منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مذكرات - رسائل - اطروحات - اجازات - ملخصات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-06, 13:09   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
sarasrour
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

نزع الملكية للمنفعة العامة


مقــــــــــدمة

تشكل آلية نزع الملكية من أجل المنفعة إحدى الآليات المعتمدة من طرف الدولة لتكوين رصيد عقاري مهم للقيام بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة المضاربات العقارية وباعتبار حق الملكية الخاصة ذات أهمية كبيرة في النظام القانوني المغربي فهو حق دستوري. كما أن تعزيز فكرة تشجيع الاستثمار والتنمية لن يتحقق دون تعزيز المبادرة الفردية وتحقيق استقرار المعاملات.

وما دام إذن الأصل في حق الملكية أنه حق دائم لا يمس ولا يعتدي عليه والاستثناء هو إمكانية نزع هذا الحق من يد صاحبه فإن ذلك يستوجب أن يحاط هذا الاستثناء بعدة شروط وضمانات ووسائل لحماية الملكية الخاصة وقد نظمها المشرع في قانون 87-7 المطبق على نزع الملكية للمنفعة العامة.

ومن هنا نتساءل هل تعتبر الضمانات التشريعية التي جاء بها قانون 81-7 المنظم لنزع الملكية كافية لحماية الملكية الخاصة وما هو دور القضاء في هذا الإطار باعتباره الحارس الأساسي لحق الملكية؟ للإجابة على هذه التساؤلات نقترح تقسيم هذا البحث إلى مبحثين المبحث الأولى، مظاهر حماية الملكية الخاصة في حالة نزع الملكية المبحث الثاني، دور القضاء في حماية الملكية الخاصة.

المبحث الاول: مظاهر حماية الملكية الخاصة في حالة نزع الملكية للمنفعة العامة.

إذا كانت فلسفة التشريع المغربي تقوم على الحفاظ وحماية حق الملكية الخاصة نظرا للأهمية التي يحتلها هذا الحق ضمن النظام القانوني المغربي فإن ذلك يعني بالضرورة أن المساس بهذا الحق لا يمكن أن يتم بدون ضمانات قانونية، حيث حاولت جل التشريعات التي أقرت بنزع الملكية تخويل أقصى ما يمكن من الوسائل والآليات لحماية الملكية الخاصة وضمان حقوق الملاك الخواص لتحصين هذا الحق من أوجه الشطط والانحراف الذي قد يشوب عمل الإدارة. لذا نجد المشرع المغربي وفي إطار خلق توازن حقيقي بين حماية الملكية الخاصة وضمانها وبين حق الدولة في المساس بهذا الحق خدمة للمنفعة العامة؛ قيد نزع الملكية بمجموعة من الضمانات والشروط.

فما هي إذن هذه الضمانات؟ ارتأينا أن نقسم الضمانات الواردة في قانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية إلى نوعين ضمانات موضوعية وضمانات شكلية وهي الإجراءات المسطرية التي يجب على نازع الملكية احترامها.

المطلب الاول: الضمانات الموضوعية

يعتبر قيد نزع الملكية من أخطر القيود التي تلجأ إليها الإدارة لاستيفاء مطالبها واحتياجاتها وذلك لما فيه من طابع الاعتداء على الملكية الخاصة لذلك لا يسوغ لإدارة بموجب قرارات إدارية انفرادية نزع الملكية ما لم يجز لها التشريع ذلك. ولذلك فإن هذا التصرف يجب أن ينفذ تنفيذا دقيقا في حدود القانون وأن تتوافر فيه الشروط التي تسوغ لإدارة القيام به وهي أولا المنفعة العامة وثانيا التعويض العادل.

