منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحوث الخاصة اولى جامعي ارجوالتيت
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-18, 23:26   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
sarasrour
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

II- الشخصية المعنوية : القانونية

•تعريف الشخصية المعنوية :
هي جماعة من الأشخاص يضمهم تكوين يسعى إلى تحقيق هدف معين أو مجموعة من الأموال ترصد لتحقيق غرض معين يمنحها القانون صفة الشخصية فتكون شخصا مستقلا و متميزا عن الأشخاص الذين يساهمون في نشاطها أو يستفيدون منها كالدولة، الولاية، و الشركات ... تمييزا لها عن الأشخاص الآدميين و البعض عرّفها بأنها تشخيص قانوني للأمة.
و الاعتراف للدولة بالشخصية القانونية يعني أنها وحدة قانونية مستقلة و متميزة عن الحكام و المحكومين لها طابع الدوام و الاستقرار لا تزول بزوال الحكام و سلطة الدولة و تقوم على أساس تحقيق مصالح الجماعة.

* النتائج المترتبة على شخصية الدولة :
1- الأهلية القانونية للدولة : مادام أن الدولة كائن قانوني قائم بذاته و مستقل عن الحكام و المحكومين لابد أن يسلم لها بقدرات قانونية مستقلة تمكنها ليس من إتيان أعمال مادية فقط بل من ممارسة مختلف التصرفات القانونية و هو ما يطلق عليه بالأهلية القانونية سواء كانت :
أهلية وجوب : و يقصد بها صلاحية الشخص لكسب الحقوق و تحمل الالتزامات و هي تختلط بالشخصية وجودا و عدما. (الجنين في بطن أمه يملك أهلية وجوب ناقصة).
أهلية أداء : صلاحية الشخص لأن يباشر بنفسه التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله دين.
و بما أن الدولة كغيرها من الأشخاص المعنوية لا تستطيع أن تمارس بذاتها ما تخوله لها أهليتها القانونية من أعمال و تصرفات و إنما يمارس هذه الأعمال نيابة عنها و باسمها أشخاص آدميون و هم الحكام طبقا لما ينص عليه الدستور و تتميز أهلية الدولة بخاصيتين هما :
- تصرفات الإرادة المنفردة و - قدرة القهر المادي أو امتياز التنفيذ المباشر.
2- الذمة المالية : معناه مجموع ما يكون للشخص من حقوق و التزامات مالية، و باعتبار الدولة شخص قانوني لها ذمة مالية خاصة بها و مستقلة عن الذمة المالية للأعضاء المكونين لها و لممثليها الذين يتصرفون باسمها و من ثم فإن الحقوق و الالتزامات التي ترتبها تصرفات حكام الدولة باسمها و لحسابها لا تعود إلى الذمة المالية لهؤلاء الحكام و لكنها تكوّن حقوق و التزامات لحساب الدولة ذاتها (يمكن للدولة أن تكون دائنة أو مدينة)
3- وحدة الدولة و ديمومتها : المقصود بأن الدولة تمثل وحدة قانونية واحدة هو أن تعدد سلطاتها العامة من تشريعية و تنفيذية و قضائية و كذلك تعدد ممثلي الدولة و تعدد الأجهزة و الأشخاص التي تعبر عن إرادتها و تعمل باسمها لا يغيّر من وصفها كشخص قانوني واحد، و المقصود بأن الدولة تمثل وحدة قانونية دائمة فيعني أن وجود الدولة كشخص قانوني و استمرارها لا يتأثر بتغير الأشخاص الممثلين لها أو بتغير نظام الحكم فيها، و ما يبرر استمرار الدولة و ديمومتها اعتبارها شخصا قانونيا مستقلا و متميزا في وجوده و حياته عن وجود و حياة الأفراد المكونين له أو الممثلين له و أنها تستهدف أغراضا تتجاوز عمر جيل بذاته من أجيال شعبها.
يترتب على صفة ديمومة الدولة الآتي :
- الحقوق التي تثبت للدولة في مواجهة الغير و كذلك الالتزامات التي تتعهد بها الدولة لصالح الغير تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها مهما حدثت التغيرات التي تصيب الشكل الدستوري أو تغيّر الحكام.
- المعاهدات و الاتفاقات التي تبرمها الدولة مع غيرها من الدول تبقى قائمة و واجبة النفاذ مادامت الدولة قائمة بغض النظر عن تغيّر ممثليها.
- القوانين التي تصدرها السلطات المختصة في الدولة تبقى هي الأخرى قائمة و واجبة النفاذ مهما تغيّر النظام الدستوري إلى أن يتم تعديلها أو إلغائها صراحة أو ضمنا وفقا للإجراءات المحددة لذلك.

•فيما يخص مظاهر السيادة أضيف 4-السيادة القانونية والسيادة السياسية:السيادة القانونية معناها سلطة الدولة في إصدار القوانين وتنفيذها، أما السياسية فتنصرف على الشعب بمفهومه السياسي الذي يتولى عملية اختيار المسيرين للدولة وممارسي السيادة القانونية.
أيضا فيما يخص النتائج المترتبة على شخصية الدولة أضيف 4- المساواة بين الدول: بما أن لكل دولة شخصية معنوية فإن كل الدول متساوية في المعاملة هذا من الناحية النظرية أما من الناحية الواقعية أو العملية نجد أن هناك عوامل أخرى لها تأثيرها البالغ الأهمية في تحقيق عدم المساواة الفعلية بين الدول (مساواة نسبية(.
* النتائج المترتبة على مبدأ سيادة الشعب :
1- تجزئه السيادة بين الأفراد .
2- الانتخاب حق لا وظيفة .
3- الأخذ بالاقتراع العام .
4- العودة لمفهوم الوكالة الإلزامية ونشأة الأحزاب السياسية .
5- الأخذ بنظام التمثيل النسبي .
6- القانون تعبير عن إرادة الأغلبية .
* نقد سيادة الشعب :
1- تسيد علاقة التبعية بين النائب والناخب .
2- إن الأخذ بمبدأ سيادة الشعب لن يحل المشكلة لأنه في الواقع يجزئ السيادة ويجعلها مقسمة بين أفراد الشعب .
* فقه القانون العام المعاصر انقسم في تقييمه للنظريتين إلى ثلاث اتجاهات :
1- تجاه يقضي بأن سيادة الأمة مبدأ نشأ وانشر لظروف خاصة مرت به شعوب معينة .
2- تجاه يميل إلى الأخذ بمبدأ سيادة الأمة ويفضله على مبدأ سيادة الشعب .
3- تجاه يسعى إلى ترجيح مبدأ سيادة الشعب على مبدأ سيادة الأمة .

