منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-31, 12:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحالة الأولى :حالة تطبيق أساليب جديدة للعمل في المنشأة .
الحالة الثانية : حالة توقع تحويل في الأراضي المجاورة التي تعتزم إنشاء المنشأة عليها ، أن يمس ظروف الإسكان أو طريقة استعمال الأراضي .
من خلال الشروط السالفة الذكر يمكن القول أن المشرع خطى من خلال هذه النصوص خطوات إيجابية في مجال حماية البيئة ، كما أنه تدارك طبيعة الخطورة الناجمة عن ممارسة النشاط ويتضح لنا ذلك من خلال إدخال المشرع نوعين من الوثائق يجب إرفاقها في الملف وهي كل من وثيقة المخاطر ودراسة التأثير المشار إليهما سابقا ،وفي حالة غياب مثل هذه الوثائق يعتبر إغفالا جوهريا في ملف طلب منح الترخيص .
نصل في النهاية إلى أن هذه النماذج التي ذكرناها بشأن الترخيص ما هي إلا صور قليلة للتراخيص التي تهدف إلى حماية البيئة و وقايتها من الأضرار التي يصعب تحديد مجالاتها أو تقدير التعويض بشأنها (3) .





(1) المادة 14 من المرسوم 981/339.
(2) المادة 18 من المرسوم 98/339.
(3) أنظر في اطار التراخيص الأخري المنصوص عليها قانونا المواد:24 و26 من القانون 01/ 19 ، والماد 20 و40 من القانون 02/02 ، والماد 24،30 من القانون 03/03 ،والماد 84 ،94،102،118 ،128 ،1314 ،156 من القانون 01/10 وكذا المادة 28 من المرسوم 2000/73 المتعلق بافراز الدخان والغبار في الجو.

المبحث الثاني
الحظر و الإلزام و نظام التقارير
كون أن موضوع حماية البيئة يتعلق في الغالب بحماية الصحة العامة ، فإن قواعده القانونية تأتي في الغالب في شكل قواعد آمرة ، هذه الأخيرة تأتي في أسلوبين ، إما أسلوب الحظر أو الإلزام و يتبنى المشرع أسلوب الإلزام حينما يأمر الأفراد بإتيان سلوك معين توجبه القاعدة القانونية ، أما أسلوب الحظر فالمشرع يتبناه حينما يأمر الأفراد بالابتعاد عن سلوك تحظره القاعدة القانونية ومن خلال دراستنا لنصوص قانون حماية البيئة نجد أن هناك من الإجراءات ما يأتي في شكل أوامر هذه الأخيرة تتخذ صورتين إما الأمر بإلزام أو الأمر بالحظر ، و منها ما يأتي في شكل إلزام بتصريحات أو تقارير .
المطلب الأول
الحظر
يقصد بالحظر الوسيلة التي تلجأ إليها سلطات الضبط الإداري ، تهدف من خلالها منع إتيان بعض التصرفات بسبب الخطورة التي تنجم عن ممارستها كحالة حظر المرور في اتجاه معين أومنع وقوف السيارات في أماكن معينة (1) .
والحظر وسيلة قانونية تقوم الإدارة بتطبيقه عن طريق القرارات الإدارية ، و هذه الأخيرة من الأعمال الانفرادية شأنها شأن الترخيص الإداري تصدرها الإدارة لما لها من امتيازات السلطة العامة.
ولكي يكون أسلوب الحظر قانونيا لابد أن يكون نهائيا و مطلقا و ألا تتعسف الإدارة إلى درجة المساس بحقوق الأفراد و حرياتهم الأساسية و ألا يتحول إلى عمل غير مشروع فيصبح مجرد اعتداء مادي أو عمل من أعمال الغصب كما يسميه رجال القانون الإداري (2) ، و للحظر الإداري صورتان : حظر مطلق و حظر نسبي أو مؤقت .
الحظر المطلق هو الغالب في قوانين حماية البيئة ،حيث ينظم المشرع بعض القوانين التي من خلالهـا