1-شرط المنفعة العامة

تضم مسطرة نزع الملكية مرحلتين هامتين المرحلة الإدارية وتبتدأ بإصدار قرار إعلان المنفعة العامة وقرار آخر يليه هو قرار التخلي والمرحلة القضائية وخلالها يتم إصدار الحكم بنقل الملكية على أن الأساس الذي تعتمده عملية نزع الملكية هو ارتباطها بمنفعة عامة يستند عليها المشروع المراد إنجازه. فالمنفعة العامة هي صلب ومناط قيد نزع الملكية، وهذا الارتباط الكبير بين نزع الملكية والمنفعة العامة هو الذي حدى بالتشريع المغربي النصر في الفصل الأول من قانون 81-7 على أن نزع ملكية العقارات أو ملكية الحق العينية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة أي أن يرتبط المشروع بمنفعة عامة، ولم يقم التشريع المغربي بإعطاء تعريف دقيق ومحدد للمنفعة العامة تاركا للإدارة سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال.

على أن عدم تحديد هذا الشكل مصدرا للعديد من الانحرافات من جانب السلطة فترك مفهوم المنفعة العامة فضفاضا بهذا الشكل ترك المجال واسعا للإدارة لاختيار النزع في أي مشروع تراه مناسبا.

في حين أن الفقه المغربي تضارب في مفهوم المنفعة العامة فجانب ذهب إلى ترك مفهوم المنفعة دون تعريف دقيق راجع أساس إلى كون مفهوم المنفعة مفهوم نسبي يتغير باستمرار(1).

لكن في الواقع فهذا الموقف تناسى أن نظام نزع الملكية قيد على الملكية الخاصة ومادام الأمر كذلك فالقيد لا يمكن أن يكون إلا استثناء وانطلاقا من ذلك لا يمكن ترك مفهوم المنفعة العامة بدون تحديد فكان من الأجدر أن يضع المشرع المغربي عل الأقل معايير أو ضوابط لتحديد مفهوم المنفعة العامة. كي لا يبقى غامضا ومصدرا لانحراف الإدارة(2) حيث اكتفى ظهير 6 ماي 1982 بالإشارة إلى كل نزع للملكية لا يمكن أن يتم إلا لتجاز أعمال تكتسي طابع المنفعة العامة.

ومن الآثار السلبية لعدم التحديد أن الإدارة تلجأ أحيانا إلى نزع ملكية الخواص تحت ذريعة المنفعة العامة وتقوم بعد ذلك بتفويت هذه العقارات خلافا لقواعد التشريع في هذا المجال. الحقيقة أن إطلاقية هذا المفهوم يشكل وسيلة تتهرب بواسطتها الإدارة من احترام القانون واحترام ما صاغه المشرع في هذا المجال وكما يقول الأستاذ محمد أزغاي " المصلحة العامة مفهوم واسع وغامض يقبل أي تفسير وبهذا الاتباع لا يمكن أن يرتب نتائج قانونية مضبوطة لاسيما وأنه يزداد بازدياد دور الدولة وهذا الغموض هو السبب الرئيسي الذي يفسر كون هذه الفكرة ميدانا خصبا لاستعمال السلطة التقديرية فقد اعتبر الفقه بأن غموض هذه الفكرة هي من مصلحة الإدارة وأن المصلحة العامة وسيلة للهروب من احترام القانون(3)

2-التعويض العادل

إذا كان قيد نزع الملكية للمنفعة العامة يعد إكراها قانونيا على حق الملكية الخاصة بل تعديا على هذا الحق فإن المنطق القانوني يفرض ضرورة إعطاء مقابل لمنزوعي الملكية عن حقوقهم الضائعة وعن الامتيازات التي كانت تخولها فإعطاء تعويض عادل لمنزوعي الملكية يشكل أهم الضمانات المخولة للملكية الخاصة ويشكل مقابلا عن المساس والتعدي على هذا الحق وقد جاء في الفصل الخامس من ظهير 6 ماي 1982 " يباشر طبق الشروط المقررة في هذا القانون إعلان المنفعة العامة والحكم بنقل الملكية إلى نازعها وتحدد التعويض عن نزع الملكية". غير أن ما يعاب على التشريع المغربي أنه لم ينص على عدالة هذه التعويضات غير أن ما يشفع للمشرع إغفال لهذا المبدأ أنه خول القضاء وحده تحديد التعويض النهائي الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تقرير تعويض يناسب الأضرار التي لحقت منزوعي الملكية.