أصل نشأة الدولة
هناك العديد من المذاهب والنظريات لتفسير وبيان نشأة الدولة :-
1- نظرية العقد :
هذه النظرية ترى أن الدولة مصدرها الأول القوة والصراع بين الجماعات البدائية .
هذه النظرية لم تجد صدى واسعا لدى الفقه العالمي لان الاختلاف بين الحاكم والمحكومين مصدره القوة والغلبة .
فان الدولة في الوقت الحاضر لا تقوم فقط على فكرة الاختلاف السياسي وإنما تلعب السلطة دورا هاما باعتبارها العنصر الرئيسي للتنظيم السياسي الحديث ، وما الحاكم إلا ممارس لهذه السلطة فقط .
• إن عنصر القوة هام للدولة من اجل الوحدة والأمن ، وبدونها تصبح الدولة فريسة للعوامل الهدامة .
2- نظرية تطور الأسرة :
هذه النظرية ترجع اصل الدولة إلى الأسرة وأساس سلطة الحاكم إلى السلطة الولاية المتمثلة في رب الأسرة
تصور هذه النظرية للدولة:أسرة عشيرة عشائر قبيلة قبائل قرية قرى ومن ثم مدينه ثم مدن ثم الدولة ومن ثم الإمبراطورية
الانتقادات التي تعرضت لها هذه النظرية :-
1- اثبت علماء الاجتماع ان الدولة لم تكن الخلية الاجتماعية الأولى لا غريزة الاجتماع والكائن ضد مخاطر الطبيعة هي التي دعت الأفراد إلى التجمع ..
2- قيل انه من الخطأ القول ان كل دولة مرت بالمداخل التي يبينها أنصار هذه النظرية .
3- ومن أهم الانتقادات اعتبار الأسرة اللبنة الأساسية لنشأة الدولة وهو عبارة عن تفسير علاقة السلطة بالدولة بتلك التي تربط رب الحاسرة بالأسرة .
3- النظريات العقدية :-
ظهرت فكرة العقد كأساس لنشأة الدولة منذ فترة زمنية بعيدة ، استخدمها الكثير من المفكرين في تأييد أو محاربة السلطان المطلق للحاكم .
هذه النظريات ترجع إلى القرن السادس عشر ، والتي ساهم في صياغتها وإبراز مضمونها كل من هوبز ، ولوك ، و روسو .
علماء هذه النظرية ارجعوا نشأة الدولة إلى فكرة العقد وان الإفراد انتقلوا من الحياة البدائية التي كانوا يعيشونها إلى حياة الجماعة المنظمة بموجب العقد .
• ركز فلاسفة هذه النظرية حول حياة الأفراد الفطرية والبدائية
* هوبز : ( من أنصار الحكم المطلق )
إن الفترة التي عاش بها هوبز وما رافقتها من اضطرابات في كل من إنجلترا وفرنسا كان لها بالغ الأثر على فكرة الذي عبر عنه بتأييده المطلق للحاكم .
* اغلب كتاباته تمثل الدفاع عن الملك وحقه في الحكم ضد أنصار سيادة البرلمان .
* ابرز هو بحق الملك المطلق في الحكم من خلال طبيعة العقد الذي ابرم بين الأفراد للتخلص مما رتبته الطبعة الإنسانية ونزعتها الشريرة التي قاساها الأفراد في الحياة الفطرية قبل إبرام العقد ، من خلال هذا العقد يتنازل الفرد عن حرياته وحقوقه الطبيعية للسلطة التي أقامها أيا كانت مساوئها واستبدادها . لان السلطة وفي وجهة نظرة مهما بلغت من السوء فلن تصل إلى حالة الحياة الطبيعية التي كانوا يعيشونها . بل إن وضع أي قيد على الحاكم ، أو ترتيب أي التزام عليه يجعل العقد الاجتماعي قاصرا عن تحقيق الغرض منه .
وهكذا يتمتع الحاكم على الأفراد بسلطة مطلقة ، ولا يحق للأفراد مخالفة هذا الحاكم مهما استبد أو تعسف .
* جون لوك : ( من أنصار الحكم المقيد )
إذا كان لوك يتفق مع هوبز في تأسيس المجتمع السياسي على العقد الاجتماعي الذي ابرم بين الأفراد لينتقلوا من الحياة البدائية إلى حياة الجماعة ، إلا انه يختلف معه في وصف الحياة الفطرية والنتائج التي توصل إليها .
الحياة الفطرية الطبيعية للأفراد كما يصفها لوك فهي تنصح بالخير والسعادة والحرية والمساواة ، تحكمها القوانين الطبيعية وبالرغم من وجود كل هذه المميزات لدى الفرد إلا أن استمراره ليس مؤكداً وهذا بسبب ما يمكن أن يتعرض له من اعتداءات الآخرين . وهذا ما يدفع الإنسان إلى الحرية المملوءة بالمخاوف والأخطار الدائمة والانضمام إلى مجتمع ما مع الآخرين من اجل المحافظة المتبادلة عن أرواحهم وحرياتهم وأملاكهم .
* إن العقد الذي ابرم بين الأفراد وبين الحاكم لإقامة السلطة لا يمنح الحاكم السلطة المطلقة وإنما يمنحه سلطة مقيدة بما يكفل تمتع الأفراد بحقوقهم الباقية والتي لم يتنازلوا عنها .
* الحاكم في نظرية لوك طرف في العقد كما الفرد وما دام ان شروط العقد قد فرضت على الحاكم الكثير من الالتزامات فهو مقيد وملتزم بتنفيذ الشروط ، والإيجاز للأفراد مقاومته وفسخ العقد .
* جان جاك روسو :
روسو لوك
الحياة الفطرية حياة خير وسعادة يتمتع بها الأفراد بالحرية والاستقلال والمساواة الحياة الفطرية حياة خير وسعادة يتمتع بها الأفراد بالحرية والاستقلال والمساواة
يختلف مع لوك على أسباب التعاقد وأطرافه ومن ثم النتائج التي تترتب على ذلك . يختلف مع روسو على أسباب التعاقد وأطرافه ومن ثم النتائج التي تترتب على ذلك .
يرجع إلى فساد الطبيعة والحياة العصرية ، وذلك كمظهر الملكية الخاصة وتطور الصناعة من إخلال بالمساواة وتقييد الحريات فسر رغبة الأفراد في التعاقد على أساس ضمان استمرارية المساواة والحريات العامة وضمان السلم الاجتماعي .
وبالتالي ومن خلال نظرة روسو كان لابد للأفراد السعي للبحث عن وسيلة يستعيدون بها المزايا ، فاتفق الأفراد فيما بينهم على إبرام عقد اجتماعي ، هذا العقد يقوم الأفراد من خلاله بالتنازل عن كافة حقوقهم الطبيعية لمجموعة من الأفراد الذي تمثلهم في النهاية الإرادة العامة . هذا التنازل لا يفقد الأفراد حقوقهم وحرياته لان الحقوق والحريات المدنية استبدلت بتلك الطبيعية المتنازل عنها للإرادة العامة .
* الحكومة لا تقوم على أساس تعاقد بينها وبين المواطنين وإنما هي هيئة من المواطنين مكلفة من قبل صاحب السيادة بمباشرة السلطات الذي له أن يستردها وان يمنحها إلى أشخاص آخرين .
n الانتقادات التي تعرضت لها النظرية العقدية :-
1- الخيالية : لان التاريخ لا يعطينا مثلا واحدا واقعيا بان جماعة من الجماعات قد نشأت بواسطة العقد .
2- غير صحية من الناحية القانونية :
3- غير صحيحة من الناحية الاجتماعية : تفترض إن الإنسان كان في عزلة قبل نشأة الجماعة وهذا قول غير صحيح لان الإنسان كائن اجتماعي .
4- نظرية التطور التاريخي :-
إن هذه النظرية تمتاز عن أخواتها من النظريات أنها لا ترجع أصل نشأة الدولة إلى عامل محدد بذاته وإنما إلى عوامل متعددة منها ( القوة ، الاقتصاد ، الدين ، والفكر … الخ ) . هذه النظرية تقول إن هذه العوامل اجتمعت مع بعضها البعض وشكلت تجمع للأفراد وأدت إلى ظهور فئة من الأفراد استطاعت أن تفرض سيطرتها على باقي الجماعة ( ظهور هيئة عليا حاكمة ) .
• تفاعل العوامل من اقتصادية واجتماعية وفكرية ومادية لم تحدث فجأة وفي تجمع واحد إنما حدثت في فترات زمنية طويلة ونطاقات مكانية متباعدة .
• أنصار هذه النظرية :
العميد ديجي و بارتلمي ومودو .
5- النظرية الماركسية :-
نظرة ماركس للدولة لم تكن على اعتبارات حتمية أو سرمدية بقدر ما كانت على حدث تاريخي . وهذا جاء نتيجة لانقسام الجماعات إلى طبقات متصارعة واحتكار البعض منها ملكية الإنتاج ، والتي استطاعت بواسطتها استغلال سائر الطبقات في المجتمع .
• الدولة عند ماركس :
لا تعدو ان تكون ظاهرة قانونية تمثل انعكاسا لتكوين الطبقات وسيطرة إحداها على المجتمع الذي تحكمه هذه الدولة .
• ظهور الدولة عند ماركس مرتبط بالصراع بين الطبقات الذي يمثل في النهاية سيطرة طبقة.
أنواع الدول
إن فقهاء القانون والسياسة اتبعوا مناهج متعددة في تقسيم الدول وذلك تبعا لطبيعة اختصاصاتهم واهتماماتهم والزاوية التي ينظرون منها إلى الدولة .
وإذا كان القانون ركز في دراسته لأنواع الدول على مقدار ما تتمتع به الدول من سيادة حيث قسمها إلى دول كاملة السيادة ، وأخرى ناقصة السيادة ، فان فقه القانون الدستوري والنظم السياسي قد اهتم بتقسيم الدولة من حيث شكلها إلى دولة بسيطة ( موحدة ) ودولة اتحادية .
أولا : الدولة البسيطة :-
هي التي تنفرد بإدارة شؤونها الداخلية والخارجية سلطة واحدة ( فرنسا ، الأردن ، لبنان …).
فالسيادة في مثل هذه الدول غير مجزأة تمارسها سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة كما هو مبين في دستورها الواحد الذي يطبق على كافة أنحاء إقليم الدولة .
• وحدة الدولة تتجسد من خلال :-
- السلطة : تتولى الوظائف العامة في الدولة سلطة واحدة لها دستور واحد ينظمها .
+ الوظيفة التشريعية وضع القوانين ( سلطة تشريعية واحدة ) .
+ السلطة التنفيذية واحدة يخضع لها كافة الشعب .
+ السلطة القضائية واحدة يلتجأ إليها كافة الشعب .
- من حيث الجماعة : أفراد الدولة هم وحدة واحدة يتساوون في معاملاتهم بغض النظر عما يوجد بينهم من فوارق واختلافات .
- من حيث الإقليم : الإقليم وحدة واحدة في جميع أجزائه ويخضع لقوانين واحدة دون تمييز إلا ما تقرره بعض القوانين المحلية في المسائل الإدارية فقط .
• وهذا وتبقى الدولة الموحدة بسيطة إذا بقيت تتصف بما بيناه في النواحي الثلاث السابقة بغض النظر عن طبيعة نظام الحكم فيها فقد تكون ( ملكية كالأردن والسعودية ، أو جمهورية كمصر ولبنان ، وقد تكون مطلقة دكتاتورية أو مقيدة ديمقراطية ) .
n اللامركزية الإدارية في الدولة الموحدة
- ويقصد بالمركزية الإدارية قصر الوظيفة الإدارية في الدولة على ممثلي الحكومة المركزية في العاصمة ( وهم الوزراء دون مشاركة ما من هيئات أخرى ) .
- اللامركزية الإدارية فتعني توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية وبين هيئات أخرى محلية أو مصلحيه تباشر اختصاصات محددة بقدر من الاستقلال تحت رقابة ووصاية الحكومة المركزية .
اللامركزية الإدارية في التنظيم الإداري الحديث تتخذ صورتين :-
1- اللامركزية الإقليمية : ( الإدارة المحلية ) وهي إعطاء جزءا من إقليم الدولة لجهة معينة ( مثلا مديرية الحكم المحلي ) وتكون هذه الجهة تحت رقابة السلطة المركزية ( وزارة الحكم المحلي ) .
2- اللامركزية ألمرفقيه المصلحية : تمنح من خلالها مرفق عام لشخصية معنوية لتمارس نشاطا معينا بقدر من الاستقلال تحت أشراف السلطة المركزية ( كالجامعات والهيئات والمؤسسات ) .