1- د.عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص 407.
2- د. عبد الغاني بسيو ني ،مرجع سابق ،ص384.
يمنع إتيان بعض التصرفات التي لها خطورة كبيرة من شأنها أن تسبب ضررا جسيما للبيئة وللمحيط الطبيعي ، و بالتالي هذا المنع يكون منعا باتا لا ترد عليه أية استثناءات ، و لا يخضع للإجراءات التي يخضع لها الترخيص الإداري (1) .
أما بالنسبة للحظر النسبي فهو حينما ينص المشرع على منع إتيان بعض الأعمال من شأنها الإضرار بالبيئة و في هذه الحالة يكون الحظر مرهونا بشروط و هي ضرورة استفاء إجراءات الترخيص الإداري ، ففي هذه الحالة يربط المشرع إتيان التصرف بشرط الحصول على ترخيص إداري بشأنه.
إذن ما نلاحظه هو أن هناك علاقة وثيقة بين كل من الحظر النسبي و الترخيص الإداري تكمن هذه العلاقة في كونهما أسلوبين قانونيين متكاملين ذلك أن المشرع في الحظر النسبي لا يجعل التصرف مبدئيا محظورا ، لكن هذا الحظر يزول إذا استوفى طلب المعني شروط الترخيص الإداري ،بعدها يمكن له مزاولة نشاطه .
الفرع الأول
الحظر المطلق
إن قواعد قانون حماية البيئة أغلبها عبارة عن قواعد آمرة لا يمكن للأفراد مخالفتها باعتبارها تتصل بالنظام العام ، و الحظر المطلق صورة من صور القواعد الآمرة لا يضع فيه المشرع استثناءات .
و لاشك أن الحظر المطلق هو نصيب محتجز للمشرع لا يمكن للإدارة الخيار فيه و لا يمكنها فتح المجال لسلطاتها التقديرية فيه ، لأنها قواعد آمرة لا يمكن للإدارة مخالفتها .
هذا و برجوعنا إلى قوانين حماية البيئة نجد الكثير من هذه القواعد التي تقيد كل من الإدارة والأشخاص الذين يزاولون نشاطات مضرة بالبيئة ومن ذلك ما نص عنه المشرع الجزائري في بعض المجالات مثل إلقاء النفايات في غير الأماكن التي تحددها السلطات الإدارية المعنية أواستعمال بعض المواد الكيميائية في الصناعات الغذائية التي من شأنها المساس بالصحة العمومية .
و بصدد حديثنا على الحظر المطلق يقضي المشرع الجزائري في قانون حماية البيئة بحظر كل صـب


1- حميدة جميلة ،مرجع سابق ،ص 103.
أو طرح للمياه المستعملة أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها في المياه المخصصة لإعادة تزويد طبقات المياه الجوفية و في الآبار و الحفر و سراديب جذب المياه التي غير تخصيصها (1) ، والملاحظ من خلال هذا النص أن المشرع احتجز كل سلطاته بشأن الصب الذي يتسبب في الإضرار بالطبيعة طبقا للمادة 51 من قانون حماية البيئة و في الواقع و بقراءتنا للمادة ونصوص القانون لانجد أية إشارة لهذه المواد أو النفايات ،غير أنه يتعين في هذه الحالة الرجوع إلى قانون المياه لتحديد مفهوم المياه المستعملة و إلى القانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات لتحديد قائمة النفايات(2) .
ونص المادة 51 من القانون الجديد 03/10 يقابل نص المادة 48 من قانون 1983، هذا الأخير الذي كان يحمل عبارات عامة ، فقد كان الحظر الوارد في المادة 48 يتعلق بالمواد التي من شأنها المساس بالصحة العامة ، و الصحة العامة لها مفهوم واسع لهذا تجنب المشرع في التعديل الجديد هذا التوسع في المعاني الذي قد يؤدي إلى أضرار و ذلك لعدم دقة المصطلحات ، إذ جاء نص المادة 51 بحظر مطلق لأي صب دون أن يربط بين المواد المفرزة و الصحة العمومية .
و قد أحال المشرع بموجب نص المادة 50 على التنظيم لتحديد شروط منع التدفقات و السيلان والطرح و الترسيب المباشر أو غير المباشر للمياه و المواد .
وفي ظل نص المادة 48 من القانون 83/03 صدرت نصوص تطبيقية تبقى قابلة للتطبيق حاليا إلى حين صدور نصوص تنظيمية جديدة ، و قد صدرت تلك النصوص التطبيقية سنة 1993 سيما منها المرسوم 93/161 الذي نجده يحظر الصب في الوسط الطبيعي لبعض المواد الزيتية، ثم تناول ذكر أنواع هذه المواد و المتمثلة خصوصا فيما يلي :
- زيوت المحركات وزيوت التشحيم و الزيوت السوداء المسماة مازوت التشحيم و زيوت المسقى و الزيوت العازلة ...الخ .



