسة حقوقه العامة كغيره من الناس فمثلا فالمحكوم عليه بالسجن تمس في حريته و تقيده ، أما عقوبة الغرامة فتصيبه في ماله أما عقوبة الإعدام فتمس المحكوم في حياتــه ، و يتحدد مقدار الإيلام كمـــا و نوعا بحسب جسامة الجريمة المقترفــة ، فالعـدالة تقضي أن يكـون هنــاك تكافئ و تناسب بين الجريمة و العقوبة أما جسامة الجريمة لا تحدد بضررها فحسب إذ يجب مراعاة الجانب النفسي للمجرم أو الجاني ، فقد يكون ضرر الجريمة كبيرا و لكن خطا الجاني يسيرا مما يقضي النزول بالعقاب أو الإعفاء منه كمــا في الجرائـم الغير عمديه و حالات الظروف المخففة و موانع المسؤولية.
أما الصفة الثانية للعقوبة هي أنها تبدو محقرة لمن تنزل به أي أنها تهبط قيمته الاجتماعية فهي وصمة عار بجبينه في نظر المجتمع لأنه بكل بساطة اعتدى على المصالح التي يحميها القانون ، أما الصفة الثالثة هي أن العقوبة تعبير عن لـوم المجتمع و ذلك أن المجتمع يحمل المسؤولية الكاملة للجاني فيما حدث بشرط أن يكون الجاني مدرك ، عاقل حر الاختيار و على ذلك فالمجتمع لا يلوم المجنون أو الصغير أو المكره لاقترافه عملا إجراميا بسبب العيب الوارد على إرادته.

المطلب الثالث: الضمانات التي تحكم نظام العقوبـــات
بما أن العقاب يؤثر على الأفراد في حرياتهم الشخصية و أموالهم و أرواحهم وجب أن لا تتعسف السلطة التنفيذية في استعماله إذا فالقانون أعطى ضمانات التي تتماشى مع توقيـع العقوبة.
ا- خضوع العقوبة لمبدأ الشرعية: بما أن العقوبة منصوص عليهـا في القانــون و حدد لها نوعها و مقدارها ،فالقاضي لا يستطيع أن يحكم بعقوبة غير منصوص عليـها أو يتجاوز ما هو منصوص عليه ، رغم أن القانون أعطى السلطــة التقديريـة للقاضي لتمكينه لاختياره الجزاء المناسب و هذا بناء على القانون.
ب- شخصية العقوبــــة: أي أنه لا يسأل عن الجريمة إلا مـن ارتكبهـا أو شارك فيها فحسب دون غيره من أفراد أسرته أو ورثته و يترتب على كون العقوبــة شخصية انقضاؤها بالوفاة.
ج- التدخل القضــــائي: هذا ما نص عليه الدستور في المادة 137 { يختص القضاة بإصدار الأحكام }.
فالعقوبة جزاء جنائي لا يجوز أن توقع إلا بعد تدخل قضائي يكون بواسطـــة القضاء الجنائي المختص و هذا صونا لثقة الناس بالقضاء لأنه يتمتع بكل شروط الكفاءة و النزاهة و العلم.
د- المساواة في العقوبـــة: لا يمكن لأحــد من النـــاس أن يتنصـل من مسؤولياته أو أن يستفيد لتخفيف عقوبة بسبب الثروة ، السلالة ، الدين، لأن الجميع سواسيـة أمـام القانـون وهذا ما نصت عليه المادة 131 من الدستور { مبـدأ الشرعية و المساواة و الكـل سواسية أمام القضاء }.
و- ضمان التعويض عن الخطأ القضائي: إذا اخطأ القضاة في توقيع العقوبة علـى الرغم من الاحتياطات القانونية ، يقضي الأمر في هذه الأحوال لتحقيق العدالة أن يعوض من وقع عليه العقاب الخطأ المادة 46 من الدستور.


المبحث الثاني: أغراض العقوبــــة
الغرض من العقوبة هو تحقيق العدالة و الوصول إلى الردع العام و الردع الخاص لذا فللعقوبة وظيفتين هي وظيفة معنوية وأخرى نفعية

المطلب الأول: الوظيفة المعنوية أي السعي لتحقيق العدالة
الجاني الذي خالف القانون أو اعتدى على مصالح المجتمع المحميـــة بالنص الجنائي يستحق أن يزجر أو يعاقب و هذا إرضاء للشعور الاجتماعي و تجسيدا لهبـة القانون
و هذا يبعث الطمأنينة في نفوس الناس بشعورهم أن المجرم قد دفع دينه للمجتمع ونال جزاءه على ما فعل.

المطلب الثاني: الوظيفة النفعية أو الردع
و يقصد به تهديد الناس بوجوب الابتعاد عن الجريمة و الردع ينقسم إلى قسمين الردع العام و الردع الخاص.
الفرع الأول: الردع العــــــام
بما أن المشرع يخاطب عامـة الناس و يأمرهم بضرورة الابتعاد عن العمـل الإجرامي و يهددهم بإنزال العقاب بكل من تجرأ على مخالفة أوامـره و نواهيه.
الفرع الثاني: الردع الخــــاص
ارتكاب الجاني للجريمة يعني أن التهديد العام و إنزال العقوبة بالمجرم لم يردعه ولم يثنيه عن الإجرام ففي مرارة الإيلام للعقوبة و خشيـــة الجاني من معاودة العقوبة عليه ثانية ما قد يردعه و يحول بينـه وبينهم و يؤدي الــردع الخاص دورا تربويا و نفسيا في تقويم اعوجاج الجانـي الذي يتأذى بألــم العقوبة فينصرف عن الإجرام مستقبلا.
*- مدى الانسجام بين هذه الأغراض: تهدف العقوبة في النهاية إلى محاربة الجريمة فالردع العام و الردع الخاص وإنزال الجــزاء المناسب مع جسامــة الجريمة كلها أمــور تتعاون فيما بينها لتحقيق غرض العقوبة في محاربة الإجرام.


المبحث الثالث: تقسيم العقوبـــــات
يمكن تقسيمها إلى عدة تصنيفات بحسب المعيار الذي يستند إليه المشرع من حيث جسامة العقوبة أو طبيعتها أو موضوعها أو مدتها و هي على النحو التالي:

المطلب الأول: عقوبات الجنايات و الجنح و المخالفات
و هذا حسب نص المادة 05 من قانون رقـم 06/23 المؤرخ في20/12/2006{ العقوبات الأصلية في مادة الجنايات هي الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهريـن و الغرامة من 2000الى 20000 دج }.

المطلب الثاني:عقوبات بدنية ماسة بالحرية و ماسة بالاعتبار و المالية
- فالعقوبات البدنية تمس جسم المحكوم عليــه كالإعدام أما العقوبات المــاسة بالحرية و هي نوعان :
ا- سلب حرية المحكوم عليه كالسجن أو الحبس
ب- تقيد حرية المحكوم عليه كتحديد الإقامة أو المنع من الإقامة أما العقوبة الماسة بالاعتبار فهي كحرمان المحكوم عليه من الحقوق الوطنية حسب المادة 09 مكرر1 وفيما يخص العقوبات المالية فمثالها الغرامة المالية و عقوبة المصادرة المنصوص عليها فـي المادة 15من القانون 06-23 المؤرخ في 20/12/2006.

المطلب الثالث: العقوبات المؤبدة والعقوبـــات المؤقتــــة
و هي عقوبات ذات حد واحد و عقوبات ذات حدين ، و نقصد بالعقوبة ذات الحد الواحد عقوبة الإعدام ، و عقوبة السجن المؤبد ، إما عقوبة الحبس و السجن المؤقت فهي تتراوح بين حدين في النص القانوني.

المطلب الرابع: العقوبات الاستئصالية و العقوبات الأصليــــة
هي العقوبات التي تنزل بالمجرم الميئوس من أصلاحه ذوي الخطر الكبيـر على المجتمع و تتمثل تلك العقوبات في عقوبتي الإعدام و السجن المؤبد ، أما السجن المؤقت و الحبس فيمكن استعمالها من أجل إصلاح المحكوم عليه و إعادة تأهيله.
المطلب الخامس: العقوبات الأصلية و العقوبات التكميلية
فالعقوبات الأصلية هي العقوبات الكافية بذاتها لتحقيق معنى الجزاء ، و عليه فانه يحكـم بها منفردة بدون أن يكون توقيعها معلقا على الحكم بعقوبـة أخرى كالإعدام ، السجــن المؤبد ، الحبس، الغرامة، أما العقوبات التكميلية هي مكملة للعقوبات الأصلية و لا توقـع إلا إذا نطق بها القاضي في حكمه و هي على العموم عقوبات جوازيه غير كافية بذاتهـا لتحقيق الجزاء الجنائي هو ما أشارت إليـه المــادة 04 "ق ع ج" الفقرة 3 { العقوبات التكميلية هي تلك التي لا يجوز الحكم بها مستقلة عن العقوبة الأصلية فما عـدا الحالات التي نص عليها القانون صراحة و هي إما إجبارية أو اختيارية }.


المبحث الرابع: أنواع العقوبـــــات

المطلب الأول: العقوبات الأصليـــــــة
و هـذا حسب نص المادة 05 من قانون العقوبات رقم 06/23 المؤرخ في 20/12/2006 { العقوبات الأصلية في مادة الجنايات هي الإعدام الحبس المؤبد السجن المؤقت و الحبس و هي عقوبات تقوم على سلب الحرية للمحكوم عليه .
الفرع الأول: عقوبة الإعدام
و هي أشد العقوبات على الإطلاق و تعني إزهاق روح المحكوم عليه و انقسم الرأي في هذه العقوبة ، فيرى البعض وجوب إلغاء هذه العقوبة و فريق آخر من الفقه يرى الإبقاء عليها ، فالفريق الأول يرى بأن عقوبة الإعدام غير مشروعة غير نافعة و غيــر عادلة و تنقصها المرونة و لا يمكن إصلاح الخطأ فيها.
أما الفريق الثاني الذي يرى ضرورة الإبقاء على عقوبة الإعدام إذ يرون أن هذه العقوبة قادرة على ردع الناس العادين الذين يبتعدون بتأثيرها على الأجرام ، وكذالك يرون أن عقوبة الإعدام تراعي جانب العدل ...الخ، ويخلص أنصار الإبقاء على عقوبة الإعدام إلى التأكيد بأنها عدالة و حزم في مكافحة الأجرام.
و تعمل بعض المنضمات الإنسانية الدولية نشاط على إلغاء هذه العقوبة و على رأسها منظمة العفو الدولية التي تعمل على دفع الدول لإلغائها حيث جاء في القانون الأسـاسي لمنظمة العفو الدولية في المادة 1 { العمل بكل الوسائل المناسبة على مقاومة و فــرض و تنفيذ عقوبة الإعدام أو التعذيب و غيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية... }.
و أوردت منظمة العفو الدولية عدة حجج هي : إمكانية الخطأ في الحكم ، أي الحكـــم بالإعدام على الأبرياء لأن الإنسان ليس معصوم من الخطأ ، و يرى كذلك بأن عقوبــة الإعدام غير عادية " مقابلة القتل بالقتل " و هي عقوبة غير عقلانية بقولها إن عقوبـــة الإعدام تتيح للدول أن تجرد الإنسان من حقه في الحياة ، فعلى دعاة الإبقــاء عليها أن يبرهنوا للجمهور أنها تستند إلى أساس عقلاني ، وحجتهم الأخيرة انه لا يؤثر إلغــاؤها سلبا على السياسة الجنائية أي من غير المحتمل أن تزداد نسبة الجرائم الشنيعة بإلغائهـا.
و قد صدر عن المجموعة البرلمانية لدول المجموعة الأوروبية في 12 مارس عــام 1992 بالتصديق على البروتوكول السادس الخاص بحقوق الإنسان ، وقد حث القرار دول مؤتمر الأمن التعاون الأوروبي و دول المجلس الأوروبي على إلغـاء عقوبــة الإعدام و ممارسة جميع الضغوطات السياسية و الدبلوماسية لــدى جميع الأوساط إلى أن تلغى عقوبة الإعدام في كل البلدان.
الفرع الثاني: عقوبة الإعدام في قانون العقوبات الجزائري
يقر المشرع الجزائري بفائدة عقوبة الإعدام و أهميتها فنص عليها في عدة مواد من قانون العقوبات لمواجهة أخطر الجرائــم و أشدها كالجرائم الخاصــة بأمن الدولة جريمة الخيانة ، جريمة التجسس المادة 61 من قانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 { يرتكب جريمة الخيانة و يعاقب بالإعدام كل جزائري و كل عسكري أو بحار في خدمة الجزائر يقوم بــ:
- حمل السلاح ضد الجزائر.
- القيام بالتخابر مع دولة أجنبية.
- تسليم قوات جزائرية أو ارض أو مدن أو حصون أو منشآت.
- إتلاف أو إفساد سفينة أو مركبات للملاحة الجوية أو عتاد }.
و كذا المادة 62 { تحريض العسكريين أو البحارة على الانضمام إلى دولة أجنبية – القيام بالتخابر مع دولة أجنبية – عرقلة مرور العتاد الحربي – المساهمة في إضعاف الروح المعنوية للجيش....}.
المادة 63 { من يقوم بتسليم معلومات و أشياء و مستندات و تصميمات.....}
المادة 77 الخاصة بالاعتداء الذي يكون الغرض منه تغير نظام الحكــم أو تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد السلطة.
المادة 80 الأمر رقم 75-47 المؤرخ في 17 يونيو 1975 الإعدام إلى كـل من كون قوات مسلحة وزودهم بالأسلحة دون إذن أو أمر من السلطة الشرعية.
المادة 81، المادة 84، المادة 86، المادة 90.
و إلى جانب الأفعال المذكورة أعلاه ، أنزل المشرع عقوبة الإعدام في الجرائم الخطيرة التي تقع على الأشخاص و الأموال ، ففي جرائم الأشخاص يعاقب القانون على جريمة القتل العمد إذا رافقهـا ظرف من الظـروف المشـددة و هي القتـل المرفـق بالتعذيب و الأعمال الوحشية و اقتران القتل بجريمة جناية ، أو كان الغرض منه إعداد أو تسهيل تنفيذ جنحة و فصل هذه الظروف بالمواد:
المادة 261 { يعاقب بالإعدام كل من ارتكب جريمة قتل أو قتل الأصول أو التسميم....}.
المادة 262 { استعمال التعذيب أو ارتكاب عمل وحشي لأرتكاب جناية...}.
المادة 263 { يعاقب على القتل بالإعدام إذا سبق أو صاحب أو تلي جناية أخرى ..}. الفقرة الثانية من نفس المادة { الإعدام إذا كان الغرض إما إعداد أو تسهيل أو تنفيذ جنحة أو تسهيل فرار مرتكبي هذه الجنحة أو الشركاء فيها }.
المادة 274 الفقرة الثانية { من ارتكب جناية الخصاء وأدت إلى الوفاة يعاقب الجـــاني بالإعدام}.
وفي جرائم الهدم و التخريب و الأضرار التي تنتج عن تحويل وسائـل النقل المـــادة 401 { يعاقب بالإعدام كل من هدم أو شرع في ذلك بواسطة لغم أو أية مواد متفجــرة أخرى .....الخ }.
المادة 403 القانون رقم 06/23 { أو نتجت وفاة شخص أو أكثر من ارتكاب الجرائــم المنصوص عليها في المادة 401 يعاقب الجاني بالإعدام...}.
المادة 417 { يعاقب بالإعدام كل من استعمل العنف أو التهديد من اجل التحكم في طائرة على متنها ركاب أو السيطرة عليها}.
الفرع الثالث: تنفيذ عقوبــــــة الإعدام
يقر المشرع الجزائري بفائدة عقوبة الإعدام و أهميتها و هذا ما جاء في الأحكام الخاصة بالمحكوم عليهم بالإعدام في قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في مواده من 251 ، 252، 253 ،254 ،255 ،256 حيث جاء في المادة 251{ يقصد بالمحبوس المحكوم عليه بالإعدام في مفهوم هذا القانون المحبوس المحكوم عليه نهائيا بعقوبة الإعدام ، المحبوس المحكوم عليه بعقوبة الإعدام ولم يصبح الحكم نهائيا في حقه }.
كما إن المحكوم عليه بالإعدام يخضع إلى نظام الحبس الانفرادي ليلا و نهارا ، غير أنه بعد قضاء مدة 05 سنوات في نظام الحبس الانفرادي يمكن إن يطبق عليه نظام الحبس الجماعي نهارا مع المحبوسين في نفس الفئة لا يقل عددهم عن ثلاثة و لا يزيد عن خمسة و هذا ما أشارت إليه المادة 253 من نفس القانون.
كما أن عقوبة الإعدام لا تنفرد إلا برفض طلب العفو و أيضا على الحامل و المرضعة لطفل دون 24 شهرا و لا على المحكوم عليه المصاب بجنون أو مرض خطير ، كما إن عقوبة الإعدام لا تنفذ خلال الأعياد الوطنية أو الدينية و لا يـوم الجمعة أو خـلال شهر رمضان وكذلك لا يبلغ المحكوم عليه بالإعدام برفض العفو عنه إلا عند تنفيذ العقوبة .