ثانيا :- الدولة المركبة :
و تتألف الدولة المركبة من دولتين ، او مجموعة دول اتحدت لتحقيق أهداف مشتركة ، فتوزع سلطات الحكم فيها على الدول المكونة لها تبعا لطبيعة ونوع الاتحاد الذي يربط بينها .
تقسم الدول المركبة إلى :-
1- الاتحاد الشخصي :- وهو عبارة عن اتحاد بين دولتين او اكثر تحت عرش واحد ، لكن تحتفظ كل دولة بسيادتها الكاملة وتنظيمها الداخلي المستقل وبالتالي فمظاهر الاتحاد هنا لا تتجسد الا في شخص الدولة فقط ( فرئيس الدولة هو المظهر الوحيد والمميز للاتحاد الشخصي ، الامر الذي يجعله اتحادا عرضيا وموقوتا يزول وينتهي بمجرد اختلاف رئيس الدولة .
الدول المشتركة في الاتحاد الشخصي تبقى متمتعة بكامل سيادتها الداخلية والخارجية ، فانه يترتب على ذلك :-
1- احتفاظ كل دولة بشخصيتها الدولية وانفرادها برسم سياستها الخارجية .
2- تعد الحرب بين دول الاتحاد الشخصي حربا دولية .
3- ان التصرفات التي تقوم بها أحد دول الاتحاد الشخصي إنما تنصرف نتائجها إلى هذه الدولة فقط وليس إلى الاتحاد .
4- يعتبر رعايا كل دولة أجنبيا على الدولة الأخرى .
5- لا يلزم في الاتحاد تشابه نظم الحكم للدول المكونة له .
2- الاتحاد الحقيقي ( الفعلي ) :- يقوم بين دولتين او اكثر ، وتخضع كل الدول فيه إلى رئيس واحد مع اندماجها بشخصية دولة واحدة ، تمارس الشؤون الخارجية . وتبقى كل دولة في الاتحاد محتفظة بدستورها وأنظمتها الداخلية .
يترتب على الاندماج في الاتحاد الحقيقي ( فقدان الدولة لشخصيتها الخارجية ) :-
1- توحيد السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي .
2- تعتبر الحرب التي تقوم بين الدول الأعضاء حربا أهلية .
3- أمثلة ( الاتحاد الذي قام بين السويد والنرويج )
3- الاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي :- ينشأ من اتفاق دولتين او اكثر في معاهدة دولية على تكوين الاتحاد أو الانضمام إليه مع الاحتفاظ كل دولة باستقلالها الخارجي وسيادتها الداخلية .
صك الاتحاد او المعاهدة والاتفاقية هي الأساس في الاتحاد الاستقلالي .
يقوم الاتحاد الكونفدرالي على تكوين مجلس يتكون من مندوبين عن الاتحاد وهذا المجلس لا يختص الا بالمسائل التي تضمنها الصك .
وهذا لا تعتبر الهيئة التي تمثل الدول في الاتحاد دولة فوق الدول الأعضاء ، وانما مجرد مؤتمر سياسي .
في هذا الاتحاد تبقى كل دولة متمتعة بسيادتها الداخلية ومحتفظة بشخصيتها الدولية .
رعايا كل دولة من الاتحاد يبقون محتفظون بجنسيتهم الخاصة .
العلاقة بين الدول مجرد ارتباط تعاهدي .
حق الانفصال عن الاتحاد ممنوح للدول الأعضاء تقرره حسب ما تراه مناسبا ومتماشيا مع مصالحها الوطنية .
4- الاتحاد المركزي :- ليس اتفاقا بين دول ، ولكنه في الواقع دولة مركبة تتكون من عدد من الدول او الدويلات اتحدت معا ، ونشأت دولة واحدة .
ينشأ الاتحاد المركزي عادة بطريقتين :
1- تجمع رضائي او إجباري لدول كانت مستقلة .
2- تقسيم مقصود لاجزاء متعددة من دولة سابقة ، كانت بسيطة وموحدة .
• الاتحاد المركزي لا يشمل الدول فقط إنما شعوب هذه الدول أيضا .
• في هذا الاتحاد تنصهر السيادة الخارجية للدول بشخصية الاتحاد .
• يبقى لكل دولة دستور يحكمها لكن بما يناسب دستور الاتحاد .
• هذا الاتحاد عبارة عن مجموعة من الدول تخضع بمقتضى الدستور الاتحادي لحكومة عليا واحدة هي الحكومة الفدرالية .
-- مظاهر الاتحاد المركزي ( الكونفدرالي )
أولا من الناحية الداخلية :
تتكون دولة الاتحاد من عدد من الدويلات هذه الدويلات تتنازل عن جزء من سيادتها للدولة الاتحادية .
- للدولة الاتحادية حكومة يطلق عليها الحكومة الاتحادية .
- لكل ولاية او دولة سلطاتها الثلاثة ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) التي لا تخالف السلطات الثلاثة العامة للاتحاد ( هذا ما يسمى ازدواجية السلطات ) .
- يوجد رئيس واحد للاتحاد .
- الشعب داخل الاتحاد يحمل جنسية واحدة .
ثانيا من الناحية الخارجية :
- تتولى الدولة الاتحادية إعلان الحرب ، وعقد الصلح ، وإبرام المعاهدات ، والاشراف على القوات المسلحة للاتحاد .
- للدولة الاتحادية وحدها حق التمثيل الدبلوماسي ، والانضمام إلى المنظمات الدولية .
- التمييز بي الاتحاد المركزي الفدرالي والاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي

الاتحاد الفدرالي الاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي
ينشأ من خلال عمل قانوني داخلي وهو الدستور الاتحادي يستمد وجوده من معاهدة تتم بين الدول الأعضاء
الانفصال مرفوض الانفصال حق مقرر لكل دولة فيه
تمارس السلطات الاتحادية اختصاصاتها على الأفراد مباشرة تتولى الاختصاصات وتحقيق الأهداف هيئة مشتركة ، ممثلين عن دول الأعضاء
جنسية الشعب واحدة لكل شعب جنسية في الاتحاد حسب دولتهم
إذا قامت حرب بين دولتين في الاتحاد فهي حرب أهلية إذا قامت حرب بين دولتين في الاتحاد فهي حرب دولية

• أهم مزايا نظام الاتحاد المركزي الفدرالي

نظام الاتحاد المركزي قادر على توحيد دول ذات نظم متغايرة ومتباينة في دولة واحدة قوية .