1- المادة 51 من القانون 03/10 .
2- المادة 03 من القانون 01/19.

و ما يلاحظ على هذا المرسوم أنه أشار فقط إلى مادة واحدة وهي الزيـوت في حين أن نـص المادة 50 أشار إلى مصطلح "مواد" بصفة مطلقة ، و بالتالي الزيوت هي جزء فقط من المواد الملوثة للبيئة و عليه وجب علينا الرجوع إلى القانون 01/19 الذي يمكن الإستناد إليه في معرفة قائمة النفايات(1) ، التي نصت عليها المادة 50 في انتظار نصوص تنظيمية لتطبيق القانون 03/10 .
كما نلمس هذا الحظر أيضا في مواد أخرى من المرسوم التنفيذي 93/161 (2) ، حيث يحظر زيادة على الصب في الأوساط الطبيعية ، تفريغ الشحوم الزيتية في شبكات التطهير و إن كانت مجهزة بمحطات التصفية .
وإذا كان القانون الأساسي المتعلق بحماية البيئة لا يتضمن تطبيقات كثيرة في مجال الحظر فإن القوانين الأخرى المكملة له تأخذ في موادها جانبا كبيرا من أسلوب الحظر ، و من ذلك القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه،الذي نص على أنه يمنع المساس بوضعية الساحل و بكل نشاط على مستوى المناطق المحمية و المواقع الإيكولوجية و كذا كل إقامة لنشاط صناعي جديد أوبناءات أو منشآت أو طرق أو حظائر توقف السيارات على الساحل (3).
و في مجال حماية الفضاءات المشجرة تضمن القانون حظرا مطلقا لكل قطع أو اقتلاع للفصائل النباتية .
أما قانون المناجم فنجده ينص على عدم إمكانية منح الترخيص بأي نشاط منجمي في المواقع المحمية بالقانون والاتفاقيات الدولية ، و يبدو أن المشرع هنا يخاطب الإدارة المختصة بمنح التراخيص المنصوص عليها في المادة 156 .
و بغرض حماية و تثمين الشواطئ نص القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحيين للشواطئ على منع كل مستغل للشواطئ القيام بأي عمل يمس بالصحة العمومية أو يتسبب في إفساد نوعية مياه البحر أو إتلاف قيمتها النوعية،و إذا كان القانون الأساسي لحماية البيئة قد أغفل تحديد و تفصيل المواد المضرة بالأوساط المائية فإن المادة 12 مـن

1- المادة 03 من القانون 01/19.
2- المادة 03 من المرسوم 93/161.
3- المادة 09و11 فقرة 2 و15 و30 من القانون 02/02.