وقد أقر المشرع في هذا الصدد مسطرة دقيقة لتحديد التعويض فوضع مقتضيات قانونية تهم كيفية تحديد التعويض سواء في المرحلة الإدارية أو في المرحلة القضائية. فما هي إذن طريقة تحددي التعويض في التشريع المغربي وما هي العيوب التي مازالت نعتري التشريع في هذا الإطار؟

لقد كانت طريقة تحديد التعويض في ظل ظهير 1914 جد مجحفة في حق منزوعي الملكية وأصحاب الحقوق العينية خاصة الفصل 13 منه الذي كان ينص على أن التعويض يحدد بحسب قيمة العقار قبل إعلان المنفعة العامة أي قبل تاريخ نزع الملكية ثم قيمته قبل النطق بالحكم بنزع الملكية ويحدد التعويض بحسب أصغر القيمتين وقد حاول التشريع المغربي من خلال ظهير 1951 تجاوز هذه العيوب إذ أصبحت القيمة التي تؤخذ بعين الاعتبار من أجل تحديد مبلغ التعويض هي قيمة العقار وقت نشر مقرر التخلي دون أي تاريخ آخر وإذا لم يقم نازع الملكية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ النشر بمحاولة تملك العقار إما عن طريق المراضاة أو عن طريق تقديم طلب إلى القضاء بنقل الملكية فإن تقدير التعويض يتم انطلاقا من القيمة التي كانت للعقار وقت تقديم الطلب القضائي الخاص بنزع الملكية(.4)

وقد حافظ ظهير 6 ماي 1982 على نفس المقتضيات إذ أشار في الفصل 20 منه إلى أن التعويض يحدد حسب قيمة العقار يوم صدور المرسوم المعلن للمنفعة العامة وإذا لم يقم نازع الملكية بالدخول في المرحلة القضائية بعد 6 أشهر من نشر مقر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة فإن تقدير العقار يرجع إلى يوم آخر طلب قضائي ينقل الملكية لكنه من المؤسف أن نجد الهاجس الذي سيطر على التشريع هو الحفاظ على المال العام أكثر من أي شئ أخر وهذا هو الذي أدى به إلى الدفع بتعجيل الإجراءات لكي لا ترتفع قيمة التعويضات دون أي اعتبار لمصالح وحقوق منزوعي الملكية. وقد وضع التشريع المغربي مجموعة من المعايير يتم بواسطتها تحديد التعويض وهي المعايير التي حددها الفصل 20 من ظهير 6 ماي 1982 جاء فيها " يحدد التعويض عن نزع الملكية طبقا للقواعد الآتية:

1- يجب ألا يشمل إلا الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر.

2- يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في التحديد قيمة البناءات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية من نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها".

لقد اعتبر قانون 81-7 أن الضرر الذي يمكن التعويض عنه أثناء نزع الملكية للمنفعة العامة هو الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية دون أن يمتد هذا التعويض إلى كل من الضرر غير المحقق والضرر المحتمل والضرر غير المباشر. فتجاهل التشريع المغربي التعويض عن الضرر المستقبلي يشكل إهدارا كبيرا لحقوق منزوعي الملكية للمنفعة العامة. فالأساس الذي ينبغي عليه نظام نزع الملكية هو منح تعويض عادل والعدالة تقتضي أن يتم التعويض عن الأضرار التي لحقت الملكية الخاصة أيا كانت هذه الأضرار مادية، معنوية، حالية، أو مستقبلية ومرد هذا العيب الذي يعتري تشريعنا هو هيمنة هاجس الحفاظ على المال العام والحرص على مرور عملية نزع الملكية بأقل التكاليف وهذا ما أدى إلى إقصاء مجموعة من الأضرار من التعويض والملاحظ أن التشريع الفرنسي تراجع عن الموقف السائد ولم يعد يأخذ بشرط كون الضرر حاليا ومحققا مما فتح المجال لتعويض العديد من الأضرار(5).