المطلب الثاني:العقوبات السالبـــة للحريــــة
إن عقوبة السجن المؤقت و عقوبة الحبس تقوم هذه العقوبات على سلب حرية المحكوم عليه طوال المدة المحكوم بها
الفرع الأول: السجـــن المؤبــــد
تأتي في الدرجة الثانية بعد عقوبة الإعدام و تقوم على سلب الحرية للمحكـوم عليه طيلة حياته ، و تفرض في أخطر الجرائم التي تفلت من عقوبـة الإعـــدام. و قد احترم المشرع الجزائري في تنفيذ هذه العقوبة إلى مبدأ عدم الإيلام الزائد كالأشغال الشاقة المؤقتة أو الأشغال الشاقة المؤبدة ، ومن جهة أخرى لم يفرد لهذه العقوبة مؤسسات سجونية خاصة لتنفيذها ، على أنه فرض على المحكــوم عليه بالمؤبد أن يمضي مدة لا
تتجاوز ثلاث سنوات في السجن الانفــرادي
و قد يقال إن عقوبة المؤبد هي عقوبة تطبق على المجرمين الميئوس مـــن إصلاحهم و لا جدوى من تطبيق برامج إصلاحية عليهم ما دامت عقوبتهــم تستغرق حياتهم كاملة و لكن هذا الأمر ليس مطلقا إذ إن المحكوم عليـــه بالسجن المؤبد يستطيع أن يتخلص من العقوبة إذا نجح بحصوله علـى الإفراج المشروط.
الفرع الثاني: السجــن المؤقـــت
السجن هو سلب حرية المحكوم عليه لمدة تتراوح بين خمس سنوات و عشرين سنة كحد أقصى ( المادة 05 ، القانون رقم 06/23-2006) و يستطيع القاضي أن ينزل عن الحد الأدنى إذا ما توافرت الظروف المخففة ( المادة 53 مكرر) . - و تشترك هذه العقوبة مع عقوبتي الإعدام و السجن المؤبد في أنها مفروضة في الجنايات ، و عقوبة السجن المؤقت متدرجة وذات حدين ، الأمر الذي يسمح للقاضي باستعمال سلطته التقديرية مع العلم أن تنفيذ هذه العقوبة يكـــون في مؤسسة إعادة التأهيل ، و تلحق بهذه العقوبة كما تلحق بالسجن المؤبد أيضــا العقوبات التكميلية المفروضة بقوة القانون المنصوص عليها في المــــواد : " 9 مكرر1- 12-13-14" قانون العقوبات.
الفرع الثالث: الحــــبس
و هي العقوبــة المقررة في مادة الجنح و المخـالفات أيضـا كعقـــــوبة أصلية و تقوم على سلب حرية المحكوم عليــه لمدة تتراوح بين شهــــرين كــحد أدنى و خمس سنوات كحد أقصى في الجنح ما لــم يقــرر القانون حدودا أخرى ، أما في المخالفات فتكون من يـوم واحـد على الأقــل إلـى شهرين على الأكثر. - و تتشابه عقوبة الحبس مع عقوبة السجن المؤقت في جوهرهـا، فهي إيـلام مقصود يتمثل في سلب حرية المحكوم عليه لمدة محددة يعينها الحكم ، أما الاختلاف فيكمن في الشدة و النتائج القانونية التي تترتب على كــــل منها فالسجن عقوبة جناية تنطق بها محكمة الجنايات ضد اجراآت خاصة تختلف عن عقوبة الحبس التي تنطق بها المحاكم المخصصة للنظر في الجنح و المخالفات.
الفرع الرابع: الفرق بين السجن المؤقت و الحبس
1/ من حيث مكان تنفيذها : فالمحكوم عليه بالسجن ينفذ عقوبته في مؤسسـات إعادة التأهيل أو مؤسسات إعادة التقويم ، أما المحكوم عليه بالحبس يكون فــي مؤسسات إعادة التأهيل في الحكم عليه بعقوبة تتجاوز مدتها السنة و في مؤسسات إعادة التربية للعقوبات القصيرة على حسب المادة 26 من قانون إصلاح السجون.
2/ من حيث أحكام الظروف المخففة : المادة 53 من قانون العقوبات الجزائري حيث تختلف الأحكام المخففة في حالة الحبس عن السجن.
3/ من حيث الحكم مع وقف التنفيذ : لا يجوز الحكم بالسجن مع وقف التنفيذ في حين يجوز ذلك في الحكم بالحبس ( المادة 592).
4/ من حيث التقادم : تتقادم عقوبة السجن بمضـي عشرين عاما لأنها عقوبـة جنايـة ( المادة 613) ، أما الحبس فيتقادم بمرور خمسة أعوام (المادة 614) لأنها عقوبة جنحة.
5/ من حيث الشدة : إذا صدرت عدة أحكام سالبة للحريات بسبب تعدد المحاكمات فان العقوبة الأشد وحدها هي التي تنفذ مع العلم أن عقوبة السجن اشد من عقوبـة الحبس (المادة 35).
6/ من حيث العقوبات التكميلية : في حالة الحكم بالسجن فإن العقوبات التكميليـة تنزل على الجاني بقوة القانون حسب نص (المادة14) ، أما في حالة الحبس فـلا تزال إلا إذا حكم بها القاضي صراحة.

*** الحالات التي تؤجل فيها تنفيذ الأحكام الجزائية:
حسب المادة 16 من قانون إصلاح السجون رخص المشرع إمكانية التأجيـل المؤقت لتنفيذ بعض الأحكام و المحصورة في الحالات التالية:
1- إن كان المحكوم عليه مصابا بمرض خطير معاين من طرف طبيب تسخره النيابة العامة.
2- إن حدثت وفاة في عائلته.
3- إذ أصيب أحد أعضاء عائلته بمرض خطير أو اثبت انه قوام العائلــــة.
4- إذا كان التأجيل ضروريا جدا ليتمكن المحكـــوم من إتمـام أشغالــــه الفلاحيـة أو الصناعية ، بشرط أن لا يكون في وسع أي عضو من عائلتــه أن يتم هذه الأشغال وتوقف عمله يترتب عليه ضررا كبير له و لعائلته.
5- إذا اثبت مشاركته في امتحان هام بالنسبة لمستقبله.
6- إذا كان له أولاد قصر و أعضاء العائلة الآخرين مرضى أو عاجزين وكان زوجه أيضا محبوسا.
7- إذا كانت امرأة حامل أو كانت أما لولد يقل سنه عن 24 شهرا.
8- إذا كان المحكوم عليه معاقبا بحبس يقل مدته عن ستة أشهر و كان قدم طلب العفو عنها.
9- إذا كان المحكوم عليه معاقبا بغرامة وتم اعتقاله بسببها.

*** استفاد المحكوم عليه من نظام الإفراج:
بعد قضاء فترة محددة من تنفيذ العقوبة يمكن أن يمنح الإفراج المشروط للمحكوم عليهم الذين قدموا أثناء التنفيذ أدلة جديدة عن حسن سيرتهم تحمل على الاعتقاد بوجود ضمانات إصلاح حقيقية لديهم ، بحيث يتحدد زمن الاختبار الذي علــى أساسه يمنح الإفراج المشروط بمضي نصف المدة المحكوم بها على أن لا تكون أقل من ثلاث أشهر حسب المادة 179 من قانون إصلاح السجون.

*** شروط الإفراج المشروط و الالتزامات التي تترتب عليه:
حسب المادة 186 من قانون إصلاح السجون { إن القرار الذي يمنــح بموجبه التمتع بالإفراج المشروط يمكن أن يجعل المنح أو التمسك بهذا الإجــراء خاضعا لشرط واحد و أكثر من الشروط الآتية:" أن يكـــون قد أجـري عليـه اختبار ناجح ، أن يكون ملزما بالتوقيع على سجل خاص موضــوع بمحافظـــــة الشرطة أو الدرك ، أن يكون منفيا من التراب الوطني بالنسبـــة للأجنبي ، أن يخضع لتدابير المراقبــــة ، أن يدفــع المبالغ المستحقة للخزينة العموميـة اثر المحاكمة }.
الفرع الخامس: الغرامــــــة
هي عقوبة أصلية في مواد الجنح و المخالفات و يقصد بها إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الدولة مبلغا ، و بوصفها عقوبة تتمتع الغرامة الجنائية بخصائص العقوبات كالتالي:
1- يحكم بها القضاء الجنائي.
2- ينص عليها و يحددها القانون عملا بمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات.
3- مبدأ الشخصية فلا يحكم بها على المسئول المدني أو ورثة الجاني.
4- لا تجرى عليها المصالحة و لا يجوز لأحد أن يتنازل عليها.
5- تخضع الغرامة الجنائيـــة لوقف التنفيـــذ للعفو الشامل ، للعفــو عن العقوبــة ، و للتقادم الجنائي.
و الغرامة كعقوبة أصلية قد ينص عليها القانــون كعقوبـة منفردة مقابـــل الجريمة و مثال ذلك ما ورد في المادة 108 من قانون العقوبات { التي تعاقب بالغرامة من 500دج إلى 3000 دح رجال الإدارة عندما يتجاوزون الوظائف القضائية بتقريرهم الاختصاص بالحقوق و المصالح التي تدخل في اختصاص المحاكم }.
و المادة 141 { تعاقب بغرامة من 500دج إلى 1000دج كل قاضي أو موظـف أو ضابط عمومي يبدأ بممارسة أعمال وظيفته فبل أن يؤدي اليمين المطلـوبة لهــا} ، و المادة 416 الخاصة بنقل المرض المعدي بواسطة الحيوان يؤدي إلى نشــر الوباء الحيواني أو مرض معدي يعاقبه القانون بغرامة من 500دج إلى 15000دج.
و على العموم فان الأحوال التي ينص فيها القانون على الغرامة كعقوبة منفردة قليلة مقارنة بالغرامة المنصوص عليها كعقوبة مضافة إلى عقوبة الحبس المواد (76-78-127 قانون العقوبات) ،وقد ينص كذلك على الحبس و الغرامــة أو إحدى هاتين العقوبتين على سبيل التخير مثال المواد ( 297-299 قانــون العقوبات).
و أخيرا فإن الغرامة بمختلف مظاهرها و حالاتها هي عقوبة يقصد بها التوجه إلى نفسية الجاني بالإيلام مقصود يقوم على إفقار ذمته المالية كما أنها تحمل مـــن الردع العام بتهديدها للآخرين.