القانون 03/02 قد جاءت بحظر مطلق على كل رمي للنفايات المنزلية أو الصناعية أو الفلاحية في الشواطئ أو بمحاذاتها .
ونظرا لما أصبحت تشكله ظاهرة استنـزاف رمال البحر من مساس بالمظهر الجمالي للشواطئ وتقدم لمياه البحر اتجاه البر ، نصت المادة 32 من نفس القانون على أنه يمنع استخراج الرمل و الحصى والحجارة ، و أحالت المادة 50 منه بشأن مخالفة هذا الحظر على نص المادة 40 من القانون 02/02 و التي تعاقب على هذا الفعل بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين و بغرامة مالية من 200.000 دج إلى 2000.000 دج مع إمكانية مصادرة الآلات و الأجهزة و المعدات التي استعملت في ارتكاب المخالفات .
و بهدف منع التعامل العشوائي و اللاعقلاني مع النفايات فإنه يمنع على كل منتج للنفايات الخاصة و الخطرة أو الحائز عليها من تسليمها إلى شخص آخر غير مستغل لمنشأة معالجة النفايات أوالمستغل لمنشأة غير مرخص بها (1) .
و قد نصت المادة 08-3 من المرسوم 200/37 المنظم لإفراز الدخان و الغبار و الروائح والجسيمات الصلبة في الجو (2) ، على أنه يحظر استيراد و تصدير المواد المستعملة و كذا المواد المحددة المذكورة في الملحق الأول من المرسوم ، و قد جاء الملحق بقائمة كاملة للمواد مع رقم تعريفتها الجمركية .
كما تضمن تشريع الصحة الجزائري بعض الأحكام لها علاقة بحماية صحة المستهلك و لعل هذا يتماشى مع اعتبار الصحة بمفهومها القانوني مجموعة التدابير الوقائية و الفلاحية و التربوية والاجتماعية التي تستهدف المحافظة على صحة الفرد و الجماعة و تجسيدهما (3) .
و من هذه التدابير هناك بعض منها له علاقة بحماية صحة المستهلك مثل منع المشرع استعمال مواد التغليف و التعليب التي تثبت خطورتها على صحة المستهلك (4) .

1- المادة 19 من القانون 01/19.
2- المرسوم 2000/37 المتعلق بإفراز الدخان والغبار والروائح و الجسيمات الصلبة في الجو،المؤرخ في 01/04/200 (الجريدة الرسمية عدد 18 سنة 2000 ).
3- المادة 01 من القانون 85/05.
4- المادة 36 من القانون 85/05 وكذا المادة 09 من القانون 01/19 .

وهناك العديد من النصوص القانونية الأخرى التي تبنت أسلوب الحظر في مجال الحماية القانونية للبيئة ففي مجال حماية الثروة الغابية يحظر المشرع تفريغ الأوساخ و الردوم في الأملاك الغابية أووضع أو إهمال كل شيء آخر من شأنه أن يتسبب في الحرائق (1) .
من خلال النصوص القانونية التي أشرنا إليها على سبيل المثال أن المشرع الجزائري يستعين بأسلوب الحظر كلما توقع وجود خطر يهدد التوازن البيئي، مقررا بذلك جزاءات على كل إتيان لسلوك مخالف فقد تكون هذه الجزاءات إدارية أو جنائية هذه الأخيرة تتمثل في العقوبات الرادعة المنصوص عنها في قانون العقوبات و القوانين الخاصة بحماية البيئة .
الفرع الثاني
الحظر النسبي
المقصود بالحظر النسبي كما سبق الإشارة إليه منع القيام بأعمال أو نشاطات معينة تعد خطرا على البيئة ، إلا أن المنع في هذه الحالة لا يكون مطلقا ، إنما هو مرهون بضرورة الحصول على تراخيص من طرف السلطات المختصة و وفقا للشروط و الضوابط التي تحددها التنظيمات الخاصة بحماية البيئة (2) .
ومن خلال دراستنا لأسلوب الترخيص ، باعتباره إجراء من الإجراءات الوقائية لحماية البيئة نصل إلى القول أن الحظر النسبي له علاقة بأسلوب الترخيص ، فالمشرع حينما ينص على حظر مؤقت يبيح إتيان السلوك سواء تعلق الأمر بإقامة منشأة ذات نشاط خطر على البيئة أو منع صب بعض المواد الخطرة في الأوساط المستقبلة ، أو منع تداول سلع معينة فإنه يبيحه إذا توافرت الشروط القانونية التي تسمح بمنح الترخيص .
و بما أننا سبق و أن تعرضنا إلى أسلوب الترخيص بنوع من التفصيل فإننا سنكتفي فقط بالإشارة إلى التمييز بين كل من الحظر المطلق و الحظر النسبي.
فالحظر المطلق هو نصيب محجوز للمشرع و المقصود بذلك أن سلطات المشرع في استعماله هي سلطة كاملة و ما على الإدارة في هذه الحالة إلا تنفيذ القواعد القانونيـة دون توسيع لسلطتـها

1- القانون 84/12 المتعلق بالغابات .
2- د. ماجد راغب الحلو ،مرجع سابق ،ص96 و 97.