خلاصة القول أن المعايير التي وضعها المشرع المغرب لتقدير التعويض لا ترقى إلى مستوى تعويض عادل. والمؤسف أن نجد التشريع المغربي ذهب في أقصى حد إلى حماية المال العام والتضحية بمصالح منزوعي الملكية.

المطلب الثاني: الضمانات الشكلية الضرورة احترام الإجراءات المسطرية

إن نزع الملكية للمنفعة العامة بشكل اعتداء ملاحق الملكية الخاصة لكنه اعتداء أجازه القانون وحدد ضوابطه وأقرته بمسطرة يجب إتباعها وكل خروج أو انحراف عن هذه السلطة يشكل اعتداء ماديا ومساسا خطيرا بحق الملكية.

فالهدف من فرض المشرع إجراءات محددة يجب على الإدارة إتباعها هو حماية منزوعي الملكية من كل انحراف أو شطط يخرج عن الأساس الذي يبني عليه نظام نزع الملكية للمنفعة العامة ولم يفت المشرع أن ينص على ذلك جاء في الفقرة الثانية من الفصل الأول ن قانون نزع الملكية " إن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية... لا يمكن إجراؤه إلا طبقا الكيفيات المقررة في هذا القانون..."

فنزع الملكية لا يمكن أن يتم إلا بموجب مقرر يعلن المنفعة العامة يعين فيه المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها فقد جاء في الفصل السادس من ظهير 6 ماي 1982 فقرة أولى إن المنفعة العامة تعلن بقرار إداري يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها يتم هذا المقرر الإداري بموجب مرسوم يتخذه الوزير الأول بناء على اقتراح من جانب الوزير الذي تتولى وزارته إنجاز المشروع أو الوزير الوصي إذا تعلق الأمر بمؤسسة عمومية أو الوزير الذي يتقارب نشاط وزارته مع المشروع الذي ستنزع الملكية لأجله إذا تعلق الأمر بنزع ملكيته لصالح أحد الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانون الخاص.

ولكي ينتج مقرر المنفعة العامة آثاره نص المشرع في الفصل 8 من ظهير نزع الملكية القاضي بتنفيذ القانون رقم 81-7 أنه لابد وأن يخضع لعملية الإشهار ويتم ذلك في الجريدة الرسمية أولا وفي جريدة أو عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية ويتم كذلك بالتعليق بمكاتب الجماعة التي تقع بها المنطقة المقرر نزع ملكيتها ويمكن لنازع الملكية أن يعزز ذلك بوسائل إشعار أخرى كلما دعت إلى ذلك الضرورة فلا تخفى أهمية الإشهار وإعلام منزوعي الملكية بأن ملكياتهم مهددة بالنزع كي لا يفاجئوا بالأمر وكي يتدبروا أمورهم في البحث عن عقار آخر واتخاذ التدابير اللازمة لسد حاجياتهم نتيجة الارتفاقات التي تنتج عن مقرر المنفعة العامة. وينص الفصل 15 من قانون 81-7 " لا يجوز خلال سنتين من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية إقامة أي بناء أو غرس أو تحسين في العقارات الواقعة داخل المنطقة المحددة في المقرر دون موافقة نازع الملكية" فهذا النص يضع قيدا على الملاك الخواص يكون من الأفيد بل من الضرورة إعلامهم به فلا يمكن أن نتصور أن يفاجأ الفلاح الذي يعيش من حرث أرضه بنزع ملكية عقاره لبناء طريق دون أن يتم إعلامه من قبل كشبكة الطرق السيارة حاليا في المغرب التي احتاج إنجازها نزع ملكية العديد من أراضي الفلاحين. فلا يخفى الوقع الكبير لنزع الملكية على الفلاح الذي يعيش ويعيل أسرته من زراعة أرضه لذا كن لابد وعلى الأقل إشهار عملية النزع كي يخول للملاك تدبير أمورهم.