يعمل على التوفيق بين مزايا الدولة الموحدة ومزايا الدولة المركبة .

يعتبر حقلا واسعا للتجارب في الأنظمة السياسية .
• عيوب الاتحاد المركزي

1- قيل ان ازدواجية السلطات العامة سيؤدي إلى نفقات مالية كبيرة .
2- يؤدي هذا النظام إلى تفتيت الوحدة الوطنية .
3- ان تعدد السلطات واختلاف التشريعات كثيرا ما يسبب منازعات ومشاكل .

الخاتمة :
قد تناولت في بحثي هذا العديد من الجوانب التي تتعلق بالدولة :
• اصل كلمة الدولة : تعرفت على اصل هذه الكلمة الصغيرة في حجمها الكبيرة في معناها ووجدت ان هذه الكلمة تشكلت عبر الزمن .
• تعريف الدولة : لم يجمع العلماء على تعريف محدد للدولة ولكنهم وبشكل غير مقصود وغير مباشر اجمعوا على أركان الدولة .
• أركان الدولة : تعرفت على أركان الدولة ووجدت ان للدولة العديد من الأركان وهي ست أركان عند بعض العلماء وعند البعض الآخر هي ثلاثة لكن الثلاثة يشملوا الباقي ( السكان ، الإقليم ، الحكومة ، الاستقلال ، الاعتراف الدولي ، السيادة ) .
• خصائص الدولة : هناك العديد من الخصائص للدولة ( شخصي معنوية ، السيادة ) .
• مصدر السيادة وصاحبها : وهناك نظريات عديدة قسمت مصدر السيادة في الدولة وصاحبها ( نظرية ثيوقراطية ، وقسم إلى عدة نظريات . نظرية سيادة الأمة . نظرية سيادة الشعب ) .
• اصل نشأة الدولة : هناك عدة نظريات لاصل نشأة الدولة ( نظرية العقد ، النظرية العقدية ، نظرية التطور التاريخي ، النظرية الماركسية ) .
• أنواع الدولة : يوجد العديد من أنواع الدول 0 فهناك الدولة البسيطة والدولة المركبة والدولة المركبة لها عدة أنواع .
ولقد أصبحت التعرف على الدول من هذه الجوانب حيث أصبحت قادرا على التفريق بين الدولة البسيطة والدولة المركبة أصبحت قادرا على ذكر عناصر الدولة والنظريات التي درست الدولة .

المراجع والمصادر :
1- الحكم والإدارة ، د . محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ، جامعة القدس ، 2000
2- .السياسة: نظريات ومفاهيم ، د. محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ، جامعة القدس2000
3- الوجيز في النظم السياسية ، د. نعمان أحمد الخطيب ، دار الثقافة للنشر ، 1999
سمو الدولة عن القانون