وعليه فإن مجاله الخصب هو السلطة المقيدة ، في حين أن الحظر النسبي يمنع فيه المشرع إتيان السلوك المخالف للتشريع، إلا أنه يرخص به في حالة توافر الشروط القانونية التي تسمح بإتيانه هذه الشروط تقوم الإدارة بدراستها بدقة ثم يكون لها حق استعمال سلطتها في منح الترخيص أورفض الطلب حسب المصلحة التي يقتضيها القانون ، و بالتالي فالإدارة لا يمكن أن تستعين بسلطتها التقديرية بصفة مطلقة ، كما لا يمكن للمشرع أن يقيد لها المجال التقديري بصفة مطلقة أيضا و على حد تعبيرنا فسلطة الإدارة هنا تتأرجح بين التقييد و التقدير في نفس الوقت ، و بعبارة أخرى فنكون بصدد سلطة تقديرية في حدها الأوسط .
من جهة أخرى يمكن القول أن الحظر المطلق يكون دائما نهائيا و الحكمة من ذلك أن المشرع لا يستعمل هذا الأسلوب إلا في حالة الأخطار الجسيمة التي من شأنها أن تسبب أضرار جسيمة سواء للمحيط بصفة عامة أو للصحة البشرية بصفة خاصة ، في حين أن الحظر النسبي لا يمكن أن يتحول إلى حظر مطلق ذلك لأن الشخص الذي يرغب في مزاولة نشاط ما و تتوفر فيه الشروط القانونية تكون الإدارة ملزمة بمنح الترخيص متى توافرت الشروط القانونية .
وقد تضمن التشريع الجزائري أمثلة لحالات الحظر النسبي، نذكر البعض منها على سـبيل المثال:
منها ما نصت عليه المادة 55 من القانون 03/10 التي اشترطت في عمليات الشحن و تحميل المواد و النفايات الموجهة للغمر في البحر الحصول على ترخيص يسلمه الوزير المكلف بالبيئة و عليه فإن الحظر المنصوص عليه في المادة 52 (1) ، هو حظر نسبي ما دام أنه يخضع لشرط استيفاء الرخصة .
و خارج قانون حماية البيئة نجد نص المادة 23 من القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه تنص على أنه يمنع مرور العربات و وقوفها على الضفة الطبيعية ، غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة تنص على أنه يرخص عند الحاجة بمرور عربات مصالح الأمن و الإسعاف و مصالح تنظيف الشواطئ و صيانتها ، و من قراءة نص المادة نخلص أنها تحمل حظر مطلق على الجميع وحظر نسبي يتوقف على رخصة بالنسبة للمصالح و الهيئات المذكورة أعلاه .


1- تنص المادة 52 "...يمنع داخل المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري كل صب أو غمر أو ترميد ..."، ونصت المادة 53 علي إمكانية الصب والغمر في البحر بناء علي ترخيص الوزير المكتف بالبيئة بعد إجراء تحقيق عمومي .