ويحدد مقرر المنفعة المنطقة اللازمة لإنجاز المشروع والتي يمكن أن تضم بالإضافة إلى العقارات اللازمة لإنجاز المنشآت أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة على الجزء الباقي من هذه العقارات على العقارات المجاورة إذا تبين لها أن نزع ملكيتها ضروري لتحقيق المنفعة العامة.

وإذا كان مقرر المنفعة العامة يحدد فقط المنطقة اللازمة لإنجاز المشروع فإنه أحيانا مباشرة الأملاك التي يشملها نزع الملكية والتي تعين عادة في مقرر آخر يليه يدعى " مقرر التخلي" ويصدر في أجل سنتين يبتدأ من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية وفي الحالة التي ينصرم فيها هذا الأجل دون أن يتخذ مقرر التخلي تم تحديد قرار إعلان المنفعة العامة ويخضع مرر التخلي لنفس مسطرة الإشهار التي يخضع لها قرار إعلان المنفعة العامة وتجدر الإشارة إلى أنه يجب إجراء بحيث داري قبل اتخاذ القرار الذي تعين فيه الأملاك المراد نزع ملكيتها والذي هو إما قرار إعلان المنفعة العامة وإما قرار التخلي نفسه ويشرع في البحث بنشر مشروع التعييم الذي يتم إشهاره على نطاق واسع بالجريدة الرسمة الجرائد الوطنية وبإيداع في مكتب الجماعة التابع لها العقار ويجب إخبار السلطة المحلية بهذا المشروع مصحوبا بتصميم يوضع العقار أو العقارات المزمع نزع ملكيتها هدف هو إطلاع الملاك أو المعنيين بصفة عامة وتسجيل ملاحظاتهم حول العملية كما يتم إيداع نسخة من قرار التخلي بإدارة المحافظة العقارية التابع لها العقار أو العقارات المقرر نزع ملكيتها ويبادر المحافظ العقاري بتسليم نازع الملكية شهادة تثبت أن قرار التخلي قد تم تسجيله في الرسوم العقارية إذا كانت العقارات محفظة أو في سجل التعرضات إذا كانت في طور التحفيظ.

أما إذا كان الأمر يهم عقارات غير محفظة ولا هي في طور التحفظ فإن يجب على نازع الملكية إيداع نسخة من قرار التخلي بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي توج بدائرتها العقارات المراد نزع ملكيتها. ومن المعلوم أن مخالفة إجراء مسطري معين قد يؤدي إلى إخلال بالمسطرة بكاملها لذا كان لابد على التشريع المغربي وضع جزاء مخالفة كل إجراء مسطري معين والأكيد أن عدم احترام إجراء مسطري في عملية نزع الملكية يؤدي إلى بطلان مسطرة نزع الملكية بكاملها.

فالمشرع المغربي وإن لم ينص على ذلك صراحة فإنه يمكن استنتاج ذلك من خلال صيغة الوجوب الذي جاء بها الفصل الدول ن قانون 81-7 كما أكد الدستور المغربي ذلك من خلال الفصل 15 ف 2: " ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون" وبالتالي فهذه القاعدة المرتبطة بضرورة احترام الإجراءات قاعدة من النظام العام. فالقضاء يمكن أن يثيرها تلقائيا دون طلب من الأطراف.

وعلى العموم ومن خلال إطلاعنا على مختلف الضمانات سواء الموضوعية أو الشكلية منها يتضح لنا مجموعة من العيوب والنقائص. يمكن تلخيصها في غياب مفهوم محدد لشرط المنفعة العامة والطابع الحمائي للمال العام عندما يتعلق الأمر بتحديد التعويض وغياب نص صريح يقضي ببطلان المسطرة عند عدم احترام الإجراءات الشكلية. الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن دور القضاء في هذا الإطار لحماية الملكية عند نزع هذه الأخيرة للمنفعة العامة؟هذا هو موضوع الفقرة الموالية

المبحث الثاني: دور القضاء في حماية الملكية الخاصة

يشكل القضاء مصدرا أساسيا لحماية الملكية الخاصة فالسلطة القضائية ظلت ردحا من الزمن حامية للملكية الخاصة من جميع الاعتداءات التي تتعرض لها تتجلى هذه الحماية في رقابة القضاء لأعمال الإدارة فالإدارة ملزمة دائما بالخضوع للقانون في كل الأعمال التي تقوم بها وكل تجاوز للقانون يفسح المجال للقضاء للتدخل لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم.