المطلب الأول :
المذاهب الشكلية : هي المذاهب التي تكتفي بالمظهر الخارجي للقاعدة القانونية، فلا تنظر إلا إلى الشكل الذي تخرج به هذه القاعدة إلى الوجود في صورة ملزمة ولذلك فهي ترجع تكوين القاعدة القانونية إلى السلطة التي اكتسبت هذه القاعدة عن طريقها قوة الإلزام في الحياة العملية إذن فهي تربط بين القانون والسلطة التي تكسبه قوة الإلزام في العمل .
وقد نادى بهذه المذاهب الشكلية كثير من الفقهاء والفلاسفة اتفقوا جميعا من حيث المبدأ وهو رد القانون إلى إدارة الحاكم أو السلطان مع خلافات بسيرة في بعض الجزيئات لا تحل ولا تتقص من اتفاقهم على المبدأ ومن هؤلاء الفلاسفة والفقهاء ومنهم أوستن الفيلسوف الإنجليزي شغل منصب أستاذ في فلسفة القانون في جامعة لندن في النصف الأول من القرن 19 استمد مذهبه من نظريات الفلاسفة اليونان منذ القدم إذ كانوا يرون أن القانون مبدأ للقوة كما تأثر بما جاء به الفقيه الإنجليزي "توماس هوين" من أن القانون ليس طلبا ولا نصيحة وإنما هو أمر صادر عن حاكم بل القانون هو إدارة الحاكم أو السلطان الذي له السيطرة المطلقة إلا أن له الفضل في سياقة هذه الأفكار بشكل نظري والفكرة التي تقوم عليها مذهب أوستن بحيث عرف القانون بأنه أمر أو نهي يصدره الحاكم إسنادا إلى سلطة السياسية ويوجه إلى المحكومين ويتبعه انجزاء ومن هذا التعريف يتبين أنه لكي يوجد قانون لابد من توفر ثلاث شروط :
1-وجود حاكم سياسي: فالقانون في نظر أوستن لا يقوم إلا في مجتمع سياسي يستند في تنظيمه إلى وجود هيئة عليا حاكمة لها السيادة السياسية في المجتمع وهيئة أخرى خاضعة لما تصدره الهيئة الحاكمة من أوامر ونواهي .
2-وجود أمر أو نهي : القانون في منظور ليس مجرد نصيحة أو إرشاد للأفراد إن شأوا التزموا به أو خالفوه بل هو أمر ونهي لا يجوز مخالفة وقد يكون صريحا أو ضمنيا. وكذلك بالنسبة لقواعد قانون العقوبات أحيانا تقتصر على تحديد العقوبة التي توقع على من يرتكب جريمة معينة وهي بذلك لا تصدر في صيغة أمر او نهي ولكنها ضمنيا تأمر بعدم إرتكاب الجرائم أو تنهي عنها .
3-وجود الجزاء : فكرة الجزاء لدى أوستن هي فكرة جوهرية في القاعدة القانونية بغيرها لا توجد القاعدة القانونية فالحاكم السياسي له من القوة والسلطة ما يمكنه من فرض إدارته على المحكومين عن طريق الجزاء على من يخالفة .
النتائج المترتبة عن مذهب أوستن :
1/إنكار صفة القانون على القانون الدولي العام لأنه يرى بأن جميع الدول متساوية في السيادة ولا توجد في المجتمع الدولي سلطة عليا فوق سلطة الدول توقع الجزاء على الدول التي تخالف القواعد القانونية وعلى هذا الأساس يعتبر أوستن أن قواعد القانون الدولي ما هي إلا مجرد مجاملات تراعيها الدول في سلوكها فيما بينها .
2/انكار صفة القانون على القانون الدستوري: لأن قواعد القانون الدستوري هي التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات العامة داخل الدولة وعلاقتها بعضها ببعض كما تبين حقوق الأفراد السياسية وحرياتهم والمقومات الأساسية للمجتمع وعليه فإن قواعد القانون الدستوري هي قواعد بمحض اختياره وبما أنه هو الذي يصدر هذه القواعد فهو يستطيع دائما مخالفتها لأنها من ناحية ليست صادرة من سلطة أعلى منه ومن ناحية أخرى غير مقترنة بجزاء يوقع في حالة مخالفته لأنه لا يعقل أن يوقع الحاكم الجزاء على نفسه على هذا الأساس يرى أوستن أن قواعد القانون الدستوري ماهي إلا مجرد قيود أو قواعد الأخلاق الوضعية على حد تعبيره تنظم علاقة الحاكم بالأفراد لم تلزمه بها سلطة أعلى منه
3/ جعل التشريع هو المصدر الوحيد لقواعد القانونية باعتباره يتضمن أمرا أو نهيا يصدره الحاكم إلى المحكومين وعدم الإعتراف بالمصادر الأخرى كالعرف مثلا لأنه لا يصدر من الحاكم إلى المحكومين وإنما ينشأ من إتباع الناس سلوك معين ومنا طويل مع شعورهم بإلتزاميته .
4/وجوب التقيد في تفسير نصوص القانون بإدارة المشرع وقت وضع هذه النصوص وعدم الأخذ بما يطرأ بعد ذلك من ظروف جديدة لأن العبرة بإرادة الحاكم وقت وضع النص ولا عيره يتغير الظروف .
مذهب الشرح على المتون :يختلف مذهب الشرح على المتون عن مذهب أوستن لأنه لم يكن نتاج رأي فقيه واحد وإنما كان ثمرة لأراء مجموعة من الفقهاء الفرنسيين الذين تعاقبوا خلال القرن 19 على فكرة تجميع أحكام المدني الفرنسي في مجموعة واحدة أطلق عليها " تقنين نابليون" وكذلك يختلف مذهب الشرح على المتون عن مذهب أوستن في أن فقهاء مذهب الشرح على المتون ليسوا هم الذين نادوا بهذا المذهب ذلك أن هذا الأخير ماهو إلا مجرد طريقة تفسير وشرح القانون أستخلص منها الفقهاء في أوائل القرن 20 المبادئ والأسس التي قام عليها هذا الأسلوب بالشرح والتفسير وساقوا منها مذهبا له مميزاته الخاصة وحددوا أسماء الفقهاء الذين سارو على هذا الأسلوب وأطلقوا عليه اسم مذهب أو نظرية الشرح على المتون نظرا لطريقة التي سار عليها هؤلاء الفقهاء في شرح تقنين نابليون مثنا متنا وبنفس الترتيب الذي وردت به هذه النصوص في التقنين وقد سميت المدرسة التي تكونت من فقهاء الشرح على المتون " بمدرسة إلتزام النصوص" والأسس التي تقوم عليها مذهب الشرح على المتون على أساسين هما:
1-تقديس النصوص التشريعية: لقد أحدثت تقنيات نابليون جوا من الإبهار والإعجاب دفعت برجال القانون إلى قصر مفهوم القانون على المدونات التي يتم الإعلان عنها رسميا من طرف أجهزة الدولة فالتقنين أصبح هو الوجه المعبر للقانون وإدارة المشرع هي الترجمان الوحيد لإدارة الدولة ولعل السبب في تقديس فقهاء الشرح على المتون للنصوص القانونية يرجع إلى أن النظام القانوني السائد في فرنسا قبل صدور التقنين المدني الفرنسي الذي عرف باسم تقنين نابليون يختلف من الشمال إلى الجنوب فقد الجزء الشمالي يخضع لنظام قانوني أساسه قواعد العرف والتقاليد بينما الجزء الجنوبي يخضع لنظام قانون مستمد من القانون الروماني وقد كان توحيد القانون بلورة تقنين جديد شامل جامع ومانع أمل رجال الثورة الفرنسية غير أن هذا الأمل لم يتحقق إلا في عهد نابليون بصدور تقنية المعروف باسمه وقد قال تقنينه " إن القانون الوضعي مهما بلغ من التطور والدقة لا يمكنه حل محل العقل الطبيعي " مشيرا بذلك إلى محدودية التقنين وقصوره عن الإستعاب الكامل للظواهر القانونية ونظرا للمزايا الكبيرة التي حققها هذا التقنين بتوحيده لنظام القانوني في فرنسا فقد شعر رجال القانون بعاطفة قوية تدفعهم إلى احترام وتقديس هذا التقنين باعتباره المصدر الوحيد للقانون فهو بنظرهم قانون شامل كالكتاب المقدس قد أحاط بكل شيء مما جعلهم يتبعون في شرح هذا التقنين الطريقة التي تتبع في شرح الكتب المقدسة وهي شرح نصوصه نصا بعد نص .
2-اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد للقانون: ذلك أن النصوص القانونية في منظور فقهاء مذهب الشرح على المتون تتضمن جميع الأحكام القانونية وتضع جميع الحلول لشتى الحالات وبذلك يعتبر التشريع هو المصدر الوحيد للقانون باعتباره المعبر عن إدارة المشرع ولقد ترتبت نتائج على هذا المذهب وهي:
أ-التزام القاضي بأحكام النصوص التشريعية إذ لا يجوز له الخروج عنها أو المسار بها نظرا لقدوسيتها فمهمته تتمثل في الحكم بمقتضى القانون وليس الحكم على القانون .
ب- إذا عجز الشارع عن استخلاص قاعدة مامن النصوص التشريعية فإن اللوم والعيب في المشرع ذلك لأن التشريع يحوي جميع القواعد والمبادئ اللازمة في جميع الحالات .
جـ- وجب الخضوع إلى نية وإرادة المشرع وقت وضع النصوص وهذا عند تفسير وشرح النصوص التشريعية .
مذهب هيجل : وهو فيلسوف ألماني وأستاذ له عدة مؤلفات منها كتابه الذي صدر سنة 1821 م بعنوان " مبادئ فلسفة القانون " يرى هيجل أن الدول الحقيقية الواقعية هي التي توقف في حسم التناقض الأساسي بين الوجدان الفردي والمصلحة العامة فالدولة وفق فلسفة هيجل هي تجسيد لإرادة الإنسان وحريته فلا أساس ولا شرعية للقانون إلا إذا كان صادرا عن الدولة فالقانون هو إرادة الدولة سواءا في الداخل أو الخارج ففي الداخل لا يمكن للمجتمع أن يرقى في مصاف الدولة إلا إذا اندمج الأفراد في كيان الدولة فتذوب إرادتهم وحريتهم داخل الكيان من أجل تحقيق صالح عام يبغي أن يكون قاسما مشتركا بين الأفراد وهذا يقتضي خضوع الأفراد المطلق للدولة ويقتضي أن تكون سيادة الدولة واحدة لا تتجزأ تتجسد في شخص واحد له السلطان المطلق وقراره واجب النفاذ باعتباره معبر عن الإدارة العامة التي تذوب في وحدتها جميع الإختلافات، أما في الخارج فطالما أن جميع الدول متساوية في السيادة وطالما أنه لا توجد سلطة عليا تختص في الفصل في النزاعات التي تنشئ بين الدول إذ أن الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتنفيذ إدارة الدولة في المجتمع الدولي وحل النزاع يكون لصالح الدولة الأقوى طبقا لمبدأ البقاء للأقوى والنتائج المترتبة عن هذا المذهب هي :
1-تدعيم وتبرير الحكم الاستبدادي المطلق طالما أن إدارة الحاكم هي القانون الواجب النفاذ .
2-اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد للقانون باعتباره هو المعبر عن إرادة الحاكم
3-لا مجال للإعتراف بقواعد القانون الدولي فالقوة وحدها هي السبيل الوحيد لتنفيذ رغبات الحاكم وقض النازعات كذلك الشأن بالنسبة لقواعد القانون الدستوري فالحكم له السلطان المطلق في علاقته مع الأفراد .
مذهب كلسن : كلسن فيلسوف نمساوي اشتغل منصب أستاذ في مادة فلسفة القانون بجامعة فينا سنة 1917 كون مذهبا عرف بـ " النظرية الصافية " ووفقا لكلسن يجب أن يقتصر علم القانون على دراسة السلوك الإنساني مجرد من الاعتبارات والضوابط الأخرى التي هي من اختصاص علوم أخرى كعلم الإقتصاد والسياسة …إلخ فالنظرية الصافية للقانون تبحث في تحديد ماهو القانون وكيف يتكون غير مبالية بما يجب أن يكون عليه والأسس التي يقوم عليها مذهب أوستن هي :
أ‌- استبعاد جميع العناصر غير القانونية : يرى كلسن وجوب استبعاد كافة العوامل الغير قانونية كالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والمبادئ الأخلاقية والمفاهيم السياسية وغيرها فالقانون البحت يجب أن يقتصر في دراسته على القانون كما هو والبحث عن صحة صدوره من الهيئة أو الشخص صاحب الاختصاص والتحقيق من مدى إتباعه كما حددته السلطة المختصة أو عدم اتباعه دون البحث في مضمونه إذ كان عادلا أم لا متفق مع مصلحة الجماعة أم غير ذلك إن البحث يتضمن أسباب نشأة القواعد هو من إختصاص علماء الإجتماع والسياسة والتاريخ فالقانون حسب كلسن هو مجموعة الضوابط القانونية ويتكون من قواعد قانونية عامة وفردية .
ب‌- وحدة القانون والدولة: القانون ليس تعبيرا عن إرادة الدولة وليست الدولة صانعة للقانون بل القانون هو الدولة والدولة هي القانون والقانون هو مجموعة إرادات في شكل هرمي إذن فالقانون هو نظام هرمي كل قاعدة تحيا وتستمد شرعيتها وفعاليتها من القاعدة الأعلى منها وصولا إلى نظام القانون هو الدولة فالدولة ليست شخص معنوي بل هي مجموعة من القواعد القانونية وفق تدرج تسلسلي يبدأ من الأوامر الفردية أو القرارات وصولا إلى الدستور الذي هو النهاية الحتمية والسامية لهذه القواعد، أي الدستور وما يتفرع عنه من قواعد قانونية هي الدولة إلا أن كلسن لا يعتبر هذا النظام القانوني دولة إلا بوجود جهات مركزية مختصة بالتعبير عن القواعد القانونية التي تكون منها هذا النظام القانوني وتطبقها عن طريق الإلزام وعلى هذا النحو يدخل كلسن في هذا النظام القانوني الهرمي جميع الضوابط القانونية سواء كانت تتعلق بالنشاط الخاص بالأفراد أو النشاط الإداري أو باستعمال القوة الجبرية مثل المحضر القضائي عمله تعبير عن إرادة الدولة إذ هو مكلف تنفيذ حكم قضائي صادر من القاضي تطيقا لقاعدة عامة وضعها المشرع ومن أهم النتائج المترتبة على هذا المذهب هي :
*رفع التناقض بين اعتبار القانون إرادة الدولة وبين ضرورة تقيد الدولة بسلطان القانون
*وحدة القانون وعدم جواز تقسيمه إلى قانون عام وخاص .