ومن ذلك أيضا ما نصت عليه المادة 118 من القانون المتعلق بالمناجم 01/10 بشأن منح الرخص المنجمية في الأماكن الغابية و المائية إذ أخضعت المادة مباشرة هذا النشاط إلى الموافقة الرسمية للوزير المكلف بالبيئة .
المطلب الثاني
الإلزام
قد يلجأ المشرع إلى إلزام الأفراد بالقيام ببعض التصرفات ، و عليه فالإلزام هو عكس الحظر ، لأن هذا الأخير هو إجراء قانوني إداري يتم من خلاله منع إتيان النشاط فهو بهذا إجراء سلبي في حين أن الإلزام هو ضرورة إتيان التصرف ، فهو إيجابي لا يتحقق هدفه إلا بإتيان التصرف الذي يوجبه القانون ، و مع ذلك فالإلزام نجده يتقيد ببعض الشروط أهمها أن تكون ثمة حاجة ضرورية وواقعية زمانا و مكانا للقيام بالتصرف المنصوص عليه و يجب ألا يكون هناك نص تشريعي يمنع الإدارة من إصدار الأوامر التي تأتي على شكل قرارات فردية (1) .
إن النصوص القانونية الخاصة بحماية البيئة ثرية بمثل هذه القواعد ، باعتبار حماية البيئة عملا ذا مصلحة عامة ، هذا المبدأ تتفرع عنه الالتزامات البيئية التي تقع على عاتق الأشخاص سواء الطبيعية أو المعنوية منها ، و بالتالي فإن حماية البيئة مدرجة ضمن مهام و أعمال السلطة العامة وحمايتها قانونا بمقتضى قوانين ذات طابع إداري ،وعلى هذا تكون الأوامر هي الوسيلة المناسبة للتعبير عن هذه الأهداف و تحقيق الحماية و المحافظة على النظام العام .
وفي التشريعات البيئية هناك العديد من الأمثلة التي تجسد أسلوب الإلزام سواء في القانون الأساسي للبيئة أو في التشريعات الأخرى التي تهدف إلى حماية البيئة ، من ذلك قانون التوجيه العقاري قانون حماية الساحل و تثمينه ، قانون المناجم و القانون المتعلق بالساحل ، و عليه سنكتفي بإعطاء بعض الأمثلة من خلال وقوفنا على بعض القوانين .
ففيما يخص النفايات المنزلية أصبح لزاما على كل حائز للنفايات و ما شابهها استعمال نظام الفرز و الجمع و النقل الموضوع تحت تصرفه (2) من طرف البلدية التي ألزمها القانون بوضع مخطط بلدي

1-د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون الإداري ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،1997 ،ص 788.
2-المادة 35 من القانون 01/19.

لتسيير النفايات البلدية و ما شابهها يتضمن على وجه الخصوص:
- جرد كمية النفايات المنزلية و ما شابهها و النفايات الهامدة المنتجة في إقليم البلدية.
- جرد و تحديد مواقع و منشآت المعالجة الموجودة في إقليم البلدية .
و يجب أن يوضع المخطط المذكور أعلاه تحت سلطة رئيس المجلس الشعبي البلدي و يشمل كافة إقليم البلدية و أن يكون مطابقا للمخطط الولائي للتهيئة و يصادق عليه الوالي .
أما النفايات التي تتخلف عن عملية الإنتاج و التحويل أو استعمال أية مادة فالمشرع يلزم كل شخص طبيعي أو معنوي ينتج نفايات أو يملكها، إذا كانت مضرة بالصحة و الموارد البيئية أوتدهور الأماكن السياحية أو تلويث الهواء و المياه أو إحداث صخب أو روائح أن يعمل على ضمان إزالتها ، و في نفس الإطار نصت المادة 06 من القانون 01/19 على أن يلزم كل منتج للنفايات أو حائز لها باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن سيما الامتناع عن تسويق المواد المنتجة للنفايات غير القابلة للانحلال البيولـوجي و الامتناع عن استعمال المواد التي من شأنها أن تشكل خطرا على الإنسان لاسيما عند صناعة منتجات التغليف .
و بغرض تثمين النفايات (1) ، ألزمت المادة 07 من نفس القانون كل منتج أو حائز للنفايات ضمان العمل على تثمين النفايات الناجمة عن المواد التي يستوردها أو يصنعها أو يسوقها، و في حالة عدم قدرته على تثمينها فإنه يلزم بضمان أو العمل على ضمان إزالة النفايات على حسابه الخاص ، بطريقة عقلانية بيئيا، و عملية تثمين و إزالة النفايات ألزم المشرع أن تتم وفقا للشروط و المعايير البيئية و عدم تعريض صحة الإنسان و الحيوان للخطر ، و تأتي هذه النصوص لضبط حركة النفايات الصناعية باعتبارها أخطر أنواع النفايات تأثيرا على الصحة و حالة المحيط ، و قد أخضع المشرع نقـل و تصدير و عبور النفايات الخاصة و الخطرة إلى ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالبيئة و لا يمنح هذا الترخيص إلا عند توافر الشـروط الآتية :
- احترام قواعد و معايير التوضيب المتفق عليه دوليا .
- تقديم عقد مكتوب بين المتعامل الاقتصادي المصدر و مركز المعالجة .