* تنفيـــذها: الحكم بعقوبة الغرامة ينشأ التزاما ماديا أو دينا نقديا في ذمــة المحكوم عليه واجب الأداء بمجرد صيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقــوة الشيء المقضي به المادة 597 قانون الإجراءات الجزائية ، و يعني ذلك إن مجـــرد
صدور الحكم لا يوجب تنفيذ الغرامة فورا ، إذا كان الحكم يجوز الطعن فيــه بطريق من طرق الطعن العادية أو الغير العادية ، فإذا استوفى الحكم كل طرق الطعن و أصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به وجب تنفيذه فورا ، و تتولى إدارة المالية تحصيل الغرامة فإذا لم يفي المحكوم عليه بدينه اجبر على الوفـــاء به "بالإكراه البدني ".
و نعني بالإكراه البدنـــي حبس المحكوم من أجل إجباره و إرغامه على دفع الغرامـة و تبين المواد ( 579-611 قانون الإجراءات الجزائية ) الأحكـــام و تحـدد مدتــه و حالات تطبيقه ووسائله و توقيف تنفيذه
* الحالات التي لا يجوز فيها الحكم بالإكراه البدني من اجل تنفيذ الغرامة : و هذا حسب المادة 600 من قانون الإجراءات الجزائية و عددت الحالات هي:
1- قضايا الجرائم السياسية.
2- الحكم بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد.
3- إذا كان عمر الفاعل يوم ارتكاب الجريمة يقل عن 18 سنة.
4- إذا ما بلغ المحكوم عليه 65 سنة.
5- ضد المدين لصالح زوجه أو أصوله أو فروعه أو إخوته أو عمه أو عمتـه أو أخيه أو أخته أو ابن احدهما أو أصهاره من الدرجة نفسها.

المطلب الثالث: العقوبات التكميليـــــــة
ترتبط العقوبات التكميلية بالعقوبات الأصلية إذ يجوز للمحكمة أن تحكم بها إلى جانب العقوبات الأصلية في بعض الجرائم التي بينها القانون ، وقد أورد القانون هذه العقوبات في المادة 9 من قانون العقوبات وهي الحجز القانوني ، الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية و المدنية و العائلية ، تحديد الإقامة ، المنع من الإقامة ، المصادرة الجزائية للأموال ، المنع المؤقت من ممارسة مهنـة أو نشاط إغلاق المؤسسة ، الإقصاء من الصفقات العمومية ، الحظر من إصدار الشيكـات و/أو استعمال بطاقات الدفع ، سحب جواز السفر ، نشر أو تعليق حكم أو قـرار إدانة ، ثم فسر القانون في مواده " 9 مكرر- 9 مكرر1 ، المادة11-12-13-15 ".
1) الحجــز القانونــي :
بينت المادة 9 مكرر من القانون رقم 06-23 المؤرخ في ديسمبر 2006 من قانون العقوبات المقصود بالحجز القانوني على انه { حرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية ، تتم إدارة أمواله طبقا لإجراءات المقررة في حالة الحجز القضائي }.
* مدة الحجز القانوني هي مدة تنفيذه للعقوبة الأصلية فإذا انقضت تلك العقوبة بتنفيذها رفع الحظر على المحكوم عليه وعاد لممارسة حقوقه المالية كاملة.
2) الحرمان من الحقوق الوطنية :
حسب المادة 9 مكرر1 من القانون رقم 06-23 المؤرخ في ديسمبــر 2006 { يتمثل الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية و المدنية والعائلية في:
ا- العزل أو الإقصاء من جميع الوظائف و المناصب العمومية التي لها علاقة بالجريمة.
ب- الحرمان من حق الانتخاب و الترشح و من حمل أي وسام.
ت- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا على أي عقــد أو شاهدا أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال.
ث- الحرمان من الحق في حمل السلاح وفي التدريس و في إدارة مدرســـة أو الخدمة في مؤسسة تعليمية بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا.
ج- عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو قيما.
ح- سقوط حقوق الولاية كلها أو بعضها.
* في حالة الحكم بعقوبة جنائية يجب على القاضي أن يأمر بالحرمان من حــق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها أعلاه لمدة أقصاها عشرة سنوات تسري من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه.
3) تحديد الإقامــــة:
حددتها المادة 11 من القانون رقم 06/23 { هو التزام المحكوم عليه بأن يقيم في نطاق إقليمي يعينه الحاكم لمدة لا تتجاوز خمسة سنوات، يبدأ تنفيذ تحديد الإقامة من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه }.
- و منه لا يقصد من هذه العقوبة زيادة إيلام المحكوم عليه بل تجنيبه ظروف يخشى من تأثيرها و دفعه إلى الأجرام.
- و تحديد الإقامة يعني أن يحظر على المحكوم عليه التنقل خارج المنطقــة المحددة له و كذلك يحظر عليه تنقله داخل المنطقة التي له حق الإقامة فيها إلا بإذن من وزارة الداخلية حسب نص المادة 11 الفقرة الثانية.
- أما فيما يخص تحديد مدة الإقامة فقد وضع المشرع حدا أقصى لها وهي خمس سنوات أما الحد الأدنى فلم يحدد و بالتالي يبدأ من يوم واحد.
- و أما حساب هذه المدة فيبدأ من يوم انقضاء العقوبة الأصلية التي نفـــذها المحكوم عليه أو من يوم الإفراج عنه إذا ما تم له ذلك قبل انقضاء مدة العقوبة الأصلية كأن يفرج عنه بعفو أو انه منح الإفراج المشروط أو حكم عليه مع وقف التنفيذ.
- في حالة مخالفة احد تدابير تحديد الإقامة كمغادرة المنطقة المحددة أو أن يتنقل بدون إذن في وزارة الداخلية يعاقب على هذا كما نصت المادة 11 الفقرة الثالثة بالحبس من 03 أشهر إلى 03 سنوات وغرامة من 25000دج إلى 300000دج.
4) المنع من الإقامة :
حسب المادة 13 من القانون رقم 06/23 { يجــوز أن يحكـم بالمنـع مـن الإقامـة في حالة الإدانة لارتكاب جناية أو جنحة }.
- فالمنع من الإقامة يقصد به الحظر عن المحكوم عليه بأن يتواجد بأي شكل من الأشكال في الأماكن المحظورة عليه ولو على سبيل المرور بها أو الإقامة ، ويتم تحديد هذه الأماكن من طرف المحكمة.
– أما فيما يخص مدتها ففي مواد الجنح تقدر بخمسة سنوات أما في الجنايات فهي 10 سنوات ما لم ينص القانون خلاف ذلك و تبدأ من يوم الإفراج عن المحكـوم عليــــه و عودته إلــى الحريــــة مـن جــديد المادة 12 من قانون العقوبات. – و في حالة مخالفة هذا الحكم من طرف المحكوم عليه فقد حدد له القانون عقوبات أخرى و المتمثلة في الحبس من 03 أشهر إلى 03 سنوات و بغرامة من 25000دج إلى 300000دج و لا يطبق هذا الجزاء بشكل ألي ، إذ على المحكمة أن تنطق به بعد إعادة محاكمته لتحديد الجزاء بعد إثبات مخالفة للمنع من الإقامة المفروضة عليه.
5) المصادرة الجزائية للأموال :
المصادرة هي نقل ملكية المال المصادر قهرا و بدون مقابل من ملكية صاحبه إلى ملكية الدولة ، إذن فالمصادرة عقوبة مالية تقع على مال الجاني لتصفيفه إلى ملك الدولة بدون مقابل.
- و تنصب المصادرة على الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ الجريمة كمصادرة السلاح المستعمل في جريمة القتل.
- وقد استثنى المشرع مصادرة بعض الأموال و المذكورة في المادة 15 من قانون العقوبات على سبيل الحصر و هي :
* محل السكن اللازم لإيواء الزوج و الأصول و الفروع من الدرجة الأولى للمحكوم عليه إذا كانوا يستغلونه فعلا عند معاينة الجريمة و على شرط أن لا يكون هذا المحل مكتسبا عن طريق غير مشروع.
* الأموال المشار إليها في الفقرات 2 إلى 08 من المادة 378 من قانون الإجراءات المدنية. * المداخيل الضرورية لمعيشة الزوج و أولاد المحكوم عليه وكذلك الأصول الذين يعيشون تحت الكفالة.
-*- الفرق بين المصادرة و الغرامة : المصادرة كالغرامة فهي عقوبة مالية تمس الذمة المالية للمحكوم عليه و مع ذلك فهي تتميز عنها من حيث : محل العقوبة فالغرامة تحدد بمبلغ نقدي في حين أن المصادرة تتعلق بشيء عيني وثانيا الغرامة عقوبة أصليــة في الجنح و المخالفات وقد تكون عقوبة تكميلية أما المصادرة فهي دائما تكميلية.
6) المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط :
حسب المادة 16 مكرر من القانون رقم 06/23 يجوز الحكم على الشخص المدان لارتكابه جناية أو جنحة بالمنع من ممارسة مهنة أو نشاط إذا ثبت للجهة القضائية أن للجريمة التي ارتكبها صلة مباشرة بمزاولتها و أن ثمة خطر في ممارسته لأي منهما. و يصدر الحكم بالمنع لمدة لا تتجاوز 10 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جناية و 05 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جنحة و يجوز أن يأمر بالنفاذ المعجل بالنسبة لهذا الأجراء.
7) إغلاق المؤسسة : حسب المادة 16 مكرر1 من القانون رقم 06/23 { يترتب على غلق المؤسسة من المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته أو يحكم بهذه العقوبة إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد عن 10 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جناية و 05 سنوات في حالة الإدانة بجنحة ، و يجوز أن يأمر بالنفاذ المعجل بالنسبة لهذا الأجراء}.
8) الإقصاء من الصفقات العمومية: حسب المادة 16 مكرر2 { يترتب على عقوبة الإقصاء من الصفقات العمومية منع المحكوم عليه من المشاركة بصفة مباشرة أو غير مباشرة في أية صفقة عمومية إما نهائيا أو لمدة لا تزيد عن 10 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جناية و 05 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جنحـة و يجوز أن يأمر بالنفاذ المعجل لهذا الأجراء }.
9) الحظر من استعمال الشيكات أو استعمال بطاقات الدفع : حسب المادة 16 مكرر 3 { يترتب على عقوبة الحظر من إصدار الشيكات أو استعمال بطاقات الدفع إلزام المحكوم عليه بإرجاع الدفاتر و البطاقات التي بحوزته أو التي عند وكلائه إلى المؤسسة المصرفية المصدرة لها غير انه لا يطبق هذا الحظر على الشيكات التي تسمح بسحب الأموال من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو تلك المضمنة ، لا تتجاوز مدة الحظر 10 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جناية و 05 سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جنحة و يجوز أن يأمر بالنفاذ المعجل لهذا الأجراء و يعاقب بالحبس من سنة إلى 05 سنوات وبغرامة من 100000دج إلى 500000دج كل من اصدر شيكا أو أكثر أو استعمل بطاقات الدفع رغم منعه من ذلك }.
10) تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة : حسب المادة 16 مكرر 4 { يجوز للجهة القضائية الحكم بتعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة لا تزيد مدة التعليق أو السحب عن 05 سنوات من تاريخ صدور حكم الإدانة يبلغ الحكم إلى السلطة الإدارية المختصة }.
11) سحب جوازا لسفر: حسب المادة 16 مكرر 5 { يجوز للجهة القضائية الحكم بسحب جواز السفر لمدة لا تزيد عن 05 سنوات في حالة الإدانة من اجل جناية أو جنحة و ذلك من تاريخ النطق بالحكم و يبلغ الحكم إلى وزارة الداخلية }.
12) نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة: حسب المادة 18 من قانون العقوبات للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تأمر في الحالات التي يحددها القانون بنشر الحكم بأكمله أو مستخرج منه في الجريدة أو أكثر يعنيها أو بتعليقه في الأماكن التي يبينها وذلك كله على نفقة المحكوم عليه على أن لا تتجاوز مصاريف النشر المبلغ الذي يحدده الحكم بالإدانة لهــذا الغرض و أن لا تتجاوز مدة التعليق شهرا واحدا.
العقوبة الحبس من ثلاث أشهــر إلى 02 سنة و بغرامة من 25000دج إلى 200000دج كل من قام بإتلاف أو إخفاء أو تمزيق الملفات الموضوعة تطبيقا للفقرة السابقة ويأمر الحكم من جديد بتنفيذ التعليق على نفقة الفاعل.