المطلب الثاني : مظاهر عدم الخضوع :
النقد الموجه لأوستن :
-يخلط بين القانون والدولة وكذلك بين القانون والقوة .
-يؤخذ عنه أن التشريع المصدر الوحيد .
-إنكاره للقانون الدولي العام .
-إنكاره للقانون الدستوري .
-يؤخذ عليه التعبير بإدارة المشرع وقت وضع النصوص .
أما بالنسبة للنقد الموجه لمدرسة الشرح على المتون هي
-انه يعتمد على التشريع كمصدر وحيد للقانون .
-الاكتفاء بإدارة المس\شرع وقت وضع النصوص .
-تقديس النصوص يؤدي إلى النزعة الاستبدادية .
أما فما يخص النقد الموجه لهيجل هو :
-الإدعاء بوجود مصدر وحيد للقانون هو التشريع .
-التوحيد بين إدارة الحاكم المعززة بالقوة وبين القانون يؤدي إلى الاستبداد المطلق (لكونه
ألماني يريد إعطاء الشرعية حتى يسيطر الشعب الألماني على العالم )
أما النقد الموجه لكلسن هو :
-انه يخفي مشكلة أساس القانون(لم يتمكن من إسناد الدستور إلى قاعدة أعلى منه)
-دمج الدولة في القانون (أغلب الدساتير تنص على وجوب تقيد سلطة الدولة).
-التشريع المصدر الوحيد .
-أقفل قواعد القانون الدولي .
-القول بوجود قواعد قانونية فردية .
-تجريد القانون من كافة العناصر والعوامل غير القانونية .

المبحث الثاني :
المطلب الأول :
خضوع الدولة للقانون :
أصبح خضوع الدولة للقانون خاصية تميز الدولة الحديثة ومبدأ من المبادئ الدستورية التي تجتهد كل دولة في تطبيقها واحترامها ويعني هذا المبدأ بصفة عامة خضوع الحكام وكافة الأجهزة ومؤسسات الدولة الممارسة السلطة للقانون ومثلها مثل الأفراد إلى أن يعدل أو يلغى ذلك القانون طبقا لإجراءات وطرق معروفة ومحددة مسبقا .
هذا يعني أن الدولة ليست مطلقة الحرية في وضع القانون وتعديله حسب أهوائها حتى وغن كانت الدولة التي تضعه وتصدره بل هناك قيود وحدود نظرية وعملية تصطدم وتلزم بها وإلا كانت الدولة استبدادية حيث قسم الدولة من زاوية مدى احترامها للقانون إلى دولة استبدادية لا تخضع للقانون ودولة قانونية تخضع له وتلتزم بمبدأ المشروعية التي يعني ضرورة مطابقة أعمال وتصرفات الحكام ومؤسسات الدولة للنصوص القانونية السارية المفعول واسنادها إليها وقد وجدت عدة ميكانيزمات ومبادئ تضعه موقع التطبيق في الدولة الحديثة "1"
النظريات (ميكانيزمات) المقرة لمبدأ خضوع الدولة للقانون :
نجد منها نظرية ق . ط. و نظرية الحقوق الفردية، نظرية التقيد الذاتي وأخيرا نظرية التضامن الإجتماعي، لكننا أخذ النظريتين (القانون الطبيعي ونظرية التقيد الذاتي) وذلك لتأثير البارز أكثر من النظريات الباقية .
نظرية القانون الطبيعي ترى أن سلطة الدولة مقيدة بقواعد القانون الطبيعي وهي قواعد سابقة عن وجود الدولة وأن العدالة وقواعد القانون الطبيعي قيد على الحكام يجب الالتزام بها، ومن أصحاب هذه النظرية أرسطو ، تشرون ، وبول ، وأخلص مدافع عن هذه النظرية ليفور، والذين يقولون بأن إرادة الدولة ليست مطلقة في القيام بأي تصرف تريده يل هي خاضعة لقوة خارجية عنها وتسمو عليها وهي قواعد القانون الطبيعي وبرزت أكثر هذه النظرية في القرنيين 17 و18 على يد الفقيه " جروسيوس"

-1- الأمين شريط الوجيز في القانون الدستوري ص 89

لم تسلم هذه النظرية من النقد حيث وجهت لها إنتقاد خاصة من طرف الفقيه الفرنسي" كاردي مالبرغ "الذي يعتبر قواعد القانون الطبيعي لا تشكل قيدا قانونيا على إرادة الدولة فهي مجرد قيد أدبي أو سياسي لأن القواعد لا تصبح قانونية إلا إذا تقرر لها جزاء مادي معين والدولة هي من تضع الجزاء وتلزم الأفراد به فكيف توضع الجزاء على نفسها .
أما بالنسبة لنظرية التقييد الذاتي والتي تعد من أهم النظريات وهي تقوم على أساس فكرة جوهرية تتمثل في أن الدولة لا يمكن أن تخضع لأي قيد من القيود إلا إذا كان نابعا من ارادتها الخاصة وهذا الأمر يتماشى مع خاصية السيادة التي تتمتع بها،فقواعد القانون التي تقيدها هي من يصنعها وبالتالي يتحقق التقييد الذاتي ونشأة هذه النظرية في ألمانيا من روادها "حنيليك" وتبناها في فرنسا الفقيه "كاردي مالبرغ ". رغم اقتراب هذه النظرية من الواقع إلا أنها لم تسلم من الانتقاد، ويعبر الفقيه الفرنسي ليون ديجي من أعنف المنتقدين لها حيث انتهى به القول إلى أنه لا خضوع إذا كان الخضوع من إرادة الخاضع وأنه ليس من المنطقي أن يقيد شخص نفسه بإرادته، فهذا القيد كاذب وأن هذه النظرية تحمل في طياتها الاستبداد
ضمانات خضوع الدولة للقانون :
ضمانات قيام دولة قانونية هي الممارسة العملية للسلطة والدساتير أسفرت عن تكريس ضمانات قانونية تسمح بتطبيق مبدأ خضوع الدولة للقانون .
1/وجود الدستور:
الدولة بدون دستور لا تعتبر دولة قانونية لما يتميز به من خصائص تميزه عن غيره من القوانين فهو المنشأ للسلطات والمحدد لاختصاصاتها وإلتزاماتها واحتوائها ويقيد السلطة التشريعية في سنها اللوائح التي يجب أن تكون مجسدة للدستور، كذلك نجد يحدد للسلطة التنفيذية فيما تحدده من قرارات ولوائح وكذلك يفيد السلطة القضائية في حكمها في النزاعات والدستور الذي يحدد للأفراد حقوقهم وحرياتهم ويعتبر قمة النظام القانوني في الدولة لسموه على كل القانون وتعديله لا بد من إجراءات معقدة .
2/ الفصل في السلطات :
صاحب هذه النظرية هو الفقيه "مونتيسكيو" في كتابه "روح القوانين " يرى أن السلطة بطبيعة مستبدة ولهذا يجب على كل سلطة احترام القواعد التي وضعها لها الدستور لكي تمارس بموجبها اختصاصاتها لا تعتمد على كل صلاحيات سلطة أخرى هذا من ناحية الموضوعية ومن الناحية الشكلية فإن السلطة لها جهاز معين وهذا ما سماه "مونتيسكيو" أن السلطة توقف السلطة، ويقتضي على أنه تجمع السلطة في يد واحدة فكل واحدة مستقلة عن الأخرى .
3/ سيادة القانون:
بمعناه السلطة التنفيذية ملتزمة في إصدار اللوائح بالقانون للسلطة التشريعية الخضوع للقانون فهي ملتزمة بالقانون .
4/تدرج القواعد القانونية :
القواعد القانونية مندرجة من حيث القوة من الأعلى إلى الأسفل أي أن قانون في الدولة موضوع في شكل هرمي قمته الدستور قانون العادية ثم اللوائح التنظيمية .
5/ الرقابة القضائية :
رقابة تشريعية وإدارية وقضائية فكلهم وسيلة لحماية الفرد من اسنداد السلطة وتعسفها فالرقابة التشريعية الأغلبية البرلمانية "سياسة " والإدارية تجعل الفرد تحت رحمة الإدارة فهي حلم وطرف أحيانا غير حيادية وتبقى الرقابة القضائية مواجهة لمن يخالف القانون فيجب ان يكون مستقل وحيادي عن كل السلطات في الدولة فقد تتعسف السلطة التشريعية أو التنفيذية بإصدار قوانين لا يقبلها الشعب فتبقى الرقابة القضائية لنرى وتحكم بالعدل حتى وأن كان القضاء مزدوج .
6/ الاعتراف بالحقوق والحريات العامة :
يجب أن يكون هناك اعتراف صريح بحريات وحقوق الأفراد وتقديسها لكن الدولة الحديثة أضافة تدخلها بشكل إيجابي، متمثل في حمايتها لهذه الحقوق والعمل على تحقيق تنمية للأفراد حقوق اقتصادية اجتماعية وثقافية .
7/ الرقابة الشعبية :
وليس بمعناها الضيق أي عن طريق المنتخبين على مستوى البرلمان ولكن يقصد بها المعنى الواسع فالشعب له دور حاسم وأساسي في اجبار الدولة للخضوع للقانون واحترامه في طريق الجمعيات أو الأحزاب ….إلخ
8/المعارضة السياسية :
على أساس التعددية الحزبية تسمح بوجود معارضة منظمة للسلطة الحاكمة وتعمل على انتقاد السلطة الحاكمة وكشف عيوبها وبالتالي محاولة اخذ السلطة بموجب القانون وعن طريق الانتخابات