1- عرفت المادة 03 من القانون 01/19 تثمين النفايات: أنه طل العمليات الرامية إلي إعادة استعمال النفايات أو رسكلتها أو تسميدها.

- تقديم عقد تأمين يشمل كل الضمانات المالية اللازمة.
- تقديم وثيقة حركة، موقع عليها من طرف الشخص المكلف بعملية النقل عبر الحدود.
وإذا كان المشرع قد سمح بتصـدير النفايـات فإنه يمنع منعا باتا استـيراد النـفايات الخـاصة الخطرة (1) ، و في حالة وقوع ذلك يلزم الوزير المكلف بالبيئة حائزها أو ناقلها بإرجاعها إلى البلد الأصلي في أجل يحدده الوزير ، و العكس صحيح في حالة تصدير النفايات دون رخصة إذ يتم إلزام الأشخاص الذين ساهموا في تصديرها بضمان إرجاعها إلى الإقليم الوطني(2) .
و في مجال حماية مياه البحر فإنه يلزم ملاك السفن العائمة التي تشكل خطرا أكيدا على البيئة للقيام بإعادة ترميمها أو نزعها بعد إعذار موجه من طرف السلطة المينائية (3) .
لكن بالنظر إلى النص القانوني المشار إليه و المتعلق بإلزام المشرع الأشخاص بضمان إزالة النفايات الناجمة عن مفرزات نشاطاتهم ، و الواقع الذي نعيشه، يمكن القول أن معالجة النفايات الخاصة لاسيما الصناعية تكاد تنعدم في الجزائر ، حيث أن 80% من النفايات الصناعية يتم التخلص منها بطريقة التخزين غير المنتظم في العراء ، و رغم هذه القواعد الآمرة فإنه لم يتم القيام بأي عمل من أجل نقل النفايات السامة ، و كمثال على ذلك مصنع الزنك بالغزوات ، حيث تفرز عملية التصنيع فيه حمض الكبريت ، و هي مادة قاتلة في مرحلة الإنتاج (4) .
و برجوعنا إلى القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة لاستغلال الشواطئ نجده ينص على مجموعة التزامات تقع على صاحب امتياز الشاطئ، منها حماية الحالة الطبيعية و إعادة الأماكن إلى حالتها بعد انتهاء موسم الاصطياف ، كما يقع عليه عبء القيام بنزع النفايات و مختلف الأشياء الخطرة .
و من خلال النصوص السابقة و رغم استعمال أسلوب الإلزام إلا أنه يبقى بدون فعالية في غياب قائمة دقيقة للنفايات ، إذ اكتفى المشرع بذكر عواقب أضرارها ، حيث اعتبر النفايات ذات خطورة في حالة ما إذا كانت لها عواقب مضرة بالتربة و النباتات و الحيوانات و بصفة عامة إذا كانت تضر بصحة الإنسان و البيئة .

1- المادة 25 من القانون 01/19.
2- المادة 27 و 28 من القانون 01/19 .
3- المادة 61 من المرسوم 02/01.
4- المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر،رهان التنمية ،الدورة التاسعة1997.