المبحث الخامس: تطبيق العقوبـــــات

يستند القضاء في تطبيق العقوبات إلى القانون الذي يحدد مقدار العقوبة كعمل تشريعي يسبق العمل القضائي و يكون أساس له ، و معيار القانون في تحديــد العقوبات و جسامة الجرائم و ذلك بأخذ بعين الاعتبار ظروف الجريمة وذلك بالتحديد و التفرقة بين الظروف المشددة التي تستوجب تغليظ العقاب و الظروف المخففة التي تستوجب تخفيف العقــاب و ذلك لتتناسب مع الجريمة و ظروفها.
و عملا على الوصول إلى العدالة السليمة يلجأ المشرع إلى القاضي لتحديد العقاب الملائم المستند للمبادئ العامة فيما يسمى بالسلطة التقديرية للقاضي.
1. السلطة التقديرية للقاضي: هو اختصاص القاضي في وجوب اختيار العقوبة الملائمة للتطبيق على المتهم بحسب النصوص القانونية وكل ما يلتزم به القاضي هو الشروط القانونية لأنه موضع ثقة و حكمة و نزاهة و خبرة.
و لا تقتصر السلطة التقديرية للقاضي على تقدير العقوبة بل له سلطة اختيار العقوبة ففي جريمة التحريض على التجمهر المادة 100 من قانون العقوبات فالقاضي هنا يستطيع أن يحدد العقوبة و يختار نوعها.
2. نظام وقف التنفيذ : و يقصد به محاولة إصلاح المحكوم عليه بشتى أنواع الطرق التي تهدف إلى تحقيق هذه الغاية وهي خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي وهي تقوم على تهديد المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر عليه بالحبس أو الغرامة إذا اقترف جريمة جديدة خلال مدة محددة و تعليق تنفيذ الحكم تعود إلى تقدير القاضي لإقناعه بان المحكوم عليه ليس خطيرا جدا على المجتمع خلال فترة التجربة دون الوقوع في الأجرام ثانية ، و مدة التجربة أشارت إليها المادة 593 من قانون الإجراءات الجزائية.
3. تعدد الجرائم و آثاره في تحديد العقوبات: حسب المواد من32 إلى غاية المادة 38 من قانون العقوبات الجزائري الناصة في مجملها على تطبيق العقوبات عند تعدد الجرائم عندما يرتكب الجاني جريمتــه تتحرك الأجهزة الأمنية المختصة لمحاسبته و لتوقيع الجزاء المنصوص عليه في القانون و يعتبر مثل هذا الشخص عائدا للجريمة و تغلظ جريمته إذا ما ارتكب بعد جريمته الأولى جريمة ثانية أو أكثر. و قد عبر الفقه عن ذلك بقوله : تعدد الجرائم هي أن يرتكب الجاني لعدد من الجرائم دون أن يفصل بينها حكم بات. ونص القانون على نوعين من التعدد هما حالة التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات الجزائري و التعدد المادي المنصوص عليه في المادة 33 من قانون العقوبات الجزائري. المادة 32 { يجب أن يوصف الفعل الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف الأشد من بينها }.
المادة 33 { يعتبر تعددا في الجرائم إذا ارتكبت في وقت واحد أو أوقات متعددة عدة جرائم لا يفصل بينهما حكم نهائي }.

المطلب الأول: لجنة تطبيق العقوبـــــات
حسب المادة 24 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين تنشأ لدى كل مؤسسة وقائية و كل مؤسسة إعادة التأهيل أو في المراكز المخصصة للنساء لجنة يرأسها قاضي تطبيق العقوبات و هي تختص فيما يلي :
• ترتيب و توزيع المحبوسين حسب وضعيتهم الجزائية و خطورة الجريمة المحبوسين من أجلها و جنسهم و سنهم و شخصيتهم و درجة استعدادهم بعد الإصلاح.
• متابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية و البديلة عند الاقتضاء.
• دراسة طلبات أجازات الخروج و طلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة و طلبات الإفراج المشروط و الإفراج المشروط لأسباب صحية.
• دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح و الحرية النصفية و الورشات الخارجية.
• متابعة تطبيق برامج إعادة التربية و تفعيل آلياتها.

المطلب الثاني: قاضي تطبيق العقوبـــــات
حسب المادة 22 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين يعين بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام في دائرة اختصاص كل مجلس قضائي قاضي أو أكثر تسند إليه مهام قاضي تطبيق العقوبات و يختار قاضي تطبيق العقوبات من بين القضاة المصنفين في رتب المجلس القضائي على الأقل ممن يولون عناية خاصة بمجال السجون.

المطلب الثالث: انقضاء العقوبـــــات
إن الحكم بالعقوبة يوجب تنفيذها ، و تنفيذها يعني قضاء مدتها كاملة من حيث سلب الحرية أو دفع الغرامة وإذا كان الأصل أن تنقضي العقوبة بتنفيذها فهناك أسباب أخرى تنقضي بها العقوبة ومن بينها:
1) وفاة المحكوم عليه:
يقتضي وفاة المحكوم عليه استحالة تنفيذ العقوبة فهي شخصية و موت المحكوم عليه يجعل تنفيذ العقوبة أمرا لا يمكن تطبيقه و تسري هذه القاعدة على جميع العقوبات بلا استثناء ومن الطبيعي أن الغرامة تسقط إذا حصلت الوفاة ، أمـــا العقوبات المالية الأخرى كالمصاريف القضائية و التعويضات المدنية و المصادرة كعقوبة تكميلية فلا تسقط و تبقى واجبة لأنها ديون مدنية و تبقى بعد وفاته و تنتقل إلى الورثة الذين عليهم أن يسددوا الديون.
2) تقادم العقوبة :
إذا ما مضت مدة زمنية على الحكم الواجب التنفيذ دون القيام بتنفيذه فعلا من طرف السلطات المختصة يعفى الجاني نهائيا من الالتزام بتنفيذ العقوبة الواردة في الحكم بما يسمى بتقادم العقوبة و نصت عليه المادة 612 من قانون الإجراءات الجزائية { يترتب على تقادم العقوبة تخلص المحكوم عليه من أثار الحكم بالإدانة إذا لم تكن العقوبة قد نفذت في المهل المحددة في المواد من 613 إلى 615 من القانون ، غير انه لا يترتب عليه سقوط عدم الأهلية إذا تقرر في حكم الإدانة أو كان الحكم يؤدي إليه قانونا }. و أمر ذلك أن عدم الأهلية هو حالة شخصية لا يجوز أن تنقضي بمجرد مرور الزمن.
و هناك إجراء احتياطي يتمثل في إخضاع المحكوم عليه الذي تقادمت عقوبته لحظر الإقامة في نطاق حكم ولايته المادة 613 من قانون العقوبات و كذلك يخضع المحكوم عليه بعقوبة مؤبد بعد التقادم لعقوبته لحظر الإقامة لمدة 05 سنوات اعتبارا من تاريخ اكتمال مدة التقادم المادة 613 الفقرة الثالثة أما مدة تقادم الجريمة حسب قانون الإجراءات الجزائية بحسب نوعها ، ففي الجنايات تتقادم بمضي 20سنة كاملة المادة 613 ، أما في الجنح فتتقادم العقوبة بمضي 05 سنوات ، وفي المخالفات تتقادم العقوبة بمضي سنتين كاملتين المادة 615 من قانون الإجراءات الجزائية.
3) العفو عن العقوبة :
يعتبر العفو بمثابة نظرة عطف أو تدبير من تدابير الرأفة يصدر عن رئيس الدولة بمنع تنفيذ العقوبة كلها أو بعضها و استبدالها بعقوبة أخرى و في القانون الجزائري أشارت إليه المادة 74 من الدستور { يضطلع رئيس الجمهورية بالإضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور بالسلطات و الصلاحيات الآتية نذكر منها : له حق إصدار العفو و حق تخفيض العقوبات أو استبدالها}.
4) العفو الشامل :
العفو الشامل هو نسيان جرائم سابقة فيصبح الفعل كما لو كان مباحا ، و عندها لا يجوز اتخاذ إجراءات جزائية بشأنه أو رفع الدعوى الجزائية بصدده و إذا كان قد صدر في الدعوى حكم بالإدانة يسعى هذا الحكم و يعتبر كأن لم يكن.

-*- الفرق بين العفو الشامل و العفو عن العقوبة:
• من حيث الجهة المختصة: يصدر العفو عن رئيس الجمهورية أما العفو الشامل فهو من اختصاص السلطة التشريعية.
• من حيث الآثار : فالعفو الشامل يمحو الصفة الجريمة للفعل أما العفو الخاص يقوم بإنهاء الالتزام بتنفيذ العقوبة الأصلية.
• من حيث العود : العفو الشامل ينهي آثار الحكم بالإدانة أما العفو الخاص ينهي التزام بتنفيذ العقوبة لا يمحي آثار الحكم بالإدانة.
• من حيث الموضوع: العفو الشامل هو عفو عام يستفيد منه كل شخص أما العفو هو عفو شخصي يستفيد منه شخص أو عدة أشخاص بصفات محددة يعنيهم قرار العفــو.
• من حيث الحكم : العفو الشامل يصدر قبل صدور حكم الإدانة أو بعده أما العفو لا يكون إلا بعد أن يصبح الحكم بالإدانة.
5) رد الاعتبار :
نص على هذا النظام قانون الإجراءات الجزائية في مواده 676-693 و قد بينت المادة 676 هذا النظام بنصها { يجوز رد الاعتبار كل شخص محكوم عليه لجناية أو جنحة من جهة قضائية بالجزائر و يمحو رد الاعتبار في المستقبل اثر الإدانة العادلة و ما نجم عنها من حرمان الأهليات و يعاد الاعتبار إما بقوة القانون أو بحكم من غرفة الاتهام.

-*- رد الاعتبار بقوة القانون :
يعني أن يسترد المحكوم عليه اعتباره تلقائيا بعد مضي مدة محددة من تنفيذ العقوبة أو من سقوطها بالتقادم أو بالعفو ففيما يختص بعقوبة الغرامة يرتد للجاني اعتباره بعد مضي 10 سنوات المادة 677 الفقرة الثالثة....الخ.

-*- رد الاعتبار القضائي :
اشترط القانون لتقديم طلب رد الاعتبار شروط خاصة إلى الجهة القضائية المختصة " غرفة الاتهام " و ذلك بعد تنفيذ العقوبة و إذا كان تنفيذها تنفيذا فعليـا و تنفيذا مفترضا كما في حالة العفو عن العقوبة ، فيجوز رد الاعتبار لكل شخص محكوم عليه بالجناية أو جنحة من جهة قضائية بالجزائر المادة 677 و قد حدد القانون الأشخاص الذين يجوز لهم تقديم رد الاعتبار و هم المحكوم عليه أو نائبه القانوني في حالة أن يكون المحكوم عليه محجوزا عليه و في حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لزوجه أو أصوله أو فروعه متابعة الطلب المرفوع من المحكوم عليه قبل وفاته.
و قد حددت المادة 681 من قانون الإجراءات الجزائية المدة الواجب قضاؤها حتى يجوز تقديم طلب و كذلك لا يقبل طلب رد الاعتبار إلا بعد أن يثبت المحكوم عليه أنه سدد المصاريف القضائية ودفع الغرامة وكل التعويضات المدنية المطلوب منه.









































































المبحث الأول: تدابيــــر الأمـــن

بقيت العقوبة حتى وقت قريب تمثل الوجه الوحيد للجزاء الجنائي ، ومع تطور فلسفة العقاب قويت الدعوة إلى وجوب الإصلاح و التحديث و قد أثمرت عن وسيلة جديدة أعطت وجها جديدا للجزاء الجنائي قيل فيه أنه قادر على إصـلاح المجرم و إعادة تأهيله بدلا من مجرد قهره و جزره بالعقوبة.
حدث هذا بتأثير الأفكار التي دعت إليها المدرسة الوضعية الايطالية التي أنكــرت على العقوبة قدرتها على إصلاح المجرم أو حماية المجتمع و قد دعت إلى وجوب هجر العقوبة و المبادئ التي تقوم عليها ليحل محلها نظام بديل يقوم على تدابير الأمن.

المطلب الأول: تعريف تدابير الأمن
سمي كذلك في القانون اللبناني بالتدابير الاحترازية أما في ليبيا و الكويت فتسمى بالتدابير الوقائية و التدبير هو معاملة فردية ينص عليها القانون لمواجهة الخطورة الإجرامية لدى الأشخاص منعـا من ارتكاب الجريمـة و الدفــاع عن المجتمع ضد الأجرام ، و يتضح من هذا التعريف أن تدابير الأمن هي معاملة فردية يرجى تطبيقها على المجرم مواجهة خطورته و إبعاده عن المجتمع قبل أن تتحول إلى جريمة و هي معاملة قصريه و قانونية أي أنها تطبق قهرا على الجاني فلا يجوز أن تترك لمشيئته لأنها جزاء جنائي و الجزاء الجنائي ينص عليه القانون عملا بمبدأ الشريعة.

المطلب الثاني: خصائص تدابير الأمن
ا- خلو التدابير من الفحوى الأخلاقي: فتدابير الأمن تواجه الجريمة كواقعة مادية سواء صدرت من عاقل أو مجنون كبير أو صغيـر فالجريمة هنا هي الفعل المادي المجرم و الغير الخاضع لسبب من أسباب الإباحة.
ب- غاية التدابير الأمنية المستقبلية: الاستعانة بتدابير الأمنية ينذر بارتكاب جريمة على وجه الاحتمال ، فلا يعير التدبير للماضي الكثير من اهتمامه اللهم إلا لتحديد نوع الخطورة و أسبابها و بالتالي فالتدابير الأمنية بطبيعتها معاملة موجهة إلى المستقبل.
ج- استبعاد قصد الإيلام: لا تحمل بتدابير الأمنية معنى الإيلام فهي تطبق بقصد إعادة تأهيل الجاني و التأهيل يكون بالعلاج و الرعاية و ليس بالشدة و العقاب إلا أن بعض التدابير يكون فيا الإيلام ظاهرا إذ تعرضت حرية الفرد و حقوقه للانتقاص أو التقيد لكن الإيلام هنا ليس مقصود لذاته.
د- التدبير لا تحمل معنى التحقير: لا ينظر الجمهور لمن يخضع لتدابير الأمنية التي ينظر بها للجاني أللذي يخضع للعقوبة فالناس تنظر لمن خضع للتدبير على أنه فقد مقدارا من سلطان إرادته فهو لا يستحق الازدراء و التحقير لأنه أشبه بمريض بائس يستحق ان يعذر لا أن يلام.
ه-المراجعة المستمرة للتدابير: من خصائص التدابير الأمنية أنها قابلة للمراجعة أثناء التنفيذ و ذلك بقصد دوام ملائمة التدبير لتطور حالة الخطورة الإجرامية التي يواجههــا و مرد ذلك انه من الصعب على المشرع أو القاضي أن يحدد سلفا نوع التدبير و أن يقطع بأنه قادر على حالة الخطورة لدى الفرد فقد تتغير الخطورة الإجرامية بأن تزداد أو تنقص أو تتغير طبيعته مما لا بد له من إعادة النظر في التدبير المتخذ لمواجهتها دائما و جعلها تتلاءم مع ما يحدث عليها من تغير و عليه فإن التدبير المتخذ ابتداء ليس تدبير نهائي فقد يتبين بعد تطبيقه لوقت ما عدم فعاليته في مواجهة الخطورة الإجرامية مما يقتضي تعديل مضمونه أو إبداله بتدبير آخر أما إذا اثبت التدبير المطبق علـى الجانـي ابتداء فعــالية و قدرته على مواجهة الخطورة الإجرامية استمر تطبيقه دون السعي لإبدالــه أو تعديله و حسن فعل المشرع الجزائري أللذي أشار في المادة 19 ما يلي :{ و يجوز إعادة النظر في هذه التدابير على أساس تطور الحالة الخطيرة لصاحب الشأن }.