المقدمة :
إن مفهوم خضوع الدولة للقانون يعني أن تتقيد جميع جميع سلوكات السلطات العامة في الدولة بالقانون مثلها مثل الأفراد العاديين فلا يمكن للدولة أن تضع القانون الذي تريد او أن تعدله او تلغيه حسب ما تريد بل تتبع في ذلك إجراءات معينة ومحددة، وهذا ما يعرف بمبدأ المشروعية .
ونحن حين تكلمنا عن السلطة فلا نقصد أن نثير تساؤل فيما إذا كانت قانونية أم لا بل التساؤل المطروح هو حول كيفية ممارسة السلطة . هل حين تمارس السلطة يجب ان تظل دائما هذه الممارسة في إطار القانون ؟ أي خاضعة للقانون وإن كانت كذلك فما هو أساس هذا الخضوع ؟
وما هي الأساليب والوسائل الناجعة أو الكفيلة لإخضاع الدولة القانون …، كل هذه التساؤلات كلها وغيرها تصب في قالب واحد ولكن يبقى الإشكال الأم والتساؤل الأساسي :
هل السلطة فوق القانون أم أنها خاضعة له ؟

خطـة الـبحـث

مـقدمـة
المبحث الأول : سمو الدولة عن القانون ومظاهر عدم خضوعها له
المطلب الأول :سمو الدولة عن القانون و عدم خضوعها له
المطلب الثاني :مظاهر عدم الخضوع
المبحث الثاني :سيادة القانون في الدولة وخضوعها له وضمانات خضوعها له
المطلب الأول : خضوع الدولة للقانون
* نظرية قانون الطبيعي
* نظرية التقيد الذاتي
المطلب الثاني : ضمانات خضوع الدولة للقانون
الخــاتـمــة

المـراجع المـعتمدة
د . إبراهيم أبونجا محاضرات فلسفة القانون د.م.ح 72
د. الأمين شريط الوجيز في القانون الدستوري
د. فاضلي إدريس محاضرات في فلسفة القانون جامعة الجزائر 99

الخاتمــة

وختاما نخلص إلى القول بأن كل دولة في العــالم تسعى جاهدة لأن تكون دولة قــانونية بمعـنى الكـلمة وذلـك من خــلال تجسـيدها للضمانات المذكـورة آنـفا بيد أن الـدول لم تتمكن من تطبـيق هـذا على أرض الـواقع ولو اتجهـنا قـليلا إلى ما يدور في الـعالم فنجد من بين الـدول التي تحـاول تطبيق
الضمانات عمليا لـتكون دولـة قـانونيـة فعـلا.
الجزائـر التي وبالـرغم مما تبـذله مـن مجـهودات تبـقى صفـة قـانونيتـها نسبيـة فقـط.
نشأة الدولة
مقدمة
المبحث الأول: النظريات الغير قانونية
المطلب الأول : النظريات الثيوقراطية
المطلب الثاني: النظريات الطبيعية
المطلب الثالث: النظريات الاجتماعية (السوسيولوجية)
المبحث الثاني: النظريات القانونية
المطلب الأول: النظريات الاتفاقية
المطلب الثاني: النظريات المجردة

خاتمة

مقدمة:
اختلف علماء القانون والاجتماع والتاريخ حول أصل نشأة الدولة، وترتَّب على هذا الاختلاف ظهور العديد من الأفكار والنظريات التي وُضعت لتفسير هذه النشأة. ثم أن البحث عن أصل نشأة الدولة وتحديد وقت ظهورها يعد من الأمور العسيرة، إذ لم نقل مستحلية، ذلك أن الدولة ظاهرة اجتماعية يرجع أصلها إلى الحضارات القديمة، وهي في تطورها تفاعل مع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة.
وقد قام البعض بتقسيم هذه النظريات إلى مجموعات نوعية متقاربة، فنجد البعض يقسِّمها إلى نظريات ديمقراطية وأخرى غير ديمقراطية, وذلك لقرب هذه النظريات أو بُعدها من الفكرة الديمقراطية, ويقسِّمها البعض إلى نظريات دينية وأخرى بشرية، وذلك من حيث إرجاع النشأة إلى البشر أو إلى قوى غير بشرية, ويرى البعض إرجاع هذه النظريات إلى اتجاهَين اتجاه نظري وآخر واقعي أو اتجاه غيبي وآخر علمي.
ولعل أفضل تقسيم لهذه النظريات هو التقسيم الثنائي وهو النظريات الغير قانونية والنظريات القانونية واتي بدورها تتفرع إلى عدة مطالب وفروع.
والإشكالية المطروحة:
ماهو الأصل والعوامل التي أدت إلى نشأة الدولة؟

المبحث الأول: النظريات الغير قانونية

المطلب الأول : النظريات الثيوقراطية.

درج الفقهاء في مصر على وصف هذه النظريات بأنها نظرياتٌ دينيةٌ، مع أن المعنى الحرفي للمصطلح الفرنسي لا يعني النظريات الدينية بل يعني النظريات التي تَنسِب السلطة إلى الله.

يرجع أنصار هذه النظرية أصل نشأة الدولة وظهور السلطة إلى الله ، وعليه فأنهم يطالبون بتقديسها لكونها من صنعه وحق من حقوقه يمنحها لمن يشاء،
فالحاكم يستمد سلطته وفقا لهذه النظرية من الله ، وما دام الأمر كذلك فإنه يسمو على المحكومين نظرا للصفات التي يتميز بها عن غيره والتي مكنته من الفوز بالسلطة ، لذلك فإن إرادته يجب أن تكون فوق إرادات المحكومين.

والحقيقة أن المتتبع للتاريخ يلاحظ أن هذه النظريات لعبت دورا كبيرا في القديم ، فلقد قامت السلطة والدولة في المجتمعات القديمة على أسس دينية محضة ، واستعملت النظرية الدينية في العصر المسيحي والقرون الوسطى
ولم تختف آثارها إلا في بداية القرن العشرين ، والسبب يعود إلى دور المعتقدات والأساطير في حياة الإنسان ، حيث كان يعتقد أن هذا العالم محكوم بقوى غيبية مجهولة يصعب تفسيرها ، وهو ما ترك البعض إضفاء صفة القداسة على أنفسهم وإضفاء صفة الإلهية عليهم .
وبمرور الوقت بدأ الاختلاف بين أنصار هذه النظرية حول طريقة اختيار الحاكم ، وان كانوا متفقين على أن السلطة لله ، مما أدى إلى ظهور ثلاثة اتجاهات :
(1) نظرية تأليه الحاكم
وَجدت هذه النظرية مجالاً رحْبًا في العصور القديمة؛ حيث تأثر الإنسان بالأساطير، فظن أن الحاكم إلهٌ يُعبَد.. ففي مصر الفرعونية كان فرعون هو الإله (رع)، وقد سجَّل القرآن الكريم قول فرعون في قوله: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ (القصص: من الآية 3 وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24)﴾ (النازعات)، وفي بلاد فارس والروم كان الحاكم يصطبغ بصبغة إلهية.
وفي الهند القديمة، فإن لبراهما يعتبر شبه إله.