كما يلاحظ غياب آليات إزالة النفايات، بينما نجد التشريع المصري يستعمل أسلوب استعمال السجل الخاص بالنفايات و تبيان طريقة التخلص منها، و في رأينا أن هذه الطريقة تساعد الإدارة المختصة على المراقبة المستمرة.
و عكس قانون حماية البيئة الذي لا يرتب المسؤولية في غالب الأحوال إلا عند عدم إزالة النفايات فإن القانون 01/19 يرتب المسؤولية على كل منتج لهذه النفايات (1) .
و فيما يتعلق بالنفايات التي يلتزم المجلس الشعبي البلدي بالتخلص منها فهي تتمثل في النفايات الحضرية الصلبة ، و حددها كما يلي (2) :
- الأزبال المنزلية الفردية أو الجماعية .
- نفايات التشريح أو التعفن التي ترميها المستشفيات.
- نفايات المسالخ و جثث الحيوانات ، و الفضلات المضايقة كالأشياء الضخمة و الخردة الحديدية و هياكل السيارات .
يبدو أن هذه القائمة قد اعتمد عليها المشرع في صياغة تعريف النفايات المنزلية و التي عرفها على أنها كل النفايات الناتجة عن النشاطات المنزلية و النفايات المماثلة الناجمة عن النشاطات الصناعية والتجارية و الحرفية و غيرها ، و التي بفعل طبيعتها و مكوناتها تشبه النفايات المنزلية (3).
فهذه الأنواع من النفايات قد خصها المشرع بطريقة معالجتها و التخلص منها بما في ذلك جمعها واختيار الموقع لمعالجتها و الذي يخضع إلى ترخيص الوزير المكلف بالبيئة بالنسبة للنفايات الخاصة وإلى رخصة الوالي بالنسبة للنفايات المنزلية و ما شابهها و إلى رخصة رئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة للنفايات الهامدة .
و في هذا الإطار تبنى المشرع أيضا أسلوب الإلزام فيما يخص الشروط الواجب توفرها في الموقـع



1- المادة 19 من القانون 01/19 .
2- المادة 02 من المرسوم 84/378 .
3- أنظر تعريف النفايات المنزلية وما شابهها نص المادة 03 من القانون 01/19 .

المختار و تتمثل هذه الشروط في ما يلي (1):
- أن يكون الموقع المختار أقرب ما يمكن إلى مركز القطاع الذي يتم فيه الجمع قصد التقليل من تكاليف النقل، لكنه بعيد في نفس الوقت من المساكن.
- يحب ألا تقل المسافة الدنيا الواجب احترامها بين موقع المعالجة و أقرب المنازل عن 200 متر.
- تحديد مسافة بعد مكان المعالجة عن مجرى الماء .
- القيام بتحقيق هيدرولوجي للتأكد من كون المياه السائلة أو المتسربة لا يمكن بأي حال أن تصل إلى المياه الجوفية .
- منع إفراغ النفايات و البقايا الحضرية في نقاط المياه مهما كان نوعها .
- منع استعمال المحاجر الباطنية و الآبار و الكهوف مزابل للتفريغ .
إلا أن المشرع بعد ذلك نص على عدم قبول النفايات الصناعية الحضرية في المزابل العمومية لاسيما الآتي ذكرها (2) :
- السوائل التي تحتوي على مواد كيميائية و لو كانت معبأة في أوعية مغلفة.
- النفايات الصناعية الصلبة المختلفة إذا كانت قابلة للاشتعال التلقائي .
- الفضلات الصناعية القابلة للذوبان .
- المواد الملوثة و المواد المشاعة .
- المواد التي تحمل خطر التلوث الكيميائي أو التسممي .
وبعد استشهادنا ببعض الأمثلة نصل إلى أن الإلزام كأسلوب من أساليب الضبط ، في حقيقة الأمر هو المجال الخصب الذي يتمكن من خلاله المشرع الوقاية من الأخطار و الأضرار التي تمس بالبيئة والمحيط في مختلف المجالات ، و قد أخذ هذا الأسلوب نصيبا معتبرا من نصوص التشريع البيئي سواء التشريع الرئيسي أو التشريعات الأخرى التي كرست الحماية القانونية للبيئة ، كقانون المياه ، قانون الغابات و القانون المتعلق بالنفايات، و أسلوب الإلزام تكمن أهميته في أنه يأتي في شكل إجراء إيجابي عكس أسلوب الحظر الذي يأتي في شكل إجراء سلبي.


1- المادة 25 من المرسوم 84/378 .
2- المادة 32 فقرة 2 من المرسوم 84/378