المطلب الثالث: أغراض تدابير الأمن
ترمي التدابير إلى حماية المجتمع من الجريمة و ذلك مواجهة للخطورة الإجرامية لدى بعض الأشخاص للحيلولة دون تحقيق الجريمة المحتملة و حيث أن الخطورة الإجرامية فقد و جب أن يتخذ التدبير مظاهر متنوعة لمواجهة الجريمة فالتدابير العلاجية تتخــذ لمواجهة الخطورة الإجرامية التي تعود أسبابها لمرض عقلي أو مــرض نفسي و التدابير التهذيبية تنزل بذوي الخطورة اللذين ترجع خطورتهم إلى نقص في القيـــم أو فســـادها و هكذا تبين أن الغرض من التدبير هو مكافحة الجريمة ولو بعدة صور:
* حماية المجتمع من الإجرام بتأهيل المجرم الخطير و ذلك بتهذيبــــه أو علاجه.
* حماية المجتمع بتجريد المجرم الخطير من الوسائل المادية التي تساعده على الإجرام.
* حماية المجتمع بعزل المجرم الخطير الميئوس من حياته و إبعاده.
و على ذلك فان التدابير تتوجه إلى الجاني للقضاء على خطورته إن أمكن أو عزلـــه أو إبعاده عن المجتمع إذا كان القضاء على خطورته غير ممكن.

*مقارنة بين أغراض العقوبة و أغراض تدابير الأمن( الهدف):
تنحصر أهداف العقوبة في الردع العام ، الردع الخاص، العدالة.
و لكن التدابير التي تقوم على مجرد إصلاح المحكوم عليه بالقضــاء على خطورتــه الإجرامية فإنها لا تحقق سوى الردع الخاص و عليه فان أغراض العقوبة أوسـع بحيث تحقق هدفين لا يحققهم التدابير هما الردع العام و العدالة فالعقوبة تحقق النفعية الاجتماعية بنوعيها الردع العام و الردع الخاص إلى جانب العدالة ، في حين يسعى التدبير لتحقيق النفعية الاجتماعية في جانب واحد هو الردع الخاص.

المطلب الرابع: تقسيم التدبير
ا- من حيث موضوعها: فالتدابير تكون إما تدابير شخصية أو تدابير عينية بحسب المحل الذي يقع عليه التدبير فإذا كان هذا المحل هو شخص طبيعي كان التدبير شخصيا إما إذا وقع التدبير على شيء مادي كان التدبير عينيا فالاعتقال أو العزل تدبير شخصي أما المصادرة أو إغلاق المحل تدبير عيني و هذا ما تناوله المشرع الجزائري في المادة 4 في الفقرة الأخيرة { إن لتدابير الأمن هدف وقائي و هي إما شخصية أو عينية }.

ب- من حيث أهدافها: هي تدابير تهذيبيــة كالتي تطبق على الأحداث و المشردين و تدابير علاجية كالتي تقع على المجرمين المجانين و المجرمين الشواذ و تدابير وقائية كتدابير التي تقع على المجرمين المعتادين على الإجرام.
و من حيث فئة المجرمين التي تنزل لهم التدابير يمكننا أن نميز بين التدابير التي تطبق على المجرمين القابلين للإنصلاح علاجيا كانت أم تهذيبية فالتدابير الاستئصالية التي تطبق على المجرمين الميئوس من انصلاحهم كتدابير الإبعاد أو الاعتقال ، أما الأحداث فتطبق عليهم تدابير تهذيبية أو تدابير مراقبة أو مساعدة فحسب.
ج- من حيث سلب الحرية: فهناك تدابير سالبة للحرية كالاعتقال و العزل و تدابير غير سالبة للحرية كالرعاية و كفالة حسن السلوك و الحرية المراقبة و المنع من ممارسة بعض المهن.


المبحث الثاني: شروط إنزال تدابيــــر

المطلب الأول:الجريمة السابقة
إن القول بان التدبير لا يوقع إلا على من اقترف الجريمة مسألة من أهم المسائل التي تثير جدلا في نطاق نظرية التدبير و مرد ذلك أن التدبير يرتبط بالخطورة الإجرامـية و جودا و عدما و أن الخطورة حالة يمكن أن تظهر قبل ارتكاب الجاني للجريمة أو بعد ارتكابهـا و هنا لا بد من التساؤل : هل ننتظر حتى تتحول هذه الخطورة إلى جريمة أم يجب أن نواجهها قبل أن تتحول إلى جريمة تفاديا من وقوع ضررها على المجتمع ؟.
إن للمسالة وجهين هما الوجه المنطقي و العلمي و الوجه القانوني.
ا- الوجه المنطقي و العلمي حيث أنه من الجانب المنطقي أن نعتد بالخطورة قبل الجريمة ، و قبل أن تتحول إلى اعتداء على المجتمع، فما العلة من اشتراط تحققها حتى نواجهها بتدبير مناسب ؟ أليس في درئها ابتداء ماهو أجدى من انتظار تحققها ثم مواجهتها؟.

ب- الوجه القانوني يرى أن الخطورة الإجرامية هي احتمال و أن السماح بتطبيق التدبير لمجرد الاحتمال بأن الفرد سيرتكب جريمة في المستقبل هو اعتداء خطير على الحريات الفردية يجب تجنبه باشتراط وقوع الجريمة السابقة لكي يمكن تطبيق التدبير
و أمام هذا الواقع ينقسم الفقه إلى فريقين، الأول يقول بضرورة الاعتـــداد بالخطورة و مواجهتها و الثاني يرى أن الخطورة الإجرامية لا يمكن مواجهتها قبـل ارتكاب الفرد للجريمة ، ولكل من هذين الرأيين حجة التي يمكن إيجازها فيما يلي:
* مذهب عدم اشتراط الجريمة السابقة : تعتبر المدرسة الوضعية رائدة في هذا المضمار فطبقا لآرائها يجوز تطبيق التدبير على الخطرين اجتماعيا بمجرد علامـات تكشف عن خطورتهم على أمن المجتمع و لو قبل ارتكاب الجريمة فالتدبير تنزل لسبب الخطـورة الإجرامية و لذا فليس هناك سبب يدعو إلى انتظار حدوث الجريمة من اجـــل توقيع التدبير، فالجريمة السابقة قرنية على الخطورة الإجرامية ولكنه ليست القرنية الوحيدة فإذا ما توافرت قرائن أخرى قطعت بوجود الخطورة الإجرامية فلا وجه بعد ذلك لرفض وقوع التدبير.
ومنه يرى أصحاب هذا المبدأ أن الكفاح الحقيقي ضد الجريمة ليس بعد ارتكاب الجريمة وإنما قبل تحققها و أفضل عدالة هي العدالة التي تحمي من ارتكاب الجرائم ، و بالإضافة إلى ذلك فإن هذا التدخل لا يتعارض مع مبدأ الشرعية أللذي يمكن أن يصان و يحترم في حدود الضمانات.
* مذهب اشتراط الجريمة السابقة : ذهب الرأي الراجح في الفقه إلى وجوب ارتكـاب الجريمة قبل إنزال التدابير ، و لا يعني ذلك أن سبب التدبير هــو الجريمــة المقترفة و لا كن اشتراطها يعني تأكيد مبدأ الشرعيـــة و صون الحريـــات العامـة فتوقيع التدبير تأسيسا على فكرة الخطورة الإجرامية من شأنه أن يهدد الحريات الفرديـة و ليس من صالــح الجماعة في شيء إهدار الحريات لمجرد احتمال أن يرتكـب الشخــص جريمة لم يرتكبها بعد ، فمعيار الخطورة الإجرامية هو الاحتمال و الاحتمال هو معيـار متذبذب و يبعد عن اليقين و حتى لو توافرت جميــــع الأمارات التي تنبأ بالخطورة الإجرامية فإن ذلك لا يعني أن ترتكب الجريمة.

المطلب الثاني: الخطورة الإجرامية
يعرف الفقه الخطورة الإجرامية على أنها احتمال أن يصبح الفرد فاعلا لجريمة ، تقوم حالة الخطورة لدى الشخص متى كان من المحتمل أن يقدم مباشرة على فعل غيــر اجتماعي و توصل احـــد أقسام علـم الإجرام بباريس 1950 إلى أن حالة الخطورة الإجرامية هي ظاهرة نفسية و اجتماعية تتميز بعلامات تكشف عن احتمال قوي لدى الفرد لارتكاب الجرائم ضد الأشخاص و الأموال.
* طبعة الخطورة الإجرامية: يصعب تحديد الخطورة الإجرامية لأنها من الأمور التي تتعلق بذاتية الإنسان و التي لم تتوصل المعارف العلمية بعد إلى الكشف عنها و تحديدها فمازالت الخطورة الإجرامية من الأمور الغامضة التي نهتدي إليهـا بآثـارها و نتـائجها و يرى الأستاذ " فيين" انه لا العلم و لا فن الإجرام سيتوصلان أبـدا إلى نتائج حاسمة في سبيل تحديد الخطورة الإجرامية.
* مفهوم الاحتمال : تقوم الخطورة الإجرامية على الاحتمال و هو توقع حدوث نتيجــة لم تحدث بعد و إنما نتوقع حدوثها في المستقبل في حدود توافر المسببات و ضمن السير العادي للقوانين الطبيعية و يحمل هذا التوقع ثلاث افتراضات ( فإما أن نتوقــع حدوث النتيجة على نحو حتمي أو يقيني و إما أن نتوقع حدوث النتيجــــة على وجه الإمكان و أخيرا فقد نتوقع النتيجة على وجه الاحتمال بحيث يرجع حدوثها ، فما هي طبيعة التوقع أللذي يمكن الأخذ به في نظرية التدابير؟ إن القول بالحتمية أو اليقين أمر مستبعـــد في تصاوير الخطورة الإجرامية إذ لا يجوز أن ندعي مهما كان علمنا للأسباب و قدرتنا على التوقع أن الجريمة ستحدث حتما فالجريمة تقوم على سلوك أنساني معقــد و تتداخل في إحداثه عدة عوامل مختلفة و متنوعة الأمر الذي يجعل أمر البت في حتمية حدوثها – قبل أن تحدث – أمر غير مقبول.
و نستبعد أيضا الأخذ بإمكانية حدوث الجريمـة للقـــول بإنزال التدبير و لو اعتبر الإمكان كافيا لتوافر الخطورة الإجرامية لوجب اتخاذه قبل أكثر الناس.
و بعد أن استبعدنا الافتراضين السابقين لا يسعنا إلا أن نؤكد أن المعيار الصالح لإثبات حالة الخطورة الإجرامية هي التوقع على أساس الاحتمال فالاحتمال هو درجة عالية وواضحة في التوقع بحيث لا يمكن أن تصل إلى درجة اليقين و لكنها لا تنزل إلى درجة الإمكان فهي منزلة بين المنزلتين.
* الجريمة التالية: يسعى التدبير للوقاية من الجرائم كل الجرائم و بالتالي لا يمكن تحديده بنوع معين من الجرائم و استثناء الأنواع الأخرى كما انه لا يمكن وصف الجرائم على قدر محدد من الجسامة و لا كن ذلك لا يمنع من إخراج بعض الجرائم و اعتبارها غير صالحة بأن تكون مصدرا لقيام حالة الخطورة كجرائم السياسة و جرائم العقيدة و الـرأي و الصحافة و علة ذلك أن الجرائم لا تصلح سببا لإنزال التدبير، لا تصلح لان تكون مصدرا للخطورة الإجرامية.
* تقدير الخطورة الإجرامية و إثباتها : بهذا الخصوص فقد انصب اهتمام الفقهاء على تحليل شخصية الفاعل من جهة و بيان أهمية الفعل المقترف بوصفه دليلا على خطورة الجاني من جهة أخرى و من خلال فحص هاذين العنصرين " شخصية الجاني و جريمته" يمكننا تقدير وجود الخطورة من عدمه.
و لقد لجأت التشريعات الوضعية إلى طريقتين لإثبات الخطورة الإجراميـة ، الأولــى و هي طريقة تفترض وجود الخطورة لا يقبل العكس كأن تتوافر شروط معينة في بعض الحالات و أفادها تكرير الجرائم و الاحتراف عندها يجب على القاضي أن يوقع التدبير المنصوص عليه تلقائيا كما في حالة نظام الإبعاد " relégation " الفرنسي ، أما الطريقة الثانية فتقوم بتحديد العوامل التي يرد عليها الإثبات و التي تستخلص منها الخطورة الإجرامية نشير بهذا إلى ما نصت عليه المادة133 عقوبات ايطالي ، و العوامل هي:
1/ جسامة الجريمة ( طبيعتها، نوعها، وسائلها، موضوعها، وقتها و مكانها و كافة ملابساتها).
2/ جسامة النظر أو الخطر المترتب عليها للمجني عليه من الجريمة.
3/ مدى القصد الجنائي أو درجة الإهمال ( بواعث الإجرام، طبع الإجرام، سوابقه الإجرامية ، ظروف حياته الخاصة و الاجتماعية).
و يستفاد من هذا النص بـان المشرع قــد أعطى معيـارين للقاضي بموجبها يمكن استخلاص حالة الخطورة أي الأول يعتمد على الجريمة المفترضة و الثاني على شخصية المجرم.