(2) نظرية الحق الإلهي المقدس المباشر
تعني هذه النظرية أن الحاكم ليس إلهًا ولا نِصْفَ إله, ولكنه بشرٌ يحكم باختيار الله عز وجل، فالله الذي خلق كل شيء وخلق الدولة، هو الذي يختار الملوك مباشرةً لحكم الشعوب، ومن ثَمَّ فَمَا على الشعب إلا الطاعة المطلَقة لأوامر الملوك، ويترتب على ذلك عدم مسئولية الملوك أمام أحد من الرعية، فللملك أن يفعل ما يشاء دون مسئولية أمام أحد سوى ضميره ثم الله الذي اختاره وأقامه.
فمن نتائج هذه النظرية أن الحاكم لا يكون مسئولا أمام أحد غير الله، وبالتالي منه يستمد سلطته. أما من حيث الأساس فإنها تختلف عن الصورة الأولى، ففي فكرة تأليه الحاكم لا توجد تفرقة بين الإله وشخص الملك، عكس فكرة الحق الإلهي المقدس حيث توجد بها هذه التفرقة وهذا راجع لدواعي تاريخية.

وقد سادت هذه النظرية أوروبا بعد أن اعتنق الإمبراطور قسطنطين الدينَ المسيحيَّ, فخرج رجال الدين على الناس بهذه النظرية؛ وذلك لهدم نظرية تأليه الحاكم من ناحية, ولعدم المساس بالسلطة المطلقة للحاكم من ناحية أخرى.
(3)نظرية الحق الإلهي الغير المباشر
لم تعد فكرة الحق الإلهي المباشر مستساغةً من الشعوب, ومع ذلك لم تنعدم الفكرة تمامًا, وإنما تطوَّرت وتبلورت في صورة نظرية التفويض الإلهي الغير المباشر أو العناية الإلهية, ومؤدَّى هذه النظرية أن الله لا يتدخل بإرادته المباشرة في تحديد شكل السلطة, ولا في طريقة ممارستها, وأنه لا يختار الحكَّام بنفسه وإنما يوجِّه الحوادث والأمور بشكلٍ معيَّن يساعد جمهور الناس ورجال الدين خصوصا على أن يختاروا بأنفسهم نظام الحكم الذي يرتضونه ويذعنون له وهكذا، فالسلطة تأتي من الله للحاكم بواسطة الشعب والحاكم يمارس السلطة باعتبارها حقَّه الشخصي، استنادًا إلى اختيار الكنيسة الممثلةً للشعب المسيحي؛ باعتبارها وسيطًا بينه وبين السلطة المقدسة التي تأتي من لدن الله.
والنتيجة المتوصل إليها أنه لا يجوز مخالفة أوامر الحاكم، وإلا ارتكبنا معصية. وقد دعم هذه الفكرة الأستاذ /بوسيه/ لتبرير نظام الملوك القائم في فرنسا – القرن السابع عشر – وقد فرق بين *السلطة المطلقة * و *السلطة المستبدة* وهي التي تخالف التعاليم اللاهية.

وفي صياغة أخرى ترى الكنيسة الكاثوليكية في محاولة لبسط نفوذها، أن الله أودع جميع السلطات بيد البابا وهو ترك سيف السلطة الدينية، وخلع للحاكم سيف السلطة الزمنية، وبذلك لم تعد سلطة الحاكم مطلقة.....
وفي الأخير إن هذه النظرية يمكن اعتبارها ديمقراطية نوعا ما أو مطلقة بحسب صياغتها.

المطلب الثاني: النظريات الطبيعية
(1) نظرية الوراثة:
نشأة في ظل الإقطاعية وهي ترى أن حق الملكية الأرض وهو حق طبيعي ، يعطي لمالكي الأرض حق ملكية كل ما عليها وحكم الناس الذين يعيشون عليها والذين عليهم طاعة الملاك والرضوخ لسلطتهم ، فالدولة إذن وجدت نتيجة حق ملكية الأرض ومن اجل خدمة الإقطاعيين، لذا كانت تهدف إلى تبرير النظام الإقطاعي.
(2)النظرية العضوية:
هي من النظريات الحديثة، حيث ظهرت في القرن التاسع عشر، وهي لا تنتمي إلى مدارس القانون الطبيعي، لكن ترى أن قوانين الظواهر الطبيعية يمكن تطبيقها على الظواهر الاجتماعية مثل الدولة. فهي تشبه جسم الإنسان المكون من عدة أعضاء ، يؤدي كل عضو منها وظيفة معينة وضرورية لبقاء الجسم ككل.
نفس الشيء بالنسبة للأشخاص في الدولة ، حيث تؤدي كل مجموعة منهم وظيفة معينة وضرورية لبقاء كل المجتمع الذي يعمل وينشط كجسم الإنسان ، ولذا لابد من وجود مجموعة من الناس تحكم ، ومجموعة من المحكومين تؤدي وظائف أخرى مختلفة . فالدولة وجدت إذن كظاهرة مثلها مثل الظواهر الطبيعية وهي ضرورية لبقاء المجتمع.

(3)النظرية النفسية:
هي أيضا نظرية حديثة ، وترى أن الأفراد لا يخلقون متساوون ، بل هناك فئتين : فئة تحب السلطة والزعامة ، ولها جميع المزايا التي تمكنها وتأهلها لذلك بطبيعتها ، وفئة تميل إلى الخضوع والانصياع بطبيعتها أيضا ، ولذا فان العوامل النفسية الطبيعية هي التي تتحكم في ذلك .
لهذه الأسباب نشأة الدولة، غير أن النظرية عنصرية في الأساس، وقد وظفتها النازية للتمييز بين الأجناس ، خاصة بين الآريين المؤهلين لحكم الأجناس الأخرى.
(4)نظرية التطور العائلي
رائد هذه النظرية الفيلسوف اليوناني أرسطو، فهو يرى أن الإنسان كائنٌ اجتماعيٌّ بطبعه, ولا يستطيع أن يعيش منعزلاً، فهو يشعر بمَيلٍ غريزيٍّ للاجتماع, فيلتقي الذكر بالأنثى مكونَين بذلك وحدةً اجتماعيةً صغيرةً وهي الأسرة, وتتفرَّع الأسرة وتتشعَّب مكونةً العائلة, فالعشيرة، فالقبيلة، فالمدينة التي تكون نواة الدولة.
وتُعتبر هذه النظرية بحق أول محاولة فكرية لتفسير نشأة الدولة، والقائلون بها لا يرون الدولة إلا مرحلةً متقدمةً ومتطورةً من الأسرة، وأن أساس السلطة فيها يعتمد على سلطة رب الأسرة وشيخ القبيلة.
والسلطة السياسية في هذه النظرية ما هي إلا امتداد لتلك السلطة الأبوية، لذلك قد يطلق على هذه النظرية باسم نظرية السلطة الأبوية.
ويلاحظ تأييدا لهذه النظرية، أن الأديان جميعا تقر أن العالم البشري يرجع الى زواج آدم بحواء أي الى الأسرة ، هذا فضلا عن وجود أوجه تشابه عديدة بين الدولة والعائلة من حيث الروح والنظام والتضامن الجماعي ، لهذا قديما كان من المستصعب تصور عدم وجود هذه الرابطة العائلية التي تقيم فيما بعد /الوحدة السياسية/ وبعض الشواهد التاريخية تؤيد هذه النظرة.
لكن هذه النظرية وجهت لها العديد من الانتقادات أهمها :
1/ فيها مغالطة تاريخية ، بحيث علماء الاجتماع يؤكدون أن الأسرة لم تكن الخلية الاولي للمجتمع ، بل أن الناس جمعتهم المصالح المشتركة والرغبة في التعاون على مكافحة أحداث الطبيعة قبل أن توجد الأسرة ، لذا كانوا يلتفون حول العشيرة التوأمية ،، فأساس الصلة في هذه ليس الدم ولكن التوأم.