حيث تشكل رقابة القضاء لأعمال الإدارة في نظام نزع الملكية لمنفعة العامة أحد أهم الضمانات المفروضة في هذا النظام خاصة وأن الإدارة تكون طرفا في هذا الموضوع فهي التي تقوم بنزع الملكية وهي التي تقوم بكتابة الإجراءات اللازمة لاتمام هذه العملية وبالتالي تعد الرقابة القضائية ضمانة حقيقية لمنزوعي الملكية لما تخوله من حماية أكيدة ضد الانتهاكات التي قد تمس الملكية الخاصة. وتتم حماية القضاء للملكية الخاصة في هذا المجال عبر الدعاوي التي يرفعها منزعو الملكية ضد انحرافات نازع الملكية فقد تتمثل في دعوى إلغاء قرار المنفعة العامة أو دعوى التعويض وكذلك الدعوى الرامية إلى وقف الاعتداء المادي.

المطلب الاول: رقابة القضاء على شرط المنفعة العامة

تعد المنفعة العامة مناط نزع الملكية فهي الأساس الذي بني عليه هذا النظام ككل. وأمام عدم وجود مفهوم دقيق لفكرة المنفعة العامة كن لزاما على القضاء أن يوفر رقابة فعالة للمنفعة العامة. وأمام عجز الرقابة العادية لكبح أوجه الإنحراف الذي شاب عمل الإدارة في تقديرها للمنفعة العامة كان من الواجب على القضاء أن يستوعب هذه الأمور ويطور رقابته في هذا الصدد بهدف خلق توازن يوفر حماية حقيقية للملكية الخاصة. وقد مرت رقابة المجلس الأعلى لمقررات المنفعة العامة بمرحلتين ظلت في المرحلة الأولى رقابة ضعيفة وفي مرحلة ثانية عرفت قفزة نوعية تأثره بموقف مجلس الدولة الفرنسي.

- المرحلة الأولى: الرقابة السلبية للقضاء المغربي لشرط المنفعة العامة

لقد تميزت هذه المرحلة بتدخل جد محتشم للقضاء لرقابة عمل الإدارة وقد عمر هذا الموقف منذ قضاء الحماية إذ استقر اجتهاد المحاكم الفرنسية في المغرب على قاعدة مفاده أن تنصب رقابتها على الشكليات التي يحددها القانون فقط. لذلك اقتصرت هذه المحاكم على التحقق من مدى احترام الإدارة للشكليات المحددة قانونا وغالبا ما كانت تبرر موقفها.

انطلاقا من الفصل 8 من ظهير التنظيم القضائي لسنة 1913 الذي كان يمنعها من مراقبة مشروعية القرارات الإدارية المصرحة للمنفعة العامة واقتصرت في مد سلطتها على مراعاة الشكليات ومدى احترام الإدارة للإجراءات المسطرية فقط. وقد أبرزت محكمة الاستئناف بالرباط في أحد قراراتها بتاريخ 31 أكتوبر 1950 (6)" أن المحاكم القضائية هي الحارسة الطبيعية لحق الملكية ولذلك تسهر ما أمكن على التطبيق الدقيق للشكليات المنصوص عليها وأن القرارات المصرحة بالمنفعة العامة والصادرة عن السلطة العامة لا تحتمل الإلغاء أمام مجلس الدولة الفرنسي والبطلان الذي يترتب على عدم تنفيذ الشكليات الموضوعة لأجل ضمان حق الملكية إنما هي من النظام العام لذلك يمكن أن يثار حتى بصفة مباشرة وكيف ما كانت حالة المسكرة".