المبحث الثالث: الأحكام الموضوعية لتدابيــــر

المطلب الأول: خضوع التدبير لمبدأ الشرعية
تخضع التدبير لمبدأ الشرعية و النصية و تبرير ذلك أن الحكمة المتوخات من تطبيق المبدأ على العقوبات متوفرة أيضا في التدبير ليمنحها الأساس القانوني و يبعدها عن التعسف في الإدارة أو تحكم القضاء و لذلك وجب أن يحدد القانــون التدابير بيان نوعها و شروط تطبيقها و أساليب تنفيذها.
يقتضي مبدأ الشرعية فيما يخص العقوبات أن ينص عليها القانون و أن التطبيق يكون بناء على اقتراف جريمة و بموجب حكم من القضاء.
الفرع الأول: لا تدبير إلا بنص قانوني
طبقا لمبدأ الشرعية فان التدابير لا تكـون إلا بنص قانوني بموجبه يتحدد نــوع التدبير و بيان الأحكام و شروط توقيعه و على هذا يجمع الفقه و التشريع ، غير أن ذلك لا يعني تماثلا تاما في خضوع التدبير للشرعية كمـا في العقوبة ، فالقاعدة تتطلب أن تعين العقوبة وبشكل دقيق من حيث مدتها و نوعها وهاذا ما لا نجده في التدابير حيث تقتضي طبيعته أن تكون مدته غير محددة و يجوز مراجعتــه باستمرار فالشرعية هنا تخضع لمرونة لا يعرفها القانون في مجال العقوبات بحيث يكتفي القانون بالنص على التدبير ، وقد قيل في تبرير ذلك أن العقوبة تتمثل في إنذار الجاني و من حقه أن يكون مطلعا عليها و على مقدارها سلفا ، أما التدبير فلا يمكن تحقيق تقديره سلفا و ذلك لكونه يسعى إلى العلاج لا العقاب.
الفرع الثاني: لا تدبير بلا جريمة
لا تطبق العقوبة إلا على الجريمة و التدبير لا ينزل إلا بمقترف للجريمة و لكن التشريعات الوضعية عرفت استثناءات كثيرة و ردت على هذه القاعدة إذ أجازت التدبير قبل ارتكاب الجريمة كما في حالة جرائم التشرد التسول السكر ،الاشتباه بالإدمان على المخدرات، التردد على أماكن الفسق و الدعارة، ارتياد محلات القمار و غيرها...، و مثل هذه الحالات فيها اعتداء على مبدأ الشرعية.
و من اجل منع التحكم لابد من تحديد الخطورة الإجرامية على أساس ربطــها بعنصر مادي ، فتقدير خطورة الفرد الإجرامية يجب أن تستند إلى أفعال محددة سابقا و يمكــن السيطرة عليها و التي بموجبها يمكن أن نسبب و أن نتوقع و يمكن أن يأخذها القاضي في الحسبان عند إصدار الحكم ، و هذا يعني أن يكون للفرد سلوك سابق على الجريمة فهذا السلوك المادي راجع إلى طريقة عيش معينة كالتسول و التشرد أو إلى أسباب داخلية كالسكر أو تعاطي المخدرات يجب أن يظهر و يحدد و يمكن التأكد منه علميا ، إن النص على هذا العنصر المادي يعني أننا أعطيناه الركن الشرعي و هو ما يحفظ مبدأ الشرعية فالفرد الذي يتطابق سلوكه مع ما ينص عليه القانون و عليه أن يعلم انه سيكون محـلا للمسائلة و انه إذا ما ثبتت خطورته فسيخضع للتدابير.
الفرع الثالث: التدخل القضائي
إن إنزال التدبير بالمحكوم عليه هو عمل قضائي و السلطة القضائيـة وحدها هي المؤهلة و المختصة بالتطبيق و يبرر ذلك أن التدابير تصيب الأفراد في حرياتهم العامة و لذا وجب أن يناط أمرها بالقضاء بوصفه الجهة الصالحة و المؤهلة للنطق بالتدبير ، فلا يكفي أن ينص القانون على التدبير و يحدد أنواعه بل يجب أن يناط أمر الحكم بها إلى القضاء وحده باعتباره الحارس الأمين للحريات العامة لما يتصف به من صفات النزاهة و الحيـاد و الاستقلال، بالإضافة إلى ذلك فان التدابير تنزل بناء علـى اقتراف الجريمة ومن اجل مواجهة جريمة في المستقبل وكل هذا يتطلب تدخل قضائي بلا منازع.

المطلب الثاني: مدى تطبيق نتائج مبدأ الشرعية من حيث الزمان على التدبير
الأصل في النصوص الجزائية أنها غير ذات اثر رجعي ، إذ لا يجوز أن تطبق النصوص الجزائية على الوقائع التي حدثت قبل نفاذها إلا إذا كانت أصلح للمتهم ، و هذه القاعدة تسمى " قاعدة عدم رجعية القوانين الجنائية " و التي بموجبها لا تسري القوانين على الوقائع السابقة على نفاذها حيث لا يجوز تهديد حريات الأفراد بمفاجأتهم بتحريم أفعال لم يكن وقت إتيانها مجرمة ، أو الحكم على شخص ارتكب جريمة بعقوبة اشد من العقوبة التي كانت موضوعة لها وقت ارتكابها ، و نظرا لأهمية هذه القاعدة فقد نصت عليها الدساتير أحيانا و القوانين الجنائية كقاعدة مكملة ولازمة لمبدأ الشرعية المادة 43 من الدستور الجزائري ، المادة 02 ق ع ج ، و قد ذهب جانب من الفقه إلى القول بضرورة تطبيق هذه القاعدة على التدبير أسـوة بالعقوبات حيث أنها لا تقل خطورة على الحريات الفردية ، وفي رجوع التدابير إلى الماضي تعارض لمبدأ الشرعية لا يمكن التسليم به فلا ينبغي التهوين من قسوة هذه التدابير و على نقيض ذلك يذهب الرأي الراجح في الفقه إلى القول بان التدابير تواجه الخطورة الإجرامية و هي خطورة مستمرة فما ينبغي أن يطبق عليها القانون بأثر فوري و لا مجال للأخذ بقاعدة " عدم رجعية القوانين الجنائية" في مجال التدابير لأن التدبير ليس إيلاما و لا يحمل في طياته لوما اجتماعي و هو ليس لعقاب حيث يسعى إلى الوقاية و العلاج مما يبرر عدم خضوعه للقاعدة ، و يواجها لتدبير خطورة إجرامية مستمرة و متطورة ، و لذا فان للقاضي الحق في استعمال كل التدابير الملائمـة و الفعالة النصوص عليها في القانون لإيقاف هذه الخطورة و لو أنهـا تمت لقانون جديد بالإضافة إلى ذلك فقد قيل بان التدبير الجديد هو دائما التدبير الأصح لمـا يبرر الأخذ به فورا عملا بعدم رجعية القانون إلا ما كان منه اصح.

المطلب الثالث: مدى تأثير خاصية عدم تحديد مدة التدبير على مبدأ الشرعية
إن خاصية عدم تحديد مدة التدبير و التي هي خاصية يمتاز بها لمواجهة حالة الخطورة التي لا يمكن أن نحدد سلفا متى تنتهي ، تثير نقاشا حادا حول ضرورتها و إمكانية التوفيق بينها و بين مبدأ الشرعية الذي يتطلب أن يكون الجزاء محدد سلفا حتى يستطيع الفرد أن يعلمه قبل ارتكاب للجريمة ، ولحل هذا الأشكال لجأت بعض القوانين إلى النص على حد واحد أقصى للعقوبة لا يجوز تجاوزه في حين لجأت قوانين أخرى إلى تقيد المدة بحد أدنى لا يجوز أن ينقضي التدبير إلا بعد انقضاء المدة الدنيا التي يحددها القانون و في الفقه يسود الرأي القائل بوجوب عدم تحديد مدة التدبير و إن كان فريق من الفقهاء يقول بعدم التحديد النسبي انتصار لمبدأ الشرعية و حقيقة الأمر أن طبيعة التدبير تقتضي عدم تحديد مدته.

*نظام وقف التنفيذ والتدبير: يقوم هذا النظام على مجرد تهديد المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر عليه بالحبس أو الغرامة إذا ما اقترف جريمة جديدة خلال مدة محددة تكون بمثابة فترة تجربة للمحكوم عليه فإذا ما إذا اجتاز المحكم عليه تلك الفترة دون إن يقع في جريمة ثاني سقط الحكم الصادر ضده و اعتبر كان لم يكن و في ميدان التدابير فإن التدابير تواجه الخطورة الإجرامية يجب مواجهتها فورا قبل أن تتحول إلى جريمة و على ذلك فان التدابير تستبعد تماما من وقف التنفيذ لأنها تستهدف مواجهة الخطورة الإجرامية لا تستأصل إلا بالتنفيذ ، و من ثم يكون الحكم بها وقت تنفيــذها غير ذي جـدوى في مواجهة هاته الخطورة ، بل إن ذلك يعادل عدم النطق بها أصلا و قد استبعدت التشريعات الوضعية جواز تطبيق نظام وقف التنفيذ على التدبير، إما صراحة أو ضمنيا، و قد حددت المادة " 592" إجراءات جزائية جزائري بان نظام إيقاف التنفيذ يقتصر على من حكم عليه بالحبس أو الغرامة و لم تذكر هذه المادة التدابير.
*نظام الإفراج الشرطي والتدابير: بعد قضاء فترة محددة من تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة يمكن أن يمنحه الإفراج المشروط و إذا ما قدم أمام التنفيذ أدلة جديدة عن حسن سيرته تحمل على الاعتقاد بأنه قادر على إصلاح نفسه ، فهل يجوز أن يمنح هذا النظام لمن يخضع للتدابير؟
الجواب و هو الرأي الراجح وجوب استبعاد نظام الإفراج الشرطي من التطبيق على التدابير فبطبيعتها قابلة للتعديل و تتكيف مع خطورة الفرد الإجرامية و لذا فلا حكمة في إخضاع نظام التدبير لنظام الإفراج المشروط لان القاضي يستطيع أن يعدل التدبير في أية لحظة يرى ضرورة ذلك.
و قد استبعد هذا النظام من التطبيق في القانون الجزائري على التدابير حيث حصر تطبيقه على العقوبات السالبة للحرية و هو ما يستفاد من مراجعة المواد "179-194" من قانون إصلاح السجون.
*تأثير الظروف المخففة على التدابير: الأخذ بهذا النظام هو إعطاء الحق للقاضي بالهبوط عن الحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونا عند توافر الظروف التي تستدعي ذلك ولذا يرى انه يجب استبعاد هذا النظام من التطبيق على التدابير مستندين في ذلك إلى ما يلي:
1/ تنصب الظروف المخففة على العقوبة فتنقص من مدتها و هو ما لا يستطيـع أن نطبقه على التدبير حيث تكون مدته متغيرة بطبيعتها.
2/ إن وجود الظروف المخففة لا تعدم القول بوجود الخطورة الإجراميـة التي إن وجدت وجب إنزال التدابير بالمقابل لها.
3/ إن بعض الظروف المخففة تدل على وجود الخطورة كما في حالة صغـر السـن و سوء التربية و الحالة الصحية السيئة للمتهم و سرعة تأثره و انفعاله و هي الأمور تستدعي تطبيق التدابير كعلاج لهذه الحالة.
4/ إن الاعتبارات التي تطبق الظروف المخففة على العقوبات لا مجال لها في نطاق التدابير فالقول بان تطبيق الظروف المخففة يساعد على تفريد العقوبة و تخفيف قسوتها في بعض الحالات لا يعد تبريرا في نطاق التدابير التي هي بحسب طبيعتها غير محددة المدة و تقوم على التفريد أصلا.
*تأثير العفو على التدابير: و هناك نوعين من العفو:
ا-العفو عن العقوبة ( عفو خاص) و مدى تأثيره على التدابير: و هو سلطة تقليدية تناط برئيس الدولة يحق له بموجبها أن يصدر عفوا عن أي مجرم بعد أن تثبت إدانته نهائيا بإسقاط العقوبة كلها أو بعضها إصلاحا لخطأ قضائي وقع أو تخفيفا لقسوة بعض العقوبات أو مكافأة المحكوم عليه لسلوكه الحسن.
و يميل الفقه إلى ضرورة استبعاد هذا النظام من التطبيق على التدبير لأنه نظام عاجز عن تقديم أي مفيد في مجال التدابير فإذا كان العفو عن العقوبة يهدف إلى إصلاح الخطأ القضائي بعد استنفاذ الطرق القانونية العادية فهو لا يفيد في نطاق التدابير التي تخضع للمراجعة الدورية و لذا فقد وجب حصر نظام العفو بالعقوبات دون التدابيــر و ذلك للأسباب التالية:
1/ تنقضي التدابير بزوال الخطورة الإجرامية التي كانت سببا لإنزالـه بالمحكوم عليه و ليس من شان العفو أن يزيل هذه الخطورة
2/ إن العفو عن التدابير ووقف تنفيذه قبل أن يقضي على الخطورة الإجرامية التي طبق بسببها يعني تعريض المجتمع للخطر الذي ينجم عن إطلاق سراح المجرم
3/ العفو ينزل بالعقوبة النهائية لأنها خرجت عن نطاق القضاء في حين يبقى التدبير حكم خصائصه محلا للمراجعة القضائية
ب- العفو الشامل(العفو عن جريمة) و مدى تأثيره على التدابير : و هو إسدال الستار من النسيان على الجرائم السابقة و ذلك بتجريد بعض الأفعال من الصفـــة الإجرامية بأثر رجعي و يصبح الفعل كما لو كان مباحا و يطبق هذا العفو على كافــة العقوبات، فهل يطبق على التدابير؟ و يميل الفقهاء إلى ضرورة إبعاد نظام العفو الشامل من التطبيق على التدابير لأنه لا يمكن أن يكون للعفو الصادر عن الجريمة و التي كانت لها تأثيــر على الخطورة الإجرامية فالعفو الشامل لا ينهي التدابيـر فالتدابيـر منصوص عليها لمواجهة خطورة ارتكاب الجريمة مستقبلا و ليس من اجل الجريمة السابقة و لذا فان العفو على الجرائم السابقة لا تحمل نتائج معينة على التدابير.
*نظام العود على التدابير: تعتبر العقوبة الصادرة بموجب حكم نهائي سابقة في العود في حالة اقتراف الجاني لجريمة جديدة ضمن الشروط التي حددها القانون.
و اعتبرت القوانين بمجملها العود ظرفا عاما مشددا يقر تشديد العقوبة على العائد يفيد ظرف العود في وجوب تشديد العقوبة لان العقوبة العادية السابقة لم تحقق الردع الخاص للمجرم ، و هذا ما لا يستطيع تطبيقه في حالة التدابير باعتبارها غير متدرجة فلا يقال تدبير أشد أو تدبير أقل شدة فالتدابير على العموم ينقصها التدرج و لكن الأمر ليس كذلك على نحو مطلق ، فالتدابير العينية تقبل التشديد كسحب رخصة القيادة لمدة قصيرة أولا ثم سحبها لمدة أطول في حالة العود.
*نظام رد الاعتبار والتدابير: بعد مرور فترة زمنية محددة بالقانون تلي تنفيــذ العقوبات تكون بمثابة تجربة للمحكوم عليه تفصح عن جدارته لان يكون مواطنا صالحا بشروط يحددها القانون يعود له اعتباره و يزول عنه كل أثار حكم الإدانة فنطاق نظام رد الاعتبار ينحصر في الآثار المستقبلية للأحكام الجنائية ، هناك سؤال يطرح نفسه هل يمكن تطبيق هذا النظام على التدابير؟.
رد الاعتبار يتناول الآثار المترتبة على الإدانة و انه يتناول التدبير كما تناول العقوبات التكميلية الأخرى إذا كان التدبير أثرا من أثار الحكم بالإدانة فرد الاعتبار حكم بزوال الخطورة الإجرامية ولا مبرر للتدابير إذا ما زالت الخطورة الإجرامية.


المبحث الرابع: تدابيــــر الأمن في قانون العقوبات الجزائري

لقد عرف قانون العقوبات الجزائري التدابير أسوة مع غيره من القوانين الوضعية الحديثة التي عرفت بدورها هذه التدابير فقد نص عليها في مادته الأولى ليكسبها الشرعية و قد بين أهدافها في مادته الرابعة بنصه{ إن لتدابير الأمن هدف وقائي وهي إما شخصية أو أمنية } ثم فصل القانون أنواعها في المادة 19 القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 تدابير الأمن هي:
1/ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية.
2/ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية .
و بالإضافة إلى هذه التدابير التي تطبق على الكبار البالغين هناك التدابير الموجــــودة و المنصوص عليها في المادة 444 القانون رقم82-03 المؤرخ في 13/02/1982 { لا يجوز في مواد الجنايات و الجنح أن تتخذ في ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامن عشر إلا تدابير أو أكثر من تدابير الحماية و التهذيب الأتي بيانها:
* تسليمه لوليه أو لوصيه أو لشخص جدير بالثقة
* تطبيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت الرقابة
* وضعه في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو للتكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض
* وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
* وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة غير انه يجوز أيضا أن يتخذ في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره 13 سنة تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإصلاحية}.
و يتعين في جميع الأحوال أن يكون الحكم بالتدبير المذكورة أنفا لمدة معينة لا تجوز أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني.
و كذلك منصوص المواد 445و المادة 446 ق ا ج.

المطلب الأول:الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية
بينت المادة 21 قانون العقوبات مفهوم الحجز القضائي بنصها{ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية هو وضع الشخص بنــاء على أمر أو حكم أو قرار قضائي في مؤسسة مهيأة لهذا الغـرض بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت ارتكابه للجريمة أو اعتــراه بعـد ارتكابها}، يمكن أن يصدر الأمر بالحجز القضائي بموجب أي أمر أو حكم أو قرار بإدانة المتهم والعفو عنه أو ببراءته أو بانتفاء وجه الدعوة غير انه في الحالتين الأخيرتين يجب أن تكون مشاركته في الوقائع المادية ثابتة ، يجب إثبات الخلل العقلـي في الحكم الصادر بالحجز القضائي بعد الفحص الطبي يخضع الشخص الموضوع في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية لنظام الاستشفـــاء الإجباري المنصوص عليها في التشريع الجاري العمل به غير أن النائب العام يبقى مختصا في ما يتعلق بمآل الدعوى العمومية التزاما بالقواعد العامة في المؤسسة الجنائية التي تقيد المسؤولية على وجود إرادة صحيحة يمكن أن يعتمد منها قانونا فان من أصابه خلل في قواعده العقلية لا يمكن محاكمته على الجريمة التي اقترفها إذا كان الخلل وضع عند ارتكابها ، ذلك أن الخلل في هذه الحالة يعد مانعا للمسؤولية تطبيقا للمبادئ التي توجب أن تكون الإرادة صحيحة لإرادة مجنون أو غير عاقل لا يدرك سير المحاكمات ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه ، و قد يصيب المرء خللا في قواه العقلية بعد ارتكابه للجريمة و أثناء سير الأعمـال الإجرائية و في هذه الحالة يتوجب وقف الإجراءات سواء ما تعلق الأمر منها برفع الدعــــوى أو بالمحاكمة أسوة بما سبق و اشرنا إليـــه من وجوب وقف محاكمة من اقترف الجريمة إذا كان مختلا وقت ارتكابها.
و أخيرا فانه لا يجوز الاستمرار في تنفيذ العقوبة المحكوم بها على الجاني الذي أصابه الخلل العقلي و ذلك لأنه لا يصبح عاجزا عن فهم و إدراك مضمون العقاب.
و امتناع المسؤولية في مثل هذه الحالات تعود إلى نص المادة 47 ق ع { لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة و ذلك دون الإخلال بأحكام الفقــرة 02 المادة 21}.
و ربط المادة 21 عقوبات بالمادة 47 عقوبات تعني أننا توسعنا في معنى الجنون وطبقناه بمعنى كل خلل عقلي ، فأصبح ذلك الخلل العقلي مانع للمسؤولية.
و قد جرى العمل في إطلاق سراح المتهم المصاب بمرض عقلي لامتناع مسؤوليته الأمر الذي كان يحمل بعض النتائج السيئة على المتهم نفسه أو على المجتمع في بعض الحالات و قد حاولت بعض التشريعات الحديثة و منها التشريع الجزائري أن تتجنب مثل هــذه النتائج و ذلك بإعطاء السلطات القضائية الحق بحجز المجرمين المصابيـن بخلل عقلـي و إخضاعهم لتدابير الأمن تنفذ في أماكن معدة لذلك في محاولة لعلاج المتهــم و حفاظا على امن المجتمع و سلامته.
الفرع الأول: مضمون هذا التدبير و شروط تطبيقه
1- مضمون التدبير: الوضع في مؤسسة عقابية هو تدبير علاجي ينفذ في مؤسسات مختصة بالعــلاج و يعني ذلك أن فكـــرة السجن مستبعدة تماما لأن الهـدف هو علاج الجاني، و نشير إلى أن التدبير غير محدد المدة وقد أحسن المشرع بنصــه على ذلك لأننا لا نستطيع أن نحدد سلفا متى تنتهي خطورة الجاني ، فإطلاق سراح الجــاني مرتبط بشفائه من المرض الذي كان سببا في إنزال التدابيـــر ومن الطبيعي أن يستمر التدبير مطبقا حتى يشفى المحكوم عليه.
2- شروط تطبيق هذا التدبير: لا ينزل هذا التدبير بكل مجرم مجنون تلقائيا بعد العفو عنه أو براءته أو لأي سبب آخر بل لا بد من توافر شروط :
- الجريمة السابقة : يشترط أن يكون للمحكوم قد قام بجريمة قبل إنـزال التدابير بـــه و يستدل هذا الشرط من نص المادة 21 قانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 الذي اشترط أن يكون الخلل قائما وقت ارتكاب الجريمة أو اعتراه بعد ارتكابها و أضافت نص المادة { يمكن أن يصدر الأمر بالحجز القضائي بموجب أي أمر حكــم أو قرار أو بإدانة المتهم أو العفو عنه أو براءته أو بانتفاء وجه الدعوى غيـر انه في الحالتين الأخيرتين يجب أن تكون مشاركته في الوقائع المادية ثابتة}.
و أضافت نص المادة في الفقرة الأخيرة { يخضع الشخص الموضوع في مؤسســـة استشفائية للأمراض العقلية لنظام الاستشفاء الإجباري المنصوص عليــه في التشريع الجاري المعمول به غير أن النائب العام يبقى مختصا فيما يتعلق بمآل الدعوى العمومية}. و لم يشترط القانون جسامة معينة في الجريمة لتطبيق التدابير نعني ذلك أن أي جريمة جناية أو جنحة أو مخالفة تكون صالحة لتطبيق التدابير.
- الخطورة الإجرامية : يشتـرط القانون ضمنيا أن يكون الجاني ذا خطورة إجرامية لكي تطبق عليه تدابير الأمن ، إذ لا يطبق التدبير على جميع من برأ أو اعفي عنهم فالمادة 311 إجراءات جزائية تنص على { إذا اعفي المتهم من العقاب أو برئ أفرج عنه في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر دون الإخلال بتطبيق أي تدبير امن مناسب تقرره المحكمة ، و لا يجوز أن يعاد أخذ شخص قد برئ قانونا أو اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى ولو صيغت بتكليف مختلف }.
فالأصل أن يفرج عن من اعفي عنه أو برئ و يطبق التدبير بناء على أي أمر مــن المحكمة بالرغم من الإعفاء و البراءة ، لسبب آخر و هو الخطورة الإجرامية التي يمثلها المتهم.
الفرع الثاني: ضمانات عدم التعسف في تطبيق هذا التدبير
1.وجوب الفحص الطبي : بما أن الخلل العقلي أمر طبي لا يستطيع القاضي أن يدركه أو يتأكد منه إلا بعد الاستشارة الطبية و قد تنبه المشرع إلى هذه الحقيقة فأوجب إثبـات الخلل في الحكم الصادر بالحجز بعد الفحص الطبي من المادة 21{ يجب إثبــات الخلل العقلي في الحكم الصادر بالحجز القضائي بعد الفحص الطبي}.
2.التدخل القضائي : و هــذا بناء على قرار قضائي و تعد هذه الضمانات من أهــم الضمانات باعتبار أن القضاء هو الحارس الطبيعي للحريات الفردية.
3.ضرورة ثبوت ارتكاب الجريمة : و عملا على احترام مبدأ الشرعيـــة فقد اوجب القانون أن يكون المتهم مرتكبا للجريمة و اوجب أن تكون مشاركته أكيــدة في الوقائع المادية عند الحكم بالبراءة أو بعد عدم وجود وجه لإقامة الدعوى.
4.المراجعة المستمرة للتدبير : يجوز النظر في التدبير على أساس تطور حالة الخطورة لصاحب الشأن و هذا ما أشارت إليه المادة 22 من القانون رقم06-23 المؤرخة في 20/12/2006 في فقرتها الثالثة :{ يجوز مراجعة الوضع القضائي في مؤسسة علاجية بالنظر إلى تطور الخطورة الإجرامية للمعني وفقا للاجراءت و الكيفيات المنصوص عليها في التشريع و التنظيم المعمول به.
و خلاصة القول أن الحجز القضائي هو تدبير يراد به مواجهة الخطورة الإجرامية للمجرمين المختلين عقليا تأمر به السلطات القضائية بناء على نتائج الفحوص الطبية.

المطلب الثاني: الوضع القضائي في مؤسسة علاجية
لقد أثار الكثير من علماء الأجرام إلى وجود علاقة قويـة بين الإدمان علــى الكحـول و المخدرات و بين ارتكاب الجريمة و هو ما فسروه إلى تحول شخصية الفرد إلى شخصية عدوانية بسبب الأمراض العصبية النفسية الشذوذ النفسي و الفســاد الأخلاقي و هذا نتيجة الإدمان.
و أثار العلماء الإجرام إلى أن العقوبة لا تجدي نفعا في مواجهة المدمنين لأن العقوبة لا تستأصل المرض بل يجب أن يواجه بتدبير علاجي يكون قادرا على إبطال مفعول الإدمان و نص قانون العقوبات الجزائري في مادته 22 المعدلة لمواجهة المدمنين و التي جاءت كما يلي:{ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية هو وضع شخص مصاب بالإدمان الاعتيادي ناتج عن تعاطي مواد كحولية أو مخدرات أو مؤثرات عقلية تحت الملاحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض و ذلك بناء على أمر أو حكم أو قرار قضائي صادر من الجهة المحال إليها الشخص إذا بدا أن السلوك الإجرامي مرتبط بهذا الإدمان}.
يمكن أن يصدر الأمر بالوضع القضائي طبقا للشروط المحددة في المادة 21 الفقرة 02.
الفرع الأول: شروط إنزال هذا التدبير العلاجي
ا-أن يكون الجاني مدمنا : الإدمان حالة تبدأ كعادة لتقوى هذه العادة و يشتد تأثيرها على الشخص على نحو حاد إلى درجة يصعب الرجوع عنها أو التخلص من تأثيرها.
و لم يعرف القانون الإدمان بل ولم يقرنه بمدلول طبي معين و أشارة المادة 22 إلى الإدمان فوصفته بأنه { إدمان اعتيادي ناتج عن تعاطي المواد الكحوليـــة أو مخدرات أو مؤشرات عقلية }.
ب-ارتكاب الجريمة : هو شرط يستفاد من نص المادة 22 التي توجب بأن يكون التدبير ناتج على حكم قضائي صادر من الجهة المحال إليها الجاني و تبرير هذا الشرط يعود إلى وجوب التمسك بمبدأ الشرعية من جهة و اعتباره دليلا على خطورة الفاعل و تفاقم مرضه الذي أخذ يعبر عنه بالجريمة من جهة أخرى.
ج-الخطورة الإجرامية : لا ينزل التدبير إلا لمواجهة خطورة إجرامية يمثلها الجاني فإذا ثبت أن الجريمة المرتكبة أو الجريمة التي يخشى من ارتكابها مستقبلا لا علاقة لها بهذا الإدمان فلا موجب للتدبير.
الفرع الثاني:طبيعة هذا التدبير
التدبير المتخذ في مواجهة المدمنين هو تدبير علاجي و ينفذ في أماكن معدة خاصة لذلك أي في مؤسسات خاصة للعلاج و يقتضي في هذه الحالة أن يتعاون المحكوم عليه مع المشرفين على المؤسسة العلاجية وهو ما يستدعي أن يكون نظام المعيشة في المؤسسة قائمة على أسس سليمة تجعل المحكوم عليه يتجاوب مع العلاج الطبي و تتقوى عزيمته على تجاوز محنته و الابتعاد على تناول المخدرات أو شرب الخمر أو الأقراص المهلوسة من جديد.
و لم يحدد القانون مدة التدابير على نحو مطلق و حسن الفعل ، فهو يواجه مرض لا يستطيع أن يحدد سلفا المدة الواجبة انقضاؤها للقول بشفاء المدمن ، و يعني ذلك أن التدبير ينتهي عند شفاء المدمن من مرضه حيث يعود للسلطة القضائية المشرفة على تنفيذ التدبير أمر تقديره بناء على التقارير الطبية بهذا الشأن.


المبحث الخامس: تدابيــــر الخاصــــة بالأحداث

لقد فرقت التشريعات الحديثة بين معاملة المجرمين البالغين و بين معاملة الأحداث بحيث تفرد المجرمين الأحداث أحكاما خاصة و جزاآت مناسبة تقوم أساسا على وجوب تطبق التدابير الملائمة لشخصية الحدث الجانح املآ في مساعدته و تهذيبه فقد اتضح أن العقوبـة و حتى المخفف منها إنما هي وباء على الحدث غير فعالة ومضارها عليه أكثر من نفعها له و عليه فقد اتجهت القوانين الحديثة إلى السعي لإنزال التدابير الملائمة بالحدث الجانح.
و قد اخذ المشرع الجزائري بهذه النظرة الحديثة لمعاملة الأحداث فحدد في المادة 49 المفهوم العام للمسؤولية الجنائية للأحداث على النحو التالي: { لا توقع على القصر الذي لم يكمل 13 سنة إلا تدابير الحماية أو التربية و مع ذلك فانه في مواد المخالفات لا يكون محل إلا للتوبيخ ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 إلى 18 سنة إما تدابير الحماية أو التربية أو العقوبات المخففة}.
و تطبقا لهذه المفاهيم الخاصة بمسؤولية الأحداث بينت المواد 442-494 من قانون الاجراآت الجزائية الأحكام الخاصة بالأحداث الجانحين و ذلك بعد أن فصل المشرع القضاء الخاص بالأحداث عن قضاء البالغين ، و قد جاءت في الأحكام التمهيدية لهذه الأحكام نوع التدابير التي يمكن اتخاذها قبل الحدث أللذي لم يكمل سن 13 من عمره في المادة 444 من قانون الاجراآت الجزائية كالآتي:{ لا يجوز في مواد الجنايات أو الجنح إن يتخذ ضد الحدث الذي لم يبلغ 18 سنة إلا تدابير أو أكثر من تدابير الحماية و التهذيب الأتي بيانها:
ا- تسليمه لوالديه أو لوصيه أو لشخص جدير بالثقة
ب- تطيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة
ج- وضعه في منطقة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو للتكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض
د- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك
و- وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعدة
ت- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة غير انه يجوز أن يتخذ كذلك في شأن الحدث الذي تجاوز عمره 13 سنة تدبير يرمي لوضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإسلامية}.

وأجاز المشرع لجهة الحكم في المادة 445 "ا ج " بصفة استثنائية أن تستبدل أو تستكمل التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بعقوبة الغرامة أو الحبس المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العقوبات { إذا قضي بان يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 سنة إلى 18 سنة لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عليه تكون كالأتي:
ا- إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فانه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة.
ب- إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فانه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا}.

و هكذا يكون المشرع قد استجاب للنظريات العلمية التي تقول بوجوب إبعاد المجرم الحدث عن العقاب التقليدي إذ جعل التدبر هي أصل معالجة الأحداث و قد التزم المشرع بالأحكام العامــة لنظريـة التدابير في تطبيق تدابيـر الأمن هذه على الأحداث فهي غيـر محددة المدة و يمكن تعديلها ، أو إبدالها أو إلغاؤها و لا يكون للطعن فيهــا أو الاستئناف أو المعارضـة اثر على تنفيذها و هذا ما أشارت إليـه المواد 474-488 من "ق ا ج".
المادة 474 { يعقد قسم الأحداث في المجلس القضائي وفقا للأشكال المقررة في المواد 468 من هذا القانون ، تطبق على الاستئناف أوامر قاضي الأحداث و أحكام قسم الأحداث القواعد المقررة في مواد الاستئناف في هذا القانون ، و لا يكون للطعن فيها بالنقد اثر موقف لتنفيذها إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الجزائية التي يقضي بها تطبيقا للمادة 50 ق ع}.
المادة 488 { الأحكام الصادرة في شان المسائل العارضة أو الدعاوي التغير في التدبير أو بخصوص الإفراج تحت المراقبة أو الإيداع أو الحضانة يجوز شمولها بالنفاذ المعجل رغم المعارضة و الاستئناف و يرفع الاستئناف إلى غرفة الأحداث بالمجلس القضائي }.
*طبيعة هذا التدبير:
إن التدابير المخصصة للأحداث ذات طابع تهذيبي إذ ينظر إلى العوامـل الاجتماعية و البيئة على أنها الدافع الأساسي في انحراف الحدث وقد يعود انحراف الحدث إلى مرض عضوي أو نفسي مما يجعلنا نبحث عن التدبيـــر العلاجي المناسب و يعني ذلك وجوب
حصر التدابير النازلة بالأحداث في التدابير العلاجيـة و التهذيبية و تهدف هذه التدابير إلى مساعدة الحدث و تقويمه و تهيئته للحياة العاديــة.









الخاتمــــــة :



من خلال دراستنا لمبدأ الشرعية حددنا مفهومه و نتائجه وبينا أن غرضه هو الحفاظ على المجتمع من المجرمين و من تعسف السلطة التي تقرر الأفعال المجرمة و ما يقابلها من عقوبات فهو الأساس الذي يقوم عليه قانون العقوبات الحديث و ضمان من ضمانــات حقوق الإنسان فيعتبر اعتداء صارخ على حقوق الإنسان أي عقوبة تتخذ على فعل لــم يجرمه النص أو تقرر عقوبة لا يحتويها نص تجريم.
لكن العقوبة وحدها لم و لن تكفي لحماية المجتمع ، فتدابير الأمن تكمل العقوبة فتعمــل على حماية المجتمع من الخطر الذي يهدده ،ونظرا لخصوصياتها فلا يجب أن تحاصـر بمبدأ الشرعية بطريقة جامدة بل يجب حين إخضاع التدابير بمبدأ الشرعية أن يوافـــق خصوصياتها و يحدد لها إطار قانوني خاص.




















ـــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


1- قائمة المراجع

المــــؤلف عنوان المرجع ودار النشر

الدكتور رضا فرج



الدكتور عادل قورة
/ ديوان المطبوعات الجامعية/1994/

سليمان ع/ المنعم سليمان

احمد فتحي البهنسي

عبد الله سليمان

شرح قانون العقوبات الجزائري كتاب/الشركة الوطنية للنشر و التوزيع -الجزائر

محاضرات في قانون العقوبات القسم العام


أصول علم الأجرام القانوني"1994"

العقوبة في الفقه الإسلامي-بيروت"1983"

شرح قانون العقوبات الجزائري"1998"




2-قائمة المصادر
عنوانـــــه المصـــدر
قانون العقوبات الجزائــــــري
قانون الإجراءات الجـزائيـــــة الدستور الجزائري يوم 28/11/1996 قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين المصدر الأول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدر الرابع




ــــــــــ ـــــــــــ

العنـــــــــــوان رقم/الصفحة

مدخــل

الفصـل الأول
مقدمـــة

المبحث الأول: العقوبة بصفة عامة و المبادئ التي تقوم عليها
المطلب الأول: العقوبة والغرض منها
المطلب الثاني: الأصول التي تقوم عليها العقوبة
المطلب الثالث: نظرية الشريعة في العقاب
المطلب الرابع: شروط العقوبة

المبحث الثاني: أقسام العقوبـــــــة
المطلب الأول: العقوبات الأصلية
المطلب الثاني: العقوبات البديلة
المطلب الثالث: العقوبات التبعية
المطلب الرابع: العقوبات التكميلية

المبحث الثالث: تعدد العقوبـــات
المطلب :القوانين الوضعية و التعدد
الفرع الأول : طريقة الجمع
الفرع الثاني: طريقة الجب
الفرع الثالث :الطريقة المختلطة

المبحث الرابع: أسباب سقوط العقوبة

الفصـل الثانـي

المبحث الأول : المبادئ العامة للعقوبــــة
المطلب الأول : تعريف العقوبــة
المطلب الثاني: سمات العقوبــة
المطلب الثالث: الضمانات التي تحكم نظام العقوبـــات

المبحث الثاني: أغراض العقوبــــة
المطلب الأول: الوظيفة المعنوية أي السعي لتحقيق العدالة
المطلب الثاني: الوظيفة النفعية أو الردع
الفرع الأول: الردع العــــــام
الفرع الثاني: الردع الخــــاص

المبحث الثالث: تقسيم العقوبـــــات
المطلب الأول: عقوبات الجنايات و الجنح و المخالفات
المطلب الثاني:عقوبات بدنية ماسة بالحرية و ماسة بالاعتبار و المالية
المطلب الثالث: العقوبات المؤبدة والعقوبـــات المؤقتــــة
المطلب الرابع: العقوبات الاستئصالية و العقوبات الأصليــــة
المطلب الخامس: العقوبات الأصلية و العقوبات التكميلية

المبحث الرابع: أنواع العقوبـــــات
المطلب الأول: العقوبات الأصليـــــــة
الفرع الأول: عقوبة الإعدام
الفرع الثاني: عقوبة الإعدام في قانون العقوبات الجزائري
الفرع الثالث: تنفيذ عقوبــــــة الإعدام
المطلب الثاني:العقوبات السالبـــة للحريــــة
الفرع الأول: السجـــن المؤبــــد
الفرع الثاني: السجــن المؤقـــت
الفرع الثالث: الحــــبس
الفرع الرابع: الفرق بين السجن المؤقت و الحبس
الفرع الخامس: الغرامــــــة
المطلب الثالث: العقوبات التكميليـــــــة

المبحث الخامس: تطبيق العقوبـــــات
المطلب الأول: لجنة تطبيق العقوبـــــات
المطلب الثاني: قاضي تطبيق العقوبـــــات

الفصــل الثالــث

المبحث الأول: تدابيــــر الأمـــن
المطلب الأول: تعريف تدابير الأمن
المطلب الثاني: خصائص تدابير الأمن
المطلب الثالث: أغراض تدابير الأمن 2-3


4
5


7
7
7
7
7

8
8
8
8
8

9
9
9
9
9

10-11

12

13
13
13
13

14
14
14
14



15
15
15
15
16

16
16
16
17
17
18
18
19
19
19
20
22

25
26
27

30


31
31
32
32


32

33
33
34

36
36
36
36
36
37
37

40
41
41
41
43
43
43

44

46

47

48-50

المطلب الرابع: تقسيم التدبير

المبحث الثاني: شروط إنزال تدابيــــر
المطلب الأول:الجريمة السابقة
المطلب الثاني: الخطورة الإجرامية

المبحث الثالث: الأحكام الموضوعية لتدابيــــر
المطلب الأول: خضوع التدبير لمبدأ الشرعية
الفرع الأول: لا تدبير إلا بنص قانوني
الفرع الثاني: لا تدبير بلا جريمة
الفرع الثالث: التدخل القضائي
المطلب الثاني:مدى تطبيق نتائج مبدأ الشرعية من حيث الزمان على التدبير
المطلب الثالث: مدى تأثير خاصية عدم تحديد مدة التدبير على مبدأ لشرعية

المبحث الرابع: تدابيــــر الأمن في قانون العقوبات الجزائري
المطلب الأول:الحجز القضائي في مؤسسة إستشفائية للأمراض العقلية
الفرع الأول: مضمون هذا التدبير و شروط تطبيقه
الفرع الثاني: ضمانات عدم التعسف في تطبيق هذا التدبير
المطلب الثاني: الوضع القضائي في مؤسسة علاجية
الفرع الأول: شروط إنزال هذا التدبير العلاجي
الفرع الثاني:طبيعة هذا التدبير

المبحث الخامس: تدابيــــر الخاصــــة بالأحداث

الخاتمــــة

قائمــة المراجـــع

الـفهرس